تونس: تفاعلات مرحلة انتقالية في سياق إقليمي متغير

عرفت تونس تحسنا ملحوظا في الأوضاع الأمنية أثناء حكومة العريض. وهي في مرحلة انتقالية تواجه تحديات سياسية أهمها صياغة دستور توافقي، وأخرى اقتصادية لتحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، يأتي ذلك في سياق داخلي يتميز بالتجاذب السياسي. وسياق خارجي يتمثل في تأثير الحدث المصري على المشهد السياسي التونسي.
20137246124754734_20.jpg
عرفت تونس تحسنا ملحوظا في الأوضاع الأمنية أثناء حكومة العريض، وهي تواجه تحديات سياسية واقتصادية في سياق تجاذب داخلي ومناخ إقليمي متغير (رويترز)

تمثل حكومة السيد علي العريض الحكومة المؤقتة الخامسة بعد الثورة، وقد تشكّلت في ظروف معقدة سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا. بعد اغتيال المناضل اليساري شكري بلعيد واستقالة حكومة السيد حمادي الجبالي وعدم قدرة هذا الأخير على تشكيل حكومة "كفاءات وطنية"، نظرا لرفض حزب النهضة وحلفائه ذلك.(1) وبعد أن قبلت النهضة، صاحبة الأغلبية في المجلس التأسيسي، بتحقيق بعض شروط المعارضة كتحييد وزارات السيادة. (2) وتقليص عدد الوزراء عامة، والوزراء المتحزبين خاصة. لم يقدم السيد العريض برنامجا لحكومته، لكنه ألقى خطابا تضمّن أربع نقاط تعهد بتحقيقها خلال مرحلة لن تتجاوز تسعة أشهر كحد أقصى، وهي:

  • تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات قريبا.
  • بسط الأمن ومقاومة العنف.
  • النهوض بالاقتصاد ومقاومة ارتفاع الأسعار، والحفاظ على التوازنات المالية وإدخال إصلاحات جذرية على المنظومات المالية والنقدية.
  • مواصلة الإصلاح ومقاومة الفساد، وتفعيل العفو التشريعي العام، والنظر في ملف الشهداء والجرحى.

فما الذي حققته حكومة العريض بعد  نحو خمسة أشهر من تشكيلها، وما أبرز التحديات التي واجهتها؟

أداء حكومة العريض

لم تحقق حكومة العريّض الكثير. وأبرز ما حققته هو تحسن الأوضاع الأمنية بشكل كبير، وتقلّص مظاهر العنف، برغم عدم قدرة الحكومة على الكشف عن منفذي عملية اغتيال شكري بلعيد، والحسم مع مجموعة جبل الشعانبي المسلحة وامتداداتها. أمّا اقتصاديا وبالاستناد لتقارير المؤسسات الدولية، فقد تجاوزت تونس مرحلة الخطر. ورغم المشاكل التي مرت بها منذ عام 2010، فهي لا تزال قادرة نسبيا على جلب الاستثمارات الضخمة من أوروبا (في المقام الأول المملكة المتحدة) والشرق الأوسط أكثر من مصر أو المغرب. (3)

ويبدو أن ديناميكيةَ خلق الثروة مُطمئِنة، حسب نفس المصادر، ومن بوادرها انتعاش السياحة، حيث ارتفعت مؤشراتها بنسبة 3.4 بالمائة، إلى حدود 20 يونيو / حزيران 2013 مقارنة بسنة 2012.(4) ولا يخفي ذلك المشاكل التي يعانيها الاقتصاد التونسي عامة. ومنها تراجع احتياطي البلاد من العملة الأجنبية(5) وتفاقم عجز الميزان التجاري خلال الأشهر الخمسة من هذا العام، وارتفاع قيمة الديون (2.5 مليار يورو سنة 2013)، دون أن تكون قروضا منتجة، الأمر الذي سيكون له انعكاسات خطيرة مستقبلا. ورغم ذلك لا يبدي التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي تشاؤما من واقع البلاد ومستقبلها. لأن الأخطار التي تواجهها هي "أخطار طبيعية" نتيجة المرحلة الانتقالية والوضع الدولي الراهن.

موازاة لذلك لم يعرف الوضع الاجتماعي انفراجا، حيث ينهك غلاء المعيشة المواطن، بالإضافة إلى عجز الحكومة عن تقليص نسب البطالة لدى الشباب الحاملين للشهادات العليا خاصة. كما ظلت المناطق الداخلية مهمشة، إذ لم تتجاوز نسبة تنفيذ المشاريع التنموية بالجهات مثلا %11، رغم توفر التمويلات اللازمة، وهي نسبة لا تتماشى مع طموح المواطنين، خاصة بالجهات المحرومة.(6) كما لم تفلح الحكومة في تقليص حدة الاحتقان السياسي رغم الأسلوب الجديد الذي توخاه رئيسها، والمتمثل في اللقاء مع الأحزاب وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني. ورغم أن حكومة العريض لا تمثل مصدر هذا الاحتقان غير أن بمقدورها التقليص منه.

طبيعة المعركة الدستورية

تضمنت المسودة الثالثة للدستور التونسي، حسب بعض قوى المعارضة وبعض القوى الحليفة لحزب النهضة كحزب المؤتمر ورئيس الجمهورية المؤقت،(7) «ثغرات" و"مخاطر" قد تهدد مكتسبات حققها الشعب بعد الثورة.

على مستوى الشكل
تتجلّى المعركة الدستورية في رفض رئيس لجنة السلطة التشريعية والسلطة القضائية والعلاقة بينهما، السيد عمر الشتوي، (قيادي من حزب المؤتمر، أحد مكونات التحالف الثلاثي الحاكم) الدعوة لعقد اجتماع اللجنة، وذلك احتجاجا على نشر المسودة النهائية لمشروع الدستور على الموقع الإلكتروني للمجلس من دون تمكين اللجنة من نسخة أصلية. واتهام المعارضة لجنة التنسيق والصياغة، التي يرأسها رئيس المجلس السيد مصطفى بن جعفر، بتزوير مضمون أعمال اللجان التأسيسية، وتغيير مضامين الدستور. وهو ما يمثل مخالفة للفصل 104 من قانون النظام الداخلي للمجلس.

كما تتهم المعارضة المقرر العام للدستور بصياغة الباب العاشر وإضافته دون الرجوع إلى اللجنة (في مشروع الدستور الذي يهم الأحكام الانتقالية)،(8) مما دفع أكثر من ثلث أعضاء المجلس التأسيسي (70 نائبا) إلى رفض مشروع الدستور الذي تم الإعلان عنه يوم 30 يونيو /حزيران 2013 والتوجه إلى المحكمة الإدارية لرفع قضية ضد هيئة التنسيق والصياغة، بدعوى مخالفتها الفصل 104 من قانون النظام الداخلي للمجلس. وذلك بهدف إعادة مشروع الدستور إلى اللجان التأسيسية حتى تعيد صياغته.(9)

على مستوى المضمون
برزت ثلاث مسائل خلافية بين كتل المجلس التأسيسي:

  • تتمثل الأولى في كون الدولة مدنية أو دينية؟ وتعتقد المعارضة بما في ذلك جزء من نواب "حزب المؤتمر" في المجلس التأسيسي، إضافة إلى قطاع مهم من خبراء القانون الدستوري، أن مشروع الدستور يضم فصولا توحي بأن تونس ليست دولة مدنية. ويعتقد هؤلاء أن نواب "النهضة" قد  وضعوا في الفصل الأول من الدستور، الذي يشير إلى مدنية الدولة، "ألغاما وفخاخا" في التوطئة وصلب الدستور. من ذلك أنه ورد في الفقرة الثانية من التوطئة ما يلي "تأسيسا على ثوابت حقوق الإنسان ومقاصده" وهو ما يجعل الثوابت الإسلامية من وجهة نظرهم في درجة أعلى من الدستور الذي يفترض أن يكون أعلى مرجع قانوني.(10)
  • وتتمثل المسألة الخلافية الثانية في الحقوق والحريات، مثل الحقوق الاجتماعية التي تم تغييرها في الفصل 30. 
  • أما المسالة الخلافية الثالثة فتتمثّل في طبيعة النظام السياسي للبلاد. إذ تلاحظ المعارضة غياب التوازن بين رؤساء السلطة الثلاثة (رئيس المجلس التأسيسي ورئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة). ويشير أحد أهم خبراء القانون الدستوري إلى وجود ما يتعارض مع الحريات في مشروع الدستور، من ذلك ما يتعلق بمسألة الإيقاف التحفظي الذي لم يقع التنصيص على مدته، وتمّ ترك الأمر في ذلك إلى المشرّع المقبل.(11) كما لا يضمن مشروع الدستور تحييد دور العبادة، حيث تحدث أحد الفصول عن تحييد النشاط الحزبي في دور العبادة، ولم يتحدث عن النشاط السياسي. (12)

ولم تقتصر التحفظات حول مشروع الدستور على الداخل التونسي. بل طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش بإدراج حكم عام يجعل القانون التونسي يتضمن بشكل مباشر حقوق الإنسان، كما تُعرّفها المعاهدات الدولية.

كما طالبت المنظمة أن تكون هذه المعاهدات والقانون العرفي جزءًا من القانون وفقا للدستور الجديد. ويتعين على المجلس إضافة حكم قانوني ينصّ على أن الحقوق والحريات التي يحددها الدستور مُلزمة للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وكل مؤسسات الدولة. (13)

كما طالبت أن يتضمن الدستور تأكيدا على حرية الدين، وأن يشمل ذلك الحق تغيير الدين أو المعتقد.(14) كما انتقدت منظمة العفو الدولية، الشهر الماضي، نص مسودة الدستور، لأنه يمنح الدستور وضعا قانونيا أسمى من المعاهدات الدولية التي وقعت عليها تونس.

بالمقابل ترى حركة النهضة أن من ميزات هذا الدستور أنه يساوي بين المواطنين، ويرتكز جوهره حول مفهوم المواطنة التي تعني المساواة في الحقوق والواجبات. كما "يتضمن الدرجة الأعلى من الحقوق والحريات العامة والفردية. لذلك نسميه " دستور المواطنة والحقوق والحريات".(15)

قانون العزل السياسي وتداعياته

أثار قانون العزل السياسي المعروف باسم قانون "تحصين الثورة" الكثير من الجدل بين مختلف المكونات السياسية، وضاعف من التجاذب السياسي. ومن الغريب أن صاحب فكرة هذا القانون هو "حزب المؤتمر" الذي يعارض مؤسسه وأبرز قياديه هذا القانون.(16) كما يعارضه بعض القياديين من حزب  النهضة أيضا،(17) برغم تبني الحزب رسميا لمضمون القانون والعمل على تمريره في المجلس التأسيسي. وتمكن نواب أحزاب "النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" و"الوفاء للثورة "من تمرير مشروع هذا القانون بالمجلس الوطني التأسيسي مؤخرا، في انتظار تمريره ومناقشته بتفصيل في جلسة عامة ستعقد قريبا.

وتعتبر تلك الأحزاب أن عزل أصناف معينة من المنتمين سابقا لـ"حزب التجمع" المنحل، عن الممارسة السياسية ضروري لحماية المسار الديمقراطي، لذلك يرى بعض المختصين في القانون الدستوري أن هذا القانون "عمل سياسي، ولا علاقة له بالعدالة الانتقالية". وهدفه: "إبعاد المدانين والمتورطين في ممارسة القمع والتهميش" من الحياة السياسية. وذلك عبر منعهم من تحمل مسؤوليات سياسية.(18) في الوقت الذي يرى بعض الفاعلين السياسيين أن هدف حركة النهضة من القانون هو تحقيق مطلب شعبي ثوري، يمنع عودة منظومة ورموز الاستبداد إلى الحكم. لذلك فهي لا تسعى للانتقام.(19)

وتعتبر أحزاب المعارضة الأساسية مثل: (حزب نداء تونس والحزب الجمهوري والجبهة الشعبية) وحتى حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، حليف حزب النهضة، أنه قانون إقصاء سياسي، والعمل به خرق لمبدأ المساواة والمواطنة، واعتداء على صلاحيات القضاء وخرق للقانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.(20)

التداعيات المحتملة لتطبيق قانون العزل

لا يُخفي محللون مخاوفهم من احتمال أن يزيد قانون العزل التوتر في المشهد السياسي التونسي. ووصفه البعض بأنه "لغم" بسبب عرقلته للحوار الوطني وللتوافقات الحاصلة حول الدستور والقانون الانتخابي وهيئة الانتخابات. ويرى هؤلاء أن إقصاء فئات كبيرة(21) دون تمكينهم من حق الطعن في الادعاءات، ودون التفريق بين من أجرم بحقّ الشعب وبين من له علاقة بحزب التجمع المنحل يُعدّ جريمة. بالإضافة إلى خطورة تحويل المجلس التأسيسي إلى محكمة، مما قد  يزيد من الاستقطاب السياسي.(22)

كما يخشى أن يعيد هذا القانون، في حالة تطبيقه، إنتاج سلوك الإقصاء السياسي الذي كان يمارسه نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وبعده نظام زين العابدين ضد الحركة اليوسفية (نسبة للزعيم الوطني صالح بن يوسف الذي اختلف مع بورقيبة حول مسالة الاستقلال الداخلي وقضايا أخرى..)  وضد القوميين والإسلاميين. كما تعترض تطبيق هذا القانون صعوبات قانونية وإجرائية، أبرزها وضع آليات تطبيق له، لا تتناقض مع حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية.

استقالة الجنرال رشيد بن عمار

في خضمّ هذا الجدل جاءت استقالة الفريق أول رشيد بن عمار رئيس أركان الجيوش الثلاثة، وساهمت في إرباك الساحة السياسية، باعتبار توقيت الاستقالة، ولدور المؤسسة العسكرية في حماية الثورة، ثم التصدي للمجموعات العنيفة.

فتحت الاستقالة باب التأويلات على مصراعيه للبحث عن خلفياتها. حيث يصعب إرجاع السبب المباشر لتجاوز الفريق أول السنّ القانونية. وقد ردد كثيرون أن سبب الاستقالة هو "الانتقادات الكبيرة التي وجهت مؤخرا للمؤسسة العسكرية، ولكبار المسؤولين فيها على خلفية ما وصف بالفشل في التعامل مع أحداث الشعانبي". في حين يرى آخرون أن انسحاب الجنرال مناورة.

وبحديثه عن القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية في تونس، وعن عجز السياسيين في رسم خطة طريق ناجعة لإنقاذ البلاد من "صوملة" محتملة، يطرح بن عمار نفسه بديلا محتملا، للترشح للرئاسة.  ورغم ما يتمتع به من ثقة لدى السياسيين، ومن دعم شعبي كبير. فليس سهلا على التونسيين قبول شخصية عسكرية في الحكم مرة ثانية، بعد أن عانوا من حكم  جنرال في السابق.

تداعيات الحدث المصري

لا شك أن لأحداث مصر الأخيرة تداعياتٍ مختلفةً على الوضع السياسي بتونس. ففي حين ساهمت في مضاعفة منسوب الاحتقان السياسي، قرّبت وجهة نظر بعض أحزاب المعارضة من مواقف الائتلاف الحاكم، وقربت مواقف بعض أحزاب المعارضة في ما بينها من ناحية أخرى. ورغم تشابه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بين مصر وتونس، وتشابه المسارين الثوريين نسبيا، وصعود الإسلاميين إلى الحكم خلال الفترة الانتقالية. غير أن تجربة الإخوان المسلمين في مصر اختلفت عن تجربة حزب النهضة في تونس. ففي مصر انتخب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة، كما أنه يتمتع بصلاحيات واسعة. أما في تونس فصلاحيات الرئيس  محدودة، كما أن انتخابه تمّ عن طريق المجلس التأسيسي. 

وفي مصر انفرد الإخوان بالحكم لوحدهم دون إشراك الآخرين في حين حرص حزب "النهضة" على إشراك حلفاء "علمانيين" في السلطة. فرئيس الجمهورية المؤقت من حزب المؤتمر ورئيس المجلس التأسيسي من حزب التكتل، بينما رئيس الحكومة من النهضة.  كما تفاعل حزب النهضة إيجابيا مع الراهن السياسي. وعمل على تحقيق توافق وطني حول القضايا الكبرى، مثل التخلي عن التنصيص على حكم الشريعة، والتنازل عن طرح الحكم البرلماني، بالإضافة لاختلاف الدور التاريخي لجيشي البلدين.  فالجيش المصري طرف أساس بالمعادلة السياسية، خلافا للجيش التونسي. (23)

ولم يمنع ذلك من انعكاس الأحداث المصرية على الشأن الداخلي التونسي. خاصة على مستوى الخطاب السياسي لحد الآن على الأقل، برغم بروز حركة "تمرد" تونسية استلهمت تجربتها من التجربة المصرية، مع اختلاف الأهداف بينهما. فهدف جماعة "تمرّد" تونس ليس إسقاط الرئيس، بل "سحب الثقة من المجلس التأسيسي وكل السلط المنبثقة عنه". (24)

وقرّب الحدث المصري بين أحزاب وفرق بين أخرى: فاقترب موقف الحزب الجمهوري من موقف   حزبي النهضة والمؤتمر. وكان للنهضة موقف ضد عزل الرئيس المصري محمد مرسي.(25) حيث "كرس الانقلاب تقسيم المصريين، وأبرز مطالب جزء منهم على حساب جزء أخر خرج لدعم الرئيس المنتخب. مما يؤدي إلى التيئيس من الديمقراطية "(26)

وبموازاة ذلك قرب الحدث المصري بين مواقف بعض الأحزاب التونسية المعارضة التي كانت متنافرة (حركة نداء تونس والجبهة الشعبية) التي رحبت بعزل الرئيس مرسي، واستغلت هذا الحدث لتسويق خطاب سياسي تميّز بالتحريض. فطالبت "حركة نداء تونس"، بزعامة الباجي قائد السبسي بحلّ الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، بكفاءات وطنية.

ودعت إلى وضع خارطة طريق للانتخابات، وإحداث لجنة فنية لإصلاح مشروع الدستور، والإعلان عن حل رابطات حماية الثورة وإحالتهم على أنظار القضاء. كما أكد بيان الحركة على ضرورة تصحيح المسار الانتقالي، لعدم إمكانية استمرار الوضع الحالي. (27) أما الجبهة الشعبية (تحالف لأحزاب اليسار الماركسي والاجتماعي والقومي) فطالبت بحل المجلس الوطني التأسيسي، وتشكيل الهيئة البديلة التي ستتولّى استكمال صياغة الدستور. واعتبرت أن المجلس التأسيسي فقد شرعيّته بعد "أن استبدّت به حركة النهضة وحلفاؤها، وحادت به عن مهامه الأصليّة وحوّلته إلى وكر للتآمر على مكاسب الشّعب" من وجهة نظرها. كما دعت إلى "تشكيل حكومة إنقاذ وطني ذات برنامج مستعجل لحلّ الأزمة، تُشرف على الانتخابات القادمة".(28)

خاتمة

عرفت الأوضاع الأمنية في تونس تحسنا ملحوظا أثناء حكومة العريض، كما تجاوزت البلاد مرحلة الخطر الفعلي. غير أن الاستمرار في نفس الاختيارات الاقتصادية والتنموية السابقة التي أثبتت فشلها،  قد يضاعف المخاطر، إذا استمرت التجاذبات السياسة الحادة، وعجزت النخبة عن التوافق حول القضايا الخلافية في الدستور. لذلك يتعين اعتماد طرق أخرى لتحصين الثورة، أثبتت التجارب العالمية الراهنة جدواها مثل منظومة العدالة الانتقالية.
_____________________________
* أستاذ التاريخ المعاصر والراهن- جامعة منوبة تونس

المصادر
1- أساسا حزب المؤتمر من أجل الجمهورية
2- وزارات السيادة المعنية هي : وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة الخارجية بالإضافة إلى وزارة الدفاع التي حافظت على حيادها بعد الثورة
3- http://www.kapitalis.com, tunisie 3-7-2013 . Rapport de la Cnuced: La Tunisie n'est pas au bord du précipice.
4- وزير السياحة: السياحة في نسق تصاعدي ...1200 مليار مداخيل هذه السنة... 7 مليون سائح سيزورون تونس. ويؤمن هذا القطاع نحو 7% من إجمالي الناتج الداخلي، ويوظف 15% من اليد العاملة
http://www.almasdar.tn،28-6-2013
5- الشاذلي العياري يحذّر من تدنّي مستوى احتياطي العملة الصعبة
http://www.arrakmia.com،27-6-2013
6- محرز بوغانمي مدير متابعة البرامج الجهوية بوزارة التنمية لم تتجاوز نسبة تنفيذ المشاريع 11 بالمائة ،تونس في 2013http://www.assabah.com.tn  التنمية المستحيلة ،
7- أرسل رئيس الجمهورية المؤقت السيد محمد المنصف المرزوقي رسالة إلى نواب المجلس التأسيسي تضمنت ملاحظاته على مشروع  الدستور، وتقديم مجموعة من الاقتراحات التي يراها ضرورية لأن تُضمّن في الدستور. انظر نص الرسالة في: المغرب عدد مؤرخ في 3-7-2013ملاحظات المرزوقي على مشروع الدستور، المغرب في عدد 3-7-2013
8- ww.almasdar.tn ،4-7-20138--سمير بالطيب يكشف أبرز النقاط الخلافية في الدستور
9- www.almasdar.tn ،4-6-20139-خلاف حاد حول مشروع الدستور في المجلس التأسيسي
10- الخبير القانوني رافع بن عاشور: مشروع الدستور التونسي لا يضمن مدنية الدولة ويهدّد الحريات
www.almasdar.tn 6-5-2013
11- المرجع نفسه
12- المرجع نفسه
13- هيومن رايتس ووتش": مشروع الدستور التونسي يهدد حقوق الإنسان
www.almasdar.tn،2013/05/13
14- المرجع نفسه
15- حوار اليوم، عامر العريض" (رئيس المكتب السياسي لـ «النهضة»): سنحمي الشعب من أيّة « بلطجة» سياسية كانت أو مسلّحة،http://www.attounissia.com.tn ،10-6-2013
16- الشروق، تونس 1 يوليو/تموز 2013 حديث الرئيس المرزوقي مع «الصحفي» عياض بن عاشور: الحــوار «الفضيحـة»، ،اعتبر رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي أن طرح قانون تحصين الثورة تأخر كثيرا، وأنه كان من الأجدى معالجته  خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأولى بعد الثورة  قائلا" لقد تأخرت هذه القضية كثيرا، ولم تعد ذات معنى حسب رأيي"
17- من ذلك السيد لطفي زيتون الوزير السابق والقيادي في الحزب، تحاليل «الشروق»: الاعتذار أو اليد الممدودة لطي صفحة الماضي، الجمعة 21 ديسمبر/كانون أول 2012، ونائب رئيس الحركة الأستاذ عبد الفتاح مورو.
18- http://jid-tunisie.org  29-6-2013 -"-حلقة نقاش حول مشروع "قانون تحصين الثورة
19- المرجع نفسه
20- أحمد صواب قاضي بالمحكمة الإدارية "حلقة نقاش حول مشروع "قانون تحصين الثورة"
21- تقدّر أحزاب الاتحاد من أجل تونس(المعارضة) عدد من يشملهم هذا القانون بـ60 ألف تونسي تقريبا، أما رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة السيد عامر العريض فيذكر أن الذين سيشملهم هذا القانون لا يتجاوز عددهم 20 ألف تونسي
حول الرقم الأول أنظر:  الاتحاد من أجل تونس: قانون تحصين الثورة يهدّد البلاد باعتباره يشمل 60 ألف مواطن  http://www.arrakmia.com  ،تونس 26 -6-2013،
22- وحول الرقم الثاني انظر: عامر العريض: تحصين الثورة سيشمل التجمعيين، والعدالة الانتقالية ستشمل أعداء الهوية الإسلامية، http://ar.tunivisions.net ،تونس 28-6-2013
http://jid-tunisie.org،29-6-2013
23- تونس 29-6-2013، صادق عليه أمس المجلس التأسيسي: أي تأثير لـ«تحصين الثورة» على الحوار الوطني.
http://www.assabah.com.tn19
24- الخميـس 4 يوليو/تموز 2013 العدد 12637، راشد الغنوشي: بعض الشباب يمكن أن يحلم بأن ينقل ما يقع في مصر لتونس ولكن هذا إضاعة للجهود. http://www.aawsat.com
25- تونس 5-7-2013، طبول “التّمرّد” تدقّ في تونس http://jadal.tn
26- «أحمد نجيب الشابي»:ما حدث في مصر انقلاب عسكـري لا يمكن لأيّ ديمقراطي السّكوت عنـه http://www.attounissia.com.tn تونس 8-7-2013
27- تونس 5-7-2013، حركة نداء تونس تطالب بحلّ الحكومة الحالية http://www.assabah.com.tn
28- الجبهة الشعبية على خطى نداء تونس، تدعو إلى إسقاط ‘’التأسيسي’’ وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تونس- أفريكان مانجر،5-7-2013

نبذة عن الكاتب