العلاقات القطرية-التركية: اعتماد متبادل وفرص سانحة

تنمِّي قطر وتركيا علاقاتهما بشكل دائب وفي مجالات متعددة، تتراوح من الاقتصاد إلى السياسة الخارجية والدفاع، وستدفعهما الرؤية المشتركة للمخاطر والمصالح إلى الاستمرار على نفس النهج مستقبلًا.
807ecfd2d98348c8954fba0f5d860093_18.jpg
تميم وإردوغان: نظرة متماثلة للمصالح والتهديدات (الاناضول)

تمثل العلاقات القطرية-التركية تجربة مميزة في منطقة الشرق الأوسط برمتها، كونها حققت مكاسب معتبرة للجانبين وبلغت مدى كبيرًا في الدفع بعجلة التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي. هذه الديناميكية عززت من قوة البلدين على الصعيدين، الإقليمي والدولي، في الظروف الحساسة التي مرَّت بها المنطقة منذ 2011.

أهمية الدورة الخامسة للجنة الاستراتيجية القطرية-التركية وحصيلتها 

عُقدت الدورة الخامسة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية-التركية في الدوحة، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، برئاسة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. وناقش الزعيمان القضايا الإقليمية وكذلك العلاقات الثنائية. وللتذكير، فإن هذه اللجنة تأسست في ديسمبر/كانون الأول 2014. وخلال الاجتماعات الأربعة السابقة للجنة الاستراتيجية العليا، تم توقيع أكثر من 45 اتفاقية في مختلف المجالات (1). وتجدر الإشارة إلى أن اجتماعات اللجنة كانت تُعقد دائمًا وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه، مع وجود وفود مهمة من الجانبين، وعادة ما يتم توقيع اتفاقيات مهمة نتيجة لذلك.

وُقِّع البيان المشترك للاجتماع الخامس للجنة الاستراتيجية العليا القطرية-التركية بين وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ونظيره التركي، مولود جاويش أوغلو(2). وتم توقيع سبع اتفاقيات في مجالات الاقتصاد، والتمدن، والتجارة، والصناعة، والتكنولوجيا، وقطاعات الصحة، فضلًا عن التخطيط الاستراتيجي والتعاون العلمي والملكية الفكرية (3). وستعمل هذه الاتفاقيات على تعزيز العلاقات الثنائية، وإثراء العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين البلدين.

ويقع في صميم اجتماعات اللجنة الاستراتيجية العليا القطرية-التركية تحفيز التبادلات الاقتصادية. ويحرص الجانبان على تعميق العلاقات الاقتصادية. وتأتي معالجة الأداء الاقتصادي على رأس جدول الأعمال الوطني بالنسبة للجانب التركي، خاصة في أعقاب الاضطرابات المالية الصعبة منذ النصف الثاني من عام 2018 التي تمثلت في مضاربات العملات من قبل مستثمرين خارجيين إلى جانب الضغوط السياسية الأميركية، بما في ذلك فرض الرسوم الجمركية والعقوبات التي أدت إلى انخفاض كبير في قيمة الليرة التركية، التي فقدت حوالي 35? من قيمتها مقابل الدولار الأميركي خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2018(4). وقد اتخذت الحكومة التركية منذ ذلك الحين سلسلة من الإجراءات كان لها أثر إيجابي وترتب عليها عودة الاقتصاد التركي إلى مجراه الطبيعي (5).

كان لقطر دور معتبر خلال أزمة العملة التركية؛ ففي 15 أغسطس/آب 2018، زار أمير قطر تركيا والتقى بالرئيس أردوغان ووعد بتقديم المساعدة المالية لبلاده. وتعهدت قطر بتقديم مجموعة من المشروعات الاقتصادية والاستثمارات والودائع بقيمة إجمالية قدرها 15 مليار دولار (6) بالإضافة إلى خط ائتمان بقيمة 3 مليارات دولار (7) لدعم الاقتصاد التركي. لم تستلم أنقرة سوى جزء من هذه الحزمة (8)، وقد أُشير لاحقًا بعد انعقاد اللجنة الاستراتيجية العليا القطرية-التركية الخامسة إلى أن 7 مليارات دولار من الاستثمارات القطرية في طريقها إلى تركيا (9).

ويعد هذا التعاون الاقتصادي إيجابيًّا لكلا الطرفين؛ حيث ارتفعت صادرات تركيا إلى قطر إلى 1.1 مليار دولار في عام 2018 من 650 مليون دولار في العام السابق، وهو ما يمثِّل زيادة سنوية قدرها 69?. ومن ناحية أخرى، ارتفعت صادرات قطر إلى تركيا بنسبة 27%، من 264 مليون دولار إلى 335 مليون دولار. وتسهم الشركات التركية في الاقتصاد القطري، وخاصة في مجال البناء والبنية التحتية، حيث يقدر حجم استثمارات هذه الشركات في قطر بحوالي 17 مليار دولار، وتستعد هذه الشركات لتعزيز وجودها تحسبًا لكأس العالم 2022 لكرة القدم (10). وبالمثل، تعد قطر واحدة من أهم المستثمرين في تركيا، حيث بلغت استثماراتها 22 مليار دولار (11)، وتجاوز حجم التجارة بين البلدين ملياري دولار، حيث تركز الاستثمارات القطرية بشكل خاص على القطاع المصرفي التركي، والطاقة، والتصنيع، والسياحة، والعقارات، والزراعة، بالإضافة إلى الصناعات العسكرية. كما ارتفع عدد السياح القطريين إلى تركيا إلى 970.000 في عام 2018، ومن المتوقع أن يزداد في عام 2019 بنسبة 30% (12).

كما كان الاجتماع مهمًّا للغاية في تعزيز مجالات التعاون العسكري والتصنيع الدفاعي؛ ففي سياق التعاون العسكري الثنائي بين البلدين، قام الرئيس أردوغان أيضًا بزيارة المنشأة المكتملة حديثًا للقاعدة العسكرية التركية (13) التي تخضع لسيطرة القيادة المشتركة القطرية-التركية، ويمكن أن تستضيف ما يصل إلى 5000 جندي إذا لزم الأمر. تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه تم توقيع اتفاقية، في مارس/آذار 2019، بين تركيا وقطر لشراء أول دبابة قتال رئيسة محلية الصنع المسماة "ألتاي"، التي تُعد بمنزلة دبابة "متقدمة من الجيل الثالث" ومجهزة بأحدث التقنيات القادرة على شنِّ حروب القرن الحادي والعشرين. وقد وافقت قطر على شراء ما يصل إلى 100 دبابة من تركيا، وسيتم تسليم 40 منها في غضون 18 شهرًا. ويشمل العقد الإنتاج والدعم اللوجستي لـــــــ 250 دبابة في المجموع.

سياق التعاون الاستراتيجي القطري-التركي

وبشكل عام، يعد الاجتماع الخامس للجنة الاستراتيجية العليا القطرية-التركية؛ علامة فارقة أخرى مهمة في العلاقات بين البلدين، حيث إن مسار العلاقة أخذ منحى تصاعديًّا منذ عام 2002. ومن وجهة النظر التركية، كان هذا بسبب عاملين أساسيين: أولًا: الأجندة السياسية لحزب العدالة والتنمية، والذي جاء إلى السلطة من خلال برنامج تحويلي على الصعيدين السياسي والاقتصادي بالإضافة إلى الإصلاحات التي تم إجراؤها على المستوى الوطني. وقد غيَّر حزب العدالة والتنمية رؤيته المتعلقة بالسياسة الخارجية؛ فعلى النقيض من سياسة "التوجه إلى الغرب"، التي تم ترسيخها خلال الحقبة الكمالية، حيث تجاهلت تركيا الشرق الأوسط لعقود من الزمن (14)، سعى حزب العدالة والتنمية إلى إعادة تشكيل سياسته الخارجية وإعادة التوازن إليها، وأسهم التغيير اللاحق في العلاقات المدنية-العسكرية وتحييد التدخل الكبير للجيش في السياسة في إعادة توازن السياسة الخارجية التركية بشكل كبير، وعكس مسار السياسة المتَّبعة سابقًا (15).

جاءت إعادة تقويم السياسة الخارجية لتركيا في وقت كان فيه الشرق الأوسط عمومًا، ومنطقة الخليج خصوصًا، تترقب بقلق التغيير الكبير الذي أثَّر على المنطقة في أعقاب غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003. وقد ملأت فراغ السلطة في العراق قوى موالية لإيران، وكذلك القوى السياسية الكردية في شمال العراق. لذلك، كان لدول الخليج وتركيا مصلحة متبادلة في تطوير العلاقات وتعزيز تعاونهما في مواجهة هذه التغييرات الجذرية (16).

وأما العامل الثاني فهو ذو طبيعة اقتصادية. وقد تم تيسير صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة جزئيًّا، من خلال ما يسمى "نمور الأناضول"، ويُستخدم هذا المصطلح لوصف رجال الأعمال والصناعيين الذين يتخذون من الأناضول مقرًّا لهم في تركيا، والذين استفادوا من تحول الاقتصاد (17). وتميل منطقة الأناضول إلى كونها ذات عدد أكبر من السكان المحافظين، الذين يصوِّتون بشكل عام لحزب العدالة والتنمية. ومع استمرار الاقتصاد المزدهر في الفترة الممتدة حتى عام 2018، كانت هذه الفئة من التجار تبحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها، وبالتالي كانوا حريصين على تفعيل العلاقة التجارية مع منطقة الشرق الأوسط (18)، وكان الرئيس أردوغان قد أعرب، في عام 2003، عن عزمه على متابعة "سياسات داعمة للتجار"(19).

ازدادت أهمية الشرق الأوسط في أجندة السياسة الخارجية لتركيا بشكل تصاعدي. وكان من بين أبرز التطورات في هذا السياق: العلاقات القطرية-التركية. حيث تمت الزيارات رفيعة المستوى خلال العقدين الماضيين، وزادت التبادلات الاقتصادية في مجالات مختلفة مثل قطاع الطاقة (20). بالإضافة إلى ذلك، كانت مواقف كلتا الدولتين متماثلة في أدوار الوساطة المختلفة التي اضطلعوا بها، مثل جهودهما المشتركة لدرء الصراع بين إسرائيل وسوريا في عام 2008 (21)، أو محاولتهما لتقليل التوجه الطائفي للسياسة العراقية في عام 2010.

مع بدء الانتفاضات العربية في المنطقة من عام 2011 فصاعدًا، سعت كل من تركيا وقطر إلى تحقيق التوازن في المنطقة، في حين أدركت الدولتان أنه من الضروري "القيام بأدوار إقليمية جديدة"(22). نتيجة لذلك، حاولت كلتا الدولتين في المراحل المبكرة تقديم وساطتهما بطرق مختلفة، سواء في البحرين أم ليبيا أم سوريا أم اليمن. ومع ذلك، في معظم الحالات، لم تنجح هذه الجهود بسبب المقاومة الشديدة للتغيير من الأنظمة القائمة. وبالتالي، دعمت كل من تركيا وقطر المطالب الشعبية (23). من ناحية أخرى، اضطلعت بعض القوى الإقليمية الأخرى بدور مناوئ لقوى التغيير وشرعتا في تنفيذ برنامج واسع مضاد للتغيير يهدف إلى حرمان الانتفاضات الشعبية من أي نجاح سياسي طويل الأمد. ونتيجة لذلك، دعمت هذه القوى كل من يعادي "الربيع العربي"، مما حول المظاهرات السلمية إلى حروب أهلية وطائفية، كما حدث في ليبيا وسوريا واليمن.

دفعت مثل هذه الحالة تركيا وقطر إلى تبني مواقف متجانسة مع سياستيهما الخارجية. وبالتالي، فقد أدان الطرفان انقلاب مصر، عام 2013، الذي قاده السيسي (24). وفي سوريا، حاول الجانبان التوسط بين النظام والمعارضة دون جدوى. ومع تصاعد العنف في كل هذه المواقع، قدمت كل من تركيا وقطر للسوريين مساعدات سياسية ودبلوماسية وإنسانية ولوجيستيكية. فتحت تركيا حدودها للاجئين السوريين، خاصة بعد استخدام الأسلحة الكيماوية (25)، وأطلقت بعد ذلك أنقرة ثلاث عمليات كبرى لتأمين حدودها من الحركات التي تصنفها إرهابية.

في مواجهة هذه البيئة الجيوسياسية العدائية، عززت تركيا وقطر علاقاتهما؛ حيث جرت مناقشات لإقامة شراكة استراتيجية بين الجانبين في ديسمبر/كانون الأول 2014. وبعد عام، في ديسمبر/كانون الأول 2015، التقى الرئيس أردوغان وأمير قطر في دولة قطر في أول لجنة استراتيجية عليا بين تركيا وقطر. وكان هذا الاجتماع حاسمًا، ومهد الطريق لتوثيق العلاقات بين جيشي البلدين، ويشمل ذلك التدريب العسكري: الصناعات الدفاعية، والتدريبات المشتركة، ونشر القوات العسكرية بين البلدين عند الضرورة (26)، وكذلك إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر (27). تمنح القاعدة تركيا مكانة مماثلة لفرنسا والولايات المتحدة في أمن الخليج. وأكد تحليل من معهد واشنطن أن "خطوة تركيا في قطر ستجعل أنقرة أكثر قيمة لشركائها العرب، ولحليف أميركي يميل على ما يبدو لتقاسم عبء الأمن الخليجي. كما ستعزز القاعدة الجديدة استقلالية دولة قطر"(28) تجاه القوى الإقليمية.

بعد ذلك، أصبح البلدان مستهدفيْن من قبل المحور المعادي للتغيير. في عام 2016، تم تمويل الانقلاب الفاشل ضد القيادة التركية (29)، وكان أمير قطر من أوائل القادة الأجانب الذين اتصلوا بالرئيس أردوغان وأكدوا رفض أية محاولة لزعزعة الاستقرار في تركيا. وفي عام 2017، تم فرض حصار على قطر من قبل مجموعة من الدول (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر). جاء الرد التركي كذلك حاسمًا؛ عندما أصدرت اللجنة الرباعية المناهضة لقطر إنذارًا بــــــــ 13 طلبًا شملت إغلاق القاعدة التركية، صرَّح وزير الدفاع التركي على الفور بأن تركيا لن تغلق القاعدة العسكرية التركية في قطر، وأضاف: "القاعدة في قطر قاعدة تركية من شأنها الحفاظ على أمن قطر والمنطقة"(30). وفي 7 يونيو/حزيران 2017، وعلى وجه السرعة، وافق البرلمان التركي على تشريع يسمح بنشر القوات التركية في القاعدة العسكرية التركية في قطر (31). ولم يقتصر الرد التركي على التعاون العسكري بل امتد ليشمل شُحنات الغذاء والماء والأدوية عن طريق الشحن الجوي والبحري. كما وعدت الحكومة التركية أيضًا بتوفير ما يلزم من مواد لبناء مشاريع كأس العالم 2022(32) . وفي عام 2018، عندما أصبحت عملة تركيا هدفًا لهجمات المضاربين، وقفت قطر إلى جانب تركيا.

ما هي آفاق هذا التعاون الاستراتيجي؟

يرى العديد من المراقبين أن الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وقطر لها مقومات الاستمرار والنمو، فقد طور قادة البلدين تعاونًا قويًّا على أعلى مستوى من عملية صنع القرار في البلدين. وباعتبار أن الرئيس أردوغان والشيخ تميم التقيا 26 مرة على مدى 5 سنوات، فإن هذا يكشف عن عمق الرابطة بين الطرفين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجانبين يحتاجان إلى بعضهما البعض، خاصة بالنظر إلى المنعطف الدولي الحالي ذي الانسيابية الكبيرة. فتركيا تواجه العديد من الملفات الساخنة في الشرق الأوسط، وليس أقلها الملف السوري، كما أن الدوحة تواجه أيضًا بيئة معقدة في الخليج لتصفية ملف الحصار وكذلك الاستقطاب السعودي-الإيراني.

وحتى باعتبار التطورات الأخيرة التي تدل على تحركات لإصلاح العلاقة بين قطر والمملكة العربية السعودية، فمن غير المحتمل أن يعيق ذلك نمو العلاقات القطرية-التركية. فالقيادة التركية تدرك مصلحة قطر في القبول بتطبيع علاقاتها مع جيرانها. وللتذكير، فإن أنقرة سعت إلى الاصلاح بين القيادتين السعودية والقطرية عند بداية الأزمة الخليجية، لكنها وُوجهت برد فاتر من الرياض حينها. كما أن التصريحات الأخيرة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال زيارته للدوحة، التي دعا خلالها إلى إنهاء الأزمة الخليجية "في أسرع وقت"، تعد دفعًا إيجابيًّا لأجواء الانفراج في خلاف قطر مع المملكة العربية السعودية وحلفائها.

وتطمح القيادة التركية إلى ترسيخ العلاقات الاقتصادية مع الدوحة بشكل أعمق. من المؤكد أن الجانب التركي يتطلع إلى الحصول على جهد استثماري أكثر ديناميكية ومستويات أعلى للتبادل التجاري، والتي لا تزال دون الفرص المتاحة. إذ حتى بعد الارتفاع الأخير الذي حققه التعاون التركي-القطري، فإن قطر تحتل المرتبة 39 بين المشترين للسلع التركية دوليًّا. أما فما يخص الاستثمارات، وعلى سبيل المقارنة، فإن استثمارات قطر في روسيا قد وصلت إلى 13 مليار في 2019 على الرغم من اختلاف الطرفين حول العديد من الملفات (33). كما أعلنت هيئة قطر للاستثمار، في يناير/كانون الثاني 2019، أنها تهدف إلى زيادة الاستثمارات في الولايات المتحدة إلى 45 مليار دولار في العامين المقبلين (34)، على الرغم من الدور الملتبس لإدارة ترامب خلال الحصار الذي تم فرضه على قطر.

وبينما تستعد منطقة الخليج لجهود رأب الصدع بين الجيران، فإن الموقف الحالي لقطر يعد الأفضل خليجيًّا في ظل ازدهار اقتصادي واستقرار استراتيجي على عكس دول الحصار؛ إذ تشير التقديرات إلى أن الحرب اليمنية كلفت الدولتين الرئيسيتين في محور الحصار مليارات الدولارات شهريًّا، بالإضافة إلى مشتريات الأسلحة القياسية، وفوق ذلك أفول المبادرات الاقتصادية الرامية إلى زيادة الدخل من الاستثمارات والخصخصة، علاوة على أن تقارير صحفية تحدثت عن تراجع دبي كمركز مالي دولي. كل هذا يحدث في ظل تراجع أسعار النفط وتباطؤ حركة التجارة الدولية عمومًا عقب الحروب التجارية التي شنَّتها إدارة ترامب، وما ترتب على ذلك من ضعف الاستهلاك العالمي. هذا ما يجعل دول الحصار في حاجة أكبر للصلح ولملمة الأمور. ومن ثم، فإن الدوحة في موقف تفاوضي قوي، يجعلها ترفع سقف شراكاتها الاستراتيجية التي وفرت لها حبل السلامة خلال أزمة كادت تخرج عن السيطرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*طارق الشرقاوي، مدير مركز البحوث في تي. آر. تي. العالمية.

نبذة عن الكاتب

مراجع
(1)للمزيد من التفاصيل: Many pacts 'to be signed' at Qatar-Turkey high-level committee meeting Monday ; QNA, November 25 2019. (accessed 11 Dec 2019).
(2)أطلس، مريم إيليادة، "7 اتفاقيات جديدة لتوطيد العلاقات القوية بالفعل بين أنقرة والدوحة"، صحيفة الصباح، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://www.dailysabah.com/economy/2019/11/25/7-new-agreements-to-cement-already-strong-ankara-doha-ties 
(3)قبلان، أنس، "تركيا وقطر توقعان 7 اتفاقيات لتعزيز العلاقات"، وكالة الأناضول للأنباء، (تاريخ الدخول: 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2019):
(4)تراك، ناتاشا، "الليرة التركية تغوص مرة أخرى في الوقت الذي يخيف فيه البنك المركزي المستثمرين بشأن خطط أسعار الفائدة"، شبكة سي إن بي سي، 25 أبريل/نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://www.cnbc.com/2019/04/25/turkeys-lira-dives-as-central-bank-drops-hawkish-interest-rate-pledge.html 
(5)  للمزيد من التفاصيل: OECD lifts growth forecasts for Turkey، Hürriyet Daily News ، November 21, 2019. (Accessed 11 Dec 2019).
(5) صحيفة الغارديان، “الليرة التركية ترتفع حيث تستثمر قطر 15 مليار دولار، لكن الأسواق تتراجع"، 15 أغسطس/آب 2018، (تاريخ الدخول: 28-نوفمبر/ تشرين الثاني 2019):
(7)كوركولاس، قسنطين، " أزمة الليرة: تأتي قطر في عملية إنقاذ حيث تهدف تركيا إلى تجنب المحنة المالية"، بيزنس ستندارد، 21 أغسطس/آب 2018، (تاريخ الدخول: 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019):
(8)كنيشت، إيريك، "ازدهار التجارة بين قطر وتركيا لتصل إلى ملياري دولار لعام 2018 مع استمرار الصدع الخليجي"، وكالة رويترز للأنباء، 17 يناير/كانون الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019):
(9)للمزيد من التفاصيل:Another $7 billion of Qatari investments to flow into Turkey، DAILY SABAH WITH AA
(Accessed 11 Dec 2019).، March 12 2019 
(10)أوراس، أوموت، الرئيس التركي أردوغان يلتقي أمير دولة قطر لمناقشة القضايا الإقليمية، موقع الجزيرة نت، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 27-نوفمبر/ تشرين الثاني 2019):
(11)نفس المصدر.
(12)للمزيد من التفاصيل: Many pacts 'to be signed' at Qatar-Turkey high-level committee meeting Monday، QNA، November 25 2019. (Accessed 11 Dec 2019).
(13)للمزيد من التفاصيل: Turkey completes construction of new military post in Qatar, Erdo?an says، DAILY SABAH WITH AA، November 25, 2019. (Accessed 11 Dec 2019).
(14) تاشبينار، عمر، "سياسات تركيا في الشرق الأوسط: بين العثمانية الجديدة والأتاتوركية"، أوراق مؤسسة كارنيجي، رقم 10 (سبتمبر/أيلول 2008). (تاريخ الدخول: 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019):  https://carnegieendowment.org/files/cmec10_taspinar_final.pdf 
(15)بوجرا كانات، كيليش، "السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية: هل تبتعد تركيا عن الغرب؟"، مجلة إنسايت تركيا (2010)، المجلد 12، العدد 1، ص 205-225. 
(16)ألتنيشيك، مليحة، ومارتين، لينور، "محاولة فهم السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط في ظل حزب العدالة والتنمية"، مجلة الدراسات التركية (2011)، المجلد 12، العدد 4، ص 569-587.
(17)كيريسي، كمال وكابتانوغلو، نسليهان، "سياسات التجارة والسياسة الخارجية التركية"، دراسات الشرق الأوسط (2011)، المجلد 47، العدد 5، ص 705-724. 
(18)ألتنيشيك ومارتين "محاولة فهم السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط في ظل حزب العدالة والتنمية".
(19)للمزيد من التفاصيل: Erdo?an: Biz tüccar siyaset yapaca??z، Hürriyet، March 30, 2003. (accessed 11 Dec 2019).
(20)كارداش، صابان، "تركيا تسعى إلى شراكة أوثق في مجال الطاقة والغاز الطبيعي المسال مع قطر"، أوراسيا ديلي مونيتور (2009) ، المجلد 6، العدد 158، (تاريخ الدخول: 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://jamestown.org/program/turkey-seeks-closer-energy-partnership-and-lng-contract-with-qatar/ 
(21)"سوريا تطلق محادثات مباشرة مع إسرائيل"، سي. إن. إن، (تاريخ الدخول: 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://edition.cnn.com/2008/WORLD/meast/09/04/syria.israel.talks/index.html  
(22)صلوخ، باسل، "الانتفاضات العربية والجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط"، مجلة المشاهد الدولي (2013)، المجلة 48، العدد 2، ص 32 -46.
(23)أكبينار، بينار، "الوساطة كأداة للسياسة الخارجية في الربيع العربي: تركيا وقطر وإيران"، مجلة دراسات البلقان والشرق الأدنى (2015)، المجلة 17، العدد 3، ص 252-268.
(24)هارون أوغلو، شيتين أوغلو، "شراكة تركيا المتصاعدة مع قطر وآثارها على العلاقات التركية الأمريكية"، مجلة الشرق الأوسط للشؤون الدولية (2016)، المجلة 20، العدد 3، ص 1-11.
(25)المصدر السابق. 
(26)  الحاج، سعيد، "تركيا وقطر تتطلعان إلى بناء تحالف جديد"، موقع مراقب الشرق الأوسط، 15 مارس/آذار 2015، (تاريخ الدخول: 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019):   https://www.middleeastmonitor.com/20150315-turkey-and-qatar-look-to-be-building-a-new-alliance/ 
(27)شيتين أوغلو، "شراكة تركيا المتصاعدة مع قطر وآثارها على العلاقات التركية الأمريكية".
(28) ديكوتينيي، أوليفييه وچاغاپتاي، سونر، "قاعدة تركيا الجديدة في قطر"، معهد واشنطن (2016)، (تاريخ الدخول: 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019):    https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/turkeys-new-base-in-qatar 
(29)للمزيد من التفاصيل: Turkey issues red notice for UAE-linked Mohammed Dahlan over his role in coup, FETÖ، 
DAILY SABAH، 
November 22, 2019. (Accessed 11 Dec 2019).
(30)للمزيد من التفاصيل: Arab states issue 13 demands to end Qatar-Gulf crisis، Al Jazeera and news agencies، July 12, 2017
(31) Baabood, A. “The International Implications of the GCC Stalemate”. In Z. Azzam & I. K. Harb (ed.), the GCC Crisis at One Year. (Arab Center Washington DC, 2018), pp. 109–119
(32) للمزيد من التفاصيل: Qatar receives 3000 tonnes of food products from Turkey through Hamad Port ، The Peninsula، July 5, 2019. (Accessed 11 Dec 2019).
(33)للمزيد من التفاصيل:M Qatari investments in Russia around $13bn, says official، 
Gulf Times،
  Dec 11, 2019. (Accessed 11 Dec 2019).
(34)  كنيشت، إيريك، "هيئة الاستثمار القطرية تهدف إلى استثمار 45 مليار دولار في أمريكا"، وكالة رويترز للأنباء، 13 يناير/كانون الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): https://www.reuters.com/article/us-qatar-investments-united-states/qatar-investment-authority-aims-to-reach-45-billion-in-u-s-investments-ceo-idUSKCN1P7090