كيف يرى صناع القرار الإيراني مستقبل العلاقة مع واشنطن؟

يعيد مركز الجزيرة للدراسات، نشر نتائج دراسة تحليل مضمون تستقصي توجهات صناع القرار في إيران تجاه واشنطن. وتكشف أن تطبيق الاتفاق النووي والقدرات العسكرية الإيرانية يتصدران قائمة القضايا الخلافية بين البلدين. ويرى المسؤولون الإيرانيون، بنسبة 49%، أن مستقبل العلاقة مع أميركا يقوم على التوتر والصراع.
158b71499b18482ea3e73de997bf4c73_18.jpg
(الجزيرة)

برز تطبيق الاتفاق النووي وما رافق ذلك من عقبات، كإشكالية رئيسية في العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. وهو ما تكشفه هذه الدراسة التي حلَّلتجميع التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين بشأن السياسة الخارجية خلال العام 2016 والربع الأول من العام 2017 وبلغ عددها 1403 تصريحات. 

وشكَّلت هذه القضية العنوان الأبرز في التصريحات الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الأميركية تلاها القدرات العسكرية الإيرانية ثم موضوع الإرهاب والصراع في المنطقة. وتحدثت التصريحات الإيرانية عن مستقبل مع الولايات المتحدة الأميركية يقوم على التوتر والصراع بنسبة تصل 49%، فيما رجح 34% منها حدوث تسويات وحلول سياسية، وتحدث 10% منها عن مستقبل يقوم على حدوث مواجهة مسلحة. 

وفي الربع الأول من العام 2017 فإن المستقبل القائم على التوتر والصراع ظل طاغيًا على تصريحات المسؤولين الإيرانيين فيما يتعلق بالعلاقة مع واشنطن بنسبة وصلت إلى 64%، فيما تراجع الحديث عن مواجهة مسلحة إلى (3%)، وأيضًا تراجع الحديث عن مستقبل يقوم على حلول سياسية وتسويات (26%) مقارنة بالعام 2016. 

مقدمة

دخلت الجمهورية الإسلامية في إيران مرحلة جديدة في علاقاتها الخارجية عقب الاتفاق النووي الذي وقَّعته مع (مجموعة 5+1)، والذي وُقِّع في يوليو/تموز 2015 ودخل حيز التنفيذ في 15 يناير/كانون الثاني 2016، واتسمت هذه المرحلة بتحسن في علاقات إيران مع عدد من الدول، وتراجعها مع دول أخرى، فيما بقي التردد والتلكؤ في تطبيق الاتفاق قائمًا لدي الطرف الأميركي طوال الأشهر الأخيرة من حكم الرئيس باراك أوباما الذي فتح صفحة مختلفة من العلاقة مع طهران. ومع مجيء دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية عادت العلاقات الإيرانية-الأميركية إلى مثلث غياب الثقة والتوتر والتهديد، فيما تقول تصريحات ترامب وما يقابلها في طهران بأن التصعيد سيتواصل. 

وإقليميًّا، شهدت علاقات إيران مع العربية السعودية توترًا كبيرًا، على خلفية قضايا عدَّة، وما زال الخلاف والتوتر قائمين إلى اليوم، خاصة بعد زيارة ترامب للسعودية، في جولته الخارجية الأولى منذ توليه الرئاسة في يناير/ كانون الثاني الماضي، والتصريحات الصادرة عنه ضد الجمهورية الإسلامية. 

تُجري هذه الدراسة تحليلًا لمضمون ما يزيد عن 1400 تصريح صادر عن مختلف مؤسسات صنع قرار السياسة الخارجية في إيران، وذلك في الفترة التي أعقبت سريان تطبيق الاتفاق النووي، وجاءت لتغطية طوال العام 2016 والربع الأول من العام 2017، بعد تولي ترامب لمقاليد الرئاسة الأميركية. 

وسعت هذه الدراسة التي تقوم على تحليل المضمون إلى التعرف على التوجهات الإيرانية على صعيد السياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بعدد من القضايا، وأهمها علاقات إيران الخارجية وفي مقدمتها العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.

ونعرض في هذه الورقة النتائج المتعلقة بالتوجهات الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الأميركية وتصورات المسؤولين الإيرانيين لمستقبل العلاقة وقضايا الخلاف، فيما يمكن الوصول إلى النتائج المتعلقة بباقي الدول من خلال كامل الدراسة:

توجهات السياسة الخارجية الإيرانية عقب الاتفاق النووي.. الأولويات والأدوار (تحليل مضمون) 

الولايات المتحدة في صدارة الاهتمام الإيراني

ووفق ما يُظهره الرسم البياني رقم (1)؛ فقد جاءت الولايات المتحدة الأميركية في المرتبة الأولى من حيث عدد التصريحات التي تناولتها، وذلك بنسبة (22%)، وجاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية بنسبة (13%)، وجاءت بريطانيا والدول الأوروبية في المرتبة الثالثة بنسبة (12%)، وحازت منطقة الجوار الإيراني شرقًا بالإضافة إلى الهند والصين وشرق آسيا على المرتبة الرابعة بنسبة (6%)، وكذلك الحال بالنسبة لروسيا (6%)، وسوريا بما يقارب (6%)، تلاها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بنسبة 5%، وكذلك العراق بنسبة قاربت (5%)، تلاها (إسرائيل) بنسبة 4%، وكذلك الحال للعالم عمومًا (4%). وجاءت التصريحات التي تناولت تركيا بنسبة (3%)، والجوار الإيراني شمالًا بما يشمل منطقة القوقاز (3%)، وكانت نسبة العالم الإسلامي (2%)، وكذلك دول الخليج بشكل عام (2%)كمنطقة تضمنتها التصريحات. وجاءت التصريحات التي تدور حول المنطقة العربية عمومًا كذلك بنسبة (2%)، وجاءت البحرين وإفريقيا ودول أميركا اللاتينية في ذيل القائمة بنسبة (1% لكل منها)، فيما خلا ما نسبته (1%) من التصريحات من الحديث بشكل واضح عن منطقة أو دولة بعينها. 

أما في الربع الأول من العام 2017، فجاءت النسب لتُظهر:

وبقيت الولايات المتحدة الأميركية تتصدر الدول التي كانت مدار التصريحات الإيرانية في الربع الأول من العام 2017، بنسبة (26%)، تلتها السعودية بنسبة (9%)، وبريطانيا بنسبة (9%)، تلاهما (إسرائيل) بنسبة (8%)، ثم روسيا بنسبة (7%)، وكذلك منطقة الجوار الإيراني شرقًا بالإضافة إلى الهند والصين وشرق آسيا بنسبة (7%)، وجاءت دول الخليج بشكل عام بنسبة (5%)، وكذلك سوريا بنسبة (5%)، وتركيا بنسبة (4%)، والعراق بنسبة (4%)، والجوار الإيراني شمالًا بما يشمل منطقة القوقاز بنسبة (4%)، والعالم عمومًا بنسبة (3%)، وكذلك المنطقة العربية 3%، والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بنسبة 2%، وجاءت إفريقيا والبحرين ودول أميركا اللاتينية والعالم الإسلامي بنسبة (1%) لكل منها. 

الولايات المتحدة الأميركية في التوجهات السياسية الإيرانية 

بالنظر إلى الجدول الرسم البياني رقم (3)، نجد أن التصريحات التي طالت الولايات المتحدة الأميركية جاءت بنسبة 24% من وزير الخارجية والموظفين الكبار في الخارجية، تلاهم مرشد الثورة الإسلامية بنسبة وصلت إلى 19% تقريبًا، ورئيس مجلس الشورى وعدد من النواب بنسبة 15%، ثم وزير الدفاع وقادة الجيش بنسبة وصلت إلى 12%، تلاهم مسؤولون رفيعو المستوى بنسبة 11%، ثم الرئيس الإيراني بنسبة 9%، ثم رجال الدين بنسبة وصلت إلى 6% تقريبًا، وقيادات الحرس الثوري بنسبة 4%، وأخيرًا، رئيس السلطة القضائية بنسبة 2%. 

ومن الواضح أن دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ وما رافق ذلك من إشكاليات خاصة في مجال العلاقة مع واشنطن، كان الموضوع الرئيسي، ولذلك فإن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف (بوصفه مسؤول ملف التفاوض)، وفريقه هم أكثر من صدرت عنهم تصريحات كانت الدولة مدار التصريح فيها هي الولايات المتحدة الأميركية.

أما في الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم 4)، فنجد بقاء دفة التصريح بشأن ذلك بنسبة (20%) في يد جواد ظريف وفريقه في الخارجية، لكن نلاحظ أن قادة الحرس الثوري قد غادروا مرحلة الصمت فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية، فشكَّلت تصريحاتهم حول الولايات المتحدة الأميركية 16% من مجموع التصريحات التي طالت هذا الباب، وجاء بعد ذلك التصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى بنسبة 13%، ثم وزير الدفاع وقادة الجيش بنسبة 12%. ويبدو أن ذلك مؤشر على عودة التهديد وعودة الحرس للتركيز على ملف العلاقة مع واشنطن بعد مرحلة انتظار (عام) من تطبيق الاتفاق النووي. وجاءت النسبة لرجال الدين 10%، ورئيس مجلس الشورى إلى 9%، وكانت نسبة الرئيس الإيراني بهذا الخصوص 7%، وجاءت أدنى نسبة في تصريحات المرشد، الذي يقوم بوضع عناوين تحدد الخطوط العريضة تاركًا الكثير مما يتعلق بهذه المسألة للمسؤولين الآخرين، ومن بينهم القيادات العسكرية وقيادات الحرس.

أما السياق الزمني للتصريحات المتعلقة بالولايات المتحدة الأميركية (الرسم البياني رقم 5) فنجد أنها أخذت بالارتفاع تدريجيًّا من (14%) في الربع الأول من العام إلى (25%) في الربع الثاني من العام ثم (26%) في الربع الثالث من العام لتصل إلى 34% في الربع الأخير من عام 2016 وهي الفترة التي شهدت انتخاب ترامب والتهديدات التي أطلقها بشأن الاتفاق النووي. ويبدو أن ذلك يأتي ملاصقًا لتطبيق الاتفاق النووي والعرقلة التي شهدها من جانب الطرف الأميركي، وخيبة الأمل الإيرانية على هذا الصعيد.

 

وعند النظر إلى النتائج المتعلقة باللغة المستخدمة في التصريحات، (الرسم البياني رقم 6)، نجد أنها حملت النقد والإدانة للسلوك السياسي والقرارات الأميركية بنسبة وصلت إلى 54%، وجاءت عدائية بنسبة 37% (عدائية مع تهديد 14%، وعدائية بدون تهديد 23%)، وجاءت بلغة محايدة بنسبة 8%.

وتعكس هذه الأرقام حالة من الحنق الإيراني تجاه الولايات المتحدة الأميركية، تصاعدت في الربع الأول من عام 2017، (الرسم البياني رقم 7)، بالتزامن مع لغة تصعيدية استخدمها ترامب وفريقه تجاه إيران والاتفاق النووي؛ إذ تشير النتائج إلى أن هذا الربع من العام شهد استخدام المسؤولين الإيرانيين للغة ناقدة ومُدينة بنسبة وصلت إلى 72%، مقابل 21% استخدموا فيها لغة عدائية (14% عدائية مع تهديد و7% عدائية بدون تهديد)، لكن كان من الواضح حرص المسؤولين في إيران على إبقاء النقد والإدانة هي الغالبة، مع المحافظة على هامش للتهديد والرد على التهديد.

وحمل الخطاب الغالب، (الرسم البياني رقم 8)، فحوى سياسية في غالبيته بنسبة (73%)، وعسكرية بنسبة 13%، وقانونية تفاوضية بنسبة 11%.

وفي الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم 9)، جاء الخطاب الغالب بفحوى سياسي بنسبة وصلت إلى 81%، وجاءت التصريحات التي تحمل فحوى عسكريًّا في الغالب بنسبة 15% مع تراجع واضح للفحوى التي تتحدث عن التفاوض حيث نزلت النسبة إلى 1%، وهو مؤشر على خيبة الأمل الإيرانية من نتائج التفاوض مع الطرف الأميركي.

وعند النظر إلى نوع العلاقات التي جرى الحديث عنها في التصريحات الإيرانية، (الرسم البياني رقم 10)، نجدها علاقات متوترة وتقوم على الصدام في الغالب بنسبة تصل إلى (87%)، بشكل (علاقات متوترة 67% وعلاقات تصادم 20%)، فيما تحدَّث ما نسبته 6% عن علاقات تعاون.

وطغى الحديث عن علاقات قائمة على التوتر في الربع الأول من عام 2017، (الرسم البياني رقم 11)، وجاء ذلك في 90% من التصريحات، وتراجع الحديث عن التصادم ليصل إلى 2% ويساويها علاقات تعاون بنسبة 2%، فيما لم تحدد 6% من التصريحات نوع العلاقة.

وهذا مؤشر على وجود رغبة إيرانية بعدم دفع الأمور نحو التصادم على الرغم من وجود التوتر.

وفي العلاقة مع واشنطن، بدا المسؤولون في إيران حريصين على التذكير بأن إيران دولة لها دور، وأنها حريصة على ممارسة هذا الدور، ويُظهر (الرسم البياني رقم 12)، أن 83% من التصريحات الإيرانية التي كانت الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة مدار التصريح فيها، تحدثت أو أشارت لوجود دور إيراني، مقابل 17% من التصريحات التي خلت من الإشارة لذلك.

وفي الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم 13)، أبدى المسؤولون الإيرانيون حرصًا أكبر في الحديث عن الدور الإيراني؛ حيث جرت الإشارة والحديث عن الدور الإيراني في 95% من التصريحات الإيرانية، مقابل 5% من التصريحات التي خلت من إشارة أو حديث عن الدور الإيراني.

ونجد أن التصورات التي حملها المسؤولون عن طبيعة الدور المأمول لبلادهم، (الرسم البياني رقم 14)، يقوم على:

  • دور قيادي في المنطقة/العالم 45%.
  • دور إيجابي في مكافحة الإرهاب 29%.
  • دور يقوم على الانخراط الإيجابي في المنظومة الدولية (7%).
  • دور مهيمن 1%. 

في حين خلا 17% من التصريحات عن تقديم تصور لطبيعة الدور الإيراني.

 

وشهد الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم 15)، بعض التغيير على هذا الصعيد، حيث جاءت التصورات لطبيعة الدور الإيراني وفق التالي:

  • دور قيادي في المنطقة/العالم 62%.
  • دور إيجابي في مكافحة الإرهاب 14%.
  • انخراط في المنظومة الدولية 14%.
  • دور مهيمن 4%. 

وكان واضحًا وجود فئة من المسؤولين في إيران معنية بالرد على الاتهامات الأميركية عبر التأكيد على أن إيران تسعى لدور يقوم على الانخراط في المنظومة الدولية، وكذلك بأنها لا يمكن تجاهل دورها القيادي.

 

الموضوعات الرئيسية في العلاقات الإيرانية-الأميركية 

شكَّل الملف النووي والعقوبات الموضوع الرئيسي الأبرز في التصريحات الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الأميركية، (الرسم البياني رقم 16)، بنسبة وصلت إلى 41%، تلاها القدرات العسكرية الإيرانية بنسبة 17%، ثم موضوع الإرهاب بنسبة 13%، والموضوع السوري بنسبة 9%، ثم موضوع الاستقلال وعدم التبعية بنسبة 7%، ثم العلاقات الثنائية بنسبة 5% تقريبًا، وقضية اليمن بنسبة 3% تقريبًا، وأخيرًا القضية الفلسطينية بنسبة 1%.

ولعل هذه النسب تعطي مؤشرًا واضحًا على أن العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية هي إلى الآن ليست هدفًا بحد ذاتها بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين، ولكنها رهن بتطورات وتعقيدات موضوعات بصورة أساسية، هي:

  • الملف النووي.
  • القدرات العسكرية الإيرانية.
  • الإرهاب. 

وذلك على الرغم من تزايد الحديث عن العلاقات الثنائية في الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم 17)، لكن موضوع الملف النووي والعقوبات (32%) تلاه القدرات العسكرية الإيرانية (21%) جاءا في مقدمة الموضوعات الرئيسية في العلاقة، تلا ذلك موضوع العلاقات الثنائية والصراع في المنطقة بنسبة وصلت إلى 14% لكل منهما، وجاء الحديث عن الاستقلال وعدم التبعية بنسبة وصلت إلى 7%، تلاه الحديث عن القضية الفلسطينية بنسبة 5%، وتراجع الموضوع السوري إلى 2%.

مستقبل العلاقة 

وتحدثت التصريحات الإيرانية عن مستقبل لعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، (الرسم البياني رقم 18)، يقوم على التوتر والصراع بنسبة تصل 49%، فيما رجَّح 34% منها حدوث تسويات وحلول سياسية، وتحدث 10% منها عن مستقبل يقوم على حدوث مواجهة مسلحة، وغاب الحديث عن المستقبل في 5% من التصريحات.

 

وبالنظر إلى نتائج الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم 19)، نجد أن المستقبل القائم على التوتر والصراع على الموضوعات الرئيسية ظل طاغيًا على تصريحات المسؤولين الإيرانيين فيما يتعلق بالعلاقة مع واشنطن بنسبة وصلت إلى 64%، فيما تراجع الحديث عن مواجهة مسلحة إلى (3%)، وأيضًا تراجع الحديث عن مستقبل يقوم على حلول سياسية وتسويات (26%) مقارنة بالعام 2016، فيما غاب الحديث عن المستقبل في 4% من التصريحات.

  • توصيف الأنا الإيرانية والآخر الأميركي

أبدى المسؤول الإيراني ميلًا واضحًا إلى إسباغ أوصاف إيجابية على الشخصية الإيرانية، (الرسم البياني رقم 20)؛ حيث جاء وصف الشخصية الإيرانية بأوصاف إيجابية في 90% من التصريحات مقابل 2% تقريبًا حملت نقدًا، وغاب الوصف عن 9% من التصريحات تقريبًا.   

وبقيت الحال مشابهة في الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم (21)، مع زيادة في إعطاء صفات إيجابية للذات بنسبة تصل إلى 96%. 

وفي مقابل هذه الأنا الإيرانية كان السياسي الإيراني يعطي صفات سلبية للآخر الأميركي، (الرسم البياني رقم 22)، حيث وصلت نسبة القول بصفات سلبية للولايات المتحدة الأميركية إلى (86%)، مقابل القول بصفات إيجابية (3%)، واستخدام صيغ محايدة في 3% من التصريحات، وخلت 9% من وجود أي وصف.

 

وجاء الربع الأول من العام 2017 معزِّزًا للصورة التي حملتها تصريحات المسؤولين الإيرانيين طوال عام 2016، (الرسم البياني رقم 23)، وزادت نسبة وصف الطرف الأميركي بصفات سلبية إلى 88%.

مضامين توصيف الذات الإيرانية والآخر الأميركي 

وعند النظر إلى مضامين الصفات التي استخدمها المسؤول الإيراني لتقديم نفسه، نجد أنها تنصبُّ على التالي، (الرسم البياني رقم 24)، دون تسجيل اختلاف يُذكَر في الربع الأول من العام 2017.

  • إيران القادرة المتفوقة 33%.
  • المساهمة في الاستقرار الدولي 27%.
  • المستقلة وغير التابعة 19%.
  • الناصرة للمستضعفين والداعمة للمسلمين 10%. 

وجاء ما نسبته 1% ليتحدث عن الميزات الجغرافية والديمغرافية لإيران، ونسبة مماثلة للحديث عن التزام إيران بالإسلام والمذهب الشيعي، فيما غاب التوصيف عن 7% من التصريحات الإيرانية.

 

في مقابل هذه الصفات، نجد صفات للطرف الأميركي تنصب على التالي (الرسم البياني رقم 25):

  • معتدٍ ومتجاوز 24%.
  • لا يفي بالتزاماته (24%).
  • داعم للإرهاب 20%.
  • كاذب وغير محل للثقة 18%. 

ونجد أن توصيف الولايات المتحدة الأميركية كدولة مساهمة في السلم والاستقرار بالكاد يصل إلى (1%)، وغاب استخدام صفات محددة عن 10% من التصريحات تقريبًا. وكان من اللافت أن مرشد الثورة الإسلامية، علي خامنئي، هو أكثر من استخدم (كاذب وغير محل للثقة) في توصيفه للطرف الأميركي، في حين حرص الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وفريقه على استخدام توصيف (لا يفي بالتزاماته)، وهو يعكس اختلافًا في طبيعة الموقف من الولايات المتحدة الأميركية؛ إذ إنه يبدو ذا طابع جذري عن مرشد الثورة، وذا طابع عملي براغماتي عند روحاني وفريقه.

وفي الربع الأول من العام 2017، (الرسم البياني رقم 26)، نجد تغييرًا ملحوظًا رفع من نسبة الولايات المتحدة كدولة معتدية (37%)، ولا تفي بالتزاماتها(32)، وداعمة للإرهاب بنسبة 15%، وكاذبة وغير محل للثقة بنسبة 5%.

خلاصات ونتائج 

  • تظهر النتائج أن الولايات المتحدة الأميركية جاءت في المرتبة الأولى من حيث عدد التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين.
  • شكَّل دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ وما رافق ذلك من إشكاليات خاصة في مجال العلاقة مع واشنطن، الموضوع الرئيسي، في التصريحات الإيرانية.
  • عند النظر إلى النتائج المتعلقة باللغة المستخدمة في التصريحات، نجد أنها حملت النقد والإدانة للسلوك السياسي والقرارات الأميركية بنسبة وصلت إلى 54%، وجاءت عدائية بنسبة 37% (عدائية مع تهديد 14%، وعدائية بدون تهديد 23%)، وجاءت بلغة محايدة بنسبة 8%.
  • تعكس هذه الأرقام حالة من الحنق الإيراني تجاه الولايات المتحدة الأميركية، تصاعدت في الربع الأول من عام 2017، بالتزامن مع لغة تصعيدية استخدمها ترامب وفريقه تجاه إيران والاتفاق النووي؛ إذ تشير النتائج إلى أن هذا الربع من العام شهد استخدام المسؤولين الإيرانيين للغة ناقدة ومُدينة بنسبة وصلت إلى 72%، مقابل 21% استخدموا فيها لغة عدائية (14% عدائية مع تهديد و7% عدائية بدون تهديد)، لكن كان من الواضح حرص المسؤولين في إيران على إبقاء النقد والإدانة هي الغالبة، مع المحافظة على هامش للتهديد والرد على التهديد.
  • جاءت العلاقات التي جرى الحديث عنها في التصريحات الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الأميركية، متوترة وتقوم على الصدام في الغالب بنسبة تصل إلى 87%، في عام 2016 وفي 90% من التصريحات الخاصة بالربع الأول من 2017.
  • كشفت الدراسة عن وجود رغبة إيرانية بعدم دفع الأمور نحو التصادم على الرغم من وجود التوتر.
  • واظب المسؤولون الإيرانيون بصورة مقصودة على التذكير بأن إيران دولة لها دور، وأنها حريصة على ممارسة هذا الدور؛ إذ نجد 83% من التصريحات الإيرانية التي كانت الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة مدار التصريح فيها، تحدثت أو أشارت لوجود دور إيراني، مقابل 17% من التصريحات التي خلت من الإشارة لذلك. وفي الربع الأول من العام 2017، أبدى المسؤولون الإيرانيون حرصًا أكبر في الحديث عن الدور الإيراني؛ حيث جرت الإشارة والحديث عن الدور الإيراني في 95% من التصريحات الإيرانية، مقابل 5% من التصريحات التي خلت من إشارة أو حديث عن الدور الإيراني.
  • شكَّل الملف النووي والعقوبات الموضوع الرئيسي الأبرز في التصريحات الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الأميركية، (الجدول 47)، بنسبة وصلت إلى 41%، تلاها القدرات العسكرية الإيرانية بنسبة 17%، ثم موضوع الإرهاب بنسبة 13%، والموضوع السوري بنسبة 9%، ثم موضوع الاستقلال وعدم التبعية بنسبة 7%، ثم العلاقات الثنائية بنسبة 5% تقريبًا، وقضية اليمن بنسبة 3% تقريبًا، وأخيرًا القضية الفلسطينية بنسبة 1%.
  • تعطي  النتائج مؤشرًا واضحًا على أن العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية هي إلى الآن ليست هدفًا بحد ذاتها بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين، ولكنها رهن بتطورات وتعقيدات موضوعات بصورة أساسية، هي:

        o الملف النووي.

        o القدرات العسكرية الإيرانية.

        o الإرهاب.

  • على الرغم من تزايد الحديث عن العلاقات الثنائية في الربع الأول من العام 2017، لكن موضوع الملف النووي والعقوبات، تلاه القدرات العسكرية الإيرانية، بقيا يتصدران الموضوعات الرئيسية في العلاقة.
  • تنبئ التصريحات الإيرانية عن مستقبل لعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية،  يقوم على التوتر والصراع بنسبة تصل 49%، فيما رجَّح 34% منها حدوث تسويات وحلول سياسية، وتحدث 10% منها عن مستقبل يقوم على حدوث مواجهة مسلحة، وغاب الحديث عن المستقبل في 5% من التصريحات.
  • في الربع الأول من العام 2017، بقي المستقبل القائم على التوتر والصراع بشأن الموضوعات الرئيسية طاغيًا على تصريحات المسؤولين الإيرانيين فيما يتعلق بالعلاقة، بينما تراجع الحديث عن مواجهة مسلحة.
  • قدم المسؤولون الإيرانيون صفات للطرف الأميركي تنصب على:

        o معتدٍ ومتجاوز 24%.

        o لا يفي بالتزاماته (24%).

        o داعم للإرهاب 20%.

        o كاذب وغير محل للثقة 18%.

  • كان من اللافت أن مرشد الثورة الإسلامية، علي خامنئي، هو أكثر من استخدم (كاذب وغير محل للثقة) في توصيفه للطرف الأميركي، في حين حرص الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وفريقه على استخدام توصيف (لا يفي بالتزاماته)، وهو يعكس اختلافًا في طبيعة الموقف من الولايات المتحدة الأميركية؛ إذ إنه يبدو ذا طابع جذري عند مرشد الثورة، وذا طابع عملي براغماتي عند روحاني وفريقه.
  • في الربع الأول من 2017 وبالتزامن مع تصاعد اللهجة العدائية في السياسة الأميركية تجاه إيران، نجد تغييرًا ملحوظًا رفع من نسبة الولايات المتحدة كدولة معتدية (37%)، ولا تفي بالتزاماتها(32)، وداعمة للإرهاب بنسبة 15%، وكاذبة وغير محل للثقة بنسبة 5%.

______________________________

فاطمة الصمادي- باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، مختصة في الشأن الإيراني