لغز البقاء والتمدد: كيف يصمد ويقاتل تنظيم الدولة؟

بعد أكثر من سبعة عشر شهرًا للحملة الجوية على "تنظيم الدولة"، وبعد الهجمات البرية عليه من أطراف مختلفة وأحيانًا متصارعة، لا يزال التنظيم قادرًا على البقاء والتمدد. تسعى هذه الورقة لفهم أسباب الصمود العسكري لتنظيم الدولة أمام قوى محلية ودولية تتفوق عليه عددًا وعُدَّة بمراحل كبيرة.
10 مارس 2016
307da312c60a468b8d4e233188cec15a_18.jpg
لم يفسَّر بقاء وتمدد تنظيم الدولة عسكريًّا بشكل كامل إلى اليوم، والتفسيرات المتمثِّلة بالجغرافيا والحواضن الشعبية والدعم الخارجي لا تساعد كثيرًا في فهم الحالة. (أسوشيتد برس)

تبحث هذه الورقة أسباب الصمود العسكري لتنظيم الدولة أمام قوى محلية ودولية تتفوق عليه عددًا وعُدَّة بمراحل كبيرة. وتنقسم الورقة إلى ثلاثة أقسام؛ يراجع القسم الأول بعض الدراسات الأمنية والعسكرية التي تفسِّر أسباب انتصار أو صمود الأطراف الأضعف عسكريًّا أمام الأطراف الأقوى. أمَّا القسم الثاني من الورقة، فيركِّز على القدرات العسكرية للتنظيم، وسبل استخدامها على المستويين التكتيكي والاستراتيجي. ويناقش القسم الأخير من الورقة أزمة البيئات السياسية العربية والتناقضات في استراتيجية التحالف لمكافحة التنظيم والآثار المترتبة على ذلك. وتخلص إلى أن هزيمة "تنظيم الدولة" عسكريًّا، قد تعالِج مؤقتًا عارضًا من عوارض الأزمة السياسية في المنطقة، ولكن جذور الأزمة تبقى قائمة.

بعد أكثر من سبعة عشر شهرًا للحملة الجوية على "تنظيم الدولة" بقيادة الولايات المتحدة، وبعد تعدد الهجمات البرية عليه من أطراف مختلفة وأحيانًا متصارعة، لا يزال التنظيم قادرًا على البقاء والتمدد. وتأتي هذ النتيجة المحيرة رغم قلَّة عدده وعتاده مقارنةً بأعداد وعتاد أعدائه، وكذلك رغم الخسائر الكبيرة التي مُنِيَ بها منذ أوائل عام 2015.

في يونيو/حزيران 2015، أكَّد نائب وزير الخارجية الأميركي -أنطوني بلينكن- أن ضربات التحالف دمَّرت أكثر من 6200 هدف لتنظيم الدولة، وقتلت أكثر من 10.000 من مقاتليه منذ بدء الغارات الجوية في سبتمبر/أيلول 2014، بينما حَدَّثَ البنتاجون هذه التقديرات، في ديسمبر/كانون الثاني 2015، ليؤكد أن القوات الجوية الأميركية وحدها أغارت أكثر من 8600 مرة، وألقت خلال الغارات أكثر من 28.000 قنبلة على مواقع التنظيم في العراق وسوريا، أي حوالي 60 قنبلة و17 هجومًا جويًّا بصورة يومية لمدة تقترب من عام ونصف(1). وقد قدَّر البنتاجون قتلى تنظيم الدولة خلال سبعةَ عشرَ شهرًا الأخيرة بعشرين ألف قتيل، بينما لم يعترف إلا بقتل ستة مدنيين "خطأً"(2). وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، قدَّر الرئيس الأميركي -باراك أوباما- خسائر التنظيم بـ40? من أراضيه في العراق(3)، بينما قدَّرت تقارير أخرى، صدرت من مراكز أبحاث متخصِّصة في التحليل الاستخباري-العسكري، أن التنظيم فقد 14? من أراضيه (12.800 كيلومتر مربع) في كلٍّ من العراق وسوريا ما بين يناير/كانون الثاني وديسمبر/كانون الأول 2015(4).

ورغم خسائره في الرمادي وتكريت وبيجي وريف الحسكة وبعض بلدات وقرى الرقة وريف حمص وحماة، إلا أن التنظيم لم ينهرْ على عكس ما تنبأت به موازين القوى الصلبة على الأرض، أو أي تحليل عسكري تقليدي يأخذ تلك الموازين في الاعتبار.

ومقارنة بنظامي طالبان في أفغانستان والبعث في العراق، فَقَدَ الأول السيطرة على عاصمته الفعلية (قندهار) خلال شهرين من الغارات الجوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وضربات قوات المعارضة الموالية للتحالف. أمَّا الثاني فقد خسر السيطرة على العاصمة بغداد بعد أقل من شهر ونصف من الغزو الأنجلو-أميركي في مارس/آذار 2003. أمَّا في حالة تنظيم الدولة، فبعد ما يقرب من عام ونصف من ضربات التحالف الدولي المكوَّن من أكثر من 60 دولة، لا يزال التنظيم يسيطر على عاصمتيه العراقية في الموصل، والسورية في الرقة. وخلال عامي 2014 و2015 توسَّع التنظيم وبقى على أراضٍ تمتد من أجزاء من محافظة حلب السورية إلى أجزاء من محافظة صلاح الدين العراقية بعرض 650 كليومترًا.

وتشمل هذه المنطقة أجزاء كبيرة من محافظات الأنبار ونينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين في العراق، وكذلك أجزاء كبيرة من الرقة، والحسكة، ودير الزور، وحلب، وحمص، وريف دمشق في سوريا. وسيطر التنظيم أيضًا على ضاحية الحجر الأسود في دمشق وأجزاء كبيرة من مخيم اليرموك حتى أواخر 2015، ووصل إلي مسافة تقل عن خمسة كيلومترات من ساحة الأمويين في وسط دمشق. هذه المناطق (أو "الولايات" بحسب التقسيم الإداري-الجغرافي للتنظيم) يقطنها عدد يُقدَّر بعشرة ملايين شخص. كما أن للتنظيم سيطرة أو نفوذًا -يتقدم ويتراجع- في مناطق أخرى كأجزاء من وسط وشرق ليبيا (سرت وبن جواد)، وشمال شرق نيجيريا، وشرق أفغانستان (وخاصة نانغهار)، ومصر (شمال شرق سيناء)، ومناطق أخرى.

تسعى هذه الورقة لفهم أسباب الصمود العسكري لتنظيم الدولة أمام قوى محلية ودولية تتفوق عليه عددًا وعُدَّة بمراحل كبيرة. وتنقسم الورقة إلى ثلاثة أقسام: يراجع القسم الأول بعض الدراسات الأمنية والعسكرية التي تفسِّر أسباب انتصار أو صمود الأطراف الأضعف عسكريًّا أمام الأطراف الأقوى. أمَّا القسم الثاني من الورقة، فيركِّز على القدرات العسكرية للتنظيم، وسبل استخدامها على المستويين التكتيكي والاستراتيجي. ويناقش القسم الأخير من الورقة أزمة البيئات السياسية العربية والتناقضات في استراتيجية التحالف لمكافحة التنظيم والآثار المترتبة على ذلك(5).

الفئة القليلة: كيف تَغْلِب عسكريًا؟

منذ الربع الأخير من القرن العشرين، كان هناك ارتفاع مطَّرد في القدرات العسكرية لتنظيمات مسلحة معارضة لدول وأنظمة حُكم. وقد وثَّق العديد من الدراسات الأمنية العسكرية ارتفاعًا كبيرًا في انتصارات هذه التنظيمات على السلطات النظامية القائمة، أو انعدام قدرة هذه السلطات على هزيمة تنظيمات مسلحة أضعف منها بكثير من حيث الموارد والأعداد. ومثَّل ذلك تغييرًا حقيقيًّا في الأنماط التاريخية السائدة. فمثلًا أظهرت دراسة لـ286 تمردًا مسلحًا، بين عامي 1800 و2005، أن السلطات الحاكمة انتصرت فقط في 25? من المعارك مع تنظيمات ثورية مسلحة بين عامي 1976 و2005. وهذا بالمقارنة مع الانتصار في 90? من المعارك مع ثوار مسلحين بين عامي 1826 و1850(6)ووصل مركز راند -المُمَوَّل جزئيًّا من وزارة الدفاع الأميركية- لنتيجة مشابهة في دراسة لـ89 صراعًا داخليًّا مسلحًا، انتصرت فيها القوات النظامية في 28 حالة (31?)، وانهزمت القوات غير النظامية في 26 حالة (29%)، وكانت النتيجة مختلطة في 19حالة (2%) (حالات التفاوض السياسي أو التقسيم الجغرافي أو غيرها)، وتَلَخَّص الباقي في حالات صراع مستمر(7)، أي إن القوات المسلحة النظامية التابعة للسلطة الحاكمة انهزمت أو عجزت عن الانتصار أو مستمرة في القتال في 69? من الحالات المدروسة (أغلبها في النصف الثاني من القرن الماضي).

وقد وفرت الدراسات الأمنية والعسكرية مجموعة من التفسيرات والتحليلات عن أسباب انتصار أو صمود الكيانات الأضعف عسكريًّا أمام الكيانات الأقوى -سواء كانت تلك الكيانات تحالفات دولية أو دول منفردة أو كيانات-دون-الدولة مثل المؤسسات المسلحة (كفصائل من الجيش النظامي أو كتنظيمات مسلحة ثورية). وركَّز معظم هذه التفسيرات والنظريات المبنية عليها على وعورة الجغرافيا/تعقيدات الطبوغرافيا، والحاضنات الشعبية بأنواعها المختلفة (شعبوية، عِرقية، مذهبية، جهوية، دينية، فكرية/أيديولوجية)، والدعم الخارجي الدولي للطرف الأضعف عسكريًّا، وكذلك على التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية للأطراف المتصارعة.

وسلَّط ماو تسي تونج -أبرز منظِّري وقادة الحروب الثورية الحديثة- الضوء على مركزية ولاء السكان المحليين للمقاومة المسلحة الناجحة -سواء كانت ضد استبداد أو استعمار- بقوله: "يجب أن يسبح المغوار (المقاتل) بين الناس كما يسبح السمك في البحر"(8). ويصل الدليل الميداني لمكافحة التمرد المسلح الخاص بالجيش الأميركي ومشاة البحرية -الذي بُنِيَ بالأساس على تجارب فيتنام والعراق وأفغانستان مع دراسة عميقة لحالات أخرى- لنفس النتيجة تقريبًا بتأكيده أن الصراع بين الجندي النظامي والمتمرد المسلح هو بمثابة "مسابقة ولاء" لاستمالة عامة الناس، أغلبهم غير موالٍ للأطراف المتقاتلة، ولذلك، فالنجاح في مكافحة التمرد يتطلب كسب عقول وقلوب الجمهور المحايد(9). ويوجد ما يشبه الإجماع بين علماء الاستراتيجية العسكرية المتخصصين في دراسات الحروب الثورية، على أن وحشية تعامل القوات النظامية مع السكان المحليين تساعد بشكل مباشر المقاتلين غير النظاميين على تجنيد الأفراد وجلب الموارد وإضفاء الشرعية. ويُسمِّي الجنرال ستانلي ماكريستال -القائد السابق للقوات الأميركية في أفغانستان- تلك العلاقة بـ"حساب المتمردين" ((insurgents math: "كل مدني برئ تقتله القوات النظامية يُوَلِّدْ عشرة مقاتلين جدد ضدهم"(10).

أمَّا التفسيرات العسكرية التي ركَّزت على الجغرافيا وتعقيداتها فهي كثيرة ومتنوعة، وأكَّد كلٌّ من جيمس فيرون وديفيد ليتون في دراسة شهيرة أن الجغرافيا هي واحدة من أربعة متغيرات حاسمة في حالات التمرد المسلح الناجح(11). كما اعتبرها صن تزو -المنظِّر الاستراتيجي والقائد العسكري الصيني الشهير- واحدة من خمسة عوامل حاسمة في أي صراع مسلح بغضِّ النظر عن نوعه. أمَّا ماو تسي تونغ فكتب أن حروب العصابات تكون أكثر نجاعة في البلدان الكبيرة حيث يسهل ضرب خطوط إمداد القوات النظامية بأعداد وتكاليف قليلة. أمَّا نيل ماكولي فقد دَرَسَ ودَرَّسَ كيف استطاع المئات من المقاتلين الثوريين اليساريين من جنسيات متعددة هزيمة جيش نظامي قوامه أربعون ألف جندي أثناء الثورة الكوبية في خمسينات القرن الماضي، عبر استخدام التضاريس الوعرة لقلب الميزان العسكري لصالحهم. وكان الضابط الفرنسي ومنظِّر الحروب الثورية المعروف -ديفيد جالولا- يؤكد أن "دور الجغرافيا حاسم في الحرب الثورية…وإذا فشل المتمرد، مع ضعفه الأولي، في الحصول على مساعدة الجغرافيا، فإن ثورته المسلحة ستسقط قبل أن تبدأ"(12). وقد أدخل كينيث بولدينغ نظرية "فقدان القوة المتدرج (LSG)" إلى التفسيرات الجغرافية. وفي صورتها المبسطة يعني المصطلح أنه كلما ابتعد القتال عن تمركزات القوات النظامية (كالعواصم والمدن والمعسكرات الكبيرة)، فقدت تلك القوات بعضًا من قوتها. ويعدِّل سباستيان شوت النظرية عام 2014 ليخلص إلى القول: إن القوات النظامية تفقد "الدقة" في إصابة الهدف وليس بالضرورة القوة كلما ابتعدت المسافة عن تمركزاتها. وتصبح حينها الهجمات أكثر عشوائية وأقل دقة (في قتل المتمردين)، وبالتالي، يزداد الغضب المحلي وترتفع شرعية المتمردين وقدراتهم على التعبئة والتجنيد.

وقد ركَّز علماء آخرون على أهمية الدعم الخارجي بأنواعه المختلفة للطرف الأضعف عسكريًّا. فدراسة راند لـ89 حالة تمرد مسلح على أنظمة متنوعة (استبدادية، ديمقراطية، استعمارية)، وجدت أن الحركات المسلحة التي استفادت من رعاية دولة أو دول خارجية انتصرت في 67? من الحالات المحسومة عسكريًّا. أمَّا حين يتوقف الدعم الخارجي، ويصير الاعتماد على الداخل فقط، تتراجع نسب الانتصارات إلى 25? من الحالات المحسومة (أي الحالات ذات الانتصار أو الهزيمة الواضحة، ولا تأخذ هذه النسب في الاعتبار الحالات المختلطة أو المواجهات المستمرة غير المحسومة).

وقد أوضحت مجموعة أخرى من علماء الاستراتيجية العسكرية أن انتصار الطرف الأضعف قد يُفَسَّرْ بالتكتيكات الميدانية والاستراتيجية العسكرية؛ فمن حيث التكتيكات الميدانية، وجدت دراسة لجامعة ييل أن الآليات العسكرية الحديثة (وخاصة سلاحي المدرعات والطيران) قد قوَّضت قدرة الجنود على نسج علاقات إيجابية مع السكان المحليين، وبالتالي قَوَّضت القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية القيمة من المتعاونين المحليين. وخَلُصَ عدد كبير من علماء الاستراتيجية -وخاصة من الجامعات الأميركية والبريطانية- إلى أن التكنولوجيات الجديدة في الأسلحة، والاتصالات، والمعلومات، وعلم الاستخبارات، والنقل، والبنية التحتية، والعلوم التنظيمية والإدارية وتوظيف كل ذلك عسكريًّا لم يعد حِكرًا على الدولة أو على النظام المستولي عليها أو مؤسساته المسلحة(13). وقد سمح "كسر الاحتكار" بتحسين الأداء القتالي لتنظيمات مسلحة مستقلة عن الدول والأنظمة. ويفسِّر هذا الزيادة الملحوظة في عدد هزائم أنظمة أو حكومات دول على يد تنظيمات مسلحة أقل منها عددًا وعتادًا، وذلك بخلاف النمط التاريخي الذي بيَّنَته الإحصائيات المشار إليها سابقًا. وقد قدَّم بعض الباحثين المختصين إطارًا معقدًا من التفاعلات الاستراتيجية بين كيانات عسكرية متفاوتة القوة. وخلصت دراستهم إلى أن الطرف الأضعف يتمكن من الانتصار -في الأغلب- إذا تبنَّى استراتيجيات معاكسة لاستراتيجيات وتكتيكات للطرف الأقوى. فمثلًا استراتيجية "حرب المغاوير" (استراتيجية قتال غير المباشرة) هي الأنسب ضد استراتيجيات الهجوم المباشر من قِبل الطرف الأقوى بما في ذلك الاستراتيجيات التي تندرج تحت اسم "الحرب الخاطفة التدميرية" (البليتزكريغ).

القدرات العسكرية لتنظيم الدولة: المستويان الاستراتيجي والتكتيكي

نجد عناصر عدَّة من النظريات والدراسات العسكرية والاستراتيجية المعروضة أعلاه تساعدنا على فهم حالة تنظيم الدولة في كلٍّ من العراق وسوريا وليبيا ومصر وأماكن أخرى. ولكن بقاء وتمدد التنظيم عسكريًّا لم يفسَّر بشكل كامل إلى اليوم، فالتفسيرات المتمثِّلة بالجغرافيا والحواضن الشعبية والدعم الخارجي والنظريات المبنية على ذلك لا تساعد كثيرًا في فهم تلك الحالة. ونجد أن معظم مناطق سيطرة تنظيم الدولة ليست بوعورة جبال كوبا أو أفغانستان أو الشيشان حيث استفادت الأطراف الأضعف عسكريًّا من تعقيدات الجغرافيا. أمَّا "الحواضن" فهي لا تتعدى أقليات تصغر وتكبر بحسب شراسة ووحشية الأنظمة المتصارعة مع التنظيم -وهي وحشية سائدة في المنطقة-. أجرى معهد دراسات الإدارة والمجتمع المدني في العراق استطلاعًا مصغرًا للرأي في مدينة الموصل(14)، وجد فيه أن نسبة من يعتقدون أن آراءهم أو مصالحهم يمثِّلها تنظيم الدولة لم تتجاوز الـ10? في يونيو/حزيران 2014، ثم ارتفعت في ديسمبر/كانون الأول 2015 بعد ضربات التحالف لتصل إلى 39? من العينة المستطلعة(15). كما أن التنظيم يُنظر إليه من قِبل بعض مؤيديه (من غير المنضمين لصفوفه) في مناطق مثل سرت (ليبيا)، ودير الزور (سوريا)، وسيناء (مصر) على أنه "شَرٌّ أقل من شر آخر (الأنظمة الحاكمة)". هذا بالإضافة إلى أن التنظيم ليس فقط في حالة حرب مع العديد من الحكومات والأنظمة في المنطقة وخارجها، بل مع شرائح واسعة من مجتمعات مسلمة محافظة، وكذلك مع كثير من التيارات الإسلامية السُّنِّية والشيعية، وحتى مع بعض التيارات الجهادية بما فيها تنظيم القاعدة وتنظيمات أخرى. وأمَّا الدعم الخارجي، وبالرغم من توافر نظريات المؤامرة، التي تتراوح جودتها بين الرديء والجيد، والتي يتبناها كافة الأطراف في إطار الدعاية السياسية وتشويه الخصوم، إلا أنه لم يثبت بعدُ أن التنظيم يتلقى دعمًا منهجيًّا مباشرًا من أية حكومة أو نظام، مشابهًا مثلًا للدعم السوفيتي للثوار الكوبيين أو الدعم الباكستاني والسعودي لفصائل المجاهدين الأفغان.

وقد تفسِّر التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية للتنظيم قدرته على الصمود والتوسع أكثر مما سبق. نسبيًّا لا يملك التنظيم أعدادًا كبيرة ولا عتادًا أكثر تطورًا من عتاد أعدائه. فمن ناحية نِسَب القوة العددية، قدَّرت وكالة الاستخبارات الأميركية (السي آي إيه)، في عام 2014، أعداد مقاتلي التنظيم فيما بين 20.000 و31.000. ومقارنة بقوات الجيش العراقي فقط، يُتَرجَم هذا العددُ لمقاتل واحد مقابل عشرة جنود، وهذا دون الأخذ في الاعتبار القوات المساندة أو الحليفة كالحشد الشعبي والحشد العشائري ووحدات البيشمركة والتحالف الدولي. أمَّا في معركتي الموصل (يونيو/حزيران 2014) والرمادي (ديسمبر/كانون الأول 2015-يناير/كانون الثاني 2016)، فانخفضت النسبة إلى مقاتل واحد مُهَاجِم مقابل عشرين جنديًّا وضابطًا مُدافِعًا في الموصل، وحوالي مقاتل واحد مقابل 25 جنديًّا وضابطًا في حالة الرمادي. وفي مناطق خارج العراق وسوريا، تتراجع نِسَبُ القوة العددية أحيانًا لتصل لمقاتل واحد مقابل خمسمائة جندي وضابط كما هي الحال في شمال سيناء. وهذه تقديرات نِسَب القوة العددية فقط، وهي لا تأخذ في الاعتبار نوعية العتاد ونِسَب كثافة النيران وآثار الدعم والإسناد الجوي والاستخباري والاستراتيجي/التخطيطي/الاستشاري الإقليمي والدولي، وكلها عوامل ونِسَب ليست في صالح التنظيم.

ولكن بخليط من تطبيقات لمبادئ عامة في الاستراتيجية العسكرية، والصلابة في الميدان، ولا مركزية أُطر القيادة والسيطرة، والتزام الجنود بخطط القيادات والتفاني في تنفيذها، أيًّا كانت درجة وحشيتها، مع الجمع النوعي ما بين تكتيكات غير معهودة ميدانيًّا وتنفيذها بطرق مفاجئة وسريعة ودقيقة ومتكررة، بخَلط هذا كله، استطاع التنظيم التغلب ليس فقط على قلَّة العدد والعتاد، وإنما استطاع الانتصار في معارك لم يكن يُتَوَقَّع انتصاره فيها بناء على المعطيات العسكرية التقليدية.

ينسجم بعض الأساليب القتالية المستخدمة مع ما كتبه صن تزو -المنظِّر الاستراتيجي والقائد العسكري الصيني الشهير- خاصة فيما يتعلق بجمع المعلومات الاستخبارية عن العدو، والتخفي قبل وبعد الضرب، والضرب في الخاصرة الضعيفة، واستخدام عنصر المفاجأة بشكل عالي الكفاءة، وتجنُّب العدو في مناطق قوته ووقت استعداده(16). كما أن الجمع ما بين تكتيكات "إرهاب المدن" -وخاصة الهجوم بطوابير السيارات المفخخة بقيادة انتحاريين بصورة مفاجئة ومتكررة، والاستخدام المُكَثَّف لسلاح القناصة والاغتيالات قبل وأثناء الهجوم- مع أساليب الحروب الثورية التقليدية (وخاصة الوحدات المختلطة من العسكريين والمتطوعين المدرَّبين، سريعة الكرِّ والفرِّ، وصغيرة العدد)، بالإضافة إلى التكتيكات النظامية التقليدية (المدفعية الخفيفة والثقيلة والمدرعات والدبابات وكذلك أنواع مختلفة من الصواريخ الموجهة وغير الموجهة)- قد أثبتت فعالية كبيرة رغم قلَّة العدد.

ويأتي نمط الهجوم -بهدف السيطرة على الأرض (قرية أو بلدة أو أحياء في مدينة)- الذى تتبعه الوحدات القتالية التابعة للتنظيم كالآتي: الهجوم من ثلاث جهات في وقت واحد بكثافة نيران عالية، لدفع القوات المدافعة للجهة الرابعة. وحين تتجمع القوات المدافعة في الجهة الرابعة، يتم ضربها بسيارة أو طابور سيارات مفخخة (إمَّا بتفجير عن بُعد أو بانتحاريين)، وهو غالبًا ما يؤدِّي إمَّا لانهيار القوات المدافعة أو إضعافها بشكل يسهِّل عملية الهجوم. ويشير النقيب حسن الحجري -أحد قادة لواء "صقور الجبل" في سوريا- أن بعد الضرب بالمفخخات يتم الهجوم مباشرة بوحدات "الانغماسيين" -وهي وحدات كوماندوز صغيرة لا تزيد عن 20 مقاتلًا (كثيرون منهم غير محليين)(17). وهذه الوحدات تخضع لتدريبات خاصة على تكتيكات "القتال عن قرب" (closed quarter combat)(18) ، ومهمتهم الرئيسية بعد الضرب بالمفخخات هي كسر خطوط العدو الدفاعية والإغارة على الأهداف الصعبة، ثم التقدم ببطء "بعد تفجير السيارات، لا ترسل "داعش" أكثر من 10-15 مقاتلًا من جنسيات مختلفة. يتقدمون مسافة 50 مترًا ثم ينبطحون، ثم يتقدمون 50 مترًا أخرى، ثم ينبطحون ويتمركزون. هذه الطريقة في الهجوم لم نسمع بها في أية أكاديمية عسكرية عربية، بما في ذلك أكاديميات (نظام) البعث" كما يقول ضابط سابق من الفرقة 101 في الجيش الحر(19).

ويبدو أن المفخخات بأنواعها (عبوات، سيارات، دراجات بخارية، وغيرها) قد أثبتت فعالية كبيرة في اختراق الخطوط، وفي المبادرة بالهجوم، وحتى في التكتيكات الدفاعية، غير أن مكانها في العقيدة العسكرية لتنظيم الدولة لا يزال غامضًا. فبعض المحللين العسكريين يؤكدون أن قيمتها في عنصر الصدمة والرعب الذى تحدثه، وأثر ذلك في إضعاف وإرباك أعداء التنظيم. ويركز آخرون على الأضرار الكبيرة التي تسبِّبها المفخخات، وبالتالي حسم المعركة سريعًا لصالح قوات التنظيم حتى لو كان الميزان العسكري التقليدي في غير صالحها. فعندما سُئِلَ ضباط الجيش السوري الحر وبعض العسكريين الليبيين من الكتيبة 166 (قاتلت تنظيم الدولة في سرت) عن أسباب الانتصارات العسكرية للتنظيم رغم قلَّة العدد والعتاد، كانت الإجابات مشابهة وملخصها: "المفخخات مفتاح الانتصارات".

وهناك جانب آخر مهم يتعلق بأطر القيادة والسيطرة التابعة لتنظيم الدولة؛ فأحيانًا يهاجم التنظيم مواقع وبلدات غير مهمة على المستوى الاستراتيجي وبأعداد محدودة. ويبدو هنا أن قرارات الهجوم تتُخذ على مستوى قيادة ميدانية متوسطة، دون الرجوع للقيادات العليا. وعلى الرغم من فشل بعض هذه الهجمات على المستويين التكتيكي والميداني، إلا أن تكرارها ونجاحها في أحيان آخري يشير إلى أمر مهم على مستوى القيادة والسيطرة: درجة من عدم المركزية في اتخاذ القرار. درجة عدم المركزية هذه في طريقة العمل العسكري (modus operandi) هي أكثر نضجًا وفعاليةً -من الناحية العسكرية- من طرق عمل العديد من الجيوش النظامية العربية، وهي أحد أسباب ضعفها التكتيكي شبه المزمن. ومن الناحية العملية تغلَّب تنظيم الدولة على عقبة كبيرة أمام الفعالية العسكرية لبعض الجيوش النظامية العربية، التي أظهرت -مرارًا وتكرارًا- قليلًا من المبادرة والإبداع التكتيكي، شبه انعدام للقدرة على الابتكار والارتجال دون أوامر القيادة العليا، القليل من القدرة على التكيف مع الظروف المفاجئة وغير المتوقعة، وعلى العمل التكتيكي والميداني بشكل مستقل. وقد تعكس هذه الدرجة من عدم المركزية الميدانية ضعف "الترابط الاستراتيجي" بين الوحدات العسكرية و"الاضطراب التكتيكي"، وهي نقاط ضعف تقليدية قد تنذر بهزيمة أي كيان عسكري وزواله، إلا أن في حالة "تنظيم الدولة" ثبت أن مركزية القيادة العليا مع عدم المركزية الميدانية أمر حيوي للأداء العسكري. فهي تساعد القوات الضاربة المتحركة للتنظيم على اتخاذ قرارات سريعة في مواجهة قوات متفوقة عليها إلى حدٍّ كبير. وبالإضافة لذلك، يبدو أن القيادات الميدانية للتنظيم تتعلَّم بشكل سريع، مما يحسِّن أداءها بشكل مستمر.

أمَّا من حيث الدفاع، فإن قوات الدفاع الجوي التابعة للتنظيم -في معظمها- ضعيفة ومحدودة وغير متطورة، وتستطيع التعامل فقط مع المروحيات وبعض الطائرات الحربية القديمة التي تحلِّق على ارتفاعات منخفضة (في مستوى الـ 20.000 قدم أو أقل). وقد كلَّف ذلك التنظيم كثيرًا. فأسلوب الحرب النظامية التقليدي (وخاصة استخدام المدرعات) قد تم تقويضه إلى حدٍّ كبير بفعل الضربات الجوية للتحالف، وانعدام قدرة الدفاعات الأرضية على الرد. إلا أن التنظيم استطاع تجنُّب المزيد من الخسائر عبر تفريق وإخفاء الأسلحة الثقيلة وبعض العربات المدرعة والدبابات التي نجت من القصف. أمَّا أثناء هجمات التنظيم، فمقاتلوه يستفيدون من اختلاط الصفوف في ساحة المعركة حيث يستخدم كلا الجانبين نفس الخليط من الأسلحة الروسية والأميركية والصينية. ويجعل تمييز القوات الجوية بين القوات الصديقة للتحالف وقوات التنظيم أمرًا صعبًا للغاية. وتتفاقم صعوبة الاستهداف الدقيق أيضًا بسبب العدد المحدود من وحدات التحكم في الهجوم الـJTAC))، وهي محطات مشتركة لأفراد مؤهَّلين يدعمون العمليات الجوية الهجومية معلوماتيًّا عن قُرب من الجبهة.

وتضيف نوعية المقاتلين المنضوين تحت لواء التنظيم لرصيده العسكري، من ناحية الصلابة في الميدان والتجرد للهدف. فالمقاتلون المفيدون للتنظيم يندرجون تحت ثلاث فئات: الفئة الأولى هي الأعضاء السابقون في قوات مسلحة نظامية (وخاصة من العراق وسوريا ومصر وجورجيا)، وهؤلاء خدموا في قطاعات مختلفة منها الحرس الجمهوري، والاستخبارات العسكرية، والمدفعية، والمدرعات، والشرطة (المدنية والعسكرية). والفئة الثانية هي فئة المقاتلين غير النظاميين الذي قاتلوا في حروب سابقة، وتعددت خبراتهم القتالية في جغرافيا متنوعة (جبال، وأدغال، وصحراء، ومدن، وقرى، وبلدات). والفئة الثالثة هي المقاتلون المحليون الذين تراكمت لديهم خبرة طويلة في مواجهة القوات النظامية المحلية وبناء شبكات دعم لوجستي على مدى العقد الماضي. بعض المقاتلين -وخاصة المنتمين للفئة الثانية- خاضوا العديد من المعارك الدفاعية لحرمان العدو من السيطرة على قرى أو بلدات أو مدن في بلدان عدَّة. ونفس هؤلاء المقاتلين استخدموا في وقت لاحق تكتيكات حروب المغاوير حين خسروا تلك الأراضي لأعدائهم. واعتمدت هذه التكتيكات على وحدات مشاة خفيفة الحمولة من 10-15 مقاتلًا تشتبك مع العدو من مسافة قريبة (50 إلى 250 مترًا) وهي تُحَيِّدْ بذلك استخدام المدفعية الثقيلة وقصف الطيران.

المستقبل القريب والعدو البعيد

ويبقى أن نشير سريعًا إلى البيئة التي نشأ وترعرع وبقى وتمدَّد تنظيم الدولة فيها؛ فالسلاح الُمشَرعَن بفتاوى دينية أو السلاح المُشَرعَن بالقومية المتطرفة هو أهم أسباب الوصول والبقاء في السلطة السياسية في معظم دول المنطقة باستثناءات قليلة. أمَّا صناديق الاقتراع والدساتير والقوانين ومبادئ الحكم الرشيد والإنجازات الاجتماعية والاقتصادية فهي مجرد عوامل ثانوية، وأحيانًا مجرد أمور تجميلية في أغلب البيئات السياسية العربية. وفي سياق إقليمي يُثبت -بشكل متكرر- أن صندوق الرصاص أكثر فعالية من صندوق الاقتراع في الوصول والبقاء في السلطة، وفي سياق ترى فيه نسبة كبيرة من النخب السياسية والاجتماعية والثقافية أن تصفية واستئصال المخالف السياسي -عبر التعذيب على الأقل أو عبر الإبادة الجماعية على الأكثر- "بطولة ووطنية"، وأن التنازلات المتبادلة والتسويات السياسية حقنًا للدماء "خيانة"، فإن تنظيم الدولة والتيارات الجهادية الأخرى لم تفعل أكثر من أنها زادت جرعة العنف، وكَثَّرت الأهداف، وتطرفت أكثر في تفسير الدين؛ ولكنها لم تخرج عن الأنماط السائدة في سياسات المنطقة، وهي تيارات وتنظيمات في حدِّ ذاتها نتاج طبيعي لعنف هذه الأنماط ودمويتها(20).

ولذلك، لا توجد لدى التنظيم صعوبات كبيرة في التجنيد من الأقليات المؤيدة له، نظرًا لأن البيئة السياسية القمعية تساعده على إضفاء مصداقية على خطابه التعبوي. ومن هنا الخلل في استراتيجية احتوائه وتدميره على المدى الطويل؛ إذ تقوم تلك الاستراتيجية حاليًا على أربعة أركان رئيسية -ركنين عسكريين/أمنيين وركن سياسي/إصلاحي وركن فكري/خَطَابي-: الضربات الجوية لاحتوائه على المدى القصير، والشركاء المحليين المتعاونين مع قوات التحالف لإضعافه وتدميره على الأرض على المدى المتوسط أو الطويل، ومحاولة إصلاح البيئات السياسية من خلال التسويات و/أو المصالحات و/أو الديمقراطية لخلق البيئة السياسية والاجتماعية الوائدة لإعادة إنتاج التنظيم، وإنتاج الأيديولوجيات والخطابات المضاد للوقاية من أفكار التنظيم والسلوكيات المترتبة عليها على المدى الطويل. الأركان كلها تتعارض مع بعضها البعض، وإن كان أشدهما تعارضًا هما الركنان الثاني والثالث. فاعتبار أنظمة ارتكبت مجازر ضد شعوبها وجرائم ضد الإنسانية "شركاء" في مكافحة الإرهاب (وهو بعض ما يترتب على الركن الثاني)، هو بذاته ما سيضرب الركن الثالث من الاستراتيجية على المدى الطويل. وبالتالي فإن هزيمة "تنظيم الدولة" عسكريًّا -وهي بحدِّ ذاتها نتيجة يجب عدم النظر إليها على إنها إنجاز تكتيكي/ميداني كبير نظرًا للفوارق الهائلة في العدد والعُدَّة والعتاد- قد تعالج مؤقتًا عارضًا من عوارض الأزمة السياسية في المنطقة، ولكن جذور الأزمة تبقى قائمة (إلا في حالة نجاح الركن الثالث، وهو بعيد عن التحقيق حتى الآن). وبالتالي فإن تلك الجذور ستولِّد عارضًا آخر قد يكون أكثر تطرفًا وأشد عنفًا وصلابة. 
__________________________________________
د. عمر عاشور، أستاذ محاضر في الدراسات الأمنية والاستراتيجية بجامعة إكستر البريطانية، وزميل مشارك بقسم الدراسات العسكرية في المعهد الملكي للدراسات الدولية (تشاثام هاوس).

نبذة عن الكاتب

مراجع
1. Schultz, Bryan. “The Pentagon Says It Has Killed 20,000 ISIS Fight-ers—and Just 6 Civilians.” Mother Jones, 23 December 2015.
(Accessed: 15/02/2016)
2. المصدر السابق.
3. انظر تقرير البي بي سي:
US hitting IS harder than ever, says Obama 
(Accessed: 15/02/2016)
4. Strack, Coloumb, et al. “Islamic State's Caliphate Shrinks by 14 Percent in 2015” Jane Intelligence report, 21 December 2015.
5. تجنَّبت الورقة عدَّة أبعاد مهمة، يرى الباحث ضرورة بحثها بصورة أعمق، أولها: المستوى الميداني/العملياتي؛ وذلك بالرغم من أهمية تحليله خاصة في معارك ريف حلب (يناير/كانون الثاني 2014)، ومدينة الرقة (يناير/كانون الثاني-مارس/آذار 2014)، والموصل (يونيو/حزيران 2014)، والرمادي (مايو/أيار 2015، وديسمبر/كانون الأول 2015-يناير/كانون الثاني 2016)، وسِرت (مايو/أيار-أغسطس/آب 2015)، والشيخ زويد (يوليو/تموز 2015)، وريف دير الزور (يناير/كانون الثاني 2016). كما تتجنب الورقة تحليل القدرات الأمنية والاستخبارية للتنظيم، وقد ثبت أهميتها القصوى في العمل العسكري، وخاصة قدرات التنظيم على اختراق خصومه ورسم الخرائط الداخلية للفصائل المنافسة أو بعض الأنظمة التي تحاربه. وتجنَّبت الورقة أيضًا الخوض في الغلو والتطرف الأيديولوجي والخطاب التعبوي والدعائي للتنظيم، بالرغم من أهمية ذلك عسكريًّا أيضًا، وخاصة لعمليات التجنيد المتواصل والمستدام، وبالتالي القدرة على تدريب وتبديل وإحلال المقاتلين ومن ثمَّ البقاء والتمدد في الميدان، والاستمرار كهيكل "دولة". 
6. المصدر السابق. 
7. Connable, B. and M. C. Libicki. How Insurgencies End, Rand Publications, 2010.
8. Mao, T. On Guerrilla Warfare. Champaign, University of Illinois, (1937) 1961.
9. Petraeus, David, James F. Amos, and John A. Nagl. The U.S. Ar-my/Marine Corps Counterinsurgency: Field Manual, University of Chi-cago Press, 2007.
10. Deryfus, B. “How the War in Afghanistan Fuelled the Taliban.” The Nation, 23 September 2013. 
11. Fearon, J. D., and D. D. Laitin. ‘‘Ethnicity, Insurgency and Civil War.’’ American Political Science Review, Vol. 57, No. 1 (2012): 75-90.
12. Galula, D. Counterinsurgency Warfare: Theory and Practice, Westport, CT Praeger, 1964
13. الخلاصة مبنية على عدد كبير من الدراسات العسكرية و الاستراتيجية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
Ashour, O. The De-Radicalization of Jihadists: Transforming Armed Islamist Movements. New York, London: Routledge, 2009. Connable, B. and M. C. Libicki . How Insurgencies End. Arlington: Rand Publications, 2010. Fearon, J. D., and D. D. Laitin. ‘‘Ethnicity, Insurgency and Civil War.’’ American Political Science Review vol. 57, no. 1 (2012): 75-90. Johnston, P. B. ‘‘The Geography of Insurgent Organization and its Consequences for Civil Wars: Evidence from Liberia and Sierra Leone.’’ Security Studies vol. 11 (2008): 107-37. Kalyvas, S. The Logic of Violence in Civil Wars. Cambridge: Cambridge University Press, 2006. Kalyvas, S., and Matthew A. Kocher. ‘‘Ethnic Cleavages and Irregular War: Iraq and Vietnam.’’ Politics and Society vol. 35, no. 2 (2006): 183-223.
14. انظر تفاصيل استطلاع الرأي:
(Accessed: 15/02/2016)
15. المصدر السابق.
16. Tzu, Sun The Art of War, Pax Librorum, 2009.
17. Hendawi, Hamza. Abdul-Zahra, Qassim and Mroue, Bassem. “In-side ISIS Battle Strategy, Use of Special Forces,” Associated Press, July 8, 2015 
18. أنظر شهادة أحد المنضمين لمعسكرات التنظيم:
(Accessed: 15/02/2016)
19. مقابلة مع الكاتب، سبتمبر/أيلول 2015.
20. عاشور، عمر "من التعاون إلى القمع: العلاقات الإسلامية-العسكرية في مصر"، مركز بروكينجز الدوحة، مارس/آذار 2015،