شبكات التواصل الاجتماعي بمصر: بديل إعلامي يواجه الاستقطاب

تدرس الورقة السلوك الاتصالي لفئة الشباب المصري في علاقته بشبكات التواصل الاجتماعي، ودوافع استخدام هذه الوسائط والإشباعات المتحققة منها والقيم التي يُنتجها المستخدمون، ودورها في المشهد السياسي بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
20157129482915580_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تعالج الورقة السلوك الاتصالي لفئة الشباب المصري في علاقته بشبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011؛ حيث تعاظم اهتمام النشطاء السياسيين بوسائطها؛ بل والقوى الحزبية والثقافية والإعلامية، فضلًا عن المؤسسة العسكرية والأمنية، وأيضًا التنظيمات والجماعات المسلحة، في التفاعل مع الأحداث الجارية وقضايا الشأن العام وإنتاج مضامين إعلامية لا تحظى بالأهمية والأولوية في الإعلام الرسمي والخاص معًا. وهنا، تبرز مشكلة الدراسة في تحديد طبيعة هذا السلوك الاتصالي، والدور المتعاظم لشبكات التواصل الاجتماعي في الحالة المصرية بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وهو ما يستدعي التعرف على حجم هذا الدور ودوافع استخدام هذه الشبكات والإشباعات المتحققة منها ومدى تأثيرها في الرأي العام.

ولمقاربة هذه المشكلة استعانت الورقة بمدخل الاستخدامات والإشباعات الذي يهتم بدراسة الاتصال الجماهيري دراسة وظيفية مُنْتَظِمة تركِّز على الوظائف الأساسية لوسائل الإعلام من وجهة نظر المستخدمين لها والمستهلكين لمحتواها، ويهدف هذا المدخل إلى الإجابة عن سؤال أساسي: ما الدوافع التي تجعل الجمهور يتعرض لوسائل الإعلام؟ وما الإشباعـات التي تتحقق نتيجة هـذا التعرض؟
 
وخلصت الدراسة إلى أن الشباب المصري يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها إعلامًا بديلًا يتميز بالسرعة في نقل الوقائع والأحداث السياسية الجارية في مصر، ويُوثِّق كل الأخبار بالوسائط المتعددة، ويُعدُّ أكثر انفتاحًا على حرية الرأي والتعبير، ويُعبِّر عن جميع فئات وشرائح المجتمع على الرغم من حالة الاستقطاب التي يواجهها، بينما تراجعت قيم الإعلام التقليدي لكونه إعلامًا رسميًّا حكوميًّا لا يعالج الموضوعات الشائكة والحساسة. كما يعتمد المستخدمون على هذه الشبكات لكونها وسيلة تؤكد على ديمقراطية الاتصال وتسمح بالتفاعل مع الأحداث الجارية ولا تخضع للرقابة أو سيطرة الحكومات، وتُفسح المجال لإنتاج محتوى يتضمن الأهداف التي دفعت نحو القيام بثورة 25 يناير/كانون الثاني من عدالة اجتماعية وحرية وكرامة إنسانية وديمقراطية ووحدة وطنية وإصلاح سياسي واجتماعي.

مقدمة

يشير العديد من الدراسات في مجال الإعلام وتكنولوجيا الاتصال إلى أهمية الشبكات الاجتماعية في التواصل بين أفراد المجتمع؛ بل يرى البعض أن هذه الشبكات أخذت تسيطر على جميع الاستخدامات والإشباعات لدى فئة الشباب في شتى العلوم والمعارف، واستطاع النشطاء السياسيون توظيفها في الحراك السياسي الذي شهدته دول المجال العربي، وتجاوز الرقابة الصارمة التي كانت الحكومات تفرضها على وسائل الإعلام والتضييق على حرية الرأي والتعبير، مما جعل بعض مواقع التواصل يلقى رواجًا كبيرًا بين المستخدمين وخاصة فئة الشباب، وتحوَّل دورها من مجرد منصات للتواصل وتكوين الصداقات والدردشة إلى أدوات للعمل السياسي وفق مفاهيم جديدة للمشاركة السياسية، وأتاحت فضاءً للتعبير عن الحركات والجماعات السياسية الحديثة، مثل: حركة كفاية، وحركة 6 إبريل، والحركة الوطنية للتغيير، فضلًا عن إتاحة منصات للاحتجاج والتعبئة؛ حيث كان لشبكات التواصل دور بارز في التمهيد لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن جمهور الشباب يرى أن السلطة تعاملت بعد أحداث 30 يونيو/حزيران 2013 بسلبية شديدة مع القضايا الحيوية؛ وهو ما يفسِّر انتشار صورة من عدم الرضا عن أداء السلطة بعد مُضي عام على مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، والحديث عن عودة نظام مبارك في صور وأشكال جديدة وتَصدُّر رموزه للمشهد الإعلامي من خلال امتلاك كبريات الصحف والقنوات الفضائية الخاصة وعبر برامج التليفزيون الحكومي ومواقع الإنترنت، مقابل تضييق حرية الرأي والتعبير للمعارضين للنظام، وتشديد الرقابة على مواقع الإنترنت والمدوِّنين وصفحات الفيسبوك لعدد كبير من الحقوقيين والإعلاميين والنشطاء وشباب الثورة وغيرهم(1) الذين وجدوا في هذه الوسائط بديلًا عن الإعلام الرسمي.

الإجراءات المنهجية للدراسة

‌أ. مشكلة الدراسة
في ظل هيمنة السلطة على المشهد الإعلامي، الذي تحوَّلت معظم وسائله إلى أذرع لخدمة أجندتها السياسية (السلطة)، وانسداد آفاق العمل السياسي وفضاءاته التقليدية، تبرز أهمية شبكات التواصل الاجتماعي التي باتت وسيلة اتصال يتعاظم اهتمام النشطاء السياسيين بوسائطها؛ بل والقوى الحزبية والثقافية والإعلامية، وأيضًا المؤسسة العسكرية والأمنية، والتنظيمات والجماعات المسلحة، في التفاعل مع الأحداث الجارية وقضايا الشأن العام وإنتاج مضامين إعلامية لا تحظى بالأهمية والأولوية في الإعلام الرسمي والخاص معًا.

وهنا، تبرز مشكلة الدراسة في تحديد السلوك الاتصالي للشباب المصري في علاقته بشبكات التواصل الاجتماعي بعد أن أصبح الإعلام الرسمي والخاص لا يستجيب لاحتياجاته المعرفية والاتصالية، وانحسار المجال العام والفضاءات التقليدية للعمل السياسي، وتحوُّل هذه الشبكات في المقابل لمجال أوسع لإنتاج مضامين وقيم إعلامية وتعبيرات سياسية تَرْسُمُ اهتمامات وأولويات الشباب. ومن خلال الملاحظة الاستكشافية ومتابعة التطور الملحوظ لشبكات التواصل الاجتماعي يتبين انتشارها المتعاظم بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وهو ما يستدعي التعرف على حجم هذا الانتشار وأسبابه ومدى تأثيرها وقوتها، والدوافع الحقيقية وراء استخدام هذا النمط من الإعلام وفيما يُستخدم، والإشباعات المتحققة منه.

ب‌. تساؤلات الدراسة

تحاول الدراسة الإجابة عن الأسئلة الآتية:

  1. ما حجم تعرض الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011؟ 
  2. ما نوع القضايا التي تثير اهتمام الشباب المصري في شبكات التواصل الاجتماعي؟ 
  3. ما أسباب ودوافع تعرض الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي؟
  4. ما المضامين الإعلامية التي ينتجها الشباب المصري عبر شبكات التواصل الاجتماعي؟
  5. ما الإشباعات المتحققة باستخدام شبكات التواصل؟
  6. ما تأثيرات الشبكات الاجتماعية في الشباب المصري معرفيًّا ونفسيًّا وسلوكيًّا؟

ج‌. أهمية الدراسة
تبرز قيمة الدراسة من خلال الأهمية التي باتت تكتسبها المضامين الإعلامية التي ينتجها الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ حيث يشير العديد من الدراسات السابقة إلى أن الإعلام الجديد يتناول موضوعات شائكة وشديدة الحساسية تعتِّم عليها وسائل الإعلام التقليدية، مما يستدعي مقاربة بعض الجوانب المهمة والمؤثرة في استخدامات الشباب لشبكات التواصل ودرجة إشباعها لاحتياجاته المعرفية والاتصالية، والاستخدام الأمثل لهذه الشبكات لإحداث نوع من الوعي السياسي والاجتماعي لدى الشباب بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، كما أن نتائج الدراسة تسهم في التعرف على أولويات القضايا التي تثير اهتمام الرأي العام من أجل معالجة الوضع السياسي والاجتماعي.

د‌. أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى تحديد أبعاد السلوك الاتصالي لدى الشباب المصري من خلال:

  1. التعرف على حجم استخدام الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني.
  2. تحديد أسباب ودوافع استخدام الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي.
  3. التعرف على المضامين الإعلامية التي ينتجها الشباب المصري.
  4. التعرف على القضايا التي يتداولها الشباب المصري على شبكات التواصل الاجتماعي.
  5. الكشف عن تأثيرات شبكات التواصل الاجتماعي في الشباب المصري.

ه‌. مجتمع الدراسة وعيِّنَتُه
يتكون مجتمع الدراسة من فئة الشباب المصري بعدد من المحافظات المصرية (القاهرة، الإسكندرية، الدقهلية، بورسعيد، أسيوط) وفقًا للتوزيع والتقسيم الجغرافي والخصائص السكانية التي تميز كل إقليم، وقد رُوعِي في اختيار العينة المتغيرات الديمغرافية التي تتفق وتساؤلات الدراسة، وتم سحبها بأسلوب العينة العشوائية المتاحة -خلال الفترة الممتدة من 25 مارس/آذار إلى 25 إبريل/نيسان 2015- تطبيقًا على عيِّنة قوامها 430 مفردة ممن يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي ولهم حق التصويت في الانتخابات. وتبيَّن بعد جمع الوحدات وفرزها عدم صلاحية 30 استبانة منها، ومن ثم أصبح مجموع الاستبيانات الخاضعة للدراسة 400 فقط، ويوضح الجدول الآتي خصائص هذه العينة.

جدول رقم (1) يبيِّن خصائص عينة الدراسة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011

المتغيرات

الفئات

ن =  400 مفردة

العدد

النسبة المئوية

النوع

ذكور

290

72.5

إناث

110

27.5

 

المستوى التعليمي

أُمِّي

68

17

متوسط

96

24

جامعي

168

42

فوق الجامعي

68

17

 

العمر

من 18- 22 عامًا

136

34

من 23-25 عامًا

192

48

من 26-29 عامًا

56

14

من 30-35 عامًا

16

4

مكان الإقامة

القاهرة

108

27

الإسكندرية

105

26

الدقهلية

80

20

بورسعيد

68

17

أسيوط

36

9

 

مستوى دخل الأسرة

مرتفع

45

11.25

متوسط

210

52.5

محدود

112

28

لا يوجد دخل

33

8.25

يتصدَّر الذكور عينة الدراسة بنسبة 72.5%، بينما بلغت نسبة الإناث 27.5%، ويرجع ذلك إلى أن الذكور هم أكثر استخدامًا لشبكات التواصل الاجتماعي من الإناث في مصر، وهو ما يشير أيضًا إلى انتشار خدمات الإنترنت في مختلف مدن وقرى مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، خاصة مقاهي الإنترنت التي يُقبل عليها الذكور بصورة أكبر من الإناث بحكم البيئة والعادات الاتصالية الجديدة التي خلقتها وسائل الإعلام الجديد في المجتمع. وعلى المستوى التعليمي تصدَّر طلاب الجامعة عينة الدراسة بنسبة بلغت 42% باعتبارهم الفئة الأكثر اهتمامًا بالشأن العام واستخدامًا لشبكات التواصل، أمَّا بالنسبة لمتغيِّر الفئة العمرية فقد تصدَّرت الفئة بين 23 و25 عامًا عينة الدراسة بنسبة 48% لكونها أكثر الفئات تفاعلًا مع محيطها السياسي والاجتماعي على شبكات التواصل الاجتماعي.

وبخصوص متغير الإقامة فقد تصدَّرت القاهرة والإسكندرية والمنصورة قائمة المحافظات التي تتمركز فيها عينة الدراسة بنسب 27% و26% و20% على التوالي؛ مما يعني أن المحافظات الثلاث شهدت زخم الأحداث التي صاحَبَت ثورة 25 يناير/كانون الثاني وما بعدها؛ حيث تستأثر القاهرة بأكبر كتلة تصويت في مصر والتي تصل نسبتها نحو 20% من إجمالي الناخبين على مستوى الجمهورية. كما توضح بيانات الجدول رقم (1) أن النسبة الأكبر من أفراد العينة من ذوي المستوى الاقتصادي المتوسط بلغت 52.5%، وهو ما يتسق مع الوضع الاقتصادي الذي يشهد تراجعًا كبيرًا منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني بجانب استمرار إضراب واعتصام العمال وهروب عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال إلى الخارج، بالإضافة إلى زيادة الدَّيْن الخارجي؛ الأمر الذي وسَّع من قاعدة فئة محدودي الدخل التي بلغت نحو 85%، مقابل 15% لذوي الدخول المرتفعة في مصر(2)، بينما تعاني النسبة المتبقية من ارتفاع الأسعار، وزيادة المطالب الفئوية، فضلًا عن أن 70% من المصريين دون سنِّ الثلاثين يعانون البطالة، وتمثل هذه الفئة الغالبية العظمى في التركيبة السكانية(3).

و‌. منهج الدراسة
تعتمد الدراسة منهج المسح الإعلامي عن طريق العينة، ويستهدف الوصول إلى بيانات يمكن تصنيفها وتفسيرها وتعميمها.

ز‌. أداة جمع البيانات
اعتمد الباحث في جمع بيانات الدراسة على صحيفة الاستبيان التي تم تصميمها لتطبيقها على عينة من المستخدمين الشباب عن طريق المقابلة الشخصية. وتضمنت صحيفة الاستبيان الجوانب المختلفة التي تسعى الدراسة إلى التعرف عليها وفقًا لأهدافها، وقد رُوعِي فيها التدرج المرحلي للأسئلة وسهولة الصياغة، وتم عرضها على عدد من أساتذة الإعلام والاتصال*.

ح‌. المعالجة الإحصائية للبيانات
تم معالجة البيانات إحصائيًّا باستخدام نظام التحليل الإحصائي في العلوم الاجتماعية Statistical Package Social Sciences المعروف اختصارًا بـSPSS، وتم تطبيق المعاملات الإحصائية الآتية: التكرارات البسيطة، والنسب المئوية، والمتوسط الحسابي، والانحراف المعياري، والوزن المئوي، واختبار- t- test  ومُعامِل ارتباط بيرسون.

ط‌. المدخل النظري للدراسة
تعتمد الدراسة على مدخل الاستخدامات والإشباعات الذي يهتم بدراسة الاتصال الجماهيري دراسة وظيفية مُنْتَظِمة تركز على الوظائف الأساسية لوسائل الإعلام من وجهة نظر الأفراد المستخدمين لها والمستهلكين لمحتواها(4)، ويهدف هذا المدخل إلى الإجابة عن سؤال أساسي: ما الدوافع التي تجعل الجمهور يتعرض لوسائل الإعلام؟ وما الإشباعـات التي تتحقق نتيجة هـذا التعرض؟(5) 

وقد قسَّم إلياهو كاتز وجي بلومر وميشال جورفيتش دوافع التعرض لوسائل الإعلام والاتصال إلى فئتين، الأولى: الدوافع النفعية، وتستهدف التعرف على الذات واكتساب المعرفة والمعلومات والخبرات، وجميع أشكال التعليم بوجه عام التي تعكسها نشرات الأخبار والبرامج التعليمية والثقافية وغيرها، والفئة الثانية: الدوافع الطقوسية، وتستهدف الاسترخاء والصداقة والأُلفة مع الوسيلة والهروب من المشكلات، وتعكس هذه الفئة الأفلام والمسلسلات وغيرها(6).

بينما صنَّف لورنس وينر الإشباعات التي يبحث عنها الجمهور لتحقيقها إلى نوعين، الأولى: إشباعات المحتوى، وهي التي تنتج عن التعرض لمحتوى الرسالة الإعلامية وترتبط بها أكثر من ارتباطها بنوع الوسيلة المستخدمة، والثانية: إشباعات عملية الاتصال، وهي الإشباعات التي تتحقق نتيجة اختيار الفرد لوسيلة اتصالية معينة، ولا ترتبط مباشرة بخصائص الوسيلة (تقليدية-حديثة) وتنقسم إلى إشباعات شبه توجيهية وإشباعات شبه اجتماعية(7).

وقد استفادت الدراسة من هذا المدخل في التعرف على دوافع استخدام الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي، النفعية منها والطقوسية في ضوء وظائف هذه الوسيلة الجديدة والتي تختلف عن وسائل الاتصال والإعلام التقليدية، ثم الإشباعات المتحققة من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي مقارنة بالوسائل الأخرى.

نتائج الدراسة الميدانية

1. وسائل الإعلام الأكثر استخدامًا بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني

جدول رقم (2) يُبيِّن وسائل الإعلام الأكثر استخدامًا لدى الشباب المصري بعد ثورة يناير/كانون الثاني

وسائل الإعلام

التكرار- ك

النسبة %

القنوات الفضائية

75

18.75

المحطات الإذاعية

23

5.75

شبكة الإنترنت

224

56

الصحف

72

18

المجلات العامة والمتخصصة

6

1.5

المجموع

400

100

تصدَّرت الإنترنت قائمة أكثر الوسائل الاتصالية استخدامًا من قبل المبحوثين بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، تلاها التليفزيون ثم الصحف والراديو، وجاءت المجلات العامة والمتخصصة في الترتيب الأخير، ويرجع سبب تصدُّر الإنترنت للوسائل الأكثر استخدامًا لدى الشباب كونها تحظى بانتشار واسع حاليًا مقارنة بالوسائل التقليدية الأخرى؛ حيث تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت حسب بعض الإحصاءات 46 مليون مستخدم في 30 يونيو/حزيران 2014، ونسبة دخول بلغت 53.2% من مجموع السكان، أما عدد مستخدمي الفيسبوك مثلًا فقد بلغ أكثر من 12 مليون مستخدم في نهاية العام 2012(8). فقد أصبحت الإنترنت بفعل تكنولوجيا الإعلام الحديثة توفر خدمات ومزايا يمكن من خلالها الاستغناء عن وسائل الإعلام التقليدية نسبيًّا، وهو ما يعطي السبق للمواقع الإلكترونية التي أسهمت في السنوات الأخيرة في جذب أنظار الرأي العام، وأرغمت حكومات كثيرة على اتخاذ قرارات ضد رغبتها، مما يضيف قيمة حقيقية لهذه الوسائل عن غيرها. ولهذه الأسباب مجتمعة أنشأ بعض وسائل الإعلام التقليدية منصات على مواقع التواصل الاجتماعي لتُمكِّن جمهورها من الوصول إلى المحتوى الذي تقدمه بسهولة والتفاعل معه بشكل آني ومواكبة تطورات ثورة 25 يناير/كانون الثاني وتداعياتها وردود الأفعال الإقليمية والدولية إزاء متغيرات المشهد السياسي المصري. 

2. حجم استخدام الشباب المصري لشبكات التواصل

جدول رقم (3) يوضح حجم استخدام الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي

معدل التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي

ك

%

دائمًا

95

23.7

أحيانًا

287

71.8

نادرًا

18

4.5

المجموع

400

100

توضح نتائج الدراسة أن 23.7% من أفراد العينة يتعرضون بصفة دائمة (دائمًا) لشبكات التواصل الاجتماعي، وبشكل غير دائم (أحيانًا) بنسبة 71.8%، ثم بصفة نادرة (نادرًا) بنسبة 4.5%، وهو ما يشير إلى ارتفاع معدل تعرُّض الشباب المصري لشبكات التواصل؛ حيث تتسع دائرة استخدامها والإقبال على هذا النمط الجديد من الإعلام نظرًا لسماته وخصائصه التي يتميز بها لاسيما سهولة الحصول على المعلومة وسرعة نشرها وقِلَّة تكلفتها. وقد حتَّمت هذه البيئة الاتصالية الجديدة على صاحب القرار الاعتماد على هذا النمط من الإعلام الجديد في مخاطبة الشباب وتزويده بالمعلومات المختلفة عبر المواقع الرسمية لمؤسسات الدولة والتواصل مع الجمهور العام، وهو ما تمت ترجمته من خلال وجود بريد إلكتروني وصفحة لرئيس الدولة على الفيسبوك للشكاوى والمقترحات، وصفحات أخرى للمؤسسات الأمنية والرقابية للإبلاغ عن الخلايا الإرهابية، أو وقائع فساد في قطاع المحليات والمؤسسات المختلفة، والتي تزايدت في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني لأسباب، منها: انعدام الرقابة واستغلال السلطة والرشاوى السياسية وإهدار المال العام في مشروعات يراها غالبية الشباب غير مجدية وغير حقيقية.

3. القضايا التي يتابعها الشباب المصري عبر شبكات التواصل الاجتماعي

جدول رقم (4) يبيِّن القضايا التي يتابعها الشباب المصري عبر الشبكات الاجتماعية

القضايا التي يتابعها الشباب عبر الشبكات الاجتماعية

ك

%

قضية أحداث استاد الدفاع الجوي

125

15.33

قضايا التمويل ومنظمات المجتمع المدني

35

4.29

محاكمات جماعة الإخوان المسلمين

54

6.62

المظاهرات المستمرة للباعة الجائلين

31

3.80

الأوضاع الاقتصادية المتردية بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني

65

7.98

الانفلات الأمني في الشوارع والميادين

116

14.23

الإرهاب في سيناء وعلى الحدود مع ليبيا

45

5.52

أزمة السولار والغاز الطبيعي

113

13.86

تأجيل الانتخابات البرلمانية لأجل غير مُسمَّى

48

5.88

الصراع السياسي بين السلطة وائتلافات الثورة

15

1.84

قضايا الفساد وتزاوج المال بالسلطة

38

4.66

قضايا الاستثمار الوطني والمؤتمر الاقتصادي

25

3.06

قضايا المِنح والديون الخارجية

12

1.47

الأحداث في سوريا والحرب في اليمن

58

7.11

قضايا تجديد الخطاب الديني

35

4.29

المجموع

815*

100

* ملاحظة: يشمل مجموع التكرارات (815) اختيار أفراد العينة لأكثر من إجابة.

يبدو واضحًا أن أهم القضايا التي شغلت اهتمامات الشباب المصري محليًّا ما اصطُلِح على تسميته إعلاميًّا بأحداث مجزرة استاد الدفاع الجوي ووفاة نحو 23 مشجعًا كرويًّا بنسبة 15.33%، ثم الانفلات الأمني بنسبة 14.23%، وأزمة السولار والبنزين وقطع الكهرباء بنسبة 13.86%، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية بنسبة 7.98%، فالأحداث في اليمن وسوريا بنسبة 7.11%، ثم محاكمات الإخوان المسلمين بنسبة 6.62%، بينما تراجعت قضايا مثل تأجيل الانتخابات البرلمانية لوجود عوار في دستور 2014 بنسبة 5.88%، وقضايا العنف والتحرش وأعمال البلطجة بنسبة 5.52%، والفساد المالي والإداري في شركات القطاع العام والمحليات بنسبة 4.66%، وتجديد الخطاب الديني وتمويل جمعيات ومنظمات المجتمع المدني بنسبة موحدة 4.29%، ومظاهرات الباعة الجائلين في ميدان العتبة ورمسيس والإسعاف وميدان الجيزة بنسبة 3.80%، وقضايا الحوار والاستثمار ونتائج المؤتمر الاقتصادي بنسبة 3.06%، والصراع بين الشباب وائتلافات الثورة مع السلطة بنسبة 1.84%، وأخيرًا قضايا الديون الخارجية بنسبة 1.47%.

وتؤكد هذه النتائج حجم اهتمام الشباب المصري بقضايا الشأن الداخلي على شبكات التواصل الاجتماعي، مثل: أحداث العنف التي شهدها استاد الدفاع الجوي الرياضي، والانفلات الأمني، على الرغم من زيادة عدد العاملين في الأجهزة الأمنية في مصر وقبول دفعات استثنائية جديدة؛ حيث بلغ عددهم حسب تقرير جهاز الإحصاء والتعبئة لعام 2014، مليون وثمانمائة ألف ما بين ضابط وجندي ومخبر شرطة، وهو ما يعني أن هناك عسكريًّا لكل 45 مواطنًا؛ الأمر الذي لم يختلف كثيرًا عندما انسحبت قوات الشرطة أمام ثورة الشباب في بدايات ثورة 25 يناير/كانون الثاني.

4. أسباب اعتماد الشباب المصري على شبكات التواصل الاجتماعي

جدول رقم (5) يوضح أسباب اعتماد الشباب المصري على شبكات التواصل الاجتماعي

أسباب اعتماد الشباب المصري على شبكات التواصل

ك

%

وسيلة تساعد على اكتساب الخبرات

92

12.6

وسيلة لتحقيق التفاعل مع الأحداث الجارية

156

21.39

وسيلة محايدة لا تخضع للرقابة أو سيطرة الحكومات

84

11.5

وسيلة تؤكد على ديمقراطية الاتصال

223

30.54

وسيلة أوجدت إعلام المواطن

175

23.98

المجموع

730*

100

* ملاحظة: يشمل مجموع التكرارات (730) اختيار أفراد العينة لأكثر من إجابة.

تتنوع أسباب اعتماد الشباب المصري على شبكات التواصل مصدرًا رئيسًا للأخبار والمعلومات عن المشهد السياسي المصري؛ حيث أشار أفراد العينة إلى وجود خمسة أسباب تدفعهم لاعتماد هذه الوسائط؛ جاء في مقدمتها أنها وسيلة تؤكد على ديمقراطية الاتصال بنسبة 30.54%، ثم لأنها وسيلة أوجدت ما يُعرف بإعلام المواطن بنسبة 23.98%، ويُعدُّ هذان المتغيران من المعايير الأساسية لحرية الرأي وحقِّ الحصول على المعلومات، وجاء في المرتبة الثالثة أنها وسيلة لتحقيق التفاعل مع الأحداث الجارية بنسبة 21.39%، وفي المرتبة الرابعة تساعد على اكتساب خبرات ومعارف جديدة بنسبة 12.60%، وأخيرًا يعتمد الشباب المصري على شبكات التواصل الاجتماعي مصدرًا للمعلومات باعتبارها وسيلة لا تخضع للرقابة أو سيطرة الحكومات بنسبة 11.50%.

وتبدو هذه النتائج منطقية في إطار التعرض الانتقائي لشبكات التواصل، فعندما يستحوذ موضوع معين على اهتمام الشباب فقد يدفعه ذلك إلى زيادة التعرض لوسائل الإعلام التي تتناول الموضوع، وبالتالي قد يتأثر بما تبثه من معلومات وآراء وأفكار، وهو ما ظهر بوضوح بعد أحداث 30 يونيو/حزيران من تحوُّل نشطاء ثورة 25 يناير/كانون الثاني (علاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، وأحمد دومة، ومحمد عادل...) إلى شباب خونة وعملاء يعملون لصالح دول وأجهزة مخابراتية لا ترغب في استقرار الوضع السياسي بمصر، ومن رموز سياسية وخبراء كانوا ضيوفًا دائمين على شاشات القنوات الفضائية إلى متابعين لما يجري في مصر من تحولات سياسية وتشكيل حكومة تلو الأخرى.

5. دوافع تعرض الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي

جدول رقم (6) يُبيِّن دوافع تعرُّض الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني

 دوافع تعرض الشباب المصري لشبكات  التواصل الاجتماعي

دائمًا

أحيانًا

لا

الوسط الحسابي

الانحراف المعياري

الوزن النسبي

ك

%

ك

%

ك

%

أولًا: الدوافع النفعية:

1- دوافع التزود بالمعلومات - مجموع الأوزان= 472.4

تتيح لي معرفة أشياء عن الآخرين من القادة ونجوم المجتمع

68

17

156

39

176

44

2.27

0.73

75.6

تتيح لي القيام بأشياء لم أفعلها واكتساب مهارات جديدة

66

16.5

151

37.8

183

45.8

2.29

0.73

76.3

أجد فيها إجابة عن مشكلات كثيرة وطرق حلِّها

27

6.8

152

38

221

55.3

2.48

0.62

82.6

متابعة الأحداث والقضايا السياسية الجارية إقليميًّا ودوليًّا

56

14

159

39.8

185

46.3

2.32

0.70

77.3

الحاجة إلى فهم الواقع السياسي بعد 30 يونيو/حزيران 2013

31

7.8

145

36.3

224

56

2.48

0.63

82.6

زيادة معلوماتي عن متغيرات السياسة الدولية

36

9

192

48

172

43

2.34

0.63

78

2- دوافع التفاعل الاجتماعي - مجموع الأوزان= 284.2

تساعدني على التحدث مع الآخرين 

47

11.8

194

48.5

159

39.8

2.28

0.66

76

تمكنني من التواصل والتفاعل مع الأهل والأصدقاء

55

13.8

146

36.5

199

49.8

2.36

0.71

78.6

تساعدني على إقامة علاقات اجتماعية متعددة

76

19

220

55

104

26

2.32

0.836

77

إحدى الأدوات الاتصالية الحديثة بين الأصدقاء

48

12

156

39

196

49

2.37

0.688

79

مجرد التعود على تقنية اتصالية جديد

83

20.8

148

37

169

42.3

2.21

0.76

73.6

3- دوافع حرية الاختيار - مجموع الأوزان= 371.7

تتيح لي الاختيار بين العديد من الموضوعات الجارية

56

14

248

62

96

24

2.1

0.609

70

أستطيع من خلالها أن أحدِّد وقت متابعة الموضوعات

32

8

204

51

164

41

2.33

0.618

77.7

أستمتع بالصور والفيديوهات التي يرسلها الأصدقاء

96

24.0

80

20

224

56

2.29

0.496

76

التمتع بمصاحبة الأسرة والأصدقاء في الحوار والدردشة

92

23

161

40.3

147

36.8

2.13

0.76

71

تسمح لي بكتابة التعليقات على الصور والموضوعات

76

19

220

55

104

26

2.32

0.836

77

ثانيًا: الدوافع الطقوسية:

1- دوافع الاتصال المتبادل - مجموع الأوزان=  400.1

تسمح لي باستخدام الصور والفيديو مع الأصدقاء

21

5.3

163

40.8

216

54

2.48

0.59

82.6

تسمح لي بعمل روابط على صفحات أخرى

30

7.5

185

46.3

185

46.3

2.38

0.62

79.3

أستطيع متابعة الموضوعات الأكثر تصحفًا وتقييمها

46

11.5

150

37.5

204

51

2.39

0.68

79.6

القضاء على الشعور بالوحدة

36

9

170

42.5

194

48.5

2.39

0.64

79.6

تمكنني من الاتصال بالآخرين والتحاور معهم

25

6.3

199

49.8

176

44

2.37

0.60

79

2- دوافع التسلية والمتعة - مجموع الأوزان= 393.9

تساعدني على الاسترخاء

112

28

192

48

96

24

1.96

0.720

75.3

تساعدني على شَغْل وقت الفراغ

32

8

199

49.8

169

42.3

2.34

0.62

78

تُشعرني بالمتعة عند استخدامها

156

39.0

240

60

4

1.0

2.59

0.512

86.3

التخلُّص من الملل والقلق

66

16.5

143

35.8

191

47.8

2.31

0.73

77

تقدم لي التسلية التي أحتاج إليها

65

16.3

140

35

195

48.4

2.32

0.73

77.3

3- دوافع الهروب من الضغوط - مجموع الأوزان= 297.6

تزودني بالإثارة التي أرغب فيها

31

7.8

153

38.3

216

54

2.46

0.63

82

تزودني بالحيوية والطاقة

66

16.5

175

43.8

159

39.8

2.23

0.71

74.3

تساعدني على نسيان ضغوط العمل

60

15

184

49

156

36

2.24

0.695

81.3

تساعدني على الهروب من الأعباء التي أقوم بها

160

40

160

40

80

20

1.80

0.749

60

إجمالي أوزان الدوافع = 2219.9

تبين نتائج الدراسة تنوع دوافع الشباب المصري لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة يناير/كانون الثاني؛ حيث جاءت دوافع التزود بالمعلومات في المقدمة، وورد مجموع العبارات الدالة على هذا الهدف بوزن نسبي بلغ 472.4%، وجاءت دوافع الاتصال المتبادل في الترتيب الثاني بوزن نسبي بلغ 400.1%، تلاها دوافع التسلية والمتعة حيث بلغ وزنها النسبي 393.9%، في الوقت الذي جاءت فيه دوافع حرية الاختيار بوزن نسبي أقل 371.7%، ثم دوافع الهروب من ضغوط الحياة اليومية بوزن نسبي 297.6%، وأخيرًا جاءت دوافع التفاعل الاجتماعي كأقل مجموعة أوزان نسبية بلغت 284.2%، وهو ما يدل على أن دوافع التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي تصدَّرتها الدوافع المعرفية لحالة المشهد السياسي بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ثم الاهتمام بالمحيط العربي والدولي، تلا ذلك اكتساب خبرات جديدة، والحاجة إلى فهم الواقع السياسي، والتعرف على الطريقة التي يحل بها الآخرون قضاياهم، والقضاء على الشعور بالوحدة، والتفاعل الاجتماعي مع الأصدقاء، وملء وقت الفراغ والتسلية والاسترخاء والتخلص من الملل، ونسيان المشاكل اليومية والتخلص من ضغوط الحياة، وتعلُّم مهارات مفيدة، ثم تأتي باقي الدوافع كما يشير إليها الجدول رقم (6).

وتؤكد هذه النتائج أن الشباب المصري يتعرض لشبكات التواصل بدوافع نفعية أكثر من تعرضه لتلك الوسائل بدوافع طقوسية، ويمكن ربط ذلك بالمرحلة العمرية للشباب والتطور التقني في وسائل الاعلام وتكنولوجيا الاتصال، وسعيهم إلى تكوين الذات معرفيًّا وثقافيًّا عبر منصات إعلامية جديدة، لكن لا يمكن تجاهل الدوافع الطقوسية بالنسبة لاستخدام كل جديد دون النظر إلى قيمته، والتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها وسائل للتسلية والترفيه، وهو ما تغير بعد سنوات حيث كانت واحدة من أهم قوى الدفع التي حرَّكت ما عُرف بثورات الربيع العربي، أي: إن هذه الوسائل لم تُستخدم اعتباطًا من قِبل الكثيرين من الشباب المصري، وإنما كانت واحدة من أهم الوسائل التي ساعدت على تكوين المجاميع ذات الاهتمامات المتشابهة ثم الخروج بهذه المجاميع إلى فضاءات أوسع عبر ما تتيحه هذه التكنولوجيا من أدوات تفاعلية والوصول لأصدقاء الأصدقاء، كما أوجدت هذه الوسائل فضاء مناسبًا للحوار والمشاركة وتبادل الآراء بهدف رفع مستوى الوعي السياسي لدى الشباب بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني. كما تشير النتائج إلى زيادة شدة الدوافع النفعية للتعرض لشبكات التواصل الاجتماعي لدى الشباب 1128.3% عن الدوافع الطقوسية 1091.6%. ويبدو من تحليل المؤشرات الإحصائية أن شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها سلوكًا اتصاليًّا يرتبط بالعديد من الدوافع المعرفية والطقوسية؛ تشبع لديهم دوافع المعرفة وزيادة المعلومات في المجالات السياسية، وتجعلهم يشعرون بنوع من الإحساس بالذات، بالإضافة إلى ما تُحقِّقه من متعة وتسلية وقضاء الوقت والاسترخاء والهروب من أعباء الحياة اليومية، وقد يكون السبب هو تحويل انتباه الشباب لقضايا هامشية، منها: شطحات إسلام بحيري والمتحولون والمطالبون بتقنين تجارة الحشيش والأفيون، أو بثُّ معلومات غير صحيحة أو التركيز على موقف أو اتجاه سلبي لكيان سياسي محدد وهو ما ظهر بوضوح في حملات التشوية التي قامت بها أجهزة الإعلام المصرية تجاه شباب ثورة 25 يناير/كانون الثاني وتوصيفها بأنها كانت تمهيدًا لثورة 30 يونيو/حزيران، وإلقاء القبض على قادتها ومحاكمتهم.

6. المضامين الإعلامية التي ينتجها الشباب المصري عبر شبكات التواصل الاجتماعي

جدول رقم (7) يُبيِّن المضامين الإعلامية التي ينتجها الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي

المضامين الإعلامية التي ينتجها الشباب المصري عبر شبكات التواصل الاجتماعي

دائمًا

أحيانًا

لا

ك

%

ك

%

ك

%

تدوين المشاهدات اليومية عن الأحداث الجارية

286

21

114

13.7

0

0

التعليق على الأوضاع السياسية في مصر

291

21.4

109

8.8

0

0

رصد مجريات الأحداث في الواقع المصري 

291

21.4

109

8.8

0

0

رصد معالجة الحكومة للأحداث وموقفه تجاهها

248

16.6

146

45.2

6

100

التعليق على أحداث الثورات العربية الأخرى

276

19.7

124

23.5

0

0

ن = 400

تُظهر نتائج الدراسة أن 21.4% من مجموع أفرد العيِّنة يقومون أساسًا بالتعليق على الأوضاع السياسية في مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ورصد الأحداث في الواقع المصري عبر مواقع التواصل المختلفة، وهو ما يُبرز الاستخدامات السياسية المتنامية لمواقع التواصل الاجتماعي لدى الشباب في مقابل الاستخدامات التي ارتبطت بنشأتها الأولى والأغراض الأولية لمؤسِّسيها من التسلية والترفيه والتواصل مع الأصدقاء. وتعكس هذه النتائج وجهات نظر ومواقف سياسية ترتبط بتوجهات وانتماءات الشباب المصري المستخدِم لمواقع التواصل الاجتماعي دون مراعاة الضوابط المهنية والأخلاقية إزاء المضامين التي تتم معالجتها، وهو ما يتطلب أهمية وجود مجلس وطني للإعلام لوقف تجاوزات وسائل التواصل الاجتماعي مستقبلًا.
 
7. قيم المضامين الإعلامية التي ينتجها الشباب المصري عبر الشبكات الاجتماعية

جدول رقم (8) يُبيِّن أهم القيم التي يحرص الشباب المصري على إنتاجها في المضامين الإعلامية

القيم التي يحرص الشباب المصري على إنتاجها في المضامين الإعلامية

المتغيرات

الترتيب

ك

%

الحرية والمساواة

50

12.5

2

الكرامة الإنسانية

40

10

4

العدالة الاجتماعية

70

17.5

1

الديمقراطية السليمة

38

9.5

5

الوحدة الوطنية

48

12

3

الانتماء الوطني

34

8.5

7

التسامح مع الآخر

28

7

9

الحوار مع الآخر

32

8

8

الوعي السياسي والاجتماعي

24

6

10

الإصلاح السياسي والتغيير للأفضل

36

9

6

المجموع

400

100

-

تُبيِّن نتائج الدراسة أن القيم التي يحرص الشباب المصري على إنتاجها في المضامين الإعلامية بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني عبر شبكات التواصل الاجتماعي تشمل في المرتبة الأولى قيم العدالة الاجتماعية بنسبة 17.5%، تلتها الحرية والمساواة بنسبة 12.5%، ثم الوحدة الوطنية بنسبة 12%، فالكرامة الإنسانية بنسبة 10%، والديمقراطية السليمة بنسبة 9.5%، فالإصلاح السياسي والتغيير للأفضل بنسبة 9%، والانتماء الوطني بنسبة 8.5%، فالحوار مع الآخر بنسبة 8%، والتسامح بنسبة 7%، وأخيرًا الوعي السياسي والاجتماعي بنسبة 6%، وهو ما يشير إلى حرص الشباب على أن يتضمن إنتاجهم الأهداف التي دفعت نحو القيام بثورة 25 يناير/كانون الثاني من عدالة اجتماعية وحرية وكرامة إنسانية وديمقراطية ووحدة وطنية وإصلاح سياسي واجتماعي، بينما تراجعت قيم الحوار والتسامح، التي تكشف طبيعة المشهد السياسي الراهن؛ حيث باتت حالة الاستقطاب والصراع القائم بين مؤسسات الدولة وجماعة الإخوان المسلمين التي تطالب بالشرعية وعودة الرئيس المعزول محمد مرسي رئيسًا للبلاد على أشُدِّها، فيما ترى القوى الشبابية وائتلافات ثورة 25 يناير/كانون الثاني ضرورة وجود رئيس مدني منتخب بعيدًا عن المؤسسة العسكرية أو الشرطية، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يستطع بعد عام على تولِّيه السلطة تحقيق ما كان يطمح إليه الشعب المصري من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية. وتؤكد هذه المعطيات أن معظم شبكات التواصل الاجتماعي لم تستطع بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني أن تقدم المفهوم الشامل للديمقراطية؛ فقد ركَّز مستخدمو الفيسبوك مثلًا على المعنى أكثر من كيفية ممارسة تلك الديمقراطية عبر حرية الانتخابات وحق التصويت وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية؛ الأمر الذي دفع وزير العدل السابق، محفوظ صابر، في أحد البرامج التليفزيونية إلى القول بعدم صلاحية "ابن الزبَّال" للعمل في سلك القضاء، وصاحَبَ ذلك حملات على شبكات التواصل ضد الوزير واتهامه بالعنصرية حتى تمت إقالته، لكن ظلَّت القضية كما هي دون حل.

8. الإشباعات المتحققة من التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي

جدول رقم (9) يُبيِّن الإشباعات المتحققة من التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي

إشباعات التعرض لشبكات التواصل

دائمًا

أحيانًا

لا

الوسط الحسابي

الانحراف المعياري

الوزن النسبي

ك

%

ك

%

ك

%

أولًا: إشباعات المحتوى (المضمون) - مجموع الأوزان = 714.7

1- إشباعات توجيهية - مجموع الأوزان= 322.9

معرفة ما يحدث في مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني

61

15.6

132

33.8

197

50.5

2.34

0.73

78

التعرف على القضايا والأحداث السياسية الجارية

27

6.9

151

38.7

212

54.4

2.47

0.62

82.3

طرح موضوعات للتواصل مع الأهل والأصدقاء

37

9.5

156

40

197

50.5

2.41

0.65

80.3

تساعدني على المشاركة الفاعلة في الأحداث الجارية

29

7.4

148

37.9

213

54.6

2.47

0.63

82.3

2- إشباعات اجتماعية - مجموع الأوزان =391.8

الاندماج الاجتماعي في المحيط

56

14.4

163

41.8

171

43.8

2.29

0.70

76.3

اكتساب مهارات جديدة من الآخرين

33

8.5

159

40.8

198

50.8

2.42

0.64

80.6

الحصول على معلومات للمناقشة مع الآخر

22

5.6

185

47.4

183

46.9

2.41

0.59

80.3

التعرف على مشاكل الآخرين وهمومهم

47

12.1

174

44.6

169

43.3

2.31

0.67

77

معرفة كيفية قضاء احتياجاتي الشخصية

43

11

172

44.1

175

44.9

2.33

0.66

77.6

ثانيًا: إشباعات عملية الاتصال (الوسيلة) - مجموع الأوزان= 775.4

1- إشباعات شبه توجيهية - مجموع الأوزان= 307.9

التخلص من الملل والتوتر

45

11.5

189

48.5

156

40

2.28

0.65

76

السعي نحو نسيان الهموم الشخصية

43

11

169

43.3

178

45.6

2.34

0.66

78

الرغبة في الراحة والاسترخاء

50

12.8

183

46.9

157

40.3

2.27

0.67

75.6

الهروب من الحياة اليومية

27

6.9

198

50.8

165

42.3

2.35

0.60

78.3

2- إشباعات شبه اجتماعية - مجموع الأوزان= 467.5

تُشعرني بالمتعة والسعادة

74

19

143

36.7

173

44.4

2.25

0.75

75

القضاء على وقت الفراغ

27

6.9

168

43.1

195

50.0

2.43

0.62

81

التخلص من الشعور بالوحدة

52

13.3

171

43.8

167

42.8

2.29

0.68

76.3

الفضول وتقدير الذات

31

7.9

174

44.6

185

47.4

2.39

0.63

79.6

التميز عن الآخرين 

49

12.6

202

51.8

139

35.6

2.23

0.65

74.3

معرفة عادات وتقاليد الشعوب الأخرى

37

9.5

144

36.9

209

53.6

2.44

0.66

81.3

إجمالي أوزان الإشباعات = 1490.1

تتنوع إشباعات الشباب المصري عند استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني؛ حيث جاءت إشباعات الوسيلة في مقدمة الإشباعات المتحققة من التعرض لشبكات التواصل، وبلغ مجموع العبارات الدالَّة عليه بوزن نسبي قدره 775.4%، وجاءت الإشباعات شبه الاجتماعية بمجموع أوزان 467.5%، والإشباعات شبه التوجيهية بمجموع أوزان قدره 307.9%، بينما جاءت إشباعات المحتوى في الترتيب الثاني من حيث مجموع أوزان عباراته وبلغ مجموع الوزن النسبي له 714.7%, مقسَّمة إلى إشباعات اجتماعية بمجموع أوزان بلغ 391.8%، ثم إشباعات توجيهية بمجموع أوزان قدره 322.9%؛ حيث تشير نتائج الجدول إلى أن متغيرات "زيادة معرفتي بالأحداث السياسية الجارية، وقدرتي على فهم الواقع السياسي الراهن والمشاركة في فعالياته، والاطلاع على تجارب الآخرين"، شكَّلت أهم أوجه الاستفادة المتحققة للشباب المصري نتيجة تعرضه لشبكات التواصل بعد ثورة يناير/كانون الثاني بوزن نسبي 82.3% لكل منهما، تلاها التعرف على ثقافة الشعوب بوزن نسبي 81.3%، ثم الحصول على موضوعات تصلح للنقاش مع الآخرين، ومعرفة ثقافات جديدة والانفتاح على العالم، ثم جاء باقي الإشباعات، كما يشير الجدول رقم (9)، كأهداف تحققت أثناء التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة يناير/كانون الثاني. كما جاءت إشباعات المحتوى التوجيهية في مقدمة الإشباعات المتحققة نتيجة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من حيث معرفة تطورات الوضع السياسي في مصر، والأحداث الجارية، أمَّا إشباعات المحتوى الاجتماعية فقد تضمَّنت الارتباط مع الآخر واكتساب معلومات عن الآخرين، ثم الحصول على معلومات للمناقشة، وهو ما يدل على تعدد الإشباعات التي استطاعت شبكات التواصل الاجتماعي تحقيقها بعد ثورة يناير/كانون الثاني. وتتسق هذه النتائج مع تطور الأحداث في مصر بعد 30 يونيو/حزيران، واتساع دائرة اهتمام الشباب بالشأن الداخلي الذي ازداد تعقيدًا وتشابكًا على نحوٍ لم يكن متوقعًا؛ الأمر الذي لم يختلف كثيرًا عن الأنظمة السياسية التي سبقته، ومن ثم سادت حالة من الإحباط وعدم الرضا إزاء تراجع المتطلبات الأساسية بشأن القضاء على البطالة والفقر والمرض وتحسين الدخول، ومن المنطقي أن تتصدَّر هذه الحاجات أولويات الشباب الذي يحكمه القلق على المستقبل وتأمين حياة كريمة.

9. تأثيرات شبكات التواصل الاجتماعي في الشباب المصري

جدول رقم (10) يوضح تأثيرات شبكات التواصل الاجتماعي في الشباب المصري بعد ثورة يناير/كانون الثاني

 

تكشف نتائج الدراسة وجود تأثيرات لشبكات تواصل الاجتماعي في عيِّنة الدراسة، وقد تمثَّلت في التأثيرات المعرفية التي تتضمن العبارات أرقام (3.2.1)، والتأثيرات الوجدانية التي تتضمن العبارات (6.5.4)، والتأثيرات السلوكية التي تتضمن العبارات أرقام (9.8.7)، ويُلاحَظ من خلال بيانات الجدول رقم (10) ارتفاع نسبة التأثيرات السلوكية عن التأثيرات الأخرى؛ حيث جاء تأثير القيام ببعض النشاطات المضادة للأحزاب والقوى السياسية التي تخالف توجهات المبحوثين السياسية في مقدمة التأثيرات جميعها بمتوسط (2.2100)، ثم متغير مشاركة المبحوثين في بعض الأنشطة والفعاليات التي نظَّمها بعض الأحزاب والائتلافات والقوى السياسية في المركز الثاني بمتوسط (2.1500)، وأنها أسهمت في توعية محيطي الجماهيري بطبيعة الوضع السياسي في مصر بمتوسط (1.4050). أمَّا التأثيرات الوجدانية فقد ورد تأثير الشعور بالفخر للمشاركة في عملية التحول الديمقراطي في مصر بمتوسط (1.9290)، والشعور بالإحباط نظرًا لتفاقم الخلاف بين القوى السياسية بمتوسط (1.9100)، أمَّا الاعتقاد بفشل القوى السياسية في التوصل لحل يرضي جميع الأطراف فجاء بمتوسط (1.5199). وبالنسبة للتأثيرات المعرفية فقد جاء متغير "أصبحتُ أستطيع الحكم على مواقف مختلف الأحزاب والتيارات السياسية" بمتوسط قدره (1.94100)، و"أصبحتُ أكثر اقتناعًا بضرورة التوافق بين القوى السياسية" بمتوسط (1.89150)، و"جعلتني أكثر وعيًا بالأحداث السياسية" بمتوسط (1.18800).

ويلاحظ من خلال هذه النتائج أن التأثيرات السلوكية جاءت أكثر وضوحًا في إجابات المبحوثين، وهو ما يتفق مع الواقع المصري حيث تكثر الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها الأحزاب والقوى السياسية المختلفة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني بدءًا من المؤتمرات والمظاهرات وسائر الفعاليات المختلفة التي تطالب بإلغاء قانون التظاهر والإفراج عن المعتقلين من شباب الحركات الثورية؛ حيث أصبح بإمكانهم من خلال استخدام أدوات التواصل الاجتماعي أن يقوموا بنشر مطالبهم، وأن يدعوا الآخرين للانضمام للمظاهرات، وأن يحصلوا على مزيد من الدعم من شرائح أخرى عريضة في المجتمع وإشباع حاجات محددة في ظلِّ حالة من الإحباط العام لدى الشباب. لكن، وبعد 30 يونيو/حزيران تم تضييق الخناق على وسائل الإعلام المرئي والإلكتروني وملاحقة النشطاء السياسيين في الشوارع والميادين ودمج المعارضة في حركات وائتلافات تدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل قراراته، وربما يعكس ذلك مؤشرًا على انتشار ثقافة التردد والخوف بين الشباب بعد ثورة يناير/كانون الثاني وتفضيله عدم إبداء رأي صريح تجاه دوافع الاهتمام بالشأن العام عبر شبكات التواصل بعد أن سخَّرت وزارة الداخلية جهودها لملاحقة أصحاب الصفحات المناهضة للنظام الحاكم على شبكة الإنترنت، وأوجدت إدارة جديدة لأمن المعلومات.

استنتاجات

باتت الشبكات الاجتماعية جزءًا لا يتجزَّأ من منظومة الإعلام الجديد الذي يعتبر تلك المواقع بمثابة قنوات إعلامية مفتوحة لتبادل الآراء والمعلومات والأفكار بين الشباب؛ حيث استغل الكثير منهم تلك المواقع الاجتماعية من أجل دعم ومناصرة مطالب محددة كالعيش والحرية والمساواة والكرامة الإنسانية، وهو مالم يتحقق كلية بعد ثورة يناير/كانون الثاني وأحداث30 يونيو/حزيران، وعليه فقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج، أهمها:

  1. يستخدم الشباب المصري شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها إعلامًا بديلًا يتميز بالسرعة في نقل الوقائع والأحداث السياسية الجارية في مصر، ويوثِّق كل الأخبار بالوسائط المتعددة، ويُعد أكثر انفتاحًا على حرية الرأي والتعبير، ويعبِّر عن جميع فئات وشرائح المجتمع على الرغم من حالة الاستقطاب التي يواجهها، بينما تراجعت قيم الإعلام التقليدي لكونه إعلام رسميًّا حكوميًّا لا يعالج الموضوعات الشائكة والحساسة، ويفتقد إلى الكثير من الحيادية والمصداقية، ولم يُظهِر النظام الحالي حتى الآن الكثير من الاهتمام بجعل وسائل الإعلام الرسمية أكثر انفتاحًا وديمقراطية؛ إذ لا تزال في خدمة النظام السياسي الحاكم. 
  2. تفاوُت حجم تعرض الشباب المصري لشبكات التواصل الاجتماعي بعد ثورة يناير/كانون الثاني؛ حيث جاءت الشبكات الاجتماعية في المقدمة، ثم الصحف والمجلات، فالتليفزيون وأخيرًا الإذاعة، ويأتي ارتفاع حجم تعرض الشباب لشبكات التواصل الاجتماعي نظرًا لطبيعة الأحداث التي شهدتها مصر بين عامي 2011-2015، كما أن وسائل الإعلام الجديد استطاعت إعادة تشكيل خارطة العمل الاتصالي بما تحمله من خصائص، مثل: عالمية الانتشار وسرعة الوصول للمعلومات والتفاعل وتعدد الوسائط وقلة التكلفة، وهو ما جعل الشباب يستفيدون من كل الخدمات التي توفرها هذه الوسائط. 
  3. شكَّلت معرفة الأخبار والأحداث الجارية أهم دوافع التعرض لشبكات التواصل الاجتماعي، يليها كل من اكتساب خبرات جديدة، والحاجة إلى فهم الواقع السياسي على نحو أفضل، والتعرف على الطريقة التي يحل بها الأفراد مشاكلهم، ثم القضاء على الشعور بالوحدة ومعرفة معلومات عن الثورات العربية، والتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى، وهو ما يشير إلى أن الإصلاح المؤسَّسي المصري في معظمه يعتمد على الإرادة السياسية التي تبدو غائبة إلى حدٍّ كبير في الوقت الراهن، فلا يزال الإعلام الحكومي في خدمة النظام، أمَّا القنوات الفضائية الخاصة فهي تعكس وجهه نظر رجال الأعمال الذين يملكونها.
  4. يعتمد الشباب المصري على شبكات التواصل الاجتماعي لكونها وسيلة تؤكد على ديمقراطية الاتصال، كما أنها أوجدت إعلام المواطن، ووسيلة لتحقيق التفاعل مع الأحداث الجارية وتساعد على اكتساب خبرات جديدة، وأخيرًا لكونها لا تخضع للرقابة أو سيطرة الحكومات.
  5. اعتبر مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي أن الوضع السياسي المصري بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني شهد الكثير من الإخفاقات، منها: البعد عن أهداف الثورة، ثم عدم مشاركة المعارضة، وغلق منافذ الحريات، وتعقُّب جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، والسطو على أهداف الثورة، وأخيرًا الانفراد بالسلطة وتعطيل السلطة التشريعية، وهو ما يعني الإقصاء لتيارات سياسية تعمل بين الشباب وتقدم رؤية جديدة لمستقبل ما بعد الثورة. 
  6. يهتم الشباب المصري بإنتاج مضامين إعلامية تشمل كتابة التدوينات والتعليقات عن الأحداث الجارية، ثم المشاهدات اليومية ومتابعة مسارات ثورة 25 يناير/كانون الثاني، والتعليق على الثورات الأخرى، وأخيرًا التعبير عن توجهات السلطة بشأن الأحداث الجارية. ويمكن القول: إن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في خلق بيئة أكثر ثراءً من المعلومات فاقت تلك التي تقدمها وسائل الإعلام التقليدية، بل إن الأخيرة باتت تعتمد في تحديث أخبارها على ما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي من محتوى خبري، مما أوقعها في مأزق التحقق من المعلومات وتدقيقها، وعدم المصداقية في الكثير من أخبارها العاجلة.

_______________________________________
د. مجدي الداغر- أستاذ الإعلام بجامعة المنصورة، مصر.

الهوامش
1. Arab Social Media Report, Social Media in the Arab World, (July 2012), vol 2, No. 1.
http://www.arabsocialmediareport.com/UserManagement/PDF/ASMR%204%20final%20to%20post.pdf
2. الاقتصاد المصري في 2015، الهيئة العامة للاستعلامات.
http://ar.tradingeconomics.com/egypt/unemployment-rate
3. معدلات الفقر والبطالة في مصر بعد ثورة يناير/كانون الثاني، الهيئة العامة للاستعلامات.
http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles
* المحكِّمون للاستبيان: د. محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، د. شريف درويش، أستاذ تكنولوجيا الاتصال بكلية الإعلام جامعة القاهرة، د. فوزي عبد الغني، عميد كلية الإعلام جامعة فاروس، ووفق الملاحظات التي أبداها المحكِّمون تم إجراء التعديلات المطلوبة لتصبح الاستبانة صالحة للتطبيق الميداني.
4. Nah, Seungah, Saxton, Gregory, “Modeling the adoption and use of social media by nonprofit organizations”, New Media & Society.
http://arxiv.org/ftp/arxiv/papers/1208/1208.3394.pdf
5. David L. Swanson, “Gratification seeking Media Exposure and audience interpretations: some Directions for Research”, Journal of Broadcasting and electronic Media, 1987, vol 31, No. 3. P. 237- 245.
6. Katz, k., Blumler, J. G., Gurevitch, M., “Utilization of Mass Communication by the individual”, in Jay G. Blumler, Elihu Katz (eds.), The Uses of Mass Communication: Current perspectives on Gratifications Research, (Sage publications, USA, 1974), 3rd edition, p. 21-22.
7. Lawerence A.Wenner, “The Nature of New Gratification” In P. Palmgreen, L.A. Wenner, K.E. Rosengren, Media Gratifications Research: current Perspectives, (Beverly Hills, Sage, 1985), p. 171-193.
8. “Internet Penetration in Africa 2014 Q2”, Internetworldstats, 30 June 2014, (Visited on 20 June 2015):
http://www.internetworldstats.com/stats1.htm

نبذة عن الكاتب