تضمن العدد الخامس من مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام (يناير/كانون الثاني 2025) بحوثًا أصلية تناقش قضايا متنوعة، من بينها دراسة أعدَّها الأكاديمي محمد أحمد إبراهيم ويُقدِّم فيها نموذجًا إرشاديًّا لمرجعيات الإبادة الرقمية وآليات اشتغالها، ويُحدِّد الأبعاد والعناصر النسقية التي تُفسِّر الفعل الإبادي الرقمي، من خلال دراسة حالة المحتوى الفلسطيني عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وتتجلى إبادة المحتوى الرقمي في طبقة خارجية تضم أربعة مكونات أو أبعاد تستند إليها الشبكات الاجتماعية في طمس ومحاربة هذا المحتوى: (أ) المرجعية المفاهيمية والمصطلحية، (ب) المرجعية السياسية، (ج) السرديات المضادة لسرديات المحتوى الذي يتعرض للإبادة، (د) الأرضية القانونية والتشريعية التي يتم الاستناد إليها. أما الطبقة الداخلية التي تُطْبِق على المحتوى الرقمي، فتشتمل على خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتتبُّع المحتوى الرقمي المستهدف، والتي تضطلع بالدور الأكبر، بالإضافة إلى الرقابة البشرية المباشرة التي تصطاد ما تبقى من المحتوى الذي قد يفلت من قبضة الخوارزميات.
وفي هذا العدد، يستقصي الدكتور عبد الله بخاش اتجاهات الجمهور الفلسطيني إزاء الخطاب الدعائي الإسرائيلي باعتماد عينة متاحة في الفترة الممتدة من 25 يوليو/تموز إلى 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ويبحث أيضًا في حملات وأبعاد الحرب النفسية التي تستهدف هذا الجمهور. وترصد الدراسة سمات الخطاب الدعائي وأطروحاته، وتُركز جهدها البحثي على تتبُّع تأثيرات الحرب النفسية في الرأي العام الفلسطيني. وتُحلِّل الدراسة، التي أعدَّها الدكتور محمود الحرثاني والباحثة شيماء شهاب، أساليب وسمات السرد في تغطية وسائل الإعلام الغربي لحقوق الإنسان بوصفه مدنيًّا في فلسطين، من خلال أحداث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (2023-2024). وتُحَاجِج الدراسة بأن أنظمة حقوق الإنسان يمكن أن تكون مؤثرة، أو غير مؤثرة، بالنظر إلى أساليب وأنماط تغطيتها في وسائل الإعلام. وتُعد عمليات نزع صفة المدني التطبيق القانوني والتقني لسرديتين لا تَقِلَّان أهمية وهما الحَيْوَنَة والشَّيْطَنَة. وتضطلع هذه السرديات الثلاث بدور مركزي في عمليات التدمير الممنهج للبنية المدنية الفلسطينية. وتركز الدراسة على سَبْرِ ماهية تغطية الإعلام الغربي، ولاسيما الخدمة الإخبارية لموقع "بي بي سي" في نسختيه، الإنكليزية والعربية، وتحديد أبعاد نمط المعالجة الإعلامية لمعاناة الإنسان الفلسطيني بوصفه مدنيًّا. وتناقش دراسة كتبها الدكتور معتصم بابكر، بعنوان "أطروحات موت الرأي العام وفاعلية التأثير في صناعة السياسة العامة بالبيئة الرقمية"، مصطلح الرأي العام ومكوناته وآليات تشكيله وقياسه، وهل ما ينتج عن ذلك من رأي عام حقيقة أم اصطناع في ظل تعاظم انتشار مستحدثات تكنولوجية رقمية ومعلوماتية للتعبير عن الرأي، وتأثير العواطف والشائعات والخطاب الشعبوي فيما يتبنَّاه المستخدمون من آراء في بيئة رقمية فوضوية، وفي سياق ما يُعرَف بعصر ما بعد الحقيقة؛ حيث يتبنَّى بعض الباحثين أطروحة "موت الرأي العام". فهل لا يزال الحديث عن الرأي العام ممكنًا اليوم أم أن فرضية موت الرأي العام علمية وواقعية؟ وما مقومات تكوين الرأي العام؟ وهل يختلف الرأي العام في العالم العربي بحسب مقوماته ومحدداته أم أن فرضية موت الرأي العام واقعية؟ وهل يؤثر اختلاف الأنظمة السياسية بالمنطقة العربية في نوع الرأي العام بهذا البلد أو ذاك؟ وما مدى فاعلية الرأي العام في صنع السياسة العامة؟
واهتمت الدراسة التي أعدَّها الدكتور عبد الوهاب بوخنوفة، والدكتور نصر الدين لعياضي، بعنوان "نماذج نظريات الاتصال الجماهيري في الدرس الإعلامي العربي وعلاقتها بالممارسة الإعلامية"، بالكشف عن واقع تدريس مقرر نظريات الاتصال في برامج الإعلام والاتصال بالجامعات العربية في ظل التحولات الكبيرة التي تعرفها البيئة الاتصالية. وحاولت استقصاء مكانة هذا المقرر في الخطط الدراسية والمقاربات والنظريات التي تُدَرَّس للطلبة، والطرق التعليمية المتَّبعة، والموارد التعليمية المستخدمة ومدى ربط هذه النظريات ببيئة الإعلام والاتصال في المنطقة العربية.
وفي زاوية "قراءة في كتاب"، يُقدِّم الدكتور محمد البقالي مراجعة في كتاب جديد صدر باللغة الفرنسية، عام 2023، بعنوان: "ما الرأي العام؟: الديناميكيات، الماديات، الصراعات". يُعيد طرح أسئلة كثيرة بشأن مفهوم الرأي العام: هل ما زال بالإمكان الحديث عن رأي عام؟ وهل يمكن قياس هذا الرأي؟ وبأي أداة؟ وما التحولات التي مسَّت مفهوم وحقيقة الرأي العام في الزمن الرقمي؟ تقوم الأطروحة الرئيسية للكتاب على أن الرأي العام هو عبارة عن "بناء اجتماعي" وليس حقيقة قائمة بذاتها. فهو لا يوجد في أي مكان في حالته "النقية" والمكتفية ذاتيًّا، بل يتشكَّل الرأي العام عبر مسار من الأنشطة البشرية المختلفة.
للاطلاع على العدد كاملًا، يرجى الضغط هنا
للاطلاع على الأعداد السابقة، يرجى الضغط هنا