صراع الإرادات السعودي-الإيراني في منطقة الساحل وغرب إفريقيا

يتناول الباحث دكتور الحسين الشيخ العلوي في هذا المقال صراعَ الإرادات القائمَ في القارة الإفريقية بين السعودية وإيران، وهو صراعٌ وإن كانت خيوطه خفيةً إلا أن مؤشراتِه بدأت تلوح في الأفق بشكل سيجعل بعض مناطق هذه القارة مسرحا لتنافس بين محوري الرياض وطهران.
20151119103339513734_20.jpg
هل ستصبح القارة الإفريقية ساحة من ساحات التنافس السعودي الإيراني؟ (الجزيرة)
ملخص
النفوذ السعودي في إفريقيا كان في بدايته بدوافع دينية أكثر منها سياسية فقد انصب الاهتمام السعودي أولا على الجوانب الدعوية والتربوية في أوساط الأفارقة المسلمين الذين يشكِّلون أغلبية في منطقة الساحل وغرب القارة ويتبعون المذهب المالكي. غير أن الطابع الصوفي الطاغي على مسلمي إفريقيا حيث إن 78% منهم من مريدي الطرق الصوفية جعل المد الثقافي السعودي ذا الخلفية السلفية لا يجد الأرضية الملائمة في الأوساط الإفريقية. فهنالك خلافات مبدئية بين المدرستين الصوفية والسلفية كما هو معروف. لقد بات الإفريقي المسلم يرى في المقامات وأضرحة الأولياء جزءًا أصيلًا من موروثه الديني وهو ما يجعل في طرف النقيض مع الرؤية السلفية. وهذا المكوِّن استغلته وإيران عند تعاملهما مع مسلمي القارة؛ فلم تعادِ التصوف الإفريقي بل تعاونت معه مما سمح لها بالتغلغل بين بعض شرائح المسلمين في غرب القارة. وقد سعت إيران إلى بسط نفوذها في القارة الإفريقية إدراكًا منها لأهمية القارة بالنسبة للجوار العربي من جهة ومن جهة أخرى للدور المهم المتوقع أن تلعبه القارة فيما يخص الطاقة في المستقبل، مما جعل التشيع يطال العديد من مناطق إفريقيا. ويرى كاتب المقال أن هنالك مؤشرات توحي بأن السعودية بدأت تطور وتغير سياستها تجاه إفريقيا خصوصا وأن الفراغ الذي ملأته إيران في القرة الإفريقية بعد مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي، والذي كان في بعضه على حساب السعودية قد جعل هذه الأخيرة بحاجة إلى تطوير سياستها الإفريقية.

تمثِّل منطقة غرب إفريقيا ثقلًا سكانيًّا كبيرًا يزيد على 300 مليون نسمة، ويمثِّل أكبر كتلة إسلامية في القارة الإفريقية، فالإسلام هو دين أغلبية السكان. منطقة غرب إفريقيا تمثِّل إقليما شاسعًا يمتد جغرافيًّا من السنغال غربًا وحتى تشاد شرقًا، ومن موريتانيا شمالًا وحتى نيجيريا، وتشمل هذه المنطقة 17 دولة.

صراع الإرادات في منطقة الساحل الإفريقي وغرب القارة عرف أطوارًا عديدة كان أبطالها قوى إقليمية قارِّية وعربية ودولية عديدة طيلة الفترة التي أعقبت انحسار موجة الاستعمار عن القارة وبروز الدول والكيانات المستقلة في إفريقيا، إلا أن هذا الصراع انحصر في العقود الأخيرة بين سبع دول، هي: المغرب والجزائر وليبيا والصين وإسرائيل والسعودية وإيران، وصل فيه الأمر بين الأخيرتين حدَّ المقارعة غير العسكرية على أكثر من صعيد، تُوِّجت بنجاحات باهرة للقوة الناعمة الإيرانية على حساب المملكة العربية السعودية خلال العقود الثلاث الأخيرة عبر تحويل 7 ملايين مسلم في منطقة الساحل وغرب القارة من المذهب السنِّي المالكي إلى المذهب الشيعي الاثني عشري، إلا أن السياسات السعودية منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز لزمام الأمور تشي بدرجات متقدمة من المقارعة يُتوقَّع لها أن تطيح بالجزء الأهم من الإمبراطورية الإيرانية الخفية في غرب إفريقيا.

جذور نشأة صراع القوي الإقليمية في المنطقة

لعبت الدبلوماسية الموريتانية النشطة(1) في أواخر ستينات ومطلع سبعينات القرن المنصرم دورًا محوريًّا في توطيد أركان النفوذ السعودي بمنطقة الساحل الإفريقي وغرب القارة عبر توظيف المكانة التي احتلتها الدبلوماسية الموريتانية في تلك الحقبة لدى دول الجوار الإفريقي جنوبًا وشرقًا. وهو ذات الدور الذي لعبه الأسلاف الشناقطة كأبرز دعاة القارة الإفريقية الذين أوصلوا الدين الإسلامي إلى مجاهل وأدغال التخوم القصيَّة للقارة السمراء. وظلَّ الدعاة الشناقطة وحتى الحرب العالمية الثانية أبرز حمَلَة الدعوة الإسلامية في المنطقة.

ولأن الانتشار والنفوذ السعوديين في تلك الحقبة كانت تحركهما دوافع دينية أكثر منها سياسية فقد انصبَّ الاهتمام السعودي في تلك الفترة على نشر التوجه السلفي تحديدًا في أوساط الأفارقة المسلمين الذين يشكِّلون أغلبية في منطقة الساحل وغرب القارة ويتبعون المذهب المالكي.

يتبع 78% من مسلمي غرب إفريقيا ومنطقة الساحل الطرق الصوفية المنتشرة عندهم هناك والقادمة في معظمها من الدول العربية في شمال إفريقيا (المغرب وموريتانيا والجزائر)، الحواضن الطبيعة للموروث الإسلامي للأفارقة، وغدت الطرق الصوفية مع الوقت مرجعية دينية ودنيوية إلى حدِّ أن بعض الطرق الصوفية في بعض دول غرب ووسط القارة أصبح مؤسسات اجتماعية ودينية ذات حضور وسطوة في الشأن السياسي! وقاومت الطرق الصوفية الاستعمار الفرنسي بضراوة في مطلع القرن العشرين. يوجد في إفريقيا العشرات من الطرق الصوفية أهمها ثماني طرق يتراوح مريدوها من بضعة ملايين إلى ما فوق مئة المليون من الأتباع.

أحد أهم أسباب انحسار المدِّ السلفي في إفريقيا هو الصدام المبكر بين الطرق الصوفية والسلفية الذي حارب التصوف بضراوة وأغلظ فيه القول ويتذكر الكثيرون أنه في مطلع ثمانينات القرن المنصرم قامت احتجاجات في العديد من دول غرب إفريقيا حول مناهج المعاهد الإسلامية التي أقامتها المملكة العربية السعودية في تلك الدول والتابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود نظرًا لاحتواء تلك المناهج على كلام يمس بالحركات والطرق الصوفية التي هي عماد الإسلام في إفريقيا.

الطرق الصوفية وما يترتب عليها من ظاهرة المقامات وأضرحة الأولياء الصالحين أضحت جزءًا أصيلًا من الميراث والمكوِّن الديني للمسلم الإفريقي ويصعب تجاوزها وبالأحرى محاربتها، وقد قرَّ في قلب المسلم في منطقة الساحل وغرب إفريقيا أن هذا هو الإسلام وأي شكل مغاير بالنسبة له دخيل وغير مقبول وسيجد استماتة في الدفاع عن هذه المعتقدات التي في غالبيتها تفريعات محلية إفريقية للإسلام الإفريقي.

هذا المكوِّن الذي يُعتبر جزءًا أصيلًا في عقلية ووجدان الإنسان الإفريقي المسلم هو ما أدركه كل من ليبيا وإيران عند تعاملهما مع مسلمي القارة؛ فإيران لم تعادِ التصوف في القارة وفي ذات الوقت لم تدعمه لكنها تعاونت مع الطرق الصوفية ورموزها في تحقيق مراميها والتغلغل بين شرائح المسلمين في غرب القارة، هذا التعاون هو ما جعل تلك الطرق تغضُّ الطرف عن مساعي إيران للانتشار قبل أن تدرك تلك الطرق الصوفية مؤخرًا الخطر الشيعي الداهم الذي أصبح يهددها في عقر دارها وبين مريديها. أمَّا ليبيا فقد ذهبت أبعد مما فعلته إيران حيث احتضنت الطرق الصوفية ودعمتها وخصصت ميزانية ثابتة لرموزها الذين أضحوا ضيوف شرف دائمين على طرابلس حيث يحظون بالتبجيل والتوقير وحفاوة الاستقبال، وفي هذا الصدد يُلاحَظ أن القذافي كان يحتفي برموز الطرق الصوفية وبالسلاطين والملوك المحليين الأفارقة أكثر مما يفعل مع رؤساء الدول الإفريقية (باستثناء نيلسون مانديلا "ماديبا").

مع تصاعد وتيرة القتال في أفغانستان بين المجاهدين الذين تدعمهم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ضد النفوذ والتواجد السوفيتي، تزايَدَ وتنامى العداء بين دعاة السلفية من السعوديين وغيرهم مع الطرق الصوفية في منطقة الساحل وغرب إفريقيا؛ الشيء الذي جعل المملكة تتجه أكثر شرقًا ويتقلص نفوذها غربًا شيئًا فشيئًا حتى كاد يختفي في المنطقة. بالمقابل، كان النفوذ الإيراني والليبي يتعززان بالتوازي دون تصادم بينهما!

التمدد الشيعي الإيراني في منطقة الساحل وغرب إفريقيا

يرجع الحضور الإيراني في القارة الإفريقية إلى بداية الستينات من القرن العشرين، وذلك مع ظهور كيانات الدول الإفريقية المستقلة حديثًا، من خلال العلاقات الدبلوماسية بينها وبين إيران الشاهنشاهية، في تلك الفترة لم تكن لدى إيران طموحات توسعية، تتجاوز الحدود الجغرافية لمنطقتها، بل كانت إيران إبَّان الحرب الباردة محسوبة على المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. إلا أنه مع قيام الثورة الإسلامية في إيران (1979) وبروز مشروع الخميني الداعي لتصدير الثورة، توجهت أنظار الإيرانيين إلى إفريقيا، باعتبارها مجالًا لنشر الأفكار ومقارعة الخصم السنِّي. وقد استطاعت إيران طيلة ثلاثين سنة من العمل الدؤوب والمنظَّم، من خلال المنظمات والهيئات الأهلية، والمراكز الثقافية، والمشاريع الاقتصادية، والعمل الدبلوماسي، والإعلامي، خلق حواضن وجيوب للفكر الشيعي الاثني عشري في منطقة غرب إفريقيا تتفاوت في قوتها من دولة إلى أخرى.

يمتلك معظم دول المنطقة مخزونات ضخمة من الثروات التعدينية، مثل: الغاز والنفط والذهب والكوبالت والحديد والنحاس والماس والبلاتين واليورانيوم والفوسفات والمنجنيز، فضلًا عن وجود أكبر نطاق صحراوي بالعالم يؤهِّل المنطقة لأن تكون مصدرًا هائلًا للطاقة المستقبلية النظيفة، هذا بالإضافة إلى الأنهار جنوبًا والغابات الدغلية. إلا أن عجز دول المنطقة عن استغلال خاماتها وارتفاع معدلات الفقر بها كان البوابة التي ولجت من خلالها إيران إلى المنطقة. فقد استغلت إيران ببراعة حاجة دول المنطقة للاستثمارات الأجنبية نظرًا لعجز معظم تلك الدول عن استغلال خاماتها فأقامت إيران مئات المشاريع الاقتصادية الكبرى بدول السنغال وغامبيا ومالي وسيراليون وبنين ونيجيريا وغانا وكوت ديفوار وآلاف المشاريع الصغيرة والمتوسطة في ذات الدول بالإضافة إلى النيجر وتشاد وبوركينافاسو وليبيريا وغينيا، وبدرجة أقل في موريتانيا!

وخلال عقدين من الزمن تعاقب رؤساء إيران الثلاث (رفسنجاني وخاتمي وأحمدي نجاد) على القيام بزيارات متتالية رفيعة المستوى وبوفود كبيرة إلى هذه الدول وإبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية المشتركة بين هذه الدول وإيران، هذا التوجه الذي برعت فيه إيران حقَّق لها مكاسب عديدة، أبرزها:

  1. ساعد على فكِّ العزلة التي كان يفرضها المجتمع الدولي على إيران جرَّاء برنامجها النووي.
  2. فتح أسواقًا جديدة للصناعات الإيرانية غير القادرة على المنافسة دوليًّا.
  3. حققت إيران عائدات بعشرات مليارات الدولارات جرَّاء هذه المشاريع المشتركة وعبر المصافي التي أنشأتها إيران في بعض هذه الدول لتكرير النفط الإيراني. 
  4. بيع النفط الإيراني الذي يعاني من الحظر والحصار في الأسواق العالمية.
  5. نشر التشيع تحت غطاء من هذه المشاريع والعلاقات الاقتصادية المميزة.
  6. الحصول على المواد الخام وبأسعار تفاضلية، ولاسيما خام اليورانيوم.

وقد سعت إيران إلى بسط نفوذها في القارة الإفريقية إدراكًا منها لأهمية القارة بالنسبة للجوار العربي من جهة ومن جهة أخرى للدور المهم المتوقع أن تلعبه القارة فيما يخص الطاقة في المستقبل وإلى كون القارة الإفريقية تعد المخزون الغذائي العالمي المجنَّب إلى حين، وقد ساعد إيران في ذلك:

  • انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية. 
  • انتشار الحركات الصوفية في شمال وغرب ووسط وشرق القارة.
  • أحداث 11 سبتمبر/أيلول وما تلاها من تضييق على الإسلام السنِّي. 
  • تراجع الاهتمام العربي بالقارة الإفريقية. 
  • وجود جالية لبنانية كبيرة بدول غرب القارة تتحكم بمفاصل اقتصاديات دول إفريقية كثيرة.
  • انحسار دور الأزهر بالقارة الإفريقية.
  • تنامي ظاهرة الغلو والتطرف الديني لدى الجماعات الجهادية السنِّية. 
  • حرب إسرائيل على لبنان 2006 التي صنعت كاريزما خاصة بزعيم حزب الله اللبنـاني (حسن نصر الله) كشخصية أسطورية ثورية تجسِّد التمرد الشيعي مقابل الخنوع السلفي -في نظر الشيعة- في الدول السنِّية.

وقد سوَّقت إيران نفسها وبسطت نفوذها بالقارة الإفريقية من بوابة التشيع الذي مكَّنها من تحويل 7 ملايين مسلم سنِّي على مذهب الإمام مالك إلى شيعة في غرب القارة(2). وفي سبيل تحقيق هذا المسعى استخدمت إيران ترسانة دعائية ضخمة وصرفت عشرات المليارات من الدولارات ووظَّفت جيشًا من الدعاة والخبراء والمستشارين والتجار زاد على ثلاثين ألف شخص إيراني ومن جنسيات أخرى أغلبهم لبنانيون. ولتحقيق هذه الغاية استلمت الحكومة الإيرانية: 

  • دراسة مكوَّنة من 1132 صفحة أعدها الشيخ محمود عبد الله إبراهيم، زعيم الطائفة الشيعية في دولة جزر القمر(3)، مع مسؤولين في الحوزة العلمية في قم (حول آليات نشر المذهب الشيعي الاثني عشري في القارة الإفريقية).
  • دراسة أعدها مكتب جاكوبس العالمي للاستشارات (تناولت سبل وآليات الانتشار الاقتصادي في إفريقيا).

وعلى ضوء هاتين الدراستين قامت إيران بوضع خطة عمل مكونة من ثلاث مراحل تضمن لها تحقيق نفوذ في المنطقة وتحويل مسلميها إلى شيعة:

  1. المرحلة الأولى (1989-1995): قامت خلالها إيران بحصر نشاطها في غرب القارة في إقامة المشاريع الخيرية في حقلين مهمين، هما: الصحة والتعليم؛ حيث عملت إيران طيلة 6 سنوات على بناء 68 وحدة صحية تراوحت بين مستشفى ومستوصف ومركز رعاية صحية في دول غرب إفريقيا، كما أنشأت في هذه الدول 92 مؤسسة تعليمية من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية.
  2. المرحلة الثانية (1995-2000): خلال هذه المرحلة قامت إيران بدعم 8673 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا عن طريق تقديم هِبَات وقروض ميسرة دون فوائد استفاد منها 130095 فردًا في هذه الدول، تشيَّع منهم 87305 أفراد، أي ما يزيد قليلًا على 67% منهم(4).
  3. المرحلة الثالثة (2000-حتى الآن): الدخول في مشاريع استثمارية مشتركة عملاقة مع القطاع العام في هذه الدول أو القطاع الخاص، معظم هذه المشاريع العملاقة تركَّز في 5 دول رئيسية، هي: نيجيريا التي أصبح بها أكبر عدد من الشيعة الأفارقة (5 ملايين من أصل 7 ملايين إفريقي شيعي، أي حوالي 71% من شيعة إفريقيا)، وغانا وبنين والنيجر؛ حيث يوجد بهذه الدول الثلاث احتياطيات ضخمة من اليورانيوم، والسنغال التي تعد الواجهة الدبلوماسية لإيران في إفريقيا الغربية والتي استطاعت إيران تحويل نصف مليون من مسلميها إلى شيعة(5).

خلال هذه المراحل الثلاث كان النشاط الدعوي يسير على قدم وساق دون هوادة عبر رجال الأعمال الشيعة من الجالية اللبنانية التي تُقدَّر بــ 213674 مهاجرًا لبنانيًّا نسبة الشيعة فيهم 58%، أمَّا الأطر الفرانكفونية من خارج الجالية اللبنانية فقد كانوا من شيعة تونس.

ولعبت البعثات الدبلوماسية الإيرانية دورًا محوريًّا في إقامة شبكة علاقات عامة مع النافذين ورجالات المجتمع المدني والطيف السياسي، وكان لبعض رجال الأعمال اللبنانيين دور خفي مع رجال الجريمة المنظمة في تهريب الماس والسلاح من وإلى دول المنطقة. وأقامت إيران علاقات متميزة مع الدول المحورية في المنطقة وعلى رأسها السنغال التي توليها السياسة الخارجية الإيرانية اهتمامًا خاصًّا نظرًا لريادتها في منطقة غرب إفريقيا ولأنها الدولة الأكثر استقرارًا بالإقليم والأكثر تمدرسًا؛ حيث بها أعلى نسبة حَمَلة شهادات عليا بالإقليم وبالقارة.

وقد سعت إيران، وبشتى الطرق، إلى نشر مذهب التشيع الاثني عشري في القارة الإفريقية ولاسيما في غربها مستغلة ظروف الجهل والفقر وحب أبناء إفريقيا للإسلام عامَّة وأهل البيت خاصة، في ترغيب أبناء السنة في التشيع ببناء الجامعات والمدارس والمستشفيات والمساجد والمؤسسات والمكاتب والمكتبات والحسينيات وقاعات إقامة الشعائر والاحتفالات إلى غيرها من وسائل التأليف والتشجيع بهدف زرع التشيع بين أبناء السنَّة وحصد أكبر ما يمكن من المستبصرين(6) والمنضمين إلى صفوف الشيعة كالتبرع بابتعاث أبناء السنَّة المغلقة الأبواب أمامهم إلى أرقى الجامعات الشيعية في جميع أنحاء العالم بدعم ورعاية من إيران دولة الإسلام والمسلمين ومشعلة النور في القارة الإفريقية كما يحلو للبعض تسميتها في إفريقيا! حتى بلغ عدد المتشيعين حاليًا 7 ملايين شيعي في غرب إفريقيا، قرابة 5 ملايين منهم في نيجيريا وحدها التي أضحت مركز التشيع في إفريقيا مع العلم بأن معظم دول غرب إفريقيا لم يعرف التشيع إلا مؤخرًا.

وهكذا، يبدو أن مسعى إيران إلى تطويق الدول العربية بحزام شيعي يشكِّل الخاصرة العربية الرخوة قد قطع أشواطًا كبيرة في غياب استراتيجية عربية موحدة للوقوف في وجه تمدد وانتشار النفوذ الإيراني في دول الجوار العربي التي ظلَّت وحتى وقت قريب منطقة نفوذ تقليدية للجوار العربي.

صراع الإرادات في المنطقة

عرفت المنطقة صراعًا وتنافسًا كبيرين بين اللاعبين الإقليميين والدوليين في المنطقة نظرًا لأهمية المنطقة من ناحية الموارد الطبيعية ولموقعها الجيوبولوتيكي المهم ولضلوع المنطقة في الحرب الكونية على الإرهاب. وتمخضت تمظهرات هذا التنافس عن المخرجات التالية:

  • شل التنافس بين الجارتين اللدودين المغرب والجزائر، الدولتين عن تحقيق مكانة معتبرة في الإقليم لاعتبارات عديدة قد يأتي تفصيلها في تقرير قادم، إلا أن الملاحظ أن المغرب بدأ يستعيد الكثير مما فقده من نفوذ في الإقليم إثر اختفاء الزعيم الليبي الراحل. في حين ما زالت السياسات واستراتيجيات الجزائر حيال دول الإقليم تتسم بعدم وضوح الرؤية والارتجال! 
  • تركيز الصين على الجانب الاقتصادي في علاقاتها مع الدول الإفريقية وابتعادها عن وحل ومستنقع السياسة جنَّبها الكثير من المنزلقات وجعلها صديقة للجميع، الحكومات المتعاقبة والشعوب على حدٍّ سواء وحاليًا تعتبر الصين الشريك الاقتصادي الأول للقارة السمراء دون منازع.
  • تزايد النفوذ التركي بشكل مطَّرد عبر البوابتين: نواكشوط وداكار منذ قرابة العقد من الزمن.
  • تراجع أو تواري النفوذ الإسرائيلي الذي لا شك أنه ما زالت له بقية وخاصة في أوساط صنع القرار والنخبة الفرانكفونية.
  • عودة النفوذ الفرنسي من خلال البوابة العسكرية بعد عملية "سرفال" في شمال وشرق مالي.
  • التواجد الكثيف لأجهزة الاستخبارات الغربية بعد أن أضحى معظم دول الإقليم مرتعًا وحاضنة للتطرف والإرهاب العابر للقارات، ولا سيما بعد انهيار الدولة الليبية إثر سقوط نظام القذافي.

ومع ذلك، كان أبرز اللاعبين الإقليميين، الذي حظي بنفوذ منقطع النظير وكان بحق جوكر المنطقة والإقليم، الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي عرفت إيران كيف تستفيد جيدًا من نفوذه غير المحدود في توطيد أركان إمبراطورتها الخفية. يخطئ من يظن أن النفوذ الليبي في إفريقيا وُجد بقوة المال وسياسة شراء الذمم فقط، بل إن تلك الإجراءات عزَّزته في المناطق الحضرية وفي الحواضر والمدن الكبيرة في حين أن التغلغل في المجتمعات المحلية التي تعتبر منابع القوة الانتخابية وإيجاد نفوذ دائم فيها تم عبر جهد طويل وعمل مضنٍ أسفر عن شبكة علاقات متداخلة مع زعماء القبائل والشيوخ والأعيان المحليين ورجال دين مسلمين ومسيحيين وملوك تقليديين وسلاطين محليين والذين يمتد نفوذهم إلى عدة دول مجاورة والذين تخطب ودَّهم كافة الحكومات المتعاقبة بل إن لبعضهم دورًا في التعيينات الوزارية والتشكيلات الحكومية في دولهم.

وكان الراحل معمر القذافي يصنِّف الدول الإفريقية إلى ثلاث فئات ويتعامل بشكل مختلف مع كل فئة.

الفئة الأولى (الدول الطيعة): وتضم الدول الأكثر فقرًا في القارة والتي يستشري فيها الفساد وتضم معظم دول غرب ووسط إفريقيا وبعضًا من دول شرق القارة والجزر الإفريقية التي تتبع القارة. تغلغلت ليبيا في هذه الدول عبر سياسة شراء الذمم حيث كانت العمولات والهبات تُدفع نقدًا إلى رأس الهرم السياسي والوزراء والأعيان ورجالات الدولة وزوجاتهم وعرفت طرابلس رحلات مكوكية لطائرات خاصة تطير محمَّلة بحقائب مليئة بالنقد الأجنبي إلى هؤلاء؛ حيث كانت ليبيا في تعاملاتها المالية هذه تتجنَّب التحويلات المصرفية ومعظم قادة هذه الدول كانوا بمثابة موظفين لدى القذافي بمرتبة رئيس جمهورية ووزراء، ومع هؤلاء كان القذافي لا يُظهر الاحترام المتعارف عليه ولا يتبع الأعراف والبروتوكولات الدبلوماسية المتبعة لدى استقبالهم حيث يرسل وزراء لاستقبال رؤساء هذه الدول ويتعمَّد تركهم ينتظرون ويتأخَّر عادة عن الموعد عند الاجتماع بهم، بل لوحظ في أكثر من قمة إفريقية تطاوله عليهم وإذلالهم عندما يتكلم نيابة عنهم وكأنه يصدر لهم أوامر. وكان معظم هؤلاء الرؤساء يخشون ويهابون القذافي لإدراكهم أن من يتذمر من هذه المعاملة أو يحاول الخروج عن السياق أو يُعلن قدرًا من الاستقلالية سيدبِّر له القذافي انقلابًا عسكريًّا يطيح به أو يدعم خصمه في الانتخابات الرئاسية! في هذه الدول تغلغل الجهاز الاستخباراتي الليبي في صفوف مؤسسة الجيش وفي مؤسسات المجتمع المدني، معظم هذه الدول كان دائمًا مع رأي ليبيا الرسمي في المحافل الدولية.

الفئة الثانية (الدول النظامية): وهذه الفئة تضم الدول المدنية ذات مؤسسات مجتمع مدني قارٍّ وتمتاز بقدر من الاستقرار وتجربة ديمقراطية معقولة وقدر أقل من الفساد. هذه الدول خلقت فيها ليبيا منطقة نفوذ عبر المساهمة في مشاريع البنية التحتية وبشكل أكثر من دول الفئة الأولى، كما أن حجم الاستثمار بها لافت، ومارست ليبيا ضغطًا متزايدًا على حكومات هذه الدول من خلال تغلغلها في النسيج الاجتماعي لهذه الدول عن طريق السلاطين والملوك التقليديين وشيوخ القبائل ذوي النفوذ الكبير في البلاد، كما أن جمعية الدعوة الإسلامية العالمية وهيئة الاستثمار الخارجي (ذراعا القذافي الماليان خارجيًّا) أضحيتا مع الوقت مركزيْ تأثير قويين في دول هذه الفئة إلى جانب تغلغل ليبيا في مؤسسات المجتمع المدني كالأحزاب والنقابات واتحادات الشباب والطلبة. هذا إضافة إلى أن ليبيا أنشأت تنظيمات أهلية كروابط القبائل والسلاطين والمجتمع الأهلي من خلالها استطاعت ليبيا ممارسة ضغط على حكومات هذه الدول، وقد أظهر القذافي قدرًا كبيرًا من الاحترام لقادة وسياسيي هذه الدول وكان حريصًا على اتباع الأعراف الدبلوماسية معهم.

الفئة الثالثة (الدول المشاكسة): تضم هذه الفئة دولًا كبيرة في القارة إمَّا دول غنية أو ذات منزلة ومكانة بالقارة، وتراوحت علاقة ليبيا مع هذه الدول بين الصداقة المتينة التي لا تخلو من المشاكل كجنوب إفريقيا وبين التنافس الواضح والجلي كنيجيريا ومصر والجزائر إلى العلاقة الضعيفة كالمغرب، هذه الدول المشاكسة هي التي أرَّقت طرابلس كثيرًا، وكانت هذه الدول تمثِّل صوت المعارضة لسياسات القذافي وأساليبه في الاتحاد الإفريقي بل إن لقب المهرج الذي اشتُهر به الراحل القذافي في الصحافة العالمية كان بسبب صحافة هذه الدول. حرص القذافي على عدم إظهار عداء واضح لهذه الدول المشاكسة لكنه خلق لها بؤر توترٍ مع دول الجيران وصل أحيانًا إلى حدِّ زعزعة أمن البلاد. وقد شهدت القمم الإفريقية عدَّة مشادات كلامية بين القذافي وبعض قادة الدول المشاكسة. ومع ذلك استطاع القذافي دائمًا تمرير سياساته في القمم الإفريقية نظرًا إلى ضمانه لأكثر من نصف أصوات الدول الإفريقية في الفئتين الأولى والثانية (وقد عرفت ليبيا طيلة العقد الماضي ما متوسطه السنوي 711 زيارة لوفود رئاسية ووزارية وحزبية ونقابية ولملوك وسلاطين محليين وقادة الطرق الصوفية).

عرفت طهران كيف توظِّف العداء، الخفي تارة والمعلن تارات أخرى، بين الرياض وطرابلس في تعزيز مكانتها وحضورها في إفريقيا وساعدها النفوذ الليبي كثيرًا في التمدد قاريًّا وعلى أكثر من صعيد. ومن الأمور المشتركة التي خطَّط لها كل من إيران وليبيا معًا:

  • تحريك الجيوب الشيعية النائمة في المنطقة الشرقية من المملكة وعلى الحدود الجنوبية مع اليمن والحدود الشمالية مع العراق.
  • تدويل قضية الديار المقدسة بالحجاز والإصرار على فصل تبعيتها لدولة معينة (يُقصد بها المملكة العربية السعودية)، واعتبار الحجاز إرثًا ومِلكًا مشاعًا لكافة المسلمين يجب إدارته من قبل حكومة مشكَّلة من الفقهاء والعلماء في كافة العالم الإسلامي على غرار الفاتيكان بالنسبة للمسيحيين.
  • إظهار السعودية وكأنها نظام قمعي وديكتاتوري عبر الدعوة إلى إسقاط النظام الملكي في المملكة العربية السعودية من خلال الدعوة إلى النظام الجمهوري والتعددية الليبرالية. ورغم المحاولات العديدة من الدولتين لاستمالة المعارضة الليبرالية السعودية في الغرب إلا أن هذه المعارضة عرفت كيف تنأى بنفسها عن الاستقطاب السياسي وأبقت على بعض قنوات التواصل مفتوحة مع طرابلس حتى سقوط نظام القذافي. لذا، كانت نجاحات الدولتين في تجنيد وتكوين الخلايا النائمة ضد المملكة السعودية أظهر وأوضح في اليمن وبعض الجيوب المتفرقة في المنطقة الشرقية للمملكة وفي أوساط الجالية السعودية في دولة البحرين.

 القوة الناعمة السعودية

تقول مراكز الأبحاث الغربية: إنه خلال ربع القرن التي سبقت أحداث 11 من سبتمبر/أيلول 2001 قامت المملكة العربية السعودية بإنفاق 112 مليار دولار أميركي كهِبات ومساعدات للدول الفقيرة في آسيا وإفريقيا وفي العالمين الإسلامي والعربي خُصِّص منها قرابة 84 مليار دولار أميركي لأنشطة ذات توجه ديني ودعوي للنهج السلفي السني. ومع هذا، تقول بيوتات الخبرة والمراكز البحثية العالمية: إن مرَدَّ عدم تناسب الإنفاق السعودي الخارجي مع مكانتها الإقليمية والدولية أسبابه:

  1. أن معظم المساعدات السعودية كانت على شكل مساعدات مادية مباشرة لا يتم الإفصاح عنها بشكل علني ويستفيد منها أساسًا رجالات النظام الحاكم في دول يعُمُّ معظمها الفساد.
  2. سياسيًّا، تبنِّي المملكة العربية السعودية لمبدأ الحياد وعدم الانحياز وعدم اللجوء إلى خيار القوة إلا عند الضرورة؛ حيث عُرف عن الدبلوماسية السعودية تبنِّي الوفاق، وأنها لا تتدخل إلا بمقدار ما يُطلب منها، ولا تقبل من أحد أن يتدخل في شؤونها وقراراتها، وكانت طيلة تلك العقود تؤْثِر بدائل الحسنى وتسلك طرق التصالح والوسطية والصمت والتعقل والتريث والبُعد عن الانفعال ووفَّرت للفرقاء ملاذًا للحوار وحل المشكلات والإشكاليات العالقة بالطرق المحمودة، وكان لها السبق في توقيع معاهدات المنظمات العربية والإسلامية والدولية.
  3. التكتم الشديد الذي انتهجته الدبلوماسية السعودية في عدم إظهار نجاحاتها وعدم الإشادة بها، الشيء الذي يُخفي عن الأنظار والأسماع أبرز إنجازات المملكة في مجال العلاقات الدولية ولعبة الأمم التي حققت فيها المملكة نجاحات باهرة كما عرفت أيضًا إخفاقات مدوية. 
  4.  غياب بيوتات الخبرة المحلية السعودية التي تلعب دور البارومتر في التخطيط للسياسات الخارجية للملكة وبشكل براغماتي صرف.

 المحور السعودي-الموريتاني-السنغالي

شهدت السياسة الخارجية السعودية تحولات جوهرية بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم؛ فعملت على تغيير الصورة النمطية للتفاعل السعودي مع الأحداث تجسَّد أبرزها في أمرين لافتين يتعلقان أساسًا بسياسة المملكة حيال إيران، هما:

  1. التعامل بحزم وقوة حيال التهديدات الإيرانية في المنطقة عبر استخدام القوة الخشنة في اليمن لصدِّ الهجوم الحوثي الكاسح الذي سيطر على معظم أجزاء اليمن والمدعوم من قِبل طهران، كما تم إنشاء "لجنة الشؤون السياسية والأمنية والتي صحبةَ الاستخبارات العامة ستكون مهمتهما الرئيسة متابعة التهديدات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ووضع السياسات اللازمة للتصدي ومكافحة تنامي النفوذ الإيراني بالمنطقة والإقليم.
  2. تقليم أظافر إيران في مناطق نفوذها داخل العالم العربي وخارجه.

وفي هذا الصدد، تم تكوين حلفين غير معلنين، هما: الحلف السعودي-الموريتاني-السنغالي، والحلف السعودي-الليبي-التشادي، في الوقت الذي لا يزال الحلف الأخير في طور الترتيبات، إلا أن الحلف الأول قطع أشواطًا كبيرة وتعدى مرحلة التنسيقات والترتيبات منذ أول زيارة قام بها رئيسا كلٍّ من السنغال وموريتانيا في مطلع إبريل/نيسان 2015؛ حيث تعهَّد الرئيس السنغالي ماكي سال بالمشاركة بمئات الجنود السنغاليين في عملية "عاصفة الحزم"؛ ذلك التعهد الذي لقي ترحيبًا بالمملكة بعد الاعتذار الباكستاني الصريح والتملُّص المصري. وفي السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2015 قام الرئيس الموريتاني بزيارة عمل للمملكة السعودية تم استقباله فيها بحفاوة وترحيب بالغين! وقضى عدَّة أيام في مباحثات رشح القليل فقط منها للصحافة. ويرى المراقبون أن الزيارة الثالثة للرئيس الموريتاني محمد عبد العزيز يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 تأتي في السياق ذاته حتى وإن كان الهدف المعلن هو المشاركة في القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية المنعقدة حاليًا بالرياض.

الخلاصة

بات المراقبون مدركين أن سياسات المملكة العربية السعودية حيال التهديدات الإيرانية وتنامي نفوذها في الإقليم اتخذت منحى تصاعديًّا منذ تسلُّم الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الأمور وأضحى جليًّا أن المملكة السعودية قرَّرت المقارعة وعلى أكثر من صعيد ولاسيما بعد بوادر الانفراج وفكِّ العزلة التي كانت تعاني منها إيران جرَّاء الحصار الدولي بسبب برنامجها النووي وذلك بعد التوصل إلى تفاهمات أولية بين الغرب وإيران في إبريل/نيسان الماضي بعد سلسلة مباحثات ماراثونية حول برنامجها النووي.

ولتعويض الفشل الذي منيت به السياسات السعودية حيال الملف السوري الشائك والتعثر في العراق ولبنان فقد قررت المملكة خوض غمار حرب شاملة غير معلنة ضد إيران ستكون ساحتها الأبرز غرب إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي، هذه المنطقة التي شكَّلت الرئة البديلة لإيران طيلة الفترة الماضية وخفَّفت كثيرًا من تداعيات الحصار الخانق الذي ضربه المجتمع الدولي حولها وأسهم في فكِّ العزلة عنها. وستشهد دول المنطقة سجالًا وحراكًا محمومين في هذا الاتجاه بدأت تباشيره تلوح في الأفق على شكل تدفق استثمارات سعودية كبيرة من القطاعين العام والخاص(7) صوب هذه الدول. مقارعة ستكون فيها نواكشوط رأس الحربة هي وحليفتها داكار، وستعرف دول هذه المنطقة توترًا في العلاقات مع طهران قد تُتوَّج بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أكثر من عاصمة في غرب إفريقيا في السنوات القليلة القادمة.
__________________________________
د. الحسين الشيخ العلوي - باحث وأكاديمي موريتاني

الهوامش
1- محمد الأمجد بن محمد الأمين السالم: حمدي ولد مكناس ذاكرة الدبلوماسية الموريتانية، موقع موريتانيا اليوم (تاريخ النشر:25 نوفمبر/تشرين الثاني 2014)، (تاريخ التصفح: 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2015)،
http://rimtoday.net/?q=node/2514
2- أمير سعيد، خريطة الشيعة في العالم: دراسة عقدية، تاريخية، ديمغرافية، استراتيجية (القاهرة: مركز الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانية، الطبعة الأولى 2009).
3– سبعة ملايين شيعي في غرب إفريقيا وتأسيس «مجمع أهل البيت» في غينيا، موقع جريدة الشرق الأوسط (تاريخ النشر: 11 مايو/أيار 2010)، (تاريخ آخر تصفح: 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2015)،
http://archive.aawsat.com/details.asp?issueno=11700&article=569082#.VkERsbeKG1s

4 -  مقابلات للمؤلف مع مسؤولين ودبلوماسيين معنيين بالشأن الليبي من بينهم السفير السعودي في طرابلس.
5 – انظر مقال: المد الشيعي في إفريقيا هل تحول إلى ظاهرة؟ في موقع "المختار الإسلامي" وقد تم التصفح في 11 نوفمبر 2015:
http://islamselect.net/mat/95384
6- المستبصرون: السنَّة الذين انتقلوا إلى التشيع.
7- السعودية بصدد استثمار ملياري دولار بموريتانيا، موقع الأخبار الموريتاني (تاريخ النشر: 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2015)، (تاريخ التصفح: 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2015)،
http://www.alakhbar.info/news/12502-2015-11-09-16-18-48.html

نبذة عن الكاتب