أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية: المسارات، العثرات، المآلات

(الجزيرة)

بالتزامن مع مرور أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية أصدر مركز الجزيرة للدراسات، اليوم، 17 مارس/آذار 2022، كتابًا جديدًا بعنوان أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية: المسارات، العثرات، المآلات، لمؤلفه الكاتب والباحث الليبي السنوسي بسيكري.

يتناول الكتاب أسباب ثورة السابع عشر من فبراير/شباط 2011، ويوثق أبرز المحطات التي اتخذتها هذه الثورة خلال الأحد عشر عامًا الماضية (2011 – 2022)، ويناقش العثرات التي اعترضت مسار التحول الديمقراطي ودور العامليْن الداخلي والخارجي في ذلك وما أفضت إليه هذه العثرات من احتراب أهلي، ويُقيِّم المؤلف في كتابه الجهود التي بُذلت لإعادة الأمن والسلم إلى ليبيا، ويسلِّط الضوء على مصالح القوى الإقليمية والدولية والمواقف التي اتخذتها من الثورة الليبية وأثر ذلك في تطور الأحداث ومآلاتها.  

ورغم ما كُتب عن الثورة الليبية خلال الأحد عشر عامًا الماضية فإنَّ ما يميِّز هذا الكتاب –كما يقول المؤلف- أنه من الكتب القلائل التي تعالج ثورة 17 فبراير بكل أبعادها؛ السياسية والاجتماعية، الداخلية والخارجية، على امتداد فترة زمنية طويلة نسبيًّا؛ تتيح الفرصة لتقديم قراءة معمقة حول مسارات وعثرات ومآلات هذه الثورة.

وقد خلص المؤلف في كتابه إلى أن مسار تأسيس دولة ديمقراطية عصرية في ليبيا، بعد الحقبة الاستعمارية الإيطالية، كان واعدًا قبل أن يصطدم هذا المسار بمنعطف انقلاب الفاتح من سبتمبر 1969 الذي قاده العقيد معمر القذافي وانحرافه بهذا المسار إلى نموذج معاكس، أدى طوال الأربعة عقود التي حكم فيها البلاد إلى تشوهات اجتماعية وسياسية كبيرة، كانت أحد أسباب ثورة السابع عشر من فبراير، وفي الوقت ذاته كانت أحد مسببات عدم قدرة المجتمع ونخبه الفاعلة على تأسيس الدولة الديمقراطية العصرية التي قامت الثورة من أجلها.

وعن بداية الانحراف في مسار ثورة السابع عشر من فبراير يذكر المؤلف أنه في العامين الأوليين من الثورة شهدت البلاد بشائر سياسية واجتماعية؛ حيث عاد إنتاج النفط إلى مستواه وتحسَّن بالتبعية المستوى المعيشي لليبيين، وأجريت انتخابات المؤتمر الوطني العام في أجواء ديمقراطية غير مسبوقة منذ عقود، إلا أن الأوضاع انقلبت إلى نزاع سياسي وتأزيم اقتصادي وقطيعة اجتماعية، وذلك منذ العام 2014، ثم تفجَّر الصراع المسلح بين عمليتي الكرامة بقيادة خليفة حفتر وفجر ليبيا التي يقودها الثوار ويدعمها المؤتمر الوطني العام، ليستمر النزاع حتى بعد التوافق على سلطة تنفيذية واحدة وانتخابات عامة نهاية العام 2021.

وعن تحليله لتلك العثرات يقول المؤلف إنَّ تأزيم المشهد وتفجره بعد ذلك كان بفعل اتجاهات نخبوية؛ جهوية وقبلية وسياسية، عملت لمصالحها على حساب المصلحة الوطنية، وأن هذا المنطق هو الذي جعل تلك النخب تصم الآذان عن نداءات المصالحة والتسوية السلمية ومهَّد السبيل للحروب التي اندلعت سواء في درنة أو بنغازي أو طرابلس. 

لهذا ينبغي التأكيد –والكلام للمؤلف- على أن نقطة الانطلاق الصحيحة لحل الأزمة وتفكيك النزاع هي بروز نخبة تُغلِّب المصلحة العامة على النزعات الخاصة واللوثات الجهوية والأيديولوجية، وتحييد النزوع الجهوي المسيّس وإنهاء منطق المغالبة وفرض معادلة التوازن العادلة، ذلك أن فرصة أي من المشاريع السياسية الثلاثة، سبتمبر وفبراير والكرامة، في السيطرة على مقاليد الأمور وإدارة الدولة منفردًا، غير متاحة، وأن التوافق سياسيًّا ثم اتباع نهج لا مركزي تقوده كفاءات إدارية فاعلة ونزيهة، مع مجابهة الفساد والفاسدين والتضييق عليهم، هو الخيار الأفضل لإنهاء معاناة الليبيين، ووضع البلاد على المسار الصحيح للانتقال الديمقراطي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ومؤلف الكتاب هو السنوسي بسيكري، مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية، حاصل على بكالوريوس اقتصاد من جامعة قاريونس بليبيا، وماجستير العلاقات الدولية من جامعة لندن المحلية ببريطانيا. صدرت له عدة كتب، منها: "أوراق في الاقتصاد الليبي: دراسة تحليلية للتخطيط والتنمية في ليبيا خلال الأعوام 1972-2007" (مكتبة وهبه، القاهرة، 2007) وكتاب: "الشراكة الأورومتوسطية: من برشلونة الى الاتحاد من أجل المتوسط" (مكتبة وهبة، القاهرة، 2009). عمل مستشارًا في عدد من المؤسسات واللجان منها: فريق رؤية ليبيا 2030، ومكتب دعم السياسات العامة، ويتركز نشاطه حول الانتقال الديمقراطي والبناء المؤسسي في ليبيا.

ويمكن قراءة الكتاب أو تحميله عبر (هذا الرابط). 

نبذة عن الكاتب