الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي: التحديات والآفاق

يتناول التقرير حصيلة الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي ويضعها تحت مبضع التشريح؛ حيث يسرد السياق العام للتعاون المغربي-الأوروبي، ويتفحَّص محتوى ونتائج الوضع المتقدم، بهدف تلمُّس إحداثيات طريق المستقبل وتصويب بوصلة التعاون إلى آفاق رحبة تمكِّن من تحقيق الاستفادة المرجوة.
ed422af24851456a975be9dcd44b3169_18.jpg
المغرب وأوربا: إنجازات دون التطلعات (الفرنسية)

يعتبر الوضع المتقدم للمغرب مع دول الاتحاد الأوروبي سابقة في تاريخ الاتحاد، وهو بمثابة تتويج لعلاقات تاريخية متميزة تحاول أن تصوغ نموذجًا للتعاون المتوسطي بين دول الشمال والجنوب. وتبدو حصيلة الوضع المتقدم متباينة، فعلى المستوى السياسي حقق المغرب قفزات نوعية خاصة مع إقرار دستور 2011 والذي خطا نحو قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يشترطها الاتحاد الأوروبي، أما اقتصاديًّا فعلى الرغم من أن الوضع يعطي المغرب فرصًا تجارية واستثمارية لكنها تبقى ضائعة لأسباب قانونية وإدارية. 

ويتناول هذا التقرير حصيلة الوضع المتقدم ويضعها تحت مبضع التشريح؛ حيث يسرد السياق العام للتعاون المغربي-الأوروبي، ويتفحَّص محتوى ونتائج الوضع المتقدم، بهدف تلمُّس إحداثيات طريق المستقبل وتصويب بوصلة التعاون إلى آفاق رحبة تمكِّن من تحقيق الاستفادة المرجوة.

السياق العام 

تجمع المغربَ والاتحادَ الأوروبي علاقات عريقة وعميقة ومتنوعة تطورت على مرِّ السنين، بدأت بإبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية في السبعينات من القرن الماضي، شملت التبادل التجاري وتصدير المنتجات الفلاحية المغربية لأوروبا، وانطلقت هذه العلاقات بتوقيع اتفاق تجاري بين المغرب والمجموعة الاقتصادية الأوروبية في سنة 1969، واتسع نطاقها بإبرام اتفاق تعاون في سنة 1976، ثم تعزَّزت أكثر بعد اعتماد اتفاق شراكة في سنة 1996، وبمخطط عمل الجوار في سنة 2005، وبمنح المغرب صفة الوضع المتقدم لدى الاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول 2008. وقد شهد شهر أكتوبر/تشرين الأول، من سنة 2008، منح الاتحاد الأوروبي، على هامش الدورة السابعة لمجلس الشراكة المغربي-الأوروبي، المغرب صفة "الوضع المتقدم"؛ حيث أعطاه شراكة حديثة تعطيه حق المساهمة في العديد من مجالات التعاون الأوروبي، ولكنها ليست بالعضوية الكاملة.  

وفي هذا السياق، حصل المغرب على صفة "الوضع المتقدم الذي يُعطَى بموجبه حقَّ ولوج كل مجالات الفعل الأوروبي باستثناء الانضمام الكامل لبناه وهياكله، لاسيما التشريعية والتنظيمية. ويأتي هذا الوضع ليتجاوز اتفاقية التعاون والشراكة التي أَطَّرَت، ولسنين طويلة، العلاقات بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي، في انتقال تاريخي إلى علاقة شراكة لا تصل إلى العضوية الكاملة في المؤسسات الأوروبية، باعتبار أن المغرب ليس بلدًا أوروبيًّا لكنه في وضع استثنائي لم يُمنح من ذي قبل لأي بلد غير أوروبي، بل لم يحصل عليه حتى بعض الدول الأوروبية كتركيا التي لم يتسنَّ لها تحصيل بعض امتيازات الوضع المتقدم الممنوح للمغرب. 

محتوى الوضع المتقدم 

ينبني الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي على عدة مستويات، فسياسيًّا، يتأسَّس على تدشين حوار سياسي واستراتيجي، يُعطي للمغرب حقَّ الانضمام للمعاهدات الأوروبية، شريطة تحقيق تقدم كبير فيما يخص حقوق الإنسان والحريات الفردية والأساسية التي تتعلق بحرية التعبير، ودعم الديمقراطية وسيادة القانون(1). 

واقتصاديًّا، ينصُّ الوضع المتقدم على تيسير الاندماج الكامل والتدريجي للمغرب بالسوق الداخلية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالسلع والخدمات، وأيضًا فيما يخص الارتباط بالشبكة الأوروبية في النقل والاتصالات والطاقة وما سواها. وفي مجال النقل، تم ذكر مجالات التعاون الخاص بهذا المجال وتم تحديدها في: البنية التحتية، والنقل البحري، والاستراتيجية البحرية المستقبلية المتوسطية، والنقل الجوي، والنقل الطرقي والسلامة الطرقية، وأعمال النقل والقناة اللوجستية. 

وبذلك، فالوضع المتقدم يمنح المغرب فرصًا تجارية واستثمارية كبيرة تضمن له الولوج للسوق الأوروبية دونما تكاليف، ناهيك عن الاستفادة من البنية التحتية الأوروبية وتطوير سبل التعاون العلمي والتقني فيما يتعلق بالتنسيق في مجالات التكوين والبحث عبر تشجيع الشراكات بين مؤسسات البحث، وإقامة تحالفات تكنولوجية بين المقاولات، بهدف ضمان امتيازات اقتصادات السلم، وتقليص تكاليف الأداء المنفرد. 

وإجمالًا، يقوم الاتحاد الأوروبي على أربع حريات: حرية تنقل البضائع، وحرية تنقل العمال، وحرية تنقل رؤوس الأموال، وحرية تقديم الخدمات. وبذلك، تخص هذه الحريات الأسواق العامة، وقانون الشركات، وقانون الملكية الفردية، وسياسة المنافسة، والخدمات المالية، والضرائب، والأمن الغذائي، والأمن المعلوماتي، والسياسة النقدية، والتشغيل والحماية الاجتماعية، والجهاز القضائي وحماية المستهلك. وقد طبق الاتحاد الأوروبي استراتيجية الجوار مع العديد من الدول كمصر وتونس والأردن. وكان للمغرب مكانة كبيرة بإعطائه الوضع المتقدم من خلال وضع آليات للتقارب الاقتصادي وتحسين التبادل التجاري مع توفير دعم للديمقراطية وبرامج التنمية الشاملة، ثم توطيد التعاون الأمني في مواجهة "الإرهاب" والحد من الهجرة السرية. 

وعلى هذا الأساس، يتعلق الوضع المتقدم للمغرب بدول الاتحاد الأوروبي بمجالات استراتيجية مرتبطة بالأمن المشترك، والتعاون على حلِّ النزاعات والصراعات، والحوكمة الجيدة، ومحاربة الإرهاب، وتنظيم حركة الهجرة، والارتقاء بحقوق الإنسان، والتشاور والاستفادة من الخبرات والتجارب في التشغيل، والتعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، والبحث والتطوير، والبيئة والتنمية المستدامة(2). 

حصيلة الوضع المتقدم 

تبدو حصيلة الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي متباينة، فسياسيًّا، تم العمل على تجسير الحوار الاستراتيجي بين برلمانيي الجهتين في إطار مؤسساتي منتظم، وقد بدا جليًّا تحقيق المغرب لتقدم كبير فيما يخص تدعيم حقوق الإنسان المدنية والسياسية، وتدعيم الانتقال الديمقراطي بالمغرب عبر مراقبة الانتخابات، وإصلاح القضاء، والارتقاء بالحريات العامة والحقوق الأساسية، وكذلك دعم المجتمع المدني. وقد بدا هذا بشكل واضح مع إقرار المغرب لدستور 2011، والذي نصَّ على عزم المغرب على بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة. كما أكَّد على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلطات، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية والمواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة(3). 

تعرف الأمم المتحدة الحكامة أو الحوكمة كمقاربة تشاركية لإدارة الشؤون العامة، استنادًا إلى تعبئة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، المنتمين للقطاع العام والخاص، وكذلك المجتمع المدني من أجل ضمان رفاه دائم لجميع المواطنين. ويعتبر البنك الدولي الحَوْكَمَة كممارسة السلطة السياسية، فضلًا عن التحكم في إدارة موارد المجتمع لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وينص برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على أن الحَوْكَمَة مفهوم واسع يشمل الهياكل التنظيمية وأنشطة الحكومة المركزية، الجهوية والمحلية والبرلمانات والمؤسسات والمنظمات والمجتمع المدني والقطاع الخاص من أجل مشاركتهم بفعالية في تصميم السياسات العامة التي تؤثِّر على جميع المواطنين. وفي المجمل، فإن الحَوْكَمَة هي مجموعة من الآليات والوسائل لتعبئة الحركة الجماعية لمختلف الفاعلين والفرقاء حول غاية مشتركة مع العمل على فصل واستقلال وتوازن السلطات، يكمن عمقها الاستراتيجي في التأثير المباشر على الحياة العامة للمواطنين.    

كما عمل المغرب على إصلاح الإدارة العامة من خلال إصلاح القضاء وصياغة قوانين متطورة للقطاع العام، فتسليط الضوء على حاجيات الإدارة ناجم عن مكانتها المؤثِّرة في الارتقاء الاقتصادي عبر جلب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين مناخ الأعمال، وإرساء علاقة ثقة بين الجهاز الإداري والمواطنين وتخليق الحياة العامة. ففي عصر يتميز بعولمة الأسواق والتنافس الحاد بين الدول والمؤسسات الاقتصادية، ونزيف النظام الرأسمالي، وتعاقب الأزمات، وانتشار وسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصالات وضرورة السرعة في اتخاذ القرار وتحدي المخاطر، تمثِّل الإدارة ركيزة أساسية في دفع عجلة التنمية من خلال محاربة الريع والفساد، وضمان النزاهة والشفافية وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر سيادة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة(4) 

وتأتي خطوات الإصلاح المذكورة لمواجهة الفساد الإداري والمالي الذي يؤدي إلى انحراف أهداف الدولة عبر تعطيل المسار التنموي في الدول والاحتيال على المواطنين المتضررين نتيجة ذلك، ناهيك عن ما يتسبب فيه من انتشار لصورة نمطية عن الإدارة العامة باعتبارها عماد الدولة، بما يترتب عليها من اندثار لتكافؤ الفرص وتدمير لثقافة الاستحقاق والإتقان، بل انتشار الإحباط واللامبالاة في المجتمع، مع تدمير واضح لمنظومة قيم الحق والقانون ولمصداقية مؤسسات الدولة. 

وعلى ذات المنوال، تبدو المساءلة والمحاسبة عماد الإصلاح السياسي والإداري؛ فالمساءلة هي وسيلة تُمكِّن الأفراد والمؤسسات من تحمل مسؤولياتهم وتبرير أدائهم للوثوق بهم؛ حيث إنها مجموعة من الأدوات والتقنيات لتقييم السياسات العامة وتجسيد لمفهوم ديمقراطية الإدارة. أما المحاسبة فهي واجب الكشف عن كيفية التصرف في المسؤولية المعطاة، من خلال تقديم كشف حساب عن نتائج وأهداف تم الاتفاق على شروطها مسبقًا من حيث النوع، والكلفة، والتوقيت، والجودة. 

وعلى هذا النحو، فالمحاسبة مكمِّلة للمساءلة بسعيها إلى تحسين أداء المؤسسات والارتقاء بها عبر المراقبة المستمرة، والتدقيق وإدارة المخاطر. ونجد أن المحاسبة منقسمة إلى تيارين أساسيين: الأول يقصد بالمحاسبة مجموعة من الواجبات والقواعد التي تتابع الوظيفة السياسية للدولة والمتمثلة في صياغة وتنفيذ السياسات، وهنا، المحاسبة تراقب الأداء العام وتتأكد من تحقق الأهداف بالكفاءة المطلوبة. أما التيار الثاني فيعني بالمحاسبة تلك الآليات المسخَّرة لإنجاز الوظيفة الإدارية للدولة الهادفة إلى تطبيق السياسات العامة بفعالية عالية(5). 

أما على المستوى الاقتصادي، فينبني الاتفاق بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي على تيسير الاندماج الكامل والتدريجي للمغرب بالسوق الداخلية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالسلع والخدمات، وأيضًا فيما يخص الارتباط بالشبكة الأوروبية في النقل والاتصالات والطاقة وما سواها. ويسعى المغرب عبر هذا الاتفاق إلى الاستفادة من البنية التحتية وضمان ولوج الفاعلين الاقتصاديين المغاربة، علاوة على التعاون في مجالات التنمية البشرية، وفك العزلة عن المناطق المهمشة، وتطوير قطاع الصحة وخلق فرص الشغل. 

ولقد تضمنت وثيقة الوضع المتقدم الاتفاق على إبرام اتفاق معمَّق وشامل للتبادل الحر، وخلق تقارب بين التشريعات المشجعة على الاندماج الاقتصادي، وعمليات لتشجيع الاستثمارات وخاصة من طرف المقاولات الصغرى والمتوسطة الأوروبية، وتأسيس فريق عمل بين هيئات أرباب العمل والمهنيين، ودعم تدريجي للقطاع الفلاحي بما ينسجم ويدعم استراتيجية "المخطط الأخضر"، وتقوية التعاون في مختلف مجالات التشغيل، وربط المغرب بالشبكات الأوروبية للطاقة والنقل، والتعاون في مجالات تكنولوجيات الاتصال والمعادن والبيئة والمياه، والإسهام في الاستراتيجية البحرية المتوسطية في إطار السياسة المندمجة المعتمدة من طرف المجلس الأوروبي سنة 2007. 

وعلى العموم، واجهت الاتفاقيات الاقتصادية العديد من العراقيل؛ حيث لم يستفد منها المغرب بشكل كبير بسبب وجود فوارق قانونية وتنظيمية بين المغرب والاتحاد الأوروبي فيما يخص الخدمات المالية، ومراقبة ومتابعة البنوك، وشركات التأمين، ووكالات التصنيف، والصناديق الاستثمارية وحَوْكَمَة الشركات. 

وفي المجمل، لا ترقى حصيلة الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي لآمال الطرفين؛ فعلى الرغم من النتائج الطيبة التي جناها المغرب في قطاعات حيوية كالفلاحة، والصيد البحري، والنقل، والطاقات المتجددة والحفاظ على البيئة، إلا أن الطرف المغربي كان يعوِّل على هذا الوضع كخيار استراتيجي للدفع بعجلة الاقتصاد الوطني ورافعة للتنمية الشاملة، فقد أثبتت التجربة تفوق الاتفاقيات الثنائية التي تجمع المغرب ببعض الدول الأوروبية، كفرنسا وإسبانيا، على التعامل مع كل دول الاتحاد الأوروبي. كما يعاني الوضع المتقدم من غياب عناصر الالتقائية في القطاعات الاقتصادية، والبرامج الزمنية وحوكمة اتفاقيات التبادل الحر في ظل ضعف التنسيق بين القطاعات الوزارية، والقطاع العام والخاص، والتقييم والمواكبة، ناهيك عن عدم إشراك الجمعيات المهنية والمؤسسات النقابية في صياغة سياسات التعاون بين الجانبين. 

الآفاق المستقبلية للوضع المتقدم 

تُمنِّي دول الاتحاد الأوروبي النفسَ بأن يكون الوضع المتقدِّم للمغرب بمثابة اتفاق اختباري وتجريبي للتعبير عن رغبة مشتركة ومحاولة من الاتحاد الأوروبي لتسويق هذا العرض من أجل جلب المزيد من الحلفاء الأفارقة والعرب. 

وبناء على ما تقدم، يستلزم الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي استكمال المفاوضات فيما يتعلق بتحرير الخدمات وحرية تنقل الموارد البشرية مع تحسين الحَوْكَمَة المؤسساتية وإقامة مراكز للتقييم والقيادة، ثم العمل على استهداف القطاعات المنتجة عبر توجيه المجهود للأسواق الواعدة بالاعتماد على ترسانة قانونية وتنظيمية توافقية بين الطرفين دون أن نغفل تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة على التصدير (6). 

إن الارتقاء بالوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي والرفع من أدائه مرتبط بتحويله إلى شراكة استراتيجية متكاملة تضمن إطارًا للعمل تسوده الالتزامات المشتركة، وإقامة مخطط شامل لتكامل البنية التحتية في شؤون النقل، والبناء، والطيران، والتعليم والصحة، مع التركيز على التعاون في المجالات المالية، الفلاحية والبحثية عبر منهج رابح-رابح؛ مما يوفر للمغرب فرصة للتعامل بندية دون أية نواقص، خاصة مع توفره على موقع جيو-استراتيجي مهم وحصيلة مقتدرة من الإنجازات الاقتصادية وكذلك حضور وازن في القارة الإفريقية، فالرؤية الاقتصادية للمغرب تهتم كثيرًا بالتوجه نحو العمق الإفريقي والتعاون جنوب-جنوب، وخير دليل على ذلك، الطفرة النوعية التي يحققها المغرب في إفريقيا وحضوره الوازن في العديد من القطاعات الاقتصادية حتى أصبح من أكثر المستثمرين المنافسين على القارة الإفريقية. 

تشتمل هذه المنطقة على فرص استثمارية هائلة وخاصة في قطاعات واعدة، وقد بات المغرب يتوفر على خبرة اقتصادية كبيرة يمكن أن تمده بمستلزمات ومفاتيح النجاح في هذه المنطقة وفي قطاعات اقتصادية كثيرة تسعى الدول الإفريقية للاستفادة منها كالفلاحة، والبنوك، والعقار، والطيران، والسياحة، والطاقات المتجددة، وهي بذلك أوراق ضغط فاعلة لتحسين التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي. 

ما زالت حصيلة الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي متأرجحة بين التقدم السياسي والحقوقي وعلاقات اقتصادية متميزة، لكنها تبقى غير كافية في ظل عوائق إدارية وقانونية. 

إن تحسين أداء الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي، يستوجب العمل على تقوية المؤسسات والقوانين المغربية، مع ضرورة التفاوض على امتيازات أخرى فيما يخص الهجرة والاستثمار في إطار علاقات متكافئة، خاصة أن للمغرب امتيازات استراتيجية تتمثَّل في نجاحه الإفريقي الذي يفرض على الأوروبيين التوجه إلى إفريقيا عبر بوابة المغرب باعتباره قطبًا ماليًّا مهمًّا، ودولة ذات دور وحاملة لاستراتيجية اقتصادية طموحة. 

وفي ظل العولمة الاقتصادية، تظل التكتلات الاقتصادية واتفاقيات التعاون لا محيد عنها للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية، ويبقى الوضع المتقدم للمغرب مشروعًا واعدًا يجب استغلاله لتطوير الأداء الاقتصادي، خاصة مع التعثر المستمر لحلم الاتحاد المغاربي الكبير والذي يظل رهين الصراع بين دول المنطقة.

مراجع

1- وثيقة الوضع المتقدم، الاتحاد الأوروبي سنة 2008.

2- التقرير السنوي للاتحاد الأوروبي، سنة 20015.

3- دستور المملكة المغربية، سنة 2011.

4- انظر: يونس بلفلاح، "إصلاح الإدارة المغربية... مدخل التنمية الاقتصادية"، العربي الجديد، بتاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

https://www.alaraby.co.uk/opinion/2016/11/12/%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-1

5- انظر: يونس بلفلاح، "المساءلة والمحاسبة في القطاع العام"، العربي الجديد، بتاريخ 9 فبراير/شباط 2015. إضغط هنا.

6- التقرير السنوي لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية، سنة 2015.