العلاقات المدنية-العسكرية والتحول الديمقراطي في مصر: يوليو/تموز 1952-يوليو/تموز 2013

يبحث الكتاب، الذي صدر حديثًا عن مركز الجزيرة للدراسات، نمط العلاقات المدنية-العسكرية وتعقيداتها في التاريخ السياسي المعاصر لمصر، ويستقصي فرضية دخول مصر زمن "الجمهورية الثانية" ذات الحكم الديمقراطي المدني الراعية لحقوق الإنسان ولسيادة القانون في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
0a0094404de24e7a86db35dc38ba4367_18.jpg

يبحث الكتاب، الذي صدر حديثًا عن مركز الجزيرة للدراسات، نمط العلاقات المدنية-العسكرية وتعقيداتها في التاريخ السياسي المعاصر لمصر، ويستقصي فرضية دخول مصر زمن "الجمهورية الثانية" ذات الحكم الديمقراطي المدني الراعية لحقوق الإنسان ولسيادة القانون في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ثم إعلان البعض دخول مصر "الجمهورية الثالثة عقب انتخاب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسًا للجمهورية دون تقديم عرض واضح لما تغيَّر في الدولة المصرية حتى يمكن القول: إن عصر "الجمهورية الأولى" قد انتهى. ودون حسم العديد من الملفات والقضايا المحورية التي لابد من حسمها حتى يمكن إحداث تغيير حقيقي داخل النظام السياسي، وعلى رأس تلك القضايا: طبيعة "دور الدِّين" وطبيعة "دور المؤسسة العسكرية" داخل الدولة المصرية، وما لذلك من تأثير على الحالة الديمقراطية داخل الدولة. 

ويرى الدكتور عبد الله فيصل علام، مؤلِّف كتاب "العلاقات المدنية-العسكرية والتحول الديمقراطي في مصر: يوليو/تموز 1952-يوليو/تموز 2013"، أن أي تغيير في النظام السياسي، وأي تحول نحو أية صيغة أخرى للحكم، لا يمكن أن يحدث بمعزل عن مؤسسي الجمهورية الأولى التي قادها الضباط الأحرار، بعد قيامهم بالانقلاب على النظام الملكي الحاكم، وشَغَل العسكريون فيها المناصب السياسية العليا وصولًا لرئاسة الجمهورية التي ظلت حكرًا على العسكريين حتى قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. وفي أعقاب الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، التي اعتبرها الكثيرون نهاية للنظام وبداية لنظام جديد، أصبحت المؤسسة العسكرية هي المسؤولة عن عملية التحول المطلوبة نحو هذا النظام الجديد، وهو الأمر الذي يُمثِّل مفارقة كبيرة. وبعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي كان يشرف عليها المجلس العسكري، بانتهاء كافة استحقاقاتها، من انتخابات برلمانية ورئاسية وكتابة دستور جديد، وَجَد المصريون أنفسهم وقد ساءت أحوالهم، وأن انتهاء المرحلة الانتقالية ووجود مؤسسات سياسية منتخبة لم يحقق لهم ما كانوا يرغبون فيه، وهو ما دفع ملايين أخرى من الناس إلى النزول للشارع مرة أخرى مطالبين بإسقاط النظام السياسي الوليد، وهو ما أسفر عن استدعاء المؤسسة العسكرية مرة أخرى لكي تُطيح بالرئيس المنتخب، محمد مرسي، وأن تتم عملية بناء النظام السياسي من جديد. 

وقد كان تدخل الجيش في العملية السياسية وقيامه بعزل الرئيس، محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013، يعني بالنسبة للمؤلِّف أن المؤسسة العسكرية عادت لإدارة النظام السياسي مرة أخرى بعد أن تولَّت جماعة الإخوان المسلمين إدارته لمدة عام. وفي هذه الأجواء، تصاعدت الدعوات الشعبية والإعلامية المطالِبة بترشيح الفريق عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، لرئاسة الجمهورية؛ الأمر الذي أثار التساؤل حول المسار الذي سوف تسلكه عملية بناء النظام السياسي هذه المرة، وهل هذا يعني عودة السطوة للعسكريين على حساب المدنيين في العملية السياسية في مصر، وذلك بعد عامين ونصف من إسقاط الرئيس مبارك أحد أبناء المؤسسة العسكرية، واستكمال الجمهورية الأولى لمسيرتها، أم أن العسكريين هذه المرة سوف يقودون عملية تحوُّل نحو نظام سياسي جديد؟  

وفي تلك الأجواء، انتشر جدال واسع في مصر عن طبيعة الدور الذي ينبغي على المؤسسة العسكرية أن تؤديه داخل الدولة، البعض حدَّد هذا الدور بالدفاع عن الدولة ضد التهديدات الخارجية، وذلك على اعتبار أن الوظيفة الدفاعية تُشكِّل الوظيفة التقليدية والوحيدة للمؤسسة العسكرية، وأن أي دور آخر تقوم به المؤسسة العسكرية إنما يصب في غير صالح الديمقراطية. وفي المقابل، كان هناك فريق آخر يرى في المؤسسة العسكرية "العمود الفقري" للدولة المصرية، وأن تخطيها لحدود الدور الدفاعي إنما هو في صالح الدولة، وحفاظًا عليها من السقوط والانهيار.  

وسط هذا الجدال، والذي لا يزال مستمرًا في مختلف الأوساط المصرية، كان لابد من التحقق من ادِّعاءات كلا الفريقين، وذلك من خلال دراسة شَكْلِ التوازن الأفضل بين القوى المدنية والقوى العسكرية داخل الدولة، وطبيعة الأدوار التي تقوم بها المؤسسة العسكرية في الدول المختلفة، ومن ثم تحليل طبيعة العلاقات المدنية-العسكرية في مصر، وذلك للتعرف على مدى التوافق والاختلاف بين واقع تلك العلاقات في بلدان أخرى من العالم وبين ما هو واقع في مصر، وذلك من أجل بناء تصور عن المسار الذي يمكن أن تسلكه مصر في ظل تلك العلاقات القائمة من أجل تحقيق تحوُّل ديمقراطي حقيقي.  

وفي ضوء أبعاد المشكلة التي يعالجها الكتاب والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، يتكوَّن الكتاب من أربعة فصول رئيسة؛ حيث يمثِّل الفصل الأول مدخلًا نظريًّا للدراسة، ويتطرق إلى أهم نظريات العلاقات المدنية-العسكرية، ويحاول بناء تصور عن المحددات الرئيسة لتلك العلاقات داخل أية دولة، والتي تشمل: السيطرة المدنية، والأدوار غير التقليدية، والتدخل العسكري، وكيفية تأثير تلك المحددات على حالة التحول الديمقراطي للدولة. ويهتم الفصل الثاني بدراسة تطور العلاقات المدنية-العسكرية في مصر منذ حركة الضباط الأحرار، في 23 يوليو/تموز 1952، وسيطرة العسكريين على النظام السياسي بداية من الرئيس محمد نجيب والرئيس جمال عبد الناصر، مرورًا بالرئيس أنور السادات وصولًا إلى الرئيس حسني مبارك مع إظهار التباينات الرئيسة في إدارة العلاقات المدنية-العسكرية خلال كل مرحلة من تلك المراحل، والتي انتهت بقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011.  

أما الفصل الثالث، فيبدأ بدراسة العلاقات المدنية-العسكرية منذ بداية أحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011، ومع نزول قوات الجيش للشارع وتعاملها مع التحركات الأولى للجماهير حتى الإطاحة بنظام حسني مبارك، وتولي المجلس العسكري إدارة المرحلة الانتقالية لمدة عام ونصف تسلَّم بعدها الرئيس محمد مرسي الحكم. ويهتم هذا الفصل بالطريقة التي قام بها الرئيس مرسي كأول رئيس مدني في مصر بإدارة العلاقات المدنية-العسكرية. ويتناول الفصل الرابع العلاقات المدنية-العسكرية فيما بعد الثالث من يوليو/تموز 2013، وإزاحة الرئيس محمد مرسي عن السلطة، والدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية في هذه الإطاحة، والدخول في مرحلة انتقالية جديدة تولَّى فيها المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا في البلاد، رئاسة الدولة لفترة مؤقتة تم خلالها عقد انتخابات رئاسية خاضها المشير عبد الفتاح السيسي بعد تخليه عن وزارة الدفاع وشارك فيها حمدين صباحي، وينتهي هذا الفصل بدراسة النصف الأول من حكم الرئيس السيسي وتطور العلاقة بين العسكريين والمدنيين خلال تلك الفترة، التي شهدت انتخاب برلمان جديد في مطلع عام 2015.  

معلومات الكتاب

العنوان: العلاقات المدنية-العسكرية والتحول الديمقراطي في مصر: يوليو/تموز 1952-يوليو/تموز 2013

تأليف: عبد الله فيصل علام

الناشر: مركز الجزيرة للدراسات-الدار العربية للعلوم ناشرون

التاريخ: 2018