الانتخابات الكويتية: بين تواصل المسيرة الديمقراطية والاستقرار السياسي

شهدت دولة الكويت في السابع والعشرين من يوليو/تموز 2013 انتخابات مجلس الأمة السادس عشر في تاريخ مسيرتها الديمقراطية، وهي ثالث انتخابات نيابية تُجرى في غضون 17 شهرًا ، والسادسة خلال سبع سنوات، والرابعة التي تجرى وفق نظام الدوائر الانتخابية الخمس.
2013731101551189734_20.jpg
المصدر [الجزيرة]

 مقدمة

شهدت دولة الكويت في السابع والعشرين من يوليو/تموز 2013 انتخابات مجلس الأمة السادس عشر في تاريخ مسيرتها الديمقراطية، وهي ثالث انتخابات نيابية تُجرى في غضون 17 شهرًا ، والسادسة خلال سبع سنوات، والرابعة التي تجرى وفق نظام الدوائر الانتخابية الخمس.

حيث دُعي نحو 440 ألف كويتي وكويتية لاختيار 50 نائبًا لعضوية برلمان جديد بعد أن أبطلت المحكمة الدستورية انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2012 وأمرت بإجراء انتخابات برلمانية جديدة، وهي المرة السادسة التي يُحل فيها البرلمان الكويتي منذ مايو/أيار 2006؛ إما بسبب الخلافات السياسية بين الحكومة ومجلس الأمة، أو بموجب حكم قضائي.

يشار هنا إلى أنه شارك في مراقبة هذه الانتخابات نحو 30 خبيرًا من 15 دولة عربية من مؤسسات المجتمع المدني العربي والدولي.

تأسيسًا على ذلك، يسلط هذا التقرير الضوء على انتخابات مجلس أمة 2013، ويستعرض ملامح ومعطيات البيئة التي جرت في ظلها العملية الانتخابية، وصولاً إلى رصد وتحليل أبرز النتائج التي أسفرت عنها هذه العملية، وأخيرًا يستشرف التقرير مستقبل المشهد السياسي الكويتي في المدى القريب.

معطيات ما قبل الانتخابات:

جاءت الدعوة لإجراء الانتخابات تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية بشأن مرسوم الصوت الواحد في 16 يونيو/حزيران 2013؛ إذ قضت المحكمة بتحصين المرسوم الأميري بتعديل آلية الانتخاب لتكون صوتًا واحدًا بدلاً من أربعة اصوات، لكنها قضت بعدم دستورية مرسوم إنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات؛ ومن ثم أمرت بحل مجلس الأمة المنتخب في ديسمبر/كانون الأول 2012، وإجراء انتخابات جديدة وفق مرسوم الصوت الواحد.

وجاءت الانتخابات البرلمانية الجديدة في سياق حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعانيها الكويت خلال السنوات الأخيرة، والتي من بين أهم المؤشرات ذات الدلالة عليها، أن مجلس الأمة قد تم حله (6) مرات منذ عام 2006، واستقالت الحكومة (12) مرة خلال الفترة ذاتها.

وقد تباينت مواقف القوى السياسية والاجتماعية من المشاركة في الانتخابات الأخيرة من عدمها؛ فعلى صعيد القوى السياسية والنيابية، قاطعت "كتلة الأغلبية" في مجلس الأمة المبطل والذي انتُخب في فبراير/شباط 2012، وبلغ عدد المقاطعين من هذه الكتلة 27 نائبًا سابقًا، مؤكدين أن هذا الموقف يأتي "التزامًا بما سبق أن أعلنوه قبل صدور حكم المحكمة الدستورية والذي أكد على مقاطعة أية انتخابات تتم وفق مراسيم ضرورة"(1). 

كما قاطعت غالبية التيارات الإسلامية والليبرالية الانتخابات التي أُجريت وفقًا للصوت الواحد الذي ترفضه هذه التيارات، بينما شاركت بعض القوى الأخرى، وشارك ليبراليون بشكل فردي لا سيما ممن يُحسبون على ما يسمى بكتلة العمل الوطني.

فبالنسبة للتيار الليبيرالي، أكد المنبر الديمقراطي مقاطعته للانتخابات اعتراضًا على حكم المحكمة الدستورية في شأن نظام الصوت الواحد، معتبرًا أنه "لم يُنهِ حالة الصراع السياسي والاجتماعي، بل زادها احتقانًا"، وأن هذا النظام "بدأ يفرز ويكرس الانقسامات الداخلية، كما أنه أدى لتفشي سلبيات العمل الانتخابي".
وأكد المنبر أن عدم خوض الانتخابات يأتي اتساقًا مع قناعته بأن "خوض الانتخابات في المعطيات الحالية يجعل إرادة الناخب الكويتي أسيرة ومختطفة"(2).

وعلى صعيد القوى السياسية الإسلامية، قاطعت الحركة السلفية الانتخابات ترشحًا وانتخابًا، مبررة ذلك بأداء الحكومة الذي عمل على "إصدار مراسيم الضرورة لتعزيز النهج الفردي وإلغاء مؤسسات الدولة واختزالها في السلطة التنفيذية فقط ما يعد تحجيمًا لدور الأمة وإلغاء لوجودها"(3).

وللأسباب ذاتها لم تشارك الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" بأي مرشحين لها في الانتخابات.

غير أن التجمع السلفي شارك في الانتخابات باعتبارها "واجبًا شرعيًا ووطنيًا"، داعيًا الناخبين لاختيار الأصلح (4).

وفي المقابل أعلنت جميع التجمعات الشيعية عن خوضها الانتخابات باعتبار أن المشاركة "واجب وطني وتجسيد عملي لحكم المحكمة الدستورية"(5).
ومع ذلك، أعلن بعض الرموز التقليدية الشيعية ذات الثقل في الممارسة البرلمانية عن مقاطعتها للانتخابات، مثل النائب المخضرم السيد حسين القلاف الذي عزا موقفه إلى "التخبط السياسي وسوء استخدام الأدوات الدستورية"(6).

أما القبائل، فخلافًا لموقفها من انتخابات ديسمبر/كانون الأول الماضي، فقد حسمت موقفها إما عبر "التشاوريات"، أو ترك الباب مشرعًا لجميع أبنائها للمشاركة بالانتخابات ترشحًا وانتخابًا.

 والأمر الجدير بالملاحظة في هذا السياق أنه من المعطيات المهمة التي شكّلت الإطار العام للانتخابات، دعوة العديد من الدعاة المواطنين للمشاركة  وحثهم عليها "لتحقيق المصلحة المرجحة وعدم ترك المجال لغير الأكفاء، والتحذير من المقاطعة لأنها "تفتح باب الشر"، و"دفعًا للمفسدة التي قد تقع بوصول من لا يستحق لكرسي التشريع" (7) .

ومن الظواهر اللافتة أيضًا في السياق الانتخابي لـ"أمة 2013"، ذلك الحضور اللافت للقضاء خلال مرحلة ما قبل الانتخابات والذي تجلّى في عدة مشاهد، منها على سبيل المثال: صدور قرارات بشطب مرشحين وإعادة آخرين، وتوقيف عدد من المرشحين في أكثر من دائرة انتخابية بتهمة التورط في شراء الأصوات وإن تم الإفراج عنهم جميعًا لاحقًا بكفالات مالية. ورغم تكرار هذه الظاهرة فقد اعتبرها وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود الصباح لا تعدو كونها "تصرفات فردية"، كما رفضت محكمة الاستئناف ثلاث دعاوى لوقف الانتخابات بذريعة بطلان مرسوم الدعوة إليها.

وقد خاض انتخابات "صيف-رمضان" التاريخية (310) مرشحًا بينهم 5 سيدات؛ حيث تصدرت الدائرة الخامسة الدوائر الخمس بـ (101) مرشح، تلتها الدائرة الرابعة في المرتبة الثانية بـ (88) مرشحًا، ثم الدائرة الثالثة بـ (52) مرشحًا، تبعتها الدائرة الأولى بـ (39) مرشحًا، ثم حلّت الدائرة الثانية في المرتبة الأخيرة بـ (30) مرشحًا.

ويشار في هذا الصدد إلى انسحاب أكثر من 100 مرشح ممن تقدموا بأوراق ترشحهم عند فتح باب التسجيل للانتخابات في 9 يوليو/تموز 2013 حين بلغ العدد (418) مرشحًا ومرشحة.

 

 تركيبة مجلس الأمة الجديد

يلاحظ أن نسبة المشاركة في التصويت قد شهدت ارتفاعًا نسبيًا في هذه الانتخابات أخذًا بعين الاعتبار تراجع معدلات المشاركة بشكل عام خلال انتخابات المجالس الثلاثة الأخيرة عن سابقاتها؛ حيث بلغت نسبة المشاركة في انتخابات 2013 حوالي 54.5% مقابل أقل من 40% في انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2012، بينما بلغت 59.5% في انتخابات فبراير/شباط 2012، و58.2% في انتخابات 2009.

ووفقًا للنتائج الرسمية، فقد جاءت نسبة المشاركة بحسب الدوائر الانتخابية على النحو التالي: الدائرة الأولى (58.1%)، الثانية (58.8%)، الثالثة (51.2%)، الرابعة (50.9%)، والخامسة (48.4%).

وقد انعكس هذا التطور بشكل لافت في النتائج التي أسفرت عنها عملية الاقتراع على النحو الذي سنشير إليه لاحقًا، كما ألغت نسبة المشاركة المرتفعة نسبيًا هذه المرة وصف "برلمان ربع الشعب" الذي أُطلق على المجلس السابق.

وتشير القراءة العامة لمخرجات ونتائج الانتخابات، مقارنة مع نتائج مجلس 2009 والمجلسين المبطلين ( فبراير/شباط وديسمبر/كانون الأول 2012) (8)؛ إلى عودة قوية للقبائل مقابل خسارة واضحة لكل من أبناء الطائفة الشيعية والمرأة.

وبوجه عام، يمكن رصد أبرز دلالات نتائج انتخابات مجس أمة 2013 على النحو التالي:

• شهدت تركيبة  مجلس الأمة الجديد تغييرًا بنسبة 54% تقريبًا مع تفاوت نسبي  في نسب التغيير بين الدوائر الانتخابية الخمس إذ بلغت نسبة التغيير أقصاها في الدائرة الخامسة (80 %)، و(60%) في الرابعة، بينما بلغت (50%) في الثالثة، و(40%) في الدائرتين الأولى والثانية؛ حيث عاد 26 نائبًا من مجلس ديسمبر/كانون الأول 2012، و9 نواب انتُخبوا في مجالس سابقة قبله، فيما دخل المجلس 17 نائبًا للمرة الأولى.

• جاءت النتائج لتصب في صالح مرشحي القبائل الذين حصدوا (25) مقعدًا بنسبة 50 % من إجمالي المقاعد، توزعت كالتالي: (5) مقاعد لقبيلة العوازم، و(3) مقاعد لكل من عنزة وعتيبة والكنادرة، ومقعدان لكل من مطير وصلبة والرشايدة (الذين خسروا مقعدين مقارنة بمجلس ديسمبر/كانون الأول 2012)، ومقعد واحد لكل من الظفير وشمر والعجمان والهواجر والعداوين والسهول.
ومن بين العوامل المفسرة للعودة القوية للقبائل في البرلمان الجديد، ارتفاع نسبة المشاركة لا سيما في الدائرتين الرابعة والخامسة إلى الضعف تقريبًا مقارنة بالانتخابات السابقة التي شهدت عزوفًا عن التصويت في هاتين الدائرتين تحديدًا بسبب مقاطعة القبائل الكبرى للانتخابات؛ ما مكّن المرشحين من أبناء الطائفة الشيعية من حصد مقاعد فيهما للمرة الأولى في تاريخهم، وبالتالي ساهم اقتران المشاركة القبلية هذه المرة مع ارتفاع نسبة التصويت عمومًا في زيادة تمثيل القبائل على حساب الشيعة.
ويكفي للدلالة على صدقية هذا الاستنتاج أن نشير إلى التراجع في المراكز التي حصل عليها المرشحون الشيعة الفائزون في هذه الانتخابات مقارنة مع مراكزهم في الانتخابات الأخيرة؛ فعلى سبيل المثال تراجعت النائبة د. معصومة المبارك إلى المركز العاشر في انتخابات أمة 2013 بعدما كانت قد شغلت المركز الخامس في انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2012.

• تراجع تمثيل الشيعة في المجلس الجديد إلى 8 مقاعد مقابل 17 مقعدًا في المجلس السابق، وهو ما يفسَّر بالسبب المذكور آنفًا، فضلاً عن احتدام التنافس بين المرشحين الشيعة وغياب التنسيق فيما بينهم.
مع ملاحظة أن هذا العدد يكاد يكون المتوسط المعتاد للتمثيل الشيعي بالمجلس والذي يتراوح عادةً بين 7 إلى 9 نواب.

• وفي المقابل، رفع الإسلاميون السنة تمثيلهم في البرلمان الجديد إلى 8 نواب مقابل 5 في المجلس السابق؛ حيث عاد التيار الإسلامي بقوة بعد أن عزز التجمع السلفي موقعه البرلماني بالحصول على ثلاثة مقاعد (مقابل مقعدين في المجلس السابق)؛ ففاز مرشحوه الثلاثة جميعًا، بالإضافة لفوز  خمسة نواب إسلاميين غير منتمين لتيار أو كتلة بعينها (إسلاميون مستقلون).

• كما أسفرت الانتخابات عن عودة لكتلة العمل الوطني بعد غياب تام عن المجلس السابق، وذلك بفوز ستة نواب أبرزهم: مرزوق الغانم، وفيصل الشايع.

• اقتصر تمثيل المرأة على مقعدين فقط من أصل 5 مرشحات، متراجعًا من ثلاثة مقاعد في مجلس  ديسمبر/ كانون الأول 2012.

وربما يفسر ذلك بعدة أسباب أهمها:


• اعتماد انتخابات مجلس 2013 على الزخم الاجتماعي وسط غياب واضح للبرامج الانتخابية والأطروحات السياسية الإصلاحية.

• العزوف النسائي عن المشاركة في الانتخابات، سواء ترشحًا أو انتخابًا، والتراجع المستمر في هذا الاتجاه؛ فقد ترشح في انتخابات 2013 (5) سيدات مقابل (13) في انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2012، و(19) في انتخابات فبراير/شباط 2012، في حين ترشحت (26) سيدة في أول انتخابات شاركت فيها المرأة في يونيو/حزيران 2006.  وهو ما قد يُعزى -في تقديرنا- إلى حالة الإحباط التي أصابت المرأة الكويتية من عدم جدوى ذهابها المتكرر للتصويت (منذ 2006 وحتى الآن) بينما لم تلبِّ المخرجات الانتخابية، رجالاً ونساء، المطالب الرئيسية للمرأة؛ حيث ظلت قضاياها المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية معلقة دون حلول جذرية.
يلاحظ عدم نجاح أي من المرشحين الذين تورطوا في قضايا شراء الأصوات والمال السياسي، مما يؤشر إلى ارتفاع مستوى الوعي السياسي لدى الناخبين، وترسخ قناعة مجتمعية مفادها أن من يدفع المال لشراء الأصوات لن يتردد في بيع قضايا الناخبين من أجل الحصول على المال مستقبلاً.

مستقبل المشهد السياسي الكويتي

يمكن القول: إن الناخبين الكويتيين قد أدوا ما عليهم من حيث خروجهم للإدلاء بأصواتهم لاختيار نواب المجلس الجديد رغم الظروف المناخية الصعبة وللمرة الأولى وهم صائمون؛ في حين سيكون الأداء المستقبلي هو المقياس الرئيس للحكم على النواب الجدد.

إذ يأمل الكويتيون من مجلسهم النيابي الجديد أن يكون ذا نَفَس إصلاحي وأن يرد لهم التحية بأحسن منها عبر الوفاء بـ"الإنجازات الموعودة" من خلال تحسين الظروف المعيشية والخدمية لفئات الشعب المختلفة، واستئناف عجلة الإصلاح الشامل.

وثمة عدة معطيات ستكون حاكمة لمستقبل المشهد السياسي في الكويت خلال الفترة المقبلة، والتي ستحدد بدورها مسار ومصير مجلس الأمة الجديد، وهي:

1مدى استقرار العلاقة بين الحكومة والمجلس المقبلين: وهو ما شدّد عليه الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء الحكومة المستقيلة عقب إعلان الانتخابات، مشيرًا إلى أن "المرحلة الحالية تقتضي التعاون الإيجابي بين الجميع لتعويض ما فات من هدر للوقت والإمكانات، وأن تكون الجهود خلال الفترة القادمة مليئة بالإنجاز في جميع المجالات والميادين"(9).

والواقع أن مستوى هذا التعاون المأمول بين السلطتين من عدمه سيكون رهنًا بأمرين رئيسيين: أولهما: طبيعة تشكيلة الحكومة الجديدة التي كلّف أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رئيس الوزراء ذاته الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح بإعادة تشكيلها؛ حيث إن وجود وزراء تكنوقراط أكفاء سياسيًا من شأنه أن يساعد الحكومة المقبلة على تحقيق إنجازات ملموسة ترفع شعبيتها لدى الرأي العام الكويتي ويجنّبها مخاطر تعرض وزرائها للاستجوابات من جهة، ويجعلها قادرة على التعاطي الإيجابي مع النواب من جهة أخرى.

أما الأمر الآخر الذي سيحدد طبيعة التعاون الحكومي النيابي من عدمه فيتمثل في مدى المرونة السياسية التي سيتمتع بها ويبديها النواب الجدد في التعامل مع الحكومة وتقييم أدائها، وما يرتبط بذلك من الرصانة والتدرج والتمهل في تفعيل أدوات الرقابة الدستورية البرلمانية لا سيما الاستجواب.

ونرجّح أن يتضمن التشكيل الحكومي الجديد توزير أكثر من نائب بما يمثل جسر ثقة وتواصل مع النواب، وبحسب بعض التقديرات يُتوقع توزير ما بين ثلاثة إلى أربعة نواب.

ووفقًا لطبيعة تركيبة المجلس الجديد، ترجح المؤشرات عدم وجود نية مسبقة لتسليط "سيف الاستجوابات" على رقبة الحكومة المقبلة ووزرائها خاصة بالنظر إلى الغياب شبه التام لرموز الأغلبية المعارضة في مجلس الأمة المبطل في فبراير/شباط 2012، والتي قاطعت الانتخابات –ترشحًا وانتخابًا- في دورتيها الأخيريتين (ديسمبر/كانون الأول 2012، ويوليو/تموز 2013).

2- التطورات الإقليمية المتلاحقة التي تلقي بتداعياتها السلبية على جميع دول المنطقة؛ ومن ثم تفرض مزيدًا من التلاحم المجتمعي، والتوافق السياسي الداخلي عليها بما في ذلك الكويت.

 

خاتمة

إن التحدي الأكبر الذي يتعين على مجلس الأمة الجديد مواجهته هو المساهمة بقوة في إقرار التشريعات التي تساعد على الدفع بعجلة التنمية وتوفير علاقة مستقرة مع الحكومة، بما يمكن أن ينعكس بالإيجاب على الاستقرار السياسي في البلاد.

يبقى التساؤل المثار هو: هل ستمثل بداية دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة المقرر في السادس من أغسطس/آب 2013 نقطة انطلاق حقيقية نحو استعادة الاستقرار السياسي بين السلطتين خصوصًا (التنفيذية والتشريعية)، وللمسيرة النيابية والديمقراطية الكويتية عمومًا أم أن "مجلس أمة 2013" سيكون استنساخًا لسابقيه بما يجعله أداة لتأجيج الخلافات السياسية من جديد، وبما يعني أن تكون الديمقراطية قد تحققت فيما غاب الاستقرار السياسي؟ هذا ما ستكشف عنه تطورات الأوضاع في المستقبل القريب.
___________________________________
* باحث متخصص في الشأن الخليجي

الهوامش:
1. صحيفة "عالم اليوم" الكويتية، 21يونيو/حزيران 2013م.
2. انظر نص بيان المنبر الديمقراطي الكويتي، صحيفة "القبس" الكويتية 25يونيو/حزيران 2013م.
3. صحيفة "النهار" الكويتية، 21يونيو/حزيران 2013م.
4. انظر تصريحات أحد أقطاب التجمع د.علي العمير، صحيفة "السياسة" الكويتية، 10يوليو/تموز 2013م.
5. انظر بيان السيد محمد باقر المهري، صحيفة "الوطن" الكويتية، 21يونيو/حزيران 2013م.
6. صحيفة "الوطن" الكويتية، 3يوليو/تموز 2013م.
7. نص بيان الداعية الاسلامي د.ناظم المسباح عن المشاركة في الانتخابات: صحيفة "الوطن" ، 28يونيو/حزيران 2013م، وانظر بيانًا مماثلاً للداعية ذاته في: صحيفة "الأنباء"، 22يوليو/تموز 2013م).
8. للمزيد من التفاصيل في شأن نتائج انتخابات المجلسين المبطلين في 2012م، انظر: محمد بدري عيد:
 "انتخابات مجلس أمة 2012 ومستقبل الديمقراطية الكويتية"، (قطر: مركز الجزيرة للدراسات، 12 فبراير/شباط 2012م)، ومحمد بدري عيد: "انتخابات مجلس الأمة الخامس عشر في الكويت: نهاية احتقان أم بداية أزمة؟"، (قطر: مركز الجزيرة للدراسات، 9 ديسمبر/كانون الأول 2012م).
9. وكالة الأنباء الكويتية "كونا"، 28يوليو/تموز 2013م.