الصورة الذهنية لجماعة الإخوان في الصحافة الإلكترونية المصرية

تبحث الورقة استراتيجيات الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية ودورها في رَسْمِ السِّمات، التي تُشكِّلُ أبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين. وتخلص إلى أن الصحافة الإلكترونية المصرية، قد تَحَوَّلَتْ، إلى ذِرَاعٍ سياسيةٍ لخدمة أجندةٍ غير إخبارية في صَوْغِ صورةٍ سلبيةٍ لجماعة الإخوان.
10 يونيو 2014
201461012243284734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تُحَدِّدُ الورقة استراتيجيات الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية في رَسْمِ وتَوْجِيهِ الاهتمام بأولويات "العلامات" والسِّمات، التي تُشكِّلُ أبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين، معرفيًا ووجدانيًا وسلوكيًا. وتُؤَسِّسُ الورقةُ تحليلها ودراستها لهذه العلامات والسِّمات على المبادئ والمقترحات، التي تُقَدِّمُهَا نظريات بناء المعاني، أو "نموذج المعنى"، بشأن الدور الذي يلعبه المضمون، أو المحتوى الإعلامي، في التركيب الاجتماعي للمعنى، وإنشاء حقائق اجتماعية جديدة، وتَشْكِيلِ صورةٍ ذهنيةٍ لجماعة، أو فئة، أو مؤسسة، أو أفراد، ومن ثم إعادة بناء العلاقات الاجتماعية، وإنتاج الرؤى، والمواقف السياسية، بتناغم مع الأبعاد الجديدة لهذه الصورة.

وتُبَيِّنُ نتائج الدراسة أن محتوى الرسالة الإعلامية، والذي يُتَحَكَّمُ في استراتيجيات بنائِه وأساليبه الإقناعية، يستهدف تَشْكِيلَ صورةٍ ذِهْنيةٍ نَمطيةٍ لجماعة الإخوان المسلمين، بل إنَّ القائم بالاتصال "يُخَطِّطُ" لإبراز الصورة الحالية (الراهنة) بِعَلاماتٍ وسِماتٍ مَخْصُوصَةٍ؛ تُنَاقِضُ الصورةَ التي ترى الجماعة نفسها من خلالها (الصورة المرآة)، فضلًا عن الصورة المرغوبة؛ وذلك من أجل تغييرِ البناء النفسي الداخلي، والمخزونِ المعرفي المُتَراكِم للأفراد، تجاه جماعة الإخوان، ودَعْمِ الوضع السياسي الجديد الذي نشأ بعد أحداث 3 يوليو/تموز 2013، والقوى المهيمنة على مفاصل السلطة. وهكذا، تكون الصحافة الإلكترونية المصرية (عينة الدراسة على الأقل) قد تَحَوَّلَتْ، في إطار "الصِّراعِ الرَّمْزِي" بين مكونات المشهد السياسي، إلى ذِرَاعٍ سياسيةٍ مُتَجَاوِزَةً دورها الإعلامي الإخباري لخدمة أجندةٍ غير إخبارية في صَوْغِ صورةٍ نمطيةٍ (سلبيةٍ) مُقَوْلَبَةٍ لجماعة الإخوان، لا تساعد على فهم جوهر الصراع، فضلًا عن تسويته؛ لأنها تعكس علاقات الهيمنة والسيطرة والقوة لجهة تفرض إرادتها ورؤيتها السياسية.

مقدمة

منذ أحداث 3 يوليو/تموز 2013، والتي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي، بدأت تَتَشَكَّلُ في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المحلية، باختلاف توجُّهاتِها وسيَّاساتِها التحريريةِ، صورةٌ ذهنيةٌ لجماعة الإخوان المسلمين، تتقاطعها أبعادٌ معرفيةٌ ووجدانيةٌ وسلوكيةٌ، تُبْرِزُ الإطارَ الدلاليَ، والخبراتِ المختزنةَ، واتجاهات القائم بالاتصال، التي تؤثر في تَوْجِيهِ ورَسْمِ اهتمامِ المستخدمين وأولوياتهم، وتَعكِسُ حالةَ الاستقطابِ المُشْبَعِ بالكَرَاهِيةِ بين مكونات المشهد السياسي المصري وأذرعه الإعلامية.

وكانت تطوُّراتُ هذا المشهدِ، بإعلانِ السلطة الانتقالية الحرب على الإرهاب، ودَمْغِ جماعة الإخوان بـ"عَلاَمَةِ" التنظيم الإرهابي، تُظْهِرُ تَعَاظُمَ دور الصحافة الإلكترونية في صَوْغِ صورةِ الإخوان، وتشكيلِ أبعادِها، وتُبْرِزُ اهتمامَ القوى السياسية المختلفة، ومراكزَ القوةِ الخَشِنَةِ (...)، باستخدام وسائل الإعلام الجديد مِنَصَّاتٍ لتوسيع مجال انتشار مكونات تلك الصورة بين الجمهور الإلكتروني إدراكًا لفاعليتها وقوَّتها في تشكيل الرأي العام.

إذًا، في هذا السياق السياسي، و"الإطار الإعلامي" المُوَجِّهِ والمُحَدِّدِ لاختيارات القائم بالاتصال وقراراته، تَبَلْوَرَتْ صورةٌ ذهنيةٌ لجماعة الإخوان مُلَـوَّنَةٌ(**) بالانطباعات الشخصية، والأحكام والتصورات السلبية؛ إذ سرعان ما أصبحت جماعة الإخوان (وكذلك التنظيم) في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية عَدُوًّا داخليًا وأَشدَّ خَطَرًا على الإسلام من اليهود العَدُوِّ الخارجي(1)، بل "إن هناك تَماثُلًا وتَشَابُهًا بين هذه الجماعة الإرهابية، وأهدافها ومبادئها، والتنظيم الصهيوني العالمي" في اغتصاب الأرض واستبعاد الشعب واستحلال الدم والحريات والأموال والأعراض(2).

وتَنَاولَ هذا الخطابُ المرجعيةَ العقائديةَ، والأصولَ الفكريةَ الماسونية للجماعة، وعلاقةَ قياداتها بالتنظيم الماسوني(3)؛ فَوَجَدَها "لا تختلف عن طوائف الخوارج واليهود والمجوس الذين دخلوا الإسلام في القرن الثالث الهجري لإفساده وهَدْمِ دولته من داخلها"(4).

ولا يجد البعض حَرَجًا في اتهام جماعة الإخوان بالمسؤولية عن الانتكاسات التاريخية للأمة، مثل سقوط الأندلس(5). وهكذا تَحوَّلَت هذه الانطباعاتُ والتصوراتُ والأحكامُ إلى صورةٍ نمطيةٍ مُقَوْلَبَةٍ ومُنْتَقَاةٍ تُشَكِّلُها تفسيراتٌ جاهزةٌ تكشف مرجعيات وأطروحات الخطاب الإعلامي المُرَوِّجِ لها، فأصبح الفضاء الإلكتروني مجالًا، أو ساحةً، أو ميداناً، لـ"الصِّراع الرمزي"(6) الذي يُجَسِّدُهُ خطاب إعلامي تُحَرِّكُهُ نَوازِعُ وتفاعلاتُ الصراع السياسي.

ويُشِيرُ ذلك إلى انتقال الصراع، والاستقطاب السياسي والثقافي في المجتمع، إلى وسائل الإعلام عمومًا، التي تَحوَّلت إلى أداةٍ لممارسة الصراع السياسي(7)، بل أصبحت فاعلًا سياسيًا بامتياز عندما تَخلَّتْ عن الاعتبارات المهنية التي تَحُدُّ من قُدْرَتِها على لعب الدور السياسي الذي وضعته لنفسها بشأن مقاومة حكم الإخوان، والعمل على حشد الجماهير ضده وصولًا لإسقاطه(8).

1. الإطار المنهجي للدراسة

أ‌. مشكلة الدراسة
إن تَعَاظُمَ استخدام الصحافة الإلكترونية في الصراع، والاستقطاب السياسي، بعد أحداث 3 يوليو/تموز، و(تعاظم) تَوْظِيفِهَا في تَشْكِيلِ صورةٍ ذهنيةٍ مُلَوَّنَةٍ لجماعة الإخوان المسلمين، يَكْشِفُ استراتيجيات القائم بالاتصال في تنظيم محتوى الرسالة الإعلامية في "إطار إعلامي" يُبَئِّرُ هذه الصورة لِتَوْجِيهِ أولويات اهتمام المستخدمين، ورَسْمِ الأجندة الإخبارية التي تُقَدِّمُ تفسيرات للواقع (بالنص والصورة والفيديو والرسوم والكاريكاتير)، وانطباعات وأحكام، يُؤَسِّسُ عليها هؤلاء المستخدمون معاني مشتركة، ونسقًا معرفيًا، عن جماعة وتنظيم الإخوان؛ آمِلاً (أي القائم بالاتصال) في استنباط سلوك معين، أو في التعديل الواقعي للسلوك؛ لأن "السلوك الشخصي والاجتماعي للأفراد يمكن أن يَتَحَدَّدَ جُزْئِيًا من خلال التفسيرات التي تُقَدِّمُهَا وسائل الإعلام للأحداث الاجتماعية والقضايا، التي لا توجد مصادر معلومات بديلة عنها"(9).

وهنا، تظهر الأبعاد المعرفية والوجدانية والسلوكية للصورة الذهنية، التي يُشَكِّلُها هذا الخطاب عن جماعة الإخوان المسلمين، وتصبح الكيفية التي يتصرف بها الإنسان تعتمد على هذه الصورة، كما أن أيَّ تغيير يطرأ عليها يستتبع بالضرورة تغييرًا في السلوك(10).

لذلك، تحاول الدراسة كشف وتحليل تأثيرات هذا الصراع، والاستقطاب السياسي، في بنية الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية، بشأن تشكيل الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين، وتحديد مُكَوِّناتها وعلاماتها وسماتها، وكيفية تَحوُّلِها إلى صورةٍ نَمَطِيَّةٍ مُؤَدْلَجَةٍ، بل ومعتقدات قابلة للتعميم تتميز بالثبات ولا يمكن الشك فيها.

ولا يمكن دراسة مكونات هذه الصورة دون معالجة نوع المصادر التي "تعلب دورًا متعاظمًا في تشكيل المعارف التي يقوم الأفراد من خلالها ببناء صور العالم من حولهم"(11)، خاصة أن هذه المصادر يتم اختيارها بصورة مقصودة وهادفة، في ظل الصراع السياسي بين أطراف الأزمة. 

وهكذا، سيكون مَنُوطًا بهذه الورقة دراسة أبعاد صورة جماعة الإخوان المسلمين في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية، ورصد علاماتها وسماتها، التي تُعِيدُ بناء مفاهيم ومعان اجتماعية جديدة عن جماعة الإخوان، وتُوَجِّهُ وتَرْسُمُ الاهتمام بها في تشكيل الاتجاهات والمواقف وردود الأفعال وتكوين الآراء واستنباط السلوك تجاه الجماعة.

ب‌. تساؤلات الدراسة
تطرح الدراسة سؤالًا محوريًا يتفرع عنه حقلٌ استفهاميٌّ يُشَكِّلُ إطارًا إجرائيًا لجمع المعلومات، واستخلاص النتائج، من خلال تحليل بنية الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية، واستراتيجياته في إنتاج المعنى، بشأن أبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين؛ وذلك على النحو الآتي:

  • كيف رَسَمَ الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية أبعاد صورة جماعة الإخوان المسلمين، ووَجَّهَ الاهتمام بها، في سياق الصراع السياسي الناشئ عن أحداث 3 يوليو/تموز بين مكونات المشهد السياسي؟
    وتتفرَّع عن هذا السؤال قضايا أساسية تحيط بأبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان:
  • ما العلامات والسمات، التي تُحَدِّدُ أبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين، في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية فكريًا ووجدانيًا وسلوكيًا؟
  • ما محور الأطروحات التي تُشَكِّلُ الصورة الذهنية لجماعة الإخوان والعلامات التي يُدْمَغُ بها التنظيم في هذا الخطاب؟
  • ما استراتيجيات القائم بالاتصال في بناء محتوى الرسالة الإعلامية وصَوْغِ الصورة الذهنية للجماعة وعلاماتها؟ 
  • ما طبيعة اتجاه المعالجة الإعلامية للصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين؟
  • ما تأثير الصراع، والاستقطاب السياسي، في تشكيل تلك الصورة؟ 
  • ما دلالة تلك الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين في سياقها الإعلامي والسياسي؟
  • ما وظائف الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية في تشكيل تلك الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين؟

ج‌. أهمية الدراسة
هناك مُسَوِّغَاتٌ كثيرةٌ تجعل دراسة الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين، وتحليل أبعادها ومكوناتها في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية، ذا أهمية كبيرة في حقل الدراسات الإعلامية والاتصال السياسي، أولًا لأن هذه الصورة الذهنية، كما ذُكِرَ آنفًا، تمثل البناء الاجتماعي للحقيقة، التي "يَعْتَقِدُها" ويُرَوِّجُها الخطاب الإعلامي؛ وذلك عبر تشكيل مفاهيم، وأطر معرفية، ورموز ثقافية، جديدة في المجتمع عن جماعة الإخوان المسلمين، لتصبح مصدر معلومات ومعارف المستخدمين، ومن ثم الأفراد والرأي العام عمومًا. ويهدف هذا البناء المفاهيمي، والنسق المعرفي الجديد، إلى خلق "اتجاه سائد" بين أفراد المجتمع يَحْكُمُهُ التجانس في التصورات والمرجعيات إزاء جماعة الإخوان المسلمين.

ثانيًا، تستمد هذه الدراسة أهميتها من "أطروحات" الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المحلية، والذي يُرَتِّبُ العقوبات والجزاءات ضد جماعة الإخوان باعتبارها تنظيمًا إرهابيًا "خوارجيًا"، أي تنظيمًا خارج القانون ومُتمَرِّدًا على السلطة. ويُحَدِّدُ هذا الخطاب أدوار الأفراد، والجماعات (الهيئات المدنية والحزبية..) والمؤسسات (التشريعية، القضائية، التنفيذية..)، وما يجب القيام به تجاه جماعة الإخوان (وكذلك التنظيم)، مُتَجَاوِزًا وظيفته الإخبارية.

ثالثًا، تفسح الدراسة المجال لكشف آليات التحميل الأيديولوجي للخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية ودوره في الحفاظ على البناء الهرمي للسطلة، والضبط الاجتماعي، ما يجعل هذه الوسائل أذرعًا سياسيةً في خدمة السلطة الجديدة.

رابعًا، لا يمكن أن نغفل في دراستنا لأبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان أهمية التحوُّلات والمُتغيِّرات، التي يعرفها المشهد الإعلامي نفسه؛ إذ أصبح الإعلام الإلكتروني أكثر جدوى في الوصول إلى المستخدمين من الإعلام التقليدي، وكثيرًا ما يُلَبِّي احتياجات قراء الصحف ومشاهدي التلفزيون ومستمعي الإذاعة في آن واحد. فقد بلغ عدد الصحف والمجلات المصرية المطبوعة (القومية والحزبية والخاصة) التي لها نسخ إلكترونية على شبكة الإنترنت 63 صحيفة بنسبة 40.4% من إجمالي هذه الوسائط التي وصل عددها إلى 156 صحيفة حتى 10 فبراير/شباط 2010(12). وتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في مصر 29 مليون في نهاية يونيو/حزيران 2012 بمعدل ولوج وصل 35.6%(13)، بينما لم تكن هذه النسبة تتجاوز 15.9% عام 2009، أي حوالي 12 مليون ونصف مستخدم(14)، ثم نحو 300 ألف مستخدم في أكتوبر/تشرين الأول عام 1999(15). أما عدد المسجلين في موقع الفيسبوك، مثلاً، فبلغ أكثر من 12 مليون مستخدم عام 2013 بمعدل ولوج 14.5%(16)، وكان هذا العدد في حدود 4.5 مليون مستخدم في فبراير/شباط 2010(17).

وقد أصبح دور الإعلام الجديد لافتًا في المشهد السياسي المصري، وتعاظم هذا الدور قبيل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، والتي تَشَكَّلَ مخاضها في رحم الإعلام الجديد، بعد أن "أعاد تشكيل الأنماط التواصلية التقليدية القائمة على احتكار النخب السياسية والثقافية لوسائط الإعلام وباقي وسائل التعبير"(18)، ثم تطوَّرت علاقة القوى السياسية بالصحافة الإلكترونية لخصوصيتها التفاعلية، وثراء تطبيقاتها، وإمكانياتها في استخدام الوسائط المتعددة: نصًّا وصورةً وصوتًا وفيديوهًا؛ وذلك باتجاه "علاقات اعتماد" قوية من أجل الترويج لأطروحاتها وخطابها السياسي.

د‌. أهداف الدراسة
تهدف الدراسة إلى تحديد أبعاد ومكونات الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية، ورصد سماتها وعناصرها من خلال:

  • المُكَوِّن المعرفي، الذي يُبْرِزُ أطروحات الخطاب الإعلامي عن جماعة الإخوان المسلمين تنظيميًا وفكريًا وسياسيًا وعقائديًا وتربويًا. وتُمَثِّلُ المفاهيم والمعاني التي يُنْشِئُهَا هذا الخطاب بعدًا جوهريًا في الصورة الذهنية التي تُشَكِّلُها الصحافة الإلكترونية عن الجماعة.
  • المُكَوِّن الوجداني، ويتناول اتجاه المعالجة الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين في الصحافة الإلكترونية من خلال رموز محتوى الرسالة الإعلامية، وحمولتها النفسية والعاطفية (سلبًا أو إيجابًا أو حيادًا). 
  • المُكَوِّن السُّلوكي، وهو البعد الذي تؤشر عليه استراتيجيات محتوى الرسالة الإعلامية في تشكيل الصورة الذهنية لجماعة الإخوان لاستنباط سلوكيات معينة، أو التعديل العلني للسلوك.

كما تهدف الورقة إلى دراسة استراتيجيات محتوى الرسالة الإعلامية في صَوْغِ الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين، والتعرُّف على آليات توظيف المصادر في توجيه المعالجة الإعلامية لهذه الصورة، وبناء تَحَيُّزات الخطاب الإعلامي.

ه‌. مجتمع الدراسة
وهو يُمَثِّلُ مجموع المصادر التي نُشِرَ، أو أُذِيعَ، فيها المحتوى المراد دراسته خلال الإطار الزمني للبحث(19)، ويتكوَّن من ثلاث صحف إلكترونية: الأهرام، والمصري اليوم، والأهالي، والتي جاء اختيارها مُتَّسِقًا مع طبيعة المشكلة البحثية، أولًا لأنها ترتبط بمؤسسات مختلفة؛ تَتَنَوَّعُ سياساتها التحريرية، وتَتَبَايَنُ أطروحاتها، وتوجُّهاتها السياسية. فالأهرام صحيفة قومية أَنْشَأَتْ موقعها الإلكتروني عام 1995، واحتل الموقع حتى تاريخ إنجاز هذه الدراسة المرتبة 32 على مستوى المواقع الإلكترونية في مصر، ويستقطب 52.2% من المستخدمين محليًا(20)، وقد اعتبرته مجلة فوربس الشرق الأوسط "أكثر الصحف العربية حضورًا في العالم العربي على الإنترنت عام 2012" بعد الموقع الإلكتروني "اليوم السابع". وكان موقع الأهرام استقطب 75 مليون زيارة خلال الفترة الممتدة من 31 أغسطس/آب 2011 إلى أغسطس/آب 2012(21).

وتُعَدُّ المصري اليوم صحيفة مستقلة ذات تَوَجُّه ليبرالي؛ تصدر عن مؤسسة المصري اليوم للصحافة والنشر، وقد ظهرت نسختها الورقية عام 2004، ويحتلُّ موقعها الإلكتروني المرتبة الثلاثين بين المواقع المحلية ويستقطب 60.2% من المستخدمين داخليًا(22).

أما موقع الأهالي، فيُمَثِّلُ المِنَصَّةَ الإلكترونية لحزب التجمع الوطني التقدمي، أحد أبرز الأحزاب اليسارية المصرية، ويُعَبِّرُ من خلالها عن آرائه ومواقفه السياسية، وتعد الوسيلة الرقمية الحاملة لأيديولوجيته.

ويُجَسِّدُ اختيار هذه المصادر الثلاثة (الأهرام، المصري اليوم، الأهالي)، لدراسة الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية، تَوَجُّهَاتٍ سياسيةً وأيديولوجيةً مختلفةً (قومية، ليبرالية، يسارية).

ثانيًا، تُخَصِّصُ هذه المواقع تغطية واسعة للأحداث والقضايا المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين؛ الأمر الذي يسمح بتراكم خطاب إعلامي يمكن دراسته.

ثالثًا، تفسح هذه المواقع مجالًا واسعًا لمقالات الرأي؛ وهو ما يتيح دراسةً مستفيضةً لخطابها الإعلامي؛ لأن مقالات الرأي أكثر الأجناس الصحفية تعبيرًا عن المواقف والاتجاهات.

رابعًا، لم تكن هناك اختيارات كثيرة أمام الدراسة في تحديد وانتقاء مصادر مجتمع البحث؛ لأن معظم المواقع الإلكترونية المصرية لا تتيح تطبيقاتها خدمة الأرشيف، خصوصًا أن الدراسة اعتمدت عينة الأسبوع الصناعي خلال فترة أربعة أشهر، مما حال دون الوصول إلى المادة الإعلامية التي تخدم أهداف البحث في مواقع إلكترونية أخرى.

و‌. عينة الدراسة
تُعَدُّ العينة جزءًا من المجتمع الكلي المراد تحديد سماته، وتُحَدَّدُ بنسبة مئوية يتم حسابها طبقًا للمعايير الإحصائية، وطبيعة مشكلة البحث، ومصادر بياناته(23)، وتُمَثِّلُ مُجْتَمَعَ الدراسة تَمْثِيلًا صادقًا، ولذلك يمكن تعميم نتائج الدراسة المَبْنِية على المجتمع بأكمله(24).

واعتمدت الدراسة أسلوب العينة العشوائية المنتظمة** في تحليل مضمون الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية باستخدام الأسبوع الصناعي خلال الفترة الممتدة من 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 إلى 28 فبراير/شباط 2014، والتي أَخَذَتْ بعين الاعتبار تطورات المشهد السياسي المصري بعد إعلان السلطة الانتقالية جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا في 25 ديسمبر/كانون الأول 2013، مما يُتيح دراسة الصورة الذهنية لتنظيم الإخوان في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية قبل إعلان القرار، ثم رصد تأثيراته وتداعياته في مرحلة لاحقة. لذلك سُحِبَتْ العينة الأولى من الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني بواقع 21 عددًا، ثم الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر/كانون الأول 2013، ثم الأسبوع الثالث من شهر يناير/كانون الثاني، ثم الأسبوع الرابع من شهر فبراير/شباط 2014. وبهذا يكون مجموع العينة بلغ 84 عددًا لصحيفة الأهرام، والمصري اليوم، والأهالي، بمعدل 28 عددًا لكل صحيفة، أي بنسبة 23.33% من مجموع الأعداد الصادرة خلال فترة الدراسة (360 عدداً). وهكذا، تعطي العينة فرصةً متساويةً لجميع أيام الصدور، فضلًا عن تَجنُّب التحيُّز في الشكل مما يؤثر في صدق النتائج.

ونظرًا لطبيعة الدراسة وأهدافها، التي تعالج أبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان، واتجاهات المعالجة الإعلامية لهذه الصورة، فإن تحليل الخطاب سيركز على أجناس صحفية مُحدَّدة في هذه العينة، وتشمل: التقارير الإخبارية، ثم مقالات الرأي، والحوارات، التي تعد أكثر الأجناس الصحفية تعبيرًا عن الأفكار والأطروحات، وبيانًا للتصوُّرات والمرجعيات الأيديولوجية، بشأن تشكيل الصورة الذهنية عن الأشخاص والجماعات والمؤسسات، وأكثر تمثيلاً لوظائف الخطاب الإعلامي. كما أن هذه الأجناس توفر البيانات والمعطيات اللازمة بشأن تحليل أبعاد ومكونات الصورة الذهنية لجماعة الإخوان في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية.

ز‌. منهج الدراسة
تُؤَطَّرُ هذه الدراسة ضمن البحوث الوصفية التي تهدف إلى جمع معلومات كافية ودقيقة عن ظاهرة، أو موضوع مُحَدَّدٍ (جماعة الإخوان)، أو فترة أو فترات زمنية معلومة (الإطار الزمني للدراسة)؛ وذلك من أجل الحصول على نتائج علمية، ثم تفسيرها بطريقة موضوعية بما ينسجم مع المعطيات الفعلية للظاهرة(25). ويعني ذلك رصد صفات وسمات جماعة معينة، أو خصائص موقف معين، تغلب عليها صفة التحديد، وتحليلها وتقويمها، أو دراسة الحقائق الراهنة المتعلقة بطبيعة الظاهرة(26).

كما تعتمد الدراسة منهج المسح التحليلي الذي يهدف إلى وصف وتفسير أسباب الأوضاع الراهنة (الصورة الحالية للجماعة)، ومقاربة العلاقة بين متغيرين أو أكثر للتعرف على طبيعة الصلة بينهما، وتفيد النتائج في الإجابة عن تساؤلات الدراسة، ومن ثم استنتاج تفسيرات لتلك العلاقات(27).

ويُسْتَخْدَمُ منهج المسح في هذه الدراسة لاستكشاف ورصد حجم اهتمام الصحف الإلكترونية المصرية بالمواضيع والقضايا المرتبطة بجماعة الإخوان، ومسح مخرجات الأجناس الصحفية التي تعالج الصورة الذهنية لتنظيم الإخوان.

وتعتمد الدراسة أيضًا تحليل المضمون باعتباره أداة منهجية للمقاربة الكمية والكيفية لمضمون وسيلة الاتصال. وهنا تظهر أهميته كمنهج، لدراسة الظاهرة محل التحليل في حالتها الديناميكية، يسعى إلى اكتشاف المعاني الكامنة في المحتوى، والعلاقات الارتباطية بين هذه المعاني، من خلال البحث المنظم للسمات الظاهرة في هذا المحتوى(28).

وهذا المنهج التحليلي الدائري ذو الطبيعة التبادلية، والذي يجمع بين الدراسة الكمية والكيفية، هو الذي ستستخدمه الدراسة في تحليل مكونات وأبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين في خطاب الصحافة الإلكترونية المصرية، وستركز أساسًا على فئة الموضوع لكثافة علاماتها ورموزها في تشكيل هذه الصورة.

ح‌. أدوات الدراسة
اعتمدت الدراسة عددًا من الأدوات لجمع المعلومات والبيانات تتمثل في الملاحظة(29) باعتبارها إحدى الوسائل المهمة في جمع البيانات والمعطيات، التي يتم التأكد من صحتها ودقتها أثناء التحليل. فقد بَيَّنَتْ الدراسة الاستطلاعية لخطاب الصحافة الإلكترونية المصرية بعض سمات وعناصر الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين وأبعادها، كما كشفت طبيعة اتجاه المعالجة الإعلامية لهذه الصورة. واستخدمت الدراسة استمارة تحليل المضمون(30)، التي وضعت وفقًا لتساؤلات البحث وأهدافه، للتعرُّف على سمات وخصائص مفردات عينة الدراسة، والتي تشمل وحدات التحليل، وفئات التصنيف، وأسلوب العد والقياس.

ط‌. المدخل النظري
لتعميق النموذج الأصلي لتحليل المضمون، والمُسمَّى نموذج التكرار، تستعين الدراسة ببعض المداخل النظرية لإثراء مسارات تحليل مكونات الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين وأبعادها، في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية، حتى لا تكون الدراسة معزولةً عن محيطها الاجتماعي والسياسي. وستكون بعض نماذج نظريات التركيب الاجتماعي/بناء المعنى، والتي تُعالج كيفية تشكيل وسائل الإعلام للمعاني والمفاهيم المشتركة، هي المُؤَسِّسَةُ لعملية فهم هذا الخطاب.

وقد حدَّد بعض الباحثين هذه النظريات(31) في:

  1. وظيفة الصحافة في تركيب المعاني كما حدَّدها والتر ليبمان في العشرينيات.
  2. نظرية التثقيف التي ظهرت بعد تحليل جورج بربنر لتأثير التلفزيون على مخاوف الجمهور من العنف.
  3. وظيفة الصحافة في ترتيب جدول الأعمال، التي توصل إليها دونالد شو وماكسويل ماكومبز، لفهم كيفية ترتيب الجمهور أهمية المسائل السياسية التي تغطيها الأخبار.
  4. تأثير وسائل الإعلام في تشكيل اللغة.

وتعتمد الدراسة أيضاً "نظرية التسمية"، أو "نظرية البطاقة"، أو "اليافطة"، أو "العلامة"، في تحديد سمات وصفات الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين. والفكرة الأساسية لهذه النظرية أن الشخص الذي يَخْرِقُ القانون، أو يتجاوز أي سلوك طبيعي، "يُدْمَغُ" رسميًا بواسطة إحدى وكالات المجتمع(32). فإذا وُصِفَتْ جماعة، أو معارض، في وسائل الإعلام بالتطرف، أو الإجرام، يتم ربطهما بشكل لا واع باللاشرعية، أما النظام الحاكم فيتم وصفه بالشرعية والأمان(33).

وستُمَثِّلُ هذه النظرية مدخلًا أساسيًا لتحليل فئات الموضوع، وتحديد أطروحات خطاب عينة الدراسة، ومن ثم علامات وسمات صورة الجماعة. وتَبْرُزُ أهمية استخدام العلامة في قُوَّتِها التصنيفية لمحتوى أية أطروحة، أو رسالة إعلامية، أو جهة، أو مؤسسة، تُدْمَغُ أو تُوسَمُ من إحدى وكالات المجتمع، مع استحالة التخلُّص منها (العلامة)، فضلًا عما يترتب عنها من أبنية اجتماعية وسياسية وقانونية ونفسية. وسنستعملُ العلامةَ هنا بمعنى الرَّسْم، أو الوَشْم، الذي يبقى أثره ثابتًا على الجسم، ولا يمِّحي كَمَنْ تلاحقه صفة (علامة) الجنون حتى ولو برئ منه، أو علامة الإجرام والإرهاب حتى ولو رجع عنهما، أو صدر حكم ببراءته من المَنْسُوبِ إليه. وسنجعل هذه العلامة السِّمَةَ المُمَيِّزَةَ والمُحَدِّدَةَ لمحتوى أطروحات خطاب عينة الدراسة.

وستكون الورقة معنية بتحديد اتجاه السياسة التحريرية لمفردات العينة، ومن ثم علاقة الصحافة الإلكترونية بالقوى الفاعلة في المشهد السياسي، في إطار المرتكزات والأسس التي تقوم عليها النظريات المعروفة بـ"نظريات الإعلام"، وتشمل نظرية السلطة، ونظرية الحرية، ثم نظرية المسؤولية الاجتماعية، والنظرية الاشتراكية(34).

ي‌. مفاهيم إجرائية
حظي مفهوم الصورة الذهنية باهتمام متزايد خلال العقود الأربعة الأخيرة، وكان مجالًا للبحث في الدراسات الإعلامية، والاجتماعية، والنفسية، والسياسية، والإدارية، والمجالات التجارية. وكان لظهور كتاب "تطوير صورة المنشأة" للكاتب الأمريكي لي بريستول عام 1960 أثر كبير في نشر مفهوم صورة المنشأة بين رجال الأعمال. وتبلور المصطلح في مجال العلاقات الدولية بشكل واضح عام 1965 حينما ظهر كتاب "السلوك الدولي"، الذي اشترك في تأليفه هربرت كليمان مع مجموعة من زملائه من علماء النفس والباحثين في مجال العلاقات الدولية(35).

لكن لا يزال هناك الكثير من الغموض حتى الآن يحيط بهذا المفهوم، ما يجعله يتشابك مع مفاهيم أخرى، مثل الذاتية، والسمعة، والمصداقية، والإدراك العام، والشرعية، ويُعَدُّ ذلك من أهم المشكلات التي واجهت تطوير البحوث العلمية في مجال صناعة الصورة الذهنية(36). لهذا نحتاج إلى تعريف إجرائي لمصطلح الصورة الذهنية يكون مفتاحًا في تحديد أبعاد ومكونات صورة جماعة الإخوان المسلمين.

1. الصورة الذهنية لغة
إن أصل اشتقاق كلمة الصورة في اللغة العربية من صارَ الشَّيءُ إِليهِ، أي أَمَالُهُ إِليهِ، فالصورة مائِلةٌ إلى شَبَهٍ أو هَيْئةٍ، والتصويرُ هو جَعْلُ الشَّيْءِ على صورةٍ، والصورةُ هَيْئةٌ يكون عليها الشيءُ بالتأليف(37). والصورةُ الشَّكْلُ، والتِّمْثَالُ المُجَسَّمُ، وصورةُ المَسْألَةِ، أو الأَمْرِ، صِفتُهُمَا، ويُقالُ هذا الأمرُ على ثَلاثِ صورٍ. وصورةُ الشَّيْءِ مَاهِيتُهُ المُجَرَّدةُ، وخَيالُهُ في الذِّهْنِ، أو العَقلِ. والتَّصَوُّرُ اسْتِحْضَارُ صورةِ شيءٍ محسوسٍ في العَقلِ دون التَّصَرُّفِ فيهِ(38).

أما في اللغة اللاتينية فأصل الكلمة البعيد هو Imago، أي شكلٌ مُجَسَّمٌ، أو تَشَابُهٌ، ثم تطور المعنى لِيَدُلَّ على فكرة، أو مفهوم(39). ووَرَدَتِ الصورة الذهنية بمعان متقاربة في المعاجم الحديثة، مثل قاموس روبير، فهي تدل على إعادة إنتاج (استنساخ) طبق الأصل، أو تمثيل مشابه لكائن، أو لشيء، أو إبراز محسوس للمجرد، أو اللامنظور، أو إبراز عقلي لأصل محسوس، أو إعادة إنتاج عقلي لمدرك حسي، أو انطباعات داخلية مع غياب الموضوع، الذي كان سببًا في تكوينها، كما تعني رؤية داخلية (أقل أو أكثر دقة) لكائن، أو شيء(40). ويُشير قاموس ويبستر إلى المعاني نفسها للصورة الذهنية، فهي الشكل، والتماثل، والفكرة، والمفهوم، والإبراز العقلي لشيء مدرك(41).

2. الصورة الذهنية اصطلاحًا
تَعَدَّدَتْ التعريفات الاصطلاحية التي قَدَّمَها الدارسون والخبراء لمصطلح الصورة الذهنية؛ إذ يعتبرها البعض التقديم العقلي لأي شيء لا يمكن تقديمه للحواس بشكل مباشر، أو هي إحياء، أو محاكاة لتجربة حسية، كما أنها قد تكون تجربة حسية ارتبطت بعواطف معينة. وتمثل أيضًا استرجاعًا لما اختزنته الذاكرة أو تَخَيُّلًا لِمَا أدركته حواس الرؤية، أو السمع، أو اللمس، أو الشم، أو التذوُّق(42).

وهناك معنى أكثر شيوعًا لهذا المصطلح يرى أن الصورة الذهنية مفهوم عقلي شائع بين أفراد جماعة معينة يُشير إلى اتجاه هذه الجماعة الأساسي نحو شخص معين، أو نظام ما، أو طبقة بعينها، أو جنس بعينه، أو فلسفة سياسية، أو قومية معينة، أو أي شيء آخر(43).

ويبدو التعريف الذي يُقَدِّمُه الدكتور سليمان صالح أكثر تفصيلًا لمصطلح الصورة الذهنية عندما يُحَدِّدُ أبعاده باعتباره مجموعة السمات والملامح التي يُدْرِكُها الجمهور، ويبني على أساسها مواقفه واتجاهاته نحو المنظمة، أو الشركة، أو الدولة، أو الجماعة. وتتكون تلك الصورة عن طريق الخبرة الشخصية للجمهور القائمة على الاتصال المباشر، أو عن طريق العمليات الاتصالية الجماهيرية، وتتشكل سمات وملامح الصورة الذهنية من خلال إدراك الجمهور لشخصية المنظمة ووظائفها وأهدافها وشرعية وجودها وأعمالها والقيم الأساسية التي تتبناها(44).

بينما يربط الدكتور علي عجوة الصورة الذهنية بالناتج النهائي للانطباعات الذاتية التي تتكون عند الأفراد، أو الجماعات إزاء شخص معين، أو نظام ما، أو شعب أو جنس بعينه، أو منشأة، أو مؤسسة، أو منظمة محلية أو دولية، أو مهنة معينة، أو أي شيء آخر يمكن أن يكون له تأثير على حياة الإنسان، وتتكون هذه الانطباعات من خلال التجارب المباشرة وغير المباشرة. وترتبط هذه التجارب بعواطف الأفراد واتجاهاتهم وعقائدهم. وبغض النظر عن صحة المعلومات التي تتضمنها خلاصة هذه التجارب فهي تُمثِّل بالنسبة لأصحابها واقعًا صادقًا ينظرون من خلاله إلى ما حولهم ويفهمونه، أو يُقدِّرونَه على أساسها(45).

ويمكن أن نضيف إلى الانطباعات الذاتية التي تشكل أبعاد الصورة الذهنية مُجْمَلَ الأحكام، والتصورات، والرؤى، والمواقف، التي يتبنَّاها الأفراد بشأن موضوع، أو جماعة، أو مؤسسة، أو نظام، أو فرد؛ وبذلك يكون التعريف أكثر شمولاً. وهنا نلاحظ أن الصورة تنتظمها ثلاثة مكونات كما يشير عدد من الدارسين، فهناك: البعد المعرفي، ويشمل المعلومات التي يُدْرِكُ الفرد من خلالها موضوعًا، أو قضية، أو مؤسسة إلخ... ثم البعد الوجداني أو العاطفي، ويتضمن الاتجاهات العاطفية (سلبًا أو إيجابًا أو حيادًا) تجاه الموضوع، أو القضية...أما البعد السلوكي فيُؤَشِّر على السلوك العلني الذي يمكن التَّنَبُّؤ به حيال الموقف الذي اتخذه الفرد بشأن قضية، أو مسألة معينة.

ويُقَسِّمُ خبير العلاقات العامة فرانك جفكينز الصورة الذهنية إلى خمسة أنواع(46):

  1. الصورة المرآة: وهي الصورة التي ترى المنشأة نفسها من خلالها.
  2. الصورة الحالية: وهي التي يرى بها الآخرون المؤسسة.
  3. الصورة المرغوبة: وهي التي تود المنشأة أن تُكَوِّنَها لنفسها في أذهان الجماهير.
  4. الصورة المثلى: وهي أمثل صورة يمكن أن تتحقق إذا أخذنا بعين الاعتبار منافسة المنشآت الأخرى وجهودها في التأثير على الجماهير. ولذلك يمكن أن تُسَمَّى بالصورة الواقعية.
  5. الصورة المتعددة: وتحدث عندما يتعرض الأفراد لممثلين مختلفين للمنشأة، ويعطي كل منهم انطباعًا مختلفًا عنها.

2. تحليل الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين

أ‌. البعد الفكري لصورة جماعة الإخوان
أولًا، توزيع فئات موضوع الصورة الذهنية لجماعة الإخوان
بَيَّنَتْ نتائج تحليل عينة الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المحلية، بشأن الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين ومكوناتها، أن القضايا التي شكلت بُؤْرَةَ أبعاد هذه الصورةِ تَوَزَّعَتْ على عدد من الموضوعات (فئة الموضوع/محاور موضوعية) بنسب متباينة (انظر الجدول رقم 1). فقد حظيت "مظاهرات الجماعة" (الاحتجاجات التي كانت تدعو إليها جماعة الإخوان رفضًا لمسار 3 يوليو/تموز) بأكبر نسبة من مجموع الأطروحات التي تُبْرِزُ سمات صورة الجماعة، والعلامات التي دُمِغَ بها تنظيم الإخوان (حوالي 40%).

ويمكن تفسير هذه النسبة بالحضور القوي للجماعة، وقطاعاتها الموازية (طلاب الجماعة، نقابات مهنية إلخ..)، في المشهد الاحتجاجي على تداعيات أحداث 3 يوليو/تموز، ودورها في قيادة التحالف الوطني لدعم الشرعية من خلال ذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، ثم قرار السلطة الانتقالية بمواجهة وتجفيف منابع حشود مظاهرات الإخوان، وهو ما جعل تفاصيل هذا المشهد تَفْرِضُ نفسَها على الأجندة الإخبارية للصحافة الإلكترونية وغيرها من الوسائل الإعلامية.

كما أظهر رَصْدُ وتَصْنِيفُ الموضوعاتِ، خلال فترة الدراسة، اهتمامَ الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية بـ"محاكمة قيادات الجماعة وأنصارها"، (الإجراءات القضائية لمحاكمة قادة الجماعة وأنصارها، والقضايا التي يُتابعون فيها، والتُّهم المنسوبة إليهم، قبل أحداث 3 يوليو/تموز وما تلاها)، وهو الموضوع الذي شَكَّلَ إحدى أولويات هذا الخطاب، ويبدو ذلك من خلال عدد أطروحاته وعلاماته (24.53%)، خصوصًا أن تلك القيادات تُتَّهمُ بالمسؤولية عن جميع المشاكل والشرور التي تعيشها البلاد (حالة الانقسام السياسي، الإرهاب، العنف، قتل الجنود ورجال الأمن والمواطنين، التخريب، إلخ..).

وفي سياق هذا التصنيف، بَرَزَ موضوع "حُكْم الإخوان" (تجربة جماعة الإخوان في الحكم من 24 يونيو/حزيران 2012 إلى 3 يوليو/تموز 2013) ثالثًا؛ وذلك بنسبة 9.66% من حيث أولويةُ اهتمامِ هذا الخطاب بالقضايا التي تشكل أبعاد صورة جماعة الإخوان المسلمين؛ فكان محورًا أساسيًا في رَسْمِ سمات هذه الصورة ومكوناتها وتَوْجِيهِ الاهتمامِ بها، لا سيما أن ذلك تزامن مع مرور عام على وصول الإخوان إلى السلطة، وما أثاره من انتقاداتٍ شديدةٍ لأسلوبِ الحكمِ و"مظاهر التسلُّط، والاستبداد، والفاشية الدينية" و"العمالة للخارج" و"التفريط في الأمن القومي للبلاد" وغيرها من الاتهامات..

وكان حضور موضوعات "أذرع الجماعة" (التنظيمات، والمجموعات، والروابط الموازية، التي تؤيد جماعة الإخوان وحِرَاكها السياسي) بنسبة 7.80%، و"الجماعة والاستفتاء على الدستور" (موقف الجماعة من الوثيقة الدستورية) بنسبة 7.43%، و"المنظومة الفكرية والسياسية والعقائدية للجماعة" بنسبة 6.69%، وهي نسب متقاربة في رسم أبعاد صورة جماعة الإخوان المسلمين في الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية. بينما لم يحظ موضوع "الجماعة والمصالحة الوطنية" بأولوية اهتمام عينة الدراسة؛ إذ لم تتجاوز نسبة أطروحاته وعلاماته 3.90%. ويمكن تفسير ذلك بالوضعية السياسية والقانونية الجديدة لجماعة الإخوان التي صَنَّفَتْهَا السلطة (مرتين) باعتبارها "جماعة وتنظيمًا" إرهابيًا بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف مديرية أمن الدقهلية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2013 رغم إعلان جماعة بيت المقدس مسؤوليتها عن الحادث. وكانت بعض القوى السياسية قد رَحَّبَتْ بهذا القرار، لذلك لم يعد الموضوع يستأثر باهتمام الطبقة السياسية أو يُشَجِّعُ فرقاء المشهد السياسي على المصالحة مع جماعة الإخوان، كما أن "البناء النفسي" الذي خلقه هذا المشهد جعل القضية (أي المصالحة الوطنية) لا تحظى بأولوية اهتمام القائم بالاتصال في الصحافة الإلكترونية (وغيرها من وسائل الإعلام).

جدول رقم 1 يوضح توزيع فئات موضوع الصورة الذهنية لجماعة الإخوان وعلاماتها

 

ثانيًا، علامات وسمات مظاهرات الجماعة
عالجت عينة الدراسة "مظاهرات جماعة الإخوان" من خلال ثلاثة محاور فرعية أساسية؛ كان أبرزها "استراتيجية الجماعة لإحداث الانقسام في المجتمع وهدم الدولة وإسقاطها"، وقد هيمنت أطروحاتُ هذا المحور وعلاماتُه على مُكَوِّنَاتِ صورة مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين (انظر الجدول رقم 2)؛ إذ بلغت 90.23% من مجموع الأطروحات والعلامات، ثم ورد محور "تعطيل المرافق العامة وإرباك المشهد السياسي" بنسبة 8.37%. أما محور "مساعي الجماعة للحصول على دعم أميركي لإشراكها في العملية السياسية" فبلغت نسبته 1.40% من مجموع الأطروحات والعلامات.

جدول رقم 2 يوضح علامات وسمات مظاهرات جماعة الإخوان

 

‌أ. قدَّمَ المحور الفرعي الأول عن مظاهرات الجماعة، "استراتيجية الجماعة لإحداث الانقسام في المجتمع وهدم الدولة وإسقاطها"، خطابًا مُشْبَعًا بالإدانة والتنديد بتنظيم الإخوان، الذي نشر الفوضى والانقسام في المجتمع المصري، وأَشْعَلَ أعمال العنف في إطار استراتيجية الأرض المحروقة(47)، وعَذَّبَ المواطنين وقتل الجنود في سيناء. ويصف هذا الخطاب المسؤولين عن تلك الأعمال بـ"البَرْبَرِ من جماعة الإخوان الإرهابية..الأشد ضراوة على الأمة من المغول والخوارج"(48). وهنا نلاحظ أن علامة الإرهاب، وهي السِّمَةُ المُمَيِّزَةُ لهذا المحور، ظهرت في خطاب الصحافة الإلكترونية قبل قرار السلطة في 26 ديسمبر/كانون الأول 2013، والذي اعتُبِرَ بموجبه الإخوان تنظيمًا إرهابيًا. ولذلك لم تعد الجماعة تُنْعَتُ بـ"المحظورة"، بل أصبحت علامةُ "الجماعة الإرهابية"، أو علامة "عصابات الإرهاب الإخوانية"(49) سِمَةً مَخْصُوصَةً بالتنظيم (لا تُذْكَرُ الجماعة إلا وتُذْكُرُ معها)، ومن ثم تَكَفَّلَ هذا الخطاب بدور المدعي أو النائب العام (النيابة العامة) في حَثِّ "الدولة والحكومة على التحرك لِحَلِّ جماعة الإخوان المسلمين"(50).

وترتفع حِدَّةُ إدانة هذا الخطاب لجماعة الإخوان بوصف أنصارها، خاصة طلاب الجماعة الذين شَكَّلُوا ذَخِيرَةَ مُظَاهَرَاتِها، بـ"الإخوان الصغار الذين لم يعرفوا التربية، أو الوطنية، أو الإسلام"(51)، وأن كل ما تسعى إليه الجماعة الدينية المتشددة هو فرض إرادتها على أمة بأكملها، ومحاولة دعاة الإرهاب فك أعمدة الدولة(52).

انطلاقًا من هذه العلامات جميعها (الإرهاب، الفوضى، التخريب، البلطجية، الإجرام، تقسيم المجتمع، معاداة الجيش والشرطة، هدم الدولة وتفكيكها، العمالة للخارج، جماعة غير وطنية، إلخ...) يَتَشَكَّلُ البعد المعرفي للصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين، في خطاب الصحافة الإلكترونية المحلية، بهدف ربط الجماعة (وتنظيمها) باللاشرعية، ومن ثم مصادرة حقها في الاحتجاج على أحداث 3 يوليو/تموز باعتبارها تنظيمًا خارج القانون (والشرعية)، وإظهار القلق بشأن مستقبل البلاد في ظل وجود هذه الجماعة ضمن النسيج الاجتماعي والمشهد السياسي، والذي يتناقض مع مصالح المجتمع، وهو ما يعني أن السلطة الجديدة تمتع بالشرعية، ويجب دعمها، ومساندة أجهزتها، في مواجهة "التنظيم الإرهابي". وهكذا يَرْسُمُ هذا الخطابُ أبعادًا جديدةً للصورة الذهنية لجماعة الإخوان تُعِيدُ بناء الحقائق الاجتماعية، والرموز الثقافية، والسياسية، المتراكمة عن التنظيم، وتُحَدِّدُ أسلوب وسلوك التعامل معه، وهو ما ترجمته السلطة على الأرض عبر إجراءات سياسية وقانونية وأمنية كثيرة.

‌ب. في المحور الفرعي الذي يتناول "تعطيل المرافق العامة وإرباك المشهد السياسي"، رَكَّزَ الخطاب الإعلامي لعينة الدراسة على صورة الجماعة، التي تُعَطِّلُ مُظاهَراتُها العمليةَ التعليميةَ في المؤسسات الجامعية، ومظاهرَ الحياة العامة، كما تستهدف إرباك الأوضاع، والعبث بمقدرات البلاد، وإعطاء الانطباع بعدم قدرة الحكومة على تسيير شؤون البلاد. وتهدف هذه العلامات (التعطيل، الإرباك، العبث..) إلى تَشْكِيلِ "مُعْتَقَدَاتٍ" جَدِيدةٍ عن تنظيم الإخوان باعتباره تنظيمًا مُعَطِّلًا ومُهَدِّدًا ومُنَغِّصًا لحياة المصريين، وليس بانيًا لنهضتهم كما تُرَوِّجُ أطروحاته.

‌ج. ربط المحور الفرعي الثالث، "مساعي الجماعة للحصول على دعم أميركي لإشراكها في العملية السياسة"، مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين، وتحويلها لاهتمام الشرطة بأنشطتها الاحتجاجية، برغبة التنظيم في الحصول على دعم أميركي لإشراكه في العملية السياسية. لذلك يَدْمَغُ الخطاب الإعلامي الجماعة بـ"إخوان السي أي إيه"(53) الذين يَحْلُمُونَ بتدخل الإدارة الأميركية لاستعادة الحكم، وهو ما يجعل صورة الإخوان مُقْتَرِنَةً بـ"العمالة للخارج" (الخيانة)، ويَنْزَعُ عن الجماعة رداء الوطنية باعتبارها صناعة أميركية (لخدمة أجندة خارجية). 

ثالثًا، علامات محاكمة قيادات الجماعة وأنصارها 
تندرج في إطار هذا الموضوع، "محاكمة قيادات الجماعة وأنصارها"، أطروحتان هما: "التورط في أعمال العنف والإرهاب، والانتماء إلى جماعة إرهابية"، ثم "تهديد الأمن القومي، والمسّ بوحدة البلاد وسلامتها". وقد حظي المحور الفرعي الأول بأولوية اهتمام شديدة في عينة الدراسة. فقد بلغت نسبة العلامات التي دَمَغَ بها خطاب العينة قيادات الجماعة وأنصارها 94.70% من مجموع العلامات. وهنا تبدو كثافة العلامات المُمَيِّزة لهذا المحور، والتي ارتبط معظمها بارتكاب قيادات جماعة الإخوان لـ"جرائم إرهابية"، والانتماء إلى جماعة "محظورة وإرهابية"، وممارسة أعمال العنف والتحريض عليه، والقتل والبلطجة، ومقاومة السلطة..

وعلى الرغم من النسبة المتدنية لأطروحة المحور الثاني (5.30%)، فإن علاماته تبدو أكثر قوة وشدة، فهي تَرْسُمُ صورةً لقيادات جماعة الإخوان باعتبارها غير وطنية؛ لجأت إلى التخابر مع منظمات أجنبية (الخيانة والعمالة للخارج)، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري، لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد، ووحدة وسلامة أراضيها(54).

وتُوَجِّهُ هذه الصورةُ الذهنيةُ لقيادات الإخوان اهتمامَ الأفراد إلى حقائق اجتماعية، وسياسية، وقانونية، لاستنباط سلوك معين، واتخاذ مواقف وأحكام، تجاه قيادات الجماعة المُتَوَرِّطةِ في الإرهاب وتمويله، والمساس باستقلال البلاد. ويُحَقِّقُ هذا التَّوْجِيهُ ثلاث وظائف أساسية:

  1. البناء الاجتماعي لحقائق جديدة، أو تحقيق التَّوَحُّدِ الجَمْعِيِّ، أو تشكيل خطاب (سياسي، قانوني) مُوَحِّدٍ لِرُؤْيةِ الأفراد تجاه قيادات الإخوان المُتَوَرِّطَةِ في الإرهاب والمُهَدِّدَةِ لوحدة واستقلال البلاد، وهو ما يساهم في الضبط (التحكم) الاجتماعي للواقع الجديد بعد أحداث 3 يوليو/تموز، وتأكيد شرعية السلطة الجديدة ومؤسساتها، والدفاع عنها بكل الوسائل (سياسية، أمنية، قانونية، تشريعية...)، وفي الوقت نفسه نزع الشرعية السياسية والقانونية والدستورية عن "قيادات الإخوان الإرهابية والمُخَرِّبَةِ والعَمِيلَةِ والمُهَدِّدَةِ لوحدة البلاد"، والتي ما فتئت تدعو (ومنها الرئيس المعزول محمد مرسي) إلى احترام الشرعية الانتخابية باعتبارها مَنَاطَ الحُكْمِ وأَسَاسَ قَاعِدَتِهِ. 
  2. إن كثافة العلامات المرتبطة بتورط قيادات الإخوان في الإرهاب وتمويله، والتنسيق مع الجماعات التكفيرية والإرهابية، والعمالة للخارج، تُوَجِّهُ وتَرْسُمُ اهتمام الأفراد إلى "ما يجب التفكير فيه ويعرفوا عنه ويشعروا به" ليصبح أولوية في متابعة الشأن العام.
  3. تخلق هذه الصورة الذهنية لقيادات الإخوان تَوَقُّعًا لدى الأفراد بسلامة إجراءات المحاكمة، كما تُبَرِّرُ أية خطوة قد تَتَّخِذُها "السلطة القضائية" ضد جماعة (وتنظيم) الإخوان بعد تورط قياداتها في الأعمال الإرهابية والعمالة للخارج (...).

جدول رقم 3 يوضح علامات محاكمة قيادات الجماعة وأنصارها

 

رابعًا، مظاهر حكم الإخوان
رغم الاهتمام المتوسط بموضوع "حكم الإخوان"، ونسبة العلاماتِ المُمَيِّزَةِ لأطروحاته في عينة الدراسة (9.66%)، فإن المعالجةَ الإعلاميةَ لأبعاد الصورة الذهنية للإخوان في الحُكْم، تَتَّسِمُ برؤيةٍ ذاتيةٍ، ونبرةٍ عاطفيةٍ حادةٍ، تغلب عليها لُغَةُ الإدانةِ والشَّيْطَنَةِ مقارنة بالموضوعات والقضايا الأخرى. وتَوَزَّعَتْ أطروحات وعلامات حكم الإخوان إلى أربعة محاور فرعية (انظر الجدول رقم 4).

جدول رقم 4 يوضح مظاهر حكم الإخوان

 

‌أ. في المحور الأول، "سلطات إلهية للرئيس مرسي ومصادرة الإرادة الشعبية"، تَرْسُمُ عينة الدراسة صورة لحكم الإخوان، الذي "جعل من الدين وسيلة إلى حكم فاشي..ومن الديمقراطية وسيلة للوصول إلى الحكم، ومن ثم الاستبداد باسم الدين للبقاء خمسمائة سنة على الأقل"(55). وتستدعي هذه العلامة (حكم فاشي) الأيديولوجية الفاشية التي تبلورت عبر تجارب سياسية خاضتها بعض دول أوروبا خلال الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين. وتَنْزَعُ هذه الأيديولوجية (فاشية الحكم الإخواني) إلى إعادة تنظيم المجتمع لإحكام السيطرة على الأنشطة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والدينية، باتساق مع مرجعيتها السياسية، والفكرية، والعقائدية. 

لذلك ينتقد هذا المحور بشدة حكم الإخوان، الذي "لا يقلُّ خطورة عن النازية"(56) المَبْنِيَّةِ على التشدُّد والعنصرية في مسعى إلى تطهير المجتمع وتحقيق "أوهام التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وحلفائها في الخارج، بإقامة دولة المرشد في مصر"(57). وتُفَسِّرُ هذه العلامات استبداد حكم الإخوان وسلطويته بنزوع الرئيس المعزول محمد مرسي إلى التحَكُّم وضبط العملية السياسية بإصداره "إعلانًا دستوريًا فاسدًا أعطى للرئيس المعزول سلطات إلهية تفوق سلطات أكثر طغاة التاريخ عتوًا وظلمًا"(58)، ومصادرة الحريات والإرادة الشعبية..

‌ب. يُعَالِجُ المحور الفرعي الثاني، "العمالة للخارج والتآمر على المصريين"، بعدًا آخر من أبعاد صورة حكم الإخوان، الذي "سعى لاقتطاع جزءٍ من أرض سيناء المصرية لتكون حلًا للقضية الفلسطينية بالتوافق والتمازج التام مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية"(59). ويَنْزَعُ هذا الخطاب عن حكم الإخوان "الوطنية"، ويَسِمُهُ بعلامة "العمالة للخارج"، والتفريط في الحقوق الوطنية، ووحدة واستقلال البلاد. وتتلازم هذه العلامة مع سمة خيانة الأمانة والتآمر على المصريين.

‌ج. في المحور الثالث، "ممارسة الإرهاب ورعايته"، يَرْسُمُ خطابُ العينةِ صورةً لجماعةٍ دينيةٍ مُتَلَهِّفَةٍ على السلطة، وطامحةٍ للسيطرة على مفاصل الدولة، لذلك بَرَزَتْ في هذا الخطاب علامةُ "أَخْوَنَةِ الدَّوْلَةِ" من خلال سعي تنظيم الإخوان إلى التغلغل في المؤسسات القضائية، والأمنية، والإعلامية، والثقافية، و"التعامل مع الدولة المصرية كغنيمة يُوَزِّعُها الإخوان على أنفسهم"، إذ "حكموا مصر كأنها ملكية خاصة، وأرادوا أن يستحوذوا على كل مواقع الدولة"(60).

‌د. يَرْسُمُ المحور الرابع، "ممارسة الإرهاب ورعايته"، صورةً بأبعاد غير محدودة لأزمة حكم الإخوان؛ تنطلق من جنس العلامات التي تتميز بألفاظها المعنوية الإيحائية (المتعددة المعاني)؛ فهي تعتبر هذا الحكم "كارثيًا بكل المعاني"(61) لم يحقق أي إنجاز، وكل ما فعله هو تقسيم البلاد وإشعال نار الفتنة(62)؛ إذ "يجري العنف في دماء الإخوان والممارسات الإرهابية أبرز أساليبهم"(63)، بل كان هذا الحكم سببًا في الإرهاب الموجود حاليًا في سيناء بعد خروج المجرمين من السجون، وتسهيل دخول الإرهابيين القادمين من أفغانستان وباكستان، نتيجة غياب مفهوم الوطن لدى جماعة الإخوان(64).
إذاً، تُوَجِّهُ هذه العلاماتُ، التي تَسِمُ حُكْمَ الإخوان (الكارثي، الفاشي الديني، غير الوطني، العميل، الإرهابي..)، الاهتمام بصورةٍ ذهنيةٍ نمطيةٍ لِحُكْمٍ يبدو فاقدًا للشرعية، والأهلية السياسية، والرضا الشعبي، في إدارة الدولة؛ إذ لا يمكنه أن يسوس بلدًا في حجم مصر. وتُبَرِّرُ العلامات ذلك بأن حكم الإخوان كان مصدر جميع الكوارث والأزمات التي عرفتها البلاد. وفي المقابل تُكَرِّسُ هذه الصورة هيمنة السلطة الجديدة على المشهد السياسي باعتبارها مُنْقِذَةً للمجتمع من حُكْمِ الإخوان وشُرُورِهِ.

خامسًا، علامات وسمات أذرع الجماعة
يُبْرِزُ خطاب عينة الدراسة علاماتٍ جديدةً لأبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان عبر مجموعة من الأطروحات التي تتناول سياسة الجماعة (والتنظيم) في إنشاء أَذْرُعٍ مسلحة تستهدف ضباط الجيش والأمن، وتكوين خلايا نائمة، ومجموعات إجرامية لتنفيذ عملياته الإرهابية. (انظر الجدول رقم 5).

جدول رقم 5 يوضح علامات وسمات أذرع الجماعة

 

‌أ. تُقَدِّمُ علامات الأطروحة الأولى، "مجموعات مسلحة تستهدف ضباط الجيش والأمن"، جماعة الإخوان باعتبارها جماعة (وتنظيمًا) إرهابيًا معاديًا قَرَّرَ مواجهة الدولة، وأجهزتها العسكرية والأمنية، من خلال تشكيل مجموعات مسلحة، مثل "إعدام، ومولوتوف، والذئاب المنفردة"، التي تستهدف ضباط الأمن الوطني والجيش(65). ويُرَكِّزُ هذا الخطاب على رعاية تنظيم الإخوان لـ"الذئاب المنفردة"، وهي مجموعة مسلحة تعتنق الأفكار الجهادية، وتتميز بصغر حجمها، وتتكون في الأغلب من 3 إلى 5 أشخاص يخططون لعملياتهم بصورة مستقلة وفقاً لمقتضيات الواقع، والبيئة التي يعملون فيها. وتُوَجِّهُ هذه العلامات (رعاية الإرهاب) اهتمام المستخدمين إلى أن تنظيم الإخوان هو سليل القاعدة فكرًا ومنهجًا وسلوكًا.

‌ب. بالموازاة مع هذه التنظيمات، والمجموعات المسلحة، التي تُحارِب الأجهزة الأمنية، يُقَدِّمُ خطاب عينة الدراسة في أطروحاته عن "خلايا إخوانية نائمة داخل المؤسسات وأجهزة الدولة" علامات إدانة لتنظيم الإخوان، الذي زرع خلايا نائمة في مؤسسات الدولة، وأجهزتها الأمنية، "تقوم بتسريب المعلومات عن الضباط لاستهدافهم من قبل عملاء جماعة الإخوان الإرهابية"(66)، وهو ما يَرْسُمُ الاهتمام والاعتقاد بأن الإخوان جماعةٌ مُهَدِّدَةٌ لأمن البلاد واستقرار.

‌ج. في المحور الفرعي الثالث، "الألتراس أداة إجرامية للجماعة الإرهابية"، تُوَجِّهُ عينة الدراسة اهتمام المستخدمين إلى رابطة ألتراس النادي الأهلي (ألتراس أهلاوي)، التي أصبحت تنظيمًا موازيًا لجماعة الإخوان، وأحد أدواتها الإرهابية بعد "اختراقه بفلوس وتوجيهات خيرت الشاطر عقب فاجعة بورسعيد لخدمة مخطط الجماعة في فرض السيطرة"(67).

ويعتبر هذا الخطاب ألتراس أهلاوي رابطة إرهابية لا يختلف سلوكها عن السلوك الإجرامي للإرهابيين، والذي يستهدف إهانة وضرب مؤسسات الدولة، وإهانة رجال الشرطة وقتلهم، لذلك تتقاطع أهدافهما في ضرب الدولة المصرية ومنشآتها الحيوية. وهو ما جعل البعض يدعو إلى قطع أدوات الجماعة، وأذرعها الإرهابية(68).

إذًا، تَرْسُمُ هذه العلاماتُ مجتمعةً (رعاية الإرهاب، العمل المسلح، التآمر، الإجرام، القتل، الخلايا النائمة...) صورةً ذهنيةً لجماعةٍ غير شرعيةٍ اختارت مع تنظيماتها الموازية استراتيجية العنف، والعمل المسلح، لمواجهة الدولة ومؤسساتها، وهو ما يثير القلق والخوف على مصير البلد في حال استمرار وجود هذه الجماعة، ويُهَيِّئُ (ويُهَيِّجُ) هذا الخطاب الأفراد لكل ما قد تتعرض له الجماعة.

سادسًا، الجماعة والاستفتاء على الدستور
تتناول علامات أطروحة "الجماعة والاستفتاء على الدستور" السلوك السياسي لجماعة الإخوان في التعامل مع الوثيقة الدستورية، التي تعد أحد بنود خارطة الطريق. وقد نَزَعَتْ (أي العلامات) عن الجماعة وأنصارها، الذين يعترضون على هذه الوثيقة، صفة "الوطنية"؛ إذ لا يستحقون أن يكونوا من أبناء الوطن(69)، وهي علامة تتميز بشدتها في هذا الخطاب (انظر الجدول رقم 6). لذلك تُقَدِّمُ هذه الأطروحة صورة للإخوان المسلمين، الذين يريدون فرض إرادتهم على المجتمع بالحديد والنار لاستعادة الحكم، فقد "أشعلوا النار في عدد من الإطارات لمنع عملية التصويت..واستمر الإخوان في محاولة بث الرعب في قلوب الناخبين من خلال إطلاق الأعيرة النارية بالقرب من المدارس.. فيما تعرضت مدرسة الصف الإعدادية لهجوم إخواني مرتين على الناخبين.."(70).

وتتجاوز هذه العلامات توجيه المستخدمين إلى صورة الإخوان المُعَطِّلِين لعملية الاستفتاء على الوثيقة الدستورية، وتُرَكِّزُ على إظهار الجماعة أداةً تخريبيةً تُرِيدُ هَدْمَ الدولة المصرية، ومن ثم لا يمكن أن تكون ("الجماعة الأرهابية") جزءًا من الحلِّ السياسي فـ"ارتفاع نسبة المشاركة والتصويت بنعم على مشروع الدستور رسخت شرعية 3 يوليو..وكانت بمثابة الضربة القاضية للجماعة الإرهابية"(71).

وفي المقابل، يُبْرِزُ خطاب عينة الدراسة أطروحة جماعة الإخوان المسلمين بشأن الدستور، ويُرَكِّزُ على خُطَّتِها الإعلامية والترويجية لمقاطعة الاستفتاء. وهنا يُبَئِّرُ هذا الخطاب علامات الرفض (رفض الجماعة) للدستور، الذي تعتبره "إقصائيًا وغير توافقي أتى على أنقاض الإرادة الشعبية"(72)، وهو "وثيقة عسكرية؛ وضعها المسيحيون والعلمانيون، وتلغي الهوية الإسلامية.. ولا تمثل الشعب، بل تمثل الراقصات والفاسدين"(73). ويَقْرِنُ الخطابُ علاماتِ الرفض بـ"الدعاية المُعَادِيَةِ" للاستفتاء ومُخْرَجَاتِهِ من خلال خطط الجماعة لتشويه النظام، وإقناع العالم بـ"الانقلاب العسكري" على الشرعية(74).

جدول رقم 6 يوضح علامات الجماعة خلال الاستفتاء على الدستور

 

سابعًا، علامات المنظومة الفكرية والسياسية والعقائدية للإخوان
يُقَدِّمُ خطاب عينة الدراسة "المنظومة الفكرية والسياسية والعقائدية للإخوان" باعتبارها مصدراً للكوارث التي تعيشها مصر؛ لأن الحاملينَ لأصولِ هذه المنظومةِ ومَنْهَجِهَا والعاملينَ بمُقتضَياتِها يعيشون مُنْفَصِلِينَ عن واقعهم.

‌أ. تَرْسُمُ عينة الدراسة، "رؤية ماضوية ومنهج فكري إرهابي"، اهتمامًا شديدًا بعلامات وأبعاد الرؤية الفكرية الماضوية لجماعة الإخوان المسلمين، التي تلتزم بماض مستقر في القرن السابع الهجري؛ حيث كان ابن تيمية يحيى وقتها..وهو ما يجعل المستقبل محذوفًا عندها(75) (انظر الجدول رقم 7)، لذلك تتبنى جماعة الإخوان الفكر التكفيري منذ لحظة تأسيسها، ولا تزال تنشره(76).

ويربط هذا الخطاب نشأة تنظيم القاعدة بالإخوان؛ فَهُمْ "أَصْلُ القاعدة ومَنْ أَسَّسَها"، وقاموا بتعبئة العرب للقتال والجهاد في أفغانتسان(77). وتستدعي هذه الأطروحة علامة "المنهج الفكري الإرهابي" والعنف، اللذين يميزان طبيعة "الفكر الجهادي"، ومن ثم ربطهما بالمنظومة الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين.

‌ب. سياسيًا، يُقَدِّمُ خطاب عينة الدراسة أبعاد السلوك السياسي لتنظيم الإخوان باعتباره شاذًا عن مواقف القوى المدنية المؤيدة لخارطة الطريق ومخرجاتها. وهنا يُحِيلُ الخطابُ على علاماتٍ ذات حُمُولَةٍ تاريخيةٍ تَدْمَغُ جماعة الإخوان بالخروج عن السلطة (الشرعية) لتصبح "الجماعة الخَوارِجِيَّة"(78) التي فقدت صوابها واتبعت أهواءها، وغَلَّبَتْ مصالحها على الوطن، وانحرفت إلى التطرف والإرهاب.

‌ج. عقائديًا، تُشكِّلُ التَّقِيَّةُ رُكْنًا مُؤَسِّسًا للمرجعية العقائدية لجماعة الإخوان، ويُوَجِّهُ خطاب العينة الاهتمام إلى علامة الافتراء، التي تُمَيِّزُ عقيدة الإخوان؛ فـ"عقيدتهم تعطي لهم الحق في التقرب إلى الله عن طريق الكذب تحت مسمى التقية"(79). لذلك يُقَدِّمُ الخطاب صورةً ذهنيةً للإخوان تُبَئِّرُ عدم مصداقيتهم، ونكثهم للعهود والاتفاقات السياسية، التي قد يُبْرِمُونها مع باقي القوى السياسية "حتى لو حلفوا لك وأقسموا أغلظ الأيمان ورأيت أعينهم تفيض من الدمع"(80).

وتُقَدِّمُ أبعاد هذه الصورة جماعة الإخوان تنظيمًا حَامِلًا لمنظومةٍ فكريةٍ وسياسيةٍ وعقائديةٍ مصادمةٍ للواقع، ولا يمكن تنزيلها إلا بالسيف (الإرهاب)، وهو ما يَنْزَعُ الشرعية عن الجماعة قانونيًا، وسياسيًا، وأخلاقيًا. لذلك يعتمد خطاب العينة على اهتمامات وهواجس بعض القوى المجتمعية لدعم فكرة وتأييد استئصال جماعة الإخوان، ومشروعها الفكري والسياسي، بكل الوسائل والأساليب؛ لأنها تُهَدِّدُ كيان الدولة المصرية؛ وذلك في سياق تطور الأحداث والوقائع، ووضعها في إطار الانطباعات المهيمنة (الكراهية للجماعة/كراهية التحريم"(81)) في الحياة اليومية للمواطن المصري منذ أحداث 3 يوليو/تموز. وفي هذه الحالة يَبْرُزُ الإطار الإعلامي الذي يمثل واقعًا مُدْرَكًا لهذا المواطن يتم استدعاؤه وتوظيفه في بناء المعاني، وصَوْغِ وتشكيل الاتجاه والآراء بشأن تنظيم الإخوان.

جدول رقم 7 يوضح علامات المنظومة الفكرية والسياسية والعقائدية لجماعة الإخوان

 

ثامنًا، المصالحة الوطنية مع الجماعة
لم يحظ خطاب المصالحة الوطنية مع جماعة الإخوان بأولوية اهتمام عينة الدراسة؛ إذ بلغت نسبة أطروحات وعلامات هذا المحور أقل من 4% من مجموع الأطروحات والعلامات (انظر الجدول رقم 8). ويبدو أن الصورة الذهنية التي شكَّلها الخطاب الإعلامي، في الوسائط المختلفة، عن جماعة الإخوان، باعتبارها جماعةً وتنظيمًا "معاديًا" (إرهابيًا) للمجتمع والدولة، جعلت المصالحة الوطنية لا تحظى بأولوية الاهتمام في هذا الخطاب. لذلك فإن السياق، أو الإطار الإعلامي، لمجريات الأحداث والوقائع التي أعقبت 3 يوليو/تموز رَسَّخَت هذا الاتجاه الرافض للمصالحة الوطنية مع جماعة الإخوان (في عينة الدراسة)، وهنا تظهر العلامة البارزة لهذا الخطاب "لا مصالحة مع الإرهاب" (انظر الجدول رقم 8)، "فلا حديث عن المصالحة مع هذه الجماعة الإرهابية التي قتلت الأبرياء"(82). وتُبَرُّرُ هذه الأطروحة رفضها للمصالحة بجوهر المنظومة الفكرية والسياسية والعقائدية لجماعة الإخوان، والتي أدت إلى العنف وممارسة الجرائم الإرهابية، التي هزت المجتمع المصري الآمن؛ لذلك لا يمكن أن تتم المصالحة بين دولة وجماعة إرهابية(83).

ووفقًا لهذا الخطاب، فإن الذين يتحدثون عن المصالحة "عليهم أن يعلموا أنهم تحت ذريعة وقف الدم، وبناء الدولة، يُقَدِّمُونَ خدمةً كبيرةً للإرهاب عبر السماح لهم، ولأفكارهم المتخلفة الظلامية، أن تعيش وسطنا، وعليهم أن يدركوا أن المجتمع المصري لفظ تلك الأفكار والجماعات"(84)، بل تعتبر هذه الأطروحة الحوار مع الجماعة ضربًا من الجنون، وأن الجهات  التي تدعو إلى المصالحة تعاني خللًا كبيرًا(85). وترى أن هناك عاملين يجعلان الفكرة خيالًا: فثمة الأصابع الخارجية التي تستخدم الإخوان وغيرهم لإحداث الانقسام، وهذا النوع لا مجال للتصالح معه، ثم هناك غرام الإخوان بالسلطة، وليس هناك تصالح سيعطيهم هذه السلطة أو جزءًا كبيرًا منها، وهم لا يرضون بالجزء الصغير(86).

لكن في الوقت نفسه تُحَدِّدُ هذه الأطروحة شروط المصالحة الوطنية التي يمكن أن "تكون بين فصائل تعرف إيه كلمة وطن"؛ وفي ذلك إشارة إلى "لاوطنية" جماعة الإخوان، وهي علامة تُدْمَغُ بها حتى تبدو مكوناً "معادياً" للمجتمع والدولة، ما ينزع عنها الشرعية بكل أبعادها القانونية والسياسية والأخلاقية.     

جدول رقم 8 يوضح علامات المصالحة الوطنية مع الجماعة

 

ب‌. البعد الوجداني لصورة الإخوان
نقصد بالبعد الوجداني أو النفسي اتجاهات خطاب عينة الدراسة في معالجة الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي قد تكون (الاتجاهات) إما سلبية أو إيجابية أو متوازنة. وقد بيَّنت نتائج الدراسة أن نسبة الاتجاه السلبي تميزت بِشدَّتها (انظر الجدول رقم 9)؛ إذ هيمنت الرموز السلبية في خطاب العينة، والتي كانت مُشْبَعَةً بالإدانة والتنديد (والسخرية) والتحريض ضد جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا وفكرًا وسلوكًا. فهم أعداء الوطن، والخونة، والعملاء، والمجرمون، والبلطجية، والمخربون، والفوضويون، والقتلة، وأهل الفتنة، والتكفيريون، والخوارج، والظلاميون، والفاشيون، والنازيون، لا يعرفون الأخلاق ولا الإسلام، إخوان الشياطين، ومحترفو الكذب والافتراء (...). لذلك تجاوز هذا الخطاب دوره الإخباري، وتحوَّل إلى "بلاغ"، أو "لائحة اتهام"، أو منصة للنيابة العامة (القاضي الواقف) تُطالب بمحاسبة قيادات الإخوان ومعاقبتها بأشد العقوبات، وحَلِّ الجماعة التي دُمِغَتْ بـ"الإرهاب" قبل أن يُعرض ملفها على القضاء.

جدول رقم 9 يوضح اتجاهات الصورة الذهنية لجماعة الإخوان

 

وتُشَكِّلُ هذه الرموز السلبية أبعاد "الصورة الحالية" (الراهنة)، التي يرى عبرها القائم بالاتصال جماعة الإخوان تنظيمًا "إرهابيًا" معاديًا للمجتمع والدولة (خارج إطار الشرعية)، وهي بطبيعة الحال ليست الصورة المرآة، التي ترى بها جماعة الإخوان نفسها، أو الصورة المرغوبة، التي تَوَدُّ تكوينها عن نفسها في أذهان المستخدمين والرأي العام؛ إذ لم يُفسح لها في المجال إلا مرة واحدة بنسبة 0.47% للتعبير عن رأيها بشأن القضايا المرتبطة بها، لذلك كادت الرموز الإيجابية تكون منعدمة في خطاب عينة الدراسة.

أما الاتجاه المتوازن فكان ضعيفًا أيضًا، ولم تتجاوز نسبته 2.87%، ويمكن تفسير ذلك بسياسة القائم بالاتصال في إعادة تنظيم الخطاب، ومحتوى الرسائل الإعلامية المرتبطة بقضايا جماعة الإخوان، ووضعها في سياقات، أو أطر إعلامية، تؤكد معنى معينًا (سلبيًا) أو تنفيه (إيجابيًا)؛ يتقاطع مع الانطباعت والتصورات المهيمنة لدى المستخدمين، أو مع الواقع الذي يدركونه.

وهنا، نلاحظ أن معظم المصادر التي حظيت بالحضور داخل القصص الخبرية كانت إما مصادر أمنية (ذكر مسؤول أمني بوزارة الداخلية..)، أو حزبية معارضة لجماعة الإخوان، أو خبراء أمنيين، أو مصادر مُجَهَّلة، لكن الرواية تكون عادة أمنية (أفادت التحقيقات..)، وحتى المصادر الذاتية لعينة الدراسة، والتي بلغت نسبتها 84.13%، كانت تستعين بتصريحات وتعليقات وآراء مسؤولين أمنيين، وهو ما ساهم في تأطير الأحداث والوقائع والقضايا (والأطروحات) ضمن السياق الذي اختاره القائم بالاتصال. لذلك كان يظهر التحيُّز، وعدم التوازن، بسبب الاعتماد على مصادر تُعبِّر عن سياسات ومواقف بعينها، وتسمح بهيمنة أطروحات وعلامات مخصوصة في بنية الخطاب الإعلامي لعينة الدارسة.

لذلك فإن الاتجاه الوجداني، الذي يَتَمَيَّزُ بشدَّةِ سلبيةِ رُمُوزهِ، يُحَوِّلُ الصحافة الإلكترونية (عينة الدراسة على الأقل) إلى وسيلةٍ دِعَائِيَّةٍ، أو أَذْرُعٍ إعلاميةٍ، تُرَوِّجُ لأطروحات وعلامات بعينها كما تابعنا في هذه الدراسة. ومن ثم تصبح (هذه الأذرع) "القوة الناعمة" التي تُمَارِسُ العنف الرمزي، واغتيال الشخصية المعنوية لجماعة الإخوان بعد تَشْوِيهها وشَيْطَنَتِهَا، وتُحَرِّضُ على تنظيم الإخوان "الإرهابي" الذي يجب استئصاله واجتثاثه، ما يجعلها أداة تُوَجِّهُ اهتمام المستخدمين لأجندة غير إخبارية.

إذًا، فهو إعلام إلكتروني لا يمكن تصنيفه وفق أطر النظريات التقليدية للإعلام (نظرية السلطة، والحرية، والمسؤولية الاجتماعية، والنظرية الاشتراكية)، بل هو يُصَنِّفُ نفسه بنفسه في إطار ما يمكن تسميته بـ"الأذرع الإعلامية" (نظرية الأذرع)، التي تضع أجندتها غير الإخبارية لخدمة أجندة الجهة المهيمنة على دواليب السلطة ومفاصلها لالتقاء مصالحهما في لحظة سياسية معينة (مصالح آنية)، ولا يعني ذلك أن الطرفين تجمعهما منظمومة فكرية سياسية تُؤَطِّرُ سلوكهما ومقاربتهما للواقع ومتغيراته، وإنما هو تزاوج المصالح غير المقدَّس، والذي قد يُفَكُّ في أي لحظة من قبل الطرفين. وهنا، قد يكون مُناسبًا أن نتذكَّر كلام وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي (أكتوبر/تشرين الأول 2013) عن "حاجة المؤسسة العسكرية إلى أذرع إعلامية، التي يتطلب إنشاؤها جهدًا ووقتًا طويلًا"، لكن في الآن نفسه نعتقد أن "بَتْرَهَا" قد لا يستغرق هذا الوقت إذا تعارضت مصالحهما، فقد تلجأ الجهة المهيمنة (الدولة العميقة)، أو السلطة، إلى قطع هذه الذراع، أو تبادر الوسيلة نفسها إلى إعادة النظر في سياستها التحريرية بما يضمن مصالحها مع جهات قد تكون منافسة للطرف الأول.

ويمكن صياغة العلاقة الدائرية بين كثافة الرموز السلبية، وتوجيه الاهتمام بعلامات مَخْصُوصَة في سياق تشكيل صور ذهنية نمطية مُقوْلَبَة (لمؤسسة أو جماعة أو فرد)، والخطاب الإعلامي المُؤَدْلَج (أجندة غير إخبارية)، في الشكل الآتي، الذي يمكن تسميته بـ:

نموذج العلامات المَخْصُوصَة والخطاب الإعلامي المُؤَدْلَج

 

 
فكُلَّما حَفَلَ الخطابُ الإعلامي بكثافة الرموز السلبية (أو الرموز الإيجابية)، فإنه يَرْسُمُ ويُوَجِّهُ الاهتمام بعلاماتٍ مَخْصُوصَةٍ عن المؤسسة، أو الجماعة، أو الأفراد (...)، ومن ثم يُقدِّمُ صورةً نمطيةً مُقَوْلَبةً (تمثل الصورة الحالية التي تناقض الصورة المرآة، فضلًا عن الصورة المرغوبة)، ما يجعل هذا الخطاب مُؤَدْلَجًا ودِعَائِيًا، و"خادِمًا" لأجندة غير إخبارية. وهنا تبرز العلاقة الدائرية لهذا النموذج؛ لأن الخطاب الإعلامي المُؤَدْلَج (سنجده بعد التحليل والدراسة) يحفل إما بكثافة الرموز السلبية، أو الإيجابية؛ إذ يُخَطِّطُ القائم بالاتصال لتوجيه ورَسْمِ الاهتمام بهما؛ فيُقَدِّم صورة نمطية مقولبة، وهكذا تتشكَّلُ العلاقة الدائرية بين عناصر هذا النموذج.

ج‌. البعد السلوكي لصورة جماعة الإخوان
يأخذ البحث في البعد السلوك ضمن الدراسة مظهرين أساسيين: أولهما سلوك القائم بالاتصال، وقد لاحظنا من خلال تحليل البعدين المعرفي والوجداني أن بناء محتوى الرسالة الإعلامية، ومن ثم خطاب عينة الدراسة، لم يكن اعتباطيًا، بل خضع لقرارات حَدَّدَهَا القائم بالاتصال. ولذلك فإن أهمية الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين تسمح بإمكانية التنبؤ بسلوك القائم بالاتصال، فـ"إذا عرف المرء موقف شخص ما تجاه موضوع معين، أو فئة من الناس، أو مسألة ما، فإنه من الممكن التنبؤ بالسلوك العلني لهذا الفرد حيال هذا الموقف"(87). أما المظهر السلوكي الثاني فهو سلوك المستخدمين، وسيكون محور تحليلنا أثناء دراسة أساليب الإقناع واستراتيجيات الخطاب في بناء الصورة الذهنية لجماعة الإخوان.

ويُقدِّمُ البعدان المعرفي والسلوكي لهذه الصورة مؤشرات على سلوك القائم بالاتصال في إطار الوظائف التي يُحدِّدها لمحتوى الرسالة الإعلامية، وسنركز في هذا السياق على مظاهر أساسية تساهم في فهم الإطار الدلالي والخبرات المُخْتَزَنَة التي تَحْكُمُ سلوكه.

‌أ. يحمل رسم وتوجيه اهتمام المستخدمين نحو علامات وأولويات بعينها في تشكيل الصورة الذهنية لجماعة الإخوان دعمًا مباشرًا، أو غير مباشر، للوضع الذي نشأ بعد أحداث 3 يوليو/تموز، وتكريسًا لهيمنة السلطة القائمة، وتحَكُّمِها في توجيه الثقافة الجماهيرية وتأطيرها بما يَدْعَمُ ويُؤَمِّنُ مصالحها، ومستقبلها السياسي، ويُقلِّلُ من الفوارق والاختلافات بين الأفراد، ويسمح بالضبط الاجتماعي والسياسي.
‌ب. ينتج عن ذلك بناء معاني ومفاهيم وحقائق اجتماعية (بغض النظر عن واقعيتها وانتشارها)؛ تُحَدِّدُ بدورها علاقات اجتماعية، وتُنتج رؤى سياسية جديدة بين مكونات المجتمع السياسي، وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين، التي ينظر إليها القائم بالاتصال باعتبارها كائنًا مُخَرِّبًا ومعاديًا للمجتمع يجب استئصاله واجتثاثه بكل الوسائل للحيلولة دون هدم الكيان المصري.
‌ج. الصراع الرمزي في سياق المعالجة الإعلامية لأبعاد صورة جماعة الإخوان يأخذ أحيانًا طابع المحاكمة، ما يجعل القائم بالاتصال قاضيًا واقفًا؛ يطالب بحلِّ "الجماعة الإرهابية"، وإنزال أشد العقوبات بها، ويبدو طامحًا للقيام بهذه المهمة.
‌د. تُؤَشِّر لغة التنديد، والإدانة، والسخرية، والتحريض (الرموز السلبية)، ضد جماعة الإخوان إلى تحوُّل القائم بالاتصال لخصم سياسي يستغل منصته الإلكترونية لمنازلة الإخوان، راغبًا في محوهم من الخريطة السياسية ، والنسيج المجتمعي، متجاوزاً كل تقاليد العمل الإعلامي.

د‌. أساليب الإقناع في صَوْغِ الصورة الذهنية لجماعة الإخوان
تكشف دراسة أبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين عن أساليب واستراتجيات متعددة في بناء هذه الصورة، ومحاولة إقناع المستخدمين بأبعادها. وكما ذكرنا آنفًا، فإن محتوى الرسالة الإعلامية يرتبط بالقدرة على الإقناع. ولذلك فإن القائم بالاتصال عليه اتخاذ عدة قرارات، مثل تحديد الأدلة التي سوف يستخدمها، وتلك التي سوف يستبعدها، والحجج التي يُسْهِبُ في وصفها، وتلك التي يجب أن يختصرها، ونوعية الاستمالات التي يستخدمها ومدى قوتها. فكل رسالة إقناعية هي نتاج للعديد من القرارات بالنسبة لشكلها ومحتواها، وأغلب تلك القرارات لا يُمْلِيها الهدف الإقناعي للرسالة فقط، ولكن تمليها أيضاً خصائص المتلقي، ومهارات القائم بالاتصال(88).

وفي اتساق مع أبعاد الصورة الذهنية لجماعة الإخوان، وشدة سلبية علاماتها، هيمنت الاستمالة العاطفية على محتوى الرسالة الإعلامية لعينة الدراسة، والتي تستهدف التأثير في وجدان المستخدمين وانفعالاتهم، وإثارة حاجاتهم النفسية والاجتماعية، بما يحقق أهداف القائم بالاتصال. وقد بلغت نسبة هذا النوع 66.20% من مجموع الاستمالات، واعتمد أساساً على استخدام "الشعارات" (العبارات الجاهزة والمَسْكوكة) والأحكام (قوى الظلام والتخلف، قوى التأسلم السياسي، الإسلام السياسي إرهاب باسم الدين..)، ثم الألفاظ بدلالتها المعنوية التي تتضمن عادةً حكمًا، أو فكرةً معينةً قد تحمل، أو تستثير، شحنةً عاطفيةً لدى المستخدمين (الجماعة الإرهابية، التكفيرية، الخوارج، الرجعية، النازية، الفاشية، البلطجية...)، كما لجأ هذا النوع إلى عرض الرأي كأنه حقيقة، واستخدام أسلوب التشبيه (إخوان الشياطين، وكان الشيطان كفوراً...)، الذي يُجَسِّدُ الصورة الحالية للإخوان في أشباه ونظائر مذمومة نفسيًا وثقافيًا وأخلاقيًا.

ووظفت الاستمالة العاطفية أيضًا أسلوب غريزة القطيع، ويُقصَدُ به استغلال الضغط الذي تثيره متغيرات الواقع، والسياق العام للأحداث، بما يجعلنا نتوافق مع الجماعة المرجعية التي ننتمي إليها، ويُطْلِقُ عليها (غريزة القطيع) غوستاف لوبون "العدوى النفسية"، التي لها من القوة ما يجعل الأفكار، والعواطف والانفعالات، والعقائد الإيمانية، تمتلك سلطة العدوى بنفس قوة وكثافة الجراثيم، فهي التي تجعل الناس يحتقرون في فترة ما عملًا أدبيًا ما، كما تجعلهم بعد بضع سنوات يُعْجَبُونَ بنفس العمل، وهم الذين كانوا قد تنكروا له واحتقروه(89).

وهنا، يمكن أن نُبْرِزَ نموذجًا واضحًا لغريزة القطيع؛ يُحاول استثارةَ المستخدمين، وخلقَ اتجاهٍ (نفسيٍّ) مُوَحَّدٍ، إزاء حكم الإخوان، في أفق استنباط وتكوين سلوك يَتَّسِقُ أو يستجيب لأهداف القائم بالاتصال في ترتيب العقوبة والجزاء ضد جماعة الإخوان، "لماذا يُحَطِّمُ طالب جامعي معهده العلمي دفاعًا عن حكم متخلف لم يحقق أي إنجاز! ولم يخلف وراءه سوى الحسرة والندامة؛ قسَّم البلاد وأشعل فيها نار الفتنة، واقتطع أجزاء من أرضها على الحدود لمصلحة أصدقائه! وكشف عن نياته الحقيقية في إعلان دستوري فاسد؛ أعطى للرئيس المعزول سلطات إلهية تفوق سلطات أكثر طغاة التاريخ عتوًا وظلمًا!..يمكن أن نحمل جماعة الإخوان المسلمين جزءًا كبيرًا من مسؤولية هذه التربية الفاشية لشبابها، والتي أنتجت هذا السلوك الفظ المشحون بالحقد والسواد والكراهية"(90).

وحظيت استمالة التخويف باهتمام متوسط في عينة الدراسة؛ إذ بلغت نسبتها 28.85% من مجموع الاستمالات، وتركز على تنشيط الإثارة العاطفية لدى المستخدمين، مثل احتراف الجماعة لـ"الإرهاب"، وتَحَوُّل تنظيمها إلى "تنظيم إرهابي" يُهدِّد الاستقرار السياسي والأمني للبلاد، والتحذير من المصالحة الوطنية مع الجماعة، والتي لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تسلم التنظيم مصير الوطن من جديد(91).

أما الاستمالة العقلية، التي تعتمد على مخاطبة، العقل وتقديم الحجج والشواهد المنطقية، وتفنيد الآراء بعد مناقشتها، وإظهار جوانبها المختلفة، فكان حضورها ضعيفًا في عينة الدراسة؛ إذ لم تتجاوز نسبتها 4.95% من مجموع الاستمالات. ويُركِّز خطاب العينة في بناء الرسالة الإعلامية على الإحصائيات المتعلقة بالخسائر المادية التي نتجت عن المظاهرات وعدد القتلى والجرحى (..) ثم بناء النتائج على المقدمات.

ويُؤَشِّرُ توزيع هذه الاستمالات إلى التخطيط في بناء محتوى الرسالة الإعلامية سعيًا لاستنباط ومحاولة التعديل الواقعي لسلوك المستخدمين، وهو المظهر السلوكي الثاني الذي نبحثه في هذا السياق بعد سلوك القائم بالاتصال. وليس من العسير أن نلاحظ الجهد الذي يبذله القائم بالاتصال في  تنظيم محتوى الرسالة الإعلامية للتأثير في العمليات الإدراكية للمستخدم وتعديلها من خلال إبراز علامات، ومفاهيم وحقائق، جديدة عن جماعة الإخوان المسلمين؛ تتعارض مع المعلومات والمفاهيم التي اكتسبها عبر خبراته وتجاربه الحياتية السابقة، أي أن استراتيجية الإقناع تستهدف تعديل البناء النفسي الداخلي للأفراد عن تنظيم الإخوان "الإرهابي" و"الخوارجي" و"التكفيري" (...) عبر تَعَلُّم جديد يستجيب لمخاوفهم وحاجاتهم، مما يؤدي إلى السلوك المرغوب فيه تجاه الجماعة لدعم قرار حلِّها واستئصالها، وهو ما يعبر عنه في علوم الإعلام والاتصال بـ"الاستراتيجية السيكودينامية"، التي تؤكد على القوى الداخلية للفرد في تشكيل السلوك.

وبالموازاة مع هذه الاستراتيجية، يعتمد محتوى الرسالة الإعلامية (عينة الدراسة) استراتيجية بناء المعاني، التي تستهدف التأثير في المخزون المعرفي المتراكم للأفراد، وتنمية معتقداتهم، وتشكيل صورة جديدة عن جماعة الإخوان، التي تحمل - وفقًا لهذا الخطاب - منظومة فكرية، وسياسية، وعقائدية، مصادمة للواقع، ولا يمكنها أن تكون شريكًا في بناء مصر (..). وتُبَلْوِرُ هذه الاستراتيجية نسقًا معرفيًا؛ يُرَسِّخُ علاماتٍ ورموزًا ثقافيةً جديدةً عن الجماعة.

استنتاج

إن كثافة الرموز السلبية في صَوْغِ الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين تجعل الخطاب الإعلامي للصحافة الإلكترونية المصرية "مُكَلَّفاً بِمُهِمَّة" غير وظيفته الإخبارية (أو حتى وظيفة الرقابة..)؛ مُنْخَرِطًا (بل مُتورِّطًا) في لعبة السياسة؛ قريبًا من دور النيابة العامة في توجيه لائحة الاتهام.

لذلك جاءت الصورة الذهنية لجماعة الإخوان مُشْبَعَةً بنبرة الإدانة، والتنديد، والسخرية، والتحريض؛ تَرْسُمُ أبعادًا معرفيةً ووجدانيةً جديدةً غير مألوفة، وهي الصورة الحالية التي خَطَّطَ لها القائم بالاتصال من أجل التأثير في البناء النفسي الداخلي والمخزون المعرفي المتراكم للأفراد، واستنباط سلوكيات معينة، بل والسعي إلى التعديل العلني للسلوك تجاه الجماعة. وتتقاطع هذه الأبعاد (والأهداف) مع مضمون الخطاب السياسي الرسمي في تشكيلِ صورةٍ نمطيةٍ مُقوْلَبةٍ للإخوان لا تساعد على فهم جوهر الصراع، فضلًا عن تسويته؛ لأنها تعكس علاقات السيطرة والقوة لجهة تفرض إرادتها ورؤيتها السياسية. وقد دلَّت صيرورة الأحداث والوقائع، ومسارات خارطة الطريق، التي جاءت بالمشير عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر، على جوهر "وظيفة" هذا النوع من الصحافة (الذراع السياسية)، ودوره في الصراع بين مكونات المشهد السياسي المصري.

ولا يُتوقَّع أن تمتلك هذه الذراع "إرادتها" (التحريرية والسياسية)، في ظل نظام حكم يسعى لاحتواء كل الفضاءات والمِنَصَّات (...). وفي الوقت نفسه، لن يكون يسيرًا على جماعة الإخوان المسلمين أن تُبَدِّدَ الصورة الحالية التي رسمتها لها الصحافة الإلكترونية المحلية بخدمتها لأجندة غير إخبارية (مُؤَدْلَجَة).
_____________________________________
محمد الراجي، باحث في مركز الجزيرة للدراسات.

المصادر والهوامش
(**) يُقصَدُ بـ"التلوين" هنا إعادة بناء الأخبار والأحداث والوقائع في سياق يجعل الخطاب الإعلامي يُقَدِّمُ انطباعات شخصية لأبعاد الصورة؛ تختلف جزئيًا أو كليًا عما جرى في الواقع بعد تحويره وتطويعه بما يتفق مع سياسة الوسيلة الإعلامية.
1 - كامل كامل، "قيادي بــ"النور": الإخوان أشد خطراً على الإسلام من اليهود"، اليوم السابع، 28 ديسمبر 2013.
http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=1421617&#.UxRXR2fNtHg
2- محمد حامد الجمل، "جماعة الإخوان الإرهابية والصهيونية العالمية" (2)، مصرس، 1 فبراير 2014.
http://www.masress.com/alwafd/618395
3- ثروت الخرباوي، "الإخوان والماسونية"، المصري اليوم، 31 ديسمبر 2013.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/369271
4- محمد رجب سلامة، "دراسة جديدة تكشف حقيقة انتماء الإخوان ومؤسسها للماسونية..وقصة علاقة الجماعة باليهود والمجوس"، الموجز، 18 سبتمبر 2013.
http://www.elmogaz.com/node/107121#sthash.f7NXdfcx.dpbs
5- "الإخوان سبب سقوط الأندلس"، اليوتيوب، 28 يوليو  2013.
http://www.youtube.com/watch?v=4NHBkQge6OU
6- هشام عطية عبد المقصود، دراسات في تحليل الخطاب الإعلامي: صورة الذات العربية في الأزمات وآليات التحيز في التغطية الخبرية (القاهرة: دار العالم العربي، ط 1، 2012)، 33.
7- محمد شومان، "2013: الإخوان من المحظورة إلى الإرهابية مروراً بالرئاسة!"، الحياة، 1 يناير 2014.
http://alhayat.com/Opinion/Writers/01-2014/345216
8- صبحي عسيلة، "أثر عكسي: كيف يتعامل الإعلام المصري مع جماعة الإخوان المسلمين؟"، مجلة الديمقراطية، 21 يناير 2014.
http://democracy.ahram.org.eg/News/593/%D8%A3%D8
9- ملفين ديفلير وساندرا بول روكيتش، نظريات وسائل الإعلام، ترجمة كمال عبد الرؤوف (القاهرة: الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، ط 4، 2002)، 74.
10- علي عجوة، العلاقات العامة والصورة الذهنية (القاهرة: عالم الكتب، 2003)، 8.
11- عبد المقصود، دراسات في تحليل الخطاب الإعلامي، 83.
12- مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، "الإعلام الإلكتروني في مصر..الواقع والتحديات"، تقارير معلوماتية، السنة الرابعة، العدد 38 (2010)، 2-9.
13 -“Egypt: Usage and Population Statistics”, Internet World States, 9 April 2014.
http://www.internetworldstats.com/africa.htm#eg
14 -“Egypt: Internet Usage and Telecommunications Reports”, Internet World States, 9 April 2014.
http://www.internetworldstats.com/af/eg.htm
15- مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، "الإعلام الإلكتروني في مصر..الواقع والتحديات"، 8.
16 -“Egypt: Usage and Population Statistics”, Internet World States, 9 April 2014.
http://www.internetworldstats.com/africa.htm#eg
17 -Nahed Eltantawy, Julie Wiest, “Social Media in the Egyptian Revolution: Reconsidering Resource Mobilization Theory”, International Journal of Communication, 5 (2011): 1212.
ijoc.org/index.php/ijoc/article/download/1242/597
18- مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، "الإعلام الإلكتروني في مصر..الواقع والتحديات"، 2.
19- محمد عبد الحميد، تحليل المحتوى في بحوث الإعلام (بيروت: دار ومكتبة الهلال، 2009)، 91.
20 -“How popular is ahram.org.eg?”.
http://www.alexa.com/siteinfo/ahram.org.eg
21- أحمد يعقوب، "فوربيس: اليوم السابع الأول بـ883 مليون زيارة يليه الأهرام بـ75 مليوناً"، اليوم السابع، 27 ديسمبر 2012.
http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=889751#.UxcWdmfNtHg
22 -“How popular is almasryalyoum.com?”.
http://www.alexa.com/siteinfo/almasryalyoum.com
23- عبد الحميد، تحليل المحتوى في بحوث الإعلام، 91.
24- شيماء ذو الفقار زغيب، مناهج البحث والاستخدامات الإحصائية في الدراسات الإعلامية (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، ط 1، 2009)، 239.
** يقوم الباحث في هذا الأسلوب (العينة العشوائية المنتظمة) باختيار أول عدد من المصادر بطريقة عشوائية ثم يقوم باختيار المفردات التالية للعينة بطريقة منتظمة على أساس تساوي البعد الزمني بين كل مفردة وأخرى تبعاً لنسبة تمثيل العينة إلى المجتمع الأصلي.
انظر: عبد الحميد، تحليل المحتوى في بحوث الإعلام، 100.
25- رجاء وحيد دويدري، البحث العلمي: أساسياته النظرية وممارسته العملية (دمشق: دار الفكر، 2008)، 184.
26- سمير حسين، بحوث الإعلام: الأسس والمبادئ (القاهرة: مكتبة غريب، 1986)، 123.
27- زغيب، مناهج البحث والاستخدامات الإحصائية في الدراسات الإعلامية، 110.
28- عبد الحميد، تحليل المحتوى في بحوث الإعلام، 22.
29- يعتبر أسلوب الملاحظة أحد الأساليب الأولية لجمع البيانات عن السلوك الإنساني بصفة عامة والاتصال بصفة خاصة، ويقدم البعد الكيفي في وصف السلوك. ولا تهتم الملاحظة بالإجابة عن الأسئلة من؟ وماذا؟ ولماذا؟ التي يمكن أن تجيب عنها أساليب الاستقصاء والمقابلة، وإنما تهتم بالسؤال كيف؟ فتقدم تفسيرًا للظواهر في بعدها الكيفي. لذلك تعتبر الملاحظة ضرورية لدعم التفسيرات الخاصة بالآراء والاتجاهات.
انظر: محمد عبد الحميد، البحث العلمي في الدراسات الإعلامية (القاهرة: عالم الكتب، ط 1، 2000)، 405.
30- تمثل استمارة التحليل Schedule إطارًا محددًا يوفر للباحث تسجيل المعلومات التي تفي بمتطلبات الدراسة؛ حيث يتم تصميمها بما يتفق وأغراض التحليل، وتعبر كميًا عن رموز الوثيقة الواحدة التي تشمل فئات التصنيف، ووحدات التحليل، ووحدات القياس، بالإضافة إلى البيانات الأولية عن وثيقة المحتوى. وتعتبر هذه الرموز، مدخلات Inputs استمارة التحليل في الاستخدام الآلي واليدوي لجميع البيانات طبقًا للأسس والمعايير، التي يضعها الباحث لعملية التسجيل Recording في هذه الاستمارة.
انظر: عبد الحميد، تحليل المحتوى في بحوث الإعلام، 152.
31- ديفلير وروكيتش، نظريات وسائل الإعلام، 359.
32- ديفلير وروكيتش، نظريات وسائل الإعلام، 353.
33- محمد عبد الحميد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير (القاهرة: عالم الكتب، ط 3، 2010)، 322.
34- عزيزة عبده، الإعلام السياسي والرأي العام: دراسة في ترتيب الأولويات (القاهرة: دار الفجر، ط 1، 2004)، 91.
35- عجوة، العلاقات العامة والصورة الذهنية، 3.
36- سليمان صالح، وسائل الإعلام وصناعة الصورة الذهنية (الكويت: مكتبة الفلاح، ط 1، 2005)، 17.
37- ساعد ساعد وعبيدة صبطي، الصورة الصحفية: دراسة سيميولوجية (الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2012)، 41.
38- إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط (القاهرة: مجمع اللغة العربية، ج 2)، 548.
39- ريموند وليمز، الكلمات المفاتيح، ترجمة نعيمان عثمان (المغرب: المركز الثقافي العربي، ط 1، 2007)، 160.
40 -Paul Robert, Le Nouveau Petit Robert (Paris: Dictionnaires Le Robert, 1993), 1262-1263.
41- “Image”.
http://dictionary.reference.com/browse/image?s=t
42- عجوة، العلاقات العامة والصورة الذهنية، 4.
43- عجوة، العلاقات العامة والصورة الذهنية، 4.
44- صالح، وسائل الإعلام وصناعة الصورة الذهنية، 22-23.
45- عجوة، العلاقات العامة والصورة الذهنية، 10.
46- عجوة، العلاقات العامة والصورة الذهنية، 8-9.
47- خالد جودة، "الزعفراني مؤسس الجماعة الإسلامية: الإخوان في طريقها للانهيار والإسلام السياسي إلى زوال"، الأهرام، 12 ديسمبر 2013.
http://www.ahram.org.eg/News/1031/60/247350
48- ثروت الخرباوي، "حقوق الإنسان الإرهابي السلمي"، المصري اليوم، 11 ديسمبر 2013.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=406302
49- عمرو عبد السميع، "المصطفى والشجر والإخوان"، الأهرام، 7 ديسمبر 2013.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/246768.aspx
50- حافظ أبو سعدة، "قيادات الإخوان بالسجون يشعرون باليأس..والقوانين القائمة لمكافحة الإرهاب غير كافية لحماية مصر ومصالحها الحيوية وحقوق مواطنيها"، الأهرام، 5 نوفمبر 2013.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1452409&eid=599
51- عبد السميع، "المصطفى والشجر والإخوان"، الأهرام، 7 ديسمبر 2013.
http://www.ahram.org.eg/WriterArticles/191/2013/20.aspx
52- شريف عابدين، "الإخوان ومؤامرة جين شارب!"، الأهرام، 27 فبراير 2014.
http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=1548758
53- محمد صابرين، "الإخوان يحلمون بأوباما ويستيقظون على السيسي"، الأهرام، 19 يناير 2014.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1515491&eid=5569
54- أحمد شلبي، فاطمة أبو شنب، "النيابة تطلب أقصى عقوبة على مرسي في التخابر"، المصري اليوم، 24 فبراير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/nsection.aspx?SectionID=295&IssueID=3151
55- محمد السعدني، "إعلان الإخوان تنظيمًا إرهابيًا"، الأهرام، 3 نوفمبر 2013.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/240659.aspx
56- نبيل زكي، "الجماعة خارج التاريخ"، مصرس، 19 يناير 2014.
http://www.masress.com/alahaly/36026
57- محمد صابرين، "المؤسسة العسكرية في مرمى نيران صديقة"، الأهرام، 3 نوفمبر 2013.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1450463&eid=5569
58- مكرم محمد أحمد، "لماذا يخربون جامعتهم؟!"، الأهرام، 3 نوفمبر 2013.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1450465&eid=786
59- السعدني، "إعلان الإخوان تنظيمًا إرهابيًا"، الأهرام، 3 نوفمبر 2013.
http://www.ahram.org.eg/WriterArticles/34/2013/0.aspx
60- محمد كامل، "حلمي حديدي رئيس منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية: الإخوان حكموا مصر كأنها عزبة.."، المصري اليوم، 22 فبراير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=414870
61- مصطفى الفقي، "معًا على الطريق"، الأهرام، 21 يناير 2014.
http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=1517154
62- أحمد، "لماذا يخربون جامعتهم؟!"، الأهرام، 3 نوفمبر 2013.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1450465&eid=786
63- الفقي، "معًا على الطريق"، الأهرام، 21 يناير 2014.
http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=1517154
64- كامل، "حلمي حديدي رئيس منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية: الإخوان حكموا مصر كأنها عزبة.."، المصري اليوم، 22 فبراير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=414870
65- غادة محمد، "منشقو الجهاد والجماعة الإسلامية يواجهون الفكر التكفيري"، المصري اليوم، 24 فبراير 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/399720
66- محمد فهمي، "الاختراق!"، الأهالي، 25 فبراير 2014.
http://www.al-ahaly.com/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%81%D9%87%D9%85%D9%89-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%82/
67- حسن عثمان، "هذا التحدي الوقح"، الأهالي، 25 فبراير 2014.
http://www.al-ahaly.com
68- بهيجة حسين، "ذراع لا بد من قطعه"، الأهالي، 25 فبراير 2014.
http://www.al-ahaly.com/%d8%a8%d9%87%d9%8a%d8%ac%d8%a9-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%aa%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b0%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%af-%d9%85%d9%86-%d9%82%d8%b7%d8%b9%d9%87%d8%a7/#.U0zhB2fNtHg
69- شيماء القرنشاوي، "وزير العدالة الانتقالية: الإخوان يعانون أزمة نفسية بسبب مضاعفات حالة إنكار الواقع"، المصري اليوم، 15 يناير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=410448
70- خير راغب وآخرون، "الجيزة تتصدى لعنف الإخوان"، المصري اليوم، 15 يناير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=410412
71- فكري عبد السلام، "شهادة وفاة الإرهابية"، الأهرام، 20 يناير 2014.
http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/254380.aspx
72- ياسر علي، "الإخوان تتعاقد مع شركات دعاية عالمية لتشويه الاستفتاء"، المصري اليوم، 15 يناير 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/376247
73- غادة عبد الحافظ وآخرون، "القوى السياسية تبدأ معركة الحشد لـ"نعم"..والإخوان تدشن "أنا مقاطع"، المصري اليوم، 13 ديسمبر 2013.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=406577
74- علي، "الإخوان تتعاقد مع شركات دعاية عالمية لتشويه الاستفتاء"، المصري اليوم، 15 يناير 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/376247
75- صلاح غراب، "مراد وهبة: نحتاج إلى أمن فكري يسحق أي مفاهيم مغلوطة"، الأهرام، 1 نوفمبر 2013.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1449269&eid=481
76- ياسر علي، "منشقو الإخوان يؤسسون تيار المواجهة لمراجعة فكر العنف والاتجار بالدين"، المصري اليوم، 11 ديسمبر 2013.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/356275
77 نادين البدير، "الإخوان أصل القاعدة"، المصري اليوم، 23 فبرايري 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/399086
78- ثروت الخرباوي، "طاقية التقية على رأس الإخوان"، المصري اليوم، 26 فبراير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=415363
79- الخرباوي، "طاقية التقية على رأس الإخوان"، المصري اليوم، 26 فبراير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=415363
80- الخرباوي، "طاقية التقية على رأس الإخوان"، المصري اليوم، 26 فبراير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=415363
81- عماد فؤاد وحسام صدقة، "أحمد الفضالي: نتيجة الاستفتاء تؤكد أنه لا مستقبل للإخوان في مصر"، المصري اليوم، 19 يناير 2014.
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=410814
82- نجوى إبراهيم، "هدى بدران: نساء مصر يطالبن بالمناصفة في مقاعد مجلس النواب القادم"، جريدتك اليوم، 25 فبراير 2014.
http://www.jaridatak.com/ChildPages/Political%5CAl-Ahaly%5CAr4349.htm
83- علاء الزمر، "صابر عرب: ثورة 30 يونيو أنقذت وزارة الثقافة من الإخوان"، الأهرام، 23 فبراير 2014.
http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=1544939
84- أمين إسكندر، "المصالحة أم المواجهة"، المصري اليوم، 24 فبراير 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/399675
85- رانيا بدوي، "علي السمان: الإعلام مشغول بمظاهرات الإخوان أكثر من قضايا المواطن"، المصري اليوم، 11 ديسمبر 2013.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/356060?isdesktop=1
86- زينب عبد الرازق، "جلال أمين: قوى خارجية وراء عدم الاستقرار"، الأهرام، 28 فبراير 2014.
http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=1549952
87- حسن عماد مكاوي، نظريات الإعلام (القاهرة: الدار العربية، 2009)، 109.
88- مكاوي، نظريات الإعلام، 95.
89- غوستاف لوبون، سيكولوجية الجماهير (بيروت: دار الساقي، ط 5، 2013)، 134-135.
90- أحمد، "لماذا يخربون جامعتهم؟!"، الأهرام، 3 نوفمبر 2013.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1450465&eid=786
91- رفعت السعيد، "عفوًا..د.زياد..إنتي اشتغلي إيه؟"، الأهالي، 5 نوفمبر 2013.
http://www.al-ahaly.com/2013/11/page/32/

نبذة عن الكاتب