تقارُب حماس وإيران: المكاسب والأثمان

فتحت الزيارة الأخيرة لقادة حماس إلى طهران الباب مُشرعًا لطرح جملة أسئلة حول هذه الزيارة، وهل اضطرَّت حماس أو إيران، أو كلتاهما معًا، أن تدفعا أثمانًا أو تقدما تنازلات لجَسْر الهُوَّة بينهما؟! تسعى هذه الورقة إلى رصد مآلات ونتائج الزيارة على مجمل العلاقة بين الجانبين.
17 ديسمبر 2014
201412179569705734_20.jpg
[الجزيرة]

 

ملخص

شكَّلت زيارة وفد حماس الأخيرة إلى إيران نتاجًا متوقَّعًا لجملة اتصالات ومشاورات جرت خلف الكواليس في النصف الثاني من العام الحالي، وزادت وتيرتها عقب حرب غزة الأخيرة؛ رغبة من الجانبين في ترميم ما تعثَّر من علاقات على خلفية الموقف من الثورة السورية.
وبات من الواضح أن هذه الزيارة، وما تلاها من شكرٍ صريح من حماس إلى إيران، تمثِّل انعطافة جادَّة وجدِّيَّة نحو بناء علاقة قوية هذه المرَّة، يأمل الجانبان أن تعود لسابق عهدها قبل الفصام النَّكِد أواخر 2012، رغم ما يسود بينهما من هواجس لم يُفصحا عنها؛ بسبب عدم اتفاقهما على معظم الملفات محل الخلاف.
لكن حاجة الجانبين لبعضهما -وإنْ بنسب متفاوتة- تجعلهما يقفزان عن القضايا الإشكالية، ويعملان على توثيق علاقتهما، رغم أن المأمول منها ليس بالحدِّ الأقصى الذي تسعى إليه حماس تحديدًا، لاسيما الدعم المالي والعسكري على إطلاقه، كما أن إيران ليست واثقة من أن هذه العلاقة قد تنجح في غسل أدران لحقت بها لدى الرأي العام الفلسطيني والعربي من جرَّاء تورُّطها في المستنقعين السوري والعراقي.

لم تأتِ الزيارة الرفيعة لقادة حماس إلى طهران يوم الاثنين 8 ديسمبر/كانون الأول 2014 مفاجئة لدى كثير من الأوساط السياسية، لاسيما وقد سبقها ترتيبات مكثفة، واجتماعات سرية، زادت وتيرتها بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة في صيف هذا العام.

لكن الزيارة الأخيرة ضمَّت وفدًا رفيع المستوى من قيادة حركة حماس بقيادة محمد نصر عضو المكتب السياسي، وأسامة حمدان المكلف بالشؤون الدولية، وممثل الحركة في إيران خالد القدومي، وضمت في عضويتها أيضًا ماهر عبيد وجمال عيسى، وقد التقى الوفد عددًا من القيادات الإيرانية، من أبرزها "علي لاريجاني" رئيس مجلس الشورى، والشخصية المقربة من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.

وتُعتبر هذه الزيارة الأولى منذ عام 2011، حين بدأ الخلاف بين الجانبين حول الملف السوري، ومن يومها لم تحصل زيارة رسمية بهذا الوزن، باستثناء بعض اللقاءات البعيدة عن وسائل الإعلام باتفاق الطرفين(1). على الرغم من أن التواصل لم ينقطع بين الجانبين، حماس وإيران؛ إذ استمرت اللقاءات، سواء في العاصمة اللبنانية بيروت أو طهران.

وفي الثاني والعشرين من مايو/أيار هذا العام زار مساعد وزير الخارجيَّة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في الدوحة، ووصف اللقاء بأنه جرى في أجواء إيجابية، وتمَّ التباحث فيه حول آخر تطوُّرات القضية الفلسطينية، وعلى رأسها المصالحة وأهميتها وضرورة إنجاحها واستمرارها، وحشد طاقات الأمَّة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ونأْي حماس بنفسها عن لعبة المحاور في المنطقة، وضرورة تجنُّب الاستقطابات العِرقية والطائفية والمذهبية(2).

لكن الزيارة الأخيرة لقادة حماس إلى طهران، والتي لم تستغرق أكثر من يومين، فتحت الباب مشرعًا لطرح جملة أسئلة حول مآلاتها ونتائجها، وما الذي دفع بها قدمًا لأن تحصل بعد كلِّ هذا التأجيل، وهل اضطرت حماس أو إيران، أو كلتاهما معًا، أن تدفعا أثمانًا، أو تقدما تنازلات لجَسْر الهُوَّة بينهما؟

ملفات الزيارة

في حين أن إيران لم تُخرج بيانًا رسميًّا عن الزيارة، فإن حماس وصفتها بالإيجابية، واعتبرت اللقاءات مع الإيرانيين "دافئة"، ولاقت فيها الحركة ترحابًا كبيرًا. وبعيدًا عن التفاصيل، اكتفى المتحدثون باسم حماس بإعطاء تصريحات مقتضبة عن عموميات الحوارات التي جمعتهم بنظرائهم الإيرانيين، خاصة بحث تطورات الأوضاع في القدس والمسجد الأقصى، وتداعيات حرب غزة صيف 2014، وإغلاق المعابر وتعطيل الإعمار، واستمرار الحصار على الشعب الفلسطيني في القطاع(3).

وقد لوحظ أن قادة حماس حاولوا التقليل من مفاجأة الزيارة التي قام بها وفد الحركة إلى طهران، باعتبار أن علاقة الجانبين "قديمة جديدة"، وتأتي انطلاقًا من مركزية القضية الفلسطينية، وواجب العرب والمسلمين لدعم فلسطين، ولا يمكن الحديث عن هذه الزيارة بعيدًا عن هذه السياقات؛ لأن ثوابت حماس تقضي بتوجيه كل الجهود نحو قضية فلسطين، وهنا تلتقي مصالحها مع "الدولة الإسلامية" في إيران(4).

ما لم تقله حماس أن الحوارات مع الإيرانيين تركزت حول جملة من المسائل، ترتكز أساسًا على استئناف الدعم المالي والعسكري للحركة التي تعاني ظروفًا غاية في القسوة، لاسيما في غزة، وهي بحاجة لمثل هذا الدعم الذي توقف كليًّا أو نسبيًّا خلال فترة البرود الأخيرة في العلاقات مع إيران. أما القضايا التي جرى النقاش بشأنها، وتناولتها الزيارة، فهي:

1- تجاوز الملف السوري

يدرك الجانبان؛ حماس وإيران، أن الزيارة الأخيرة، رغم أهميتها، لا تعني أنها تطوي الخلافات بينهما حول الملف السوري تحديدًا؛ فالمواقف تقريبًا على حالها لديهما من ذات المسألة، لكنهما قد يكونان في طريقهما لإدارة هذا الخلاف الذي طال أمده، وتضرَّرا منه معًا.

وهو ما دفع بمسارعة حماس للتأكيد على أن زيارتها لإيران، لا تعني أبدًا أنها تغيِّر من سياستها، أو تقوم بمراجعة خياراتها، أو مواقفها من قضايا المنطقة، أو أنها أخطأت، وتتراجع عن خطأ ما، أو تعتذر عن عمل أو موقف، بل إن مواقف حماس ثابتة من كل قضايا المنطقة، لكنها حريصة على توحيد جهد الأمة حول فلسطين(5).

لكن اللافت أنه بعد أيام قليلة على تجدد التقارب بين حماس وإيران، شنَّ الرئيس السوري بشار الأسد هجومًا قاسيًا على الحركة، واتهمها بالتورط المباشر في أحداث سوريا، والتواطؤ مع دول إقليمية(6).

هذا يعني أن الفيتو السوري على المصالحة الإيرانية مع حماس ما زال قائمًا؛ فقد رغبت دمشق بمعاقبة الحركة بصورة كاملة بسبب خروجها من سوريا في ذروة الثورة، وهنا يُطرح السؤال: هل اختلف الحليفان القريبان؛ سوريا وإيران، حول حماس؟ وإذا لم يكن الخلاف قويًّا إلى هذا الحد، فهل تفاهمت دمشق وطهران على حجم ومدى هذا التقارب مع حماس؟ وهل إيران المعروفة بسياستها "المواربة" قد تسعى لإصلاح ذات البين بين سوريا وحماس؟

يؤكد مسؤول في حماس، كان من ضمن الوفد الذي زار طهران، أن الإيرانيين لديهم تفهُّم حقيقي لعدم صحة الاتهامات حول تدخُّل حماس في الأحداث السورية، بل إن الحركة أسهمت بأدوار إيجابية في الملف السوري، دون الإفصاح عنها، وهو ما وفَّر أرضية جادة للقفز عن الخلاف القائم في هذا الملف، وبحث القضايا المشتركة(7).

الخلاصة في الملف السوري عقب زيارة حماس لإيران، ما أكدته أوساط مقربة منها حين قالت صراحة: إن الحركة قررت التعامل مع الآخرين بشكل أكبر من خلال المصالح، وعدم الالتفات للمواقف التقليدية التي تثار بين الشيعة والسنة، "فمن ينكر على حماس علاقتها مع إيران، يمارس الرذيلة السياسية من خلال تحالفه المعلن وغير المعلن مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني"(8).

وبالتالي، فمن الواضح أن الجانبين قرَّرا تجاوز الخلاف حول الملف السوري؛ تمهيدًا لإصلاح العلاقة بينهما، التي ساءت في مرحلة من المراحل، واتَّسمت بالتوتر؛ بسبب الموقف من عددٍ من القضايا، منها الثورة في سوريا، رغم ما قد يستجلب ذلك على حماس من ردود فعل سلبية في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي، الذي يتهم إيران بالاضطلاع بدور كبير في سفك دماء السوريين؛ ولذلك حرصت حماس على تأكيد أن وفدها خلال زيارته لطهران جدَّد موقفه من الأزمة السورية المتمثل بالوقوف مع مطالب الشعب السوري، وفي الوقت نفسه ضد التدخل الأجنبي في سوريا. وهناك الكثير من القواسم المشتركة التي اتفقت عليها حماس مع طهران في الملف السوري، ومن الممكن إعادة النظر والنقاش في تطورات الموضوع السوري، وأين وصلت الأمور فيه، مع وجود تقلبات خطيرة؛ للحيلولة دون أي تدخل عسكري أو سياسي لتمزيق الدولة السورية(9).

2- زيارة مشعل

كان واضحًا أن من الملفات المطروحة لدى وفد حماس الذي زار طهران ما يتعلق بالزيارة التي تأجلت كثيرًا لخالد مشعل، وقد أعلنت الحركة أن الأخير سيزور طهران قريبًا، والأمور في طور الترتيبات فقط، وهي موجودة على جدول أعمال الحركة في الوقت الراهن، والطرفان بانتظار تحديد الوقت المناسب كي تتم(10).

وربما يكون من نافلة القول: إن أيَّ تجدد حقيقي للعلاقات بين حماس وإيران لن يجد طريقه إلى حيز التنفيذ ما لم تتحقق زيارة مشعل، ليس هذا فقط، بل ولقاؤه بخامنئي من أجل إنجاح عملية ترميم العلاقات بين الجانبين، في ضوء الاتهامات الإيرانية والسورية لمشعل تحديدًا بأنه صاحب قرار الانفصال عن هذا المحور، حين قرر الخروج من سوريا أواخر 2012.

وقد شهدت الشهور الماضية تسريبات من حماس وإيران تفيد بتحديد مواعيد متفرقة لزيارة مشعل إلى طهران، حيث عرضت حماس القيام بالزيارة شرط لقاء المرشد، وعودة المساعدات الإيرانية للحركة كما كانت قبل بدء الأحداث السورية(11).

ذات المسؤول في حماس الذي زار طهران أكد أن الإيرانيين أبدوا ترحيبهم بزيارة مشعل إليهم؛ لأنها ستشكِّل صفحة جديدة في علاقات الجانبين؛ ولذلك فهي بحاجة لمزيد من الإنضاج على نارٍ هادئة؛ حتى تؤتي أُكُلها، وهذه الزيارة التي ستتم قريبًا كفيلة بحلِّ كثير من الإشكاليات، وإزالة الالتباسات التي تراكمت لدى الإيرانيين خلال الفترة الماضية، وقد يكون "أبو الوليد" الأكثر قدرة على توضيحها، وإزالتها.

الأجواء السائدة في حماس بعد الزيارة الأخيرة لوفدها القيادي، سواء في الدوحة أو غزة، تشير إلى تحقق مطالب حماس من زيارة مشعل؛ ما يعني أن الإيرانيين قد يكونون استجابوا لما تقدمت به الحركة حتى تتم الزيارة.

3- الدعم الإيراني

لا يخفى على أحد أن التوتر في العلاقات بين حماس وإيران تبِعه شبه توقف للدعم الإيراني للحركة، بشقَّيه: العسكري والمالي، وهو ما ألقى بظلاله السلبية على قدرة حماس في غزة تحديدًا على تسيير أمور حكومتها في القطاع المحاصر.
وقد كان معلومًا أن الحكومة الإيرانية زمن الرئيس السابق "أحمدي نجاد" وقفت بجانب حكومة حماس في غزة في السنوات الماضية، بين عامي 2006-2012، بما قدمت لها من مساعدات مالية، في الوقت الذي وقفت فيه الحكومات العربية موقف المتفرج، أو المشارك في حصار غزة(12).

ولذلك، اكتسبت زيارة وفد حماس الأخيرة إلى طهران أهمية في الوقت الذي يشتد فيه الحصار على قطاع غزة، وزيادة في الخنق الذي يمارَس عليه من إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبعض الجوار الإقليمي، ولم يكن مصادفة أن تتم الزيارة في الوقت الذي تنكرت فيه حكومة التوافق الوطني الفلسطينية للموظفين في قطاع غزة، وبات القطاع يعيش ظروفًا غاية في القسوة.

وقد أعلنت حماس صراحة أن زيارتها لإيران تأتي في سياق رؤيتها لضرورة حشد طاقات وإمكانات الأمة الإسلامية لـ"دعم" الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة ومقاومته البطولية، وهي معنية بتعزيز علاقاتها التاريخية مع إيران، وهذا ينبع من إدراك عميق لدى الطرفين حول أهمية التواصل والعمل الجادِّ؛ لتجاوز الظروف الحساسة والدقيقة، التي تمر بها الأمة والمنطقة بما يخدم القضية الفلسطينية(13).

أما على صعيد الدعم العسكري، فقد كان لافتًا أن يوجِّه الجناح العسكري لحماس؛ كتائب القسام، خلال احتفال حماس بذكرى انطلاقتها، شكره الواضح بالفم الملآن للدعم الإيراني بالمال والسلاح و"أشياء أخرى"(14).
اللافت أن شكر حماس لإيران أتى في الوقت الذي حرصت فيه الحركة خلال الحرب الأخيرة في غزة على أن تعلن أكثر من مرة أن السلاح الذي حاربت به الجيش الإسرائيلي كان محليًّا بحتًا كُتب عليه: "صُنع في غزة"، وهو دليل واضح على أن إيران أوقفت إمداد كتائب القسام بالسلاح، كما جرت العادة منذ عقد من الزمن، فما الذي تغير؟

والسؤال المطروح هنا: ما إذا كانت إيران استأنفت الدعم العسكري والمالي لحماس فعليًّا تمهيدًا للزيارة الأخيرة، وبالتالي جاء الشكر على ما وصل، أم أن هذا الشكر المسبق قد يكون اشتراطًا إيرانيًّا لاستئناف الدعم؟

لا توجد إجابات دقيقة حول هذا السؤال، لكن حماس نوَّهت في غير مناسبة إلى أهمية دعم إيران للمقاومة، وفي الوقت نفسه قلَّلت من أهمية الحديث عن توقف هذا الدعم؛ لأن الحركة لم تكن معنية يومًا بالكشف عن آلية وتفاصيل المساعدات التي تتلقاها من أية جهة، أو عن طبيعة العلاقة بينها وبين الأطراف التي تتعامل معها.

وأشارت حماس إلى أن الموقف الإيراني هو الأكثر إيجابية في تفهُّم الحقوق الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، وقد قدمت طهران مساعدات لوجستية مهمة لفصائل المقاومة، وعلى رأسها حماس، وهو أمر لا تنكره الحركة(15).

من الواضح أن الذراع العسكرية في حماس لديها رغبة جادَّة باستعادة العلاقة الوثيقة مع إيران، وهناك من يقول: إن علاقتها بها لم تنقطع من الأساس، بعكس ما حصل من شبه قطيعة على المستوى السياسي.

4- الوضع الإقليمي

ومن المهم الإشارة إلى أن التقارب بين حماس وإيران جاء ضمن تطورات إقليمية متلاحقة، بحثها الوفد الزائر من حماس إلى طهران، ويمكن قراءتها في العناوين التالية:

  • التهدئة الهشَّة التي تسود غزة مع إسرائيل، عقب انتهاء الحرب الأخيرة، وتحذيرات حماس المتزايدة من إمكانية انفجار الموقف مجددًا في القطاع إن لم يتم رفع الحصار وفتح المعابر وإعادة الإعمار.
  • تصاعد الحرب التي تشنُّها مصر على حماس، سياسيًّا وعسكريًّا عبر المنطقة العازلة على حدود غزة.
  • المصالحة الخليجية التي تمت مؤخَّرًا، ودار الحديث حول أنها قد تكون على حساب الإسلاميين، وخرجت تسريبات تقول بإمكانية مغادرة قادة حماس للدوحة، وهو ما نفاه الجانبان.
  • قناعات حماس المتزايدة أن تركيا -أرضًا وقيادة- رغم علاقتهما الوثيقة، لا تستطيع احتمال قيام الحركة بأنشطة عسكرية مسلحة، بعد الاتهامات الإسرائيلية الأخيرة لأنقرة بإيواء قادة عسكريين من حماس.
  • تشكيل التحالف الدولي للحرب ضد تنظيم الدولة، وإعلان وزير الخارجية الأميركي "جون كيري" عن وجود استعداد لتحالف دول عربية مع إسرائيل من أجل القضاء على حماس(16).
  • الاتفاق الإيراني-الغربي الأخير حول تأجيل المفاوضات في البرنامج النووي، وتقارب طهران وواشنطن في الحرب على تنظيم الدولة.
  • التقلبات الخطيرة المتعلقة بتعثُّر الربيع العربي، والإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر، والانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وترنُّح الثورة السورية وتشرذم ثوارها بين تنظيم الدولة والجيش الحر وقوى أخرى، وتبعثر أوراق الربيع العربي اليافعة في ليبيا وتونس واليمن.

    ولئن لم تعلن حماس رسميًّا أن هذه أسباب أسهمت في دفعها باتجاه استدراك أن تكون جزءًا من الحراك الإقليمي الحاصل في المنطقة، لكنها عوامل سرَّعت عودتها للإقليم من البوابة الإيرانية، وقد أعلنت الحركة أنها معنية بالدور الإيراني كدولة محورية في المنطقة، كعنايتها بكل أطياف الأمة وتفاصيلها، بمعزل عن أي خلاف حول المسائل الأخرى.
    أخيرًا، تبدو حماس هذه المرة جادَّة في تسخين خط العلاقات مع إيران بعد مدٍّ وجزْر فيها استمر ثلاث سنوات، في ضوء العوامل السابقة، الذاتية والموضوعية، الداخلية والخارجية، ولعلَّ هذه الرغبة متوفرة لدى إيران أيضًا؛ لرغبتها باستعادة بعض من زخم فقدته بعد تورطها الكارثي في الدم السوري والعراقي، وليس لها من بوابة أفضل ولا أوسع من القضية الفلسطينية من خلال حماس.
    ___________________________________________
    *د. عدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة-غزة.

الهوامش والمصادر
1) حرصت حماس وإيران على عدم قطع "شعرة معاوية" في علاقاتهما رغم الاختلاف حول سوريا؛ ولذلك حصلت زيارات بمستويات منخفضة من الحركة إلى طهران دون أن تحظى بتغطية إعلامية، كان آخرها في مايو/أيار 2014. انظر: قناة الميادين: وفد من حماس زار طهران وبحث التعاون من أجل دعم المقاومة، موقع مركز الزيتونة للدراسات، 23 مايو/أيار 2014:
http://www.alzaytouna.net/permalink/68260.html
2) حماس تنشر فحوى لقاء مشعل مع عبد اللهيان، جريدة فلسطين، 25 مايو/أيار 2014: http://safa.ps/details/news/129302/%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%AA%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D9%81%D8%AD%D9%88%D9%89-%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%B4%D8%B9%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%A7%D9%86.html
3) حماس تكشف تفاصيل زيارة وفدها لإيران، جريدة الرسالة، غزة، 9 ديسمبر/كانون الأول 2014: http://alresalah.ps/ar/index.php?act=post&id=104906
4) كشف مغزى زيارة حماس لإيران، دنيا الوطن، 9 ديسمبر/كانون الأول 2014:
http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2014/12/09/631064.html
5) علاقة حماس وطهران لم تنقطع، المركز الفلسطيني للإعلام، 10 ديسمبر/كانون الأول 2014:
https://www.palinfo.com/site/pic/newsdetails.aspx?itemid=167906
6) الأسد يشرح أسباب القطيعة مع حماس، 15 ديسمبر/كانون الأول 2014:
http://www.shaamtimes.net/news-details.php?id=19596
7) جاء ذلك خلال حوار أجراه كاتب السطور مع أحد أعضاء وفد حماس الذي زار طهران، وفضَّل عدم الكشف عن هويته.
8) يوسف رزقة، المستشار السياسي لإسماعيل هنية، زعيم حماس في غزة، وكالة أنباء فارس، 13 ديسمبر/كانون الأول 2014:
http://arabic.farsnews.com/NewsText.aspx?nn=13930922000395
9) غازي حمد، وكيل وزارة الخارجية في حكومة حماس بغزة، 10 ديسمبر/كانون الأول 2014:
http://www.noqta.info/page-78204-ar.html
10) خالد مشعل يزور إيران قريبًا، 11 ديسمبر/كانون الأول 2014: http://www.almaalomah.com/news/5526 /
11) زيارة خالد مشعل المؤجلة إلى طهران، 13 مايو/أيار 2014.
http://quds-news.com/ar/contents/808.html
12) زيارة ترميم وتجديد، موقع فلسطين اليوم، 13 ديسمبر/كانون الأول 2014: http://paltoday.ps/ar/index.php?ajax=preview&id=223491
13) حماس: نسعى لتعزيز علاقاتنا التاريخية مع إيران، المركز الفلسطيني للإعلام، 9 ديسمبر/كانون الأول 2014 http://www.alzaytouna.net/permalink/83979.html
14) القسام يشكر إيران، صحيفة الاستقلال، 14 ديسمبر/كانون الأول 2014: http://alestqlal.com/ar/index.php?act=Show&id=29637
15) صحيفة الرسالة، 9 ديسمبر/كانون الأول 2014: http://alresalah.ps/ar/index.php?act=post&id=104906
16) كيري: دول عربية مستعدة للتحالف مع إسرائيل ضد حماس، الجزيرة نت، 8 ديسمبر/كانون الأول 2014: http://www.aljazeera.net/news/international/2014/12/8/%D9%83%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%B6%D8%AF-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3

نبذة عن الكاتب