العلاقات الصينية الإفريقية.. شراكة أم استغلال: وجهة نظر إفريقية

العلاقات الصينية الإفريقية لغز يجمع بين الربح والألم، والفرص والاستغلال، والنمو والاعتماد على الآخر وتستفيد البلدان الإفريقية من الحضور الصيني؛ لأنه يؤدي إلى نمو مستدام وتحسين البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وتدفق استثمارات جديدة، ومزيد من العلاقات التجارية الاقتصادية مقابل توجهات أقل تسييسا.
2014419165759782734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تبنت الصين مقاربة أكثر مرونة بشأن سياستها الإفريقية فهي لا تدعم التدخل في إفريقيا بل تقوم بالوساطة المحايدة في الصراعات الإفريقية، كما فعلت في دارفور بالسودان سنة 2007، وتوسطت من أجل صفقة سلام بين شمال السودان وجنوبه في موضوع التنازع على مناطق حدودية غنية بالبترول في أغسطس/آب 2012، وتوسطت لحل الصراع بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بشأن دعم الأخيرة للمؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب. كل هذه المحاولات وغيرها توصف بأنها "تأثيرية" أكثر منها "تدخلية".

ليس صحيحًا أنه يسمح للصين والشركات الصينية بارتكاب أعمال غير مشروعة في إفريقيا كما تدعي وسائل الإعلام الغربية. والصين تنظر إلى إفريقيا على أنها عنصر مركزي في مشروع استدامة نمو اقتصاد الصين وتطويره على المدى البعيد. وبحسب بنك الصين، فإن إفريقيا مصدر مهم لتزويد الصين بحاجتها المتزايدة للمادة الخام، إذ إن إفريقيا لديها واحد من أضخم احتياطيات المواد الخام، كما أنها المصدر الرئيسي للموارد الطبيعية الخام.

الصين في إفريقيا.. التاريخ والمصالح

الحضور الصيني في إفريقيا ليس جديدًا، كما أن إفريقيا ليست جديدة الحضور في الصين. فهناك تاريخ طويل من التواصل بين الصين وإفريقيا يعود إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، كما كانت هناك علاقات حكومية بين الصين وإفريقيا بعد فترة الحرب العالمية الثانية.

زاد من قوة العلاقات الصينية الإفريقية ما تقدمت به الصين من دعم لحركات تقويض الاستعمار والاستقلال السياسي في الدول النامية، بما فيها إفريقيا. أضف إلى ذلك الأهداف المشتركة التي جمعت الصين مع العديد من الدول الإفريقية تحت مظلة حركة عدم الانحياز أثناء الحرب الباردة. وما زالت العلاقات الصينية الإفريقية المعاصرة مميزة؛ بسبب اتساعها وعمقها وتعدد قطاعات التعاون ومستويات العلاقة التي تتسم بهيكلية متينة. ولذلك فمن الطبيعي الإشارة إلى تلك العلاقات بأنها "شراكة استراتيجية". وتستمر أنساق العلاقات الصينية الإفريقية في التقدم بدافع من التيارات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، وخاصة طموحات الصين وصعودها في السياسية الدولية.
 
من الناحية الرسمية، تبرر الصين اهتمامها بإفريقيا ونشاطها فيها على أساس تاريخي، حيث تستلهم سرديات التجارب المشتركة مثل خضوع المنطقتين للاستعمار والنضال ضده، والصداقة التاريخية والتضامن إبان الحرب الباردة (حركة عدم الانحياز)، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المشتركة التي لها علاقة بالفقر ومشاكل التنمية. وطبقًا لسياسة الصين في إفريقيا للعام 2006، فإن مبادئ الصين التي تحكم علاقتها بإفريقيا وأهدافها هناك تتمثل في التالي: 

  • الإخلاص والصداقة والمساواة. 
  • المنافع المشتركة التبادلية، والازدهار المشترك.
  • الدعم المتبادل والتنسيق الوثيق والتعاون مع إفريقيا والأمم المتحدة والأنظمة التعددية. 
  • التعلم من بعضهم البعض، والحرص على التنمية المشتركة. 
  • مبدأ الصين الواحدة.

بعيدًا عن الإعلانات الرسمية، يمكن فهم اهتمامات الصين الحقيقية ودوافع نشاطها في إفريقيا من خلال المعايير الجيوسياسية والاقتصادية. فمن الناحية الجيوساسية، تعد الدول الإفريقية ضرورية للمصالح الصينية التي تسعى إلى تطبيق سياسية "الصين الواحدة"؛ وذلك من أجل عزل تايوان، وتعديل التوازن لصالحها في مقابل الهيمنة الغربية التي تقودها الولايات المتحدة في مجال العلاقات الدولية. على أن السياق الأوسع هو الدعوة التي تتبناها الصين برفع مستويات التعاون بين سكان الجنوب، وتشكيل مجموعة "البركس" (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا) كمنتدى يطالب بإصلاح المؤسسات الدولية الرئيسة؛ من أجل تحقيق نظام يضم الجميع، ويحقق مزيدًا من العدل والمساواة.

غير أن أهم دوافع الصين للتفاعل مع إفريقيا هو العامل الاقتصادي؛(1) ولذلك فإن الصين تنظر إلى إفريقيا على أنها عنصر مركزي في مشروع استدامة نمو اقتصاد الصين وتطويره على المدى البعيد. وبحسب بنك الصين، فإن إفريقيا مصدر مهم لتزويد الصين بحاجتها المتزايدة للمادة الخام، إذ إن إفريقيا لديها واحد من أضخم احتياطيات المواد الخام، كما أنها المصدر الرئيسي للموارد الطبيعية الخام. أضف إلى ذلك، الفرص المعتبرة للتجارة والاستثمارات الصينية، وذلك لوجود الكثافة السكانية المتزايدة في إفريقيا وقوتها الشرائية، والحاجة الماسة لوجود بنية تحتية اجتماعية واقتصادية. وازدادت وتيرة التجارة بين الصين وإفريقيا سرعةً خلال العقد المنصرم؛ إذ قفز التبادل التجاري من 10.6 مليارات في عام 2000 إلى 150 مليارًا في العام 2010، ثم إلى 166.3 مليارًا في عام 2011. أما بالنسبة لعام 2012 فقد وصل حجم التبادل التجاري 198.49 مليارًا (زيادة بمعدل 19.3% على 2011). وقد كان 85.319 مليارًا من هذه المبالغ عبارة عن صادرات صينية لإفريقيا, وجزء آخر هو 113.171مليارات، واردات من إفريقيا للصين.

وتشير بعض التقديرات الأولية إلى أن حجم التجارة في 2013 كان أكثر من 200 مليار دولار. وبهذا تكون الصين قد تفوقت على الولايات المتحدة التي كانت أكبر شريك تجاري مع إفريقيا في عام 2009، عندما وصلت التجارة الصينية الإفريقية 106.8 مليارات دولار، مقابل 104.6 مليارات وهي حجم التبادل التجاري بين الصين وأمريكا.

إذن من الواضح أن إفريقيا أصبحت ثاني أكبر سوق خارجي للشركات الصينية (بلغ إجمالي المبيعات الصينية في إفريقيا 36.1 مليارًا، وهذا يُمثل 30% من إجمالي مبيعات الشركات الصينية في الخارج في عام 2011).

شكل 1: حجم التجارة الصينية-الإفريقية (2000 - 2012)

المصدر: مكتب معلومات مجلس الدولة، التعاون التجاري والاقتصادي بين الصين وإفريقيا، أغسطس/آب 2013. (2)

تمسك إفريقيا بالصين.. الدوافع المتنوعة

تمسكت الدول الإفريقية بعلاقاتها بالصين منذ عام 2000، وسرّعت من عجلة تلك العلاقات كما حاولت توطيدها. ويكمن أوضح المؤشرات على تلك العلاقة في توسع التجارة الصينية عبر القارة، وأهم من ذلك ما يتم من نشاطات شديدة الحضور تجمع بين الصين وإفريقيا. فعلى سبيل المثال، تعد جلسات (فوكاك) أكبر تجمع للقادة الأفارقة والصينيين بعد الاتحاد الإفريقي. وتعود حماسة الحكومات الإفريقية للاستجابة للنشاط الصيني إلى أربعة أسباب:

  1. جود صدى للسرديات التاريخية والسياسية الصينية حول تاريخ العلاقات الودية، واحترام الاستقلال السياسي، وفلسفة عدم التدخل. وباختصار، فإن منهج الصين القائم على منهج "عدم إملاء الشروط السياسية"، واعتماد منهج تفاعل اقتصادي قريب من المنهج التقليدي الغربي في النشاط الاقتصادي مع إفريقيا لقي قبولاً لدى القادة الأفارقة لثلاثة أسباب؛ الأول: هو تاريخ الاستعمار ورغبة إفريقيا في حماية فعالة لاستقلالها السياسي. الثاني: هو تفضيل القادة الأفارقة لأنظمة وسلطات سياسية مركزية، وليس مثل الأنظمة الغربية القائمة على النظام الديمقراطي التفويضي الذي تفضله الحكومات الغربية. والثالث: هو ما تعرضه الصين على القادة الأفارقة من مسارات بديلة للتنمية، ليس فيها مجال للهيمنة الخارجية. 
  2. وعد الصين بشراكة تحقق "الكسب للجميع"، خاصة عزم الصين على الاستثمار والدعم في مجال التنمية في البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا. وتعاني إفريقيا من عجز كبير في البنية التحتية، وخاصة في الشوارع، والجسور، والموانئ، والمستشفيات، والمدارس، إلخ. ويدل تعهد الصين بالاستثمار في هذا المجال على أنها تستجيب لاحتياجات الدول الإفريقية. وهذا يشمل قروض ائتمان تفضيلية للزبائن، وقروض امتيازية من المساعدات الخارجية.
  3. اعتماد الصين لمنهج فريد في تقديم المعونات التنموية والتمويل، حيث تمزج بين المنح الخاصة، والقروض الخالية من الفوائد، وتخفيض الدين والقروض الامتيازية لتمويل المنح الدراسية، وبناء منشآت البنية التحتية وتجهيزات الاتصالات، وبناء القدرات في مجال الزراعة والتعدين عبر إفريقيا.
  4. تزويد الصين الدول الإفريقية وقادتها ببديل معتبر لخريطة الطريق الغربية التقليدية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والتطوير؛ فالصين لا تشترط الليبرالية السياسية والاقتصادية كمتطلب مسبق للتنمية الاقتصادية. ذلك أن المنهج الصيني يشي بإمكانية التنمية الاقتصادية والاجتماعية دون ليبرالية سياسية. ويرغب القادة الأفارقة في تنمية اقتصادية مع ليبرالية اقتصادية محدودة. ويحاول الدبلوماسيون الصينيون دائمًا تأكيد تحرر بلدهم من الهيمنة الاستعمارية، والفوضى الداخلية، والركود الاقتصادي، ووصولهم إلى تحقيق تنمية اقتصادية مدهشة واستقرار سياسي. ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، أنقذت الصين أكثر من مائتي مليون من مواطنيها من الفقر المدقع. وتجد تلك السردية القومية لها صدى لدى الزعماء الأفارقة.

الصين في إفريقيا.. الشراكة أولا

للصين في التفاعل مع إفريقيا مكونان يوجهان سياساتها. المكون الأول هو سياستها التي وضعتها عام 2006، وهي مجموعة الأفكار والمفاهيم الرئيسية التي تحكم علاقات الصين وتفاعلها مع إفريقيا، والتي تشمل المبادئ والأهداف والاستراتيجيات التي تنتهجها الصين في نشاطها في إفريقيا. وهذه السياسة تقدم إلى العالم أهداف السياسة الصينية تجاه إفريقيا، والإجراءات التي تتبعها من أجل تحقيقها، ومقترحاتها للتعاون في مجالات عدة في السنوات القادمة، مع رؤية لتحفيز التطور الوطيد في العلاقات الصينية الإفريقية على المدى البعيد، والانتقال بالتعاون المفيد للجهتين إلى مرحلة جديدة.(3) وتشير سياسية الصين في إفريقيا إلى أربعة مجالات للتعاون: 

  1. التعاون السياسي بما فيه زيارات على أعلى المستويات، والاستشارات وتبادل الخبرات والتعاون في الشؤون الدولية (الأمم المتحدة). 
  2. التعاون الاقتصادي ويشمل التجارة، وتسهيل الحضور الإفريقي في الأسواق الصينية، والاستثمار الصيني والتجارة الصينية في إفريقيا، والتعاون الاقتصادي والزراعي وتنمية البنية التحتية، إضافة إلى أشياء أخرى. 
  3. التعاون في مجال التعليم، والعلوم والثقافة والصحة والجوانب الاجتماعية. 
  4. التعاون في مجال أمن الفضاء ويشمل التعاون في القضايا العسكرية، وتسوية الصراع وعمليات حفظ السلام، والقضايا التشريعية والشُّرطِية، وفي مجال مواجهة التهديدات الأمنية غير التقليدية.(4)

المكون الثاني لاستراتيجية النشاط الصيني في إفريقيا هو عبارة عن سلسلة من الوسائل والآليات التي تعتمدها من أجل تنسيق وتنفيذ الأهداف التي تم وضعها. وأهم هذه الوسائل هو (فوكاك) الذي بدأ في عام 2000 كتجمع للقادة الصينيين والأفارقة، ويلتئم كل ثلاث سنين، وتشارك فيه مؤسسات متعددة وقادة اقتصاديون يكرسون أنفسهم لتبادل الرؤى فيما يتعلق بالشؤون الدولية، ولمناقشة مبادرات تتعلق بصنع السياسية الصينية الإفريقية، والاتفاق عليها وتنسيقها وإعلانها.(5) وقد نَصَّ إعلانُ تدشين (فوكاك) في بيجين على أن هذا التجمع هو "إطار لحوار جماعي بين البلدان الإفريقية والصين على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة"، كما نص على مواصلة السعي نحو السلام والتنمية.(6) ومنذ عام 2011، عززت الصين نشاطها المتعدد الوجوه بتوقيع اتفاقيات إطار مع الاتحاد الإفريقي ومنظمات المجتمعات الاقتصادية المحلية (إكواس وإياك)؛ من أجل تعزيز التعاون وتشجيع تسهيل التجارة والاستثمار المباشر ومشاريع تعمير البنية التحتية العابرة للحدود والمعونات التنموية.
 
أما على مستوى العلاقات الثنائية، فيتم تنسيق الحضور الصيني من خلال البعثات الدبلوماسية في إفريقيا، ومن خلال وفود خاصة، ومن خلال التجارة والاستثمار، وزيارات رئاسية، وزيارات عالية المستوى في المجال العسكري، إلخ. وفي معظم الحالات، تكون الشركات المملوكة للدولة في الصين رأس الحربة في النشاطات الاقتصادية في إفريقيا.

بعيدًا عن التبادل الحكومي-الحكومي، فإن هناك قطاعًا خاصًّا صينيًّا تجاريًّا صاعدًا، وهناك نشاطات استثمارية عبر إفريقيا، تبدأ من التجارة الخفيفة وتصل إلى تجارة الإنتاج. ويكثر انتشار القرى الصينية في كثير من المدن الإفريقية، كما يزداد حضور العمال والتجار الصينيين ألفةً لدى الجماهير في بلدان للصين فيها نشاطات استثمارية أساسية. إذ يقدر عدد الشركات الصينية أو فروعها بأكثر من 2000 شركة (كان عددها 700 عام 2005)،(7) كلها نشطة في مجال الزارعة والتعدين والبناء والتعمير ومعالجة منتجات الموارد، والتصنيع، والدعم اللوجستي التجاري والعقارات في أكثر من 50 دولة إفريقية.

الحقيقة والأسطورة في العلاقات الصينية-الإفريقية

كثير من الأشياء الشائعة بشأن الحضور الصيني في إفريقيا تعتمد على تحليل وسائل الإعلام والتقارير الغربية التي لا تعكس بالضرورة الصورة الكاملة، أو أنها تبالغ في توجهات معينة. ونركز هنا على بعض الجوانب البارزة في العلاقات الصينية الإفريقية:

الموارد الطبيعية والنظام السائد في التجارة الصينية-الإفريقية
يشمل التصدير الصيني لإفريقيا أجهزة ومعدات خاصة بالمواصلات (مركبات)، وبضائع كهربائية ومُصنَّعة (مولدات، ماكينات للمصانع والاتصالات)، ومواد كيمائية، وزيوت ووقود معدني. في عام 2012، وصل منسوب تصدير المنتجات الميكانيكية التي تشكل جزءًا من إجمالي صادرات السلع الصينية لإفريقيا 45,9%. وتبلغ صادرات الصين الزراعية لإفريقيا الآن 2,49 مليار دولار، وذلك بمعدل زيادة نسبته 57,6% منذ 2009. أما صادرات إفريقيا للصين فتشمل الوقود المعدني والزيوت (تمثل 70%من الإجمالي)، ومواد خام (عدا الطعام والوقود)، والبضائع المصنعة، والمواد الكيميائية، والمعادن النفيسة، والحديد والصلب، والألمونيوم والقطن، والمطاط، والسمسم، والفول السوداني والكاكاو والدهون الحيوانية والنباتية والنفط.(8) وأكبر الدول التي لها علاقات تجارية مع الصين هي كينيا ومصر وأنجولا ونيجيريا وجنوب إفريقيا (جمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وغانا، وتنزانيا، وزامبيا، وإلى حد أقل بنين، وتوغو، وليبيا، والجابون، والسودان). وتستحوذ الدول الخمسة الأولى على 50% من صادرات الصين لإفريقيا.(9) وباستثناء جنوب إفريقيا، كل الدول المشار إليها غنية بالموارد الطبيعية، وعليه فلها وضع البنود الرئيسة في أي اتفاق بشأن قطاعي التجارة والاستثمار، والاهتمام العام بالموارد الطبيعية في التفاعل الاقتصادي الصيني الإفريقي. ويُعزى كثير من الزيادة في التجارة (صادرات إفريقيا) مع الصين إلى زيادة في المزودات النفطية (نسبة المزودين الأفارقة للصين تبلغ 25% من واردات الصين من النفط، ويمثل النفط حوالي 70% من الصادرات للصين).(10)

أنساق الاستثمار الصيني تفضل البلدان الإفريقية الغنية بالموارد
ازداد الاستثمار الصيني الخارجي المباشر في إفريقيا منذ عام 2009، رغم أن الاستثمار الإفريقي الخارجي المباشر قلّ في نفس الفترة نتيجة للأزمة المالية العالمية. ويأخذ الاستثمار الصيني أشكالاً عدة بما فيها الاستثمار المباشر في التصنيع واستكشاف النفط والغاز واستخراج المعادن، والقروض الامتيازية لتطوير البنية التحتية (تمويل). وكان ازدياد الاستثمار الصيني في إفريقيا واحدًا من الأولويات المتفق عليها والتعهدات التي تم الإعلان عنها في قمة (فوكاك) في بيجين عام 2012، وأدت إلى تأسيس صندوق التنمية الصيني الإفريقي (كادف) كآلية لتنفيذ السياسة من أجل تشجيع الاستثمار الصيني في إفريقيا. وبحلول نهاية عام 2012، وافق (كادف) على استثمار 2.385 مليار دولار في 61 مشروعًا في 30 بلدًا إفريقيًّا، هذا إضافة إلى 1.806 مليار دولار تم استثمارها من قبل في 53 مشروعًا عبر إفريقيا. ومن اللافت أن واحدًا فقط من هذه الاستثمارات كان في مجال الزراعة. وبالمجمل، فإن المجموع التراكمي للاستثمار الصيني الخارجي المباشر ارتفع من 9.33 مليارات (2009) إلى 21.23 مليارًا (2012)، وتلك زيادة أكثر من 200%.

وتزعم الصين أن للتصنيع في إفريقيا موقعًا مهمًّا في مشروعها الاستثماري في إفريقيا، حيث انتقل من 1.33 مليار دولار (2009) إلى 3.43 مليارات (2012). كما تزعم الصين بأن النسق الذي تتبناه في استثمارها في التصنيع منتشر بشكل متساوٍ عبر البلدان الغنية بالموارد والبلدان الفقيرة الموارد. على سبيل المثال، استثمرت الشركات الصينية في مصانع تنقية السكر في مالي، كما أسست مصانع زجاج، وفرو، وحبوب طبية، ومصانع سيارات في إثيوبيا، واستثمرت في النسيج ومشاريع تصنيع أنابيب الصلب في أوغندا. ومع ذلك فإن معظم الاستثمار الصيني الخارجي المباشر يركز على القطاعات الاستراتيجية مثل النفط واستكشاف المعادن ومشاريع بُنى تحتية تنفذها شركات صينية تملكها الدولة.

التمويلُ في مجال البنية التحتية باعتباره شكلاً من أشكال الاستثمار، سريعُ النمو ويتبدى ذلك في شراكة أكثر من 35 بلدًا إفريقيًّا مع الصين في مجال تمويل البنية التحتية وترتيبات بشأن التنمية، كما يتبدى في قيمة الالتزام الصيني المالي تجاه تلك المشاريع التي ارتفعت من مليار دولار عام 2003 لتصبح 7,5 مليارات عام 2008. وفي عام 2012، أنجزت الشركات الصينية عقود مشاريع بناء بقيمة 40.83 مليار دولار في إفريقيا، وتلك زيادة بنسبة 45% عن عام 2009، وذلك يمثل 35.02% من عقود الأعمال الصينية الخارجية الناجزة.

ويتم تمويل نسبة كبيرة من الاستثمار الصيني في البنية التحتية الإفريقية من خلال قروض امتيازية من الحكومة الصينية والبنوك الصينية. وتعد إفريقيا ثاني أكبر سوق لديه عقود مع الصين منذ عام 2009. وتشمل قطاعات الاهتمام الكهرباء، والمواصلات، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. وبعض أكبر المستفيدين من ذلك هم نيجيريا، وأنغولا، وإثيوبيا، وجنوب إفريقيا، والسودان، وزامبيا، والجزائر.(11)  كل هذه البلدان غنية بالموارد الطبيعية (ما عدا جنوب إفريقيا) وهم شركاء رئيسيون في التجارة مع الصين، وعليه فمن المقترح أن يكون هناك استراتيجية بشأن احتياجات الصين من المصادر الطبيعية، والتجارة والنشاطات الاستثمارية في صناعة الاستخراج بإفريقيا.(12)

المساعدات الصينية في إفريقيا لا تقوم على منح الموارد الطبيعية
من الصعب تقدير حجم المساعدات الصينية بشكل عام، وخاصة في إفريقيا؛ وذلك لأن تعريف الصين للمعونات التنموية مختلف عن غيرها. فالصين تزود إفريقيا بالمساعدات من خلال منح وقروض بلا فوائد، وتخفيض الدين وقروض امتيازية (بأسعار ثابتة وفوائد قليلة)، وهذه كلها تستخدم لتمويل أفرقة الطب الصينية، والمنح، وبعض منشآت البنية التحتية (إستاد، مباني حكومية، شوارع، إلخ)، وأجهزة خاصة بالاتصالات ومساعدة فنية، ومشاريع بناء قدرات في مجال الزراعة والتعدين، إلخ.(13)  وقد بيّن مجلس الدولة الصيني في عام 2011 أن 40% من مساعدات الصين لإفريقيا تم تنفيذها من خلال منح، تبعتها قروض بلا فوائد (بما في ذلك إلغاء قروض كانت مستحقة وكانت تلك القروض بلا فوائد). وتقدر مساعدات الصين لإفريقيا في عام 2008 بـ 1.2 مليار دولار، ثم ارتفع ليصبح 1.4 مليار في عام 2009. (14) ومنذ تدشين برنامج تخفيض الدين في عام 2000، بينت بعض التقارير أن الصين ألغت 2,79 مليار في إفريقيا. كما ازدادت القروض الامتيازية لتمويل مشاريع معينة بشكل كبير، حيث ارتفعت من 800 مليون دولار في عام 2005 إلى 1.5 مليار في عام 2007، وارتفعت إلى 2 مليار في عام 2009 (إضافة إلى 3 مليارات خصصت لقروض ائتمان تفضيلية)، وهناك ارتفاع ملموس مقداره 10 مليارات في عام 2012. (15)  ومن 2010 إلى مايو 2012 صادقت الصين على قروض امتيازية مقدارها 11.3 مليارًا خصصت لـ 92 مشروعًا في إفريقيا. وتُظهر أنساق توزيع التمويل أن المعونات الصينية تركز على المساواة في التوزيع على كل البلدان التي تربطها علاقات دبلوماسية مع الصين (وهذا يرمز إلى الدبلوماسية الصينية في إفريقيا)، كما أن القروض الامتيازية ترتبط بقدرة البلد على التسديد، أو فيما إذا كانت ستمول مشاريع تدر الدخل.

الدول الإفريقية التي بدأت الاستثمار في الصين
مكون الاستثمار للتفاعل الصيني الإفريقي ليس خطيًّا؛ فالشركات والحكومات الإفريقية بدأت الاستثمار في قطاعات مثل صناعات البتروكيميائيات، والتصنيع والمعالجة والبيع بالجملة والمفرّق في الصين. وبحلول عام 2012 بلغ إجمالي استثمار الدول الإفريقية في الصين 14,242 مليار دولار، مما يعني أنه زاد بنسبة 44% عن مستويات الاستثمار في عام 2009. وتعد موريشوس، وسيشيل وجنوب إفريقيا ونيجيريا من بعض أكثر البلدان الإفريقية استثمارًا في الصين.

التجارة بين الصين وإفريقيا ما زالت ضئيلة لكنها صاعدة
رغم الزيادة الإجمالية في التجارة الصينية الإفريقية، فإنها تظل ضئيلة النسبة، مع أنها عمومًا في صعود. فبين عام 2000 وعام 2012، ارتفع إجمالي حصة إفريقيا من تجارة الصين الخارجية من 2.23% إلى 55.13%، وهذا يشير إلى أن نسبة الحضور التجاري الإفريقي يمثل نسبة ضئيلة من إجمالي التجارة الصينية. ومن عام 2000 إلى 2012 زاد حجم حصة التجارة الصينية الإفريقية، الذي هو جزء من إجمالي التجارة الإفريقية الخارجية، من 3.82% إلى 16.13%، وارتفعت الصادرات التي هي جزء من هذه الحصة، من 3.76 إلى 18.07%، كما ارتفعت واردات إفريقيا من الصين من 3.88% إلى 14.11%. وهذا يشير إلى أن أهمية الصين بالنسبة لإفريقيا أكبر من أهمية إفريقيا بالنسبة للصين من الناحية التجارية.

تورط الصين في تحديات إفريقيا الداخلية على مستوى الأمن السياسي
استثمار الصين الهائل وحاجتها إلى المواد الخام (الموارد الطبيعية) من إفريقيا تزيد من انكشافها على قضايا الأمن الداخلي في إفريقيا، خاصة أن قضايا الملكية، والرقابة، واستخراج الموارد وعمليات الاستخراج وإدارة الموارد الطبيعية كلها أسباب للتنافس والتوترات والمواجهة المسلحة والاضطهاد في إفريقيا. أضف إلى ذلك أن سياسية الصين القائمة على عدم التدخل ودعمها في مجال الأمن الاجتماعي والاقتصادي (قروض، منح، تعاون عسكري، إلخ) كلها متغيرات محتملة في حساب السياسات المحلية بالنسبة لغالبية البلدان الإفريقية، خاصة تمتين سلطات أصحاب المناصب. والأمثلة على انكشاف الصين المباشر لمثل هذه السيناريوهات كثيرة: في 2004 اختطف المتمردون عمالاً صينيين في جنوب السودان. في إبريل/نيسان 2006 حركة تحرير دلتا النيجر المسلحة (مِند) في جنوب نيجيريا الغني بالنفط، فجروا قنبلة احتجاجًا على حصة صينية بمبلغ 2.2 مليار دولار في حقول نفطية بالمنطقة. في يوليو/تموز 2006، وقعت احتجاجات عنيفة وحالات موت في منجم نحاس يملكه صينيون في تشامبيسي في زامبيا. في فبراير/شباط 2007 قام أحد المهاجمين بغارة على مصنع لصناعة الحجارة في كينيا وقتل عاملاً صينيًّا. في إبريل/نيسان 2007، قتلت الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين (أونلف) مهندسين إثيوبيين وصينيين في حقل نفط تابع للشركة الصينية للصناعات البتروكيميائية في منطقة أوغادين. وفي عام 2008 أخلت الصين 212 من مواطنيها من تشاد إلى الكاميرون بعد صدامات مسلحة في العاصمة التشادية.(16)

مقاربة مرنة وليست جامدة في إفريقيا
تبنت الصين مقاربة أكثر مرونة بشأن سياستها المعلنة بشأن سياسة عدم التدخل في إفريقيا في السنين الأخيرة، حيث إنها تقوم بالوساطة المحايدة في الصراعات الإفريقية. ويعود ذلك إلى أن الشركات الصينية والمواطنين الصينيين يقعون بشكل متزايد في شباك التقلبات الأمنية والسياسية الداخلية في بعض البلدان الإفريقية؛ ولذلك فإن الصين تتدخل ببطء وحذر في وساطة محايدة وواضحة في الصراعات الإفريقية، خاصة تلك التي تتعلق بشركاء تجاريين أقوياء ومزودين للمواد الخام، وتلك التي لها تداعيات دولية. والحاصل أن الصين حاولت الوساطة في التفاوض من أجل الوصول إلى تسوية للصراعات الإفريقية في دارفور في 2007، كما توسطت من أجل صفقة سلام بين شمال السودان وجنوبه في موضوع التنازع على مناطق حدودية غنية بالبترول ورسوم أنابيب النفط في أغسطس/آب 2012. (17) وتوسطت لحل الصراع بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بشأن دعم الأخيرة للمؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب، وهي حركة تمرد في لاورينت نكوندا في 2009 - كل هذه المحاولات تم وصفها بأنها "تأثيرية" أكثر منها "تدخلية".(18) إن جهود الوساطة في السودان بشأن دارفور وبشأن الصراع مع جنوب السودان مهمة من الناحية الاستراتيجية؛ لأنها تعلن دخول الصين في مرحلة الوساطة في أنواع من المواجهات المسلحة الداخلية والصراعات بين الدول في إفريقيا.

البلدان الإفريقية والحد من المبالغة الصينية
ليس صحيحًا أنه يسمح للصين والشركات الصينية بارتكاب أعمال غير مشروعة في إفريقيا كما تدعي وسائل الإعلام الغربية. ففي السنوات الخمس الأخيرة، أصبحت الحكومات الإفريقية أكثر حساسية تجاه التزايد المحتمل للشركات الصينية على الأرض. وتتبدى تلك الحساسية في حظر شركات صينية وطرد عمال صينيين. فعلى سبيل المثال، طردت حكومة جنوب السودان مدير شركة نفط صينية (بترودار) بتهمة سرقة النفط، كما قامت جمهورية الكونغو الديمقراطية بطرد اثنين من تجار السلع من منطقة كيفيو، وحرمت المحاكم الجزائرية شركتين صينيتين من المشاركة في عطاء عام؛ بسبب تهم فساد، إلخ.(19)

عين على المستقبل: لغز الصين في إفريقيا

إجمالاً، من الصعب التنبؤ بمستقبل العلاقات الصينية الإفريقية. فما زال هناك شيآن ظاهران؛ الأول: هو أن العلاقات -وخاصة المكونات الاقتصادية- ما زال أمامها متسع للتطور. وبالمثل فمن المتوقع أن تتطور العلاقات في المدى القصير والمتوسط. الثاني: هو أن العلاقات الصينية الإفريقية لغز يجمع بين الربح والألم، كما يمزج بين توفير الفرص والاستغلال، والنمو والاعتماد على الآخر. وتستمر البلدان الإفريقية في الاستفادة من الحضور الصيني؛ لأنه يؤدي إلى نمو مستدام وتحسين في البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وتدفق استثمارات جديدة، ومزيدٍ من العلاقات التجارية الاقتصادية (مقابل توجهات أقل تسييسًا). على أن التوصل إلى سيناريو حقيقي يكون بموجبه "الجميع فائزًا" خاصة بالنسبة لإفريقيا، يعتمد على عدد من الأشياء: 

  • قدرة العلاقة الصينية الإفريقية على التحول أو تحقيق تنمية القدرات الإفريقية المستهدفة في مجال التعليم والصحة والزراعة، أو تسريع تلك العملية. 
  • القدرة على تحويل القدرات التكنولوجية الإفريقية، خاصة في مجال الاستخراج ومعالجة مواردها الطبيعية وإضافة القيمة لها. 
  • ترجمة منافع التفاعل بحيث يستفيد منها المواطنون الأفارقة من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية والبيئية والسياسية. 
  • القدرة على التنسيق الفعال لنشاطات الحكومة الصينية والقطاع الخاص الصيني في إفريقيا. 
  • العمل على تنظيم أفضل لعمليات نقل الأسلحة الأكثر حساسية التي تقوم بها شركات صينية إلى إفريقيا.

___________________________
أُلاَولي إسماعيل - باحث ومحلل إثيوبي

الهوامش
1- Unless otherwise stated, socio-economic data cited in this paper are from Information Office, Chinese Council of State, August 2013. China-Africa Economic and Trade Cooperation (2013). Available at
2-  See:  http://news.xinhuanet.com/english/china/2013-08/29/c_132673093_2.htm
3- See China’s Africa Policy January 2006, p.1, http://www.focac.org/eng/zt/zgdfzzcwj/t230479.htm , accessed 12 February 2014.
4- China’s Africa Policy 2006, p.6.
5- See ‘Speech by Foreign Minister Tang Jiaxuan at FOCAC Inauguration’, 10 October 2000, http://www.focac.org/eng/ltda/dyjbzjhy/SP12009/t606806.htm , accessed 15 February 2014.
6- Beijing Declaration of the Forum on China-Africa Cooperation, October 2000 Declaration, para 2, available http://www.focac.org/eng/ltda/dyjbzjhy/DOC12009/t606796.htm ,accessed 18 February 2014.
7- Freemantle, S. & Stevens, J. 2012a. ‘China-Africa – taking stock after a decade of advance’, Africa Macro Insight and Strategy (19 March), South Africa: Standard Bank, p.2. Available at http://www.safpi.org/publications/china-africa-taking-stock-after-decade-advance , accessed 05 April 2013, p.7.
8- Freemantle, S &Stevens, J. 2012a., pp.3-6.
9- Freemantle, S. & Stevens, J. 2012b. ‘China-Africa – ties deepen, but on whose terms?’, Africa Macro Insight and Strategy (29 November), South Africa: Standard Bank, p.1. Available at https://m.research.standardbank.com/Research?view=1671-201751AE837543B7851A71B065317B30-1 , accessed 06 April 2013 p. 3.
10- Renard, M. 2011. ‘China’s Trade and FDI in Africa’, African Development Bank Group Working Paper Series No 126 (May), p.14.
11- Renard, 2011, Chinese Trade and FDI in Africa, pp. 19-20; and AfDB, 2010, Chinese Trade and Investment Activities, pp. 2-8, and 19.
12- African Development Bank (AfDB), 2010. ‘Chinese Trade and Investment Activities in Africa’, AfDB Policy Brief Vol.1, Issue 4 (29 July), p. 2.
13- Brautigam, D. 2011. ‘Chinese Development Aid in Africa: What, Where, Why, and How Much?’ In Rising China: Global Challenges and Opportunities, Jane Golley and Ligang Song, eds, Canberra: Australia National University Press, p.203.
14- Brautigam, 2011, Chinese development aid in Africa, p. 211.
15- Brautigam, 2011, Chinese development aid in Africa, p, 206.
16- Hoslag, Jonathan (2009) ‘China’s New Security Strategy for Africa’, Parameters (summer 2009), pp. 24-25.
17- See Colum Lynch, ‘China brokers tentative oil agreement between the Sudans’, available at, click here , accessed 23 September 2012.
18- Cited in Saferworld 2001. China’s growing role in African peace and security, p.31. Available at http://www.saferworld.org.uk/downloads/pubdocs/Chinas%20Growing%20Role%20in%20African%20Peace%20and%20Security.pdf . Accessed 25 February 2014.
19- See Economist ‘More than minerals’, 23 March 2013, http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21574012-chinese-trade-africa-keeps-growing-fears-neocolonialism-are-overdone-more.

نبذة عن الكاتب