مقدمة:
تمتلك القارة الإفريقية العديد من الخصائص الجيو- استراتيجية؛ كونها ترتبط بالعديد من المرافق البحرية والبرية المهمة، وتعتبر منطقة حيوية واستراتيجية مهمة للدول الكبرى، والصاعدة على جميع المستويات. وتُعد منطقة القرن الإفريقي من المناطق الاستراتيجية في إفريقيا والعالم؛ بسبب موقعها الجغرافي الحيوي المسيطر على مدخل البحر الأحمر الجنوبي في مضيق باب المندب، والمؤثِّر أيضاً في مدخله الشمالي، المتمثل في قناة السويس، والبحر الأحمر؛ الشريان الواصل بين أرجاء العالم، والحامل لحركة التجارة الدولية، وهو عنصر مهم للدول الصناعية الكبرى. وتضم هذه المنطقة كلاً من (الصومال وجيبوتي واثيوبيا واريتريا).
ويعود الإهتمام الإيراني بالقارة الإفريقية إلى ستينيات القرن الماضي، وبالتحديد إلى فترة حكم الشاه، عندما قامت بنسج علاقات دبلوماسية مع العديد من الدول الإفريقية. وكانت هذه العلاقات طبيعية تماشياً مع النسق الدولي والإقليمي العام.
وعلى الرغم من عدم مجاورة إيران للقارة الإفريقية، إلا أن إيران بعد الثورة الإسلامية سنة 1979، انضمت منذ ذلك الحين إلى قائمة الدول التي ترى في إفريقيا قارةً صالحةً لخلق نفوذ لها، سواء كان الوجود ذا صبغة عقائدية أو اقتصادية أو سياسية، أو عسكرية؛ مما جعل إيران تتنافس وسط منطقة بها قوى دولية وإقليمية، بحثاً عن السيطرة والوجود بمختلف الوسائل والأدوات، إلا أن انشغالها في الحرب مع العراق حتى عام 1988م منعها من توسيع علاقاتها مع الدول الإفريقية في ذلك الحين، وبعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية والتحوُّلات التي شهدها النظام الدولي، حاولت إيران التركيز في سياستها الخارجية على المناطق المهمَّشة، فقام الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني بزيارة إلى السودان عام 1991م كبداية لتقوية العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.
وفي فترة حكم الرئيس محمد خاتمي التي بدأت في عام 1997م؛ تصاعدت الاهتمامات الإيرانية بالقارة الإفريقية، وبدأت المشاريع الاقتصادية والتجارية والعلاقات الدبلوماسية تتزايد بين إيران وإفريقيا، إلا أن الاهتمام الأساسي جاء مع تولي الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الحكم عام 2005م، التي شهدت تحولاً في السياسة الخارجية الإيرانية؛ مكَّنها من اتباع سياسة خارجية نشطة في النظام الدولي والإقليمي، وهو ما يعزِّز وينوّع بدائل الحركة المتاحة وفق الخيارات السياسية للقادة الإيرانيين.
ولا شك في أن كافة القدرات العسكرية والاقتصادية والدينية والسكانية والجغرافية للجمهورية الإيرانية، ساعدتها على التمدد والمواجهة أو الارتقاء إلى مصافي الدول الإقليمية الكبرى، مع محاولة السعي للتأثير أسواق النفط والغاز الدولية والدفع قدماً ببرنامجها النووي الطموح. ونجد اتساع نطاق العلاقات الإيرانية الإفريقية بشكل بات لافتاً للانتباه منذ بداية عام 2005م؛ حيث تمتلك الجمهورية الإسلامية أكثر من 30 سفارة في القارة الإفريقية، فضلا عن تمتع إيران بصفة العضو المراقب في الاتحاد الإفريقي.
وفي منتصف 2010 عُقدت القمة الإفريقية الإيرانية في طهران بمشاركة 40 دولة إفريقية، بينهم رؤساء وزراء ودبلوماسيون؛ الأمر الذي مكَّن القادة الإيرانيين وكبار المسئولين بزيارة العواصم الإفريقية بشكل دوري، وإعطاء المنطقة الأولوية في السياسة الخارجية الإيرانية.
يتمثَّل التحدي الإيراني بالتوسع والتمدد والتفوق عسكرياً واقتصادياً، بالنظر إلى العلاقة بالجوانب الجيوبوليتيكية التي تحقق لإيران مصالحها بتعزيز أمنها القومي؛ ذلك أن الاستراتيجية الإيرانية لها أهداف بعيدة، عن محيطها الإقليمي، ومن المعروف أن منطقة الخليج العربي تضم كلَّا من دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافةً إلى إيران والعراق، وهي تُعتبر من أكثر بؤر العالم أهميةً؛ بسبب وجود مصادر الطاقة من النفط والغاز الطبيعي، ولذلك فإن أمن الخليج يؤثر في الأمن العالمي.
وفي مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بدأت استراتيجية أمن الخليج العربي تُبنى على أسس من الشراكة والتعاون التي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار.
لذلك تحاول الدول العظمى تأمين الخليج العربي على المدى الطويل، من خلال الترتيبات الأمنية الإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها من جهة وإيران من جهة أخرى، وقد نجحت إيران في القيام بجهود، أفضت إلى إبرام اتفاق البرنامج النووي الإيراني 2015م المعروف باسم 5+1 (الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي وهم الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا). وتكتسب منطقة الخليج أهميتها مرةً أخرى بانسحاب الولايات المتحدة في مايو 2018م، بشكل منفرد من الاتفاق النووي الإيراني، مما يفتح الباب لترتيبات أمنية جديدة وإعادة صياغة الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة. وبعد تولي الرئيس جو بايدن الحكم في الولايات المتحدة الامريكية في يناير/كانون الثاني من العام 2021م بدأ التفكير بالعودة الى الاتفاق النووي.
يأتي التهديد الإيراني من محاولة السيطرة على المضائق والمسطحات المائية في محيط الخليج العربي، ومحاولة امتلاك الأسلحة النووية التي ترى فيها تعزيزاً لمكانتها الإقليمية؛ الأمر الذي سمح لها أن تقف وجهًا لوجهٍ مع الولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي، بالإضافة إلى التمدد والتوسع الاقتصادي والطائفي في إفريقيا، خاصةً في القرن الإفريقي، وهو ما أسهم في تعدد المشروعات الإيرانية حول الخليج العربي التي تحاول وضع أطر ومبادرات محدّدة للأمن في الخليج العربي تخدم المصالح الإيرانية؛ حيث شكَّل القرن الإفريقي نقطةَ جذب وتركيز واهتمام للعديد من الأطراف الدولية والإقليمية تتصارع على مواطن الثروة والنفوذ ومراكز القوة والحضور، وزاد من أهميتها الاستراتيجية؛ كونها تمثِّل منطقةَ اتصالٍ مع دول الخليج العربي؛ وذلك بسبب مرور حاملات النفط والغاز والاتجار بالبضائع والأسلحة وعبور الأشخاص من القرن الإفريقي.
وأصبح هناك تنافس دولي وإقليمي بين الدول، أهمها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا والصين وتركيا وإيران وكوريا الجنوبية، ودول عربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر لتقوية حضورها في منطقة القرن الإفريقي لحماية مصالحا من خلال تقديم المساعدات الإنسانية وعقد اتفاقيات تجارية وتنموية مشتركة مع دول المنطقة وإنشاء قواعد عسكرية لها.
يتحدّد الإطار الزمني للدراسة في الفترة الواقعة من 2005م، وهي فترة تولِّي الرئيس السابق أحمدي نجاد التي شهدت تنشيطاً للسياسة الخارجية الإيرانية على الصعيد الإقليمي والدولي مع ترك الفترة الزمنية مفتوحة حتى الانتهاء من اعداد هذه الدراسة.
أولاً- مشكلة الدراسة:
تسعى الدراسة إلى تحليل أبعاد السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة القرن الإفريقي ودراسة الأثر في تداعياته المختلفة على أمن الخليج العربي، لما لها من أهمية جيوسياسية من خلال تحكُّمها في طرق التجارة الدولية، خاصة إمدادات مصادر الطاقة من النفط والغاز الطبيعي للأسواق الأمريكية والأوربية؛ إذ إن المحاولات الإيرانية للسيطرة على المضائق والمسطَّحات المائية المجاورة لمنطقة الخليج العربي، من شأنها أن تسهم في تهديد الأمن والسلامة لمنطقة الخليج العربي التي تلقى اهتمامًا إقليميًّا ودوليًّا، خاصةً مع زيادة التنافس الدولي والإقليمي في منطقة القرن الإفريقي بعد حرب الخليج الثانية عام 1991م وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على مياه الخليج، مما قد يسهم في تواجد قوتين عسكريتين أو أكثر وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى زيادة التوتر الأمني في المنطقة.
أولت الولايات المتحدة الأمريكية هذه المنطقة أهميةً جيوسياسيةً كبرى، وقامت بإنشاء قواعد عسكرية في بعض دول القرن الإفريقي، كما أن إسرائيل وجدت في المنطقة مجالاً حيوياً لها، فأسَّست وجوداً عسكرياً وأمنياً ورفعت من مستوى علاقاتها السياسية والدبلوماسية في بعض دوله أيضا. وفي حال سيطرت إيران على منطقة القرن الإفريقي وما يحتويها من طرق تجارة دولية ومضائق بحرية يصبح جزء مهم من الأمن العالمي مرهون لإيران وسياستها.
لقد تعاظمت الأهمية الاستراتيجية للقرن الإفريقي بعد اندلاع الحرب في اليمن وتدخل التحالف العربي عسكرياً بقيادة المملكة العربية السعودية للتصدي لتوسع النفوذ الإيراني، حيث أولت السعودية والإمارات وقطر أهمية خاصة لمنطقة القرن الإفريقي، من خلال نشاطهم التجاري والتنموي وتقديم المساعدات الإنسانية وإنشاء قواعد عسكرية لبعضهم والاستثمار في موانئ كلٍّ من الصومال وجيبوتي وإريتريا. ولم تكن الصين كقوة عظمى بعيدة مما يجري هناك، فقد حاولت منذ فترة إيجاد موطئ قدم في تلك المنطقة، فقامت بإنشاء قاعدة بحرية في جيبوتي بحجة مكافحة القرصنة وضمان أمن مضيق باب المندب. ومن ناحية أخرى تمكَّنت تركيا من خلال سياستها الخارجية في إفريقيا من إنشاء أول قاعدة عسكرية لها في الصومال عام 2016م، كما عقدت مع السودان اتفاقاً يقضي بإدارتها لجزيرة سواكن القريبة من الحدود المصرية. وفي عام 2017م، قامت بافتتاح أكبر قاعدة عسكرية لها خارج حدودها جنوب العاصمة مقديشو.
وتركِّز هذه الدراسة على فترة 2005م، منذ تولي أحمدي نجاد الرئاسة في إيران؛ حيث شهدت هذه الفترة سياسة خارجية نشطة لإيران على المستوى الدولي والاقليمي. وعليه، فإننا التساؤل الرئيسي لهذه الدراسة يمكن صياغته على النحو التالي:
ما أبعاد ومحددات الادوار الإيرانية في منطقة القرن الإفريقي وتأثيراتها على أمن الخليج العربي؟
وينبثق من التساؤل الرئيس عدة أسئلة فرعية:
- ما محددات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة القرن الإفريقي؟
- كيف تسعى إيران إلى توظيف أدوات سياستها الخارجية لتحقيق أهدافها في منطقة القرن الإفريقي؟
- ما أبعاد التنافس الإقليمي والدولي في منطقة القرن الإفريقي؟
- كيف تهدد الأدوار الإيرانية في منطقة القرن الإفريقي أمن الخليج العربي؟
- ما مدى وجود استراتيجية عربية لمواجهة تهديدات الدور الإيراني في منقطة القرن الإفريقي؟
ثانياً- فرضيات الدراسة:
- تحاول إيران توسيع مجالها الحيوي في منطقة القرن الإفريقي عبر توظيف أدواتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والدينية، بهدف توطيد العلاقة مع دول منطقة القرن الإفريقي من خلال إقامة العديد من المشروعات التي تعزِّز مجالات التعاون، وذلك للتأثير عليها بما يخدم ويعزِّز مصالحها القومية ويعدِّد من خياراتها السياسية بحيث تتوافق مع دورها في النظام الإقليمي والدولي.
- المحاولات الإيرانية للسيطرة على حركة التجارة الدولية في منطقة الخليج العربي ومضيق باب المندب من خلال السيطرة على منطقة القرن الإفريقي.
- هناك استراتيجية عربية لمواجهة النفوذ الايراني ومخططاتها في منطقة القرن الإفريقي.
ثالثاً- منهج الدراسة:
المصلحة الوطنية أو القومية أداةً للتحليل السياسي: أداة التحليل السياسي التي تنطلق من مفهوم المصلحة الوطنية أو القومية يتسع نطاقها لتشمل الحفاظ على الأمن القومي وحماية استقلال الدولة، وهي المقياس الذي على أساسه يمكن تقويم وتوجيه العمل السياسي، ولقد استعمل هانز مورجانثو هذا المفهوم بأشكال مختلفة، وبالتالي بمعان مختلفة، ومنها مصالح شرعية، مصالح جوهرية، مصالح حيوية، وأشار "هانز مورجانثو" إلى أن العلاقة التكاملية بين المصلحة القومية والقوة؛ حيث أوضح أن القوة هي الوسيلة لحماية المصلحة القومية، وفي الوقت نفسه فإن أعلى مرتبة للمصالح الوطنية هي تعزيز قوة الدولة.
ويُعتبر "مورجانثو" أن المصلحة هي المقياس الدائم الذي يمكن على أساسه تقويم وتوجيه العمل السياسي، وقد تم تصنيف كافة هذه الأشكال والمعاني للمفهوم عند "مورجانثو".
إن المصلحة الوطنية وُظِّفت في الكثير من الدراسات كأداة لتحليل السلوك الدولي الخارجي، على اعتبار أن الدولة من وجهة النظر هذه، تحركها مصالحها الوطنية في تعاملها مع فواعل النظام الدولي في العلاقات الدولية، ومن ناحية أخرى -وهي الناحية العملية- فإن خدمة المصلحة الوطنية تقتضي التخطيط وبناء الاستراتيجيات، ويتطلب ذلك تفصيل المصلحة الوطنية إلى أهداف مختلفة (أهداف استراتيجية طويلة المدى، وأهداف متوسطة المدى، وأهداف تكتيكية قريبة المدى).
وهناك من المصالح الوطنية الحيوية المتمثلة في المحافظة على البقاء القومي تقتضي جملةً من الأهداف: كالتسلح وإقامة تحالفات وتقوية الجبهة الداخلية وإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية. لذلك اختلفت آراء العلماء والباحثين حول تحديد مفهوم المصلحة الوطنية؛ فجيمس روزيناو يُفرِّق بين المصلحة الوطنية كأداة للتحليل السياسي والمصلحة الوطنية كأداة للعمل السياسي، فالأولي: تُستخدم لوصف وشرح وتقويم مصادر وكفاءة السياسة الخارجية لدولة ما، أما الثانية فإنها توظف لتبرير أو استنكار أو اقتراح سياسة ما. ويرى ليونارد لاري: أن المصلحة القومية هي قاعدة السياسة الخارجية، كما أن المصلحة القومية لا تشمل الأهداف السياسية، بغض النظر عن القيم.
تعمل إيران للحفاظ على أمنها القومي بشتى الطرق، من خلال عقد الاتفاقيات التجارية والتنموية والاقتصادية مع الدول الإفريقية بشكل عام ودول القرن الإفريقي بشكل خاص؛ حيث يحتل القرن الإفريقي أهمية خاصة في قائمة اهتمامات السياسة الخارجية الإيرانية، لما تمثله هذه المنطقة من أهمية جيواستراتيجية. وتكمن وراء الاهتمام الإيراني بمنطقة القرن الإفريقي عدة أهداف:
أهداف سياسية، تتمثَّل في محاولة كسر حاجز العزلة الغربية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، وإظهار نفسها قوةً إقليمية كبيرة منافسة يُحسَب لها حسابها في المنطقة، ومحاولتها السيطرة على الممرَّات المائية تحسباً لأي انفجار محتمل مع الغرب حول ملفها النووي، ناهيك عن طموحات فتح ممرات بحرية وبرية تسهّل الوصول إلى مناطق الأزمات في الشرق الأوسط عبر تأمين وجود إيراني قريب من هذه المناطق وتوفير أوراق ضغط جديدة للمساومة في ملفات تخدم المصالح الوطنية الإيرانية.
أهداف دينية، وتتمثل بنشر المذهب الشيعي، بهدف إيجاد قواعد محلية موالية لإيران؛ من أجل الضغط على الحكومات الوطنية والعمل من خلال هذه القواعد على مواجهة المصالح الغربية في إفريقيا.
أهداف أمنية، حيث تعمل إيران على جعل منطقة شرق إفريقيا إحدى المحطات الاستراتيجية المهمة لها في مواجهتها للقوى الغربية، وخاصةً إسرائيل، وهو ما يعطيها نقطة ارتكاز تمكِّنها من القيام بمهام عسكرية ضد القوى الغربية إذا ما قرَّرت الأخيرة تدمير قدرات إيران النووية.
الخاتمة:
- سعت جمهورية إيران الإسلامية منذ العام 2005م إلى توطيد علاقاتها مع دول القرن الإفريقي على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والمذهبي، فقام الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد بزيارة بعض دول القارة الإفريقية بغرض تحسين العلاقات وإبرام الاتفاقيات التجارية والعسكرية والتبادل الثقافي تمهيداً لتقوية العلاقات مع دول منطقة القرن الإفريقي ووصولًا إلى التأثير في أمن الممرات المائية، والمشاركة في حفظ أمن البحر الأحمر مع الدول المشاطئة له، إلا أن هناك العديد من القوى الإقليمية التي تتنافس في هذه المنطقة مثل إسرائيل وتركيا ودول الخليج ومصر، مما حدَّ من هذا النفوذ.
- ثمة انطباع لدى بعض السياسيين والإعلاميين في بعض الدول العربية والإسلامية يصور إيران مصدر خطر على الأمن الإقليمي والدولي. كما شهدت علاقات إيران مع دول القرن الإفريقي نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، واحتلَّت القارة الإفريقية ومنقطة القرن الإفريقي أولويةً عند الرئيس الأسبق أحمدي نجاد منذ عام 2005م، ولم تُعد السياسة الخارجية الإيرانية ترتكز على الأبعاد الاقتصادية فحسب، وإنما أصبحت تتبنَّى مفهوماً أعم وأشمل، يحوي أبعاداً سياسيةً وثقافيةً وأمنيةً، وتحاول إيران استثمار تقاربها مع دول القرن الإفريقي في دعم برنامجها النووي أمام المجتمع الدولي.
- حرصت إيران على تنوع أدوات السياسة الخارجية في منطقة القرن الإفريقي، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإيديولوجيا... فضلاً عن استخدامها لمجموعه من المؤسسات الرسمية والمنظمات الخيرية في تنفيذ أهدافها، لكي تكون السيطرة كاملة، ولتكون فرصتها في لعب دور إقليمي قوي وثابت، وللخروج من عزلتها الدولية التي فرضتها عليها الأحداث في الشرق الأوسط والعقوبات التي الدولية المفروضة عليها.
- يتطلب التقييم المناسب للطموحات الإيرانية، ولتأثير إيران في منقطة القرن الإفريقي، مقاربات متباينة؛ قريبة، ومتوسطة، وبعيدة المدى، إذ من الملاحظ أن تقارب إيران مع دول منطقة القرن الإفريقي أصبح مسألة ذات أولوية عالية في سياسة طهران الخارجية، وبات ينظر على نحو متزايد في المنطقة والعالم إلى النفوذ الإيراني في منطقة القرن الإفريقي على أنه مرتبط بتصدير النموذج الثوري الإيراني، والنسخة الإيرانية للتشيع والإسلام السياسي، وهو ما أدى إلى طفرة من الاهتمام والتركيز على الدور الإيراني في المنطقة، خاصة من دول الجوار الإقليمي المنافسة لإيران، مثل دول الخليج العربي، وإسرائيل وتركيا ومصر.
- هذا الأمر من شأنه أن يقلل من الأفضلية التي كانت تتمتع بها طهران في المنطقة؛ نتيجة مزاحمة هذه الدول للنفوذ الإيراني، وجهود احتوائه التي تحظى أيضاً بتشجيع وتأييد أمريكي. ومع ذلك، لا ينبغي التقليل من أهمية استثمارات إيران السياسية والاقتصادية في دول القرن الإفريقي، كما لا ينبغي التقليل من أهمية حضور إيران المستمر هناك، نظراً إلى السياق الجيوسياسي الأوسع الذي يجعل الدور الإيراني في منطقة القرن الإفريقي متكاملًا مع أدوار إقليمية ودولية أخرى.
- على الرغم من العقبات التي واجهتها إيران في منطقة القرن الإفريقي، خاصةً في السودان وكينيا والصومال، فإن المؤسسات الإيرانية لا تزال مستمرةً في أنشطتها المختلفة في تلك البلدان.
- استطاعت الدبلوماسية الناعمة الإيرانية تحقيق نجاحات نسبية في نشر المذهب الشيعي في بعض بلدان القرن الإفريقي، كما أنها تعمل على وتعزيز التبادل التجاري وجذب الاستثمارات الإفريقية وتدعيم علاقاتها بالدول الإفريقية النفطية.
- من الضروري رسم استراتيجيات عربية لمواجهة النفوذ الإيراني والإسرائيلي والتركي في بلدان القرن الإفريقي لما له من أهمية وتأثير على الأمن القومي العربي.
تنويه:
- الآراء الواردة في هذه الدراسة تُعبِّر عن كاتبها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز الجزيرة للدراسات.
- للاطلاع على النص الكامل أطروحة الدكتوراه (اضغط هنا)
- يمكن للباحثين الراغبين في نشر أطروحاتهم إرسالها إلى البريد الإلكتروني التالي: ajcs-publications@aljazeera.net