إفريقيا في الاستراتيجية التركية الجديدة

يتناول هذا المقال مراهنة تركيا على أن تكون طرفا قادرا على الإفادة من الاقتصادات الإفريقية التي ستشكِّل نسبة معتبرة من الناتج الإجمالي الخام الدولي، كما تراه على المقاربة الثقافية والإنسانية التي من شأنها دعم الدور التركي وإسناده بشكل متعاظم من طرف الدول الإفريقية.
39a655b8ac9f4478a54376205b696a4d_18.jpg
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى جانب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في زيارة للصومال. (الأوروبية)

يستمد المنظور الاستراتيجي التركي تجاه إفريقيا مؤشراته الحديثة من خلال ركيزة الدبلوماسية المتناغمة التي ترى أن الدور التركي الحديث يجب أن يتجاوز مفهوم الدولة الطرفية غير الفاعلة إلى تعزيز وخلق آليات من التوافق والانسجام بين الآليات الكبرى للدولة التركية الحديثة والاستراتيجيات الصغرى للشركات والأفراد , وبهذا المنظور يضع الساسة الاتراك الجدد في إفريقيا مساحة مهمة لخلق هوامش مؤثرة للدبلوماسية التركية؛ لذلك شكَّلت سنة 2005 انعطافة جديدة نحو إفريقيا بالإعلان عن هذه السنة سنةً للانفتاح على إفريقيا ليُتبع بعد ذلك بالإعلان عن تركيا حليفًا استراتيجيا للاتحاد الإفريقي سنة 2008. 

ترنو تركيا إلى أن يصل حجم التبادل التجاري بينها وبين القارة الإفريقية إلى عتبة 50 مليار دولار بحلول سنة 2023؛ وذلك بفعل الاستثمارات العملاقة التي قامت أنقرة بتعبئتها في الداخل الإفريقي ومن خلال الاعتماد على العمالة الإفريقية المحلية. 

هذا، وقد مُزِجت الرؤية التركية الاقتصادية بالمقاربة الإنسانية والثقافية وهو ما شكل أداة من أدوات الدبلوماسية الناعمة فتعزز التمثيل الدبلوماسي التركي في 47 بلدًا إفريقيًّا, وتقوم المراهنة الحالية على تعزيز المبادرات في المجال الإنساني وحركات المجتمع المدني لرفد الدبلوماسية التركية وتحويلها إلى طرف فاعل ودولة مركزية من شأنها صناعة القرار الإقليمي في المجال الأمني والسياسي والثقافي. وقد تبلور هذا الدور من خلال تواجد القاعدة العسكرية في الصومال والقرن الإفريقي. 

هذا المقال يقف على حجم التطور في العلاقات الإفريقية-التركية ومآلاتها المستقبلية خصوصًا بعد صعود حزب العدالة والتنمية إلى سُدة الحكم في تركيا منذ سنة 2002.

إفريقيا في منظور الاستراتيجية التركية: التخلي عن عقدة الدولة الطرفية 

ينطلق الفكر الاستراتيجي التركي المعاصر من رؤية سياسية براغماتية صِرفة حتمتها ظروف صعود حزب العدالة والتنمية على ركح العمل السياسي التركي وازدياد تحكم سلطته الكاريزمية في مفاصل السياسة والاقتصاد بشكل عزَّز من الدور التركي على الساحة الدبلوماسية. 

سيتم قياس قوة دولة ما في هذا القرن -الذي تزداد فيه العلاقات المتبادلة بين الدول- وفق هذه الرؤية بناء على ثقلها النوعي في ساحات التأثير الدولية؛ ولذلك تبرز قيمة الدولة الحقيقية ليس في قوتها الفعلية داخل محيطها وحسب، بل وفي تأثيرها الاقتصادي والثقافي والدبلوماسي في المناطق المختلفة، وفي مقدمة هذه المناطق إفريقيا. 

يرى قادة تركيا الجديدة أنه إذا أرادت تركيا أن تحقق لنفسها ساحة تأثير دولية في العمق الإفريقي، وإن أرادت أن تكون صاحبة المناورة والتأثير في توازنات البحر الأبيض المتوسط، يجب عليها أن تبني جسرًا استراتيجيًّا بين سياساتها حيال شرق المتوسط والشرق الأوسط في الحوض البحري القريب منها، وبين سياساتها البلقانية الأدرياتيكية التي تُعتبر جزءً من سياساتها في المناطق البرية القريبة، وأن تدعم رؤيتها الاستراتيجية هذه بسياسات متجهة نحو شمال إفريقيا ووسط البحر المتوسط. 

ووفق هذا المنظور، وعند النظر إلى التحولات الجديدة في الاقتصاد السياسي الدولي، وتوزيع المواد الجيواقتصادية حسب المناطق الجغرافية، يظهر لنا أن القرن الحادي والعشرين مرشح لأن يكون قرنًا آسيويًّا في بدايته، وإفريقيًّا في نهايته. 

يحدد مهندس السياسية الخارجية التركية، أحمد داود أوغلو، أن على تركيا القرن الحادي والعشرين أن تنخلع من كونها دولة طرفية، وأن تكتسب وبسرعة وضعيتها كدولة لا تصرف جهودها فقط من أجل حماية استمرارها، بل وتوظفها لحماية نظامها من خلال الاضطلاع بدور يحمي استقرار ونظم الدول المجاورة. 

ولا ترى تركيا من وجهة نظرها الجديدة إفريقيا قارَّة بعيدة عنها، بل على النقيض تمامًا، فتركيا من الناحية الجيوسياسية دولة أوراسية ذات جوار مباشر مع إفريقيا. وقد أصبحت إفريقيا إحدى ساحات الاختبار لرؤية السياسة الخارجية التركية الجديدة؛ إذ يمثِّل الانفتاح على إفريقيا انعكاسًا حقيقيًّا لمضامين ومبادئ رؤية السياسة الخارجية التركية الجديدة من حيث التصور الجيوسياسي والعمق الاستراتيجي والأسلوب الدبلوماسي. 

إن العمق الذي تحمله العلاقات التركية-الإفريقية وما أسفر عنه من تطورات ملحوظة خلال فترة قصيرة جدًّا يعد دليلًا على نجاح الرؤية التركية. أعلنت تركيا أن عام 2005 هو عام الانفتاح على إفريقيا، وفي شهر مارس/آذار من العام نفسه قام أردوغان بزيارة إلى كلٍّ من إثيوبيا وجنوب إفريقيا، وسرعان ما آتت هذه الزيارات ثمارها الإيجابية على المستوى المؤسسي؛ فقد تولَّت تركيا، في الثاني عشر من إبريل/نيسان 2005، موقع المراقب في الاتحاد الإفريقي، كما أعلن الاتحاد الإفريقي، في شهر يناير/كانون الثاني 2008، أن تركيا شريك استراتيجي للاتحاد. وكان أردوغان قد شارك، في ديسمبر/كانون الأول 2007، في قمة الاتحاد الإفريقي-الأوروبي التي انعقدت في مدريد وأصبحت تركيا بذلك فاعلًا في علاقات الاتحاد الإفريقي الأوروبي. 

هذا، وقد استضافت إسطنبول، في 2008، أول قمة في تاريخ العلاقات بين تركيا وإفريقيا، جرت فعاليتها الفترة ما بين 18-21 أغسطس/آب تحت اسم "التضامن والشراكة من أجل مستقبلنا". في إطار هذه القمة عقد أردوغان لقاءات ثنائية على أعلى مستوى مع المشاركين من 42 دولة إفريقية وظهرت نتائج هذه الانفتاحات في وقت قصير؛ إذ استطاعت تركيا الحصول على دعم كامل من كافة الدول الإفريقية خلال انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2008 لمقعد العضو غير الدائم بمجلس الأمن في الأمم المتحدة. 

كما حققت المؤسسة التركية للتعاون والتنمية انطلاقة نوعية في الانفتاح على إفريقيا إذ استطاعت من خلال مكاتبها في ثلاث دول إفريقية، هي: إثيوبيا والسودان والسنغال، أن تسهم إسهامًا مباشرًا في العديد من مشروعات التنمية داخل 37 دولة إفريقية، كما أنها قدَّمت مساعدات إنسانية عاجلة للعديد من الدول الإفريقية فضلًا عن برنامجها الخاص بالتنمية الزراعية في إفريقيا الذي بدأ في شهر أغسطس/آب 2008 وصولًا إلى سنة 2010، وذلك بهدف تطوير الزراعة في 13 دولة إفريقية، هي: بوركينافاسو، جيبوتي، إثيوبيا، غينيا بيساو، مالي، السنغال، جزر القمر، مدغشقر، تنزانيا، كينيا، رواندا، أوغندا. كما بذلت تركيا جهودًا وإسهامات مباشرة في الأزمات الإنسانية التي شهدها بعض دول القارة الإفريقية وذلك من خلال المؤسسات الدولية(1). 

اعتُبرت الزيارة التاريخية للرئيس التركي للصومال، بتاريخ 19 أغسطس/آب 2011، نقطة انعطاف حيوي وجيوستراتيجي نحو إفريقيا؛ إذ هبطت في مطار مقديشو الطائرة التي تقل رئيس الوزراء وقتها، أردوغان، وعائلته مع وفد كبير مكوَّن من العديد من الشرائح المختلفة في الجمهورية التركية. كانت هذه واحدة من أولى الرحلات الدولية نحو الصومال بعد انقطاع طويل جدًّا. وقد حولت هذه الزيارة مجرى الأمور في الصومال الذي عانى لفترات طويلة من الاضطرابات تمثَّلت في عدم الاستقرار المزمن والصراع الاجتماعي، والتي بدورها أدت إلى أزمة إنسانية خطيرة متزامنة مع جفاف شديد ومجاعة. في ذلك اليوم وُلِدت شراكة جديدة من رماد الحرب الأهلية والكارثة الإنسانية. 

ويرى وزير الخارجية الحالي، مولود تشاووش أوغلو، أن قارة إفريقيا، بتاريخها الممتد لعدة قرون بالفضيلة والحكمة وشعبها الشاب المفعم بالحيوية ومواردها الطبيعية الهائلة، تقدِّم العديد من الفرص لدولها وأبنائها، كما تعتبر تركيا قارة إفريقيا مهدًا للحضارة وحاضنة لمستقبل البشرية. 

إن أول تمثيل دبلوماسي لتركيا في إفريقيا كان في جنوب الصحراء مطلع القرن العشرين؛ حيث أنشئت أول قنصلية تركية في مدينة حرار في إثيوبيا، واليوم تنتشر قنوات التفاعل والاتصال العديدة في القارة الإفريقية متمثلة في 47 سفارة تركية. وبالمقابل، توجد 32 سفارة لدول إفريقية في أنقرة. وهناك تنام في الاستثمارات التركية في القارة الإفريقية في مجال توظيف العمالة المحلية؛ حيث يتم من خلال هذه الاستثمارات استخدام الموارد المحلية وتصدير المنتجات النهائية إلى دول العالم الثالث. 

منذ عام 2005، الذي يعتبر "عام إفريقيا في تركيا"، وبالتزامن مع سياسة الانفتاح التركية تجاه إفريقيا، ازداد الارتباط مع الدول الإفريقية حتى أصبحت تركيا شريكًا مهمًّا في التنمية والتجارة والاستثمار في إفريقيا. في عام 2013، احتلت تركيا المرتبة الثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في مجال المساعدات الإنسانية، والمرتبة الأولى من حيث نسبة المساعدات التنموية بالمقارنة مع ناتجها المحلي الإجمالي(2). 

وبالعودة إلى الوراء، وتحديدًا في أغسطس/آب 2008، احتضنت إسطنبول قمة تركيا/إفريقيا بمشاركة 49 دولة إفريقية وممثلي 11 منظمة إقليمية ودولية من ضمنها الاتحاد الإفريقي، وتعزَّزَ فيها التعاون بين الجانبين في شتى المجالات، ونجحت في تعزيز تلك العلاقات خاصة بعدما أصبحت تركيا "شريكًا استراتيجيًّا" للاتحاد الإفريقي. 

إن المسؤولين الأتراك لم يكونوا يفوِّتون الفرص لزيارة دول إفريقيا وعقد اتفاقيات معها بشكل ثنائي في مختلف المجالات، وكانت أخراها الزيارة التي قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في فبراير/شباط 2016، إلى بعض الدول الإفريقية بينها ساحل العاج وغانا. 

من ناحية أخرى، زادت الاستثمارات التركية في ساحل العاج، على سبيل المثال لا الحصر، من 150 مليون دولار عام 2008 إلى 390 مليون دولار في 2015. و قد عبَّر أردوغان عن رغبة بلاده في تعزيز العلاقات الثنائية مع ساحل العاج، مؤكدًا العمل على رفع التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى مليار دولار بحلول عام 2020. 

وخلال زيارته لغانا في الجولة الإفريقية نفسها، أكَّد أردوغان -في مؤتمر صحفي مع نظيره الغاني، جون دراماني ماهاما- أن البلدين وقَّعا مذكرات تفاهم في مجالات متعددة، بينها تكنولوجيا المعلومات وتعزيز وحماية الاستثمارات المتبادلة، وقطاعات الرياضة والشباب، معبِّرًا عن أمله في تعزيز العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين بلده وغانا التي وصفها بـ"الشريك التنموي" لتركيا. 

وقد انتقلت واردات تركيا من إفريقيا من 3.3 مليارات دولار عام 2003 إلى 9.6 مليارات دولار, وشملت الواردات مواد كثيرة، منها: زيوت التشحيم واللؤلؤ والأحجار الكريمة والمواد الكيميائية غير العضوية والكاكاو. 

وقد وصل حجم التبادلات التجارية بين الجانبين عام 2013 إلى نحو 23.4 مليار دولار، وقارَبَ 25 مليار دولار عام 2015. 

وقد أسهمت أنقرة عام 2013 بنحو 781 مليون دولار في مشاريع الإغاثة الرسمية ببعض الدول الإفريقية، وافتتحت رئاسة إدارة التعاون والتنسيق التركية مكاتب لها بدول القارة، ولديها مشاريع شملت أكثر من 37 دولة(3). 

إفريقيا وتركيا: تقاطعات التاريخ والجغرافيا والاقتصاد 

تمتلك إفريقيا، وفق المنظور الرسمي التركي الجديد، ثلاث مزايا جوهرية:

أولًا: تحظى القارة بسكان في سِنِّ الشباب المتصف بالحيوية في وقت تمر أثناءه أوروبا وأجزاء أخرى من العالم بمرحلة الشيخوخة بشكل سريع؛ فإذا ما تعاون العالم مع الحكومات المحلية والوطنية في المنطقة، فإنه سيتمكن من خلق السبل المناسبة للشباب لإحداث تأثير إيجابي في مجتمعاتهم. كما أن لدى المرأة الإفريقية أيضًا القدرة على أن تصبح لاعبًا أكثر فاعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. 

وعلاوة على ذلك، فإن قارة إفريقيا تنعم بموارد طبيعية هائلة وموارد نفطية عملاقة. 

وأخيرًا، فإن لدى شعوب إفريقيا رُوحَ المبادرة التي يمكن أن تشكِّل تحولًا في القارة؛ فعلى الرغم من عقود من الاستغلال والتحديات المختلفة، فقد وجدت القارة دائمًا وسيلة للبقاء على قيد الحياة من خلال الابتكار. ولأن إفريقيا بدأت تأخذ دورًا أكثر بروزًا في الساحة الدولية، فإن روح المبادرات ستساعدها في بناء مستقبل أكثر أمنًا للجيل القادم. وأخيرًا، فإن تركيا ستتخذ الخطوات الضرورية لتعزيز المبادرات التي كان لها أثر إيجابي على الاقتصاد التركي على مدى العقد الماضي(4). 

لا تقتصر الرؤية التركية للقارة الإفريقية على الأبعاد التنموية والسياسية فحسب، فهناك الجانب الثقافي أو "القوة الناعمة" والتي تعتبر ضرورية لأية دولة ترنو لتبوُّء مكانة دولية مرموقة لاسيما فى خضمِّ عولمة الثقافة والمعرفة مع تطور التكنولوجيا، ومن هنا ينطلق الأتراك من زاوية التعاون والتبادل الثقافي مع دول القارة حيث تقدِّم تركيا منحًا مجانية تتيح للطلاب الأفارقة نيل التعليم والتدريب لاسيما المهارات والمعارف التى تتيح للمتخرجين خدمة مجتمعاتهم وتطويرها(5). 

وفي مقال له في صحيفة "ديلي صباح"، يشرح أردوغان العلاقات التاريخية بين تركيا وإفريقيا بالقول: "يرجع تاريخ العلاقات التركية-الإفريقية إلى القرن التاسع الميلادي؛ وكان الأتراك ينظرون على مرِّ السنين إلى الأفارقة كإخوانهم وأخواتهم، وأقاموا جسور التواصل معهم على أساس الاحترام والتقدير المتبادل"، مضيفًا: "وعلى عكس القوى الاستعمارية، تمتلك تركيا تاريخًا مشرفًا في القارة الإفريقية، ليس به فصول سوداء؛ فنحن ربما نتحدث لغات مختلفة، وننحدر من أصول عِرقية متنوعة ومظهرنا مختلف؛ إلا أن الشعب الإفريقي كان دائمًا شريكًا وحليفًا لنا... وقد لعب هذا الإرث الكبير من التعاون والتضامن دورًا مفتاحيًّا في نجاح سياسة الشراكة التركية مع إفريقيا"(6). 

إن تركيا أصبحت جزءًا مهمًّا من إفريقيا اليوم؛ إذ يقوم الآلاف من رجال الأعمال والطلبة والعائلات بالسياحة في كافة أرجاء العالم؛ فيما تقوم الشركات التركية، التي ضاعفت حجم العمل 8 مرات ليصل إلى 6 مليارات دولار، بخلق فرص عمل لشعب الدول الإفريقية ما دون الصحراء الكبرى(7). 

اهتمت أنقرة بشكل موسع بتطوير العلاقات مع دول إفريقيا، وخصوصًا مع إثيوبيا، التي ستصبح واجهة الاستثمار الدولي في السنوات القليلة التالية. وتشير المعلومات إلى أن حجم التعاون الاقتصادي بين أنقرة وأديس أبابا في أعلى مستوياته الآن؛ حيث تؤكد إثيوبيا أنها تأخذ النصيب الأكبر من الاستثمارات التركية في إفريقيا، وهو 3 مليارات دولار من إجمالي 6 مليارات دولار تستثمرها تركيا في القارة، متفوقة بذلك على الصين والهند، وحاليًّا يوجد بها 350 شركة تركية، دخلت منها 120 شركة في 2014، ويعمل بها أكثر من 500 ألف إثيوبي. 

وعلى صعيد آخر، تحركت تركيا في منطقة دول جنوب الصحراء الكبرى في السنوات الأخيرة؛ لإقامة تعاون اقتصادي معها، لاسيما مع غانا وكوت ديفوار، الشريك الأكبر لتركيا على الصعيد التجاري في هذه المنطقة؛ حيث وقَّع أردوغان خلال جولته الأخيرة، التي شملت أبيدجان، تسع اتفاقيات اقتصادية؛ بهدف زيادة التبادلات التجارية بين البلدين؛ لتصل إلى مليار دولار بحلول عام 2020. كما تناولت الاتفاقيات تعزيز حماية الاستثمارات والمجالات الضريبية في الإطار القانوني؛ لتنمية الأعمال بين الأتراك والإيفواريين. 

وفي غانا سعت تركيا إلى توسيع دورها اقتصاديًّا؛ بهدف تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، كما عمدت تركيا إلى اعتبار الصومال البوابة الأوسع لها فى سعيها لتوسيع نفوذها بإفريقيا؛ حيث ركَّزت على ضخِّ الاستثمارات في هذا البلد الفقير والمساعدات الإغاثية للصومال؛ نظرًا لأهمية موقعها الجغرافي الذي يربط بين القارات، وباعتبارها ممرًّا مهمًّا للطاقة في العالم، إضافة إلى الثروات الكثيرة التي يمتلكها الصومال ومخزونه من البترول. 

ملف الأمن والسياسة 

اعتمدت تركيا في تحركاتها على عدد من الدول الإفريقية ذات الأهمية الاستراتيجية، وكان أبرزها إثيوبيا والصومال وجيبوتي؛ إذ عمدت أنقرة إلى التوقيع على اتفاقيات أمنية مع أديس أبابا وجيبوتي ومقديشو في الفترة الأخيرة، ووقَّع البرلمان التركي العام الماضي على اتفاقية الدفاع المشترك مع أديس أبابا؛ الأمر الذي أثار الكثير من التكهنات، خاصة في مصر حول الهدف منها، لاسيما مع توسع هوة الخلاف بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد النهضة في الفترة الأخيرة. وفضلًا عن ذلك سعت أنقرة إلى إنشاء قواعد عسكرية في منطقة القرن الإفريقي؛ حيث ساعد الحراك التركي في إفريقيا على إقامة قاعدة عسكرية تركية في الصومال، وكشف ذلك عن الأبعاد "الجيوسياسية" المهمة التي تنتهجها سياسة تركيا إزاء القارة الإفريقية(8). 

ويمكن تقسيم تطور السياسة الخارجية التركية تجاه القارة الإفريقية إلى ثلاث مراحل: الأولى: من 1998 عندما تبنَّت تركيا ما أُطلق عليها: الخطة الإفريقية، واستمرت إلى عام 2005 الذي أعلنت أنه عام إفريقيا، وقد عملت تركيا، في هذه الفترة، على إرساء الدعائم الدبلوماسية. وتمتد المرحلة الثانية، بين عامي 2005 و2011؛ اذ عملت تركيا فيها على تقوية علاقاتها بإفريقيا على كل المستويات، وحصلت على منصب مراقب في الاتحاد الإفريقي عام 2005، ثم أصبحت حليفًا استراتيجيًّا في يناير/كانون الثاني 2008، وانضمت إلى البنك الإفريقي للتنمية، وعملت على تقوية علاقاتها بهيئة المنظمات الحكومية الدولية للتنمية في شرق إفريقيا، والتجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا؛ ما أسهم في إعطاء هذه العلاقة شكلًا مؤسسيًّا، كما عُقد المؤتمر الإفريقي-التركي عام 2008، وزادت حركة التجارة بين الطرفين في هذه الفترة. 

وبدأت المرحلة الثالثة في عام 2011، مع الاهتمام التركي بالوضع في الصومال، ودور تركيا في إلقاء الضوء على ما يعانيه الشعب الصومالي، واستضافت تركيا في إسطنبول المؤتمر الصومالي الثاني في عام 2012، تحت عنوان "تحديد المستقبل الصومالي.. أهداف عام 2015"، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، بمشاركة 57 دولة، و11 مؤسسة إقليمية ودولية، ونوقشت فيه قضايا ملحَّة، مثل قضية المياه والطاقة والطرق والنزعات الانفصالية. 

ويعد توقيت الحملة التي قامت بها تركيا في القارة الإفريقية مهمًّا للغاية، لاسيما أنه جاء في الفترة التي غاب فيها التأثير العربي عن القارة، بسبب الأزمات التي تعيشها دول عربية عديدة، في مقدمتها مصر، وبذلك أصبحت تركيا بالنسبة للقارة "مركز جذب" جديدًا. 

كان القرن الإفريقي بدوله، إثيوبيا والصومال وإريتريا وجيبوتي، ساحة لصراع قوى عالمية على الدوام، نظرًا لأهميته الاستراتيجية ووقوعه على الطرق العالمية للبترول. وكانت إسرائيل تهدف إلى جعل إثيوبيا "كينيا ثانية"، بتجهيز جيشها بالسلاح، وتزويدها بنظام تعليمي وسياسة زراعية، إلا أن الاستثمارات الصناعية التي قامت بها تركيا في إثيوبيا بمقدار 3 مليارا دولار قد زعزعت بدون شك غرض إسرائيل التي كانت قد مدَّت نفوذها في القارة السمراء، مستغلة كره السكان المحليين للقوى المستعمِرة القديمة، وكانت دول إفريقية كثيرة في العقود الأخيرة، وعددها حوالي 70 دولة، تشتري أسلحة من إسرائيل، ويدرِّب جيوشها وأجهزة الاستخبارات فيها خبراء إسرائيليون. وقد خاطب وزير الداخلية الكيني، جورج سايتوتي، كبار المسؤولين الإسرائيليين في أثناء زيارته إسرائيل في فبراير/شباط الماضي، قائلًا: إن الجهاديين يسيطرون على الصومال، وهم يهددون بالسيطرة على كينيا وسائر أنحاء إفريقيا، ولا أظن أنه يوجد من هو أكثر منكم خبرة في محاربة الإرهاب،- من خطاب الوزير الكيني - ولا يمكن تجاهل أن الوجود التركي في الصومال يمثِّل مصدر قلق لكثير من السياسات الدولية في المنطقة (9). 

 ومنذ سنة 2014، ازدادت الصادرات التركية عن قيمة 157.6 مليار دولار بزيادة مقدارها 4%، وتزداد هذه السنة بشكل متعاظم، ومع هذه الزيادة يزداد حجم التعامل التجاري مع القارة الإفريقية (10). 

ولا شك في أن القمة الإفريقية-التركية العالمية في إسطنبول، والمتوقع عقدها من 30 سبتمبر/أيلول 2016 إلى 2 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ستعطي نفَسًا اقتصاديًّا قويًّا لرؤية تركيا للقارة الإفريقية؛ إذ يشارك في هذه القمة 48 دولة إفريقية وأكثر من خمسة آلاف من رجال الأعمال الأفارقة والأتراك، وذلك تحت رعاية رسمية تركية، وبمبادرة من جمعية رجال الأعمال الأفروتركية (11). 

لم يقتصر تأثير السياسة التركية الجديدة نحو قارة إفريقيا على الجوانب السياسية والاقتصادية فقط، بل امتد تأثيرها ليغيِّر بشكل مباشر وكبير واقع حياة الكثير من الأفارقة. لقد كلَّفت الحكومة التركية وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) بهذه المهمة، وكانت قد أُسِّست في عام 1992 لتطبيق السياسة الخارجية التركية تجاه دول محددة لديها عوامل مشتركة مع تركيا ابتداءً من الجمهوريات التركية التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي 1991 وصولًا إلى دول القارة الإفريقية؛ حيث فتحت (تيكا) في عام 2005 أول مكتب لها في القارة في إثيوبيا، ومن ثم توسَّع نشاط هذه الهيئة في دول قارة إفريقيا ليصل عدد مكاتبها إلى 11 مكتبًا، وتضمَّن نشاط الهيئة عدَّة جوانب مثل التعليم، حيث توفر 1000 منحة سنويًّا للشباب الأفارقة، ويدرس حاليًّا ما يقارب 5000 طالب في الجامعات التركية. وعسكريًّا قامت تركيا بتدريب ما يقارب 2200 عسكري إفريقي على أراضيها لغاية سنة 2014, وكذلك اهتمت (تيكا) بالجانب الصحي وحفر آبار المياه والصرف الصحي والبنية التحتية والزراعة وأمور أخرى تخص الاهتمام بالآثار الإفريقية(12). 

وتسعى إفريقيا لأن تجذب الاستثمارات التركية إليها لاسيما بعد أن بلغ عدد المشروعات الاستثمارية التركية في القارة 355 مشروعًا بقيمة تزيد عن 400 مليار دولار حسب التقديرات. 

يُذكر أن القارة السمراء أصحبت في السنوات الأخيرة الواجهة المستقبلية للاستثمار العالمي، حيث تعتبر أحد أسرع عشرة اقتصادات نامية في العالم، وهي تحتاج إلى 93 مليار دولار سنويًّا لتلبية خططها الاستثمارية في البنية التحتية وصولًا إلى العام 2020، وإذا كان المتوافر حاليًّا لدى الحكومات الإفريقية فقط نحو 31 مليار دولار، يكون المطلوب من الاستثمارات الخارجية أن تغطي الباقي والبالغ نحو 62 مليار دولار سنويًّا(13). 

وأكَّد سعيد الحاج، الباحث في الشأن التركي، أن الصومال له مكانة خاصة في السياسة الخارجية للحكومة التركية، وتعمل أنقرة على دعمه اقتصاديًّا وإنسانيًّا منذ فترة طويلة، وعملت على بناء مطارات وطرق وجسور من خلال عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني الناشطة هناك والتي قدمت نموذجًا للقوة الناعمة لتركيا في هذه الدول الإفريقية. 

من ناحية أخرى، صدر تقرير في موقع «خبر 7» التركي يقول: «إن القاعدة التركية في الصومال تأتي في إطار سياسة فتح أسواق جديدة للأسلحة التركية والبحث عن أسواق جديدة لبيع الأسلحة التي تنتجها أنقرة»، مضيفًا: «تركيا تبدأ أعمالها في هذا الإطار من خلال تعزيز تواجدها في الشرق الأوسط وإفريقيا، ويأتي اختيارها لقطر والصومال للأهمية الجيوسياسية لهاتين الدولتين، إلى جانب أسباب أخرى»(14). 

تؤكد الدراسات التاريخية أن بحوزة تركيا 150.000 وثيقة عن القارة في الأرشيف العثماني بإمكان الدارسين ترجمتها والاعتماد عليها في البحوث ودراسة التاريخ المنسي بين تركيا وإفريقيا، وهي دعوة موجهة لتحليل الأرشيف العثماني لفهم مرحلة ما بعد الكولونيالية والتعويل استراتيجيًّا سيكون على عاتق المجتمع المدني الإفريقي بدعم تركي ترى من خلاله تركيا أنها لا تملك ماضيًا استعماريًّا في إفريقيا يمكنه أن يحجب عنها التواصل مع الشعوب الإفريقية مبيِّنة أن المعرفة قوة ولكن احتكار المعرفة هو السلطة، سياسيًّا بيَّنَ الطرف التركي أنه لن يكون طرفًا في أي نزاع إفريقي-إفريقي بل رسالته العدل والسلام في القارة ليحدث السلام الإفريقي والسلام الأوروبي والسلام العالمي(15). 

الخاتمة 

 لا شك في أن تركيا تراهن في المنظور الاستراتيجي على التحول إلى طرف فاعل قادر على المناورة والإفادة من الاقتصادات الإفريقية التي تشير المعطيات إلى كون إفريقيا ستشكِّل نسبة معتبرة من الناتج الإجمالي الخام الدولي. ويدعم الحركة التجارية التركية اتساع السوق الإفريقية وتنوعها؛ وهو ما يوسِّع نطاق ميزان التجارة الخارجية التركية, كما أن المراهنة على المقاربة الثقافية والإنسانية من شأنها أن تدعم الدور التركي وإسناده بشكل متعاظم من طرف الدول الإفريقية؛ وذلك في مختلف المنظمات الدولية والإقليمية وتحويلها إلى طرف فاعل قادر على الإسهام في توطيد الشراكات الدولية وفق نظرية الدبلوماسية المتناغمة وعدم الاكتفاء بنظرية تصفير المشاكل, يبقى القول: إن التقارب الاستراتيجي الإفريقي-التركي هو تقارب اقتصادي مغلَّف بنزعة دبلوماسية وإنسانية لا يمكن إنكارها.

____________________________

 أ. د. بـوحنية قوي - أكاديمي جزائري متخصص في تحولات الدولة

نبذة عن الكاتب

مراجع

– أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي، وقْع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة: محمد جابر ثلجي/طارق عبد الجليل، مركز الجزيرة للدراسات، ط1، 2010.

2 – مولــود تشـاووش أوغلــــــو، تركيا-إفريقيا: تضامن وشراكة، تم الاطِّلاع على الموقع يوم 6 سبتمبر/أيلول 2016،

http://www.elkhabar.com/press/article/73446/#sthash.L2EQ9rlb.dpuf

3 – تركيا وإفريقيا علاقات اقتصادية واعدة، تم الاطلاع على الموقع يوم 13 سبتمبر/أيلول 2016، إضغط هنا.

4 – رجب طيب أردوغان، تركيا ستكون صديقة ورفيقة وشريكة لإفريقيا، تم الاطلاع على الموقع يوم 20 سبتمبر/أيلول 2016، إضغط هنا.

5 – عباس محمد الصالح، تركيا وإفريقيا.. دبلوماسية "العمق الاستراتيجي"، تم الاطلاع على الموقع يوم 7 أغسطس/آب 2016،

http://smc.sd/2016/02/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%AA/

6 – ديلي صباح، تركيا والعمق الاستراتيجي بإفريقيا.. 10 سنوات من الانفتاح السياسي والاقتصادي، تم الاطلاع على الموقع يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2016، http://www.dailysabah.com/arabic/turkey/2016/03/01/turkeys-strategic-depth-in-africa

7 – إبراهيم كالن، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، تركيا وإفريقيا: شراكة المتكافئين، تم الاطلاع على الموقع يوم 12 أغسطس/آب 2016،

 http://www.trt.net.tr/arabic/trky/2016/06/04/trky-w-fryqy-shrk-lmtkfy-yn-504018

8 – محمود علي، لماذا تتوغل تركيا اقتصاديًّا وعسكريًّا في إفريقيا؟ تم الاطلاع يوم 5 سبتمبر/أيلول 2016، http://elbadil.com/2016/05/17/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D9%88%D8%BA%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%91%D9%8B%D8%A7-%D9%88%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%91

9 – باسل الحاج جاسم، تركيا وإفريقيا إلى شراكة استراتيجية، تم الاطلاع يوم 7 سبتمبر/أيلول 2016،

https://www.alaraby.co.uk/opinion/2015/5/6/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9

10 – See: Mohamed Hedi Abdellaoui le 29 juillet 2016, 1er Sommet d’affaires Turquie-Afrique: 48 pays et plus de 5000 participants attendus.

http://www.actualite-news.com/fr/international/afrique/2472-1er-sommet-d-affaires-turquie-afrique-48-pays-et-plus-de-5000-participants-attendus-  page web consultée le 6 sep 2016

Mohamed Hedi Abdellaoui le 29 juillet 2016, 1er Sommet d’affaires Turquie-Afrique: 48 pays et plus de 5000 participants attendus.

http://www.actualite-news.com/fr/international/afrique/2472-1er-sommet-d-affaires-turquie-afrique-48-pays-et-plus-de-5000-participants-attendus-  page web consultée le 6 sep 2016

11 – رجب طيب أردوغان، تركيا ستكون صديقة ورفيقة وشريكة لإفريقيا، تم الاطلاع على الموقع يوم 2 سبتمبر/أيلول 2016، إضغط هنا.

12 – مظفر مؤيد العاني، تركيا والقارة الإفريقية.. علاقات متنامية، http://www.turkey-post.net/p- 122206، تم الاطلاع على الموقع يوم 17سبتمبر/أيلول 2016.

13 – حسين عباس، "الاقتصاد" كلمة السر في العلاقة الحميمية بين تركيا وإفريقيا، تم الاطلاع على الموقع يوم 2 سبتمبر/أيلول 2016

http://www.akhbaralaalam.net/?aType=haber&ArticleID=86031.

14 – See: إضعط هنا.

15 - سليم الحكيمي، في القمة التركية-الإفريقية لمراكز التفكير: سيكون القَرن 21 قرن إفريقيا، عن مركز الدراسات الاستراتيجية، تم الاطلاع على الموقع يوم 2 سبتمبر/أيلول 2016،

http://www.csds-center.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D9%91%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B2/