منطقة البلقان.. التحديات المشتركة

لم تثمر المساعي المبذولة منذ أمد طويل لبناء الهوية القومية بمنطقة البلقان نتائج تذكر وذلك ما سبب في تفكك الفيدرالية اليوغسلافية وظهور سبع قوميات أو دول بدلا من واحدة وقد جرى هذا التفكك عبر الحروب ولا زالت عواقبه شاهدة للعيان
















دوشان يانيتش
ترجمة: عاطف موشينوفيتش



مع نهاية القرن العشرين تغيرت الخريطة السياسية لدول البلقان بشكل تام فمن جهة أولى: فتح سقوط النظام الشيوعي باب الأزمة العميقة بشأن مسألة الهوية ولم تثمر المساعي المبذولة لبناء الهوية القومية بمعايير الدعوة للانتماء إلى القومية الإثنية – الـ ethnonationalism (ألترمان، 1996: 13). ومن جهة ثانية نتج تفكك الفدرالية اليوغسلافية بظهور سبع قوميات/دول بدلا من واحدة. جرى هذا التفكك عبر الحروب ولا زالت عواقبه شاهدة للأعيان.


هل يعني تعدد الأعراق حتمية الصراع؟
التحديات السياسية والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية
تأثير العوامل الخارجية على الأوضاع في البلقان



هل يعني تعدد الأعراق حتمية الصراع؟






اتضح أن معظم الحكومات بدول البلقان وُظفت في خدمة رأس المال الكبير وكبار رجال الأعمال المحليين الذين أصبحوا وجهة رئيسية لعمليات الخصخصة
إن أهم الصراعات التي حدثت بأراضي يوغسلافيا السابقة وما زالت محتملة هي كالآتي: الصراع بين الصرب والكروات، الصراع بين الصرب والكروات والمسلمين في البوسنة والهرسك، الصراع بين الصرب والألبان في كوسوفو وجنوب صربيا، وآخر بين الألبان والمقدونيين في مقدونيا وبعد ذلك مسألة الهنغاريين والبشانقة (أو البوشناق) في صربيا، وكذلك مسألة وضع "الأقليات الجديدة" في الدول القومية الجديدة التي استحدثت بأراضي يوغسلافيا السابقة.

من المسائل القابلة للانفجار بشكل خاص مسألة احتمال استمرار الصراعات بين الإثنيات في البوسنة والهرسك ومسألة العلاقات الصربية الألبانية ثم العلاقات المقدونية الألبانية. لذلك فإن آفاق الديمقراطية خصوصا في صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك مرتبطة ارتباطاً مباشراً بحسم الصراعات الإثنية المتعاندة أو على الأقل بتوجيهِها. استخدمت الزعامات السياسية السابقة هذه الصراعات وكذلك العديد من الزعامات الحالية للبقاء على سدة الحكم.


من جهة أخرى بدأت العملية الانتقالية المعقدة من المجتمع الشيوعي إلى المجتمع الرأسمالي وتعسرت هذه العملية خصوصا خلال السنتين الماضيتين عندما كشفت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية نقاط ضعف هذه العملية. وأحد أسباب ضعفها يعود إلى فشل عملية خصخصة المشاريع الاجتماعية التي فشلت في بناء القدرات الإنتاجية الجديدة والاقتصاد المستدام. إن فتح الأسواق التجارية في ظل الاقتصاد الضعيف أدى إلى احتكارها من قبل النخبة الثرية بالدرجة الأولى (المسماة بالأباطرة - Tycoons). بالإضافة إلى ذلك ازداد معدل البطالة كما ازداد بشكل عام الاعتماد على الاستثمارات ورأس المال المصرفي الأجنبي. وباختصار اتضح أن معظم الحكومات بدول البلقان وُظفت في خدمة رأس المال الكبير وكبار رجال الأعمال المحليين الذين أصبحوا وجهة رئيسية لعمليات الخصخصة.



إنّ زيادة الفقر وتدهور الثقة في الحكومة في صفوف الطبقة المتوسطة هي إحدى الآثار الضارّة والناجمة من مثل هذه الأوضاع. ومن المؤكد أن مجرد التقدم نحو الاتحاد الأوروبي أو حتى العضوية فيه (حالة بلغاريا)، لا يمكن أن يعالج القصور الهيكلي للاقتصاديات المحليّة.


ومن جهة أخرى أدى اشتداد الحاجة الملحّة لضمان الأمن ونقص الأموال إلى إحياء الدولانية (etatism) والسلطة المركزية في دول البلقان. ومن الأمور التي نتجت من ذلك ما يلي:




- أضعاف موقف السلطات المحلية التي هي في الأصل ضعيفة.


- إيقاف عمليات اللامركزية، بما في ذلك عملية الأقلمة (Regionalisation).


- ازدياد قوة السلطة التنفيذية بحجة وجوب مراقبة الموارد الشحيحة بمزيد من الفعالية،


- خلق أجواء احتمال انتشار العنف من قبل الأشخاص غير الراضين الذين يحتجون وينظمون الإضرابات كل يوم تقريبا.


ومن الأمور المقلقة بشكل خاص حقيقة عدم جود الاستراتيجيات الإنمائية الواضحة لدى دول البلقان.



الجزء الأول: التحديات السياسية والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية


تحليل أربع حالات هي:


أ‌) كوسوفو


كوسوفو دولة أنشأت حديثا وذلك من خلال الصراع الصربي الألباني بشأن وضع الألبان والصرب وكذلك حول السيطرة على أراضي كوسوفو. في إحدى مراحله نما وتحول هذا الصراع إلى حرب انطلقت شرارتها الأولى في 28 فبراير/شباط 1998. ووضعت أوزارها بقصف صربيا والجبل الأسود من قبل قوات الناتو وبالحضور العسكري والمدني للمجتمع الدولي بما في ذلك قوات الناتو والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي ومنظمة الأمن والتعاون الأوربي. إن الصراع الصربي–الألباني هو أحد أهم الحلقات في سلسلة الأزمات السياسية والصراعات والحروب في يوغسلافيا السابقة، وهو أحد أهم الصراعات السياسية الراهنة في أوربا (New conflits, 1992:33-35).


يشمل هذا الصراع المجال السياسي لكنه كذلك يشمل أهم جوانب الحياة والإبداع البشري. ويمكن أن ينظر إلى هذا الصراع على أنه صراع بين الحضارتين المختلفين: الأورثودوكس (الصرب) والإسلام (الألبان).


يمرّ المجتمع الكوسوفي اليوم بتغييرات عميقة: حدثت الهجرة الجماعية من القرية إلى المدينة، من الزراعة إلى الصناعة (2000:26،27 Malici,). الاقتصاد لا يعمل والقطاع العام في وضع أسوأ مما كان في عهد يوغسلافيا السابقة، ورغم المساعدات المالية الخارجية الكبيرة قلّما نُفذ شيء بطريقة ناجحة. ولا تزال كوسوفو بلدا فقيرا وغير مستقر. أما الطرق ونظام الطاقة فهي في وضع سيئ وتناهز نسبة العاطلين عن العمل قرابة 70% من سكان كوسوفو القادرين على العمل (Farnam:2003).


وتعتبر الأوضاع الاجتماعية صعبة للغاية ويكاد نظام الحماية الاجتماعية يكون معدوما. ومن العوامل العسيرة عدم وجود مصادر طويلة الأمد للاستثمارات العامة فضلا عن النقص في إستراتيجية تأمين الاستثمارات من المصادر المحلية (أموال الودائع، والمدخرات المحلية، ودائع الشركات العامة والوسائل المالية الواردة من عملية الخصخصة)، والاستمرار في إعانة الشركات العامة رغم تأخيرها الكبير في عملية إعادة هيكلتها. (كوسوفو 2004 :10). كل ذلك يرافقه انعدام التماسك الاجتماعي الاقتصادي بين العناصر الرئيسة الفاعلة في الإصلاحات الاقتصادية (النقابات، الحكومة والرجال الأعمال).


أوضاع حقوق الإنسان كذلك لا تبشر إطلاقا. المستوى الأمني لأبناء الأقليات القومية منخفض (Human rifhts Challenges, 2004:6-19;March 2004:2). ولا يزال مستقبل كوسوفو غير منظور وأمّا مصير الصرب و"بقية الرعايا من غير البانيين" فهو مصير لا يحسدون عليه.



ولذلك كله فإن المشاكل الرئيسة التي تتطلب إيجاد الحلول هي:



- بناء الإطار المؤسساتي والمؤسسات الفعّالة،


- إقامة وتعزيز المؤسسات الاقتصادية وتنمية الاقتصاد،


- التغلب على الانقسامات والصراعات الإثنية مع رفع مستوى سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان وحرياته وحقوق الأقليات وخاصة حقوق أبناء الجالية الصربية.


- رفع المستوى الأمني والحدّ من انتشار الجريمة المنظمة والإرهاب السياسي والفساد الاقتصادي،


- التكثيف من مشاركة كوسوفو في الاندماجات الإقليمية وغير الإقليمية.



ب) مقدونيا


تضم مقدونيا مختلف الإثنيات حيث يمثل المقدونيون الغالبية، فيها يليهم ألبانيون، فالأتراك، فالغجر، فالصرب فالفلاخ (Vlachs) (أو الفلاش في بعض المصادر: المترجم).


تتعرض مقدونيا إلى إنكار هويتها الوطنية والقومية وقلّما نجد لها مثيلا في ذلك بين الدول الجديدة. ففي بلغاريا ويعتقد الكثيرون أن سكان مقدونيا أصلهم الإثني بلغار وأن لغتهم ما هي إلا لهجة مترفعة من اللغة البلغارية. في اليونان يطعنون في حق استخدام اسم "مقدونيا" كما يطعن الألبان حق جمهورية مقدونيا في سيطرتها على الجزء الغربي من أراضيها باعتباره جزءا من "منطقة الإثنية الألبانية" (Haris,1993, 318).


إذا حكمنا من خلال التشريعات فجميع المواطنين المقدونيين متساوون أمام القانون، ومقدونيا تعرف نفسها في ديباجة الدستور بوصفها "دولة وطنية للشعب المقدوني التي تضمن المساواة المدنية الكاملة والتعايش الدائم بين الشعب المقدوني والألبان والأتراك والفلاش، والغجر والقوميات الأخرى التي تعيش في جمهورية مقدونيا." يوجد بين النواب في البرلمان 25 نائبا من أصل ألباني، ومسلم واحد، وغجري واحد، وعدد قليل من الفلاش. ومع ذلك هناك التوترات الإثنية وتحامل البعض على الآخر. لكن حتى أثناء فترة الصراع المسلح المقدوني/ الألباني (ربيع 2001) كان حزبان من أكبر الأحزاب الألبانية وأحد الأحزاب الغجرية داخل التحالف السياسي المقدوني الرئيسي.


في الواقع فإن مقدونيا مجتمع منقسم إثنيا لعلاقات المقدونيين مع غيرهم من السكان السلافيين من طرف وعلاقاتهم مع الألبان من طرف آخر.


انتهى النزاع المسلح بين الألبان والسلطات والمقدونية بما يسمى بـ "اتفاق أوهريد" الذي منح الجماعات الإثنية إطارا مرنا للتفاوض على حل مشاكلهم الإثنية. وقد تم ترجمة الحلول المتفق عليها إلى التشريعات والمؤسسات الجديدة. وعلى الرغم من أنه قد نفذت الغالبية العظمى من متطلبات هذا الاتفاق، لا يزال واقع مقدونيا بعيدا عن وصفه بالأوضاع المرتبة.


وقد أظهر وئام ما بعد الحرب أداء سيّئا على المستويات التالية:



المستوى الأول: تعرضت الأحكام الجوهرية من الاتفاق في عدة مناسبات مهمة للتلاعب من قبل الأغلبية، وكردّ فعل على ذلك من قبل الأقلية أيضا، مما يشوه على المدى الطويل شرعية تلك الأحكام وفعاليتها.



المستوى الثاني: الأداء الضعيف ويرجع في الحقيقة إلى أن الطرف الضامن "لاتفاق أوهريد" وهو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد فشلا خلال السنوات القليلة الماضية في إلزام الجهات الفاعلة المحلية على وضع الحلول للقضايا العالقة.


المشاكل الأساسية التي تواجه مقدونيا اليوم هي:


- الطعن في الهوية من داخل البلاد ومن خارجها،


- عدم اكتمال البناء المؤسساتي "للدولة الضعيفة"،


- تنفيذ عملية الخصخصة تنفيذا سيئا وتدني مستوى التنمية الاقتصادية.



ج) البوسنة والهرسك


مرت البوسنة والهرسك خلال فترة من العام 1992 إلى 1995 بحرب أهلية بعد عدة خطط للسلام ظلت غير الناجحة وانتهت قبل 15 عاما بالضبط بمؤتمر السلام في دايتون، أوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ ذلك الحين تعمل البوسنة والهرسك وفقا لاتفاقية دايتون للسلام التي تحتوي على 11 ملحقا، وملحقها الرابع هو دستور البوسنة والهرسك.


أنشئ النظام السياسي في البوسنة والهرسك بموجب اتفاقية دايتون للسلام التي جعلت هذا البلد أكثر تعقيدا من كل البلدان في أوروبا. والعناصر المكونة للبوسنة والهرسك هما الكيانان (جمهورية صربسكا واتحاد البوسنة والهرسك) وثلاث شعوب: البوشناق (الأكثر عددا) والصرب والكروات. وللصرب وللكروات علاقات وثيقة اجتماعية واقتصادية ورسمية مع صربيا وكرواتيا.


لم تلب اتفاقية دايتون للسلام بشكل كامل مصالح أية طائفة من طوائف المجتمع ولذلك هناك ضغوط مستمرة من أجل إجراء التغيير فيها وللأسباب الآتية.



أولا، تسعى جمهورية صربسكا (جمهورية صرب البوسنة: المترجم) إلى المزيد من الحكم الذاتي. وقد نمت لديها فكرة إجراء استفتاء حول الاستقلال بعدما أعلن الجبل الأسود استقلاله، وتعززت تلك الفكرة بعدما أعلن الجبل الأسود استقلاله من طرف واحد. وتشدد جميع الأحزاب السياسية في جمهورية صربسكا ولا سيما الأحزاب المعارضة على الحاجة إلى مزيد من الحكم الذاتي.


طالبت المنظمات غير الحكومية ومختلف الحركات الأخرى وبشكل علين بانفصال جمهورية صربسكا عن البوسنة والهرسك. وتحظى هذه الفكرة بتأييد شعبي واسع في جمهورية صربسكا أيْ في صفوف الصرب الذين يشكلون أكثر من 90 في المائة من سكان جمهورية صربسكا.


ثانيا، البوسنيين يريدون أن يكون لمؤسسات الدولة المشتركة دور أكبر ويدعون إلى إلغاء الكيانات وإلى دولة البوسنة والهرسك الموحدة الغير قابلة للتقسيم.


ثالثا، يريد الكروات أن يتم تشخيص هويتهم القومية إمّا عبر تحقيق الكيان القومي المستقل لهم أو بالحصول على قدر أكبر من النفوذ في صنع القرار على الصعيد القومي.


تقع المؤسسات تحت سيطرة المجتمع الدولي بسبب ضعفها وعدم كفاءتها. ورغم أنّ المجتمع الدولي أعلن أن العامين 2006 و2007 هما آخر عامي تواجده في البوسنة والهرسك مدد مجلس تنفيذ السلام في فبراير/شباط 2008 مهمّته لفترة غير محددة "حتى تتحقق الظروف للانسحاب".


كانت عملية الخصخصة غير ناجحة كما فشلت في تحفيز التنمية الاقتصادية. وبالإضافة إلى عدم وجود مفهوم محدد للسياسة الاقتصادية. فالسياسة الاقتصادية هي ضمن صلاحيات الكيان، ويتم تعديلها في المؤسسات المشتركة للدولة. ويفتقر البلد إلى الاستثمارات الأجنبية القادرة على تحفيز التنمية نظرا لعدم وجود إطار تشريعي موثوق به وانعدام الأمن القانوني.


رغم أنّ المجتمع الدولي قد استثمر المبالغ كبيرة في إعادة الإعمار وتنمية البوسنة والهرسك إلاّ أنّ الوضع الاقتصادي صعب ومؤشرات تحقيق التقدم قليلة جدا. ومن الملاحظ عدم وجود تحليلات صحيحة ودقيقة تتعلق بآثار الاستثمارات؛ ويتساءل الجمهور حول ما إذا كانت المبالغ الكبيرة قد اختفت في قنوات الجريمة والفساد. أما التحدي الأكبر لأمن البوسنة والهرسك فيقع في جريمة المنظمة وفي الفساد. هناك احتمال ظهور التهديد الإرهابي المبني على الأصولية الإسلامية والذي يشجع عليه المجاهدون الذين شاركوا في الحرب وبعد انتهاءها أقاموا في البلاد.


المشاكل التالية تتطلب الحلول العاجلة:



- إيجاد زعامة مسؤولة وأفضل مما هي عليه اليوم،


- إتمام الإصلاحات الأساسية المؤسسية والدستورية التي بدأت قبل أربع سنوات بمبادرة ومساعدة من المجتمع الدولي. وقد رفض برلمان البوسنة والهرسك في أبريل من العام 2006 المشروع الأول للدستور الجديد.


- تعزيز التماسك الاجتماعي وتحسين العلاقات بين القوميات.


- رفع مستوى الاقتصاد وتعزيزه.


- الاندماج في حلف شمال الأطلسي والتقليل من خطر نشوب نزاعات مسلحة جديدة، فضلا عن الإرهاب المحتمل ذو الدوافع السياسية.



د) صربيا


تعتبر المرحلة من العام 1987 إلى عام 1994 من أكثر المراحل اضطرابا في تاريخ السياسية الصربية. وحدث خلال هذه المرحلة الآتي:



- نهاية النظام الشيوعي،


- تجديد نظام التعددية الحزبية وانحلال جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية،


- الحرب الأهلية أيْ الحروب في سلوفينيا، البوسنة والهرسك، كرواتيا وصربيا وكانت صربيا فيها أحد الفاعلين الرئيسيين،


- إنشاء الدول القومية الجديدة في يوغوسلافيا السابقة التي وصل الصرب فيها إلى وضع الأقليات،


- إنشاء الدولة الاتحادية بين صربيا والجبل الأسود ثمّ انحلالها،


- العقوبات الدولية والعزلة الدولية لصربيا والجبل الأسود،


- الصراعات الإيديولوجية الداخلية المستمرة والاضطرابات السياسية والصراعات الإثنية بين طرف الأغلبية والأقليات.


- التكرار المكثف للانتخابات وتشكيل الحكومات غير المستقرة، التغييرات الجذرية في الأنماط الثقافية ومعايير الحياة الأخلاقية والاجتماعية السائدة والخ...


تعيش صربيا اليوم في ظروف لم تتضح فيها بعد معالم هيكلها الاجتماعي والطبقي والمهني وتفتقر إلى المؤسسات الديمقراطية المرتكزة وإلى النخب المعاصرة والاستمرارية في تنمية القيم المعاصرة. ما زالت صربيا " مجتمعا ذا احتياجات قليلة وعمل قليل ".



صربيا اليوم دولة ضعيفة نسبيا أو هي "الدولة التي تبحث عن شرعيتها وإطارها الدستوري والقانوني".


تتصف صربيا بالحكومة المركزية القوية ومع ذلك فالحكم الذاتي المحلي الضعيف جدا. وفي الواقع هناك أسباب جوهرية للأقلمة (Reginalisation) وهي: الحاجة إلى مشاركة المواطن بدرجة أكبر في معالجة القضايا ذات الاهتمام المباشر والحاجة إلى ممارسة السلطة بالمزيد من الفعالية والمسؤولية بالإضافة إلى الأسباب التاريخية والثقافية والتراثية والاقتصادية (Principi، 35: 2000).


إن الحكم الذاتي في إقليم فويفودينا قضية مهمة جدا في صربيا خاصة بسبب المواقف المتباينة حول هذا الموضوع. يعتقد الصرب وهم الأغلبية النسبية حيث يمثلون 53 ٪ أنّ المستوى الحالي من الحكم الذاتي مقبول، في حين يعتقد الهنغاريون وهم أكبر أقليات قومية في فويفودينا بنسبة 52 ٪ أنه ينبغي أن يزداد مستوى الحكم الذاتي في فويفودينا، بينما تدعو نسبة 27 ٪ من الهنغاريين إلى الاستقلال التام لفويفودينا (UNDP، 11: 2001).


لقد صوت البرلمان الصربي في مارس/ آذار من العام 2002 على تمرير القانون الذي يتعلق بتحديد الصلاحيات المعينة لفويفودينا (المسمى بقانون أومنيبوس) وبموجب هذا القانون استعادت فويفودينا 25 صلاحية تستحقها حسب دستور صربيا، وكانت قد صودرت من فويفودينا في السابق أو أنها لم تتمكن من ممارستها. وتتعلق تلك الصلاحيات بمجالات الثقافة والتعليم واستخدام اللغة والأحرف الرسمية، والخدمات العامة، الصحة والتأمين الصحي، والخ...


يعتبر "وادي بريشيفو" الذي يضم الأقضية: بريشيفو وبويانوفاتس وميدفيجا منطقة مهمة جدا بالنسبة لصربيا بسبب السكك الحديدية والطرق التي تمر عبرها وتربط وسط أوروبا بالبحر المتوسط. وفضلا عن وجود إمكانات كبيرة فيها للتنمية الزراعية، يعيش بهذه الأراضي مع الصرب والغجر، ونحو سبعين ألفا وكذلك من الألبان، الذين سمى العديد منهم هذه المنطقة "بكوسوفو الشرقية". في الواقع عبر الألبان القاطنين بهذه الأقضية في الاستفتاء الذي عقد في العام 1992 عن انضمامهم السلمي إلى كوسوفو.


"وادي بريشيفو" هو أحد "الجيوب" المتبقية من إعادة بناء التركيبة الإثنية في يوغوسلافيا السابقة.


إنّ ظهور الجيوب الصربية في كوسوفو عزز الاعتقاد بأن قطاع وادي بريشيفو جيب ألباني في صربيا. وفي أوائل العام 2001 استنتج المتطرفون الألبان، الذين يريدون تغيير الحدود بين كوسوفو وجنوب صربيا، أنّ الساعة المناسبة قد حانت وتوجهوا إلى التمرد المسلح. في هذا السياق يعتبر وادي بريشيفو بمثابة ثقل موازن لميتروفيتسا والجزء الشمالي من كوسوفو الواقع تحت سيطرة الصرب.


يكمن ضعف فكرة مبادلة وادي بريشيفو بالجزء الشمالي من كوسوفو أن ذلك سيكرس بقاء صربيا في هذه الحالة مقطوعة عن مقدونيا حتى ولو حصلت على الجزء الشمالي المهم من كوسوفو. وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن يؤدي تطبيق هذا المبدأ إلى "تأثير الدومينو" في مقدونيا الغربية والمناطق الحدودية من الجبل الأسود وألبانيا وكوسوفو.



الجزء الثاني: تأثير العوامل الخارجية على الأوضاع في البلقان






البلد الوحيد الذي ما زالت زعامته لا تملك التوجه الواضحا في الوقت الحاضر هو صربيا ورغم أن حكومها تدعم علنا عضويتها في الاتحاد الأوروبي، وتبيّن بعض المؤشرات أن الصرب يرون في روسيا وحتى في حركة عدم الانحياز بدائل محتملة للاتحاد الأوروبي
إنّ نفوذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا في منطقة البلقان قوي جدا. في حين أن نفوذ تركيا أضعف بكثير فتأثيرها محصور فقط في البوسنة وصربيا. وإنّ وجود علاقات مع الدول العربية مشهود بشكل أوضح في كوسوفو والبوسنة أكثر مما هو حالها في مقدونيا وصربيا.

ولدى قيادات الجمهوريات اليوغوسلافية السابقة أهداف متطابقة مبدئيا كالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والعضوية في منظمة حلف شمال الأطلسي. وقد أصبحت سلوفينيا بالفعل عضوا في الاتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي، في حين أن كرواتيا والجبل الأسود هما الآن أقرب إلى الاتحاد الأوروبي من صربيا ومقدونيا والبوسنة والهرسك. وبالإضافة إلى ذلك أصبحت كرواتيا عضوا رسميا في حلف الناتو. أما صربيا في الوقت الحاضر فهي البلد الوحيد الذي ما زالت زعامته لا تملك التوجه الواضح. ورغم أن حكومة صربيا تدعم علنا عضويتها في الاتحاد الأوروبي، وتبيّن بعض المؤشرات أن الصرب يرون في روسيا وحتى في حركة عدم الانحياز بدائل محتملة للاتحاد الأوروبي.



أ) المجتمع الدولي ووضع كوسوفو



لم يكن بناء دولة كوسوفو هدفا معلنا لعمليات حفظ السلام، كما لم يكن ذلك هدف تدخل حلف شمال الأطلسي ضد صربيا أيْ ضد جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية. إن إنشاء الدولة غير مذكور على وجه التحديد في قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة المرقم: 1244، ولكنّ القرار لم يستثن ذلك من الناحية القانونية. وفي الواقع كانت نشاطات المجتمع الدولي تؤدّي بالفعل إلى فصل كوسوفو عن صربيا. وهكذا وبالتنسيق مع واشنطن وبروكسل، وقد أعلنت جمعية كوسوفو بتأريخ: 17 فبراير/ شباط 2008 استقلال كوسوفو. وتم وقتها تعريف كوسوفو بأنها "جمهورية ديمقراطية علمانية ومتعددة الأعراق".


إنّ تعزيز تحالف كوسوفو مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مرتبط بمساعي كوسوفو إلى الانضمام إلى العدد الأكبر الممكن من المنظمات الدولية والتحالفات والمعاهدات، والفوز بأكبر عدد من الدول للاعتراف الثنائي باستقلال كوسوفو. وبالإضافة إلى ذلك فإن الهدف الاستراتيجي لمؤسسات كوسوفو هو انضمام كوسوفو إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي كحليف وثيق للولايات الأمريكية المتحدة.


عبر معظم الألبان الكوسوفيين عن رضاهم عن إعلان استقلال كوسوفو، ولكن هذا لا يعني أنهم يقبلون جميعا ببعثة الاتحاد الأوروبي المعنية بسيادة القانون في كوسوفو ولذلك تعتزم الزعامة الألبانية في كوسوفو أن "تتحرر" بأسرع وقت ممكن من سيطرة الاتحاد الأوروبي وأن يستمر الاستقلال المشروط لأقصر مدة ممكنة.


للولايات الأمريكية المتحدة دور رئيسي في تاريخ كوسوفو الحديث. تُدار سياسة الولايات الأمريكية المتحدة تجاه منطقة البلقان كما هي بصفة عامة وفق "المصالح القومية للولايات الأمريكية المتحدة". ولأمريكا مصالح في كل من كوسوفو وصربيا. وحسب الكثيرين من صانعي السياسة الأميركية يعتبر "حفظ السلام" مرادفا سيّئا يختفي فيه وضوح "المصلحة القومية الأمريكية"- بالمشاركة في النزاعات الإقليمية التي ليست لها أهمية إستراتيجية. (كوسوفو الذكرى الخامسة، 8: 2004). وقد ثبت حتى الآن أنه لا نجاح في منطقة البلقان دون اتخاذ إجراءات قوية ومنسقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وهذا ينطبق أيضا على الحوار بين بريشتينا وبلغراد. ومع ذلك لم تظهر مثل هذه الأنشطة لحد الآن (2003Server:). لذا يمكن الاستنتاج أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الوقت الراهن محدود بإطار وجهات نظرهما المختلفة والمتعارضة في كثير من الأحيان بشأن مستقبل كوسوفو وصربيا والبلقان.


أصبح الاتحاد الأوروبي تدريجيا لاعبا رئيسيا على الخريطة السياسية لمنطقة البلقان ومن المحتمل أن يصبح في المستقبل اللاعب الكبير الوحيد (Tekieli 2004: 52). وهو مهتمّ بمسألة وضع كوسوفو وتأثيره على مستقبل منطقة البلقان الغربية.


لكنّ الاتحاد الأوروبي غير مقتنع بالموقف الذي يقول إن استقلال كوسوفو سيحلّ الأزمة ويضمن الاستقرار في منطقة البلقان الغربية. إنّ أكبر المعارضين لخيار الاستقلال هم: أسبانيا وسلوفاكيا، ورومانيا وقبرص والجمهورية التشيكية واليونان.


الحقيقة هي أن للاتحاد الأوروبي حضورا واسعا في كوسوفو فبالإضافة إلى حضور ركائز الاتحاد الأوروبي: منظمة الأمن والتعاون الأوروبي والمجلس الأوروبي، ومشاركة معظم دول الاتحاد الأوروبي في قوات كفور (KFOR)، وجميع الممثلين الخاصين للأمين العام للأمم المتحدة السابقين أتوا من الاتحاد الأوروبي وعقب أعمال الشغب التي جرت في مارس/ آذار 2004 تمّ تعيين سولانا كالممثل الخاص للمفوضية الأوروبية لكوسوفو. ينظر الاتحاد الأوروبي إلى البلقان وكوسوفو من خلال سياسته الإقليمية، سياسة الحوار المكثف ومنظور العملية التكاملية. ولكنّ المشكلة هي أنه ليس لدى الاتحاد الأوروبي السياسة الإقليمية الواضحة والمنسقة بشأن منطقة البلقان، ولا الاستراتيجية المفصلة لكوسوفو.


تمثل روسيا إحدى القوى الإقليمية فهي عضو دائم في مجلس الأمن وعضو في مجموعة الاتصال نشطة جدا في كوسوفو وفي البلقان. وكانت تقدم تأييدها لسياسة بلغراد وميلوشيفيتش تتبعا لمصالحها في البلقان ودفاعا عن بعض المبادئ الأساسية للأمم المتحدة، ومن بين الأمور الأخرى سعيا منها لمنع المزيد من تفكيك فضاء الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا نفسها. في الواقع فإن الكثيرين في موسكو يجدون أن هناك من الناحية المبدئية البراغماتية العديد من الروابط بين قضية كوسوفو وقضية الشيشان.



ب. الوجود الدولي في مقدونيا


إنّ للمجتمع الدولي خصوصا الولايات الأمريكية المتحدة حضورا سياسيا وعسكريا في مقدونيا منذ بداية التسعينات، ومستوى تعاون السلطات المقدونية مع أمريكا عال جدا. لكن ازداد ضعف مقدونيا بانعدام نهج منسق بين الاتحاد الأوروبي والولايات الأمريكية المتحدة فيما يتعلق بتسمية الدولة المقدونية. وكما هو معروف لم تؤد المفاوضات مع اليونان إلى النتائج بعدُ. إن عدم اليقين بهذا الشأن يعزز المخاوف في مقدونيا من أن تصبح سيادة أراضيها موضع نقاش. وعلى كل حال فإن مثل هذه الأمور تفتح المجال للعوامل الخارجية لتصب الزيت على النار. وقد استغلت اليونان بالفعل الفرصة لفرض إرادتها في النزاع الطويل بين البلدين حول التسمية وذلك باستخدام حق النقض (الفيتو) في حلف الشمال الأطلسي (وهي وسيلة كانت تستخدمها اليونان بكل سرور مشيرة إلى الخلفية التاريخية) لوقف اندماج مقدونيا.


أما العامل الثاني فهو روسيا: إنّ الشغل الشاغل للدبلوماسية الروسية اليوم هو تشجيع جميع أنواع الأحداث التي سوف تعقد السياسة الغربية تجاه استقلال كوسوفو (من الصعب تفسير مقترحات تصدر من قبل بوتين بأية طريقة أخرى). ليس لروسيا القدرة المباشرة على صياغة الأحداث في مقدونيا ولكن قوتها "تكتونية" ولها ثقل كبير غير مباشر وقدرة على خلق المشاكل التي من شأنها دفع الأمور في الاتجاه الصحيح - إما (أ) باستخدام صوتها على الطاولة الدبلوماسية التي تتضمن مسألة كوسوفو ومنطقة البلقان، وإما (ب) بتشجيع صربيا على ممارسة الضغط الإضافي على مقدونيا.



ج) دور المجتمع الدولي في البوسنة والهرسك


يلعب المجتمع الدولي من خلال مؤسساته دورا رئيسيا في البوسنة والهرسك. والدول الضامنة لاتفاق دايتون هما دولتا الجوار: كرواتيا وصربيا جنبا إلى جنب مع الدول التي تشكل ما يسمى بمجموعة الاتصال: الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا. وقد تم تأسيس المنظمة الخاصة الدولية خصيصا من أجل البوسنة والهرسك –مكتب الممثل السامي(الـ OHR)- الذي يرأسه الممثل السامي. ولديه الصلاحيات التي أوكلت إليه من قبل مجلس تنفيذ السلام. ومكتب الممثل السامي هو المفسر الأعلى لاتفاقية دايتون للسلام والعامل الأكبر لتنفيذه. في حين أن بعثة الاتحاد الأوروبي العسكرية قوات الاتحاد الأوروبي تقوم بالحفاظ على السلام. وهناك أيضا بعثة حلف شمال الأطلسي المسؤولة عن تنفيذ الإصلاحات في قوات الدفاع وعن التعاون الاستخباراتي والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة(الـICTY). كما تشرف وتوجه عمل الشرطة المحلية البعثة لشرطة الاتحاد الأوروبي التي تولت هذه المهمة من بعثة الأمم المتحدة. أما منظمة الأمن والتعاون فمسؤولة عن الانتخابات والديمقراطية في وسائل الإعلام وتشارك حاليا في مهمات المراقبة.


أما العلاقات بين البوسنة والهرسك وتركيا فقويّة تقليديا لا سيما في مجال الاقتصاد وأواصر القربى لوجود الكثير من البوسنيين في المهجر في تركيا. وقد أدى تجديد الإسلام في البوسنة والهرسك والتضامن الإسلامي أثناء الحرب ونزوح المهجرين إلى إقامة العلاقات مع الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية. ولروسيا حضور اقتصادي وسياسي في جمهورية صربسكا.



د) صربيا والمجتمع الدولي


إن نفوذ الاتحاد الأوروبي وروسيا قوي في صربيا من خلال الاستثمارات والتعاون الاقتصادي بالمقام الأول. مع العلم أنّ روسيا تسعى إلى تحقيق مكانة مميزة في صربيا في مجال الطاقة.


أما نفوذ الولايات المتحدة كبير في صناعة المعادن والتبغ ولكنه نفوذ سياسي في المقام الأول.


وقد أقامت صربيا تعاونا مكثفا في المجال الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي مع تركيا في جهودها الرامية إلى توسيع دائرة البلدان التي تقيم معها التعاون الاقتصادي والدبلوماسي لا سيما فيما يتعلق بوضع كوسوفو. لكنّ التعاون مع الدول العربية بعيد عن الاحتياجات والفرص باستثناء ليبيا التي تتعاون صربيا معها تعاونا وثيقا منذ العقود من الزمن.
_______________
أستاذ جامعي وعضو منتدى العلاقات الإثنية بلغراد


المراجع:


1 - Alterman, Urs (1996) Ethnonationalism in Europe, “Svjetionik”, Sarajevo.


2 - Farnam, Arie (2003) الاتقسامات العميقة حول مستقبل كوسوفو, The Cristian Science Monitor, Boston, 14. oktobar.


3 - Human Rights Challenges following the March riots (2004) OSCE Mission in Kosovo and UNMIK, Prishtina.


4 - Kosovo (2004) Early Warning Report, USAID, Riinvest, UNDP, Prishtina, Report No. 6, January – April.


5 - Malići, Škeljzen (2000) “كوسوفو تنتظر وضع جمهورية صربسكا”. Intervju, Danas, Beograd, 22 – 23. Januar.


6 - March 2004. Ethnic Violnace in Kosovo (2004) Humanitarian Law Center, Beograd, July.


7 - New conflicts in Europe & Resolution" (1992) Current Decisions Report, Number 10, Oxford Research Group, July.


8 - Principle of the Constitutional Declaration (2000) Forum za etničke odnose Belgrade.


9 - UNDP: United Nations Development Programme. Federal Republic of Yugoslavia/ Republic of Serbia (2001) Challenges of Implementing the Reform Agenda: One Year after the Democratic Breakthrough. Annual Review (Serbia) of the Early Warning System for the FRY, October 2000 – October 2001.