مقدمة
عرفت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلال السنوات القليلة الماضية، عددًا من الاضطرابات الكبرى. وقد رصد المراقبون تبعات التحولات الهائلة التي طرأت على معادلات التوازن الجيوسياسي والاقتصادي في هذه المنطقة كثيرة التقلبات وذات الأهمية الاستراتيجية البالغة(1). فعلى المستوى العالمي، عرفت السنوات الماضية تحولًا جيوسياسيًّا مهمًّا تمثل في إعادة تموقع القوى الدولية. فبشكل عام، كان موقف الولايات المتحدةالأميركية -الراعي التقليدي للتوازن في المنطقة- في تطور مستمر، مع وجود مؤشرات على الانكفاء (2)؛ حيث كانت أميركا في عهد الرئيس، باراك أوباما، الذي قاد حملة انسحاب الولايات المتحدة من العراق، تبدي ضجرها من مواصلة الانخراط في صراعات الشرق الأوسط، وبدأت تحول اهتمامها نحو المحور الآسيوي (3). وبالإمكان القول: إن إدارة أوباما قد عملت على اتباع خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة أيضًا باسم "الاتفاق النووي الإيراني"، وذلك كجزء من خطة أوسع تسعى لتجديد سياسة الاعتماد المزدوج على حليفين على غرار سياسة عقد السبعينات التي اعتمدت فيها الولايات المتحدة على حليفين محليين، هما: المملكة العربية السعودية وإيران لتقاسماها تحمل عبء ضمان الاستقرار الإقليمي، وربما ذهبت واشنطن إلى الاعتماد على حلفاء متعددين (4).
لقد مهَّد الفراغ الجيوسياسي الذي سبَّبه الانسحاب الأميركي المُعلن الطريقَ أمام مواجهة متعددة الأقطاب بين لاعبين إقليميين اختاروا التنافس فيما بينهم بدلًا من التعاون المشترك. وفي هذه الأثناء، بدأت قوى عالمية أخرى تبحث عن تكتيكات محددة تسمح لها بالتحرك داخل المنطقة في ظل انحسار الوجود الأميركي.فقد تدخلت روسيا بشكل متزايد في الشرق الأوسط لكنها غير مهتمة بأن تلعب دور الضامن الأمني الشامل فيه، واكتفت بالتركيز على خدمة مصالحها الضيقة في سوق الطاقة وعقود بيع الأسلحة، وحماية أصولها الجيوسياسية (5). من جهتها، عززت الصين موقفها الاقتصادي عبر إقناع دول شرق أوسطية كبرى بالانضمام إلى مشروعها الطموح "حزام واحد… طريق واحد"، ومع ذلك تحاول بيجين البقاء بعيدة قدر الإمكان عن الانخراط في النزاعات السياسية المحلية (6). أما الاتحاد الأوروبي، الذي يعمل تقليديًّا جنبًا إلى جنب الولايات المتحدة في المنطقة، فبات يبحث عن سبل مبتكرة وأكثر استقلالية تبعده عن واشنطن، رغم التحديات الداخلية التي يواجهها في سبيل توحيد صوته ومواقفه (7).
وسط هذا الوضع المتقلب، فإن القوى الإقليمية، التي عادة ما تؤدي دور اللاعبين الخارجيين الضامنين للتوازن في المنطقة، تتطلع إما إلى تنويع علاقاتها الأمنية وتحقيق توازنات جديدة وإما إلى محاولة لعب دور استباقي أكثر طموحًا عبر الاستفادة من الوضع القائم. في ذات الوقت، وعلى المستوى الإقليمي، أدت السنوات التي أعقبت الربيع العربي إلى إحداث تغيير في توازن القوة المحلي، مع تحول دول الخليج تدريجيًّا إلى أن تكون مركز الثقل في المنطقة بأكملها. فقد أصبح العراق تدريجيًّا مسرحًا تلتقي على أراضيه خطوط التصدع الإقليمية، ومنه تظهر غالبًا أولى التهديدات الأمنية (8). أما حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، فوظفت مواردها المالية الهائلة، المتراكمة منذ الطفرة النفطية التي حققتها مع بدايات الألفية الجديدة، كأدوات ضغط ("سياسة الريال" أو "ريال بوليتيك") لفرض سياساتها، ومن ثم أصبحت تتمتع بنفوذ سياسي مهم خاصة في شمال إفريقيا والمشرق العربي (9). من جهتها، عملت إيران، رغم أنها لا تزال تعاني من الضغوط الدولية المتصاعدة، على الاعتماد على مواردها الذاتية، بما فيها بناء شبكة واسعة من الوكلاء والاستراتيجيات السياسية-العسكرية الانتهازية، من أجل تعزيز موقفها (10). وهكذا، فإن معادلات السياسات الخليجية والأمن الخليجي أصبح لها تدريجيًّا تأثيرات إقليمية وعالمية أوسع.
الأوضاع في هذه المنطقة تتغير بسرعة فائقة، بحيث إنه ما إن يبدأ المرء في ممارسة تحليلها حتى يتضح له بسرعة كيف أن العام 2018 حمل العديد من المؤشرات الدالَّة على أن حركات المد والجزر ستتغير مرة أخرى.
ظل إيران الممتد والثقيل
شهدت المواجهة بين السواحل الخليجية -العربية والفارسية- حدثًا أدى إلى تغيير قواعد اللعبة مع انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي مع إيران، في شهر مايو/أيار 2018. وفي الوقت الذي بدأت فيه أطراف عالمية أخرى في الاتفاق تبحث عن طرق لإنقاذ التزامها مع طهران، وجدت إيران نفسها تحت الضغط مجددًا؛ فقد أثَّرت العقوبات الأميركية القوية على ثقة المستثمرين الدوليين بشكل أضعف -فعليًّا- آفاق إيران الاقتصادية (11). ومع ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، فإن النظام في طهران معرَّض لمواجهة تهديد داخلي أكبر في العام 2019، وهو ما من شأنه أن يدفعه إلى انتهاج سياسة إقليمية أقل توسعًا، وربما محدودة، للحفاظ على الوضع القائم لتواجده في المنطقة (12). أما في لبنان والعراق، ورغم التحديات التي تواجهها هناك، فقد رسَّخت إيران ثقلها السياسي على الساحة السياسة في هذين البلدين -يظهر ذلك في تحقيق الأحزاب المدعومة من طهران نتائج جيدة في انتخابات ربيع عام 2018– كما عززت طهران أيضًا علاقاتها مع الميليشيات الشيعية مثل حزب الله والحشد الشعبي، اللذين حقَّقا انتصارات عسكرية مُقنِعة في السنوات القليلة الماضية (13).
يمكن القول: إن النظام السوري بقيادة بشار الأسد بات أقرب من أي وقت مضى إلى إعلان النصر في حربه الأهلية المروعة التي دامت ثماني سنوات، وهو يدين في بقائه على سدة الحكم، إلى حدٍّ كبير، لإيران أكثر مما يدين في ذلك لروسيا (14). وفي ظل هذا الوضع الإقليمي الإيجابي نسبيًّا، فإنه من المحتمل أن يُنظر إلى التحرك الإيراني، في حال انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة، على أنه استفزاز من شأنه أن يعرض العلاقات الاقتصادية مع أوروبا ومبيعات النفط إلى آسيا للخطر، وهذا تحرك محفوف بالمخاطر في مواجهة نقاط الضعف، التي تمت معالجتها، من أجل تحقيق الاستقرار الداخلي في إيران. في الواقع، فإن عدم الاستقرار في إيران، في سياق إقليمي من الحدود المتاخمة الهشة والقابلة للتصدع، من شأنه أيًضا أن يشكل تهديدًا للدول المجاورة، وذلك على الرغم من وجود فصائل متشددة في بعض دول مجلس التعاون الخليجي تعمل، فيما يبدو، على التشجيع على تغيير النظام في طهران (15). وفي الوقت الذي يُظهر فيه جهاز الأمن الإيراني امتلاك القدرة الأكيدة على قمع الاحتجاجات، فإن النظام السياسي في حدِّ ذاته أصبح موضع شك متزايد؛ حيث تزداد أصوات الإيرانيين ضد إضفاء الطابع الإسلامي الصارم على القوانين الاجتماعية ارتفاعًا، فضلًا عن تنديداتهم بسوء إدارة الشأن الاقتصادي المشوب بالمحسوبية والفساد (16).
إذا ما نظرنا إلى مسألة انسحاب أميركا من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) على أنها خطوة من شأنها حمل النظام الإيراني على إعادة تركيز انتباهه نحو الداخل وتصرفه بعيدًا عن المنطقة، فإن الانسحاب الأميركي من الاتفاق يكتسب حينها معنى جديدًا. فمع مضي الإدارة الأميركية في تنفيذ الانسحاب، رغم التطمينات المتكررة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن طهران تمتثل لالتزاماتها في خطة العمل الشاملة المشتركة، فإنه يمكن بسهولة أكثر تفسير الخطوة الأميركية في سياقها الجيو سياسي (17). ففي الحقيقة، أظهرت الإدارة الأميركية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، علاقات قوية بدولتي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكلاهما تريان أن الصفقة الإيرانية مكنت طهران من الوصول إلى حزمة أموال سيتم إنفاقها على دعم ميليشيات إقليمية (18). وفي الوقت الذي كان فيه خطاب الإدارة الأميركية يدور حول فكرة احتواء إيران، لم تظهر أي استراتيجية متماسكة تذهب أبعد من مجرد إطلاق تغريدات معادية على موقع تويتر ومحاولات تواصل ظرفية مع المعارضة الإيرانية في المنفى: منظمة مجاهدي خلق (الإسلامية)، بما في ذلك مقاربات مستشار الأمن القومي المعين حديثًا، جون بولتون، التي لم تخرج عن هذا النهج الأميركي العام، على الرغم من دعواته العلنية المتكررة لتغيير النظام في إيران (19). يبدو أن الفكرة الأساسية وراء هذا النهج الأميركي هي أن يلعب الشركاء الإقليميون للولايات المتحدة -بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل- الدور الرئيسي في عملية الاحتواء المزعومة بينما تتخلص الولايات المتحدة الأميركية من عبء حفظ الأمن في الشرق الأوسط.
بلا شك ستكون إسرائيل قادرة، إذا تم منحها الضوء الأخضر، على مواجهة وكلاء إيران بشكل استباقي أكثر -خاصة على حدودها-. في المقابل، وفي حين أحرز التنسيق بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وإسرائيل، ضد العدو الإيراني المشترك، تقدمًا سريعًا خاصة في ممارسة ضغط مشترك، إلا أن تعاونًا أوسع نطاقًا بين هذه الدول لا يزال يجد عقبة القضية الفلسطينية تحول دون تنفيذه (20). في هذا الصدد، كانت إدارة ترامب تعمل طيلة العام 2018 على إنجاز "صفقة القرن" المتعلقة بالصراع العربي-الإسرائيلي. وبينما لم يتم أبدًا الكشف عن تلك الصفقة في العلن، إلا أن التفاصيل التي تسربت حولها عبر الصحافة تفيد بأنها تشكِّل اتفاقًا من شأنه إضفاء الشرعية على معظم المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وتجاهل قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين (21). في مواجهة هذه التسريبات، ورد أن لاعبين مهمين مثل المملكة الأردنية والفصائل الفلسطينية نفسها قد رفضت الخطة جملة وتفصيلًا، على الرغم من اعتماد العرب المؤيدين للصفقة استراتيجية العصا والجزرة معها (22). بالنسبة للأردن، فإن أية خطة سلام مثيرة للجدل من شأنها أن تشكِّل تهديدًا لأمنه القومي بسبب صلاته القوية بالمجتمعات الفلسطينية داخل حدود المملكة وخارجها، في حين وجد الفلسطينيون أنفسهم، مرة أخرى، معزولين من قبل رعاة أساسيين لقضيتهم، وباتت أراضيهم مساحة مفتوحة لتدخل قوى أخرى مثل تركيا أو إيران لمحاولة ملء الفراغ.
في الواقع، لقد أظهرت مقاربة الولايات المتحدة لاحتواء إيران نقاط ضعف استراتيجية لافتة للنظر؛ ذلك باعتبار أن أي تخلٍّ عن أية مساحة جيوسياسية سيؤدي إلى إعادة احتلالها بسرعة من قبل لاعبين وقوى منافسة. فعلى سبيل المثال، قد يبدو الانسحاب المحتمل للقوات الأميركية من شمال شرق سوريا، الذي أعلنه دونالد ترامب في تغريدة غير مدروسة في ديسمبر/كانون الأول عام 2018، متناقضًا للغاية في إطار خطة احتواء إيران. وقد أعلنت الإمارات والبحرين سريعًا، إدراكًا منهما لإمكانية استيلاء إيران على كامل سوريا، أنهما ستعيدان فتح سفارتيهما في دمشق منضمتين بذلك إلى سلطنة عُمان، التي حافظت على وجودها الدبلوماسي في سوريا خلال فترة الحرب (23). هذا، وقد تقوم السعودية والكويت باتخاذ نفس الخطوة بمجرد إعادة دمج النظام السوري في منظومة الجامعة العربية (24). وهكذا، فقد أنتج التراجع اللاحق الواضح عن سياسة الانسحاب من سوريا فكرة مفادها أن القوات الأميركية لن تغادر مواقعها قبل تسلم "قوات عربية" غير محددة العهدة منها (25). لكن فكرة تقاسم الأعباء التي تم وضعها في واشنطن تبدو مثيرة للجدل، وهي أيضًا صعبة التحقيق إلى حد كبير من الناحية العملية ولديها بالفعل سابقة تحذيرية في اليمن.
بؤر التوتر اليمنية
تقود المملكة العربية السعودية، منذ العام 2015 بالتنسيق الوثيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ائتلافًا من الدول العربية في حربها ضد المتمردين الحوثيين الموالين لإيران في اليمن. وبعيدًا عن الأدوار القيادية، فإن دور الولايات المتحدة الأميركية في هذه الحرب ينحصر في تقديم الدعم للتحالف العربي، بقيادة السعودية، عبر تأمين عمليات تزويد طائرات التحالف بالوقود وتأمين معظم الأسلحة وتقديم المشورة، في حين تتكفل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بوضع الاستراتيجيات وتوجيه العمليات (26). اليوم، وبعد أربع سنوات تقريبًا منذ اندلاع الحرب، ورغم تقلص مساحات السيطرة الحوثية على الأرض، إلا أنهم لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وعلى جزء كبير من ساحل البحر الأحمر، وهو ما يسمح للمتمردين بتهديد الملاحة الدولية (27).
على مرِّ السنين، افتقرت عملية التفاوض حول إيجاد حل سياسي، تحت إشراف الأمم المتحدة، إلى الإرادة السياسية الحقيقية من قبل الأطراف الإقليمية، التي تعتبر الصراع اليمني مجرد فصل واحد في سياق أوسع من الصراعات، وإلى غياب آلية ردع وتحفيز فعالة من قبل القوى العالمية. ومع استمرار الحرب اليمنية في استنزاف موارد وطاقات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ظهرت رغبة أكيدة من قبل التحالف العربي في وضع حد للصراع، خاصة مع وجود تأثيرٍ واضح للحرب على قدرتيهما على احتواء إيران في مختلف الساحات الإقليمية الأخرى (28).لكن، ومع ذلك، فإن الحماس الذي وعد به آخر نجاح دبلوماسي تحقق في هذا المسار، بتوقيع جميع الأطراف على اتفاقية خلال المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة في ستوكهولم لتسليم الإشراف على آخر ميناء رئيسي في الحديدة يسيطر عليه الحوثيون إلى طرف ثالث محايد، سرعانما انهار على خلفية تبادل الاتهامات بسوء النية بين الأطراف المتحاربة (29).وفي الوقت الذي طال فيه الإرهاق العسكري جميع الأطراف بشكل جدي، ومع اكتساب إنهاء الصراع زخمًا وقوة دفع حقيقية خلال عام 2018، يبدو أنه لا يوجد إجماع، على أي مستوى كان، حول كيفية تحقيق انفراج سياسي
بالإضافة إلى حالات عدم اليقين المرتبطة بالنزاع الرئيسي، فإن قضايا أخرى يمكن أن تزداد تعقيدًا في جنوب البلاد. ففي تلك المناطق، تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من اجتثاث الجماعات الجهادية، مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، من ميناء عدن الاستراتيجي، غير أن الجهاديين ما زالوا نشطين في أماكن أخرى مثل صحراء حضرموت (30). عمليًّا، شكَّلت دولة الإمارات العربية المتحدة ودعمت بقوة، الميليشيات الانفصالية الجنوبية -مثل قوات الحزام الأمني والحركات السياسية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي- لتعيد بذلك فتح جبهة تصدع قديمة داخل البلاد (31). بالإضافة إلى ما سبق، فإن منافسة جيوستراتيجية جديدة بدأت تظهر في المنطقة الجنوبية الشرقية من المهرة، المتاخمة لسلطنة عمان، والتي يمكن أن تزعزع استقرار نظام الحكم المحلي القبلي (32).
بدأت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، مع نهاية العام 2017، بزيادة منسوب انخراطهما في المنطقة عبر إنشاء قوات النخبة المهرية على غرار قوات الحزام الأمني الممولة من قبل الإمارات العربية المتحدة. وقد كان الهدف المعلن لكل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في منطقة المهرة هو مكافحة أنشطة التهريب، وتحديدًا تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين. ومع ذلك، فلا يمكن فصل السعي للتأثير على سواحل المهرة عن المصالح السعودية والإماراتية الأخرى، بما في ذلك تطوير مرافئ الميناء الجديد والبنى التحتية للطاقة. يأتي هذا السعي في سياق الاستراتيجية البحرية لأبوظبي التي تتطلع إلى إقامة جسر نحو شرق إفريقيا، وبالأخص نحو إريتريا وجمهورية أرض الصومال ودولة الصومال؛ حيث للإمارات موطئ قدم فعلي على الأرض هناك (33). في الجهة المقابلة، تدرك سلطنة عمان تأثير دولة الإمارات العربية المتحدة المتنامي في المهرة وترى فيه تهديدًا لها: فتقليديًّا كانت مسقط تعتبر تلك المنطقة منطقة عازلة، وقد حاولت إبقاءها تحت تأثيرها مستخدمة في ذلك أدوات القوة الناعمة بشكل رئيسي (34).
خلاصة القول هنا هي أن التنافس الداخلي بين دول مجلس التعاون الخليجي، والذي يمتد ليشمل المكونات الاجتماعية والسياسية المحلية، قد يؤدي لاحقًا إلى عدم الاستقرار في جنوب اليمن في عام 2019.
قضايا سعودية داخلية
إذا كان ثمة شيء يجب مراقبته في عام 2019 فسيكون وضع العلاقات الأميركية-السعودية؛ فقد تم اختبار تلك العلاقات بين البلدين في أكتوبر/تشرين الأول 2018 عندما تأكد مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول على أيدي أفراد ينتسبون إلى أجهزة أمن الدولة السعودية (35). وقد نجحت استراتيجية تركيا، وهي بلد منافس للمملكة العربية السعودية، في توظيف ما لديها من أدلة على عملية اغتيال خاشقجي وتمكنت من حشد الرأي العام الدولي ضد الرياض. وقد تم ذلك بطرق دفعت مشرعين في الكونغرس الأميركي للضغط على المملكة العربية السعودية في ملفات تتعلق بالسياسات الإقليمية والمحلية. فعلى سبيل المثال، أقرَّ مجلس الشيوخ الأميركي بشقيه الجمهوري والديمقراطي، في ديسمبر/كانون الأول من العام 2018، مشروع قرار يربط مباشرة اسم ولي عهد المملكة العربية السعودية القوي، محمد بن سلمان، بالمسؤولية عن عملية اغتيال خاشقجي. ومن ثم، وبعد يومين فقط، قدَّم مجلس الشيوخ الأميركي أيضًا مذكرة للمطالبة بإلغاء كل المساعدات العسكرية الأميركيةالمقدمة إلى المملكة العربية السعودية لدعمها في حربها في اليمن (36).
من المحتمل أن تظهر تحديات أخرى مع بدء الغالبية الديمقراطية الجديدة للتمكين لنفسها داخل مجلس النواب، وهي تسعى حاليًّا للحفر عميقًا في تفاصيل حملة دونالد ترامب الرئاسية والبحث في مزاعم التدخل السعودي (والإماراتي) في العملية الانتخابية (37). وقياسًا على ذلك، فإن مركز محمد بن سلمان السياسي لدى الاتحاد الأوروبي تهاوى نحو الحضيض في أعقاب قضية مقتل خاشقجي، خاصة على مستوى الرأي العام الأوروبي. وعلى الرغم من أن العلاقات الدولية المتوترة لن تسمح بطرد محمد بن سلمان من منصبه في خط خلافة ولاية العهد، فإنها بالتأكيد ستؤثر على السياسات السعودية الدولية والإقليمية في عام 2019، كما أن هذا التأثير يمكن أن يترجم في مقاربات متضادة. فمن ناحية أولى، من المرجح أن يحاول الملك سلمان بن عبد العزيز كبح جماح اندفاع ولي العهد المغامر بالرجوع إلى إعادة الاعتبار لعملية صنع القرار التقليدية الموسعة من خلال إشراك كبار أعضاء العائلة الملكية الأكثر محافظة فيها. وقد يتجه ولي العهد إلى التركيز على إنجاز مشروع رؤية المملكة 2030 الذي يواجه العديد من النكسات والعقبات.
من ناحية أخرى، تشهد خطة السعودية للإصلاحات الاقتصادية تراجعًا فعليًّا بسبب عدم ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين فيها؛ حيث يطرح المستثمرون أسئلة كثيرة حول المخاطر السياسية المرتبطة بالاستثمار في المملكة وما قد يعترضهم من صعوبات تقنية في ممارسة أعمالهم بيسر وسلاسة (38).ومن المرجح أن يظل المستثمرون مترددين في الرهان على اقتصاد المملكة إلا إذا لمسوا منها تجديدًا لالتزامها بضمان المزيد من الشفافية واحترام سيادة القانون والمبادرة إلى معالجة الوجوه المتعددة للمخاطر السياسية.وبالتالي، فسيكون محمد بن سلمان بحاجة إلى تكريس مزيد من الاهتمام بالاقتصاد المحلي. ومن ناحية أخرى، لا يمكن استبعاد محاولة ولي العهد، وهو يشعر بالحصار المضروب عليه، مضاعفة اهتمامه ببعض الملفات الإقليمية على الأقل، بل إنه على استعداد حتى للذهاب إلى أبعد من ذلك لتأكيد هيمنته في المنطقة.قد يكون السياق الأكثر حساسية في طريق تحقيق هذه الغاية هو علاقات الرياض مع أنقرة، التي تعاني أصلًا من بروز مؤشرات توتر عالية، حيث تُصوَّر تركيا، أحيانًا، على أنها تمثِّل تهديدًا للملكة أكبر مما تمثله لها إيران.
تصدع البيت الخليجي
يبقى حل أزمة الخليج غير مؤكد في العام 2019؛ فبعد مرور حوالي عامين على إعلان المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين بدعم من مصر (أي الرباعية) قطع جميع العلاقات وإغلاق الحدود الجوية والبحرية والبرية مع قطر، في يونيو/حزيران 2017، أظهرت قطر قدراتها المرنة في التعامل مع الحصار المفروض عليها (39). فقد نجحت قطر في تجاوز العزلة الاقتصادية والسياسية عبر الاستفادة من مواردها المالية وما تملكه من موارد للطاقة، مع دعم من البلدان الآسيوية والأوروبية. ومع ذلك، فإن القوى الفاعلة أوروبيًّا وآسيويًّا أعطت بالكاد الأولوية للقضية الخليجية، في حين كانت مقاربة الولايات المتحدة للمسألة مشوشة ومتناقضة. فقد أعرب دونالد ترامب في بداية الأزمة عن دعمه لرباعي المقاطعة، بينما خالفته المؤسسات الأميركية، بدءًا من البنتاغون ووصولًا إلى وزارة الخارجية، بحجة أن الأزمة ضارة بالأهداف الأميركية بعيدة المدى، بما في ذلك احتواء إيران، لكن جهودها في وقف الأزمة لم تجد آذانًا صاغية (40). وعلى أية حال، فكلما طالت الأزمة الخليجية ألقت بتداعياتها على المنطقة بأسرها. وعلى سبيل المثال، ومنذ بداية الأزمة، لم تصطف دولتان من دول مجلس التعاون الخليجي -الكويت وعُمان- مع الكتلة المناهضة لقطر. وقد كان أن بادر أمير الكويت وبدأ حملة دبلوماسية مكوكية بين عواصم دول مجلس التعاون الخليجي لرتق فتق الأزمة (41). من ناحية أخرى، ظلت سلطنة عمان، بشكل عام، بعيدة عن النزاع مبقية خطوط الحوار مفتوحة مع جميع الأطراف (42)، لكنها سرعان ما بادرت إلى فتح موانئها أمام السفن من وإلى قطر؛ الأمر الذي أمدَّ الدوحة بشريان حياة.
بعد ذلك، بدأت كل من الكويت وعمان، اللتين رفضتا بأسلوبيهما الخاصين الاصطفاف مع محور السعودية-أبوظبي، تشعران بمخاوف من احتمال أن تصبحا هدفًا لاستراتيجيات الضغط السعودي-الإماراتي في المستقبل القريب (43). فهناك احتمال، وإن كان غير أكيد، أن تندلع أزمة خلافة في البلدين اللذين يقودهما شيخان طاعنان في السن، هما: السلطان قابوس بن سعيد البالغ من العمر 78 عامًا، والأمير صباح الصباح البالغ من العمر 89 عامًا، مما يجعلهما عرضة للتدخل الخارجي بشكل خاص. كما كان من نتائج الأزمة أن دفعت بقطر إلى التقارب أكثر مع تركيا، التي طلب رئيسها، رجب طيب أردوغان، من البرلمان الحصول على حق نشر القوات التركية على الأراضي القطرية، وهو ما منع بشكل فعَّال، أي تصعيد عسكري افتراضي للأزمة (44). من ناحية أخرى، وفي الوقت الذي لجأت فيه قطر إلى المرور عبر المجال الجوي الإيراني والمياه الإقليمية لتجنب الاضطرابات في وارداتها وصادراتها الحيوية، فإنه يبدو أن العلاقات القطرية-الإيرانية ستبقى براغماتية خالصة (45). ومع أن الدوحة عملت على تطوير آليات فعالة للتعامل مع الأزمة، فإنها أيضًا كانت تشعر، بشكل متزايد، بوقوعها تحت ضغط ولو نسبيًّا، من أجل البحث عن حل وسط مع الأطراف المقاطعة. بالإضافة إلى ما سبق، وفي الوقت الذي وُضعت فيه الرياض تحت المجهر على خلفية قضية مقتل خاشقجي، تظل أبوظبي متحصنة وراء مواقفها المتشددة ولا تبدي أية رغبة في تقديم تنازلات. وبالتالي، فإنه لا يوجد احتمال حقيقي، في ظل استمرار غياب ضغوط خارجية قوية، بأن يُعاد تجميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي في الأشهر الأولى من عام 2019. وبالنظر إلى الأهمية المتزايدة للوضع الجيوسياسي لدول مجلس التعاون الخليجي، فإنه من المحتمل أن تزيد هذه الأزمات والتوترات والنزاعات التي تشق صفها في تعميق الشكوك خارج حدود الخليج.
التجزئة وتزايد الاستقطاب
في ضوء هذه الخلفية شديدة التعقيد على المديين المتوسط والبعيد، يبدو أنه لا مفر من المزيد من تجزئة القوة وزيادة درجة حدة الاستقطاب. من بين طرق رصد التوترات المتصاعدة، مراقبة إلى أي مدى يمكن للجهات الفاعلة المنخرطة شحذ أدواتها الخاصة، بما في ذلك قدراتها الردعية، سواء أكانت تقليدية أم سيبرانية، وأصولها الاستراتيجية للطاقة.ففي معضلة أمنية كلاسيكية، يمكن للتغييرات الرئيسية في هذه المجالات أن تتحول في حد ذاتها، وبشكل حاسم، إلى منصات نحو المزيد من عدم اليقين.
وفقًا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن الإنفاق العسكري لدول الخليج، خلال السنوات القليلة الماضية، كان هو الأعلى على الدوام من حيث النسبة المئوية المخصصة له من الناتج المحلي الإجمالي. ففي العام 2017، بشكل خاص، كانت أربعة من البلدان العشرة الأولى من حيث الأعباء العسكرية دولًا خليجية، وهي عُمان (12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، والمملكة العربية السعودية (10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، والكويت (5.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، والبحرين (4.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي). أما بالنسبة لقطر والإمارات العربية المتحدة وإيران، فلا توجد معطيات متوفرة حول نسب إنفاقها المخصصة للتسليح من ناتجها المحلي الإجمالي (46). شملت صفقات الدفاع، التي أبرمتها دولة قطر في العام 2018، اتفاقًا بقيمة 3.71 مليارات دولار لشراء 28 طائرة هليوكوبتر عسكرية من تصنيع شركة ليوناردو الإيطالية، بالإضافة إلى صفقة قيمتها 6.7 مليارات دولار لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون، و9 طائرات نفاثة من طراز هوك من شركة"بي آي سيستمز" (BAE Systems) البريطانية، وقد شمل كل ذلك أيضًا اتفاقات على تقديم تدريبات عسكرية عالية المستوى (47). كما عقدت دولة الإمارات العربية المتحدة، من جانبها، عددًا من الصفقات خلال العام 2018، بما في ذلك: صفقة بقيمة 270.4 مليون دولار مقابل 300 صاروخ من طراز "سايد وايندر" ( Sidewinder)، وقطع غيار ودعم فني من وزارة الدفاع الأميركية، هذا إلى جانب إبرام صفقات بقيمة 336 مليون دولار إضافية على الأقل مع المملكة المتحدة (48).
في الوقت الذي كانت فيه الحروب التقليدية بين الدول تبدو منطقية في الماضي، فإن بناء الردع هو الاتجاه السائد، إلى حد كبير، في وقتنا الحاضر. وفي الوقت ذاته، فإن التوترات المتزايدة بين الدول قد تجد طريقها إلى الفضاء الإلكتروني بسهولة أكبر؛ فقد سبق أن ادعت كل من إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وقطر وقوعها ضحية لهجمات إلكترونية من قبل أطراف إقليمية أخرى استهدفت إما بنيتها التحتية الحيوية للطاقة، مثل هجمات 2012 و2017 ضد شركة أرامكو السعودية، أو منصات الاتصال الحساسة، مثل اختراق وكالة الأنباء القطرية ومن ثم إطلاق حملة إعلامية تشهيرية معادية ضد الدوحة (49). هذا ما جعل جميع هذه الدول تبذل جهدًا كبيرًا من أجل بناء قدرات دفاع أو هجوم سيبرانية. وقد طورت هذه البلدان، في الماضي القريب، استراتيجيات أمن سيبراني رسمية واستثمرت بكثافة في شراء التكنولوجيات الخاصة بهذا المجال أو الاستعانة بالخبرات الأجنبية. وعلى سبيل المثال، فإنه من المتوقع أن ينمو سوق الأمن السيبراني السعودي بنسبة تقارب 60? ليصل إلى ما قيمته 3.48 مليارات دولار في العام 2019 (50).
بالإضافة إلى التوتر في مجال الفضاء السيبراني، فإن التوترات قد تتسلل أيضًا إلى سوق الطاقة، حيث تظل موارد الطاقة هي أكثر مصادر العائدات أهمية بالنسبة لجميع دول الخليج. وما إعلان قطر قرار مغادرة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، في ديسمبر/كانون الأول 2018، والتركيز على دورها الريادي في سوق الغاز الطبيعي المسال -وهي سلعة واعدة على ما يبدو- سوى تعبير عن موقف سياسي بهدف السعي إلى تحقيق مزيد من الاستقلالية عن كبرى شركات النفط السعودية (51). فيالوقت نفسه، فإن استثمار السعودية المتنامي في تعزيز التنسيق الاستراتيجي في مجال الطاقة مع روسيا سيزيد من تعزيز قدراتها الفعلية الهائلة على التحكم في أسعار النفط المتذبذبة، وذلك بطريقة تترك آثارًا عميقة على جميع منتجي النفط عمومًا، وبخاصة في المنطقة (52). من الواضح أيضًا أن تأثير قدرة التنسيق السعودي-الروسي على التلاعب بأسعار النفط سيزداد أهمية باعتباره مؤشرًا أساسيًّا لسوق الطاقة؛ حيث وضع الانخفاض الحاد في الأسعار على مدار العام 2018 ضغوطًا جديدة على ميزانيات الحكومات، خاصة في الدول المعرضة للمخاطر المالية مثل سلطنة عُمان.
باختصار، بدأ العام 2019 مع حزمة من عدم اليقين فيما يتعلق بأمن الخليج، وقد أتى العام الجديد حاملًا معه مجموعة من التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية على المستوى الإقليمي، فضلًا عن عدم الاستقرار الجيوسياسي في تموقعات القوى الدولية. ومن المرجح أن يظل الصراع بالوكالة بين إيران والمملكة العربية السعودية هو الخلفية التي سترتكز عليها النزاعات المحلية، بما في ذلك الصراع في اليمن. وقد تنمو المنافسة بين اللاعبين المناهضين للإسلام السياسي (وهم أساسًا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر) واللاعبين غير المناهضين للإسلام السياسي (أساسًا قطر وتركيا) بشكل أكبر في المستقبل القريب. كما أنه قد ينتهي الأمر بالعديد من الأطراف الفاعلة الأخرى، بما في ذلك العراق والكويت وعُمان والأردن، بالوقوع ضحايا بين تقاطع كل خطوط التصدع هذه. وفي الوقت نفسه، ستثير أوجه عدم اليقين، على المستوى المحلي، قضايا إضافية أخرى في معظم بلدان الإقليم، بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية.
أخيرًا، في منطقة كانت الحدود فيها هشة وقابلة للاختراق تاريخيًّا، فإن التفاعل بين التهديدات الدولية والمحلية يجب أن يظل مُراقَبًا عن كثب (53).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*سينزيا بيانكو - باحثة في مركز "تحليلات البلدان الخليجية" لاستشارات المخاطر الجيوسياسية في واشنطن.
- Fawaz A. Gerges, ed. The New Middle East: Protest and Revolution in the Arab World. (Cambridge: Cambridge University Press), 2013.
- Gideon Rose, “The Post-American Middle East”, Foreign Policy, November/December 2015.
- Andreas Krieg. "Externalizing the burden of war: the Obama Doctrine and US foreign policy in the Middle East." International Affairs 92.1 (2016): 97-113.
- Mohammed Ayoob. "American Policy Toward the Persian Gulf." in International Politics of the Persian Gulf, ed. by Mehran Kamrava, (New York: Syracuse University Press), 2011: p. 124.
- A good overview is provided in: Nikolay Kozhanov, “Russian Policy Across the Middle East: Motivations and Methods”, Russia and Eurasia Programme, Chatham House, 2018.
- For more on the topic, see: Anoushiravan Ehteshami and Niv Horesh (eds), China’s Presence in the Middle East:The Implications of the One Belt, One Road Initiative, (London: Routledge), 2018.
- On the new course of EU policy-making and its challenges, see Sven Biscop. The European security strategy: a global agenda for positive power. (London: Routledge), 2016.
- Toby Dodge, “Iraq: A Year of Living Dangerously.” Survival 60.5 (2018): 41-48.
- Ana Echagüe (ed.), The Gulf States and the Arab Uprisings, Fundación para las Relaciones Internacionales y el Diálogo Exterior – FRIDE and Gulf Research Center, 2013.
- “Iran’s Priorities in a Turbulent Middle East”, Report n. 184, Middle East and North Africa, International Crisis Group, 13 April 2018.
- Ellie Geranmayeh, Esfandyar Batmanghelidj, “America’s latest wave of Iran sanctions” Commentary, European Council on Foreign Relations, 6 November 2018.
- Recent data on unemployment and inflation can be found in: Gath Frieser, “Iran: Stuck Between A Political Rock And An Economic Hard Place”, Forbes, 2 September 2018.
- “Iran’s Priorities in a Turbulent Middle East”, International Crisis Group.
- Hassan Hassan, “Syria: Assad has decisively won his brutal battle”, The Guardian, 30 December 2018.
- “Saudi, UAE officials call for regime change in Iran at US summit”, Al Jazeera, 26 September 2018.
- Alex Vatanka , “Failing at 40? The Islamic Republic faces growing discontent at home”, Middle East Institute, 7 January 2019.
- “Iran is Implementing Nuclear-related JCPOA Commitments, Director General Amano Tells IAEA Board, Aabha Dixit, IAEA Office for Public Information and Communication” IAEA official website, www.iaea.org, 30 November 2018
- Joyce Karam, “UAE, Saudi Arabia and Bahrain welcome Trump’s exit from Iran nuclear deal”, The National, 9 May 2018.
- Rhys Dybin and Dan De Luce, “Bolton’s Ascent Gives Iranian Group a New Lease on Life”, Foreign Policy, 30 April 2018.
- Uzi Rabi and Chelsi Mueller. "The Gulf Arab states and Israel since 1967: from ‘no negotiation’to tacit cooperation." British Journal of Middle Eastern Studies 44.4 (2017): 576-592.
- Kristian Coates Ulrichsen. "Palestinians Sidelined in Saudi-Emirati Rapprochement with Israel." Journal of Palestine Studies 47.4 (2018): 79-89.
- “Palestinians have seen Trump 'deal of the century', and want nothing of it”, Middle East Eye, 16 March 2018; Abdelaziz ElKhalfaoui, “Will Jordan Sign on to the ‘Deal of the Century’?” Inside Arabia, 13 July 2018.
- Author’s interviews, January 2019.
- Author’s interviews, January 2019
- “Syria conflict: Bolton says US withdrawal is conditional”, BBC News, 6 January 2019.
- Emile Hokayem and David B. Roberts. "The war in Yemen." Survival 58.6 (2016): 157-186.
- See further details of territorial control in Yemen in: “Yemen Control Map & Report - September 2018”, Stratfor, 27 September 2018.
- Author’s interviews, January 2019
- For more on the agreement and its weaknesses, see: Peter Salisbury, “What does the Stockholm agreement mean for Yemen?”, The Washington Post, 21 December 2018.
- Elisabeth Kendall, "Contemporary Jihadi Militancy in Yemen." Policy Paper 2018-7, Middle East Institute, (2018).
- Robert Forster. "The Southern Transitional Council: Implications for Yemen's Peace Process." Middle East Policy 24.3 (2017): 133-144.
- Author’s interviews, December 2018.
- Ismail N. Telci. "A Lost Love between the Horn of Africa and UAE", Report, Al Jazeera Center for Studies, May 2018.
- Author’s interviews, December 2018
- David Ignatius, “Jamal Khashoggi’s long road to the doors of the Saudi Consulate”, The Washington Post, 12 October 2018.
- “MBS responsible for Khashoggi murder, US Senate unanimously finds”, Middle East Eye, 13 December 2018; Julian Borger, “Senate votes to end US military support for Saudis in Yemen”, The Guardian, 13 December 2018.
- “Trump Jr. and Other Aides Met With Gulf Emissary Offering Help to Win Election”, The New York Times, 19 May 2018.
- Stephen Grand, “Saudi's Vision 2030 Continues to Solicit Concerns”, Atlantic Council, 11 September 2018; Author’s interviews, December 2018.
- Cinzia Bianco, “The Gulf Crisis: A Year Later”, Oasis Center, 7 June 2018.
- Marwan Kabalan. "The Gulf Crisis: The US Factor." Insight Turkey 20.2 (2018): 33-50.
- Giorgio Cafiero and Theodore Karasik, “Kuwait, Oman, and the Qatar Crisis”, Middle East Institute, 22 June 2017.
- Ibid.
- Author’s interviews, December 2018.
- Cinzia Bianco and Gareth Stansfield. "The intra-GCC crises: mapping GCC fragmentation after 2011." International Affairs 94.3 (2018): 613-635.
- Ibid.
- “SIPRI Fact Sheet May 2018: Trends in world military expenditure, 2017”, Report, Stockholm International Peace Research Institute, 2 May 2018
- Sylvia Pfeifer, “BAE ties up £5bn Qatar deal for Typhoon fighters”, Financial Times, 18 September 2018; “Italy's Leonardo wins key role in 3-billion-euro Qatar helicopter deal”, Reuters, 14 March 2018.
- “GCC arms race: Who sells to whom”, Al Jazeera, 16 April 2018; “UK arms exports to the UAE”, AOAV, 4 October 2018
- Kristina Kausch, “Cheap Havoc: How Cyber-Geopolitics Will Destabilize the Middle East”, Policy Brief, 35 (2017), The German Mashall Fund of the United States, November 2017
- Ibid.
- Steven Wright, “Why Qatar left OPEC”, Al Jazeera, 6 December 2018.
- Edward Chow and Andrew Stanley. "Russia and Saudi Arabia: A new oil bromance." Commentary, Center for Strategic and International Studies (2017).
- Cinzia Bianco. "Gulf Security after 2011: A Threat Analysis." Middle East Policy 25.2 (2018): 27-41.