حلقة نقاشية: 30 يونيو في مصر: حصاد مُرّ أم ثورة شعبية؟

20157613137632734_20.jpg
الوضع الاقتصادي في مصر تدهور إلى حدٍّ بعيد لولا مساعدات بعض الدول الخليجية التي غيَّرت من سياساتها مؤخرًا بتحويل المساعدات إلى قروض واجبة السداد (الجزيرة)

ملخص
عقد مركز الجزيرة للدراسات حلقة نقاشية مغلقة بعنوان: 30 يونيو في مصر: حصاد مُرٌّ أم ثورة شعبية؟ شارك فيها كل من وليد عبد الرؤوف، الناشط السياسي من مؤيدي 30 يونيو، والمستشار وليد شرابي، نائب رئيس المجلس الثوري المصري، ومصطفى عبد السلام، الكاتب الصحفي المتخصص في الاقتصاد.

وكان في لُبِّ النقاشات التي شهدتها الحلقة حركة 30 يونيو/حزيران ومصيرها بعد أن شملها الانقلاب بالاعتقالات والتضييق. ودخل المتحاورون في نقاش معمَّق حول وضع الانقلاب سياسيًّا وقانونيًّا واقتصاديًّا بعد أن لم يوفر الانقلاب وسيلة قمع إلا واستخدمها ضد معارضيه، خصوصًا بعد عمليات فض رابعة والنهضة واعتقال الآلاف من المعارضين لنظام السيسي، في ظل قضاء مسيَّس ويزاد انحيازًا خصوصًا بعد اغتيال النائب العام المصري؛ حيث أصدر هذا القضاء أحكامًا بالإعدام لم يسبق لها مثيل في تاريخ مصر الحديث.

ورأت الحلقة أن الوضع الاقتصادي في مصر تدهور إلى حدٍّ بعيد لولا مساعدات بعض الدول الخليجية التي غيَّرت من سياساتها مؤخرًا بتحويل المساعدات إلى قروض واجبة السداد.

مقدمة

عامان مرَّا على خروج جموع غفيرة من الشعب المصري للتنديد بحكم الإخوان، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة.

وأسفر ذلك عن انقلاب عسكري تعاملت سلطته مع معارضيها بالقوة، مرورًا باعتقال الآلاف من المعارضين لنظام السيسي، واستُخدم القضاء المسيَّس ضد المعارضين. وتطرَّقت الندوة لاغتيال النائب العام وتداعياته والطريقة المثلى للتعامل معه.

وحاولت الندوة الإجابة على سؤال يتعلق بمصير الانقلاب ودور المعارضة.

كما طرحت سؤالًا يتعلق بتحقيق حركة 30 يونيو/حزيران مطالبها التي خرجت من أجلها وخاصة على الصعيد السياسي وفي مجال الحريات.

كما تطرقت بالتفصيل للوضع الاقتصادي والأمني بعد عامين من الانقلاب على مرسي وحكم الإخوان؟

ما بين 30 يونيو و3 يوليو

افتتح الحلقة النقاشية وليد عبد الرؤوف، الناشط السياسي من مؤيدي 30 يونيو/حزيران، بالقول: إنه يجب التفريق بين مظاهرات 30 يونيو والانقلاب العسكري في 3 يوليو، معترفًا بأن حركة 30 يونيو لم تنجح في تنقية صفِّها والتمييز بين من يريد استكمال ثورة يناير/كانون الثاني عبر إنهاء حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، وقال عبد الرؤوف: إن موجة 30 يونيو تم ركوبها من قِبل الفلول وأجهزة الأمن والجيش دون أن يتمكن قادة الحركة من تنقية الصف مما أتاح لهؤلاء الدخول بقوة على خطها واستثمارها لصالحهم.

واعتبر عبد الرؤوف أن هذه الحركة لم تكن وليدة يومها وأنها جاءت استكمالًا لثورة يناير/كانون الثاني والسخط على فشل حكومة مرسي، وأن جميع فصائل الثورة المشاركة كان لها نصيب من تجيير واحتواء الحركة.

واتهم الناشط السياسي جماعة الإخوان المسلمين كجماعة لها ثقلها المعروف واستحقاقات حازتها في الانتخابات، بأنها لم تمتلك المشروع الجامع لكل المجتمع، مشيرًا في ذلك إلى تصريحات غير مسؤولة صدرت بالتهديد بمواجهة عسكرية؛ وهذا الأمر تم توضيحه من قبل بعض المشاركين بالقول: إنه لم يكن تهديدًا وإنه لم يصدر من أيٍّ من قياديي الجماعة وإنما نُقِل عنهم نقلًا.

كما حمَّل الناشط السياسي الإعلام المصري جزءًا كبيرًا من المسؤولية في تجيير الحركة وحرفها عن توجهاتها ورأى ذلك استكمالًا لدور هذا الإعلام الموجَّه منذ حكم مبارك.

وبصفته أحد الذين شاركوا في حركة 30 يونيو/حزيران، اعتذر عبد الرؤوف عمَّا جرى في هذه الثورة وعدم تقديرها لعواقب تحركها والتي قدمت الجيش وساعدت على تأمين تغطية للانقلاب الدموي، وشكَّلت غطاء للفلول ورجال الثورة المضادة ورجال الأعمال الفاسدين.

وخلص الباحثون إلى ضرورة استدراك ما حدث والعمل على لمِّ شمل المصريين في مواجهة الانقلاب والعمل للمرحلة التي بعده.

محكمة دولية خاصة

وناقش الباحثون خطورة الوضع السياسي في مصر في ظل التصعيد المستمر لأجهزة أمن الانقلاب والمساندة التي تحظى بها في أوساط القضاة الفاسدين والتشريعات القضائية المفصَّلة على مقاس الحكم العسكري، غير أن المستشار وليد شرابي سلَّط الأضواء على خطورة الوضع بعد اغتيال النائب العام المصري هشام بركات معتبرًا أن المعارضة يجب أن تستبق الإجراءات التي تتخذها حكومة السيسي بالدعوة إلى محكمة دولية خاصة لكشف الفاعلين ومحاكمتهم لحماية الثورة ووضع حدٍّ لتغول أجهزة أمن الانقلاب.

وقال شرابي: إنه تم الزج بـ41 ألف معتقل سياسي في السجون، وتحويل القضاء إلى أداة طيِّعة بيد النظام.

وقارن شرابي بين اغتيال هشام بركات ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وقال: إن هناك العديد من أوجه الشبه بين الحالتين، وأهمها: رمزية المنصب لكليهما وحالة الاحتقان السياسي في البلدين والطريقة التي تم تنفيذ عمليتي الاغتيال بها وهي سيارة مفخخة.

ودعا المستشار القضائي إلى تشكيل محكمة دولية خاصة بالاغتيال لأنها ستُستخدم من قِبل الانقلاب لتجاوز ما تبقى من تشريعات صالحة واستخدام المزيد من القمع ضد معارضي الانقلاب.

واعتبر شرابي أن القضاء المصري مسيَّس وغير مؤهل للنظر في عملية الاغتيال وأنه لابد من جهة دولية للنظر فيها، مشيرًا إلى أن تسلسل الأحداث ما قبل وبعد الاغتيال يوحي بأن هناك نيَّة مبيَّتة لاستثمار ما جرى في إدانة الخصوم السياسيين.

ولفت الباحثون إلى أنه لا يجوز للقوانين أن تُطبَّق بأثر رجعي، وأن سلطة الانقلاب فعلت ذلك من قبل وستفعله لاحقًا.

وناقش المجتمعون مدى فاعلية هذه الخطوة وإمكانية أن تتكفل بها المعارضة في ظل تشتُّتها وإمكانية أن يقبل مجلس الأمن تشكيل هذه المحكمة بطلب غير حكومي.

الحكم العسكري والاقتصاد

أمَّا عن انعكاس سنتين من الحكم العسكري على أوضاع مصر الاقتصادية؛ فقد رأى مصطفى عبد السلام، الكاتب الصحفي المتخصص في الاقتصاد، أن مجموعة من الأزمات حلَّت بالاقتصاد المصري من بينها عجز الموازنة والدَّيْن المحلي والدَّيْن الخارجي، إلا أن عدة عوامل خدمت الانقلاب وأضعفت تأثير  الأزمات سلبيًّا على الاقتصاد المصري، وأبرزها:

  1. المعونات الخارجية خصوصًا من دول الخليج التي قدَّمت مساعدات غير مشروطة، وبلغت قيمة هذه المعونات 54 مليارًا بينما لم تمنح حكومة مرسي سوي 9 مليارات دولار.
  2. الحصول على المحروقات بأسعار تفضيلية أو كمنح خليجية أدَّى لتوفير 10 مليارات دولار من ميزانية الدولة كانت ستُنفَق على هذه المواد.
  3. تراجع أسعار الغذاء عالميًّا.
  4. رغم تراجع حصيلة النقد في خزينة الدولة إلى 15 مليار دولار، إلا أن حكومة الانقلاب كانت لا تزال قادرة على سداد واردات الدولة.
  5. في مواجهة ارتفاع الديون الخارجية، لجأ الانقلاب إلى الاقتراض الداخلي لسداد هذه الديون وسداد شركات النفط ما أدَّى لحل هذه الأزمة مؤقتًا، ولكنها ستفاقم هذه المشكلة قريبًا عبر تراكم الديون الداخلية والخارجية.

ونوَّه بعض الباحثين إلى أزمات حقيقية يعيشها الاقتصاد المصري منها زيادة العجز في الميزانية وتراجع سعر الجنيه، إلا أنه أشاروا إلى أن الانقلاب تمكَّن من مواجهة خطر انهياره خلال ستة شهور كما كان متوقعًا من خلال المعونات الخارجية التي قالوا: إنها ستتحول إلى ديون في ضوء التغيير في الموقف الخليجي.

الخلاصة

وافق الباحثون في الندوة على التفريق بين مظاهرات 30 يونيو والانقلاب العسكري في 3 يوليو، وأيَّدوا القول: إن حركة 30 يونيو لم تنجح في تنقية صفِّها والتمييز بين من يريد استكمال ثورة يناير/كانون الثاني عبر إنهاء حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي. وقال الناشط السياسي وليد عبد الرؤوف، من مؤيدي 30 يونيو: إن موجة 30 يونيو تم ركوبها من قِبل الفلول وأجهزة الأمن والجيش دون أن يتمكن قادة الحركة من تنقية الصف مما أتاح لهؤلاء الدخول بقوة على خطها واستثمارها لصالحهم.

ورافق ذلك تساؤلات عن مستقبل هذه الحركة وكيفية لم الشمل المصري في مواجهة تغول الانقلاب.

وفيما سلَّط الباحثون الأضواء على خطورة الوضع بعد اغتيال النائب العام المصري هشام بركات إلا أن المستشار وليد شرابي اعتبر أن المعارضة مطالَبة بالدعوة إلى محكمة دولية خاصة لكشف الفاعلين ومحاكمتهم لحماية الثورة ووضع حدٍّ لمحاولة الانقلاب استغلال العملية للمزيد من القمع ومحاصرة المعارضين.

وناقش الباحثون الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بعد الانقلاب، مثل: عجز الموازنة، والدَّيْن المحلي، والدَّيْن الخارجي، وتراجع سعر صرف العملة، وارتفاع أسعار السلع، إلا أنهم خلصوا إلى أن المنح الخارجية ساعدت الانقلاب على عدم الانهيار وأن هذا الوضع لن يستمر في ظلِّ التوجه نحو تحويلها لقروض.
 ________________________________
ماجد أبو دياك - باحث في مركز الجزيرة للدراسات