الحوار الطالباني-الباكستاني: اللعبة واللاعبون والمتلاعبون

تبحث هذه الورقة قضية "الحوار مع طالبان باكستان" وتشابكها مع الأجواء الداخلية الباكستانية والإقليمية والدولية المصاحبة له والذي يأتي متزامنا مع اغتيال واشنطن لزعيم حركة طالبان حكيم الله محسود بطائرة بلا طيار. وتعرّج الورقة على القوى الداخلية أو الخارجية المعارضة للحوار مع طالبان.
2013111263139440734_20.jpg
المصدر [الجزيرة]

ملخص
تبحث ورقة الحوار "الطالباني-الباكستاني: اللعبة واللاعبون والمتلاعبون" في موضوع الحوار الذي اتفقت عليه حركة طالبان باكستان وحكومة نواز شريف، التي تعهدت في برنامجها الانتخابي بحل القضية الأمنية والعسكرية المستعصية على مدى عقد في مناطق القبائل عبر الحوار. وتتناول الورقة  الأجواء الداخلية والإقليمية والدولية التي تساعد على إنجاحه بخلاف حوارات سابقة.
تتطرق الورقة إلى الوسطاء العلنيين والمستترين؛ حيث لجأ الطرفان إلى وسطاء سريين ومقبولين من ذوي المصداقية.
وتبحث الورقة في موقف الجيش الرافض لهذا الحوار والذي آثر الصمت بسبب التفويض الشعبي والحزبي الذي مُنح للحكومة لبدء عملية الحوار، غير أن العقبة الأساسية للحوار كما ترى الورقة تتمثل في الغارات الأميركية بطائرات بلا طيار، خاصة وأن شريف فشل في انتزاع تعهد من أوباما خلال زيارته الأخيرة بوقف هذه الغارات، التي ترهن طالبان مصير المحادثات بوقفها.
توصي الورقة بإبقاء هذه المحادثات سرية بعيدة عن الإعلام وتأثيره، ومواصلة الحكومة الضغط على واشنطن لتجميد غاراتها على الأقل على مناطق القبائل لإنجاح الحوار، واللجوء إلى وسطاء غير مسيسيين داخليًا مثل وفاق المدارس الحنفية المقربة لطالبان، وكذلك وساطة حركة طالبان أفغانستان ورؤوساء القبائل.

ترتبط قضية "الحوار مع طالبان" بالأجواء الداخلية الباكستانية والإقليمية والدولية المصاحبة لهذا الحوار والذي يأتي اغتيال واشنطن بطائرة بلا طيار لزعيم حركة طالبان حكيم الله محسود يوم 31-10-2013 وبعد أن جرى تفويض مؤتمر عموم الأحزاب الباكستانية المنعقد في التاسع من سبتمبر/أيلول الماضي في إسلام أباد الحكومة بفتح حوار مع حركة طالبان باكستان، وأعلنت فيه كل الأحزاب المشاركة موالاة ومعارضة تأييدها ودعمها له، وهي المرة الأولى في تاريخ الصراع منذ عقد. ولعل هذا من أكثر ما يميز الحوار عن سابقه. تبحث هذه الورقة في خريطة القوى الطالبانية على الأرض وتعدد مجموعات المسلحين التي تصل بحسب المصادر الحكومية إلى سبعين مجموعة يُستغل بعضها من قبل أطراف إقليمية ضد باكستان(1).

وتعرّج الورقة على القوى الداخلية أو الخارجية المعارضة للحوار مع طالبان، الذي يأتي في ظل انطلاق ثم تعثر الحوار الأميركي-الطالباني الأفغاني؛ حيث يتهيأ الجميع لاستحقاق الانسحاب الأميركي من أفغانستان والمتوقع استكماله أواخر العام المقبل 2014، بالإضافة إلى تزامنه مع تقرير منظمة العفو الدولية الذي انتقد وبشدة هجمات طائرات بلا طيار على مناطق القبائل الباكستانية أحد شروط طالبان الأساسية والمسبقة للحوار، والمطالِبة بوقف الغارات، وهو ما وفّر لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف مبررًا قويًا لصمت واشنطن على حواره مع طالبان، لكن جاءت بيانات الداخلية والدفاع الأخيرة عن مقتل 2160 مسلحًا مقابل 67 مدنيًا خلال الغارات الأميركية على مدى السنوات الخمس الماضية(2) لتناقض تقارير الخارجية الباكستانية التي تحدثت عن مقتل 400 مدني، وتناقض أيضًا تقارير دولية وتضعف موقف الحكومة المطالب بوقفها، خصوصًا وأنها تتناقض مع ما قدمه مفوض الحكومة الرسمي للمحكمة الباكستانية الناظرة بقضية الغارات غير القانونية مطلع العام الماضي والتي ذكر فيها أن عدد قتلى المدنيين 1449 مقابل 47 مسلحًا على مدى الأعوام الخمس الماضية.(3)

حوار بنكهة جديدة

شكّل إجماع لقاء عموم الأحزاب الباكستانية مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي على وجوب حوار الحكومة الباكستانية مع حركة طالبان باكستان استثناءً في السياسة الباكستانية والتي قلّما تتفق الموالاة والمعارضة على قضية مهمة كهذه. اللافت كان موافقة حزب الشعب الذي أمضى خمس سنوات في السلطة معارضًا للحوار ومقاتلاً لطالبان، واللافت الأكثر موافقة حزب العوام القومي اليساري، الذي حكم إقليم بختون خواه وعاصمته بيشاور مركز نشاطات طالبان، على الحوار وهو العدو اللدود للحركة.

من هنا، كان الحوار المرتقب بين الحكومة وحركة طالبان باكستان مميزًا عن سابقيه من حوارات جرت بينهما؛ فحكومة الرئيس السابق آصف علي زرداري لجأت إلى سياسة البارود عوضًا عن سياسة الحوار، وتماهت سياستها مع سياسة الجيش الرافض للحوار حين عرضه زعيم حركة طالبان باكستان السابق حكيم الله محسود يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2012 فردّ  العسكر بالرفض سريعًا في اجتماع لقادة الفيالق وهو أكبر هيئة عسكرية له يوم 4 يناير/كانون الثاني 2013. ومع هذا كانت هناك عدة حوارات واتفاقيات خلال السنوات العشر الماضية لم يُكتب لها النجاح لأسباب يطول ذكرها.
اتسمت الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الحالي منذ بدايتها بالتركيز على ضرورة الحوار مع حركة طالبان؛ فبنك أصواتها يعتمد على نفس الوسط الاجتماعي المتعاطف مع طالبان، يضاعفه وعودها بالإقلاع الاقتصادي للبلد وهو ما يتعذر تحقيقه دون تسوية المشكلة الأمنية الباكستانية التي كبّلت باكستان لعقد، لافتًا إليه شريف في تصريحه الأخير بلندن: "حكومتنا تريد إحلال الأمن والاستقرار في البلد من أجل خلق بيئة اقتصادية ضرورية لجذب المستثمرين الأجانب ومناشدة طالبان ليكونوا جزءًا من السلام والعملية السياسية".(4) لم يطل رد شريف على دعوة زعيم حركة طالبان حكيم الله محسود التي استعد فيها للحوار مع الحكومة؛ فأعلن شريف: "إن حكومته مخلصة في الحوار مع طالبان".(5)

وصرح محسود قبل اغتياله في مقابلته مع إذاعة بي بي سي بلغة الأوردو المحلية على ضرورة حصول "محادثات جدية، ومع أنه لم يجر أي اتصال من قبل الحكومة إلا أننا نفضل أن يظل الحوار بعيدًا عن وسائل الإعلام".(6) وكان تأكيد محسود على عقد المحادثات بعيدًا عن وسائل الإعلام رد واضح من جانبه على شروط وضعها متحدثه الرسمي شاهد الله شاهد مع الحكومة بمقابلته مع وكالة الصحافة الفرنسية حين دعا إلى: "وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش ووقف الغارات الأميركية بطائرات بلا طيار على مناطق القبائل كشروط مسبقة للحوار مع الحكومة."(7) وهي الأجواء التي تسعى إليها الحكومة لتحقيق نجاح مميز بعيدًا عن الفشل الذي منيت به حوارات سابقة.

يتمايز أيضًا الحوار هذه المرة بالتناغم بين الحكومة الإقليمية في بختون خواه وعاصمته بيشاور والمشكّلة من حزب الإنصاف بزعامة عمران خان وبين الحكومة المركزية بزعامة نواز شريف، على خلاف التناغم السلبي الرافض للحوار بين الحكومتين السابقتين المركزية برئاسة زرداري وحزب العوام في بيشاور.

الرصيد الأكبر الذي يُعوّل عليه شريف للحوار مع طالبان كونه وريث سياسة ضياء الحق الداعمة للجهاد الأفغاني خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وهو ما سهّل له الطريق بإقامة علاقة مميزة مع طالبان أفغانستان خلال فترة حكمها 1996-2001، يُضاف إليه طبيعة حزبه المحافظ والتقليدي وهو الوسط الداعم للحركة.

إصرار طرفي التفاوض الحكومي والطالباني على إبقاء عملية التفاوض وشروطها بعيدًا عن التدوال العلني ربما يبعث أكثر على التفاؤل بالنجاح، وأتى استعداد وفاق المدارس الحنفية، خزان طالبان البشري والفكري، للتوسط ليضخ أملاً جديدًا وماءً جديدًا في طاحونة الحوار؛ فالطرفان يحظيان باحترام بعضهما بعضًا، فعقدت مؤتمرًا لرموزها دعت فيه إلى ضرورة الحوار وأهميته وأعلن مديرها محمد حنيف جلاندري استعداده للتوسط بين طالبان والحكومة "إذا طلبت الأخيرة منه ذلك".(8)

ويدرك شريف تمامًا وجود الخيط المشدود والرفيع للحوار مع طالبان، عكسه إقلاله من التصريحات وتريثه في التحرك نحو الحوار إلا بعد  عودته من واشنطن ليحدد انطلاقه؛ وهو الذي يدرك أن نجاحه أو فشله في الحوار مرهون بموقف واشنطن من وقف أو استمرار الغارات الأميركية بطائرات بلا طيار، وهي القادرة على نسفه في أية لحظة، ونسفته بالفعل على الأقل مؤقتا حين قتلت محسود بالغارة الأميركية في الوقت الذي كان يستعد وفد من العلماء للتوجه للحوار مع طالبان بحسب شهادة وزير الداخلية تشودري نثار علي في مؤتمره الصحافي.  وأشار إليه شريف في مقابلة صحافية قبل خطابه في الجمعية العمومية بالقول: "إن الغارات الأميركية بطائرات بلا طيار ستدمر سياسة الحكومة في الحوار مع طالبان، وحالما يبدأ الحوار مع طالبان سنعتبر الهجمات تفشيلاً للحوار ولابد من وقفها مهما كانت التكاليف".(9)

لكن ومع هذا، فإن جوهر التفاؤل يعتبره البعض ذاتيًا يتمثل بانتفاء السبب الرئيسي لظهور طالبان باكستان وهو الوجود الأميركي الذي سيكمل انسحابه العام المقبل، بالإضافة إلى رغبة طالبانية عارمة بالحوار وضغط طالبان أفغانستان باتجاهه.

وسطاء علنيون ومستترون

منذ الحملة الانتخابية لنواز شريف التي دعا فيها للحوار،أخذ الوسطاء العلنيين والمستترين يتدفقون لعلهم يحظون بشيء من الكعكة، في البداية استعدت طالبان لوساطة شريف نفسه ومعه مولانا فضل الرحمن زعيم جمعية علماء الإسلام، لكنها سريعًا ما تراجعت عنها وتحدثت عن الحوار المباشر وجهًا لوجه مع الحكومة، وإن بدت الآن تحبذ وسطاء من طينة وفاق المدارس الحنفية كونهم الأقرب إليها فكريًا.

أدركت طالبان أن الوسطاء غير المسيسيين أفضل لها ما دام سوق السياسة والسياسيين سيحرص على تحقيق مصالحه الخاصة به، أما الحكومة فلا تزال في طور استكشاف وسطائها الخاصين بها، ومع هذا ترسل الرسل للحركة لجس نبضها أولاً، وكذلك لجس قدرة الوسطاء على لعب دور الوساطة؛ فقد أرسلت وسطاء من حركة طالبان أفغانستان المقربة لكلا الطرفين: إسلام أباد وطالبان باكستان، وهو ما أسرّت به قيادات طالبانية أفغانية للكاتب، كما أرسلت زعيم حركة المجاهدين الكشميرية فضل الرحمن خليل لنفس الغرض. وبموازاة ذلك تسعى الحكومة إلى البحث عن وسطاء قبليين من أصحاب النفوذ والقادرين على التأثير على الحركة وإلزامها بما يتم الاتفاق عليه. وهو ما كشفت عنه أيضًا قيادات طالبانية باكستانية للكاتب؛ الأمر الذي قد يؤشر إيجابيًا على إمكانية حصول اختراق كون جهة الوساطة موثوقة ومتفقًا عليها من قبل الطرفين.

جاء لجوء كل من الحكومة وطالبان إلى وسطاء جدد بعد فشل مولانا سميع الحق زعيم أحد جناحي جمعية علماء الإسلام بوساطته مطلع مايو/أيار بعد مقتل نائب زعيم حركة طالبان ولي الرحمن بصاروخ من طائرة بلا طيار 19 مايو/أيار 2013 وفُسر حينها على أنه نسف أميركي للحوار، كما جاء الاستهداف بعد أيام على تسلم نواز شريف السلطة مما عُدّ حينها تحديًا واضحًا للحكومة الجديدة ومشروعها الداعي للحوار.

تعكس كثرة الوسطاء وكثرة التحركات وحرص الحكومة على عدم الإعلان عن خطواتها المقبلة كي لا تفسد العرس الحواري، ضبابية في تصريحات المسؤولين الرسميين إزاء الحوار، فبينما يعلن وزير الإعلام في حكومة بيشاور فرمان شاه أن المحادثات انطلقت بالفعل مع طالبان ونجاحها سيكون هزيمة للقوى السياسية الرافضة والمعرقلة له؛(10)

 يعبّر رئيس وزراء إقليم بختون خواه، وعاصمته بيشاور، برفيز ختك عن قلقه من تأخر الحكومة الفيدرالية عن الحوار مع طالبان بحسب تفويض مؤتمر عموم الأحزاب الباكستانية. وهو ما يشير إلى إمكانية انطلاق حوار القنوات السرية وليس الحوار المباشر الذي كان يقصده كبير وزراء إقليم بيشاور.

أجواء مساعدة وأجواء ناسفة

شكّل تقرير منظمة العفو الدولية الذي حمل عنوان "من هو التالي؟!" في ضربات أميركا بطائرات بلا طيار، ومن قبله تقرير مجموعة الأزمات الدولية، هبة السماء لنواز شريف الداعي للحوار مع طالبان، وشكّلا أيضًا تبرئة للموقف الطالباني الراهنِ وقفَ عملياته بوقف الغارات الأميركية، وسبّب بالمقابل لعنة على السياسة الأميركية في باكستان التي رأى التقرير أنها تعمل خلافًا للقانون الدولي باستخدام طائرات بلا طيار؛ وهو ما تسبب في مقتل بين 2000-4000 قتيل مدني باكستاني مما يمكن وصفه بجرائم ضد الإنسانية.(11)

عوّل صنّاع القرار في إسلام أباد كثيرًا على التقرير في أن يساهم بتغيير موقفها تجاه استخدام الطائرات بلا طيار، لكن رفض واشنطن تضمين بيان (أوباما-شريف) المشترك لشيء عن الغارات، ورفض أوباما التعهد بوقفها أشاع إحباطًا في إسلام أباد بعد أن تمسكت مصادر أميركية بموقفها من عدم وجود تغيير في إدارة أوباما تجاه الغارات الأميركية بطائرات بلا طيار وأن الحوار مسألة داخلية؛(12) مما يعني أنها غير معنية بالحوار وبتهيئة شروطه من وقف الغارات، واختصرت أوساط دبلوماسية مقيمة في إسلام أباد لقاء أوباما-شريف بأنه كان حوار "مونولوغ ".(13)

ويجزم رحيم الله يوسف زي المتخصص في شؤون الحركات المسلحة بأن واشنطن لا تؤيد الحوار؛ فهي تعي أن نجاحه سيكون على حسابها في أفغانستان بتدفق مسلحي طالبان باكستان على أفغانستان وهو ما سيزعزع وضعًا هشًا سعت إليه طوال عشر سنوات، ويهدد بنسف جهودها بينما تتهيأ للانسحاب العام المقبل.(14)هذا الأمر لم يطل حين أفسدت كل ما كرّست الحكومة الباكستانية جهدها له خلال الأشهر الماضية بتنفيذ الغارة الذي أعقبه تشددا من قبل حركة طالبان برفض الحوار مع من وصفتهم بعملاء أميركا".(15)

ما يعزز نظرة المتشائمين بشأن الموقف الأميركي إزاء الحوار هو إعلان واشنطن رسميًا عن خطف لطف الله محسود الشخصية الثانية في طالبان باكستان ومن داخل الأراضي الأفغانية قبيل سفر شريف إلى واشنطن؛ وهو الموسوم بالاعتدال والداعي للحوار مع الحكومة على نقيض جناح طالباني متشدد آخر، ومن قبله قُتل القائد ولي الرحمن بطائرة بلا طيار وهو الداعي أيضًا وبشدة للحوار وذلك قبل تسلم شريف مهامه كرئيس للوزراء بأيام، فكان دليلاً برأي المتشائمين على رفض واشنطن للحوار؛ وهو ما أراد شريف الإشارة إليه في كلمته أمام معهد السلام في واشنطن حين قال: إن الغارات لا تشكّل انتهاكًا للسيادة فحسب وإنما تضر بالجهود الباكستانية في مكافحة الإرهاب".(16)

ثمة تلازم بين مساري وقف الغارات الأميركية بطائرات بلا طيار وبدء الحوار وإلا فإن أية غارة أميركية على وفد طالباني مفاوض أو غير مفاوض سيفجّر الوضع، ويعيده إلى المربع الأول، سيما مع خلو البيان المشترك لـ أوباما-شريف من التطرق بتاتًا إلى هذه الغارات، وعدم تعهد الطرف الأميركي بوقفها.

مع هذا، تواصل واشنطن سياسة الغموض الظاهري تجاه مسار الحوار وهي التي تدرك أن قوة الدفع الباكستانية المؤيدة له لا يمكن الوقوف بوجهها مع إجماع حزبي باكستاني بضرورة عقده؛ إذ وصفت مقررات الإجماع الحزبي طالبان وغيرها بـ "القوى المعنية بالسلام"، وبينما كان شريف يسعى حثيثًا لانتزاع تعهد أوباما بوقف الغارات كان رئيس هيئة أركان الجيش الباكستاني السابق الجنرال المتقاعد شاهد عزيز الذي يُعد من أهم مساعدي الرئيس السابق برفيز مشرف يفجر قنبلته باتهام الأخير حليف واشنطن الرئيسي السابق في الحرب على ما يوصف بالإرهاب بمسؤوليته المباشرة عن السماح لواشنطن بتنفيذ غارات طائرات بلا طيار، واستعد عزيز ليكون الشاهد على محاكمة مشرف الذي وصفه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية،(17) وعلى الفور التقط وزير الإعلام الباكستاني برفيز رشيد الخيط ليصفّي ربما حسابات حزبه "الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف مع مشرف الذي انقلب عليه عام 1999 فأبلغ الصحيفة ذاتها في اليوم التالي بأن حكومته ملزمة بمحاكمة مشرف في هجمات طائرات بلا طيار، وأن حكومته معنية ببدء محاكمة مشرف على هذه الجرائم التي ارتكبها بحق الأمة"؛(18) الأمر الذي قد يفتح صندوق مفاجآت لواشنطن هي في غنى عنها الآن.

تدرك طالبان حساسية هذه الغارات إن كانت على مستوى الأحزاب الباكستانية أو على مستوى الشارع فهي من القضايا المجمع عليها وطنيًا؛ ولذا فهي تلعب على الوتر الشعبي والحزبي الحساس بالمطالبة بوقفها مقابل وقف عملياتها.

فمن أعظم تداعيات الغارات والعمليات العسكرية في مناطق القبائل تآكل سلطة الدولة الباكستانية؛ وهو ما يفسر تناقض الطرفين الأميركي والباكستاني في سردياتهما للوضع القبلي فبينما تعتقد الأوساط الغربية أن ضعف سلطة الدولة في مناطق القبائل سمح لتحرك واسع للجماعات المسلحة "طالبان أفغانستان، طالبان باكستان، القاعدة.. مجموعات أخرى" كلها استفادت من غيبة الدولة الباكستانية؛ مما شكّل تهديدًا للوضع الأفغاني وربما الدولي معه، خصوصًا بعد تحقيقات واعترافات الذين سعوا لتفجيرات في نيويورك ولندن عن تلقيهم تدريبات في مناطق القبائل، غير أن السردية الباكستانية تلقي بالكرة في الملعب الأميركي حين تقول: إن الفراغ لم يكن له أن يحصل لولا خرق السيادة الباكستانية بالهجمات الجوية على مدى عقد وهو ما وفّر تربة خصبة لنمو الجماعات المناهضة للوجود الأميركي في أفغانستان.

تدفع باكستان المتحالفة مع أميركا ثمن تحالفها مرتين: ثمنًا تدفعه للجماعات المتهمة بتبعيتها للسياسة الأميركية، وثمنًا تدفعه لأميركا بغاراتها ضدها وضد سيادتها؛ وهو ما يكشفها أمام شعبها وأمام المسلحين المعارضين لها ولتحالفها مع واشنطن.

الحوار: خاسرون ورابحون 

ثمة مصالح وقوى ظاهرة ومستترة كثيرة في الصراع بين الحكومة وطالبان باكستان، وبعكس ما قد يظهر على أنه خلاف بين طرفين فقط، فإن الصورة الخلفية تشي بعكسه لكثرة المنتفعين والمتضررين منه، فعلى المستوى الداخلي الباكستاني هناك أكثر من سبعين مجموعة باكستانية تقاتل بمناطق القبائل الباكستانية السبع بينها جماعات جهادية مسلحة وطائفية وإثنية وعرقية وإجرامية وغيرها، وكلها لها اهتماماتها ومصالحها ومخاطرها التي تطورت خلال السنوات العشر الماضية من الصراع، وتفكيكها ليس بالسهولة، وربما لبعضها علاقات إقليمية يتم استخدامها لتحقيق أجندة دول مجاورة، غير أن رفع الغطاء الطالباني الذي يوفره لهذه الجماعات مجتمعة ربما يكشفها ويجعل عملها العسكري مستحيلاً أو صعبًا على الأقل إن تم التوصل لاتفاق حكومي-طالباني.

بالمقابل، تقف مجموعة طالبان البنجاب التي تُعرف بجند حفصة وظهرت للسطح بعد اقتحام المسجد الأحمر ومدرسة حفصة الملحقة به في يوليو/حزيران 2007 ويقودها عصمت الله معاوية، تقف مؤيدة وداعية للحوار؛ وهو ما كشفه للكاتب أكثر من مصدر طالباني باكستاني، عكسته رسالة معاوية نفسه والتي نُشرت في الصحف الباكستانية؛ حين قال: "لا يمكن لطالبان أن تتجاهل مناشدات العلماء للحوار مع الحكومة شريطة أن تكون على أسس ثابتة".(19)

غير أن إسلام أباد لا تزال تفتقر إلى توصيف الطرف المفاوض فهل هو مقاوم للاحتلال الأجنبي الممثل بالوجود الغربي في أفغانستان، أم أنه يريد إصلاحًا وتطبيقًا للشريعة كما تدعو بعض الفصائل، أم أنه مزيج من عصابات الإجرام والقتل والخطف كما يحصل في بعض مناطق القبائل؟ وهو ما يُعقّد عملية التفاوض ويجعل تعرجاتها وسبلها صعبة.

ومع هذا يعي نواز شريف تمامًا أن وقف نزف جبهة القبائل له الأولوية الأولى في أعمال حكومته كونه سيضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: استقرار أمني واقتصادي ويستتبعه تقليص دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية والعلاقات الخارجية التي تستثمر الحرب على ما يوصف بالإرهاب بالتواصل مع الغرب، علمًا بأن شريف دفع ثمنًا باهظًا لتدخل العسكر عام 1999 حين تمت الإطاحة به على يد مشرف. ربما ذلك ما يفسر معارضة العسكر الصامتة للحوار، بحسب خبراء، تُغلّف بذريعة تعرضهم لهجمات عسكرية مؤذية في الفترة الأخيرة.

فالملا فضل الله قائد مسلحي وادي سوات الذي خسر مناطقه خلال حملة الجيش على سوات عام 2009 ووجد نفسه لاجئًا هاربًا في أفغانستان، بمواقفه المتشددة هذه المعادية للحوار يسكب الماء في طاحونة العسكريين المشكّكين بالحوار، ويرى فضل الله أن الحوار جزء من استراتيجية الحرب مع الحكومة وهدد بمواصلة استهداف الجيش وقادته ومتبنيًا في الوقت نفسه عملية نوعية قُتل فيها قائد عمليات وادي سوات الجنرال ثناء الله خان زي بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 2013، وظهر التبني على صفحة الحركة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك "صفحة إعلام عمر".(20)

لكن العسكر يؤثرون الصمت إزاء سياسة شريف في الحوار، وهم الذين يحسنون الانحناء أمام العواصف ويتقنون قراءة نبض الشارع الذي يرونه مؤيدًا للحوار الآن، فيتحاشون معارضته ومواجهته.

وعلى الرغم من أن العسكر دفعوا منذ بدء تورطهم بالعمل العسكري في مناطق القبائل عام 2003 قتلى وجرحى أكثر مما دفعوه في حروبهم مع الهند بحسب خبراء عسكريين، إلا أنهم لا يزالون يعارضون الحوار لعدم قناعتهم بجدواه ربما، ولقناعتهم أن بقرة العمليات العسكرية في مناطق القبائل التي توفر لهم مئات الملايين من الدولارات سنويًا من الغرب ستتبخر في حال التوصل لاتفاق بعيدًا عنهم.

ويذهب المتخصص بشؤون الحركات المسلحة في باكستان رحيم الله يوسف زي إلى القول: "الجيش ليس مهتمًا بالحوار مع طالبان، لكن لا نستطيع تحديد مدى رغبة الجيش به. الظاهر أنهم لا يريدون فعليًا الحوار مع طالبان".(21)ويستدل القائلون برفض الجيش للحوار برفضهم حوارًا سابقًا عرضه محسود أواخر العام الماضي وسبقت الإشارة إليه.

زعيم حركة الإنصاف عمران خان أحد الداعين وبقوة للحوار الذي كان أحد أسباب تبوئه المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة كتب مقالاً في صحيفة ذي نيوز بعنوان "الحوار: أفضل الخيارات الصعبة" دعا فيه إلى فتح مكتب لحركة طالبان في إسلام أباد؛(22) وهو ما قد يدفعها للانخراط أكثر في الحوار والسياسة بعيدًا عن العمل المسلح والعمل السري تحت الأرض. وقد يشيع فوز فضل الله المتشدد بمنصب زعيم حركة طالبان أفغانستان بعد مقتل محسود أجواء متشائمة عن مصير الحوار وإن كان قرار الحرب والسلم في طالبان ليس مقتصرا بشخص واحد واتخاذه لا بد أن يأخذ بالاعتبار معنيين كثر.

لكن لعل الصوت العلني الوحيد الذي يُعارض الحوار مع طالبان في باكستان هو تحالف وحدة المسلمين الشيعي بزعامة ناصر عباس جعفري؛ فقد أعلن في مؤتمر بكراتشي أن كلاً من أميركا والمسلحين يلعبان مباراة ثابتة ولا يمكن أن يكونا صديقين لباكستان كونهما يمارسان عمليات القتل بحق باكستان مدنيين وعسكريين".(23)

قد يُفسَّر موقف تحالف الأحزاب الشيعية بتخوفهم من انتقال مسلحي طالبان باكستان إلى سوريا للقتال ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد سيما أنه يتردد مشاركة مقاتلين شيعة باكستانيين في سورية إلى جانب بشار الأسد، بالإضافة إلى ما يتردد أيضًا عن مشاركة مقاتلي طالبان باكستان إلى جانب المقاتلين المعارضين.

إقليميًا، هناك رفض هندي للحوار يعكسه برأي المحللين في باكستان حصول تفجيرات في باكستان بعد كل هجوم كبير يقع في أفغانستان نظرًا للعلاقة الأمنية الوطيدة بين نيودلهي وكابول وتشاطر المصلحة العسكرية والأمنية بين نيودلهي وواشنطن؛ فالهند وحكومة كارزاي ومن ورائهما واشنطن يرفضون الحوار الذي ينظرون إليه على أنه سيعود عليهم بتدفق للمسلحين إلى أفغانستان وهو ما سينسف عملية سياسية سهروا عليها مع غيرهم طوال عشر سنوات، ويضاعف الخوف الهندي كابوس تكرار سيناريو ما بعد الانسحاب السوفيتي من أفغانستان 1989 حين أعقبه مباشرة انطلاق انتفاضة كشميرية قوية؛ فتدفق المسلحون حينها إلى الجبهة الكشميرية بعد أن جفت الجبهة الأفغانية؛ وهو ما يشرح تحريك باكستان المفاجئ لقضية كشمير الآن على الصعيد الدولي والأميركي ورد الهند السريع برفض أية وساطة وتأكيد حلها في الإطار الثنائي.
يبدو جليًا تباين الموقفين الأميركي والباكستاني في التعاطي مع الوضع القبلي فبينما لا يزال الحل الأميركي يعتمد على القوة والسلاح وطائرات بلا طيار، يظهر نزوع الموقف الباكستاني إلى الحل السياسي والتفاوض.

المتحدث الرئاسي السابق فرحات الله يبدو متفائلاً بالحوار حين تحدث في مؤتمر لصياغة السياسة الوطنية تجاه الإرهاب المنعقد في إسلام أباد قائلاً: "ثمة ثلاث سرديات لابد من مراجعتها، الأولى: أن أميركا تتحاور مع طالبان أفغانستان وبالتالي لا ضرر من حوار الحكومة مع طالبان باكستان، والسردية الثانية: أن الحل العسكري فشل حتى الآن، والسردية الثالثة: أن طالبان باكستان ظهرت كنتيجة للوجود الأجنبي في أفغانستان".(24)

بلوشستان تتشوق لإنجاح الحوار

قد يشكّل نجاح الحوار بين باكستان وحركة طالبان نافذة ذهبية لاستنساخه في مناطق باكستانية أخرى تعاني من العنف والإرهاب والاقتتال الداخلي؛ وتحديدًا إقليم بلوشستان المضطرب منذ عقود وهو ما التقطه عبد الملك بلوش كبير وزراء إقليم بلوشستان المضطرب والذي يموج بحركات انفصالية ومسلحة بلوشية فدعا إلى حوار مع المسلحين في الإقليم من أجل وضع حد للنزيف الدامي فيه، سيما بعد أن اعترفت الهند أخيرًا على لسان قائد جيشها السابق الجنرال فيجاي كومارسنغ بدعم الانفصاليين البلوش وتزويدهم بالمال من أجل تنفيذ تفجيرات في باكستان.(25)
وقال عبد الملك: إن الكرة في ملعب المسلحين "لا أدري فيما إذا كان الحوار سينجح أم لا ولكن رغبتي أن ينجح، وكل أملي في أن أتمكن بتحسين الوضع الأمني والاقتصادي في الإقليم".(26)

ويلاحظ المعلق الباكستاني المعروف عامر ضياء أنه "بينما تعتمد حكومة شريف سياسة استرضائية لمقاتلي طالبان الباكستانيين والأفغان، وللمسلحين المتشددين الآخرين؛ فهي تبدي أيضًا تغيرًا في مواقفها إزاء  بلوشستان وهو ما يعطي أملاً لعبد الملك وأصدقائه من القوميين المعتدلين؛ فالمحاولات لجلب الانفصاليين البلوش إلى طاولة المفاوضات عام 2014 ووقف عمليات القتل خارج القانون أو الإعدامات أو معاملات أخرى سيئة بحق الناشطين على أيدي قوات الأمن الباكستانية يمكن أن تكون الخطوات الأولى لتحقيق السلام الدائم والعادل في بلوشستان، والذي سيضمن حقوقًا اقتصادية وسياسية للبلوش".(27)

الخلاصة والتوصيات

يكاد معظم أصحاب الرأي الباكستاني يتفقون على أن الحوار مع طالبان يشكّل مصلحة وطنية في ظل النزيف البشري والمالي الذي دفعته باكستان على مدى عقد من الزمان، سيما مع عجز الجيش الباكستاني عن حسمه عسكريًا وأمنيًا، واستشراء الظاهرة لتمتد إلى أقاليم أخرى. وبلجوء واشنطن وكابول إلى الحوار مع طالبان أفغانستان نزع كل مبرر لبقاء هذا الصراع بعيدًا عن الحوار؛ فالأجواء الداخلية والإقليمية والدولية المصاحبة له قد تساعد على إطلاقه، إن كان بوصول حكومة مفوّضة على مستوى الشعب والمعارضة عكسه اتفاق كل الأحزاب الباكستانية في مؤتمر عُقد مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي ودعا الحكومة للحوار، أو على مستوى فتح حوار طالباني أفغاني مع واشنطن، يضاف إليه التقارب الباكستاني مع طالبان أفغانستان استعدادًا لاستحقاق ما بعد الانسحاب العام المقبل ومواجهة أحلاف إقليمية ستستهدف الطرفين. لكن تظل مناطق القبائل مشكلة دستورية وقانونية بقدر ما هي مشكلة أمنية وعسكرية؛ فبينما تعد مناطق القبائل جزءًا من الأراضي الباكستانية بحسب الدستور إلا أنه تم انتزاع صلاحيات البرلمان بإدارتها ووضعها تحت سلطة الرئيس مباشرة بحسب المادة 47؛ وهو استنساخ للحكم الاستعماري البريطاني؛ الأمر الذي يضع مصيرها بيد شخص هو الرئيس، بعيدًا عن المساءلة البرلمانية وعن سلطات ممثلي الشعب، وهو ما يرى البعض فيه المشكلة نفسها.

ويمكن إيراد بعض التوصيات لإنجاح هذا الحوار:

1- التجربة التاريخية للحوار بين طالبان وباكستان تؤكد أن لا نجاح له إن تم تحت أضواء إعلامية؛ ولذا فقد تفطن الطرفان إلى ضرورة إبقائه سرًا وبعيدًا عن الإعلام، وبُعده هذا يحرم أطرافًا معرقلة أو غير راغبة بإنجاحه من التأثير عليه، وهو ما ينبغي أن يحرص عليه طرفا التفاوض.

2- على الحكومة أن تضمن وقف الغارات الأميركية بطائرات بلا طيار فهو الذي سيضمن أجواء مشجعة للحوار وضاغطة على طالبان، وينتزع ورقة مهمة بيديها على أنها تطالب بمطلب منطقي وواقعي وشعبوي.

3- استخدام الحكومة للمدارس الدينية ذات المرجعية الفكرية والمذهبية لحركة طالبان باكستان قد تكون أكثر إفادة من الأحزاب السياسية، ويُنصَح هنا بتشكيل وفد ثلاثي مشترك يضم كبار رؤوساء القبائل في المناطق السبعة ممن لهم نفوذ وتأثير على المنطقة وطالبان على السواء، ووفد من علماء المدرسة الحنفية الديوبندية كوفاق المدارس، الخزان البشري والفكري للحركة، بالإضافة إلى وفد من طالبان أفغانستان التي تنظر إليها طالبان باكستان كمرجعية.

4- تركيز الحكومة على حركة طالبان باكستان ممثلة بزعيمها فضل الله رغم كونه متشددا ولكن يمكن التأثير عليه من خلال حركة طالبان أفغانستان، وعدم الالتفات إلى عمليات منعزلة قد تنفذها جهات متربصة ومرتهنة لأجندات خارجية أو مجموعات صغيرة ترى التسوية في غير صالحها، وبالتالي على الحكومة وطالبان أن تعيا هذه المخاطر؛ فالتوصل لاتفاق سيعزل المجموعات المسلحة المرتبطة بأجندات خارجية ويجفف منابعها ومصادرها، وهي قوى لا تريد خيرًا لباكستان ولا لطالبان ولا للحكومة.

5- حركة طالبان باكستان ينبغي أن تدرك تمامًا أن ظروفها الداخلية صعبة إن كان على المستوى الداخلي بسبب الملاحقات الأمنية والعسكرية المتلاحقة، أو على المستوى الشعبي الذي يتراجع رصيدها فيه بشكل كبير في ظل حصول عمليات تستهدف الآمنين. ورغم نفيها مسؤوليتها أحيانًا لكن يظل المخيال الشعبي العام يحمّلها المسؤولية، ويأتي ضغط طالبان أفغانستان عليها للتصالح مع الحكومة ليشكّل عاملاً إيجابيًا لنجاح الحوار سيما وأن طالبان أفغانستان تعي أنها ستدفع ثمن أخطاء طالبان باكستان المرتبطة بها في المخيال الشعبي والدولي.

6- على واشنطن والغرب وكل القوى الإقليمية أن تنظر إلى الحوار من زاوية عودة سلطة الدولة الباكستانية إلى مناطق القبائل الخارجة عن القانون حاليًا، وهو ليس في مصلحة أية دولة، وبالتالي مثل هذه العودة ستضع الحكومة أمام مسؤولياتها الدولية والإقليمية في كبح جماح الجماعات المسلحة وإلا فإن استمرار الواقع الراهن يعفيها من المسؤولية ويضاعف من المشكلة عالميًا.
____________________________________
د.أحمد زيدان: مدير مكتب الجزيرة في باكستان، باحث متخصص في الشؤون الباكستانية

المصادر والمراجع:
1- صحيفة ذي نيشن الصادرة في لاهور بتاريخ 23أكتوبر/تشرين الأول2013
2- صحيفة الدون الباكستانية الصادرة بتاريخ 31أكتوبر/تشرين الأول2013.
3- لقاء مع محامي ضحايا المدنيين للغارات الأميركية في مناطق القبائل وبُث على قناة الجزيرة يوم 31أكتوبر/تشرين الأول2013.
4- ذي نيوز الباكستانية الصادرة في إسلام أباد بتاريخ 30أكتوبر/تشرين الأول2013.
5- ذي نيشن الباكستانية الصادر في إسلام أباد بتاريخ 11أكتوبر/تشرين الأول2013.
6- المصدر السابق الصادر بتاريخ 10أكتوبر/تشرين الأول2013.
7 - الديلي تايمز الباكستاني الصادرة في لاهور بتاريخ 3أكتوبر/تشرين الأول2013.
8-صحيفة إكسبريس تريبيون الصادرة في إسلام أباد بتاريخ 3أكتوبر/تشرين الأول2013.
9- مقابلة شريف مع صحيفة الوول ستريت جورنال 26 سبتمبر/أيلول2013، وأعادت نشر مقاطع منها صحيفة الديلي تايمز الصادرة بتاريخ 30أكتوبر/تشرين الأول2013.
10- ذي نيوز الباكستانية الصادرة بتاريخ 22أكتوبر/تشرين الأول2013.
11- التقرير نشرت منه الصحف الباكستانية مقتطفات مطولة، منها على سبيل المثال صحيفة الديلي تايمز الصادرة بتاريخ 22أكتوبر/تشرين الأول2013.
12-صحيفة ذي نيوز الباكستانية الصادرة بتاريخ 25أكتوبر/تشرين الأول2013.
13- ذي نيوز الصادرة بتاريخ 25أكتوبر/تشرين الأول2013.
14- مقابلة زعيم الحركة المؤقت عصمت الله شاهين في ذي نيوز 6-11-2013 ومقابلة الناطق الرسمي
 15- السابق للحركة احسان الله إحسان في النيوزيويك وأعيد نشرها في ذي نيوز يوم 10-11-2013 .
16- لقاء الكاتب مع يوسف زي يوم 24أكتوبر/تشرين الأول2013.
17- ذي نيوز الباكستانية 23أكتوبر/تشرين الأول2013.
18- مقابلة الجنرال الباكستاني مع صحيفة ذي نيوز الباكستانية الصادرة بتاريخ 24أكتوبر/تشرين الأول2013.
19- صحيفة ذي نيوز الصادرة بتاريخ 25أكتوبر/تشرين الأول2013.
20- ذي نيوز الباكستانية الصادرة بتاريخ 21أكتوبر/تشرين الأول2013.
21- انظر التقرير في صحيفة ذي نيوز الباكستانية بتاريخ 4أكتوبر/تشرين الأول2013.
22- لقاء الكاتب مع يوسف زي يوم 24أكتوبر/تشرين الأول2013.
23- مقال عمران خان في صحيفة ذي نيوز الصادرة بتاريخ 3أكتوبر/تشرين الأول2013.
24- الدون الباكستانية الصادرة بتاريخ 28أكتوبر/تشرين الأول2013.
25- الديلي تايمز الصادرة في إسلام أباد بتاريخ 4أكتوبر/تشرين الأول2013.
26- صحيفة ذي نيوز الباكستانية الصادرة بتاريخ 21أكتوبر/تشرين الأول2013.
27- صحيفة إكسبريس تريبيون الصادرة بتاريخ 28أكتوبر/تشرين الأول2013.
28- عامر ضياء، "كتب ممنوعة وأجساد مذبوحة" صحيفة ذي نيوز الصادرة بتاريخ 29أكتوبر/تشرين الأول2013.