الجذور الأيديولوجية لتنظيم الدولة الإسلامية

شكَّل تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن ذروة تطور التيارات الجهادية التي صقلها "الجهاد" في أفغانستان، إلى حين تسلَّم أيمن الظواهري مسؤوليتها، وما أعقب ذلك من انشقاق "لتنظيم الدولة الإسلامية" عنها وإعلانه أبا بكر البغدادي أمير التنظيم خليفة على المسلمين في دولة العراق والشام.
23 نوفمبر 2014
2014112361132153734_20.jpg
(الجزيرة)
ملخص
شكَّل تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن ذروة تطور التيارات الجهادية التي صقلها "الجهاد" في أفغانستان، واتسعت لطيف واسع من الأفكار الجهادية التي تطورت خلال مراحل امتدت من الثمانينات إلى حين تسلَّم أيمن الظواهري مسؤوليتها، وما أعقب ذلك من انشقاق "لتنظيم الدولة الإسلامية" عنها وإعلانه أبا بكر البغدادي أمير التنظيم خليفة على المسلمين في دولة العراق والشام. يقر تنظيم الدولة بموافقته لتنظيم القاعدة في الأصول والقواعد لكنه يختلف معه في تنزيلها، ويرى أن الظواهري قد انحرف عن منهج القاعدة الجهادي لأنه لا يكفِّر قادة الإخوان المسلمين خاصة بعد أن حكم مرسي في مصر وفق النهج الديمقراطي، ويحمِّلونه مسؤولية انشقاق أبي محمد الجولاني بجبهة النصرة عن تنظيم الدولة الإسلامية. في حين تتهم القاعدة تنظيم الدولة "بالتشدد" وبالجهل في تنزيل أحكام الجهاد على الجماعات والأفراد، وأنهم يبالغون في القتل والتكفير. أما مستقبل التنظيم فهو مرتبط بمصير دولته التي إن استمرت قائمة فستكون "خلافة" متشددة في الداخل مرنة في علاقتها مع الخارج، وإذا سقطت فسيكون التنظيم جماعة جهادية متشددة على يمين القاعدة، ولكن الثابت أن التيارات الجهادية ستدخل في حلقة جديدة من المراجعات خاصة وأن إعلان تنظيم الدولة عن "الخلافة" جاء ليضاهي شرعية تلك الدولة التي كانت ستقوم على أساس "التغيير السلمي" وآليات الديمقراطية.

ينطلق التقرير من فرضية تقول بوحدة الجذور الأيديولوجية لتنظيمي القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، فكلاهما ينتميان بجذورهما الدينية إلى التيارات "الجهادية" المهاجرة التي تضم طيفًا واسعًا من المجموعات والشخصيات التي ترمز القاعدة إليها وتمثل فكرتها، وما تنظيم الدولة إلا انشقاق أو نتوء من القاعدة من وجه، لكنه حتمًا تطور طبيعي لها من وجه آخر. إلى هذا الحد قد يمكن تلخيص الإطار الأيديولوجي العام لفكر التنظيم لكنه لا يكشف عن خصائصه، لاسيما وأن مساره العملي يُظهر تباينات واضحة مع القاعدة، واستطاع ببعض العناوين الدينية والجهادية التي تميزه أن يتوسع وأن يجذب عشرات آلاف المقاتلين إلى صفه، وهو ما لم تنجح القاعدة به أو لم تعمل به على الأقل.

وللوقوف على الجذور الأيدولوجية التي يمتاز بها التنظيم، يجب العودة إلى الجذور الأولى التي جاءت بالقاعدة أولاً وميزتها عن عشرات التنظيمات والمجموعات الأخرى إبَّان مرحلة ما سُمِّي بالجهاد الأفغاني، ثم الولوج بعد ذلك في "النزاع بين القاعدة وتنظيم الدولة" وتقرير الفوارق الأيديولوجية بينهما، واختبار مدى قدرة هذه الأفكار، أفكار التنظيم، على التطور والبقاء.

ووفق هذا النهج يمكن تقسيم المراحل التي مرَّ بها التيار الجهادي، مع بعض التجاوز والتحفظ، إلى ثلاث مراحل: مرحلة الحشد للجهاد المهاجِر، ثم مرحلة الجهاد العالمي، ثم مرحلة إمارة الظواهري. مع التنويه بأن هذه المراحل قد تتداخل، ومميزاتها قد تتعدد حتى من الناحية الأيديولوجية، ولكن يقوم بناؤها على الغالب وبما يؤدي الغرض من الدراسة، الذي هو تتبع الجذور الأيديولوجية لتنظيم الدولة فحسب.

أفغانستان والحشد "لفريضة الجهاد"

يعتبر الشيخ عبد الله عزام داعية "الجهاد الإسلامي الأممي" والمنظِّر الأول "للجهاد المهاجِر" إذا جاز التعبير، وكان يهدف من وراء "حشد المسلمين والعرب" في الثمانينات من القرن الماضي إلى إحياء الجهاد في أفغانستان، بغية تحريرها من الروس لتكون "العمق" الحيوي وقاعدة للجهاد لرفع الظلم عن المسلمين وكذا للانطلاق نحو تحرير فلسطين، ونحو تغيير الأنظمة الأخرى لاسيما العربية منها لتتوافق مع "شرع الله" وتخضع "لحكمه"(1).

جاءت دعوته في سياق متقاطع مع مناهضي التمدد السوفيتي في أفغانستان وكان على رأسه دوليًّا أميركا، وإقليميًّا باكستان والسعودية، ومن هذه الأخيرة جاء الشيخ أسامة بن لادن كجزء من قنوات الدعم الذي قدمته الحركة الوهابية "نصرة للمسلمين الأفغان" -مع الأخذ بالاعتبار النقاش الدائر حول مدى صحة التزامه أو انتمائه للوهابية حينها(2)- وهو وجه مما قد يُفسِّر تحول بعض "الثقافة الوهابية" كأحد المكونات الأساس للفكر الجهادي. أما الوجه الآخر فهو مستوى النقد الذي تعرض له فكر الإخوان المسلمين باعتبار أنه كان الفكر المنجز شبه الوحيد الذي ينافس غيره (تنظيم سياسي وديني)، وأُخذ عليه عدم وضوحه في الاعتقاد، و"تردده في استعمال السلاح" أو "عدم صدقه فيه"، أي: الجهاد في التغيير، خاصة في مصر وسوريا، وعدم الوضوح في الهدف منه، أي: السعي للخلافة مباشرة دون "ترقيع النظام القائم تحت اسم الإصلاح". وساعد على هذا النقاش أن الحشد الذي اتخذ له مقرات في أفغانستان وباكستان وخاصة الأخيرة جاء من منابت شتى، من أقصى اليمين الإسلامي إلى أكثره اعتدالاً، ووجد حرية في إظهار أفكاره ومعتقداته، وحظي كذلك بالوقت الكافي نسبيًّا لاستكمال تجربته.

فهناك استُعيد النقاش حول تجربة الجماعات الإسلامية التي انخرطت في مواجهات مع السلطة كتجربة جماعتي: الجماعة الإسلامية وحركة الجهاد المصريتين، وما نشأ على أطرافهما أو انشق عنهما من جماعات صغيرة وكذلك تجربة جماعة المسلمين أو ما سُميت بالتكفير والهجرة، وتجربة "الجهاد" في سوريا، وتجربة جماعة مصطفى أبو يعلي في الجزائر، إضافة إلى أفكار أخرى كثيرة. وترافق ذلك كله مع إعادة هيكلة للفكر الوهابي؛ حيث وُضع في سياق سياسي لأول مرة وخارج بيئته في المملكة العربية السعودية، وبوظيفة عسكرية في أفغانستان لم تُعهَد عليه من قبل إلا في ظروف التأسيس للمملكة العربية السعودية. في هذه الأجواء ربما لا توجد فكرة متطرفة أو معتدلة تنتمي "للجهاد" أو لها رأي فيه إلا طُرحت، وكان لها أنصارها وخصومها لكنها لم تتحول إلى إطار تنظيمي معتبر، مع أن بعضها تسبَّب أحيانًا بنزاعات مسلحة بين المجاهدين العرب أنفسهم أو الأفغان أنفسهم، أو بين بعض من الطرفين.

ويمكن استخلاص الكثير من الخصائص التي تميزت بها هذه المرحلة، لكن هناك سمات أساسية بُني عليها كل ما بعدها لاحقًا في ما عُرفت بالتيارات الجهادية العالمية:

  1. الحشد الجهادي: تبقى سمة الحشد مع اختلاف النوايا والمقاصد البعيدة منه هي السمة الأبرز لهذه المرحلة، وكل ما بعدها ترتَّب عليها، وكان يحظى برضى إقليمي ودولي وبدعم رسمي من بعض العرب، ولكن تشكَّل على هامش الجهاد الأفغاني وفي قلبه منتديات جهادية جمعت عربًا وغير عرب، وأخذت قضايا كانت مغمورة تحتل مكانة في "الحس الإسلامي"، تركستان الشرقية في الصين، كشمير في الهند، فطاني في تايلند، مورو في الفلبين... وهكذا، ويمكن القول: إن الحشد وصل ذروته مع تأسيس عبد الله عزام لمكتب الخدمات عام 1984 وانتهى تقريبًا بمقتله عام 1989. 
  2. القيادة للفكر الجهادي: ومن دواعي الحشد ومتطلباته ولاستمرار ديمومته كان من الضروري صياغة ما يمكن تسميته "مانفيستو جهادي" يُجمع عليه كل رعاة "الجهاد الأفغاني" بغضِّ النظر عن أهدافه وكيفية ترتيبها من حيث الأولوية، وهو ما كان يحرص عليه عبد الله عزام، والمؤسسون الأوائل للتيار الجهادي، ونتيجة لذلك شاعت فكرة أولوية الإصغاء "للعلماء المجاهدين" في الميدان أو من يؤيدون الجهاد فلا "يُفتي قاعد لمجاهد" -لقطع الطريق على الفتاوى والآراء المعاكسة-، وأن علامة القيادة الصادقة هو التزامها "بالجهاد" وعدم تعطيله. وهذه الأفكار أعطت الفكر الجهادي أظافر وحصانة ضد منتقديه، وحجزت له مكانًا في الحالة الإسلامية.
  3. شيوع مصطلح "الإرجاء" "والجهمية" في وصف الممتنعين عن تكفير الأنظمة التي "لا تحكم بما أنزل الله"، أي: الشريعة: في استعادة لوصف "المرجئة" التاريخي من كتب العقائد وهم أولئك الذين كان من قولهم أن الإيمان معرفة، وأن الإنسان لا يكفر إذا نطق بالشهادتين ولو أتى بما يخالف مقتضاهما.
  4. مرجعية تراث سيد قطب: كان تراث سيد قطب يعتبر الجامع الأساس لكل الأفكار التي طُرحت في تلك الفترة، رغم الفهم المتباين والمتناقض أحيانًا لفكر الرجل، وسبب الإجماع عليه ربما يقال لعدم وجود تجارب سابقة غالبة له خاصة وأن تجربته تدعو للقطع مع "الأنظمة السياسية القائمة" وعلى مستوى كوني، ولكن من المؤكد أن ذلك بسبب الرغبة في الحشد وعدم الاختلاف، لاسيما وأن عبد الله عزام، إخواني الجذور والثقافة، كان له يد طولى في الحشد، وكان بمقابله التيار الوهابي الشريك الثاني له في الجهاد الأفغاني، إضافة إلى فكر الجماعة الإسلامية المصرية الصاعد في الساحة حينها، وكان يجمع الأخيرين النقد المتواصل للفكر الإخواني، فكان سيد قطب المنتمي تنظيميًّا للإخوان المسلمين بتراثه المرن القابل للتأويل، يُرضي الجميع ويؤكد على الغاية التي تجمع، أي: الجهاد، ولو إلى حين.

مرحلة الجهاد العالمي

هذه المرحلة يمكن شطرها إلى قسمين، منذ اغتيال عبد الله عزام إلى حين إعلان تنظيم القاعدة (1989-2001)، والأخرى من سقوط الخلافة في كابول إلى حين اغتيال أسامة بن لادن (2 مايو/أيار 2011).

الشطر الأول: 1989-2001
على الصعيد السياسي انخرطت الدول التي كانت تسهِّل قدوم المجاهدين في سياسة معاكسة، أي: في تسهيل ترحيلهم (خاصة بعد عام 1992)(3)، سواء إلى الجهات التي قَدِموا منها أو إلى دول ترضى باستقبالهم بعد أن كانت سابقًا قد سهَّلت قدومهم إلى أفغانستان -لاسيما وأن السوفيت انسحبوا من أفغانستان عام 1989 وسقط النظام الموالي لهم عام 1992- وعَلَت الأصوات المتذمرة من ثمرات أو تداعيات "الجهاد الأفغاني" في أكثر من دولة؛ ففي هذه الفترة تعولم الجهاد وانتقل إلى عدة مناطق مشتعلة بأطر تنظيمية واسعة، إلى الجزائر حيث بدأت فيها العشرية السوداء عام 1991، وحرب الشيشان خاصة بين عامي 1994-1996، وحرب البوسنة والهرسك ما بين عامي 1992 و1995، وفي هذه الفترة كانت العمليات الأمنية للجماعة الإسلامية في مصر بدءًا من عام 1992 وإلى حين إعلانها مبادرة وقف العنف عام 1997 وما تبعها من مراجعات.

وعلى صعيد القيادة للجهاد، تعزز حضور أسامة بن لادن كوريث فعلي لدور عبد الله عزام، وإن تأخر نسبيًّا في حسم علاقته مع المملكة العربية السعودية التي لم يرجع إليها وأقام فترة في السودان (1992-1996) وهي نفس الفترة التي نشطت فيها الجماعة الإسلامية في مصر لذا تم اتهامه بأن له يدًا في بعض نشاط الجماعة الإسلامية على الأقل وهو ما نفاه السودان مرارًا وأكَّد أن ابن لان جاء مستثمرًا وليس "مجاهدًا"، وتعرض خلالها للملاحقة من الأميركيين وتم سحب الجنسية السعودية منه عام 1994(4)، ليعود إلى أفغانستان مرة أخرى "مجاهدًا" ويُتوِّج جهوده بالتحالف مع أمير دولة طالبان الملا عمر، وهو التحالف الذي أعطى القاعدة الصورة والتوجه الذي اشتُهرت به، والذي ترجمته بإعلانها جبهة لمواجهة "الصليبيين والصهاينة" في صيف عام 1998.

وخلال هذه الحقبة لم تتوقف أفغانستان عن ممارسة دورها كمركز للجهاد أو الحاضنة الجاهزة لاستقبال كل من يعود إليها لائذًا أو لأية حاجة أخرى، لاسيما وأنه كان من السهولة بمكان الدخول إليها من باكستان أو الخروج منها، واستمرت الفصائل الجهادية في احتضان العرب رغم الحروب المتنقلة التي نشبت بينهم بعد سيطرة التحالف الشمالي بقيادة برهان الدين رباني على كابول، حتى إن العرب انقسموا على أنفسهم ومن ذلك الانقسام الشهير ما بين جماعتي قلب الدين حكمتيار ورباني. أما بعد سيطرة طالبان على العاصمة كابول عام 1996 أصبحت هذه الأخيرة لاحقًا عاصمة للجهاد الأممي المهاجر.

وأهم سمات هذه المرحلة التنظيمية من مراحل الحركات الجهادية المهاجرة:

  1. أن تنظيم القاعدة أصبح المنظم للفكر الجهادي رغم كل الخلافات التي شغلت الساحة الجهادية الأفغانية، واستطاع استيعاب وتجاوز المراجعات الفكرية والفقهية التي أقدمت عليها الجماعة الإسلامية المصرية طيلة فترة التسعينات(5) وتعلَّم درسًا من التجربة "الجهادية الفاشلة في الجزائر"(6)، وتكرست كابول في هذه المرحلة مركزًا للتخطيط ولتوجيه العمل الجهادي، بغضِّ النظر عن مدى كفاءتها وفعاليتها في هذا الدور.
  2. أطلقت القاعدة نسختها الجهادية، بحسب اعتقادها، كسبيل وسط بين جماعة الإخوان -بوصفها حركة إصلاحية وليست تغييرية شاملة- ومجموعات إسلامية متعددة كان لها حضورها في البيئة الأفغانية وتحمل أفكارًا "متطرفة" حتى بمعايير القاعدة، وكذلك كحالة تنظيمية وسطية ترفض الصيغة الحزبية المبنية على "العصبية" كما لا تثبت الخلافة العظمى لكل مدَّعٍ لعدم توفر شروطها(7)
  3. لم تستطع القاعدة، التي شكَّلت ذروة التطور التنظيمي والفكري للحركات الجهادية المهاجرة، تجاوز معادلة "القيادة بالفكرة"، حيث إن ترابط الجماعة قد يكون عضويًّا إلى حد بعيد في أفغانستان أو بالقيادة عن بعد في بعض الحالات من خلال إيفاد موفدين وإرسال رسائل إلى ساحات الجهاد في دول أخرى، ولكن بقي نمط القيادة المعوَّل عليه، هو "البيعة" على الجهاد، والقيادة بالفكرة والتوجيه بالكلمة. وربما كان ذلك في سياق اجتناب "العصبية الحزبية"(8) ومحاولة للملمة التيار الجهادي ما استطاعت إليه سبيلاً.
  4. حسمت القاعدة أمرها "تنظيميًّا" بمواجهة العدو البعيد "أميركا والصهاينة"، مع احتفاظها بدفع الصائل، أي: المعتدي عليها، في حالة العدو القريب، أي: الأنظمة، وذلك بناء على مراجعة للمواجهات التي حصلت مع "الأنظمة" في أكثر من بقعة عربية وإسلامية، وأصبحت على قناعة بأن قوة هذه الأنظمة مستمدة من هذين العدوين، فضلاً عن الخشية من أن تتحول المواجهة العسكرية إذا أُعلنت ضد الأنظمة لذاتها إلى مواجهة مع الشعوب المغلوبة على أمرها بسبب الاستبداد والجهل. لكنه لم يقل باستهداف هذين العدوين على أرضهما حصرًا، أي: أرض أميركا وإسرائيل، ما يعني أنه لم يحيِّد أراضي المسلمين والعرب وهذا جعله بمواجهة الأنظمة مرة أخرى بعد استهدافه مصالح أجنبية في المنطقة. ومن المهم التأكيد على أن مواجهة العدو البعيد التي ظهرت في الوجهة التنظيمية للقاعدة وعلى المستوى القيادي لم تتكرس بحدود واضحة على مستوى أعضاء التنظيم وفروعه في البُعد الفكري والفقهي، ولم تتحول إلى منهج علمي يمكن تمييزه على مستوى عموم التنظيم الذي كان الهدف الأقرب إليه ذهنيًّا هو "إقامة الدولة الإسلامية"(9).

ففي هذه الفترة اتخذت النقاشات منحى تفصيليًّا أكبر، لاسيما مع تطور أدوات التواصل واتساع دائرة المنخرطين في الفعل الجهادي وتعدد ما تراكم لديهم من خبرات وتجارب ودراسات، وبقيت مسائل عدة يمكن وصف بعضها "بالأمهات" -والتي لا تزال حاضرة إلى اليوم- ولم تستطع القاعدة ضبط تأصيلها بحدود واضحة وحاسمة بالنسبة لأعضائها أو مؤيديها لاسيما وأن سلطة التقدير فيها نسبية، من أبرزها: كفر النوع وتكفير المعين، وإعذار المخالف، والإمرة والأمير في الواقع المعاصر.

  1. كفر النوع وتكفير المعين: ويختلط فيها الفقهي بالعَقَدي إلى حد بعيد، ملخص ذلك أن كفر الفعل نفسه لا يستلزم بالمطلق تكفير الفاعل إلا بعد استيفاء شروط وانتفاء موانع وله تفصيل في كتب الاعتقاد يمكن العودة إليه في مظانها، وإن كانت القاعدة حسمت أمرها بكفر الأنظمة بالمطلق أو القائمين عليها من حكام إلى حدٍّ بعيد، فإن هناك قضايا أخرى تتطلب سلطة استنسابية للبت بها، ألا وهي الموقف من الأحزاب الإسلامية المخالفة التي اختارت الخيار الديمقراطي للتغيير واستعادة حكم "الإسلام" مثل حركة الإخوان المسلمين مثلاً، وحكم المنتسبين للجيش والشرطة، والمنتمين لتيارات غير إسلامية أو لتيارات توصف بالعلمانية، وما هو حكم بقية فئات الناس التي لن تختار اختيارات القاعدة البتة وهكذا؟ وما هي الموانع والشروط لإيقاع حكم الكفر بهؤلاء وما قد يترتب عليه جواز هدر دماء هؤلاء من عدمه(10)؟
  2. إعذار المخالف: هي قائمة على مسألة تكفير المعين، لأن تكفير المخالف دون إعذاره يشق صفوف المسلمين أو الكيان "الجهادي" نفسه فيتعرض لانشقاقات بموجبه، فمن موانع نسبة الكفر للأفراد والجماعات وجود العذر، وتركز النقاش ووضع حدودًا لهذه الموانع، وهي: الإكراه والعذر بالجهل والتأويل والخطأ، أي: بعدم قصد الكفر نفسه.كما دار النقاش على مستوى ثان حول جواز اعتبار العذر في مسائل الاعتقاد، ولكن ما لم تستطع التيارات الجهادية حسمه بوضوح هو الحد بين الاعتقادي وغير الاعتقادي، ومن يقرر صحة العذر من عدمه، وماهية الضوابط لصاحب هذه الصلاحية كي لا يهدر الدماء لغاية في نفسه لا لأمر دينه، أو يعلن حربًا على جماعة مخالفة(11).
  3. الأمرة والأمير: نشأت هذه المسألة في سياق الحركات الجهادية المهاجرة لتجيب بالضرورة على أمرين توقف عليهما العمل الجهادي -مع الإقرار بوجود أسباب أخرى لها دوافع علمية وتنظيمية- أو بالأحرى لتتجاوز عقبتين:
  • أولاً: عقبة عدم وجود "حاكم شرعي": ليأمر بالجهاد ابتداء أو للجهاد تحت "رايته" انتهاء، أي: تحقيق "شرعية الجهاد والراية"، وهذه الحاجة نشأت في الحقيقة منذ المرحلة الأولى لضرورات الحشد وإن بقيت فيها بعض المسائل معلقة لتناقش مرة بعد أخرى(12).
  • ثانيًا: لتجاوز عقبة تحريم "الحزبية": فالتيار الجهادي كان يرفض "الحزبية" ربما لأسباب تتعلق باجتهاده الفقهي الخاص، أو تأثرًا بموقف عموم التيار السلفي أو الوهابي أحد رعاة الجهاد الأفغاني حينها والذي اعتبر "التحزب" من العصبية الجاهلية المحرمة؛ فكان الاجتماع التنظيمي لغرض الجهاد وبذاك يصبح "وجود التنظيم" مرتبطًا بالضرورة بالجهاد، كما أن شرعية "وجود الأمير" مرتبطة بالجهاد، لا بل كل الأداء السياسي مرتبط بالجهاد وهو الذي أعطى الحركات الجهادية معناها ومضمونها، ولكن بقيت عشرات المسائل المتصلة بهذه المسألة معلقة، ألا وهي تعدد الساحات وتعدد الأمراء والصلة بينهم.. إلخ.

فهذه المسائل الثلاث مرشحة دائمًا لأن تتناسل اختلافًا بين الجماعات والرموز الجهادية فهمًا أو تقديرًا، وهذه الثلاث تحتمل سلطة تقديرية تختلف من جهة إلى أخرى، والتشدد فيها تصورًا وإعمالاً وسَّع من صلاحية الجهاديين في تكفير الأعيان من سواهم من الأشخاص والجماعات المخالفة لهم، كما ربط شرعية قيام الجماعة وأميرها بإعلان الجهاد حصرًا، أي: بوجود قتال وأمير قتال أو وجود خليفة طبعًا.

الشطر الثاني: بين سقوط كابول واغتيال بن لادن
ما بين سقوط كابول عام 2001 واغتيال أسامة بن لادن (2 مايو/أيار 2011) جاء سقوط بغداد عام 2003 ليوفر ساحة حرب جديدة مع واشنطن تقاطعت مع حرب تحرير لفصائل عراقية وطنية وإسلامية متعددة انتهت بانسحاب أميركي من العراق في نهاية 2011.

وبالعودة لأهم المميزات التي طبعت هذه المرحلة، فقد امتازت بتعدد الساحات -اليمن والخليج والعراق والمغرب الإسلامي- وبالميل نحو عسكرة الصراع أكثر وعدم الاكتفاء بالعمليات الأمنية التقليدية للقاعدة؛ حيث بدأت فروعها تسيطر على أراض وتتحمل مسؤولية أمنها أو تتحرك فيها بحرية كما هو شأن قاعدة بلاد المغرب الإسلامي أو العراق على سبيل المثال. وفي هذه المرحلة فقدت القاعدة كابول بوصفها المركز والمرجع الذي كان يحتضن التفاعل في الخبرات والآراء والاجتهادات والنقاش ليصبح التشظي في ترجيح فكرة على فكرة أو اجتهاد على اجتهاد منوطًا بالجماعة المسيطرة على الأرض رغم انتمائها جميعًا للفكر الجهادي أو للقاعدة ولكن رمزيًّا في الغالب.

ومن التحولات المؤثرة على التفكير الأيديولوجي لبعض فروع القاعدة في هذه المرحلة، اختلاط العدو القريب والبعيد؛ فأميركا أصبحت عدوًّا قريبًا جغرافيًّا باحتلالها للعراق ومتحالفًا، وبوتيرة متصاعدة على فترات من الزمن، مع عدو قريب آخر يتمثل في الأنظمة العربية الخليجية وإيران، وهذا التحالف بين الأعداء تُرجم في العراق بشكل "صحوات" في البيئة السنية، وميليشيات "طائفية" في الساحة الشيعية. ونتيجة لذلك أخذت فكرة أن "محاربة المرتد أوْلى من محاربة الكافر الأصلي تَشِيع في مواجهة الصحوات"، وفكرة كفر "الروافض" وممالأتهم المحتل تشيع في موجهة "الشيعة" و"الحكم الطائفي ببغداد".

ويمكن الجزم بأن أهم تطور في مسيرة القاعدة في هذه المرحلة هو فتح جبهات جديدة وأساسية للجهاد بعيدة عن القيادة التي كانت تعيش ظروفًا صعبة وبدا كأن تأثيرها أحيانًا ضعيف على الساحات البعيدة عنها، ولمع أثناءها في العراق نجم أبو مصعب الزرقاوي (أحمد الخلايلة) الذي اختط لنفسه سبيلاً مختلفًا عمَّا اعتادت عليه القاعدة سواء في التفكير أو العمل واستوجب ذلك نقدًا متبادلاً بينه وبين أبي محمد المقدسي (عاصم محمد البرقاوي)(13) الذي كان يوصف بأنه شيخه، وقُتل الزرقاوي الذي كان يوصف بأنه من الجيل الثاني من التيار الجهادي، في يونيو/حزيران 2006 لكنه خلَّف إرثًا جهاديًّا خاصًّا ترك بصماته في الحالة الجهادية العراقية، ويبدو أنها اشتدت وتكرست بعد مقتل ابن لادن واستلام الظواهري زمام القيادة في القاعدة. اتسم نهج الزرقاوي بالإسراف في العنف وبدا أقرب إلى النموذج الجزائري الذي رأت فيه قيادة القاعدة نموذجًا شابته انحرافات ما أفقده الشرعية ففشل، لاسيما وأنه كان يستعدي حاضنته الشعبية؛ فالزرقاوي شكَّل نتوءًا في مسيرة القاعدة أكثر منه تطورًا طبيعيًّا:

  1. عزَّز من "سُنَّة" القتل ذبحًا للمخطوفين والأسرى وبثها للإعلام بقصد الترويع، بل ربما قد يكون أول من جعلها طريقة متبعة في التيارات الجهادية.
  2. بالغ في استهداف السنة من الصحوات أو ممن رضي بأن يكون جزءًا من النظام العراقي الجديد بأي شكل من الأشكال، فضلاً عن إذكاء الصراع والنزاع مع الجماعات الأخرى التي تشاركه الحرب ضد الأميركيين وضد النظام العراقي.
  3. تكفير الشيعة بالجملة واستهداف جمهورهم في العراق دون تمييز بين مدني وغير مدني، بسبب تحالفهم مع أميركا ونتيجة لمطاردتهم المقاومة العراقية ضد الأميركيين من المجاهدين العراقيين والمهاجرين.
  4. تعرض للنقد من قيادة القاعدة، بسبب تكفيره عامة الشيعة واستهدافهم عشوائيًّا وبسبب المبالغة في القتل للسنة إضافة إلى الحروب الجانبية التي أشعلها مع الفصائل الجهادية الأخرى بدلاً من التركيز على المحتل.

وقد قيل الكثير عن الزرقاوي وعدم رضاه التام عن التزام القاعدة وما تعرَّض له من نقد من قبلها أو من قبل بعض منظِّريها، ولكن الأكيد أن وجود أسامة بن لادن كان يشكِّل حصانة تحول دون تعرض التنظيم للانشقاق أو التشظي، بسبب قوته الرمزية التي كانت سببًا أساسيًّا في استمرار الحشد ورفد التنظيم بالدماء، ولكن هذا لم يمنع من أن تسير بعض فروع القاعدة ورجالاتها أحيانًا بعيدًا عن توجيهاته أو أن تفسرها بما يتلاءم مع أوضاعها لاسيما وأنه كان بعيدًا عنها، مع التنويه بأن حضور ابن لادن وقدرته على التواصل قد ضعُفت لأسباب أمنية، وباغتياله يبدو أن القاعدة فقدت قدرًا مهمًّا من حصانتها وقوتها على التأثير والتماسك.

إمارة الظواهري والثورات العربية

كثرت التوقعات بأن القاعدة التي ورثها الظواهري لن تكون كتلك السابقة التي أعلنها ابن لادن، سواء من حيث التماسك أو التفكير أو العمل، بسبب الاختلاف الأساسي بين الشخصيتين؛ فابن لادن شاب نسبيًّا ويمتاز بشخصية كاريزمية وسيرة مؤسِّسة "للتيار الجهادي" منذ مراحله الأولى، أي: قيادة وقدوة، وله شبكة علاقات ومصادر واسعة، في حين امتاز الظواهري بالقدرة التنظيرية خاصة على المستوى التنظيمي، لكنه افتقر للكاريزما فلم يستطع بعد أن استلم مقاليد التنظيم أن يسد الثغرة التي نشأت بغياب ابن لادن، من حيث فرض أو ترجيح خيارات تنظيمية أو فكرية وسياسية لمواجهة المرحلة الجديدة(14).

ورث الظواهري نتوءًا فكريًّا في العراق وساحة جهادية ناشئة وقيد التشكُّل في سوريا، وواجه تصاعدًا سريعًا للأحداث في بقية دول الربيع العربي وسواها التي للقاعدة فيها نصيب كبير أو صغير، فضلاً عن حاجة التنظيم للتصويب والضبط لاسيما مع ما تردد من أن أسامة بن لادن كان عازمًا على إجراء مراجعة لما سلف وتصويب مسار القاعدة(15)، وأن اغتياله حال دون ذلك. ولكنه ورث أيضًا تراثًا جهاديًّا ثريًّا، فالقاعدة لم تعد كما كانت سابقًا يقودها طلاب علم أو من يُطلَق عليهم: "شرعيون"، يفتون للمجاهدين بلا تجارب فقهية، بل أصبح لها منظِّروها كأمثال أبي قتادة الفلسطيني (عمر محمود عثمان) وأبي محمد المقدسي وسواهما ممن يلعبون اليوم دورًا في الدفاع عن شرعيتها.

وكانت الثورات العربية هي التحدي الأبرز الذي طُرِح على الظواهري، لأنها كانت أولها وأسرعها تقلبًا فقد قدمت في مرحلة المد نموذجًا للتغيير بالتظاهر السلمي دون الوقوع في أسر الصراع المسلح بالضرورة (باستثناء سوريا نظرًا لظروفها الاستثنائية)، وأعطت المنهج الإخواني بالتغيير السياسي دفعًا قويًّا حتى التحقت به جماعات سلفية وأسقطت محاذيرها المتعلقة بما يجوز في السياسة أو لا يجوز وأسقطت الكثير من دعاوى التكفير المرتبطة بالعملية الانتخابية وتداول السلطة وما إلى ذلك من آليات الحكم الديمقراطي، ووصل التغيير في مصر مبلغه أن استطاع قيادي إخواني أن يصل إلى الرئاسة، الرئيس محمد مرسي، بتحالف إسلامي واسع ضم إخوانيين وسلفيين وسواهم، هذا فضلاً عن هيمنتهم على الحكومة والبرلمان. وهذا قبل أن تأتي مرحلة الانحسار للثورات العربية من خلال الانقلاب في مصر ودخول معظم دول الربيع العربي في براثن الصراع الداخلي والفوضى، ما خلا تونس.

حتمًا تفاجأت القاعدة في مرحلة المد كما سواها بالنجاح المتسارع للثورات في إسقاط الأنظمة، حتى إنها تأخرت في التعليق نسبيًّا على الأحداث الجارية، كما فقدت مؤسسها في الفترة التي كانت تحاول الإجابة على الأسئلة التي طرحها نجاح الثورات كما بدت في بادئ الأمر، وعندما أجابت حاولت أن تنظُمَ "الثورة السلمية" في سياق الآليات التي تلتمسها القاعدة ولا ترفضها باعتبارها إحدى الخطوات نحو التغيير الشامل كما جاء في بيان تعيين الظواهري خلفًا لأسامة بن لادن؛ حيث أعلنت تأييدها من حيث المبدأ للثورات، ومما جاء فيه: "نؤيد ونساند انتفاضة شعوبنا المسلمة المظلومة المقهورة في وجه الطغاة.... ونحرضهم ونحرض باقي الشعوب المسلمة على الانتفاض والاستمرار في الكفاح والبذل... إلى أن يأتي التغيير الحقيقي" بإقامة حكم الشريعة.

بل أضاف بُعدًا آخر يقترب من لغة الثورة الإسلامية في إيران أو اليسار العالمي؛ حيث أكَّد البيان أن "التغيير لن يتحقق إلا بتخلص الأمة من كافة أشكال الاحتلال والهيمنة والسيطرة العسكرية والاقتصادية..."، وأعلن عن تعاطف القاعدة مع "معاناة المظلومين" وأن جهادها "ضد الاستكبار الأميركي مآله رفع الظلم عنهم". ونجد ما بُثَّ من كلمات للظواهري مشحونًا بالخوف على الثورات من الالتفاف الأميركي عليها لاسيما الثورة المصرية، وأن واشنطن تبحث عن بديل لمبارك بعد أن استهلكته، كما حذَّر من المجلس العسكري ومن الدور الانقلابي الذي يمكن أن يلعبه. وبعد الانقلاب يمكن تلمُّس موقف واضح إلى جانب الرئيس مرسي وإن استعمل لغة دينية متحفظة على "نهج الإخوان" لكنها عكست تعاطفًا لم يُعهَد في كلام القاعدة مع الإخوان(16).

النزاع بين الدولة والقاعدة

إن السبب المباشر الذي أدى لإعلان الفُرقة بين القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية هو موقف الظواهري من الخلاف بين أبي محمد الجولاني وأبي بكر البغدادي (إبراهيم عواد البدري)؛ حيث أقرَّ الجولاني على إمارة جبهة النصرة في الشام، وحصر صلاحية عمل تنظيم الدولة في العراق وكلَّف أبا خالد السوري محمد بهايا -رفيق دربه وابن لادن- بالتوسط والفصل بين الطرفين، فرفض التنظيم ابتداء انتداب أبي خالد وهدده ليُقتلَ هذا الأخير بعملية انتحارية رأت القاعدة أن تنظيم الدولة وراءها ما أشعل حربًا بين الطرفين في سوريا(17) (18)، وانطلقت مذاك الحرب الإعلامية والشرعية بين الطرفين وشاع اتهام القاعدة للتنظيم بأنهم خوارج "وأحفاد ابن ملجم"، في حين اتهم تنظيم الدولة القاعدة بأنهم غيَّروا وأن التنظيم لم يتغير، وأعلن في هذا السياق من الخلاف عن تنصيبه لأبي بكر البغدادي خليفة ومرجعًا لكل المسلمين ولكل التيارات الجهادية، في خطوة لسحب البساط من تحت قدمي القاعدة والظواهري، أي: سحب الشرعية من تنظيم القاعدة، باعتبار أن منصب "الخلافة" هو إمارة عامة وهي لأمير تنظيم الدولة، ويعلو على منصب "أمير القتال" أي: أمير القاعدة الظواهري، ولينقل مركز العمل الجهادي وصناعته ثقافة ورؤية وتطبيقًا، إلى الموصل وحاكمها الجديد.

أما الخلاصة التي يمكن تكثيفها في الخلاف الأيديولوجي الذي نشأ بين الفصيلين، فبالنسبة للقاعدة:

  1. تتهم تنظيم الدولة بالمبالغة في التكفير وعدم أهليته لتنزيل الأحكام الشرعية موضعها، وأن "الشرعيين" الذي يقودونه "حدثاء الأسنان" لا يفقهون تنزيل "كفر النوع" على "العين"، سواء في حق المسلمين من أهل السنة أو من أصحاب المذاهب الأخرى.
  2. تتهمه بأنه يُكفِّر عمليًّا مخالفيه من التنظيمات الجهادية الأخرى بسبب الاختلاف معهم وكأنه هو جماعة المسلمين دون غيرهم، وأنه يستهين بالدماء ويبالغ في قتل كل من خالفه من المسلمين(19) (20).
  3. ترى أن البغدادي أعلن الخلافة من دون تمكين، وأنه اقتصر على بيعة بعض من تنظيمه في العراق وكانت من غير شورى المسلمين، وأن أبا بكر البغدادي مجهول غير معلوم، وغير ذلك مما تحمله كتب الفقه من نواقض أو شروط ينتقص عدم توفرها من خلافة البغدادي، ويرى أن كل بيعة أُعطيت للبغدادي لاسيما من بعض التيارات الجهادية هي باطلة ولا صحة لها(21).

أما بالنسبة للتنظيم فمن أبرزها:

  1. قبول الظواهري عمليًّا بالديمقراطية التي هي كفر بواح، وإقراره للثورات العربية ونهجها "السلمي في التغيير"، وهو نهج الإخوان الذي فرَّت منه القاعدة بل وُجدت لتكون بديلاً له.
  2. وقوف الظواهري إلى جانب "الطاغوت" الرئيس محمد مرسي -بعد دخوله السجن- الذي قبل بالديمقراطية، وعدم تكفيره له، لا بل شكره، أي: الظواهري، مرسي لمَّا أعلن الأخير عن عزمه العمل لاستعادة الشيخ عمر عبد الرحمن من سجون أميركا، والتنظيم يقول بأن منهج القاعدة نفسه يقول "بكفر من يتحاكم للطاغوت"، أي: الديمقراطية في هذا العصر، وأن القاعدة بقيادة الظواهري لا تكفِّر كُبَراء الإخوان وهم "شَرٌّ من العلمانيين" كما وصفهم أبو محمد العدناني (طه صبحي) الناطق باسم التنظيم(22).
  3. تلبُّس القاعدة بمذهب الإرجاء والجهمية، أي: إنها لا تكفِّر من وجب تكفيره من "المسلمين" الذي اقترفوا أعمالاً تخرجهم من الدين، وذلك في معرض الرد على تهمة القاعدة للتنظيم بأنه يكفِّر المسلمين ويقتلهم لأنهم خالفوه في بعض الأمور الاجتهادية أو لأتفه الأسباب.
  4. استعمل التنظيم "وصف" السرورية في معرض ذمِّه للقاعدة، أي: إنها استحالت تشبه تيار محمد سرور زين العابدين الذي جمع بين "العمل السياسي" ومشروعيته وفق المنطق الإخواني إضافة إلى خصالهم في التعامل مع المخالف، ويلتزمون السلفية في الاعتقاد، وهذه "المذمة" بهذا الوصف للقاعدة يُقصد بها اشتغال الأخيرة بالسياسة والسلمية أكثر من الجهاد.

والخلاصة، أن تنظيم الدولة يعتمد نفس مقولات القاعدة وإن كان يختلف معها ببعض الترجيحات التي قد تكون شائعة في القاعدة وبنسب متفاوتة، لكنها لم تحظ بالصدارة أو لم تعتمدها القيادة باعتبارها تحتمل الاختلاف. ولكن الخلاف الأعظم بين الطرفين، إذا استثنينا الخلاف الشخصي والتنظيمي، هو في فهم الأحكام وتنزيلها وهو ما سيترتب عليه اختلاف عظيم في المستقبل، وهو ما اختصره من أطلق على نفسه اسم: أبو القاسم الوحشي الأصبحي، في رسالة له سمَّاها: "التبَينُ حُلَّةُ المُتَيَقن" يرد بها على رسالة لأبي محمد المقدسي قصد بها النكير على المبالغين في التكفير "الإنصاف حلة الأشراف, والأشراف أقل الأصناف"؛ حيث قال: "ونحن لا ننكر التأصيل الذي أصَّله ولكننا ننكر التنزيل الذي نزَّله".

فتنظيم الدولة استوفى المعاني الأشد في تنزيله للقواعد التي لجأت إليها القاعدة -اعتمدتها حينها لتنسف شرعية التيارات السياسية الإسلامية الأخرى ولتعزز من الأصول الشرعية للتيار الجهادي- وبإعلانه الخلافة يأمل بأن يضفي الشرعية على ما تجاوز به في تنزيله للأحكام وما أنكره شرعيُّو القاعدة ومنظِّروها عليه -باعتبار أنها خيار خليفة وليست رأيًّا فقهيًّا فحسب-. كما سيحيي سننًا ماتت مثل السبي والغنيمة فضلاً عن إقامة الحدود وما إلى ذلك، كما سيجعل من "دولته" موضع هجرة الجهاديين لينصروه في المنهج الذي ارتضاه والحرب التي قررها، أي: إن المنطقة أمام محاولة لإرساء قاعدة جديدة للجهاد أشدّ وأمرّ.

المستقبل الأيديولوجي للتنظيم

إن مستقبل الأيديولوجيا التي يدشنها تنظيم الدولة الإسلامية يتوقف في تجذرها وتمكنها على الحرب الدولية التي تخاض ضده، وهناك احتمالان، الأقرب منهما أن يُحجَّم التنظيم أو يُهزَم فسيكون مستقبله أشبه بما آلت إليه دولة طالبان تنظيميًّا، وسيكون أيديولوجيًّا حركة جهادية منشقة تُصنَّف على يمين القاعدة، وسيدخل بنزاع مع هذه الأخيرة التي لها شقيقات ومنظِّرون في العالم وتحظى بشرعية تاريخية وبخطاب متماسك بالقياس إلى تنظيم الدولة.

ولكن وفق هذا السيناريو ستدخل أيديولوجيا التيارات الجهادية عمومًا ومنها تنظيم الدولة في نفق المراجعات كما سبق وحصل مع التيارات الجهادية في مصر وليبيا وسواهما، لأن تنظيم الدولة وصل بالأفكار التي زرعتها التيارات الجهادية وخاصة القاعدة إلى أعلى مستويات الإشباع، وفي لحظة كانت الشعوب العربية تتجه بخلاف قبلة هذا التيار.

وبتعبير آخر وأكثر تحديدًا بدا تنظيم الدولة وكأنه في حركة معاكسة تمامًا لما جاءت به الثورات العربية التي وصلت بمقياسه إلى قمة "الفكر الإرجائي والجهمي" -الذي يحذر- مع وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم. وإذا تجاوزنا سباقه مع القاعدة فكأنه في سباق مع ما جاءت به الثورات، فكان رده على "التغيير السلمي" الذي جاءت به الثورات باعتماد التغيير "بالجهاد"، فأطلق أقصى طاقته في هذا المضمار واستعان بالنسخة الجهادية الأكثر ضرواة وبأقسى صورها، فكان في قمة الدموية وقمة الاستبداد ليقيم دولته ولو على عَجَل، وكأنه يستدرك خطأً كاد يسمح بقيام "نموذج ناجح" ينهي التيار الجهادي ويدخله المحتوم وهو المراجعات.

ولكن لا سبيل له إلى الفكاك من هذا المصير، لا بل قد بدأت هذه المرحلة بالفعل، فهناك حرب كلامية بين القاعدة وتنظيم الدولة إلى جانب الحرب التي يخوضها الجهاديون ضد أعدائهم الحقيقيين وضد بعضهم البعض، حول كل شيء، وحول صحة الخلافة التي أُعلنت والأحكام التي تُنفَّذ والدماء التي تُستباح، ويرمون بعضهم بكل ما جاء في بطون الكتب وما أنتجتها تجربتهم من اتهامات: "مرجئة" "خوارج" "مرتدون". ولا يمكن استبعاد أن نشهد حركات تجمع بين الإرث الجهادي للقاعدة والإرث السياسي للحركات السياسة المحافظة والإخوان المسلمين، وذلك في مواجهة الظلم والاستبداد والاحتلال، لاسيما وأن الميدان العربي لا يزال مفتوحًا، وهناك تجارب تُصنع ومعارك تخاض.

أما الاحتمال الآخر، وهو الأبعد، أو ما يُسمَّى احتمال البجعة السوداء، أن ينجو التنظيم من هذه الحرب وتستمر دولة الخلافة التي أعلنها ولو على بقعة ما من أراضي المنطقة كجزء من خرائط جديدة أو أن تسمح التوازنات الإقليمية والدولية بها، فإنها ستكون حينها دولة لنموذج سلفي أكثر راديكالية على الصعيد الداخلي لكنها قادرة على التعايش مع النظام الدولي وشروطه وتؤدي بعض أغراضه وقد يكون الدور الطائفي الموازن لإيران خاصة أيديولوجيًّا منها، وعندها ستكون معاول السياسة قد هذبتها بما يكفي لتكون أقل تطرفًا نسبيًّا.
___________________________________
شفيق شقير - باحث متخصص في المشرق العربي والحركات الإسلامية

المصادر
اعتمد الكاتب في إعداد هذا التقرير على تجربته الخاصة في تغطية أحداث أفغانستان عن قرب منذ عام 1992 إلى عام 1998، وعلى تغطية حرب العراق بعد سقوط بغداد التي زارها عام 2004، فضلاً عن متابعته للتيارات الجهادية وإنتاجها. كما اعتمد على مجمل إرث القاعدة وتنظيم الدولة المتوفر على الإنترنت المكتوب والصوتي والمرئي، بخاصة قادة القاعدة الثلاث: عبد الله عزام وابن لادن والظواهري، إضافة إلى الناطق باسم تنظيم الدولة أبي محمد العدناني. وكل روابط الإنترنت كانت فاعلة إلى 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2014.
1- يمكن الاطلاع استئناسًا على: عبد الله كمال، سلسلة الرايات السود، صحيفة الشرق الأوسط، مايو/أيار 2002،
http://classic.aawsat.com/details.asp?issueno=8555&article=100961
http://classic.aawsat.com/details.asp?issueno=8556&article=101142
http://classic.aawsat.com/details.asp?issueno=8558&article=101495
http://classic.aawsat.com/details.asp?issueno=8559&article=101638
http://classic.aawsat.com/details.asp?issueno=8560&article=101807
2- انظر حول هذا الرأي: بشير نافع، الإسلاميون، الفصل الثالث عشر، العنف العابر للقارات، مركز الجزيرة للدراسات، طبع الدار العربية للعلوم ناشرون، ص205 وما بعدها.
3- يمكن الاطلاع استئناسًا على: محمد الشافعي وما نقله عن أبي الوليد المصري حامد مصطفى، سلسلة ثرثرة فوق سقف العالم، صحيفة الشرق الأوسط، أكتوبر/تشرين الأول 2006.
http://classic.aawsat.com/files.asp?fileid=25
ويمكن العودة لموقع حامد مصطفى على الرابط أدناه:
http://www.mustafahamed.com/
4-   انظر: حوار منقول للأمير تركي الفيصل الرئيس السابق للاستخبارات العامة في السعودية وما جاء فيه عن أسامة بن لادن، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2001،
http://classic.aawsat.com/details.asp?article=65453&issueno=8381
5- رؤية تحليلية لمراجعات الجماعات الجهادية، 8 فبراير/شباط 2012، موقع السكينة،
http://www.assakina.com/center/files/12767.html
6-  انظر: موقع آفاق، سوري من الأفغان العرب يحكي تفاصيل احتكاكه بالإرهابيين الجزائريين، 13 إبريل/نيسان 2008،
http://www.aafaq.org/news.aspx?id_news=5003
والسوري المراد هو أبو مصعب السوري، وما نشره بعنوان: مختصر شهادتي على الجهاد في الجزائر، ويمكن الاطلاع على النص استئناسًا نقلاً عن أحد المنتديات،
http://benbadis.org/vb/showthread.php?t=12270
7- انظر: محمد الشافعي وما نقله عن أبي الوليد المصري حامد مصطفى، ثرثرة فوق سقف العالم- منظِّر الأفغان العرب: «الخليفة» كفَّر من لم يبايعه وهدَّد عرب باكستان بأنه سوف يسبي نساءهم، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2006،
http://classic.aawsat.com/details.asp?issueno=10193&article=388935
8- انظر كنموذج حول موقف أبرز رموز التيار السلفي من الأحزاب والتحزب موقع السكينة، الْحِزْبِيَةُ هِيَ الْفِتنَةُ فَاعْرِفُوْهَا، 27 مايو/أيار 2011،
http://www.assakina.com/taseel/8056.html
9-  انظر التناوب بين العدو القريب والعدو البعيد بهدف الاستمرار، في كتاب مراد بطل الشيشاني، تنظيم القاعدة: الرؤية الجيوسياسية والاستراتيجية والبنية الاجتماعية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2012، ص25 وما بعدها. وانظر استراتيجية الزرقاوي العسكرية المتدحرجة، بملاحقة الأميركيين من أفغانستان إلى العراق تمهيدًا للوصول إلى فلسطين في "الزرقاوي: الجيل الثاني للقاعدة" لفؤاد حسين، دار الخيال 2005، 44-45.
10- الكتب كثيرة حول هذا المبحث، ولكن للاقتراب أكثر من تفكير القاعدة، يمكن الاطلاع على فيديو مصور لأبي قتادة الفلسطيني، الجواب المفيد لأسئلة التوحيد أبو قتادة الفلسطيني 3/4، تم نشره في 3 ‏ديسمبر/كانون الأول 2012،
http://www.youtube.com/watch?v=YQFKs81s4os
11- انظر على سبيل المثال: أبو محمد المقدسي في رسالته بعنوان: شبهة؛ إعذار طواغيت الحكم بالجهل والإكراه، موقع منبر التوحيد والجهاد، بلا تاريخ،
http://www.tawhed.ws/r?i=rv8duxmp
والمقدسي هو صاحب الكتاب الشهير "مِلَّة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين"، وهو العمدة لدى التيارات الجهادية ومنها تنظيم الدولة نفسه الذي يحاجج المقدسي بكتابه هذا في تبرير تكفيره لبعض الجماعات المخالفة كالإخوان. انظر الكتاب، موقع منبر التوحيد والجهاد، بلا تاريخ،
http://www.tawhed.ws/r?i=iti4u3zp
12- موقف الجهاديين من الإمارة لا يزال يقترب مما أورده سيد إمام في الباب الثالث من كتابه العمدة في إعداد العدة، وجوب الإمارة لوجوب الجهاد ولو خلا الزمن من خليفة.
13- انظر نص مقابلة أبي محمد المقدسي مع قناة الجزيرة، موقع الجزيرة نت، لقاء اليوم، أبو محمد المقدسي: السلفية الجهادية، 10 يوليو/تموز 2005،
http://www.aljazeera.net/programs/today-interview/2005/7/10/%d8%a3%d8%a8%d9%88-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%af%d8%b3%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9
وعلى اليوتيوب على الرابط أدناه:
http://www.youtube.com/watch?v=z3QBKvkLv-o
وانظر نص رد الزرقاوي على المقدسي في مدونة الهجرة إلى التوحيد على الرابط أدناه:
http://ak-ma.blogspot.com/2013/03/blog-post_9.html
14- انظر موقع الجريدة الإلكتروني، ترجم دراسة أميركية لمركز مكافحة الإرهاب في وست بوينت، ونشرها على حلقات ابتداء من 16 يناير/كانون الثاني 2008، والروابط أدناه،
http://www.aljarida.com/news/index/216897/
http://www.aljarida.com/news/index/217241/
http://www.aljarida.com/news/index/217576/
http://www.aljarida.com/news/index/217833/
http://www.aljarida.com/news/index/218104/
15- انظر وثائق أبوت آباد في موقع مكافحة الإرهاب في وست بوينت، 3 مايو/أيار 2014،
LETTERS FROM ABBOTTABAD: BIN LADIN SIDELINED? 3/5/ 2012
Author(s): Don Rassler, Gabriel Koehler-Derrick, Liam Collins, Muhammad al-Obaidi, Nelly Laho
https://www.ctc.usma.edu/posts/letters-from-abbottabad-bin-ladin-sidelined
وانظر ياسر الزعاترة، صورة ابن لادن في وثائق "أبوت آباد"،10 مايو/أيار 2012، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2012/5/10/صورة-بن-لادن-في-وثائق-إبت-آباد
16- انظر حول تراجع القاعدة أمام موجة الثورات على سبيل المثال: محمد أبو رمان، أيديولوجيا القاعدة ومحاولة "التكيف" مع الثورات العربية، الأهرام الرقمي نقلاً عن السياسة الدولية، يوليو/تموز 2011،
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=643521&eid=6738
محمد الشنقيطي، تراث ابن لادن في زمن الثورات، الجزيرة نت، 4 مايو/أيار 2011،
http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2011/5/4/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB-%D8%A8%D9%86-%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B2%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA
17- انظر مقتل أبي خالد السوري وسيط القاعدة، صحيفة الحياة، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2014،
http://www.alhayat.com/Articles/752220/-%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9--%D9%82%D9%8F%D8%AA%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D8%B5%D8%A7%D8%B5%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D8%AF%D8%B1%D9%87-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A3%D9%86-%D9%8A%D9%81%D8%AC%D9%91%D8%B1--%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D9%86--%D8%AD%D8%B2%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%86%D8%A7%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%85%D9%82%D8%B1--%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1-
وللمزيد انظر: وليد غانم، من هو أبو خالد السوري؟، 24 فبراير/شباط 2014، موقع كلنا شركاء،
http://www.all4syria.info/Archive/132991/
18- حول نزاع الطرفين، انظر: محمد أبو رمان، قراءة في أبعاد الخلاف بين الظواهري والبغدادي، 22 مايو/أيار 2014، الجزيرة نت،
http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2014/5/22/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%88%D8%A7%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D9%8A
19- من ذلك على سبيل المثال كتاب أبي مارية القحطاني أحد شرعيي جبهة النصرة "البراهين الفاضحة في جهل الغلاة" ويقصد به تنظيم الدولة.
20- انظر على سبيل المثال: المحاججة بين الطرفين، تسجيل صوتي لأبي محمد العدناني، "عذرًا أمير القاعدة" تم نشره في 11‏ مايو/أيار 2014، ، مؤسسة الفرقان،
http://www.youtube.com/watch?v=6Ri71R9QeFA
وانظر الرد بفيديو للقاعدة بعنوان: الإصدار الملجِم: رد افتراءات العدناني على الشيخ الظواهري، تم نشره في 2 يونيو/حزيران 2014،
http://www.youtube.com/watch?v=70D1Ezko7rw
21- رد تنظيم الدولة بكثافة على الانتقاص أو نقض خلافة البغدادي؛ فمن ذلك على سبيل المثال: القول الصافي في صحة بيعة سليل آل النبوة أبي بكر القرشي الحسيني البغدادي ثم السامرائي، لأبي الزهراء الأثري. وآخر بعنوان: مد الأيادي لبيعة البغدادي لأبي همام الأثري.
22- انظر موقف التنظيم من الربيع العربي والإخوان والسلمية ويختصر الخلاف مع القاعدة على اليوتيوب، كلمة صوتية للشيخ أبي محمد العدناني ثبَّته الله بعنوان: السلمية دين مَنْ؟، تم نشره في 31 يناير‏/كانون الثاني 2013، مؤسسة الفرقان،
http://www.youtube.com/watch?v=9N2yVA8zdfc
ويمكن الاطلاع على النص المفرغ للكلمة على الرابط أدناه:
http://www.muslm.org/vb/showthread.php?518885-%D8%AA%D9%81%D8%B1%D9%8A%D8%BA-%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D8%A8%D9%88-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%89-%D8%AD%D9%81%D8%B8%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8F-%D9%85%D9%86-%D8%9F

عودة للصفحة الرئيسية للملف

نبذة عن الكاتب