البناء الفني والتحريري للتقارير الإخبارية الميدانية في القنوات الفضائية العربية: دراسة تحليلية بالتطبيق على الإخبارية السعودية، والجزيرة، وبي بي سي العربية

30 مارس 2023
(الجزيرة)

الملخص

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على السمات الإخراجية والتحريرية للتقرير الإخباري الميداني في القنوات الفضائية العربية، والوقوف على مدى الاختلافات بين هذه القنوات من حيث تلك السمات.

تنتمي هذه الدراسة إلى البحوث الوصفية، واستخدمت أسلوب تحليل المضمون، واختارت عينة زمنية عشوائية وفق الأسبوع الصناعي من الدورة البرامجية (1 أكتوبر/تشرين الأول 2013 -31 ديسمبر/تشرين الثاني 2013) للنشرات الإخبارية لقنوات: الإخبارية السعودية، والجزيرة، وبي بي سي العربية.

وتوصلت الدراسة إلى نتائج منها: أن متوسط طول التقرير الإخباري الميداني لدى القنوات عينة الدراسة يبلغ 152 ثانية، أي دقيقتين و32 ثانية، وأن ما يقرب من ثلثي المراسلين الميدانيين ينتمون لفئة الذكور، وأن اللقطات الحية هي المادة الفيلمية الأساسية في التقرير الإخباري التلفزيوني الميداني، كما أن القطع cut هو أسلوب الانتقال الأساسي بين لقطات التقرير الإخباري الميداني وفقاً لنتائج الدراسة.

وأظهرت نتائج الدراسة أن التعليق الصوتي في التقارير الإخبارية الميدانية يميل إلى الطول، وأن أغلب لقطات ضيوف التقرير الإخباري الميداني تأتي على الحجم المتوسط Medium shot إذ بلغت نسبتها 73.3%، وتليها اللقطات القريبة Close Shot بنسبة قدرها 25%، بينما بلغت نسبة اللقطات البعيدة في صور الضيوف 1.2%، وأخيرًا اللقطات المتغيرة من حجم إلى آخر (0.6%). وكان من نتائج الدراسة أيضا: أنه توجد علاقة توافق جزئي بين الصور والتعليق في التقرير الإخباري الميداني في القنوات الفضائية العربية -وليست علاقة توافق تام- رغم وجود تفاوت ملحوظ بين القنوات الثلاث في هذا الأمر.

كما توصل الباحث إلى أن أغلب التقارير الإخبارية الميدانية عينة الدراسة تبتدئ بلقطات تأسيسية هدفها توضيح المكان الرئيسي للحدث قبل التركيز على تفاصيله أو بعض أجزائه.

وبالنسبة للمقارنة بين القنوات الثلاث عينة الدراسة، فقد توصل الباحث إلى أن هناك اتفاقًا عامًا بين هذه القنوات على هيكل التقرير الإخباري الميداني رغم وجود تفاوت بينها في الاستيفاء بعناصره أو توظيفها بشكل مهني.

وبناءً على نتائج الدراسة، فقد أوصى الباحث بالإيجاز في طول التقرير الإخباري الميداني وتحقيق التوازن بين عناصره على ألا يتجاوز دقيقتين ونصفًا كحد أقصى، كما دعا إلى العناية بالصورة وتقديمها على النص أثناء إعداد التقرير الإخباري الميداني، مشددًا على الاهتمام بتدريب المراسلين بهدف تحقيق الجودة الإخراجية والتحريرية في التقارير الإخبارية الميدانية.

وقدم الباحث في ختام دراسته خطوات نموذجية لإعداد تقرير تلفزيوني ميداني مهني، مقترحًا إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية في موضوع التقرير الميداني والكتابة للصورة.

أهمية البحث:

يستمد البحث أهميته من أهمية موضوع التقارير التلفزيونية الميدانية التي تمثّل عصب العمل الإخباري التلفزيوني، ويمكن تحديد أهمية البحث في النقاط الآتية:

  • ندرة الدراسات التي تناولت التقارير الإخبارية التلفزيونية الميدانية في القنوات العربية الإخبارية بالوصف والتحليل والتقويم، على حدّ علم الباحث.
  • ينتظر من هذه الدراسة أن تسهم في بناء رصيد معرفي لدارسي الصحافة التلفزيونية والعاملين في مجال التقارير الإخبارية الميدانية.
  • يتوقع الباحث أن تفيد نتائج الدراسة التحليلية القائمين على القنوات العربية الإخبارية، كما يأمل أن تسهم مقترحات الدراسة وتوصياتها في تطوير شكل ومضمون التقرير التلفزيوني في القنوات الإخبارية العربية.

مشكلة البحث:

تتمثل مشكلة البحث في التعرف على البناء الفني للتقارير الإخبارية الميدانية في القنوات العربية الإخبارية في ظلّ التطوّرات المتسارعة التي تشهدها دنيا الإعلام في الوقت الراهن، من خلال تحليل وتقويم تلك التقارير الإخبارية شكلًا ومضمونًا ورصد الاختلافات التحريرية والفنية بين قنوات (الإخبارية السعودية، والجزيرة، وبي بي سي العربية) في مجال التقرير التلفزيوني الميداني.

ويمكن صياغة مشكلة الدراسة في التساؤل الرئيس التالي: ما البناء الفني والتحريري للتقارير الإخبارية الميدانية في قنوات (الإخبارية السعودية، والجزيرة، وبي بي سي العربية)؟

أهداف الدراسة

تسعى الدراسة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي كالتالي:

  • التعرف على السمات الإخراجية للتقارير الإخبارية الميدانية في القنوات الفضائية العربية (الإخبارية السعودية، الجزيرة، بي بي سي العربية).
  • الكشف عن السمات التحريرية للتقارير الإخبارية الميدانية في القنوات الفضائية العربية (الإخبارية السعودية، الجزيرة، بي بي سي العربية).
  • معرفة مدى الاختلاف بين القنوات الفضائية الإخبارية العربية في مجال التقارير الإخبارية الميدانية إخراجًا وتحريرًا من خلال تحليل وتقويم عينة من التقارير الميدانية في قنوات (الإخبارية السعودية، والجزيرة، وبي بي سي العربية).

تساؤلات الدراسة

  1. ما حجم التقارير الإخبارية الميدانية في القنوات الفضائية الإخبارية العربية؟
  2. ما متوسط طول التقرير الإخباري الميداني في القنوات الفضائية الإخبارية العربية؟
  3. ما نوع المراسلين الميدانيين بالقنوات الفضائية الإخبارية العربية؟
  4. ما نوع اللقطة الأولى من حيث الحجم في التقرير الإخباري الميداني بالقنوات الفضائية الإخبارية العربية؟
  5. ما نوع المادة الفيلمية المستخدمة في التقرير الإخباري الميداني في القنوات الإخبارية العربية؟
  6. إلى أي مدى يتم توظيف عناصر التقرير الميداني (الصورة، والصوت الطبيعي، والتعليق، والاقتباسات الصوتية Sound bites، ولقطة حوار الكاميرا piece to camera) بشكل مهني؟
  7. ما طبيعة السياق المكاني في التقرير الإخباري الميداني؟
  8. ما أساليب الانتقال بين لقطات التقرير الإخباري الميداني؟
  9. ما مستوى الإلقاء لدى المراسل أو المراسلة؟
  10. ما نوع العلاقة بين التعليق والصور في التقرير الإخباري؟
  11. ما موضوعات التقرير الإخباري الميداني؟
  12. ما الموقع الجغرافي للتقرير الميداني؟
  13. إلى أي مدى يتسم التقرير الإخباري الميداني بالوحدة الموضوعية؟
  14. ما القيم الإخبارية في التقرير الإخباري الميداني؟
  15. ما حجم الأخطاء النحوية واللغوية في التقرير الإخباري الميداني؟
  16. إلى أي مدى يتسم التقرير الإخباري الميداني موضع الدراسة بالتوازن؟
  17. ما نوعية الشخصيات التي يتم استضافتها في التقارير الإخبارية الميدانية بالقنوات الفضائية الإخبارية العربية؟

فروض الدراسة

تحاول الدراسة الحالية التحقق من فرضين رئيسيين هما كالتالي:

  • توجد اختلافات دالة إحصائياً بين القنوات الفضائية (الإخبارية السعودية، والجزيرة، وبي بي سي العربية) من حيث السمات الإخراجية للتقرير الإخباري الميداني  
  • توجد اختلافات دالة إحصائياً بين القنوات الفضائية (الإخبارية السعودية، والجزيرة، وبي بي سي العربية) من حيث السمات التحريرية للتقرير الإخباري الميداني.

مناقشة النتائج والمقترحات

أولاً: مناقشة النتائج

بعد تحليل السمات الإخراجية والتحريرية للتقرير الإخباري الميداني في القنوات الفضائية العربية، واستعراض النتائج من خلال شرح الجداول، فإنه يمكن تناول أبرز ما توصلت إليه الدراسة في النقاط التالية بناءًا على تساؤلاتها وفروضها:

- بلغ مجموع التقارير عينة الدراسة 65 تقريراً تلفزيونياً ميدانياً، كما يوضحه الجدول (2)، وتوصلت الدراسة إلى أن قناتي الجزيرة والإخبارية متقاربتان في حجم التقارير الإخبارية الميدانية، حيث بثت الأولى أثناء فترة الدراسة 30 تقريراً ميدانياً، والثانية 28 تقريراً ميدانياً، بينما اتسمت بي بي سي بقلة كمية التقارير الميدانية حيث بثت 7 تقارير ميدانية فقط أثناء فترة الدراسة (أسبوع صناعي). ولاحظ الباحث أثناء التحليل أن قناة بي بي سي العربية تركز على التقارير الداخلية وإجراء المقابلات التحليلية عبر الأقمار الصناعية أو الهاتف مع أشخاص ذوي علاقة بالحدث ليعلقوا عليه ويعوضوا غياب التغطية الميدانية، بينما تخصص قناة الإخبارية الجزء الأول من نشرتها الرئيسية لأخبار المملكة العربية السعودية لتحتل التقارير الميدانية والنشرة الاقتصادية بقية المساحة. وأما الجزيرة فإنها توازن بين التقارير الداخلية (تقارير الاستديو)، والتقارير الميدانية، وإجراء المقابلات التحليلية.

وتتفق هذه النتيجة مع ما توصل إليه الضبيبان (1997) من أن قناة بي بي سي العربية تفتقر في معظم أحداثها للمراسلين الميدانيين.

ويعتقد الباحث أن هذا السبب يرجع إلى مشكلة في التمويل حيث إن التغطية الميدانية وتوفير شبكة مراسلين في مختلف أنحاء العالم أمر يتطلب تمويلاً قوياً.

_ بلغ متوسط طول التقرير الإخباري الميداني لدى القنوات عينة الدراسة 152 ثانية، أي دقيقتان و32 ثانية، وكانت الجزيرة أولى القنوات الثلاث من حيث قصر زمن التقرير الإخباري الميداني، تلتها بي بي سي، ثم الإخبارية التي بلغت 46.4% من تقاريرها الميدانية خلال فترة الدراسة ثلاث دقائق فأكثر.

وتعد هذه المدة الزمنية "دقيقتان و32 ثانية" قريبة جداً من طول التقرير الإخباري الميداني المتعارف عليه عالمياً، إذ إن كبرى المحطات العالمية مثل CNN تشترط ألا يتجاوز التقرير الميداني دقيقتين ونصف دقيقة، وتصف هذه المدة بالطول المثالي للتقرير التلفزيوني (الزاويتي، 2011، ص21).

ومن حيث الاختلاف بين القنوات عينة الدراسة في طول التقرير الإخباري الميداني، فإن هذه الدراسة تتفق مع ما توصلت إليه المقدم (2010) من أن قناة الجزيرة تميل إلى أن تكون تقاريرها أقل من دقيقتين ونصف. كما خلص آل شرهان (2012) إلى وجود سلبيات تحد من متابعة تقارير البرامج والنشرات الإخبارية في التلفزيون السعودي ومنها طول مدة التقارير، علما أن الإخبارية تعد القناة الرابعة ضمن قنوات التلفزيون السعودي.

_ ما يقرب من ثلثي المراسلين الميدانيين في القنوات عينة الدراسة هم ذكور. ويفسر الباحث هذه النتيجة بأن مردها ظروف العمل التلفزيوني الميداني الذي يتطلب مفارقة الأهل لفترات قد تكون طويلة، وملاحقة الحدث الإخباري في ظروف صعبة للغاية لا تتحملها طبيعة الأنوثة، وبخاصة أثناء الحروب والأحداث الساخنة، إضافة إلى أن شرائح من المجتمع العربي تتمسك بتقاليد محافظة تجاه عمل المرأة في الإعلام المرئي وفي مجال المراسلة التلفزيونية على وجه الخصوص.

_ أغلب التقارير الإخبارية الميدانية عينة الدراسة تبتدئ بلقطات تأسيسية هدفها توضيح المكان الرئيسي للحدث قبل التركيز على تفاصيله أو بعضها. ويرى الباحث أن هذا يدل على أن لدى مراسلي القنوات الإخبارية عينة الدراسة وعياً بأهمية اللقطة التأسيسية في التعريف بمكان الحدث حتى يصير المشهد مألوفاً للمشاهد ويتسنى له متابعة تفاصيله فيما بعد.

_ اللقطات الحية هي المادة الفيلمية الأساسية في التقرير الإخباري الميداني، ولا يتم اللجوء فيه إلى الصور الفوتوغرافية أو الأرشيفية إلا في حالات نادرة وحسب طبيعة موضوع التقرير. ويفسر الباحث هذه النتيجة بأن المراسلين الميدانيين غالباً ما يلاحقون أحداثاً آنية ويلتقطونها حال وقوعها.

وتتفق هذه النتيجة مع ما توصل إليه الضبيبان (1997) من أن المادة الفيلمية الحية هي السمة العامة للمادة الفيلمية المصاحبة للأخبار في القنوات الإخبارية العربية. وفي دراسته لتقييم أسلوب صناعة القصة الإخبارية في قناة الحرة –عراق، خلص السعداوي (2012) إلى أن هذه القناة تركز على اعتماد الصورة الحية لمواكبة الحدث وتغطية جوانبه.

وأما ندرة استخدام الجرافيكس في التقرير الإخباري الميداني فإنها ترجع حسب رأي الباحث إلى السرعة المطلوبة في إنتاج التقارير الميدانية، ما يحول دون استخدامها لعدم توافر الوقت الكافي لتصميمها، إضافة إلى أن الجرافيكس يتم اللجوء إليه في حالة انعدام الصور الحية عن المشهد المراد تغطيته، وهذا يتنافى مع العمل التلفزيوني الميداني.

وانفردت الإخبارية السعودية باستخدام لقطات منسوبة إلى وسائل إعلامية أخرى داخل بعض تقاريرها الميدانية، كما كثرّت نسبياً من استخدام اللقطات المكررة في بعض التقارير، ولكن قلة نسبة الاستخدام تجعل من الصعب الاعتماد على هذه النتيجة.

وتوصل المهداوي (2009) إلى أن الصور الثابتة تأتي في المرتبة الرابعة من اهتمام قناة "العربية" وباهتمام محدود من حيث الوقت المخصص لها، ويليها الجرافيكس بالمرتبة الخامسة، بينما يأتي الجرافيك في قناة "الجزيرة" بالمرتبة الرابعة ثم تليه الصور الثابتة في المرتبة الخامسة.

ويرجع الاختلاف بين نتيجة الدراسة الحالية ودراسة المهداوي، إلى أن الأخير تناول المادة الإخبارية بشكل عام، وفي هذه الحالة تتنوع المادة الفيلمية بين لقطات حية وصور ثابتة ومواد غرافيكية وغيرها، بينما الدراسة الحالية تدرس التقرير الإخباري الميداني، وهو فن خبري يستوجب اللقطات الحية لوجود المراسل أو المراسلة على أرض الحدث.

  • لاحظ الباحث اتفاقاً عاماً بين القنوات الثلاث عينة الدراسة على هيكل التقرير الإخباري الميداني، على الرغم من وجود تفاوت بين هذه القنوات في الاستيفاء بعناصره أو توظيفها بشكل مهني، ويمكن الوقوف عند أبرز النتائج التي تندرج تحت محور التوظيف المهني لعناصر التقرير الإخباري الميداني من خلال التركيز على الصوت الطبيعي، والمقابلات، ولقطة حوار الكاميرا، على النحو التالي:

_ تفوقت قناة الجزيرة في الاستخدام المهني للصوت الطبيعي (صوت الحدث) إذ بلغت فيها نسبة التقارير التي استخدمت الصوت الطبيعي بشكل مناسب مهنياً 76.7%، تلتها بي بي سي التي استخدمت الصوت الطبيعي بشكل مناسب مهنياً في 42.9% من تقاريرها. وأما قناة الإخبارية فلم تستخدم الصوت الطبيعي بطريقة مهنية في أي من تقاريرها أثناء فترة الدراسة، وغالبا ما تأتي تقاريرها بلقطات صامتة مجردة من صوت الحدث يرافقها تعليق المراسل أو المراسلة.

ويرى الباحث أن هذا الأمر يرجع إلى عدم وعي كثير من المراسلين بأهمية الصوت الطبيعي ووظائفه الإخراجية ومنها: تعزيز الواقع والمصداقية وإضفاء الحياة على التقرير، واستخدامه كعلامات ترقيم وانتقال زمني أو مكاني.

_ أغلب لقطات ضيوف التقرير الإخباري الميداني تأتي على الحجم المتوسط، حيث شكلت اللقطات المتوسطة Medium shot ضمن لقطات الضيوف 73.3%، تلتها اللقطات القريبة Close up shots بنسبة قدرها 25%. بينما بلغت نسبة اللقطات البعيدة 1.2%، واللقطات المتغيرة من حجم إلى آخر 0.58%. ولاحظ الباحث أن القنوات عينة الدراسة كثيراً ما تستخدم اللقطات المتوسطة القريبة medium close shots، وهي التي تصور الشخص من صدره وحتى أعلى رأسه، أكثر من النوع الرئيسي للقطة المتوسطة التي تصور الشخص من وسطه حتى أعلى رأسه. وأما اللقطات القريبة المستخدمة لتصوير ضيوف التقرير الميداني فقد كانت من النوع الرئيسي للقطة القريبة وهي التي تصور الشخص من أكتافه وحتى أعلى رأسه.

وبشكل عام، يفسر الباحث هذه النتيجة بأن اللقطات المتوسطة والقريبة تبرز ملامح وتعبيرات المتحدث بشكل واضح وتخلق جواً من الحميمية بينه وبين المشاهد بعكس اللقطات البعيدة، إضافة إلى أن البشر مجبولون على حب رؤية البشر والاقتراب منهم أثناء التحدث والاستماع إليهم والتركيز على تعبيرات وجوههم.

_ تميل الاقتباسات الصوتية في التقارير الإخبارية الميدانية بقناة الإخبارية السعودية إلى الطول، حيث زاد طول 73% من اقتباساتها أثناء فترة الدراسة عن 20 ثانية، بينما تتقارب الجزيرة وبي بي سي في نسبة الاقتباسات التي يتجاوز طولها 20 ثانية، على النحو التالي: 27.8% لبي بي سي، و25% للجزيرة.

ويرى الباحث أن تجاوز طول الاقتباس الصوتي الواحد 20 ثانية، أمر غير مهني، حيث إن من مواصفات مقابلة التقرير التلفزيوني أن تكون قصيرة ومختصرة كي لا تأخذ من وقت التقرير أو تسهم في إطالة زمنه. ومن الواجب ألا تتجاوز 20 ثانية حسب وجهة نظر الباحث.  وفي دراسته النوعية " التقرير الخبري التلفزيوني الميداني: الجزيرة نموذجا يحدد الزاويتي (2011) 15 ثانية للطول المثالي للاقتباس الصوتي.

 

_ تقع أغلب لقطات حوار الكاميرا Piece To Camera في ختام التقرير الإخباري الميداني وتحمل مضموناً تحليلياً واستنتاجياً، ورغم أن وقوعها في الختام تحكمه طبيعة مضمون التقرير الإخباري الميداني، فإن الباحث يرُجع هذه النتيجة إلى أن كثيراً من المراسلين يسجلون قطعة حوار الكاميرا بعد أن يكتمل تصوير المشاهد المطلوبة إدراجها ضمن التقرير الميداني، ويستغلونها لإبداء استنتاجاتهم وتحليلاتهم للحدث.

وبالنسبة لإدلاء المراسلين بآرائهم داخل التقرير الإخباري، فقد توصلت المقدم (2010) إلى أن ذلك ظاهرة منتشرة في القنوات الفضائية العربية، مشيرة إلى أن ثلاثة تقارير من كل أربعة تشتمل على رأي المراسل سواءٌ كان رأيه متعلقاً بأسباب الحدث أم بالنتائج المترتبة عنه.  

_ تتقن قناتا بي بي سي والجزيرة توظيف قطعة حوار الكاميرا Piece To Camera وفقاً لطبيعة مضمون التقرير، وبناءً على ذلك تحددان موقع هذه اللقطة، وغالباً ما تضعانها في ختام التقرير وتارة أثناءه، ونادرا ما تقع في بداية تقارير هاتين القناتين. بينما تلتزم قناة الإخبارية بوضعها دائما في ختام التقرير، رغم وجود مبررات تفرض وضعها وسط التقرير أحياناً، مثل: الربط بين حدثين بينهما علاقة.

ويرجع السب في رأي الباحث إلى ترسخ شكل التقرير الإخباري الميداني وعناصره ومتطلباته لدى مراسلي الجزيرة وبي بي سي أكثر من نظرائهم في قناة الإخبارية السعودية، وهو ما يمكن عزوه إلى ما تتمتع به هاتان القناتان من خبرة وعراقة في مجال التغطية الإخبارية.

_ يميل التعليق الصوتي في التقارير الإخبارية الميدانية بالقنوات الفضائية العربية إلى الطول، إذ تجاوز التعليق في 36.9% من التقارير عينة الدراسة نصف مدة التقرير.  وهذه نسبة كبيرة في رأي الباحث إذ إن من سمات نص التقرير التلفزيوني القصر، أي أن يساوي طوله ثلث مدة التقرير أو نصفه ليتيح المجال لبقية عناصر التقرير التلفزيوني الميداني مثل الصوت الطبيعي والمقابلات ووقفة المراسل أمام الكاميرا. وكلما طال النص المرافق للصور كان ذلك على حساب تنفس الصورة.

_ تفوقت قناة الجزيرة على بي بي سي العربية والإخبارية السعودية في وضوح السياق المكاني أو التسلسل المنطقي في انتقال الكاميرا من مشهد لآخر وعدم العودة إلى مكان تم تصويره إلا في نهاية التقرير، حيث اتسمت كافة تقاريرها الميدانية أثناء فترة الدراسة بوضوح السياق المكاني، تلتها بي بي سي التي بلغت عندها تكرارات عدم وضوح السياق المكاني تقريراً واحداً نسبته 14.3% من إجمالي تقاريرها الميدانية أثناء فترة الدراسة البالغ عددها 7 تقارير. بينما بلغت تكرارات عدم وضوح السياق المكاني لدى الإخبارية 12 تقريراً ونسبة قدرها 42.9%.

ويعد وضوح السياق المكاني في التقرير مؤشراً دالاً على الوعي بالصورة والأخذ في الاعتبار اللقطات المتوافرة قبل كتابة التعليق، ولهذا يستنبط الباحث من هذه النتيجة أن مراسلي قناة الجزيرة أكثر وعياً من نظرائهم في الإخبارية وبي بي سي بالصور وما يتطلبه ترتيبها من رؤية إخراجية تعطي الأولوية للقطات وتهدف إلى تسهيل استيعاب المشهد الكلي من خلال الالتزام بالتسلسل المنطقي.

_ القطع Cut هو الأسلوب الأساسي في الانتقال بين لقطات التقرير الإخباري الميداني، حيث استخدمته جميع القنوات الثلاث بشكل أساسي في تقاريرها الميدانية أثناء فترة الدراسة.

ويفسر الباحث هذه النتيجة بأن القطع- الانتقال الفوري من لقطة إلى أخرى- هو وسيلة الانتقال الوحيدة التي لا تأخذ زمناً على الشاشة، حيث إن المشاهد لا يلاحظ لحظة القطع وإنما يرى اللقطة السابقة واللاحقة فقط، كما أن أسلوب القطع يماثل تماماً ما تفعله عين الإنسان عندما تتنقل بين مختلف الأشياء التي تحيط بها، وهو أيضا وسيلة الانتقال الأقل تطفلاً في المشهد بعكس بعض الانتقالات التي تتضمن تأثيرات فنية توحي بالتدخل في المضمون المرئي مثل أسلوب المسح  wipe.

وانطلاقا مما سبق، فإن القطع هو أسلوب الانتقال الذي يناسب المضامين الإخبارية أكثر من غيره لسببين رئيسيين هما: سرعته وعدم أخذه زمناً على الشاشة، ولكونه لا يوحي بالتدخل في سير اللقطة.

_ أظهرت نتائج الدراسة أن أكثر من نصف المراسلين الميدانيين في القنوات الثلاث عينة الدراسة يتمتعون بمستوى جيد في الإلقاء الإخباري (55.4%)، مقابل 38.4% أداؤهم الإلقائي متوسط، و6.2% اتسموا بضعف الإلقاء. ويفسر الباحث هذا الاهتمام الملحوظ بمستوى إلقاء المراسل بأن التقرير الإخباري الميداني هو من الفنون الخبرية التي تحمل شخصية القناة وتحقق من خلالها السبق والتميز، وهذا يؤكد ضرورة العناية بالمراسل وتدريبه وصقل مهاراته.

ومن خلال المقارنة بين القنوات الثلاث عينة الدراسة، فقد تبين أن قناة الجزيرة هي الأولى من حيث مستوى الإلقاء لدى المراسلين، حيث إن أغلب مراسليها يتمتعون بمستوى جيد في الإلقاء الإخباري، تلتها بي بي سي، بينما حلت الإخبارية في الترتيب الأخير.

وتتفق هذه النتيجة إلى حد ما مع ما خلصت إليه دراسة الحارثي (2006) عن إخراج البرامج الإخبارية في قنوات العربية وأبوظبي والقناة السعودية، من أن القنوات عينة الدراسة تهتم اهتماماً شديداً بالمقدم وجودة أدائه، كما كشفت دراسة الحارثي أن المعلقين في كل القنوات عينة الدارسة جيدون من حيث خامة ونبر الصوت والتوقف المناسب أثناء القراءة، وأن قناة العربية أتت في المقدمة في كل هذه التقسيمات، بينما جاءت القناة السعودية بأعلى النسب في الأداء غير المناسب.

_ توجد علاقة توافق جزئي، أي علاقة توافق غير تام، بين الصور والتعليق المصاحب في تقارير القنوات الثلاث عينة الدراسة، وذلك رغم وجود تفاوت بينها، حيث إن قناة الجزيرة تميل إلى تقديم الصورة على النص نسبياً، تليها بي بي سي في الاهتمام بالصورة، بينما تعتمد قناة الإخبارية على النص وتقدمه على الصورة.

ويفسر الباحث هذه النتيجة بأن القنوات الثلاث عينة الدراسة لا تلتزم بوضع سيناريو مسبق للتقرير الإخباري الميداني قبل النزول إلى الميدان، أو المونتاج على الورقة على نحو يتضمن اللقطات وما يرافقها من تعليق قبل كتابة النص، إذ إن التطبيق المثالي لقواعد الكتابة للصورة يقتضي التوافق التام- وليس الجزئي- بين اللقطات والكلمات، وهذا  ليس من السهل تحقيقه في كافة التقارير الإخبارية الميدانية نظراً للسرعة المطلوبة في إنجاز التقرير، وما يمكن أن يطرأ من تغيرات على السيناريو المعدّ سلفاً بسبب حدوث تغير ما في سير الحدث الخبري وشخصياته.

ويعزز هذه النتيجة ما توصلت إليه المقدم (2010) من أن "معظم التقارير الإخبارية في قنوات العربية والجزيرة والحرة والنيل الإخبارية لا يوجد بها ترابط بين الصوت والصورة"، وهذه إشارة إلى أنه لا يوجد فيها توافق تام بين الصورة والصوت.

كما تقترب هذه النتيجة مما توصل إليه مولين (2001) من أن الأخبار المخصصة للأطفال تهتم بتطابق الصورة مع الصوت أكثر من الأخبار الموجهة للكبار، مؤكدا أن النوع الأخير يكثر فيه مستوى التطابق غير المباشر بين الصورة والصوت.

ويعني التطابق المباشر في رأي الباحث تكرار ما تقوله الصورة، وهذا تطبيق غير صحيح لمبدأ الكتابة للصوة، بينما يعني التطابق غير المباشر؛ التوافق بين الصورة والكلمة من خلال قراءة الدلالات الرمزية للصورة وتوليد مفردات وكلمات التعليق منها.

_ تصدرت الموضوعات السياسية قائمة موضوعات التقرير الإخباري الميداني في القنوات الثلاث عينة الدراسة، بنسبة قدرها 27.7%، تلتها الموضوعات الاجتماعية (15.4%)، وأتت بعدها الموضوعات الدينية، وموضوعات الحوادث والكوارث والأزمات الدولية بنسبة قدرها (12.3%) لكل صنف، ثم موضوعات الجرائم والقضاء (10.8%)، وجاء في المرتبة الخامسة الموضوعات الاقتصادية (6.2%)، وأما بقية الموضوعات فقد كانت نسبتها الإجمالية متدنية إذ لم يتجاوز أعلاها – وهي الموضوعات العسكرية وموضوعات الفن - 4.6% لكل صنف. وتتشابه هذه النتيجة مع ما خلصت إليه دراسة الضبيبان (1997) وهو أن الأخبار السياسية أكثر الموضوعات تكراراً في مجمل المادة الإخبارية في القنوات الثلاث (بي بي سي العربية BBC، قناة الشرق الأوسط MBC، والفضائية المصرية) مقارنة بالموضوعات الأخرى، حيث بلغت نسبتها 23.5%، تليها الأخبار الاقتصادية بنسبة قدرها 17.2%، ثم الأخبار العسكرية بنسبة قدرها 12.9%، وأخبار العنف والجريمة (12.5%)، ثم الأخبار الرياضية (10.8%).

وتوصل طر (2006) رغم  الاختلاف بين عينة دراسته وعينة الدراسة الحالية إلى أن الموضوعات السياسية والحكومية كانت أكثر الفئات تكراراً من إجمالي عينة المواد الإخبارية إذ بلغت نسبتها 30.1%، تلتها موضوعات الاقتصاد وعالم المال والأعمال بنسبة قدرها 11.5%، ثم موضوعات الأعمال الإرهابية (9.4%)، تلتها موضوعات الرياضة والاحتراف (8.8%)، وكانت المرتبة الخامسة لفئة موضوع الكوارث والحوادث والمآسي (5.3%)، فيما كانت أقل الموضوعات من حيث تكراراتها ونسبها؛ الموضوعات التالية: العلوم والمكتشفات والمخترعات، وفئة الموضوعات غير المحددة، وفئة موضوعات البيئة والسكان، وموضوعات الأزمات الدولية.

ويتضح مما سبق أن الدراسة الحالية تتفق مع كل من دراستي الضبيبان (1997)، وطر (2006) في احتلال الموضوعات السياسية صدارة القائمة، بينما تختلف معهما في ترتيب بقية الفئات. ويرى الباحث أن أسباب الاختلاف تكمن في النقاط التالية:

أ – تدني نسب الموضوعات الاقتصادية في الدراسة الحالية يرجع إلى أن بعض القنوات عينة الدراسة تخصص نشرات مستقلة للاقتصاد والمال، كما هو الحال لدى قناة الجزيرة التي لا تشتمل نشرتها الرئيسية " حصاد اليوم" على أخبار اقتصادية سوى استثناءات قليلة مثل أن يمس الموضوع الاقتصادي مصالح شرائح واسعة من المشاهدين وتبرز آثاره في المجتمع لدرجة تفرض تغطيته ضمن النشرة الرئيسية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدراسة الحالية تقتصر على التقرير الإخباري الميداني ولا تمتد إلى مختلف أشكال الفنون الإخبارية بخلاف دراستي الضبيبان وطر.

ب – يعزو الباحث تقدم الموضوعات الاجتماعية إلى أن الجوانب الإنسانية في حياة الناس تمثل مواداً دسمة للتقرير الإخباري كما أنها تلقى إقبالاً كبيراً من المشاهدين، وهذا ما تؤكده دراسة الزاويتي (2011) التي خلصت إلى أن القصص الإنسانية البسيطة تكون مواداً جيدة للتقارير الإخبارية التلفزيونية.

 ج - يفسر الباحث بروز الموضوعات الدينية ضمن موضوعات التقارير الإخبارية الميدانية في القنوات الثلاث بأن عينة المواد الخاضعة للتحليل تم اختيارها عشوائياً من الدورة البرامجية الواقعة في الفترة (1 أكتوبر/تشرين الأول 2013 – 31 ديسمبر/كانون الأولي من العام نفسه)، وقد تزامن الشهر الأول من الدورة البرامجية مع موسم الحج، وهو حدث ديني عالمي مهم ذو ثراء بصري يفرض نفسه على أجندة القنوات في العالم بشكل عام والقنوات التي تتوجه إلى العالم الإسلامي بشكل خاص.

د – وأما بروز موضوعات الحوادث والكوارث والأزمات الدولية فإنه يرجع إلى أن الدراسة الحالية تأتي في وقت يشهد فيه العالم العربي صراعات وأزمات دولية شديدة خلفها ما سمي "الربيع العربي"، وذلك أمر يفرض نفسه على جدول التغطيات الإخبارية في القنوات الفضائية العربية.

ه – يعزو الباحث غياب الموضوعات الرياضية إلى أن أغلب القنوات الإخبارية تخصص نشرة مستقلة للأحداث والفعاليات الرياضية، كما هو الحال لدى قناتي الإخبارية السعودية والجزيرة، ولهذا السبب خلت عينة الدراسة الحالية من أي تقرير ميداني رياضي.

وقد تشابهت هذه النتيجة إلى حد ما مع ما خلصت إليه المقدم (2010) من أن الأخبار السياسية تحتل نصف التقارير الإخبارية في قنوات الجزيرة والحرة والعربية والنيل المصرية، وتليها أخبار الاهتمامات الإنسانية، ثم أخبار الصراعات.

وأما على مستوى كل قناة، فقد كان ترتيب موضوعات التقرير الإخباري الميداني على النحو التالي:

أ – في قناة الإخبارية السعودية تأتي التقارير السياسية في المرتبة الأولى بنسبة بلغت 42.9%، وفي المرتبة الثانية يأتي كل من تقارير الحوادث والكوارث والأزمات الدولية، والتقارير الدينية، بنسبة قدرها 17.9%، ثم تقارير الجرائم والقضاء (10.7%)، ثم التقارير الاجتماعية (7.1%).

ب – وفي قناة الجزيرة، تأتي التقارير الاجتماعية في المرتبة الأولى بنسبة قدرها 23.3%، وذلك لأن الجزيرة تهتم بالقصص الإخبارية ذات البعد الإنساني في تقاريرها الميدانية، تليها التقارير السياسية بنسبة قدرها 16.7%ـ، ثم تقارير الجرائم والقضاء (13.3%)، ويأتي في المرتبة الرابعة التقارير التي تتناول الحوادث والكوارث والأزمات الدولية، والتقارير الدينية، والعسكرية، بنسبة بلغت 10% لكل صنف. كما بلغت نسبة الموضوعات الاقتصادية 6.7% لتحتل المرتبة الخامسة. وجاء في ذيل القائمة التقارير الصحية والفنية.

ج – وفي قناة بي بي سي تأتي التقارير الفنية والاقتصادية في المرتبة الأولى بواقع 28.6% لكل صنف، تليها في المرتبة الثانية الأخبار السياسية والاجتماعية والصحية بنسبة قدرها 14.3 لكل صنف.

ومما يمكن استنتاجه من المقارنة بين القنوات الثلاث من حيث موضوعات التقرير الإخباري الميداني؛ أن القنوات الحكومية الإخبارية تهتم بالتقارير السياسية والتقارير التي تتناول الحوادث والكوارث والأزمات الدولية، وأنها تتفوق على القنوات الإخبارية الخاصة والموجهة في هذا المجال.

ويقترب هذا الاستنتاج كثيراً مما توصلت إليه المقدم (2010) من أن قناة النيل الإخبارية تهتم بالتقارير السياسية والتقارير الخاصة بالصراعات والثورات والحروب أكثر من قناة الجزيرة التي تقاربها في النسبة من حيث الاهتمام بالتقارير السياسية وتعطي حيزاً لتقارير الاهتمامات الإنسانية.

ورغم أن المقدم أشارت إلى أن الموضوعات السياسية تحتل المرتبة الأولى في تقارير قناة الجزيرة بعد قناة النيل، فإن الدراسة الحالية أظهرت أن التقارير الاجتماعية تحتل صدارة قائمة موضوعات التقرير الإخباري الميداني بقناة الجزيرة، وتليها التقارير السياسية، ويعزو الباحث هذا الاختلاف إلى أن دراسة المقدم تناولت التقارير الإخبارية التلفزيونية بشكل عام، أي التقارير الميدانية والتقارير الداخلية (تقارير الاستديو)، بينما تقتصر الدراسة الحالية على التقارير الميدانية التي تقترب من المجتمع من خلال المراسلين أكثر من النوع الأول.

ويرجع بروز التقارير الدينية في قناة الإخبارية السعودية -حسب رأي الباحث- إلى أن تسجيل عينة التحليل تزامن مع موسم الحج كما تقدم ذكره، إضافة إلى أن الإخبارية تبث رسالتها الإعلامية من بلاد الحرمين ومهبط الوحي، وليس غريباً عليها الاهتمام بالشأن الديني داخل تقاريرها الميدانية.

أما احتلال الموضوعات الاقتصادية صدارة التقارير الميدانية بقناة بي بي سي، فإنه يرجع إلى أن برنامج عالم الظهيرة بهذه القناة يعد ساعة إخبارية شاملة للأخبار السياسية والاقتصادية والرياضية، وأما الاهتمام بالفن، فإنه يعطي انطباعاً بميول هذه القناة وتوجهها الإيديولوجي، حيث إنها مملوكة وممولة غربياً.

_ معظم التقارير الإخبارية الميدانية بالقنوات الثلاث عينة الدراسة هي من العالم العربي بنسبة بلغت 69.2%، تلته الدول الأوربية (16.9%)، ثم أمريكا الشمالية وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة قدرها 7.7%، وجاء في المرتبة الأخيرة التقارير المرسلة من دول آسيوية غير عربية بنسبة قدرها 6.2%.

وأما أبرز الدول الرئيسية في التقارير الإخبارية الميدانية في القنوات الثلاث عينة الدراسة فهي فلسطين والقدس المحتلة إذ بلغت نسبة التقارير المرسلة منها 21.54%، تلتها بريطانيا بنسبة قدرها 12.30%، وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثالثة بنسبة قدرها 7.7%، ثم لبنان بنسبة قدرها 9.23%، ثم المملكة العربية السعودية ومصر بنسبة بلغت 6.15% لكل منهما، ثم سوريا والعراق بنسبة بلغت 4.61% لكل منهما، ثم تونس وليبيا والسودان بنسبة قدرها 3.07% لكل دولة من هذه الدول الثلاث.

ويفسر الباحث ارتفاع نسبة التقارير المرسلة من العالم العربي، بأن القنوات الثلاث عينة الدراسة كلها قنوات تتوجه إلى المشاهد العربي، وتعالج القضايا التي تمس مصالحه وتستحوذ على اهتمامه. وأما تقدم فلسطين والأراضي المحتلة فإنه يرجع إلى أن قضية فلسطين هي قضية العرب والمسلمين الأولى، كما أنها منطقة صراع لأكثر من ستة عقود. ويعزو الباحث تقدم بريطانيا واحتلالها المرتبة الثانية بعد فلسطين إلى أنها دولة ذات علاقة تاريخية بكثير من دول الوطن العربي منذ عهد الاستعمار، وتقيم فيها جالية عربية كبيرة، كما أنها دولة ذات نفوذ عالمي تؤثر وتتأثر بأحداث العالم العربي. وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فهي أكبر دولة في العالم وهي أيضاً مركز لصناعة القرار الدولي حيث إن فيها مقر أكبر هيئة أممية.

وأما المملكة العربية السعودية فهي قبلة المسلمين والعرب وتتمتع بثقل سياسي عالمي وإقليمي، كما أنها كانت مصدراً لعدد من التقارير الإخبارية التلفزيونية الميدانية عن مناسك الحج أثناء فترة الدراسة، بينما تمثل بقية الدول الرئيسية في التقارير الإخبارية الميدانية مناطق تشهد توتراً وصراعات سياسية بسبب تأثرها المباشر أو غير المباشر بما سمي "الربيع العربي".

_ تفوقت قناة الجزيرة على كل من الإخبارية وبي بي سي العربية في الوحدة الموضوعية في التقرير الإخباري الميداني، حيث تناول 73.3% من تقاريرها الميدانية أثناء فترة الدراسة موضوعات محددة محصورة في نطاق جغرافي واحد، تلتها بي بي سي بنسبة قدرها 57.1%، بينما بلغت نسبة التقارير التي تناولت موضوعات محددة ومحصورة في نطاق جغرافي واحد لدى قناة الإخبارية 42.9%.

ويرى الباحث أن تناول موضوع واحد في نطاق جغرافي واحد يعد أعلى درجات الوحدة الموضوعية في التقرير الإخباري الميداني، ويخضع تحقيقه لعوامل أهمها حجم المراسلين في كل قناة، حيث إن من المفترض أن يغطي كل مراسل حدثاً معيناً في مكان معين، فإذا حدثت مظاهرات احتجاجية على رفع أسعار المعيشة في عاصمة دولة ما، وشهدت مدينة أخرى في الدولة نفسها تفجيرات تخلف عشرات القتلى والجرحى فإن من الأفضل أن يتولى مراسلان تغطية الحدثين، طالما أنه لا توجد بينهما علاقة موضوعية.

 ومن هنا يمكن القول إن تفوق الجزيرة في الوحدة الموضوعية يرجع إلى كبر حجم شبكة مراسليها التي تنتشر في أنحاء العالم، كما يعطي ذلك انطباعاً بوعي مراسليها بأهمية الوحدة الموضوعية وأنها إحدى مواصفات التقرير التلفزيوني الجيد.

_ تصدرت قيمة الضخامة قائمة القيم الإخبارية في التقارير الإخبارية الميدانية بالقنوات الثلاث بنسبة قدرها 17% تلتها قيمتا الأهمية والفائدة بنسبة بلغت 15%، وجاء في المرتبة الثالثة كل من قيمتي القرب والاستمرارية بنسبة بلغت 14%، تلتهما قيمة الصراع (8%)، ثم الشهرة والنفوذ (5%)، والجدة (5%)، ثم الإثارة (3%)، ثم التشويق (2%) وأخيرا المنافسة (1%).

ولم يختلف الترتيب كثيراً أثناء المقارنة بين القنوات الثلاث باستثناء قيمتي الإثارة والتشويق اللتين تقدمتا نسبياً لدى قناة الجزيرة، وهو ما يمكن تفسيره بأن هذه القناة قامت على المبادئ الغربية في جذب المشاهد من إثارة ودغدغة لمشاعره. ولهذا تلقت الجزيرة انتقادات حادة بسبب تغطياتها المثيرة لأحداث ما سمي بالربيع العربي.

ويفسر الباحث تراجع قيمة الجدة في الترتيب، بأن القنوات الإخبارية عادة ما تتناول الحدث الجديد بخبر عاجل في بداية الأمر، ثم بتقرير داخلي أحياناً، ليتطور الأمر بعد ذلك إلى تكليف المراسل الميداني بتغطية تبعات الحدث وآثاره على أرض الواقع، وهذا ما يعززه تقدم قيمة الاستمرارية على الجدة.

_ تفوقت قناة الجزيرة على كل من الإخبارية السعودية وبي بي سي العربية في ندرة الأخطاء اللغوية والنحوية، حيث أظهرت نتائج الدراسة أن 70% من تقاريرها أثناء فترة الدراسة اتسمت بندرة الأخطاء اللغوية والنحوية، أي لم يرد في التقرير الواحد منها إلا خطأ واحد، وأن 20% من تقاريرها قلت فيها الأخطاء اللغوية والنحوية، أي لم يرد فيها إلا خطآن أو ثلاثة، مقابل 6.7% تكثر فيها الأخطاء اللغوية والنحوية (أربعة أخطاء فأكثر)، و3.3% تنعدم فيها الأخطاء. تلتها قناة بي بي سي التي بلغت فيها نسبة التقارير التي تندر فيها الأخطاء اللغوية والنحوية 28.6%، مقابل 71.4% تقل فيها الأخطاء، بينما أظهرت النتائج أن 60.7% من التقارير الإخبارية الميدانية بالقناة الإخبارية أثناء فترة الدراسة تكثر فيها الأخطاء اللغوية والنحوية، مقابل 32.1% تقل فيها الأخطاء، و7.1% تندر فيها الأخطاء.

وقد شملت الأخطاء اللغوية والنحوية المرصودة ما يلي: الأخطاء الواضحة في بنية الكلمة وضبطها مما تنفر منه الأذن، وكذلك الأخطاء شائعة الاستخدام مثل: ممنهج بدلا من منهجي، والنطق العامي ببعض الحروف الهجائية.

ويفسر الباحث تقدم الجزيرة وبي بي سي في هذا المحور بأن كلاً منهما يمثل مدرسة إعلامية عريقة تهتم بالجودة والاحترافية في المادة الإعلامية، ويعي أهمية اللغة في الإعلام. وتتشابه هذه النتيجة مع ما خلص إليه الحارثي (2006) من أن قناة العربية أحرزت أعلى النسب من حيث صحة اللغة، متفوقة على قناة أبوظبي، والقناة السعودية التي جاءت بأعلى النسب في الأخطاء اللغوية.  ومن المعلوم أن قناة العربية قناة خاصة متخصصة بالأخبار تسعى لتحقيق الاحترافية في مجالها وتشترك مع الجزيرة في خصائصها العامة، بينما تنتمي قناة الإخبارية إلى مجموعة قنوات الفضائية السعودية.

_ اتسم أكثر من نصف التقارير عينة الدراسة بالتوازن في عرض وجهات النظر المتعلقة بالتقرير، إذ بلغت نسبتها 56.9%، تلتها فئة التقارير غير المحددة باعتبارها عالجت قضية لا تقبل الحياد أو لم تتناول قضية مثيرة للخلاف أو لم يتسن تحديد توازنها من عدمه لأي سبب كان، وذلك بنسبة قدرها 33.9%، وبلغت نسبة التقارير غير المتوازنة 9.2%. وتوزعت الفئة الأخيرة على قناتي الإخبارية (17.9%)، والجزيرة (3.3%)، بينما خلت تقارير بي بي سي أثناء فترة الدراسة من أي تقرير غير متوازن.

وتوصل الضبيبان (1997) إلى أن 40.1% من المادة الإخبارية في قنوات الشرق الأوسط وبي بي سي والفضائية المصرية تتسم بالتوازن، مقابل 32.1% غير متوازنة، بينما بلغت نسبة الأخبار غير الواضحة 27.7%. ويفسر الباحث قلة نسبة التقارير غير المتوازنة في الدراسة الحالية بأنها تقتصر على التقرير الإخباري الميداني الذي تعد المقابلات عنصراً أساسياً فيه يتعين على المراسل أن يراعي قواعده وأسسه التي منها التوازن، إضافة إلى أن دراسة الضبيبان أجريت في وقت لم تنضج فيه التجربة الفضائية الإخبارية العربية ولم يترسخ فيه تطبيق الأسس المهنية في العالم العربي مثل ما هي عليه الآن.

_ يأتي المسؤولون الحكوميون على رأس قائمة ضيوف التقرير الإخباري الميداني حيث بلغت نسبتهم 32.6%، تليهم فئة مواطن عادي بنسبة قدرها 23.2%، ثم فئة محلل أو خبير بنسبة بلغت 14.0% ثم معارض بنسبة قدرها 7.0%، بينما جاءت بقية الفئات بنسب متدنية سوى فئة " أخرى" التي بلغت نسبتها 14.6%.

ويعزو الباحث ارتفاع نسبة هذه الفئة إلى أن بعض القنوات لا تحدد نوع ضيوفها لا بالكتابة على الشاشة ولا بالتوضيح داخل سياق التعليق، ولاحظ الباحث أن نسبة الضيوف غير المحددة هوياتهم وعلاقتهم بموضوع التقرير لدى قناة الإخبارية تصل إلى 21.7% من إجمالي ضيوف التقارير الميدانية بهذه القناة. 

وعلى مستوى كل قناة، فإن الإخبارية تفضل استضافة المسؤولين الحكوميين داخل تقاريرها الميدانية الإخبارية حيث بلغت نسبة المسؤولين الحكوميين فيها أثناء فترة الدارسة 33.8% من إجمالي ضيوف تقاريرها الميدانية، يليهم المحللون والخبراء بنسبة قدرها 16.2%، ثم المعارضون بنسبة بلغت 12.1%.

وفي قناة الجزيرة، جاءت فئة "مواطن عادي" على رأس قائمة الضيوف بنسبة قدرها 33.8%، تلتها فئة "مسؤول حكومي" بنسبة بلغت 32.5%، ثم فئة "محلل أو خبير" إذ بلغت نسبتها 12.5%.

ولم تختلف بي بي سي العربية عن الجزيرة في إعطاء الأولوية للمواطن العادي إذ بلغت نسبة هذه الفئة 33.3%، تلتها فئة " مسؤول حكومي" بنسبة بلغت 27.8%، ثم فئة " فنان" بنسبة قدرها 16.7%.

وتتشابه هذه النتيجة مع ما توصلت إليه المقدم (2010) من أن قناة النيل الإخبارية- وهي قناة حكومية إخبارية- تفضل الاستعانة بالمسؤولين الحكوميين في تقاريرها الإخبارية، بينما تفضل قناة الجزيرة استخدام المقتطفات الصوتية الخاصة بالخبراء.

ومن الواضح أن نتيجة الدراسة الحالية تتفق مع الشق الأول من نتيجة دراسة المقدم، بينما تختلف معها في الشق الثاني، ويرجع الباحث هذا الاختلاف إلى أن مسألة تفضيل نوع معين من الاقتباسات الصوتية تتحكم فيها عوامل منها نوع الأحداث والتغيرات السياسية والاجتماعية وسياسة الوسيلة. ومن المفترض أن تتغير أجندة الجزيرة في معظم ما يسمى "دول الربيع العربي" عما كانت عليه قبل الثورات، وهذا ما يفسره الباحث بتقارب نسب المواطنين العاديين والمسؤولين الحكوميين في التقارير الميدانية بقناة الجزيرة أثناء فترة الدراسة.

وفي هذا السياق، خلص يحيى (2011) إلى أن قناة الجزيرة أطرت الثورة المصرية من وجهة نظر وقادة المعارضة والمتعاطفين مع المحتجين، بينما أطرت سي إن إن الحدث ذاته من وجهة نظر المسؤولين في الحكومة الأمريكية والحكومات المتحالفة معها. وتوصلت محسن (2009) إلى أن قناة الجزيرة ركزت على إبراز الزاوية الإنسانية لحدث الحرب على غزة وأن المعلومات في تقاريرها ارتبطت بصورة أكبر بشهود العيان تناغماً مع هذا التركيز.

وأما الارتفاع النسبي لفئة "فنان" ضمن ضيوف التقارير الإخبارية الميدانية بقناة بي بي سي فإنه يعطي انطباعاً بالرؤية الغربية التي توجه هذه القناة العربية من حيث اللغة والجمهور.

التحقق من صحة فروض الدراسة

الفرض الأول: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة من حيث السمات الإخراجية للتقرير الإخباري التلفزيوني الميداني، وبالنسبة لهذا الفرض فقد أظهرت نتائج الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث في المتغيرات التالية:

 أ - الصوت المصاحب للقطة الأولى من التقرير: أظهرت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير الصوت المصاحب للقْطة الأولى من التقرير لصالح قناة الجزيرة، وكانت قيمة كا2 = (29.708)، وذلك عند مستوى دلالة أقل من 0.01%.

ب – وضوح السياق المكاني للتقرير: أوضحت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير وضوح السياق المكاني للتقرير عند مستوى دلالة أقل من 0.01%، وكانت قيمة كا2 = (  16.786) وذلك لصالح قناة الجزيرة.

ج - مستوى إلقاء المراسل أو المراسلة: كشفت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير مستوى إلقاء المراسل أو المراسلة، عند مستوى دلالة أقل من 0.05% وكانت قيمة كا2= (10.722)، وذلك  لصالح قناة الجزيرة.

د - الاستخدام المهني للصوت الطبيعي: أظهرت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير استخدام الصوت الطبيعي عند مستوى أقل من 0.1% وكانت قيمة كا2= (35.496)، وذلك لصالح قناة الجزيرة.

ه - مكان لقطة حوار الكاميرا: كشفت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  عن وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير مكان لقطة حوار الكاميرا في التقرير عند مستوى دلالة أقل من  0.01% وكانت قيمة كا2 = (20.971)، وذلك لصالح قناتي بي بي سي والجزيرة).

و - علاقة خلفية الضيف الأول بموضوع التقرير: بينت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير علاقة خلفية الضيف الأول بموضوع التقرير، عند مستوى أقل من 0.01%، وكانت قيمة كا2= (11.149)، وذلك لصالح قناة بي بي سي.

ز - علاقة خلفية الضيف الثاني بموضوع التقرير: أظهرت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير علاقة خلفية الضيف الثاني بموضوع التقرير عند مستوى أقل من 0.05% وكانت قيمة كا2= (11.763)، وذلك لصالح قناة الجزيرة.

كما كشفت نتائج اختبار مربع كاي  Chi Square Test عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث في بقية متغيرات السمات الإخراجية للتقرير الإخباري الميداني وهي كالتالي: ( جنس المراسل الميداني، نوع اللقطة الأولى من التقرير، مكان التعليق الصوتي في التقرير، المادة الفيلمية المستخدمة، أساليب الانتقال بين لقطات التقرير، العلاقة بين التعليق والصور، طول لقطة حوار الكاميرا، خلفية لقطة حوار الكاميرا، العيوب الإخراجية في لقطة حوار الكاميرا، إضافة إلى المتغيرات المتعلقة بضيوف التقرير الإخباري الميداني باستثناء علاقة خلفية الضيف الأول والثاني بموضوع التقرير).

 

الفرص الثاني: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة من حيث السمات التحريرية للتقرير الإخباري الميداني، وبالنسبة لهذا الفرض فقد أظهرت نتائج الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث في المتغيرات التالية:

أ – موضوعات التقرير الإخباري الميداني: أظهرت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير  الموضوع، عند مستوى أقل من 0.01%، وكانت قيمة كا2= (35.917)، وذلك لصالح قناة الإخبارية في الموضوعات السياسية، ولصالح الجزيرة في الموضوعات الاجتماعية، ولصالح بي بي سي في الموضوعات الفنية.

ب – قيمة الإثارة: أظهرت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير قيمة الإثارة ضمن القيم الإخبارية في التقرير الإخباري الميداني، عند مستوى أقل من 0.05% وكانت قيمة كا2= (6.369)، وذلك لصالح قناة الجزيرة.

ج – قيمة التشويق: وفقاً لنتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  فقد توصلت الدراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير قيمة التشويق ضمن القيم الإخبارية في التقرير الإخباري الميداني، عند مستوى أقل من 0.05%، وكانت قيمة كا2= (8.036)، وذلك لصالح قناة الجزيرة.

د – ندرة الأخطاء اللغوية والنحوية: أظهرت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير  الأخطاء اللغوية والنحوية، عند مستوى أقل من 0.05% وكانت قيمة كا2= (37.919)، وذلك لصالح قناة الجزيرة.

ه - نوع الضيف الأول: أوضحت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير نوع الضيف الأول من كل تقرير، عند مستوى أقل من 0.05%، وكانت قيمة كا2= (27.107)، وذلك لصالح قناة الإخبارية عند فئة " معارض"، و"رجل دين"، و " أخرى"، ولصالح بي بي سي والجزيرة عند فئة " مواطن عادي".

ز – طول الاقتباس الصوتي الأول من كل تقرير: أشارت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير طول الاقتباس الصوتي الأول، عند مستوى أقل من 0.01%، وكانت قيمة كا2= (13.766)، وذلك لصالح قناة الإخبارية.

ح – طول الاقتباس الصوتي الثاني: وفقاً لنتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test  فقد خلصت الدراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث عينة الدراسة في متغير طول الاقتباس الصوتي الثاني، عند مستوى أقل من 0.01%، وكانت قيمة كا2= (25.905)، وذلك لصالح قناة الإخبارية.

كما كشفت نتائج اختبار مربع كاي Chi Square Test عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائياً بين القنوات الثلاث في بقية السمات التحريرية للتقرير الإخباري الميداني وهي ( مكان التقرير الإخباري الميداني في النشرة، الموقع الجغرافي للتقرير الإخباري الميداني، الوحدة الموضوعية، القيم الإخبارية في التقرير الإخباري باستثناء قيمتي التشويق والإثارة، التوازن في التقرير الإخباري الميداني، نوع ضيوف التقرير الإخباري الميداني باستثناء الضيف الأول والثاني من كل تقرير، طول الاقتباسات الصوتية باستثناء الاقتباس الأول والثاني من كل تقرير، زمن التعليق الصوتي مقارنة بالمدة الكلية للتقرير الإخباري الميداني، ومضمون لقطة حوار الكاميرا). وانطلاقاً من نتائج فروض الدراسة، فقد خلص الباحث إلى قبول فرضي الدراسة جزئياً حيت توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين القنوات الثلاث في بعض السمات الإخراجية والتحريرية للتقرير الإخباري الميداني.

ثانياً: الخاتمة والمقترحات

هدف البحث الحالي إلى التعرف على السمات الإخراجية والتحريرية للتقرير الإخباري الميداني بالقنوات الفضائية العربية، بالتطبيق على قنوات الإخبارية السعودية والجزيرة وبي بي سي العربية، والمقارنة بين هذه القنوات من حيث تلك السمات، مستخدما منهج المسح وأسلوب تحليل المضمون لتحليل عينة من التقارير الإخبارية الميدانية. وخلصت الدراسة إلى نتيجة عامة مفادها أن القنوات عينة الدراسة تتفق على الهيكل العام للتقرير الإخباري الميداني ولكنها تتفاوت في الاستيفاء بعناصره وتطبيق قواعده الإخراجية والتحريرية. وكانت قناة الجزيرة هي الأولى من بين القنوات عينة الدراسة من حيث الجودة الفنية والتحريرية، تلتها بي بي سي العربية، بينما حلت الإخبارية السعودية في الترتيب الأخير.

وعلى ضوء النتائج التي توصل إليها الباحث، يمكن تقديم المقترحات على النحو التالي:

أ: المقترحات العملية

_ نظراً لأن بعض القنوات عينة الدراسة يقل اهتمامها بالتقارير الإخبارية الميدانية داخل النشرة الرئيسية، فإن الدراسة الحالية تدعو إلى التوازن بين مكونات النشرة وهي: الأخبار القصيرة المصورة ((OOVS، الأخبار العاجلة، التقارير الداخلية أو تقارير الاستديو، التقارير الإخبارية الميدانية، والمقابلات.

_ الإيجاز في طول التقرير الإخباري الميداني وتحقيق التوازن بين عناصره الخمسة، على ألا يتجاوز دقيقتين ونصفًا كحد أقصى، لأن المشاهد قد لا يصبر أكثر من ذلك على متابعة تقرير واحد.

_ رصدت الدراسة الحالية طول التعليق الصوتي في أغلب التقارير الإخبارية الميدانية عينة الدراسة، وبناءً على هذه النتيجة تقترح الإيجاز في التعليق على ألا يتجاوز ثلث المدة الكلية للتقرير أو نصفها كحد أقصى، لأنه كلما طال التعليق الصوتي كان ذلك على حساب تنفس الصورة، ومبدأ الكتابة لها.

_ العناية بالصورة وترسيخ مبدأ الكتابة لها من خلال منحها الأولوية، ووضع خطة مبدئية للقصة الإخبارية الميدانية قبل الشروع في التغطية، ثم مشاهدة ما يتوافر من لقطات قبل كتابة التعليق لضمان تطبيق قواعد الكتابة للصورة.

_ مراعاة وضوح السياق المكاني أو التسلسل المنطقي في انتقال الكاميرا من مكان إلى آخر وعدم العودة إلى مشهد تم عرضه إلا في نهاية التقرير، لأن ذلك أضمن لتبسيط المحتوى المرئي للمشاهد، بينما يسبب عدم وضوح السياق المكاني التعقيد وتشتيت انتباه المشاهد.

_ الاهتمام بتدريب المراسلين الميدانيين وتحقيق الجودة الإخراجية والتحريرية في التقارير الإخبارية الميدانية، حيث إنها من أهم الفنون التي تحقق للقنوات الإخبارية السبق والتميز.

_ تتلخص مكونات التقرير الإخباري الميداني في خمسة عناصر هي: الصورة، والتعليق أو النص، والصوت الطبيعي، والاقتباسات الصوتية المرئية Visual Sound Bites، ولقطة حوار الكاميرا Piece To Camera، ويقترح الباحث نموذجاً لإعداد تقرير إخباري تلفزيوني ميداني مثالي، وفق الخطوات التالية:

أولا:ً الصورة: تعد أهم عنصر في العمل التلفزيوني، وإنَّ خلو أي عمل إعلامي من الصورة يعني عدم إمكانية تلفزته. وبعد تحديد الفكرة الرئيسية للتقرير التلفزيوني الميداني، يشرع المراسل في وضع المخطط الأولي لقصته الخبرية موضحاً فيه اللقطات المطلوبة وأحجامها وزوايا التصوير ليتم تنفيذه على أرض الواقع.

وإذا انتهى فريق العمل –وخاصة المراسل والمصور– من التصوير في الميدان، يبدأ المراسل مشاهدة الصور ليعد بعد ذلك قائمة للقطاتshot list  تشمل وصفاً لمدة كل لقطة ومحتواها.

ثانياً: التعليق أو النص: يأتي النص في المرحلة الثانية من حيث الأهمية بين مكونات التقرير، وذلك بعد الصورة التي تعد الأساس في العمل التلفزيوني. وعلى الرغم من أهمية النص فإنه يبقى مكملاً للصورة شارحاً تفاصيلها الكامنة والظروف المحيطة بها ولا يكررها. ويجب على المراسل التلفزيوني أن يجيد فن قراءة الصور واستنطاقها حتى يتمكن من كتابة نص تلفزيوني محترف.

وبعد مشاهدة المواد المرئية المتوافرة وإعداد قائمة اللقطات، يشرع المراسل في إعداد سيناريو التقرير مكوناً من حقلين أحدهما لشرح الصورة والآخر لما يرافقها من كلمات، ليتم على أساسه إجراء المونتاج النهائي للتقرير.

ثالثاً: الصوت الطبيعي (صوت الحدث): وهو الصوت الخام المسجل مع اللقطة التلفزيونية والتابع لها طبيعيا، مثل صوت هبوط طائرة أو هتافات حشد من الناس. وللأصوات الطبيعية أهمية كبيرة في إعداد التقرير التلفزيوني الميداني لأن فيها تعزيزاً لنقل الواقع وإضفاءً للحياة على التقرير، كما تستخدم كعلامات ترقيم وانتقال زماني ومكاني. ويعني عدم وجود الصوت الطبيعي في التقرير لقطات ميتة تفتقر إلى الحياة.

وعلى المراسل الميداني أن يحرص على بدء تقريره بصوت طبيعي يسبق تعليقه ويستمر لمدة ثلاث إلى خمس ثوان بهدف إثارة انتباه المشاهد من أول لقطة في التقرير، كما أن من الضروري أن يرافق الصوت الطبيعي كافة لقطات التقرير، مشكلاً خلفية صوتية واطئة لا تطغى على صوت المراسل، ومن الجماليات الفنية أيضاً أن يتبادل المراسل والصوت الطبيعي الأدوار حتى يتنفس التقرير.

رابعاً: المقتطفات الصوتية المرئية: وهي المقابلات الإخبارية مع الضيوف داخل التقرير الإخباري الميداني. والمقابلات تحمل توثيقاً للحدث وتضفي عليه بعداً إنسانياً. وينبغي أن تجرى المقابلات في جو طبيعي يظهر فيه الضيوف وهم يمارسون أعمالهم اليومية، على ألا يتجاوز طول الاقتباس الصوتي المرئي الواحد 20 ثانية. ومن الضروري أيضاً تحديد هوية الضيف وعلاقته بموضوع التقرير داخل التقرير إما كتابة وإما داخل سياق التعليق.

خامساً: قطعة حوار الكاميرا Piece To Camera: وهي اللقطة التي يظهر فيها المراسل التلفزيوني الميداني وهو يتحدث في مواجهة مباشرة مع الكاميرا. وعادة ما تأتي في ختام التقرير لتحمل استنتاج المراسل وتوقيعه بذكر اسمه ومكان التقرير واسم المحطة التي يعمل لصالحها، كما تأتي في وسط التقرير للربط بين موضوعين بينهما علاقة، وفي بداية التقرير لتأسيس المشهد. ويجـب ألا تتجاوز 20 ثانية في طولها حتى لا تزاحم بقية عناصر التقرير، إذ إن العرف التلفزيوني يقتضي ألا يتعدى طول التقرير الميداني دقيقتين ونصف دقيقة كحد أقصى.

ب: المقترحات الأكاديمية

على المستوى الأكاديمي، يقترح الباحث التعمق في التقارير الإخبارية التلفزيونية الميدانية من خلال إجراء الدراسات المستقبلية التالية:

_ البناء الفني للتقارير الإخبارية الميدانية في القنوات الفضائية العربية والغربية بهدف رصد أوجه الاختلاف والاتفاق بين هذين النوعين من القنوات.

_ البناء الفني والتحريري للتقرير الإخباري التلفزيوني، وذلك من خلال المقارنة بين السمات الإخراجية والتحريرية للتقارير التلفزيونية الداخلية In House Packages والتقارير الإخبارية التلفزيونية الميدانية TV field reports.

_ دراسة الكتابة للصورة في التقرير الإخباري التلفزيوني، دراسة تحليلية مقارنة بين التقارير التلفزيونية الداخلية In House Packages والتقارير الإخبارية التلفزيونية الميدانية TV field reports.

للاطلاع على النص الكامل لرسالة الماجستير (اضغط هنا)

نبذة عن الكاتب