صدر عن مركز الجزيرة للدراسات، الإثنين 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021، كتاب جديد بعنوان صعود وسقوط تنظيم الدولة في سرت: عملية البنيان المرصوص، لمؤلفيْه، نزار كعوان وعبد الرزاق العرادي.
يسلِّط الكتاب الضوء على العملية العسكرية التي عُرفت باسم عملية البنيان المرصوص، والتي نجحت في تحرير مدينة سرت الليبية ذات الموقع الاستراتيجي من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، خلال الفترة من مايو/أيار إلى ديسمبر/كانون الأول 2016.
تتناول فصول الكتاب طبيعة الحرب التي خاضتها قوات البنيان المرصوص ضد تنظيم الدولة، كما تستعرض تفاصيل المعركة من الناحية العسكرية ومدى التنسيق بين مختلف الأسلحة والتشكيلات التابعة للغرف العسكرية، وتتتبع تداعيات تلك المعركة على الداخل الليبي عسكريًّا وسياسيًّا، كما ترصد تأثيرها على المستوى الإقليمي.
استقى المؤلفان مادة الكتاب من خلال بحث ميداني عبر استبانة أجاب عنها عدد من القادة العسكريين والأمنيين الذين اشتركوا في عملية البنيان المرصوص، كما حصلا على معلومات مهمة من مكتب النائب العام الليبي بهذا الخصوص.
يضع الكتاب الحرب على تنظيم الدولة في سياق الأحداث التي شهدتها ليبيا منذ ثورة السابع عشر من فبراير/شباط 2011 وما أعقبها من محطات ومنعطفات وخاصة من بعد ظهور اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومساعيه لتعطيل مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد.
يحمل الكتاب موقفًا وزاوية نظر خاصة بمؤلفيْه من الأحداث والوقائع التي شهدتها ليبيا خلال الفترة الزمنية التي يعالجها، لكنه -كما يذكران- لا يفتري أو يضع سيناريوهات غير واقعية، بل يتوخى الدقة ويتجنب الجزم بحدوث الوقائع ما لم تكن أدلتها المادية محسوسة، أو يكون أصحابها أحياء متحلِّين بالمسؤولية ومستعدين للدفاع عن رواياتهم علنًا.
يخلص المؤلِّفان في كتابيهما إلى جملة من النتائج المترتبة على عملية البنيان المرصوص، من أبرزها: أنها رسخت شرعية حكومة "الوفاق"، وغيَّرت ميزان القوى لصالحها، وأكدت أهميةَ الاتفاق السياسي الذي حصل في الصخيرات المغربية، كما أنها منحت ليبيا مناعة ضد نشوء مراكز قوية للإرهاب، بعد طرد تنظيم الدولة من معقله في مدينة سرت وسط البلاد، وطرد خلاياه ومقاتليه من مناطق أخرى، مثل درنة وبنغازي في الشرق، وطرابلس وصبراتة في الغرب، فضلًا عن كونها (عملية البنيان المرصوص) أكدت أن محاربة الإرهاب "التي ادعاها حفتر" كانت مجرد غطاء لتلبية طموحه في الاستيلاء على الحكم بالقوة.
كما خلص الكتاب أيضًا إلى أن عملية البيان المرصوص أعادت بناء العلاقة بين القوة السياسية والقوة العسكرية، بما يجعل الأخيرة في موقع التبعية للأولى والائتمار بأوامرها.
وعن تأثير تلك العملية على الموقف الإقليمي، خلص الكتاب إلى أنها كشفت الغطاء عن التوظيف السياسي لمكافحة الإرهاب، وضيَّعت فرصة على القوى الإقليمية الداعمة لحفتر لفرض واقع سياسي جديد مستغلةً تمدد الإرهاب لفتح ثغرات للاختراق العسكري والأمني مما يمهد له (لحفتر) الطريق للحكم العسكري والشمولي حال وصوله إلى سدة الحكم.
وينتهي الكتاب إلى أن عملية البنيان المرصوص أسهمت في إعادة الوعي السياسي والثوري ووجهت بوصلتهما نحو القضايا الوطنية الكبرى، وجسدت روح الوحدة الوطنية -التي أنهكتها الصراعات والانقسامات والثورة المضادة- من خلال تآزر المدن والقبائل والفصائل والتيارات والتشكيلات النظامية والثورية.
والكتاب متاح للقراءة والتحميل من على صفحة "الكتاب الإلكتروني" على موقع الجزيرة للدراسات عبر الرابط التالي (اضغط هنا).