الضمير الإنساني والتحدي السوري: رد متلجلج آخر على جرائم الإبادة

تم خلال العقد الفائت تعزيز ظاهري قوي للأعراف الدولية المتعلقة بحماية المدنيين خلال نشوب الصراعات المسلحة، لكن الحرب الباردة والارتهان لاعتبارات السياسة الواقعية قادت إلى عدم الاكتراث بتلك الاتفاقات أو المواثيق التي لقيت الاستخفاف وعدم الاحترام، وتشكل سوريا اليوم علامة صارخة على هذا الاستخفاف.
29 أغسطس 2013
201382951429282734_20.jpg
مئات الأبرياء سقطوا في المجزرة  التي وقعت شرق دمشق، في الـ21 آب / أغسطس 2013، بسبب هجوم بالسلاح الكيميائي (أسوشيتد برس)

بعيد منتصف ليل الحادي والعشرين من أغسطس 2013 (وحين كانت نيويورك ما تزال في فترة ما بعد الظهيرة) سمعنا ما كان يشبه نعياً للضمير الإنساني حين خرج جان إلياسون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، ليتحدث بلسان متلجلج وهو يعبر عن الموقف الدولي من مجزرة أخرى مأساوية في سوريا. عبر إلياسون، بالرمز أحياناً وبلغة جسد موحية أحياناً أخرى، عن موقف رسمي لمجلس الأمن ينطق بعجز مخز وإحساس متحجر أمام مشهد جديد من جرائم الإبادة الجماعية.

ففي صبيحة ذلك اليوم توالت الأخبار ( ومقاطع الفيديو) عن مذبحة جديدة في ريف دمشق، دلت شواهدها على أنها تمت عبر هجوم بالأسلحة الكيماوية. لكن هذه المرة، وحتى بمعايير منطق النظام السوري تم اجتياز "الخطوط الحمراء". فقد اعتاد نظام بشار الأسد على قتل نحو  100 إلى 200 مدني يوميا. وفي بعض حالات العربدة، وحين يشتاط النظام جنونا، كان عدد القتلى يتراوح بين 200 إلى 400 من المدنيين المسالمين. لكن في هذه المجزرة الجديدة تجاوز عدد القتلى 1300، وما يزال مرشحا للزيادة من الجرحى والمصابين في تلك الواقعة.  أما أعداد الجرحى فجاوزت بضعة آلاف.

كان على مجلس الأمن أن ينعقد ذلك اليوم، لأنه لم يعد هناك مفر من ذلك. وبعد قرابة ساعتين من التداول، خرج ذلك المسؤول لينور العالم بما توافق عليه قادة العالم في اجتماع تضافر فيه التواطؤ مع مرتكبي الجرائم البشعة مع اللامبالاة المتحجرة والتخاذل المشين، فكانت النتيجة خيار خذلان الضحايا. فقد خرج إلياسون ليكرر تلك التصريحات الجوفاء عن أن استخدام الأسلحة الكيماوية سيؤدي إلى "تصعيد خطير" في القتال الدائر في سوريا، وتترتب عليه "عواقب وخيمة". ويبدو أن إلياسون نسي أن الأسلحة الكيمياوية قد استخدمت بالفعل في سوريا، وأن هذه ليست المرة الأولى. ومع ذلك لم تكن هناك أية "عواقب" وخيمة أو غير وخيمة، اللهم إلا على الضحايا البؤساء وعائلاتهم المكلومة.

ولكن، إن لم يكن مجلس الأمن على يقين من الأمر، فقد كان أولى به على أقل تقدير أن يتقصى عن الحقائق. ومن حسن الحظ، كان هناك بالفعل فريق من الخبراء تابع للأمم المتحدة يعمل على بعد أميال قليلة من موقع تلك الجريمة البشعة. ولم يكن الأمر سيكلف ذلك الفريق سوى دقائق معدودة للذهاب إلى هناك والقيام بواجبهم الذي يحصلون بموجبه على أجورهم.

هل وجه مجلس الأمن أمرا لهذا الفريق للذهاب إلى موقع الحدث؟ وفقا لتصريح إلياسون فإن الإجابة هي "لا". وذلك لأن قيام فريق الأمم المتحدة بمهمة تفتيش في الموقع يتطلب ابتداء موافقة النظام السوري (وهو الذي تشير إليه معظم أصابع الاتهام بارتكاب هذه الإبادة). ولأن النظام السوري يرفض بعناد مثل هذا الطلب (وهو ما يعد دليل إدانة جديد، إلى جانب أدلة أخرى لا تحصى) فإن الأمم المتحدة، بحسب إلياسون، لن توصي بهذه الخطوة لأنها تعتبر أن تلك المناطق بالغة الخطورة على العاملين والخبراء التابعين لها. وبالتالي فلابد من التفاوض بشأن قرار بوقف إطلاق النار. وفي حقيقة الأمر، قال المسؤول الدولي، يجب إنهاء تلك الحرب كلياً، هذا إن أردات الأمم المتحدة أن تقوم بأي شىء له قيمة. لكن لو كانت لدى الأمم المتحدة خطة حقيقية لإنهاء تلك الحرب، فماذا تنتظر؟  وما جدوى إرسال فرق تفتيش ليست قادرة على التفتيش؟  وهل هناك أي تحسن طرأ على حالات الفشل السابقة التي كان يتم خلالها إرسال مراقبين لوقف إطلاق النار لم يكن بوسعهم مغادرة الفنادق التي نزلوا فيها؟

يبدو أن دلالة ذلك الصمت الأممي تتعدى مجرد عدم المبالاة لتصبح بمثابة رسالة عن انعدام الإنسانية. ولنتخيل لو أن تلك الجريمة وقعت في مدينة غربية، حتى لو لم يتجاوز عدد ضحاياها بضع عشرات وليس 1300. هل كان "المجتمع الدولي" سيبدو متشككا حول "من ارتكب الجريمة"؟ أو متشككا فيما إذا كانت هذه الجريمة قد "وقعت في الأساس"؟

صعود فكرة التضامن الإنساني

شهد العقد المنصرم تعزيزاً ظاهرياً للأعراف الدولية المتعلقة بحماية المدنيين خلال نشوب الصراعات المسلحة. ففي معاهدات جنيف لعام 1949 والاتفاقات السابقة عليها والمؤسسة لها، كانت هناك أحكام وقرارات عديدة بشأن السلوك الإنساني خلال الحروب، والمعاملة الحسنة للمدنيين والسجناء، كما نص ميثاق مجلس الأمن لعام 1948 وما تلاه من اتفاقات على تدعيم مزيد من تلك الحقوق. إلا أن الحرب الباردة والارتهان لاعتبارات السياسة الواقعية أدت إلى عدم الاكتراث بتلك الاتفاقات أو المواثيق، بل الاستخفاف بها. ومع ذلك، فقد بقيت الحقوق والقيم الإنسانية حتى في تلك الحقبة – في العالم الغربي على الأقل - محل تقدير، بل وشهدت مساعٍ لنشرها والترويج لها.  وقد جادل البعض بأن اتفاقات هلسنكي لعام 1975، وما تلاها، قد لعبت دورا محوريا في تفكيك الأنظمة الشيوعية عبر انتزاع التزامات من هذه الأنظمة تقر فيها باحترام الحقوق الإنسانية الأساسية (1).

بعيد نهاية الحرب الباردة، وما تلاها وترتب عليها من كوارث، تم اتخاذ تدابير إرتجالية من قبل اللاعبين الدوليين لحماية المدنيين.  وكانت الوسائل في البداية تشمل تطبيق مناطق حظر الطيران في شمال وجنوب العراق عام 1990 وذلك لحماية السكان المهددين بقصف طائرات النظام، فضلا عن التدخل الأمريكي في الصومال عام 1992، وتدخل أوربا والناتو في يوغسلافيا على مدار عقد تسعينيات القرن العشرين.  ومضى التدخل الإقليمي والدولي في ليبيريا وسيراليون مؤكدا هذا المنحى، بينما تأكدت الحاجة الملحة لمثل هذا النهج بسبب التداعيات الكارثية للفشل في التصدي لمذابح رواندا والتباطؤ الكارثي قبل التدخل في البوسنة.

مسؤولية حماية ضحايا الاعتداءات الوحشية 

في عصرنا هذا الذي تنتقل فيه الأخبار على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم وتحيط بنا ثورة معلوماتية، لم يعد أحد في منأى عن أن تأتيه في بيته أخبار القتل الجماعي عبر وسائل الإعلام. وقد أدى تضافر ما يعرف باسم ثورة القدرات العسكرية، التي قللت كثيرا من كلفة التدخل العسكري، مع هذه الثورة لإعلامية، إلى تعالي أصوات كثيرة تنادي بالتدخل لحماية الضحايا من المذابح والإبادة الجماعية.  وقد نتج عن هذا جهود جادة لصياغة مبدأ بوسعه تعزيز التفوق النوعي للجيوش الغربية من أجل الأغراض الإنسانية.

وكان من أوائل المساهمين البارزين في هذا المجال الدكتور فرانسيس دينغ، الباحث المعروف والدبلوماسي السوداني السابق، الذي قام بتحرير كتاب تحت عنوان "السيادة باعتبارها مسؤولية" ( من إصدار معهد بروكنجز، 1996). ويذهب دينغ وزملاؤه في ذلك الكتاب إلى أن مبدأ سيادة الدول يجب ألا يكون حاجزا أمام الفعل الدولي إذا ما فشلت دولة ما في حماية سكانها المدنيين. فالسيادة لا يمكن أن تكون حقا دون واجبات والتزامات. 

ومن بين المفكرين المؤثرين في هذا المجال أيضا وزير الخارجية الأسترالي الأسبق غاريث إيفانز، والذي ترأس اللجنة الدولية (الكندية التمويل) من أجل التدخل العسكري وسيادة الدولة ( والمعروفة اختصارا باسم ICISS) والتي بدأت عملها في سبتمبر 2000. ونشرت بعد عام تقريرها بعنوان "مسؤولية الحماية". وقد حاولت هذه الدراسة أن تصيغ المبادئ التي ينبغي أن تحكم التدخل العسكري حين يتم استنفاد كافة الخيارات الأخرى. وقد صيغت توصيات التقرير في مبدأ حمل نفس الإسم (مسؤولية الحماية) وتبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قمة خاصة انعقدت عام 2005.

وبالمثل، لعبت سامانثا باور، المندوبة الحالية للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، دورا محوريا في تغيير سياسة بلادها نحو تقديم الدعم لهذا المبدأ. وفي كتابها الصادر عام 2002 بعنوان "مشكلة من الجحيم: الولايات المتحدة وعصر الإبادة الجماعية"، تذهب باور إلى أن الضغط الشعبي مطلب ضروري لإجبار الحكومات الأمريكية وغيرها للقيام بالتدخل لوقف، أو الحيلولة دون، الفظاعات الوحشية بحق الشعوب. وقد انضمت إلى هؤلاء أصوات أخرى من مجموعات المجتمع المدني والناشطين والأكاديميين ضغطت في نفس الاتجاه. وكنتيجة لذلك، فإن مبدأ "مسؤولية الحماية"  أصبح يملك شرعية دولية واسعة. وكان إنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1988 جزء من هذه الجهود لتعزيز المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته.

انتقاد مبدأ "التدخل الإنساني"

واجه مبدأ "مسؤولية الحماية" انتقادات واسعة، ركز معظمها على طموحه البالغ وما وصف ب "مركب الغرور" المصاحب له. ويعتبر المنتقدون أن التدخل هو بمثابة شكل من أشكال الاستعمار الجديد يحمل اسما ناعما تم إعداده على نحو بارع. ويذهب منتقدون آخرون إلى أن مبدأ "مسؤولية الحماية"، بالعكس، قد أفرغ من محتواه حتى يضمن له القبول الواسع وتخفيف المعارضة له. فقد كان الغرض الأصلي من إقرار المبدأ إتاحة خيار استخدام القوة دون موافقة الدولة محل النزاع. أما إذا نزع منه هذا المركب، فإن ذلك يجعل منه شبيها بأي فعل دولي عادي من الأفعال التي تركز على الخطوات الاحترازية وفض النزاعات سلمياً والتفاوض ..ألخ. وليس هذا ما قصده الذين صاغوا هذا المبدأ حين اقترحوه، ذلك لأنهم أرداو به عملا آنيا وحاسما (2). وهذا النوع من تجريد المبدأ  من معناه ظهر جليا خلال الأزمة الليبية عام 2011، حين كان النقاش لا يدور حول المبادئ الأخلاقية أو القضايا القانونية المتعلقة بالسيادة، بل حول القضايا البراغماتية مثل تداعيات استخدام التدخل العسكري على الاستقرار (3).  (ويمكن أن يقال الشيء نفسه حول سوريا اليوم، حيث يدع مرتكبو الإبادة الجماعية إلى طاولة المفاوضات، بينما مقتضى المبدأ هو إيقافهم).

ويرى البعض أن مبدأ "مسؤولية التدخل" قد فقد مصداقيته لأن قوات حلف الاطلسي منحت الأولوية لتغيير النظام في ليبيا، بدلا من أن تقصر مهمتها على حماية المدنيين(4)، بينما يشير آخرون إلى حالة دارفور على أنها كشفت القناع عن مبدأ "مسؤولية التدخل"، وأظهرت كيف أنه إما غير قابل للتطبيق، من خلال إظهار المجتمع الدولي غير مكترث بالأمر، أو عبر إعطاء رافضي المبدأ حججاً لم تكن متوفرة من قبل لإثبات عدم صلاحيته (5).

أما المناصرون لمبدأ "مسؤولية التدخل" فيجدون في المقابل في الأزمة الليبية مبررا لحججهم. فخلال تلك الفترة وما واكبها من تدخل الأمم المتحدة في أزمة ساحل العاج منذ ديسمبر 2010، كانت  خطوة إيجابية لتثبيت سابقة أن التدخل من اجل حماية الإنسانية لم يتطلب موافقة الدولة محل النزاع، إضافة إلى التأكيد على الدور المركزي لمجلس الأمن في مثل تلك العملية (6).

من جانبه يرفض الباحث الشهير رونالد باريس مقارنة التدخل من أجل الأغراض الإنسانية بالإمبريالية، أو حتى مقارنتها بالحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد "الإرهاب". فالمهمام الحديثة لإقرار السلام لها جداول زمنية محددة ومعروفة مسبقا، وعادة ما تأتي بموارد إضافية لصالح الدولة ولا تقوم على "استغلال" تلك الدولة على نحو ما كان يفعل الاستعمار القديم (7) (راجع باريس، 2010، ص 347-350). وعلاوة على ما سبق، يؤكد باريس  على أن المعترضين لم يقدموا أي بديل معقول للمنهج الليبرالي في بناء السلام، حيث أن الحجج التي يسوقونها تنحصر في أن عمليات السلام ليست ليبرالية بالشكل الكافي. فعند هؤلاء فإن هذه العمليات من تدخل إنساني وحفظ سلام وغيرها، لا تتوافق بما يكفي مع القيم الليبرالية، وخاصة قيم الحكم الذاتي، والمشاركة والتمثيل السياسي، والحد من سلطة الدولة (8). ومن ثم، فإن أولئك الذين يعارضون "ليبرالية" التدخل الإنساني يطالبون في حقيقة الأمر بتدخل أكثر فاعلية وأكثر التزاما بالمبادئ الليبرالية.

خاتمة: هل ماتت النزعة الإنسانية؟

أيا كانت الانتقادات أو نقاط الضعف، ترسخ مبدأ "مسؤولية التدخل" باعتباره مبدأً دولياً يعتمد تطبيقه على تقدير الظروف والواقع. ولا مفر من الاعتراف بأن إعلان جورج دبليو بوش "الحرب على الإرهاب" قد ألقى بظل قاتم على تلك القضية، خاصة أن القوى العظمي في العالم أصبحت الآن منشغلة قبل أي شىء باهتمامات لا تختلف عما كان عليه الحال أيام الحرب الباردة، وليست معنية بالدرجة الأولى بتحقيق الوعد بظهور "فجر جديد" لدعم القضايا الإنسانية. وعلى أي حال، فإنه حتى الولايات المتحدة تسترت بمبدأ الحماية الإنسانية، على نحو ما نجده مثلا من تصوير غزواتها في العراق وأفغانستان وكأنها قضايا تنكر فيها ذاتها من أجل إقرار "الديموقراطية " وحقوق الإنسان في هاتين الدولتين. ورغم أن هذه المزاعم لم تكن مقنعة، إلا أنها تعطي على الأقل أدلة على درجة التأثير التي وصلت إليها الأعراف الدولية الجديدة.

ولكن رغم هذا، فإننا إذا بحثنا عن حالة تصلح لتطبيق مبدأ "مسؤولية الحماية" فسنجدها في سوريا. فحتى قبل ذلك اليوم المأساوي الذي واجه فيه مئات الأطفال موتا مفجعا ومرعبا أمام أنظار العالم بأسره، كان جليا أن المدنيين في سوريا يواجهون شيئا لم تشهده أية دولة في العالم منذ كوارث رواندا. لكن على خلاف رواندا وكامبوديا – حيث كانت الأعمال الوحشية ترتكب بعيدا عن عدسات الكاميرات، كما أنها انتهت في غضون أشهر قليلة – تقدم الحالة السورية مثالا لا يمكن الاعتذار معه بالقول "عفوا..لم أكن أدرى". 

وعلى أية حال، فإن قرار العالم بأن يدير وجهه عن مصير الأبرياء في سوريا لاعتبارات تخص كل طرف، يذكرنا بذات الموقف الذي عبرت عنه مادلين أولبرابت، وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة، حيت قالت بأن موت مئات الأطفال في العراق نتيجة العقوبات الدولية "ثمن يستحق الدفع" من أجل احتواء نظام صدام. ويبدو أن الموت البطئ الذي تشهده سوريا اعتبر أيضا "ثمن لا مفر من دفعه" لخدمة مصالح سياسية معينة.

وإذ تظهر بودار صحوة ضمير متأخرة عند البعض بعد أن أخذت قيادات الولايات المتحدة تعترف بأن ما حدث في الغوطة الشرقية تخطى كل الحدود، فإن المأمول ألا تكون هذه صحوة طارئة يعود بعدها الجميع إلى سبات عميق، حتى كدنا نترحم على الإنسانية ونكتب نعيها.

وكي تكون هذه صحوة حقيقية، فإنه لا ينبغي أن يقتصر الأمر على إطلاق بعض الصواريخ على دمشق ثم العودة إلى ما سبق. ولعله من الأفضل ألا تطلق أية صواريخ، بل أن يستخدم التهديد بالقصف لإجبار النظام السوري على وقف المجازر، والسماح للمدنيين بالعودة إلى منازلهم، وفتح الممرات الإنسانية لإيصال الدواء والغذاء لكل أنحاء سوريا. فقد ثبت أن النظام السوري لا يفهم إلا لغة التهديد، حيث أخذ فجأة يظهر التعاون مع مفتشي الأمم المتحدة بعد أن كان يرفض وصولهم أو تحركهم حيث شاءوا بدعوى السيادة. فمن الواجب إجباره كذلك على وقف عدوانه على الشعب السوري، وسنجده في غاية التعاون بعد أن رأى الجدية في معاقبته على جرائمه.
_______________________________________
عبد الوهاب الأفندي - باحث وكاتب سوداني، أستاذ مشارك في العلوم السياسية في جامعة وستمنستر ومنسق برنامج الإسلام والديمقراطية في مركز دراسات الديمقراطية بالجامعة، إضافة إلى كونه زميل باحث في برنامج المتغيرات الكونية بإشراف مجمع مراكز البحوث البريطانية.

ملاحظة: ترجم النص من الإنجليزية إلى العربية عاطف معتمد، باحث وأكاديمي مصري.

الهوامش والمصادر
(1) Timothy Sowula, ‘The Helsinki process and the death of communism’, openDemocracy, 31 July 2005, at: http://www.opendemocracy.net/democracy-protest/helsinki_2716.jsp.
(2) David Chandler, ‘The Paradox of the ‘Responsibility to Protect’, Cooperation and Conflict, (2010), 45: 1, 128-9.
(3) David Chandler D (2011) There’s nothing ‘good’ about the war in Libya.  In:Spiked, 19 April 2011, http://www.spiked-online.com/index.php/site/article/10441/.
(4) Rieff D (2011) R2P, R.I.P.The New York Times, 7 November 2011. Available at http://www.nytimes.com/2011/11/08/opinion/r2p-rip.html?pagewanted=all.
(5) AJ Bellamy, ‘Responsibility to Protect or Trojan Horse? The Crisis in Darfur and Humanitarian Intervention after Iraq’,  Ethics& International Affairs, 19: 2 (2005), 31-54.
(6) AJ Bellamy and PD Williams, ‘The new politics of protection?: Côte d’Ivoire, Libya and the responsibility to protect’, International Affairs 87: 4 (2011) 847-9.
(7) R Paris,‘Saving liberal peacebuilding’,International Studies 36:2  (2010), 347-50.
(8) Paris, ‘Saving liberal peacebuilding’, 354-7.

نبذة عن الكاتب