حلقة نقاشية: الثورات العربية: الحصيلة والآفاق

20153110534720621_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
أسهم في اندلاع الثورات العربية عدة عوامل، أهمها: أزمة الدولة الوطنية والشعور بفقدان الكرامة الإنسانية وتغول الأنظمة على حقوق وحريات الأفراد والجماعات، وأزمة النظام الإقليمي الذي يبدو أنه لم يعد قادرًا على الاستمرار.

ولكن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لتقدم الثورة المضادة، وهي: الانقسامات السابقة في المجتمع والتي جعلت القوى المشاركة في الثورة لا تتفق على أهدافها ومطالبها، والتماهي بين الدولة والنظام، وأن ميزان القوى لم يكن مقتصرًا على حدود الدولة.

مقدمة

الثورات العربية كانت حصيلة لمجموعة من العوامل الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بجانب العوامل الخارجية التي كان لها دور محدود، وهذه الثورات شكَّلت التغيير السياسي الذي زعزع بنية الدولة التسلطية في العالم العربي؛ مما ساعد في سقوط بعض الأنظمة العربية.

وحول حصيلة هذه الثورات، وتأثيرها على المنطقة، وآفاق المستقبل، نظَّم مركز الجزيرة للدراسات حلقة نقاشية بعنوان " الثورات العربية: الحصيلة والآفاق"، تحدث فيها المؤرخ والباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور بشير نافع.

إبداع الثورات

الثورات العربية غيّرت الرؤية السياسية للدول الغربية حول منطقة الشرق الأوسط عمومًا ومستقبلها السياسي، وبالتالي أفرزت هذه الثورات علاقات دولية جديدة مع الغرب تعمل على تغيير شكل التحالفات التي كانت موجودة بالمنطقة.

كما أفرزت هيمنة القوى الإسلامية على السلطة، وذلك بعد نتائج الانتخابات التي أعقبت التغيير السياسي للأنظمة العربية التي سقطت، ما كان له كبير الأثر في تنشيط التيارات الإسلامية بمختلف أنواعها في المنطقة العربية.

وما زالت هذه الثورات تراوح مكانها دون تحقيق أهدافها التي نادت بها، بل قابلتها وواجهتها الثورات المضادة.
ماهي حصيلة هذه الثورات، وتأثيرها على المنطقة، وآفاق المستقبل وإلى أين تسير؟

أشار المشاركون إلى ثلاثة عوامل أسهمت في إبداع الثورات، وهي:

  1. أزمة الدولة الوطنية التي جاءت أصلًا بإرادة خارجية؛ حيث أخفقت هذه الدولة في الثلاثين سنة الماضية في الاقتصاد والصحة والتنمية. وعلى سبيل المثال فإن مصر حققت نموًّا اقتصاديًّا في القرن الماضي، ولكنه ذهب إلى نخبة مصرية وليس إلى كل الشعب. وأسهم الصراع مع إسرائيل في تفاقم هذه الأزما ت.
  2. الشعور بفقدان الكرامة الإنسانية، بسبب تسلط الأنظمة التي عجزت عن إثبات شرعيتها فلجأت إلى تضخيم الذراع الأمني لها وفرض القبضة القاهرة على الشعب بما في ذلك الاعتقالات والتعذيب والمس بالكرامة الإنسانية. وأدَّى ذلك طبعًا إلى عدم قدرة الشعوب على تغيير النظام بالوسائل الديمقراطية.
  3. أزمة النظام الإقليمي ككل والذي يبدو أنه لم يعد قادرًا على الاستمرار؛ فالثورات المضادة حققت نجاحات ولكنها ما ستلبث أن تتراجع.

وما زالت الثورات تراوح مكانها دون تحقيق أهدافها التي نادت بها، بل واجهت الثورات المضادة؛ حيث أشار المجتمِعون إلى أن ما جرى ليس غريبًا، فكل الثورات المضادة في التاسع عشر هُزمت على يد الثورة المضادة (باستثناء بريطانيا).

أسباب الإخفاق

وفي محاولة لفهم ما جرى في المنطقة؛ فقد استعرض المجتمعون الأسباب التي أدت إلى وصول الثورات إلى ما وصلت إليه. وفي الخلاصة، تم استعراض ثلاثة أسباب رئيسية، وهي:


  1. جانب من حلقة النقاش (الجزيرة)

    الانقسامات السابقة في المجتمع والتي جعلت القوى المشاركة في الثورة لا تتفق على أهدافها ومطالبها، خصوصًا أنه لم يعد هناك من مسافة فاصلة بين الحكم والدولة؛ الأمر الذي صعَّب على الثورات الفصل بينهما وأدَّى إلى خلاف داخل مكونات الثورة أو تقدم للثورة المضادة التي لا تميز أصلًا بين الحكم والدولة؛ حيث ترى القوى المضادة أن معارضة الحُكم هو معارضة للدولة وإضرار بالنخب التي تقود الثورة المضادة.
    ولم تتمكن الثورات من إعادة بناء الإجماع في الدولة الواحدة بالعملية السلمية؛ ما أدَّى إلى استمرار انقسامها.

  2. التماهي بين الدولة والنظام: وفي هذا تم الإشارة إلى أن الثورة المصرية أزاحت النظام ولكن لم تغير في الدولة، كما أن الثورة في سوريا واجهت نفس المشكلة؛ ولذلك فقد انقضت الثورات المضادة من خلال ما تبقى لها من أجهزة وقوى مترسخة لمحاولة إفشال الثورة، حيث لم يكن للعامل الدولي أي تأثير لدى الطرفين.
  3. ميزان القوى لم يكن مقتصرًا على حدود الدولة، بل جاءت التدخلات العربية لتدفع بالثورة المضادة فيما حاولت دول أخرى دعم الثورة. وفضلًا عن ذلك تدخلت إيران في سوريا واليمن فعملت على إجهاض الثورة لحسابات سياسية أو طائفية.

وخلصت الحلقة إلى أن المنطقة مقبلة على تغيير لا محالة وأن ما حدث من تقدم الثورة المضادة في العاميين الماضيين لن يستمر أو يستقر.

وأشار المشاركون إلى متغيرات وقعت مؤخرًا في المنطقة ستؤدي إلى كبح جماح الثورة المضادة، منها: التغيير في الحكم في السعودية، وتنامي الشعور بالخطر الطائفي من خلال تحالف إيران مع الحوثيين فضلًا عن إخفاقات الثورة المضادة في ليبيا.
_________________________________
ماجد أبو دياك - باحث في مركز الجزيرة للدراسات