في قراءة النخب الإيرانية: هل من أفق للتعاون مع السعودية؟

تناقش الورقة إشكاليات العلاقة الإيرانية-السعودية، وفق نتائج استطلاع استهدف النخبة العلمية والسياسية الإيرانية وبحث أرضيات وأسباب التوتر، واستقصى أفق مستقبل العلاقة بين البلدين كما تراه 75 شخصية إيرانية.
12 يوليو 2018
305e3effff9c484cb38cedefbb9f14a6_18.jpg
إيران تسمي شارعًا باسم رجل الدين الشيعي المعارض نمر باقر النمر الذي أعدمته السعودية في يناير/كانون الثاني 2016 (رويترز)

لا يمكن لمنطقة الخليج وكذلك الحال في الوطن العربي أن يبقى بمنأى عن تعقيدات العلاقة بين إيران والسعودية، كما لا يمكن للعالم الإسلامي أن ينجو من التبعات والتأثيرات العميقة للتوتر الحاصل في علاقة البلديْن المسلميْن. وتعتبر إيران والسعودية لاعبيْن رئيسيين في منطقة غرب آسيا؛ حيث يلعب العامل الجيوسياسي دوره المحوري في تشكيل العلاقة بالنظر إلى سياسات ومواقف كل دولة، كما لا يمكن إسقاط العامل المذهبي في تنافس الدولتين. تاريخيًّا شهدت العلاقات الإيرانية-السعودية فترات تراجع وازدهار، وقبل الثورة الاسلامية، وخلال العهد البهلوي، كان البلدان، وحسب نظرية نيكسون "الركيزتين التوأمين"، يشكِّلان محوري النفوذ والسيطرة للولايات المتحدة، حيث مثَّلت إيران المحور العسكري فيما مثلت السعودية المحور الاقتصادي. وقد أطاح انتصار الثورة الاسلامية بأحد محوري تلك النظرية.

 وبالإضافة إلى التحولات التي أحدثتها الثورة الإسلامية في التوازنات الإقليمية،فقد أوجدت تحولات مهمة في موازين القوى بين البلدين. وكانت التوجهات والمقاربات المختلفة للبلدين تجاه القضايا الإقليمية والعالمية، وتحولهما إلى قطبين مذهبيين، سني وشيعي، والمواقف حيال الولايات المتحدة وإسرائيل وغير ذلك من القضايا، سببًا في ألا تسود علاقات جيدة بين البلدين. رافق ذلك تصاعد حدة التوتر في حالات متعددة، والأمثلة على ذلك كثيرة، لعل أبرزها: أزمة الحجاج الإيرانيين عام 1987، وفاجعة منى عام 2015، وإعدام الشيخ النمر في السعودية، ومهاجمة السفارة السعودية في طهران، والذي أدى في النهاية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والحرب في اليمن، وتعقيدات الاتفاق النووي الإيراني.

ومنذ العام 2005، تتصاعد حدَّة المنافسة ممثَّلة بصراع محوري "المقاومة" و"الاعتدال"، وهما المحوران اللذان لم يسلما من مجريات الثورات العربية. أخذ هذا الصراع أبعادًا جديدة مع هذه الثورات التي انطلقت شرارتها في تونس 2011، وازداد حدَّةً مع الثورة السورية، فضلًا عن القلق الذي رافق توقيع إيران لاتفاق نووي مع الغرب في 2015.

تعاظمت حدَّة التنافس والصراع مع الأزمة اليمنية وتحالُف "عاصمة الحزم" ضد الحوثيين بهدف "مواجهة المدِّ الإيراني في اليمن". واعتُبرت "عاصفة الحزم" "تخطِّيًا لتقليد عدم المواجهة المباشرة بين الدولتين"(1)، عقب قناعة بدأت تتشكَّل وسط صفوف صانعي القرار في السعودية بأن سياسة المواجهة غير المباشرة مع طهران باتت غير مجدية.

ومع تلك الأزمات وكذلك الأزمة مع قطر، بدأ الصراع القائم بين البلدين يأخذ أشكالًا وأبعادًا أكثر تعقيدًا، في الظاهر والباطن.

هذه الإشكاليات وضعتها مؤسسة الدراسات المستقبلية للعالم الإسلامي في إيران قيد الدراسة من خلال استطلاع استهدف النخبة العلمية والسياسية الإيرانية وناقش أرضيات وأسباب التوتر، وسأل حول أفق العلاقات بين البلدين، وقد تكون هذه الدراسات هي الأولى من نوعها التي بحثت هذه القضية بصورة أكاديمية كمية. في هذه الورقة نناقش أهم نتائج هذا الاستطلاع مع مقارنات بنتائج دراسات أجراها مركز الجزيرة للدراسات وتناولت العلاقات العربية-الإيرانية والعلاقات الإيرانية-السعودية.

لفهم العلاقة

يساعد في فهم وتفسير العلاقات الإيرانية- السعودية الرجوع إلى نظرية الدور. إن ما يسميه هولستي (K. Holsti) القيام بالدور؛ ينطلق بصورة أساسية من طبيعة ما تحمله النخبة السياسة في كل بلد من تصورات للدور الوطني، ويأتي ذلك محكومًا بعدد من الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدولة(2).

وقد يسهم في الفهم أيضًا اللجوء إلى نظريات سلوك الدولة (Theories of state behavior)، ونظريات العلاقات الدولية التي تسعى لفهم سلوك الدولة وشرح دوافع ومحركات هذا السلوك الخارجي، الذي يرتبط بصورة كبيرة بالمحيط الذي يحيط بتلك الدولة وتتحرك داخله ومن خلاله. ويمكن المزج بين أكثر من نظرية لتأطير السلوك السياسي لدى الدولتين خاصة فيما يتعلق بالطرف الإيراني، وتبدو نظرية الواقعية الكلاسيكية (Classical Realism)، مفيدة على هذا الصعيد خاصة فيما يتعلق بالهدف، فهي تجادل بأن البحث عن القوة والأمن هو هدف كل الدول(3)، وهو المحرك الأساسي لسلوك الدولة. ولتحقيق هذا الهدف تسعى الدول إلى زيادة في قوتها بالتزامن مع إيجاد وسائل تساعدها في إضعاف الخصوم والأعداء، وعليه فإن مجمل أداء الدولة يأتي في إطار جمع ومضاعفة عناصر القوة

يجري النظر إلى كل دولة من الدول الأخرى كمنافسين باعتبار أن القوة إذا لم تكن في يد الدولة ذاتها فهي خطر عليها. لا يعني ذلك بالضرورة الوقوع في الحرب، فحالة السلم ممكنة، لكن حالة السلم المستقر ترتكز على نظام مستقر لتوازن القوى (stable balance of power)؛ وهذا يعني أن اللاعبين الكبار يملكون مصادر متقاربة للقوة بحيث لا يفكر واحد منهم في ربح الحرب إذا اندلعت وهذا ما يؤدي إلى عدم اللجوء إليها كطريقة لحل الصراعات(4).

وسعيًا لنموذج تفسير مركب، فإن نظرية الواقعية الجديدة(5) التي تحوي كثيرًا مما ورد في "الواقعية الكلاسيكية"، تساعد في فهم السلوك السياسي الإيراني والسعودي خاصة خلال الأعوام الأخيرة، ونجد تجليات ذلك في الساحتين السورية واليمنية، فهي تُرجع سبب كل الصراعات إلى القوة، فالنظام الدولي الذي تغيب عنه حكومة عالمية تظهر فيه الفوضى، وفوضى النظام الدولي هذه تسمح للدول باللجوء إلى كافة السلوكيات التي تمكِّنها من الحصول على زيادة في القوة، وهو ما يخلق حالة من المنافسة بين الدول تؤدي إلى حالة من التهديد بحيث تحاول كل دولة ضمان أمنها سواء بالدفاع أو بالمبادرة بالهجوم(6).

ويلتقي ذلك أيضًا مع ما يُطلق عليه: المصلحة الذاتية للدولة التي تصاغ بعبارات دينية مألوفة يتعلق بعضها بـ"القانون الإلهي" ويتعلق بعضها الآخر بـ"القانون الطبيعي"(7). ويدخل في نموذجنا التفسيري المركب أيضًا، النظريات الإدراكية(8)، وهي النظريات التي تشرح دور العمليات النفسية(9)، مثل: الإدراك(10) وسوء الإدراك(11)، ونظم الاعتقاد أو الأنظمة القيمية(12) في رسم السلوك(13)، ومن ذلك سلوك السياسة الخارجية للدولة، الذي قد يأتي على مستوى الدولة أو المنظمة أو الفرد، ومن بين ذلك سلوك صانع القرار(14).

الشكل رقم (1) يوضح العوامل البيئية والشخصية المؤثرة في سلوك الدولة وفقًا لنموذج هارلد وسبراوت(15)

(الجزيرة)

نموذج هارلد وسبـراوت(16)

يساعد هذا النموذج في تفسير أبعاد السياسة الخارجية الإيرانية من خلال بحث مجموعة من العوامل التي تؤثر في الدولة موضوع البحث. ويفترض هذا النموذج أن استجابة صنَّاع السياسة الخارجية للبيئة تتوقف على مدى إدراكهم إياها. كما يُفيدنا ما قدمه هارلد ومارغريت سبراوت في تفسير السياسة الخارجية الإيرانية، وكيف تؤثر البيئة النفسية والعملية لصناع القرار في بناء السياسة الإيرانية تجاه منطقة الخليج والنتائج التي تتركها هذه السياسة(17). ويمكن توسيع نموذج الدور، بحيث يشمل المستويين الداخلي والخارجي، حيث يتم في الأول بحث الأدوار السياسية في إطار الأنساق السياسية من الداخل وبحث هيكل الأدوار وتوزيعاتها وتفاعلاتها فيما يتعلق بالأنساق الفرعية أو بالنسق الكلي. وربط ذلك بالمستوى الثاني، بحيث يجري بحث الأدوار السياسية في إطار النسق السياسي الدولي/الخارجي، والتركيز على الأدوار التي يشغلها السياسيون/الدول/الجماعات(18). ويمكن إجراء ذلك بالنظر إلى بنية السلطة وصناعة القرار في إيران، وصراعها وتنافسها وأثر ذلك كله على السياسة الخارجية الإيرانية.

الشكل رقم (2) يبين نموذج هارلد وسبـراوت عن الأوساط التي يتكون فيها قرار السياسة الخارجية(19)

(الجزيرة)

(تحديات الأمن والطاقة

حاججت إيران دائمًا بأن واشنطن بقيت تسعى لإيجاد جو نفسي وسياسي معاد لإيران ونواياها في منطقة الخليج، واستخدمت ذلك بفعالية لمنح المشروعية لحضورها العسكري المكثف، وكان عنوان "التهديد الإيراني" وسيلة الولايات المتحدة لتعزيز روابطها الأمنية والعسكرية مع الدول العربية وعبَّر ذلك عن نفسه بعدد من الاتفاقيات الدفاعية الثنائية(20). ولذلك، كانت الدعوة إلى خارطة طريق إيرانية في آسيا، وركَّزت على ضرورة الوصول إلى حل أمني لمواجهة تهديد القواعد العسكرية الغربية في منطقة الخليج.

وعند النظر إلى قضية الأمن المستقبلي لمنطقة الخليج، نجد أن المنطقة ما زالت تتصدر قائمة أولويات السياسة الخارجية الأميركية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتعاظمت هذه الأمنية عقب هجمات سبتمبر/أيلول 2001، وبعد احتلال العراق عام 2003، على الرغم من الحديث عن انسحاب أميركي من المنطقة نحو الباسيفيك(21). إن احتواء المنطقة على احتياطيات كبيرة من الطاقة كان سببًا في زيادة التواجد العسكري الغربي .

وفي الوقت الذي سعت فيه واشنطن إلى توظيف المنطقة لخدمة أهدافها العسكرية والأمنية، فإن الجمهورية الإسلامية بوصفها من أكثر دول المنطقة تأثيرًا مارست سعيًا مماثلًا، وأولت أهمية كبرى لبحث الخيارات الأمنية الموجودة لانتقاء أنسب الطرق المتاحة لتعزيز أمن المنطقة والحفاظ على مصالحها، وحاولت السعودية محاصرة التفوق الإيراني في المنطقة والذي جاء على حساب نفوذها ومصالحها.

تدعو إيران إلى ترتيبات أمنية لمنطقة الخليج(22)، بالتركيز على موضوع الطاقة والأمن كمفاتيح أساسية واستراتيجية لهذا التحرك خاصة أن التحولات الكبرى التي شهدتها في السنوات الأخيرة وخاصة في العراق ضاعفت من أهميتها. وفي بحث ترتيبات أمن الخليج، لا يمكن إغفال دور إيران بوصفها لاعبًا أساسيًّا. وكذلك الحال فيما يتعلق بالعربية السعودية مع ملاحظة أن الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية كانتا في العقود الأخيرة عامودي أمن المنطقة وشكَّلت تحولات العراق العامل الأساسي المؤثر على حاضر الخليج ومستقبله؛ إذ بعد 2003 بدأت الكفة تميل إلى صالح إيران على حساب العربية السعودية.

ولا يمكن على هذا الصعيد إغفال دور الطاقة وأثرها على أمن منطقة الخليج مستقبلًا، ووفقًا للتقديرات فمنطقة الخليج تحوي ثلثي احتياطي النفط وثلث احتياطي الغاز في العالم(23)، والطلب على الطاقة في نمو متسارع وخاصة من قبل الدول الآسيوية وبشكل كبير من قبل الصين والهند، وستكون الطاقة وفق ما تتحدث عنه التقارير الاستراتيجية الإيرانية عاملًا مؤثرًا على التحولات الجيوسياسية والاقتصادية لمنطقة آسيا ومنطقة الخليج بشكل خاص(24). وسيكون لعامل الاستقرار في الخليج أثره الكبير على سوق الاقتصاد العالمية، فدول الخليج تنتج يوميًّا 23 مليون برميل من النفط مما يعادل 27% من الإنتاج العالمي، وتتوقع الأرقام العالمية حتى العام 2025 أن تُصدِّر منطقة الخليج 36 مليون برميل من النفط يوميًّا(25)، وستعتمد اقتصادات الدول وخاصة النامية في آسيا على طاقة الخليج بشكل حيوي وستؤثر أية توترات سياسية صغيرة كانت أم كبيرة على هذا الجانب بصورة واضحة(26).

مجتمع الدراسة

جاء مجتمع الدراسة ليضم النخب المؤسساتية والعلمية ذات العلاقة في مجال السياسة الخارجية، وجرى استطلاع المعنيين بمجال السياسة الخارجية في وزارة الخارجية وأساتذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية والجغرافيا في جامعات طهران والشهيد بهشتي وتربية مدرس، وعدد من الباحثين المختصين. وفي المجمل جرى استطلاع 75 شخصًا، جاء توزيعهم كالتالي

- 23 بالمئة مسؤولون تنفيذيون.

- 77 بالمئة من الباحثين وأساتذة الجامعات.

وفيما يتعلق بالتحصيل العلمي، فإن:

  • 85 بالمئة من المشاركين متخصصون في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
  •  15 بالمئة متخصصون في سائر العلوم (الجغرافيا السياسية، والحقوق، وغيرها من التخصصات).
  • 54 بالمئة من المشاركين يحملون شهادة الدكتوراه، و37 بالمئة يحملون الماجستير، و9 بالمئة يحملون البكالوريوس.

تحليل النتائج

أهمية العلاقات الإيرانية-السعودية لدى النخب الإيرانية: نجد أن النخبة الإيرانية تولي أهمية كبيرة جدًّا (%62) وكبيرة (24%) لهذه العلاقات، بينما أولى ما نسبته (%13) أهمية متوسطة، فيما لم يقل أحد من المستطلعين بأهميتها القليلة أو القليلة جدًّا.

الجدول رقم (1) يوضح رأي النخبة الإيرانية بأهمية العلاقات الإيرانية-السعودية

رأي النخبة الإيرانية بأهمية العلاقات الإيرانية-السعودية

التكرار

النسبة

أهمية قليلة جدًّا

0

0

أهمية قليلة

0

0

أهمية متوسطة

10

13.3

أهمية كبيرة

18

24

أهمية كبيرة جدًّا

47

62.7

أهم أسباب الخلاف بين البلدين: السعي للتحول إلى القوة الأولى في المنطقة

وفيما يتعلق بالخلافات الجوهرية بين إيران والسعودية في مجالات عديدة، يمكن الإشارة إلى أربعة تباينات أساسية:

  1. قراءات مختلفة عن الإسلام السياسي ونوع الحكم.
  2. التباينات المذهبية، الشيعية والسنية.
  3. التباينات القومية، العرب والعجم.
  4. السعي للتحول إلى القوة الأولى في المنطقة.

وقد رتبها المستطلعة آراؤهم وفق التالي:

وضع 75 بالمئة من المشاركين (سعي الطرفين للتحول إلى القوة الأولى في المنطقة) في المرتبة الأولى كسبب للخلافات الجوهرية في علاقات إيران والسعودية، فيما وضع 11 بالمئة فقط الخلافات المذهبية والطائفية في المرتبة الأولى، كما أن 9 بالمئة اعتبروا التباين في شكل الحكم واختلاف القراءة عن الإسلام السياسي سببًا أولًا للخلاف، و5 بالمئة أرجعوا ذلك إلى التباين القومي (العرب والعجم). وبذلك، فإن خيار (السعي للتحول إلى القوة الإقليمية الأولى) حصل من بين الخيارات الأربعة على الأولوية الأولى بواقع 75%، فيما وضعه 8 بالمئة في المرتبة الثانية، و12 بالمئة في الثالثة، و5 بالمئة في الرابعة، ليكون على رأس الخلافات بين إيران والسعودية من وجهة نظر النخب الإيرانية.

الخلافات الطائفية (الشيعة والسُّنَّة): جاءت في المرتبة الثانية بالنسبة للمجموع، مقسمة على: 11 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع يرون أنها تأتي في المرتبة الأولى، و45 بالمئة في المرتبة الثانية، و33 بالمئة في المرتبة الثالثة، و11 بالمئة في المرتبة الرابعة.

وجاء في المرتبة الثالثة (نوع الحكم والقراءة المختلفة للإسلام السياسي) والتي تعود بشكل أو آخر إلى الخلافات الطائفية الشيعية السنية، وتقترب من الأولوية الثانية من حيث النوع، حيث وردت بفارق ضئيل عنها في المرتبة الثالثة حيث صوَّت 9% من المشاركين في الاستطلاع لوضعها في المرتبة الأولى، و37 بالمئة في المرتبة الثانية، و11 بالمئة في المرتبة الثالثة، و43 بالمئة في المرتبة الرابعة.

الخلاف القومي (عرب وعجم): حصل على المرتبة الرابعة في قائمة أسباب الخلافات الجوهرية بين إيران والسعودية، حيث اعتبره 5 بالمئة من المشاركين في المرتبة الأولى، و10 بالمئة في المرتبة الثانية، و44 بالمئة في المرتبة الثالثة، و41 بالمئة في المرتبة الرابعة. وبناء على ذلك، فإن قائمة أسباب الخلافات الجوهرية جاءت مرتَّبة كالتالي:

1- محاولة البلدين للتحول إلى القوة الأولى في المنطقة.

2- الخلاف المذهبي (السني الشيعي).

3- القراءات المتباينة للإسلام السياسي ونوع الحكم.

4- الخلافات القومية (العرب والعجم).

وتجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج تلتقي في بعض جوانبها فيما تتباين في جوانب أخرى مع النتائج التي خرجت عن استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الجزيرة للدراسات بعنوان: إيران في ميزان النخبة العربية، وكان من بينها النخبة في السعودية. ونجد فيما يتعلق بأهم المشكلات التي تواجه العلاقات العربية-الإيرانية أن 39% من المستجيبين يرون الصراع على الدور السياسي والنفوذ هو أهم مشكلة تواجه العلاقات، يتلوها التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية بنسبة (%29)، ثم المشكلة الطائفية بنسبة (%25) فالتدخل الخارجي الغربي بنسبة 7%. وكانت نسبة الذين لم يُبدوا رأيًا أو رفضوا الإجابة 2%.

الشكل رقم (3) يوضح أهم المشكلات التي تواجه العلاقات العربية-الإيرانية من وجهة نظر النخبة العربية

(الجزيرة)

سوريا: أهم ساحة للصراع بين البلدين

طُرح على المشاركين، سؤال عن الدولة التي يرون أنها تشكِّل أهم ساحة منافسة وصراع إقليمي بين إيران والسعودية: سوريا، أو العراق، أو اليمن، أو البحرين، أو لبنان، أو سائر دول الخليج.

وجاءت نتائج الاستطلاع لتُظهر أن سوريا تحتل المكانة الأولى من وجهة نظر النخب الإيرانية؛ إذ إن 51 بالمئة من المشاركين اعتبروا أن سوريا تمثل أهم ساحة صراع، فيما اختار 28 بالمئة اليمن، كما وضع 15 بالمئة العراق في المرتبة الأولى، وأربعة بالمئة لبنان، وواحد بالمئة البحرين، وواحد بالمئة اختار سائر بلدان الخليج.

وتعطي هذه النتائج مؤشرًا متفاوتًا مقارنة بنتائج دراسة تحليل المضمون التي أجرتها الباحثة ونشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان: توجهات السياسة الخارجية الإيرانية عقب الاتفاق النووي.. الأولويات والأدوار، والتي حلَّلت مضمون ما يزيد عن 1400 تصريح صادر عن مختلف مؤسسات صنع قرار السياسة الخارجية في إيران، وذلك في الفترة التي أعقبت سريان تطبيق الاتفاق النووي، وجاءت لتغطي كامل عام 2016 والربع الأول من العام 2017. وتشير النتائج إلى أن الموضوعات الرئيسية التي تناولتها التصريحات الإيرانية مؤشر على الإشكاليات التي تقوم عليها العلاقة بين إيران والسعودية، وبالنظر إلى النتائج المتعلقة بالعام 2016، نجد أن موضوع اليمن تقدَّم هذه الموضوعات بنسبة وصلت إلى 23%، تلاه موضوع العلاقات الثنائية بنسبة 21%، ثم موضوع الحج والعمرة بنسبة وصلت إلى 19%، ثم سوريا بنسبة وصلت إلى 10%، وجاء الصراع بالمنطقة بنسبة 8%، وموضوع الإرهاب بنسبة 7%، ثم الملف النووي الإيراني بنسبة 6%، وجاء الموضوع البحريني بنسبة 2% تقريبًا، والاستقلال وعدم التبعية والقدرات العسكرية الإسرائيلية بنسبة 1% لكل منها. ويشير ذلك إلى أن علاقات البلدين تواجه بطبيعتها مشكلة لا يستهان بها، وتتأثر بشكل كبير بالمشكلة في اليمن، وموضوع الحج.

وشهدت هذه الموضوعات وفق دراسة مركز الجزيرة للدراسات بعض التغير حيث تشير نتائج الربع الأول من العام 2017 إلى حلحلة بعض القضايا كالحج والعمرة وتراجع الحديث بشأنها إلى 3%، لكن بقيت العلاقة محكومة بالتوتر الحاصل في عدد من الموضوعات، والتي تم تناولها بالنسب التالية:

- العلاقات الثنائية 35%.

- الصراع في المنطقة 35%.

- اليمن 15%.

- سوريا 9%.

- الإرهاب 6%.

اللوبي السعودي يقلق طهران

ورأت النخبة الإيرانية، وفق دراسة مؤسسة الدراسات المستقبلية للعالم الإسلامي، في قدرة السعودية على تشكيل جماعات الضغط "اللوبيات" في الولايات المتحدة الأميركية أكبر تهديد لإيران.

تم طرح سؤال على المشاركين في الاستطلاع حول أهم تهديد سعودي لإيران، وفق الخيارات التالية:

  • القوة العسكرية الكبيرة وصفقات التسلح.
  • القدرة على تشكيل مجموعات الضغط في أميركا.
  • العلاقة مع الكيان الصهيوني.
  • القوة الاقتصادية والتدخل في سوق النفط.
  • تحريض ودعم المعارضة في الخارج.
  • تحريض ودعم الاضطرابات في الداخل.

 ورأى 47% بالمئة من المشاركين أن قدرة السعودية على تشكيل اللوبيات في الولايات المتحدة ضد إيران تمثل أهم تهديد سعودي لإيران، فيما اعتبر 37 بالمئة أنها تمثل التهديد الثاني، ما يعني أن 84 بالمئة من المصوِّتين وضعوا قدرة السعودية على تشكيل جماعات الضغط في المرتبة كأولوية أولى وثانية في أهم تهديدات السعودية لإيران.

أما موازنة القوة عسكريًّا وصفقات التسلح، فقد جاءت ثانية بالنسبة للتهديدات السعودية لإيران، حيث اعتبر 27 بالمئة من المشاركين أنها تأتي في المرتبة الأولى، و17 بالمئة في المرتبة الثانية، و20 بالمئة في المرتبة الثالثة، و13 بالمئة في المرتبة الرابعة، و13 بالمئة في المرتبة الخامسة، وحوالي 10 بالمئة في المرتبة السادسة.

وحصلت العلاقة مع الكيان الصهيوني على المرتبة الثالثة، والقوة الاقتصادية والقدرة على التأثير على سوق النفط ضد إيران على المرتبة الرابعة، وجاءت القدرة على تحريض ودعم المعارضة في الخارج لتغيير النظام في المرتبة الخامسة، والقدرة على تحريض ودعم الاضطرابات في الداخل في المرتبة السادسة.

نفوذ إيران الإقليمي: أهم تهديد للسعودية

سُئل المشاركون في الاستطلاع: ما أهم تهديد تمثله إيران للسعودية؟، وطُرحت عليهم الخياراتُ التالية:

  • القدرات النووية الإيرانية.
  • القدرات الصاروخية الإيرانية.
  • النفوذ والسيطرة الإيرانية في المنطقة.
  • التحسن في العلاقات الإيرانية-الأميركية.

واعتبر ما يزيد عن نصف النخب الإيرانية المشاركة في الاستطلاع، أن السيطرة والنفوذ الإقليمي لإيران يشكل أهم تهديد للسعودية، حيث إن 56 بالمئة من المشاركين وضعوا هذا الخيار في المرتبة الأولى، و23 بالمئة في المرتبة الثانية، و20 بالمئة في المرتبة الثالثة، وواحد بالمئة في المرتب الرابعة كأهم تهديد إيراني للسعودية.

وحصلت القدرات الصاروخية الإيرانية على المرتبة الثانية فيما حل خيار تحسن العلاقات الإيرانية-الأميركية في المرتبة الثالثة، وحلَّت القدرات النووية الإيرانية رابعة في جدول أولويات التهديد الإيراني للسعودية.

السعودية والاتفاق النووي

وطُرح على النخبة الإيرانية المشارِكة في الاستطلاع سؤال حول مدى تأثير دور السعودية في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وطُلب الإجابة عن ذلك عبر مقياس "ليكرت"، ليختاروا إجاباتهم من بين الخيارات:

  1. ضعيف جدًّا /لا دور لها.
  2. ضعيف.
  3. متوسط.
  4.  كبير.
  5. كبير جدًّا.

 وجاءت النتائج كالتالي:

  •  40 بالمئة اعتبروا أن دور السعودية كان متوسط التأثير على القرار الأميركي.
  • 224بالمئة من المشاركين اعتبروا أن السعودية كان لها دور كبير جدًّا في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
  • 21.3بالمئة من المشاركين اعتبروا أن دور السعودية كان كبيرًا في خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
  • 8بالمئة وصفوا دورها بالضعيف في انسحاب الإدارة الاميركية من الاتفاق.
  •  6.7 بالمئة رأوا أن دور السعودية كان ضعيفًا جدًّا أو لم يكن لها دور في ذلك.

الجدول رقم (2) يظهر تقييم النخبة الإيرانية لتأثير السعودية في القرار الأميركي بشأن الاتفاق النووي

الترتيب

النسبة

التعداد

ضعيف جدًّا/ لا دور لها

6.7%

5

ضعيف التأثير

8%

6

متوسط التأثير

40%

30

كبير التأثير

21.3%

16

مؤثر جدًّا

24%

18

الجمع

100%

75

وفي المجموع، فإن النتيجة تشير إلى أن النخبة الإيرانية تقول بقدرة السعودية على التأثير في القرار الأميركي فيما يتعلق بالانسحاب من الاتفاق النووي.

السعودية لا ترغب في التفاوض

تعتقد النخبة الإيرانية، وفق هذه الدراسة، أن السعودية لا ترغب في الحوار مع الجمهورية الإسلامية، وجاءت إجابتهم على السؤال المتعلق بالرغبة السعودية في الحوار موزعة كالتالي:

  • 26.7 بالمئة من المشاركين "ضعيفة جدًّا"/ لا رغبة لديها.
  • 39 بالمئة تقريبًا قالوا: إنها "ضعيفة".
  • 33بالمئة: "رغبة متوسطة".
  • 1  بالمئة قالوا: إنها "رغبة كبيرة".

وبذلك، فإن نسبة كبيرة تصل إلى 65 بالمئة من النخب الإيرانية ترى أن السعودية لا رغبة تُذكر لديها للتفاوض مع إيران.  

الشكل رقم (4) يوضح مستوى رغبة السعودية في الحوار مع إيران كما تراه النخبة الإيرانية

(الجزيرة)

إيران لديها رغبة أكبر للتفاوض

وفي المقابل، سُئل المشاركون في الاستطلاع عن مدى الرغبة الإيرانية في التفاوض مع السعودية، وكشفت النتائج أن:

- 6.7 بالمئة من المشاركين اختاروا: ضعيفة جدًّا/لا رغبة.

-  17.3 بالمئة صوتوا لخيار رغبة قليلة أو ضعيفة.

-  33.3 بالمئة: رغبة متوسطة.

-  34.7 بالمئة: رغبة كبيرة.

-   8 بالمئة صوَّتوا لخيار "رغبة كبيرة جدًّا". 

بعبارة أخرى، فإن 76 بالمئة من النخب الإيرانية المشاركة في الاستطلاع اعتبروا أن رغبة إيران في التفاوض مع السعودية تزيد عن المتوسط، و42.7 اعتبروا رغبة إيران كبيرة وكبيرة جدًّا في ذلك.

الشكل رقم (5) يبين رأي النخبة الإيرانية بمستوى الرغبة لدى إيران في التفاوض مع السعودية

(الجزيرة)

وفيما يتعلق بالسؤال عن مدى إمكانية عقد مفاوضات ثنائية مباشرة بين البلدين (من دون وسيط) في ظل الظروف الراهنة، رأى 25 بالمئة من المشاركين أن احتمال التفاوض المباشر قليل جدًّا، فيما اعتبره 43 بالمئة احتمالًا قليلًا، و27 بالمئة رأوا أنه متوسط، و4 بالمئة قالوا بوجود احتمال كبير، وواحد بالمئة فقط قالوا بوجود احتمال كبير جدًّا. وبناء عليه، فإن 67 بالمئة من المشاركين في هذا الاستطلاع اعتبروا أن احتمال التفاوض المباشر بين البلدين قليل.

الشكل رقم (6) يوضح إمكانية المفاوضات المباشرة بين إيران والسعودية

(الجزيرة)

عُمان: مرشح مقترح للوساطة

سُئل المشاركون في الاستطلاع عن أنه لو توفرت إمكانية لحل الخلاف بين البلدين عبر وسيط ثالث: ما هو البلد الأفضل للقيام بدور الوسيط من بين البلدان التالية: (روسيا، الصين، فرنسا، تركيا، الكويت، عُمان، باكستان، أو سائر الدول)؟ ورأى 33 بالمئة تقريبًا أن عُمان الخيار الأفضل للقيام بدور الوسيط، فيما اعتبر 20 بالمئة روسيا الأنسب لذلك، و13 بالمئة اختاروا فرنسا.

الشكل رقم (7) يبين رأي النخبة الإيرانية في الدول المرشحة كوسيط بين إيران والسعودية

(الجزيرة)

العلاقات السعودية-الإسرائيلية

من المتغيرات المهمة في دراسة العلاقات الإيرانية-السعودية، تأثير العلاقات مع سائر الأطراف، على العلاقات بين البلدين، في هذا الاستطلاع جرى بحث دور أهم اللاعبين المعادين لإيران، أي الولايات المتحدة وإسرائيل، وطُرح السؤال عن مدى تأثر المواقف المعادية للسعودية بالعلاقات السعودية-الأميركية، وتم تكرار نفس السؤال أيضًا بخصوص العلاقات بين السعودية وإسرائيل

وبيَّنت النتائج أن تأثير العلاقات السعودية مع الولايات المتحدة الأميركية أكبر من تأثير العلاقات السعودية مع إسرائيل من وجهة نظر النخبة المشاركة في الاستطلاع. وقالت النتائج: إن 27 بالمئة تقريبًا يعتقدون أن تأثير علاقات السعودية مع الولايات المتحدة في اتخاذ مواقف عدائية حيال إيران كبير جدًّا، ورأى 24 بالمئة أن هذا التأثير كبير، فيما اعتبره 37.3 بالمئة تأثيرًا متوسطًا، و8 بالمئة رأوا أنه تأثير ضعيف، و4 بالمئة أنه ضعيف جدًّا. وبناء عليه، فإن 12 بالمئة فقط لا يرون تأثيرًا للعلاقات السعودية مع الولايات المتحدة على المواقف المعادية حيال إيران أو يصنفونه بأنه تأثير قليل جدًّا، لكن من وجهة نظر 88 بالمئة، فإن دور هذه العلاقات مؤثِّر (بصورة متوسطة وأكثر) في المواقف السعودية تجاه إيران، و51% بالمئة تقريبًا يرون أن تأثيرها كبير وكبير جدًّا.

الشكل رقم (8) يوضح تقييم النخبة الإيرانية لتأثير العلاقات السعودية-الإسرائيلية على العلاقة مع إيران

(الجزيرة)

أما فيما يتعلق بمدى تأثير العلاقات السعودية مع إسرائيل على المواقف السعودية المعادية لإيران، اعتبر 12 بالمئة تأثيره كبيرًا جدًّا، و24 بالمئة صنَّفوه ضمن فئة كبير، و30.7 بالمئة قالوا: إنه تأثير متوسط الدرجة، و21.3 بالمئة ضعيف، و12 بالمئة ضعيف جدًّا. في المحصلة، اعتبر 66.7 بالمئة تلك العلاقات مؤثرة (بدرجة متوسطة وأكثر)، لكن على خلاف العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، فإن أقل من نصف المشاركين في الاستطلاع، أي حوالي 36 بالمئة، يرون أن للعلاقة بين السعودية وإسرائيل تأثيرًا حقيقيًّا (كبيرًا وكبيرًا جدًّا) في اتخاذ السعودية مواقف معادية لإيران، وقد تساعد المقارنة بين النتائج في فهم أفضل للموضوع.

الشكل رقم (9) يوضح تقييم النخبة الإيرانية لتأثير العلاقات السعودية-الأميركية على العلاقة مع إيران

(الجزيرة)

السياسات السعودية وخلق التوتر

وبَحَثَ الاستطلاع نظرة النخبة الإيرانية إلى دور السياسات السعودية وما إذا كانت تسهم في زيادة التوتر بين البلدين، وجاء السؤال وفق الخيارات ما بين ضعيف جدًّا/لا تأثير لها، وكبير جدًّا. وبالنظر إلى النتائج، فإن 64 بالمئة من المشاركين ألقوا باللوم على السعودية في خلق أجواء التوتر والشحن بين البلدين، وقيَّم 24 بالمئة دور السياسات السعودية بالكبير جدًّا، و40 بالمئة وصفوه بـالكبير، ووضع 22.7 بالمئة تأثير السياسات السعودية ضمن المتوسط، و10.7 بالمئة اعتبروه ضعيفًا، و2.6 بالمئة اعتبروه ضعيفًا جدًّا.

الشكل رقم (10) يظهر دور السياسات السعودية في رفع مستوى التوتر مع إيران

(الجزيرة)

وبالرغم من أن العلاقات الإيرانية-السعودية لم تخل من التوتر، على فترات من تاريخها لكن يبدو أنه في مرحلة الحكام الحاليين (الملك سلمان، وولي عهده، محمد بن سلمان)؛ فإن مواقف السعودية أصبحت أكثر حدة من الماضي، وهو ما جرى سؤال النخبة الإيرانية عنه، وقال 93% بالمئة من المشاركين في الاستطلاع: إن دور الحكام الحاليين في السعودية (متوسط وكبير) في تصعيد العداء ضد إيران. ومن مجموع كل الآراء، رأى 33% من المشاركين في الاستطلاع أنه دور كبير جدًّا، و33 بالمئة كبير، و27 بالمئة متوسط.

الشكل رقم (11) يبين تأثير الحكام الحاليين للسعودية في توتر العلاقات مع إيران

 

(الجزيرة)

وبحث الاستطلاع أيضًا تأثير تحسن العلاقات الإيرانية-السعودية على علاقات إيران مع سائر الدول العربية؛ حيث أفادت النتائج بأن النخبة الإيرانية ترى أن العربية السعودية لاعب مهم في العالم العربي، خاصة أن لها موقع الأبوية أو الشقيق الأكبر حيال بعض الدول العربية الصغيرة

وبالعودة إلى النتائج كما يُظهرها الرسم البياني التالي، فكل المشاركين تقريبًا (98.7 بالمئة) قالوا بتأثير تحسن العلاقات بين إيران والسعودية على تحسين العلاقات مع سائر الدول العربية بدرجة (متوسطة وأكثر)، و88 بالمئة رأوا لذلك تأثيرًا جديًّا (تأثير كبير وكبير جدًّا)، وهو ما يؤكد -وفق ما يشير إليه تقرير الاستطلاع- ضرورة السعي لتحسين العلاقات مع السعودية من أجل تحسين العلاقات مع العالم العربي عمومًا.

الشكل رقم (12) يبين تأثير تحسُّن العلاقات الإيرانية-السعودية على مجمل علاقات طهران مع الدول العربية

(الجزيرة)

السعودية: منافس قابل للتعاون

بحث الاستطلاع، بغضِّ النظر عن التحديات الراهنة بين إيران والسعودية، مجموعة من الخيارات المتعلقة بإمكانيات العلاقة وفق الخيارات التالية: هل السعودية هي:

-   دولة مسلمة وشقيقة ويجب الاتجاه إلى الوحدة معها؟

-    السعودية العدو الإقليمي الأساسي لإيران؟

-    السعودية بلد لا يبيِّت نوايا طيبة تجاه إيران، ويجب التعامل معها بحذر؟

-    السعودية منافس إقليمي ورغم الخلافات يمكن التعاون معها؟

تُظهر النتائج أن 73.3 بالمئة من النخبة الإيرانية المشاركة في الاستطلاع، يصنفون السعودية دولة منافسة إقليميًّا، ورغم وجود الخلافات يمكن التعاون معها. و6.7 بالمئة من المشاركين كانت لهم نظرة إيجابية حيال السعودية واعتبروا أنها دولة مسلمة وشقيقة ويجب الاتجاه نحو الوحدة معها، فيما رأى 16 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع أن السعودية لا تبيِّت نوايا خيِّرة تجاه إيران، ويجب التعامل معها بحذر، كما رأى 4 بالمئة أن السعودية العدو الرئيس لإيران في المنطقة.

الشكل رقم (13) يوضح توصيف النخبة الإيرانية لشكل العلاقة بين إيران والسعودية

(الجزيرة)

خلاصة

يبدو أن النخبة الإيرانية قلقة من قدرة السعودية على بناء جماعات الضغط في الغرب، في حين ترى أن النفوذ الإقليمي الإيراني هو المهدِّد الأكبر للسعودية، ولذلك فنقطة القوة السعودية تأتي من خارج الإقليم في حين تقوم نقاط قوة إيران من داخله. وهناك إقرار إيراني بدور وتأثير للسعودية على القرار الأميركي فيما يتعلق بالاتفاق النووي. فيما تحمل النخبة الإيرانية قناعة بعدم وجود رغبة سعودية للحوار مع إيران. وما زالت عُمان هي الدولة المرشحة للوساطة بين البلدين، في حال فتح الباب لذلك.

لعل أهم نتيجة نجدها في استطلاع الرأي هذا، هي القول بإمكانية التعاون بين البلدين، على الرغم من اعتبار السعودية منافسًا إقليميًّا لإيران من وجهة نظر النخبة الإيرانية، لكن هذا التعاون رهن بمواقف صانعي القرار في البلدين وتوجهاتهم تجاه العلاقة. ولعل ذلك يستدعي الحديث عن الدور، وهنا نعود إلى نتائج تحليل المضمون الذي أجراه مركز الجزيرة للدراسات حيث نجد أن هاجس الدور حكم مواقف المسؤولين الإيرانيين في التصريحات التي طالت العربية السعودية خلال العام 2016 وكذلك الربع الأول من العام 2017؛ حيث وصلت نسبة الحديث أو الإشارة إلى الدور الإيراني في العام 2016 إلى 79%، وارتفعت إلى 85% في الربع الأول من العام 2017.

وإذا كانت طبيعة الدور وشروط التنافس هي محددات أساسية في العلاقة، فلا يبدو أن العلاقة في طريقها إلى الانفراج في المدى القريب، وفي الواقع لا يقدِّم المسؤولون الإيرانيون نظرة مستقبلية متفائلة بالنسبة للعلاقة مع السعودية بالنظر إلى هذه القضايا؛ إذ تشير النتائج المتعلقة بالعام 2016، إلى مستقبل يقوم على التوتر والصراع بنسبة تصل إلى 68%، مقابل 10% تقول بأن العلاقات ستشهد تعزيزًا وتطويرًا بشأن بعض القضايا، و9% ترى مستقبلًا يقوم على حل سياسي وتسويات، وتحدثت ما نسبته 7% من التصريحات عن مستقبل يقوم على مواجهة مسلحة.

 وحيث لا توجد دراسة سعودية مماثلة تُمكِّن من مقارنة التوجهات بشأن مشكلات العلاقة مع إيران ومستقبل هذه العلاقة، تبقى المعطيات القائمة مؤشرًا على رغبة سعودية في التصعيد مع إيران، وهو ما يُدخل المنطقة في صراع لن تقف تأثيراته عند حدود البلدين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*د.فاطمة الصمادي، باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات.

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1) أحمديان، حسن، "الموقف الإيراني من تطورات اليمن: وجهة نظر إيرانية"، مركز الجزيرة للدراسات، 25 يونيو/حزيران 2015، (تاريخ الدخول: 25 يونيو/حزيران 2015): http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/06/20156257592656750.html

(2)   - K. J. Holsti, “National Role Conceptions in the Study of Foreign Policy”, International Studies Quarterly, Vol. 14, No. 3 (September 1970), p. 233-309.http://maihold.org/mediapool/113/1132142/data/Holsti.pdf

(3) باوتشر، ديفيد، النظريات السياسة في العلاقات الدولية، ترجمة رائد القاقون، (المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2013)، ط 1، ص 29.

(4)  - Toledo, Peter, “Classic Realism and the Balance of Power Theory”, Glendon Journal of  International Studies, Vol 4 (2005), p. 52-62:https://gjis.journals.yorku.ca/index.php/gjis/article/viewFile/35205/31924

(5)  -Neo- realism

(6) - Jakobsen, Jo, “Neorealism in International Relations – Kenneth Waltz”, popular social science, November 2013, (Visited on 10 July  2018):http://www.popularsocialscience.com/2013/11/06/neorealism-in-international-relations-kenneth-waltz/

(7) باوتشر، النظريات السياسة في العلاقات الدولية، مرجع سابق، ص 275- 276.

(8) cognitive theories.

(9) psychological processes.

(10)  Perception.

(11)  Misperception.

(12)  belief systems.

(13)  - Bandura, A.Social cognitive theory: An agentive perspective. Annual Review of Psychology, 52,2001.

(14)  - jhon G. gunnel, “Are we Losing Our Minds? Cognitive Science and the study of politics”, political theory, Vol. 35, N. 6, December 2007, p. 704-731.

http://mfs.uchicago.edu/public/institutes/2013/cognition/prereadings/gunnellarewelosingourminds.pdf

(15)  - Pajares. F. “Overview of social cognitive theory and of self-efficacy”, emory.edu, 2002, (Visited on 10 July 2018):  http://www.emory.edu/EDUCATION/mfp/eff.html

(16)  - Margaret Sprout.

(17)  - Criekemans, David; Duran, Manuel; “Mental maps, geopolitics and foreign policy analysis: basic analytical framework and application to sub-state diplomacy in the Mediterranean”, WISC 2011, (Portugal(, p. 5-12:    http://www.wiscnetwork.org/porto2011/papers/WISC_2011-644.pdf

(18)  - Richard Adigbuo, Ebere, “National Role Conceptions: A New Trend in Foreign Policy Analysis, chapter 2 of doctoral thesis titled Nigeria’s National Role Conceptions: the Case of Namibia (1975-1990), submitted to the University of Johannesburg –South Africa in 2005:

 http://www.wiscnetwork.org/porto2011/papers/WISC_2011-647.pdf

(19)  - Criekemans, David; Duran, Manuel, “Mental maps, geopolitics and foreign policy analysis”, wiscnetwork, 2011, (Visited on 10 July 2018):http://www.wiscnetwork.org/porto2011/papers/WISC_2011-644.pdf

(20)  امين روان بد، "همکاري‌هاي‌ نظاميـ امنيتي ايالات متحده و کشورهاي شوراي همکاري خليج‌ فارس چالش‌ها و راهبردهاي جمهوري اسلامي ايران"،( التعاون العسكري بين الولايات المتحدة و دول مجلس التعاون الخليجي : التحديات والاستراتيجيات لجمهورية إيران الإسلامية) التقرير الاستراتيجي رقم 196 الصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام، بهمن1386( 2007).

(21)  - ديدگاه‌ هاي گوناگون در خصوص آينده امنيت در منطقه خليج فارس و راهکارهاي ج.ا. ايران، (وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بمستقبل أمن منطقة الخليج الفارسي واستراتيجيات جمهورية إيران الإسلامية)، قسم أبحاث الأمن والإرهاب، مجمع تشخيص مصلحة النظام، شهريور 1385، (2006).

(22)  محمود واعظي، ترتيبات امنيتي خليج ‌فارس، (الترتيبات الأمنية في الخليج)، دائرة أبحاث السياسة الخارجية، مركز أبحاث مجمع تشخيص مصلحة النظام، شهريور 1385، (2006).

(23)  -إلهام فرهادي، إيران و امنيت انرژي (إيران وأمن الطاقة)، دائرة أبحاث السياسة الخارجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام، التقرير الاستراتيجي، العدد 326،ص 8.

(24)  محمود واعظي، ديپلماسي انرژي ايران و قدرت بزرگ در خليج فارس، (دبلوماسية الطاقة الإيرانية والقوى العظمى في الخليج الفارسي)، قسم أبحاث السياسة الخارجية، مركز الدراسات التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام، آذر 1389، (ديسمبر/كانون الأول 2010)، ص ص 123-130.

(25)  إلهام فرهادي، إيران و امنيت انرژي، (إيران وأمن الطاقة)، مرجع سابق.

(26)  - علي رضا قنبري ومحمد أمين نادريان،"دگرگونيهاي امنيت انرژي وفرصت هاي پبشروي ايران") التغيرات والفرص التي تواجه أمن الطاقة في إيران)، دورية "اطلاعات سياسي اقتصادي"، العدد 265 – 266، 1388 (2009)،ص 77.