آفاق الشراكة الإستراتيجية بين أوروبا وأميركا اللاتينية

كان أبرز ما خرجت به القمة التي عقدت في شيلي الشهر الماضي بين رؤساء دول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي وأوروبا هو الإعلان عن بناء تحالف للتنمية المستدامة وتشجيع الشراكة الاستراتيجية، فأي تأثير جيوسياسي وجيواستراتيجي متوقع لهذا التحالف واسع المدى؟
201322074250267734_20.jpg
 

تمهيد

في يناير/كانون الثاني 2013 انعقدت في العاصمة الشيلية سانتياغو قمة جمعت رؤساء دول أميركا اللاتينية ودول البحر الكاريبي وأوروبا، في لقاء هو الأول من نوعه يضم زعماء هذه الأقاليم الثلاثة. وكان هدف اللقاء يتمثل في "بناء تحالف للتنمية المستدامة يستهدف تعزيز الاستثمار في رفع مستوى الجودة الاجتماعية والبيئية". وقد أتت هذه القمة تتويجا لست قمم سابقة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، والتي كانت تعقد كل سنتين تقريبا بدءا من عام 1999.

وبصفة عامة، كانت الأطراف المشاركة تؤكد على التزامها بتشجيع التعاون متعدد الأطراف، والمساواة بين كل الدول ذات السيادة، والدفاع عن حقوق الإنسان. وأدانت هذه الدول كل أشكال الإرهاب، كما أعربت عن التزامها الكامل بتطبيق الأجندات المتعلقة بحماية البيئة والمناخ. وفيما يتعلق بمستقبل التعاون الثنائي على المستوى الإقليمي، اتفقت الأطراف على استكشاف طرق دعم التعاون في المجالات المتعلقة بالسلام وعدم انتشار السلاح النووي، وخفض التسلح. وقد كانت كل هذه الجهود تمهيدا لإنجاح "مؤتمر تقييم مدى انتشار السلاح النووي عام 2015"، وتعبيرا عن تأييد هذه الدول لاتفاقية المراقبة القانونية لتجارة السلاح.

وقد رحبت الدول المشاركة في قمة سانتياغو بما تم إحرازه من تقدم مع الاتحاد الأوروبي على مستوى التعاون الفردي والثنائي مثل: "التوقيع بالأحرف الأولى على التطبيق المشروط لاتفاقية التجارة الحرة بالغة الأثر بين الاتحاد الأوروبي وكولومبيا وبيرو، وعلى التطبيق المشروط لاتفاقية الارتباط الشامل بين الاتحاد الأوروبي وأميركا الوسطى، واستمرار المفاوضات حول تأسيس "اتفاقية التعاون المشترك" بين الاتحاد الأوروبي واتفاقية "الميركوسور Mercosur (السوق الجنوبية المشتركة)، وتوسيع "الخطة التنفيذية المشتركة للشراكة الإستراتيجية"، والاتفاق على استكشاف خيارات التحديث الشامل "لاتفاقية الشراكة الاقتصادية والتنسيق والتعاون السياسي" بين الاتحاد الأوروبي والمكسيك، والقمة السادسة المقرر عقدها بين البرازيل والاتحاد الأوربي، وتعميق الشراكة الإستراتيجية التي تأسست في 2007، واستخلاص وتبني نتائج مفاوضات "إستراتيجية الشراكة الأوروبية/الكاريبية المشتركة"، وتأسيس "تسهيلات الاستثمار في الكاريبي" لتشجيع الاستثمارات في إقليم البحر الكاريبي(1)".

وبالإضافة إلى الممثلين السياسيين لكل دولة، شارك حوالي 300 من رجال الأعمال أيضا في القمة، مما يؤكد اهتمام هذا القطاع بسوق أميركا اللاتينية. وهناك عدة أسباب لهذا الاهتمام،  فالاتحاد الأوروبي يمثل ثاني أكبر شريك تجاري لأميركا اللاتينية، وأكبر مستثمر في الإقليم، حيث إن الاستثمار الأجنبي المباشر للاتحاد الأوروبي في الإقليم يعتبر أعلى منه في دول البريك BRIC الثلاث الأخرى مجتمعة (تضم المجموعة إضافة إلى البرازيل كلا من روسيا، الهند، والصين، والاسم مشتق من الأحرف اللاتينية الأولى لأسماء هذه الدول). وكذلك زاد حجم التجارة في السلع بين الاتحاد الأوروبي وهذا الإقليم على مدى العقد الماضي بنحو الضعف، وتمثل هذه التجارة مع دول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي نحو 6.5% من إجمالي تجارة الاتحاد الأوروبي العالمية(2).

وطبقا لتوقعات صندوق النقد الدولي لعام 2013، فإن الناتج المحلي الإجمالي في أميركا اللاتينية سينمو بنحو 3.6%، وهو ما يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويشارك في هذا الرأي أيضا بنك التنمية الأميركي، ويساهم في دعم تلك التوقعات أيضا عدد من المؤشرات التي ترجح وجود ديناميكية اقتصادية جيدة في الإقليم بالرغم من الأزمات الدولية. ومع ذلك، فإنه من الجدير بالذكر أن الوضع العام للإقليم لن يكون أفضل في 2013، وذلك بسبب توقعات بنمو متواضع للاقتصاد البرازيلي، مما يوضح التأثير الجوهري لهذه الدولة على الأداء العام للإقليم.

وبالرغم من المناخ الاقتصادي الملائم في هذا الإقليم بالنسبة للاتحاد الأوروبي، إلا أن ما استرعى الانتباه في هذه القمة هو عدم وجود جدول أعمال لكيفية تعزيز الشراكة ودعمها، فضلا عن الغياب الكامل للمواقف الواضحة المتعلقة بقضايا بعينها تمثل تحديا للنظام العالمي الراهن. ففي إعلان سانتياغو، كان البند العاشر فقط يرتبط بجدول الأعمال المشترك بين الاتحاد الأوروبي وهذا الإقليم، بالرغم من تأكيد الاهتمام العام بتشجيع التجارة والاستثمارات. وفي "خطة عمل 2013 - 2015"، تم إدراج عدة مجالات كأولويات عمل تتنوع بين العلم والتقنية إلى قضايا الجندر (النوع الاجتماعي). وكان الهدف الرئيس للخطة يتمثل في تحديد "الأدوات والأنشطة التي يجب أن تؤدي -إذا ما طبقت بصورة مناسبة- إلى نتائج ملموسة تضمن الدعم الفعال وبناء القدرات في مجالات رئيسة مختارة(3)".

ومع ذلك، فإن تباين الواقع وتنوع المصالح بين دول الإقليم فيما يتعلق بسياساتها المحلية وقدراتها الاقتصادية يقلل من احتمال ظهور اتفاقيات ومشروعات ملموسة من هذه الشراكة الجديدة. فعلى سبيل المثال، كانت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسوق ميركوسور في حالة خمول لفترة طويلة، حيث كانت تفتقر إلى أرضية مشتركة يمكن أن تنطلق منها المفاوضات، وفي هذه الحالة كان هناك أربع (خمس الآن) دول فقط من دول أميركا الجنوبية تجتهد في ضبط المسار ووضع جدول الأعمال. وحتى الآن، ومع بداية جولة جديدة للمفاوضات في 2013، فإن التكهن بتقدم الشراكة يكتنفه غموض كثير، رغم المواقف الإيجابية لرؤساء الدول. وبالنظر إلى وثائق هذه القمة، يبدو الاجتماع أقرب إلى مظلة لمجموعة من الاتفاقيات والحوارات المستمرة بين الاتحاد الأوروبي وبعض دول أميركا اللاتينية والكاريبي. وبهذا المعنى فإنها لا تقدم نتائج إستراتيجية ولا ثمارا لشراكة حقيقية.

إن الصعوبات التي تواجه المسار المستقبلي لإقليم أميركا اللاتينية والكاريبي تدعو إلى ضرورة البحث عن موقف أكثر تحديدا إذا كان الاتحاد الأوروبي يريد حقيقة أن يشجع الشراكة الإستراتيجية مع هذا الإقليم. وفي هذا السياق، يجب استكشاف الوضع الرائد للبرازيل كمحرك سياسي واقتصادي في هذا الإقليم.

والحجة التي نطرحها في هذا السياق تتمثل في أن تشجيع الشراكة الإستراتيجية مع أميركا اللاتينية والكاريبي يعني ضمنيا التركيز على أميركا الجنوبية بصفة عامة والبرازيل بصفة خاصة. وتبدو هذه الحجة متسقة مع الاتجاه الملموس للاتحاد الأوروبي نحو الإقليم، على نحو ما تدلل الشراكة الإستراتيجية الموقعة مع البرازيل في 2007.

ومن أجل التدليل على هذا الطرح يمكن الاستشهاد بأن أميركا الجنوبية تمثل 87% من مساحة إقليم أميركا اللاتينية والكاريبي، و68% من إجمالي سكانه، وتتلقى حوالي 54% من إجمالي الاستثمار العالمي الأجنبي المباشر في الإقليم. وتعتبر البرازيل أكبر دولة من حيث المساحة وعدد السكان بين دول الإقليم، وتحصل على 27% من إجمالي الاستثمار العالمي الأجنبي المباشر فيه. وهكذا، فإنها تمثل البوابة إلى كل من أميركا اللاتينية والجنوبية على السواء. وتعتبر البرازيل تاسع أكبر شريك تجاري مع الاتحاد الأوروبي في العالم، وأكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي في أميركا اللاتينية. ويمكن رؤية الفرق بين المكانة التي تحتلها البرازيل والشركاء الكبار الآخرون في أميركا اللاتينية بالنسبة للاتحاد الأوروبي من خلال جدول (1).

جدول (1) تجارة الاتحاد الأوروبي مع الشركاء الكبار في أميركا اللاتينية والكاريبي – عام 2011

الدولة

ترتيب الدولة في تقديم الواردات  إلى الاتحاد الأوربي

ترتيب الدولة في تلقي صادرات  الاتحاد الأوربي

ترتيب الدولة بين الشركاء الرئيسيين للاتحاد الأوربي

البرازيل

9

9

9

المكسيك

21

18

19

شيلي

30

34

33

الأرجنتين

32

32

32

كولومبيا

40

40

41

بيرو

42

- -

46

كوستاريكا

44

- -

- -

فنزويلا

50

41

47

المصدر: المفوضية الأوروبية

وفي المقابل، فإن الاتحاد الأوروبي يمثل الشريك التجاري الأول في العالم للبرازيل، وتتباين دول أميركا اللاتينية في الأهمية النسبية لتجارة البرازيل، وهو ما يعبر عنه جدول (2).

جدول (2) تجارة البرازيل مع الاتحاد الأوربي والشركاء الكبار في أميركا اللاتينية والكاريبي – عام 2011

الدولة

ترتيب الإقليم/الدولة في تقديم الواردات إلى البرازيل

ترتيب الإقليم/الدولة في تلقي الصادرات من البرازيل

ترتيب الإقليم/الدولة بين الشركاء الرئيسيين للبرازيل

الاتحاد الأوروبي

1

1

1

الأرجنتين

4

4

4

المكسيك

9

10

10

شيلي

10

6

7

بوليفيا

15

29

17

أوروجواي

21

22

20

كولومبيا

23

18

21

بيرو

24

20

23

فنزويلا

25

8

14

باراجواي

34

14

24

كوستاريكا

40

- -

48

إكوادور

- -

36

45

ترينيداد وتوباغو

44

42

43

أروبا

47

- -

- -

كوبا

- -

45

- -

جمهورية الدومينيكان

- -

48

- -

بنما

- -

50

- -

المصدر: المفوضية الأوروبية

نحو علاقة طويلة الأمد

من الناحية التاريخية، ترجع علاقات الاتحاد الأوروبي ودول أميركا اللاتينية إلى "نظام التفضيلات" المعمم منذ سبعينيات القرن العشرين، والذي يعطي أفضلية الشراكة مع دول بعينها. فمنذ ذلك الوقت، تزايد اهتمام الاتحاد الأوروبي بأميركا اللاتينية بسبب بشائر الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي في الإقليم. ومنذ تسعينيات القرن العشرين، ترسخت وتنامت علاقة الاتحاد الأوربي مع دول أميركا اللاتينية والكاريبي في عديد من الأصعدة، سواء على مستوى الأقاليم الفرعية أو مسيرة التكامل الاقتصادي في الإقليم التي مثلتها اتفاقات مثل اتفاقية ميركوسور أو تجمع دول الإنديز المعروف اختصارا باسم "كان CAN Comunidad Andin" (ويضم بوليفيا، كولومبيا، إكوادور، و بيرو). ومن الجدير بالذكر أنه حتى 2007، عندما وقَّع الاتحاد الأوروبي على الشراكة الإستراتيجية مع البرازيل، كانت جهود الاتحاد الأوروبي تهدف دائما إلى تشجيع الحوارات بين الإقليمية مع أميركا اللاتينية. وهكذا فإنه من الضروري أيضا أن نقيم بعض دوافع التغير في إستراتيجية الاتحاد الأوروبي تجاه هذا الإقليم.

أبعاد وحدود الشراكة الإستراتيجية

في أجندة السياسة الخارجية الحالية للاتحاد الأوروبي تبدو الشراكات الإستراتيجية كإطار واسع جدا من الاتفاقيات الثنائية ذات الأغراض المختلفة. ويتضح هذا من قائمة الدول التي تعتبر عادة بمثابة الشركاء التجاريين الكبار مع الاتحاد، وتشمل هذه القائمة: البرازيل، كندا، الصين، الهند، اليابان، المكسيك، روسيا، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، والولايات المتحدة. وربما يرتبط السبب في هذا الطيف الواسع من الشركاء بالأهداف المتصورة، إذ يبدو أن بعض هذه الشراكات -كتلك التي تمت مع البرازيل- يركز على البعد الإستراتيجي.

ولكن التغيرات المستمرة في النظام العالمي، والتداعيات المترتبة على إعادة توزيع خريطة القوى في العالم، تمثل تحديا للقوى الراسخة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فالاتحاد الذي كان عادة ما يتبنى سياسة خارجية تعتمد على الشراكة متعددة الأطراف، بدأ يعتمد في جدول أعماله منذ 2006  مبدأ العلاقة الثنائية بينه وبين أطراف أخرى محل اهتمام، وذلك في شكل شراكات إستراتيجية، لكي يفرض مكانه في النظام الجديد حديث التكوين. وفي هذا السيناريو، كانت الشراكات الإستراتيجية تكتسب معنى مميزا كطريقة ممكنة لدعم دور الاتحاد الأوروبي في صناعة النظام الجديد متعدد الأطراف الذي تقوده القوى الصاعدة. وكما قال رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروسو فإنه "في عالم اليوم تعتبر أوروبا شريكا لا غنى عنه للولايات المتحدة من أجل بناء عالم متعدد الأطراف يضم القوى الصاعدة"(4). ويدل بيانه على إدراك ذاتي للأهمية التي يوليها الاتحاد الأوروبي للقوى الصاعدة من ناحية، ومكانة الولايات المتحدة التي يجب أن تعترف بها القوى الصاعدة في هذه الشراكة من ناحية أخرى.

وتعكس رؤية خوسي مانويل باروسو ما يبدو أنه نظرة واقعية على المستقبل. وكما أعربت مؤسسة غولدمان ساش Goldman Sachs، فإن القوى الصاعدة تمثل الاقتصادات الكبرى الجديدة في العقود المقبلة. ففي 2050، ستكون الهند والصين والبرازيل وروسيا أول وثالث ورابع وخامس أكبر اقتصادات في العالم على التوالي. وينظر الاتحاد الأوربي إلى دول البريكس BRICS معا -والتي يشير حرف s الجديد بها إلى انضمام جنوب أفريقيا منذ عام 2011- بسبب تميزها الاقتصادي، ولأنها نظمت لنفسها جدول أعمال حول موضوعات الاهتمام المشترك التي تقوي وضعها السياسي الدولي. وسواء كان ذلك مصادفة أم لا، فإن كل دولة من البريكس تمثل القيادة الإقليمية في الفضاء الجغرافي الذي تقع فيه، أو أنها على الأقل من بين القادة الكبار في هذه الأقاليم، مما يجعلها من الشركاء الإستراتيجيين المحتملين لأية قوة أخرى لها مصالح في أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا. والسؤال الآن: من بوسعه تجاهل هذا الواقع الجديد؟ فالدول التي تحتل الآن قمة هرم السلطة في العالم، ولا تريد أن تفقد أهميتها في النظام الذي يتكون مع ظهور البريكس، لابد وأن تبحث عن شراكات مع هذه القوى الصاعدة، لا تهدف إلى تحقيق مكاسب مباشرة الآن، ولكنها تهدف إلى تحقيق مكاسب غير مباشرة، مثل ضمان ممارسة النفوذ. ويبدو أن هذا هو المسار الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي.

الشراكة الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والبرازيل

على هذا النحو، وفي ظل هذا السيناريو، تكونت الشراكة الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والبرازيل. ولا تهدف هذه الشراكة إلى معارضة العلاقات التاريخية للاتحاد الأوروبي تجاه أميركا اللاتينية ككل، ولكن من الواضح أنها اكتسبت معنى لم تكتسبه أية شراكة أخرى مع هذا الإقليم حتى الآن. وعلى خلاف جدول الأعمال المراوغ الذي يشكل وثائق شراكة الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية والكاريبي، كان للشراكة الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والبرازيل مواقف واضحة تجاه التحديات الرئيسة للنظام الدولي، ومشروعات ملموسة تتعلق بالعلم والتقنية، ومجتمع المعلومات والإعلام والتعاون التقني والمالي. وهناك حوارات ثنائية رفيعة المستوى في أكثر من 20 مجالا مختلفا ذات اهتمام مشترك، وبالطبع لا تزال التجارة تمثل العمود الفقري لهذه الشراكة.

ومن بين العلامات البارزة في هذه الشراكة الإستراتيجية ما تقوم به البرازيل من جهود لتكون وسيطا بين الدول المتقدمة والنامية؛ فالبرازيل تُعلي لأقصى حد من قيمة موقعها كدولة تبدو جسرا للعبور أو وسيطا للتفاهم والتسوية، وهي بهذا تجسد أهمية كبيرة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإقليم أميركا اللاتينية.

وبالنسبة للأجندة المشتركة بين الطرفين، فإن البرازيل -مثل الاتحاد الأوروبي- لها دور نشط في تشجيع العلاقات متعددة الأطراف، كما يتضح من وجودها في العديد من المحافل الدولية المختلفة. وكذلك فإن البرازيل تعتبر الدولة الوحيدة داخل مجموعة البريكس التي ليس لديها أسلحة نووية بالرغم من امتلاكها لدورة تخصيب يورانيوم كاملة. وهذا الموقف لا يؤكد فقط التزامها بعدم انتشار السلاح النووي، بل ويؤكد أيضا على نضوجها من حيث إدراك الفرق بين منافع الطاقة النووية ومخاطر الأسلحة النووية. وهكذا فإن سياستها الخارجية الحالية تعتمد تماما على أدوات القوة الناعمة والتي تتناغم مع التزام الاتحاد الأوروبي بالأمن الدولي والدفاع عن السلام.

خاتمة

ثمة جانب يجب التأكيد عليه يتعلق بالأهمية المحورية للشراكة الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والبرازيل، وهو الاهتمام المشترك بين الطرفين من أجل تعزيز تكامل أميركا الجنوبية، ومصلحة الطرفين المشتركة أيضا في ازدهار أميركا اللاتينية. وهذان الموضوعان على جانب كبير من الأهمية في جدول الأعمال المشترك بينهما. ولدى هذين الطرفين علاقات سياسية واقتصادية مع هذين الإقليمين. وكل منهما مهتم بشكل صريح بدعم تنمية أميركا الجنوبية وأميركا اللاتينية، وبالتالي بوسعهما العمل معا كشريكين إستراتيجيين في هذه العملية على المدى البعيد.
______________________________________
ماريانا كاربس - ماريانا كاربس Mariana Carpes، كاتبة برازيلية، زميل وباحث مساعد في "معهد أميركا اللاتينية" التابع "للمعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية".

المراجع
(1) Santiago Declaration 27 January 2013:
http://www.eeas.europa.eu/la/summits/docs/2013_santiago_summit_declaration_en.pdf
(2) European External Action Service: http://europa.eu/rapid/press-release_MEMO-13-15_en.htm
(3) Action Plan 2013-2015:
http://www.eeas.europa.eu/la/summits/docs/2013_santiago_summit_eu-celac_action_plan_en.pdf
(4) J.M. DuraoBarroso, speech on Post-Crisis: Leading a Global Role for Europe, Columbia University, New York, 21 September 2010.

نبذة عن الكاتب