النظام السياسي في البرازيل.. قراءة نقدية

تناقش هذه الورقة المعالم الأساسية التي يتسم بها النظام السياسي في البرازيل فضلا عن المعضلات التي تواجه هذا النظام وخاصة عملية صناعة القرار.







تمرير القوانين في البرلمان البرازيلي يتطلب تحالفات سياسية معقدة (رويترز-أرشيف)


أنطونيو دا روتشا


حين كان الناس يتوجهون إلى الموسيقار توم جوبيم، مؤلف المقطوعة الشهيرة "فتاة من إيبانيما" “Garota de Ipanema” طالبين منه أن يعرِّف لهم البرازيل كان يجيبهم: "ليس بوسع المبتدئين فهم البرازيل".


النظام الفيدرالي
القضاء 
الدستور والبرلمان


ويبدو أن هذه الإجابة ما تزال أدق ما يمكن تقديمه لمن يطلب تعريفا لتلك الدولة. إنها أرض التباين والتناقض، بلاد محفوفة بالغموض والأسرار، حتى بالنسبة لنا نحن البرازيليين.


ومما يزيدها غموضا أنها لا تقلد أحدا، فهي لا تستند إلى مرجع نظري يسوق طريقها نحو المستقبل، كما لا تسير وفق حجة غائيّة واضحة أو نسق ثابت لا يتغير. ويزداد الأمر إثارة حين نكتشف أن هذه الدولة خلال سيرها نحو المستقبل لا يقف في طريقها عائق خطير، ولا تبدو في الأفق عثرات يستحيل التغلب عليها.


لكن ليس معنى صعوبة الإحاطة المعرفية الكاملة بالبرازيل أننا لن نُقدِم على المحاولة. ولتسهيل المهمة فإن هذه الورقة سوف تركز فقط على جانب واحد من جوانب المشهد البرازيلي وهو "النظام السياسي"، وستحاول إلقاء الضوء على طبيعته ومكوناته وآليات صناعة القرار فيه، والعوائق والتحديات التي تقف أمامه، والمنهج الذي تتبعه النخبة البرازيلية في التغلب عليها.


النظام الفيدرالي


البرازيل بناء فيدرالي مؤلَّف من 27 وحدة إدارية قوامها 26 ولاية تتمتع بحكم شبه ذاتي إضافة إلى منطقة فيدرالية واحدة. ولكل ولاية مؤسساتها الخاصة بها، التشريعية والتنفيذية والقضائية، سيرا على نهج مؤسسات الحكومة الفيدرالية. وتتباين الولايات فيما بينها ثراءً وفقرا. فولاية مثل ساو باولو -على سبيل المثال- هي أكثر ولايات البرازيل ثراء، وتسهم بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في الوقت الذي لا تسهم فيه ولاية مثل رورايما -أكثر الولايات فقرا- سوى بـ 0.15 % من هذا الناتج.





ينقسم الرأي العام البرازيلي إزاء مشكلة اختلاف التمثيل النسبي بين الولايات بعضها وبعض؛ ففي نظر الكثيرين يُعد هذا النظام غير عادل، لكن في نظر آخرين يُعد نظاما "منطقيا" ويقولون: إنه من البدهي إعطاء حق لبعض الولايات دون الأخرى بناء على متغير الوزن السكاني
وفي المجمل فإن 8 ولايات فقط يتركز فيها 80 % من ثروة البلاد، ويقع معظم هذه الولايات في الأقاليم الجنوبية والجنوبية الشرقية، ولهذه الولايات الغنية وزن وثِقل وتأثير في السياسات الفيدرالية للبرازيل مقارنة ببقية الولايات، وهو ما يؤدي إلى تكريس مشكلة عدم المساواة بين الولايات، وهذه إحدى معضلات النظام السياسي في البرازيل، كما سيتضح ذلك بالتفصيل في الأسطر التالية. 


يحدد القانون الانتخابي في البرازيل عدد الأعضاء الممثلين لكل ولاية في الهيئة التشريعية الفيدرالية وفقا لشروط تمزج بين معايير التمثيل النسبي ومعايير النظام الفيدرالي؛ فعلى سبيل المثال، فإن سبع ولايات فيدرالية في البرازيل يمثل كل منها 8 نواب فقط وهو الحد الأدنى للتمثيل على مستوى الولايات، في حين يمثل ولاية مثل ساو باولو 70 نائبا (كحد أدنى أيضا)، ويمثل ولاية ميناس جيرايس 53 نائبا، وولاية ريو دي جانيرو 46 نائبا. وهنا يتضح الفرق في اختلاف التمثيل النسبي وفقا لعدد السكان والوزن الاقتصادي للولاية.


وينقسم الرأي العام البرازيلي إزاء مشكلة اختلاف التمثيل النسبي بين الولايات بعضها وبعض؛ ففي نظر الكثيرين يُعد هذا النظام غير عادل، لكن في نظر آخرين يُعد نظاما "منطقيا" ويقولون: إنه من البدهي إعطاء حق لبعض الولايات دون الأخرى بناء على متغير الوزن السكاني؛ فولاية يسكنها 40 مليون نسمة مثل ساو باولو تستحق أن تحظى بعدد من النواب أكبر من ولاية يسكنها أقل من 0.4 مليون نسمة مثل ولاية رورايما.


وتماشيا مع هذا المنطق (أخْذ الوزن السكاني بعين الاعتبار في التمثيل النسبي للولايات فيدراليا) فإن الأمر غير متوازن وغير عادل؛ حيث تميل الكفة لصالح الولايات الأقل عددا، فالنائب الواحد من ولاية ساو باولو يمثل حوالي 570.000 مواطن بينما يمثل النائب في ولاية رورايما حوالي 50.000 مواطن.


وعلى هذا النحو فإن أي تغيير في حصص التمثيل بناء على عدد السكان سيؤدي حتما إلى زيادة نفوذ الولايات القوية المتمتعة أصلا بنفوذ اقتصادي وسياسي، ولعل هذا يفسر لنا كيف أن ممثلي الولايات الفقيرة هم أنفسهم الذين يصوتون ضد زيادة حصة التمثيل خوفا من تكريس واتساع واقع "التباين في النفوذ" بين الولايات أملا في إيجاد طريقة مستقبلا لحل هذه المعضلة المؤرقة للنظام السياسي البرازيلي ككل.


ولعل أكثر المقترحات وجاهة في البحث عن حل للمشكلة سابقة الذكر هي تلك التي تدعو إلى اختيار النواب بناء على الجمع بين القوائم الحزبية والنسب المخصصة للولايات. ولو اتُّبعت هذه الطريقة فبوسع الأحزاب السياسية تعويض ما تتعرض له من خسارة في الولايات الصغيرة. ولو كُتب لذلك المقترح النجاح فسيكون لزاما على الأحزاب أن تؤسس مراكز إدارية لها في الولايات الصغيرة حتى توسع من قاعدتها الجماهيرية. لكن مثل هذا المقترح وغيره من المقترحات الأخرى بحاجة إلى إجماع وطني لم يزل في طور التشكيل الآن.


وتتردد أية حكومة برازيلية في القيام بأية تغيرات جذرية في بنية النظام السياسي؛ ذلك لأنها بمجرد أن تشكل الحكومة وتتولى السلطة في أعقاب أية انتخابات تشريعية فإنها سرعان ما تجد نفسها مستفيدة مما هو قائم؛ وبالتالي فإنها لا تقوم حينئذ بالسعي لإجراء إصلاحات أو تغييرات جديدة قد تفقدها مكاسبها الآنية.


ومع ذلك، ورغم صعوبة إجراء إصلاحات أو تغيرات جذرية في بنية النظام السياسي البرازيلي فإن هذا لا يعني أنه لم يحدث أي تغييرات -ولو محدودة- منذ التحول إلى النظام الديمقراطي في ثمانينيات القرن الماضي؛ فخلال العقدين الماضيين شهدت البرازيل نوعا من إعادة توزيع الثروة جغرافيا، ومن شأن إعادة توزيع الثروة -كما فهمنا من الفقرات السابقة- أن يُعاد رسم خريطة مراكز النفوذ والتأثير السياسي بين الولايات.


فقد أوجدت الإصلاحات الليبرالية مطلع تسعينيات القرن العشرين فرصا جيدة للاستثمار في الولايات الفقيرة، وانتقل كثير من الشركات التي كانت تتخذ من الولايات الغنية مقار لها إلى جهة الشمال والشمال الشرقي (مناطق تمركز الولايات الأكثر فقرا)، رغبة منها في الاستفادة من رخص الأيدي العاملة، وسعيا للبقاء في السوق بعد الحد من الحواجز الجمركية أمام السلع الوافدة من الخارج.


يجيئ ذلك متزامنا مع اهتمام الحكومة بفقراء هذه الولايات عن طريق تكثيف البرامج الاجتماعية الهادفة إلى تحسين أوضاعهم المعيشية، وضخ أموال لمشاريع عامة في مجالات النفط والزراعة والسياحة. فكانت المحصلة النهائية (بعد تشجيع القطاع الخاص والعام على الاستثمار في الولايات الفقيرة) أن زادت درجة التأثير والفاعلية لهذه الولايات في الحكومة الفيدرالية، وهو ما كانت تحتكره الولايات الأكثر ثراء، وبالتالي فقد "تحلحلت" إحدى معضلات النظام السياسي البرازيلي.


غير أن البناء الفيدرالي ليس سوى أحد الأوجه المتعددة للبناء السياسي في البرازيل، وسنعرض في السطور التالية لبعض الأوجه الأخرى. 


القضاء


وتتألف المنظومة القضائية البرازيلية من عدة محاكم وهيئات لا تختلف كثيرا في شكلها الهرمي وصلاحيات كل درجة قضائية عن جُل المنظومات القضائية الأخرى في معظم دول العالم؛ فيوجد في البلاد محكمة عليا، ومحكمة عدل عليا، ومحكمة عسكرية عليا، وهيئة قضائية عليا...إلخ.


لكن ما ينبغي قوله عن القضاء في البرازيل هو أنه على الرغم من أن المؤسسة القضائية تتميز -كما سبق القول- بالنزاهة إلا أنه في الوقت نفسه تفتقر إلى "الفعالية"، فقد تستغرق القضايا سنوات، وأحيانا عقودا بأكملها، قبل أن يتم البت فيها؛ لهذا فإن المؤسسة القضائية البرازيلية بحاجة إلى تطوير وإصلاح مهني وتشريعي وإداري يتناسب ومكانة البرازيل التي تزدد تناميا إقليميا ودوليا. 


الدستور والبرلمان


تأسست الحياة السياسية الحالية في البرازيل على الدستور الفيدرالي الذي صدر عام 1988، ورغم أن هذا الدستور كان أثرا من آثار التحول الديموقراطي الذي شهدته البلاد بعد 21 عاما من الحكم العسكري الشمولي (1964 – 1985) إلا أنه لا يزال حافلا بالاضطراب وكثرة البنود التي يعارض بعضها بعضا، والاستغراق في التفاصيل بالغة الإسهاب التي تسبب الوقوع في شَرَك التفسيرات والتأويلات، وذلك لأن الذي كتب هذا الدستور هم رجال السياسة وليس فقهاء القانون الدستوري. ورجال السياسة -كما هو معلوم- تحكمهم وتتحكم فيهم انتماءاتهم الحزبية، وتوجهاتهم السياسية، ومعتقداتهم الأيديولوجية.





يتميز القضاء في البرازيل بالنزاهة إلا أنه في الوقت نفسه يفتقر إلى "الفعالية"، فقد تستغرق القضايا سنوات، وأحيانا عقودا بأكملها، قبل أن يتم البت فيها
ولهذا فلم يكن مستغربا أن يشهد هذا الدستور خلال العقدين الماضيين تعديلات دستورية كثيرة لدرجة قد تبدو للقارئ مبالَغًا فيها؛ إذ بلغ مجموعها 61 تعديلا.


وقد يُظن أن الرأي العام البرازيلي قد اكتفى بكل هذه التعديلات، ولكن الحقيقة غير ذلك؛ إذ لا تزال الجماهير البرازيلية تنادي بالمزيد من التعديلات الدستورية، خاصة في البنود المتعلقة بتنظيم تمويل الحملات الانتخابية، والحصانة البرلمانية (يستغل بعض النواب الحصانة لممارسة أعمال مخالفة للقانون). لكن المشكلة أن كثيرا من السياسيين قد ربطوا مستقبلهم السياسي بالواقع القائم حاليا بكل ما له وما عليه؛ ومن ثم فإنهم يعتقدون أن أية إصلاحات مستقبلية قد تحد من نفوذهم، ولهذا فإن معركة الرأي العام البرازيلي للضغط على النخبة السياسة لتغيير الدستور ستطول.


وما تزال في الدستور إمكانية منح الرئيس صلاحيات تشريعية إضافية تتمثل في مقدرته على إصدار مراسيم رئاسية مؤقتة. وتسمح هذه الوسيلة الدستورية للرئيس بسن تشريعات جديدة فورية دون الانتظار للحصول على تصديق البرلمان. ولا تمنح هذه المراسيم الرئاسية المؤقتة للرئيس حق التشريع فحسب بل تعطيه حق التأثير المباشر على أجندة البرلمان.


وإذا فشل البرلمان في التصديق على القانون الجديد خلال ثلاثين يوما، تتقدم هذه القوانين بشكل فوري لتحتل أولوية الأجندة البرلمانية وتحل محل القضايا الأخرى التي ينشغل البرلمان بمناقشتها. وطبقا للدستور البرازيلي فإن المرسوم الرئاسي المؤقت من الناحية النظرية يجب أن يُستخدم فقط في حالات بعينها، وإن كان من الناحية العملية لم يحدد المشرّع طبيعة هذه الحالات.


ومن الملاحظ مع ذلك أن مثل هذه المراسيم المؤقتة يجب أن تلقى تصديقا من الكونجرس في غضون ثلاثين يوما على الأكثر منذ اقتراحها من قِبل الرئيس. ولن تصبح فاعلة بعد هذه الفترة؛ ومن ثم فإن التحالف البرلماني، والاستقرار السياسي هما الضامنان الوحيدان للتصديق على مثل هذه المراسيم.


وفي حقيقة الأمر فإنه منذ اتعادة الديموقراطية في البرازيل بعد دستور عام 1988، تمكن جميع الرؤساء المنتخبين من بناء تحالف معقول ومستقر من الأغلبية البرلمانية في أعقاب الانتخابات الرئاسية، وتحقيق مستوى عال من أداء الحكم، وذلك من خلال التزام جاد من قبل الأحزاب المتحالفة في الحكم.


ولا يوجد في ذلك استثناء سوى تلك الفترة التي امتدت من مارس 1990 وحتى أكتوبر 1992 في ظل حكم الرئيس فيرناندو كولور الذي لجأ إلى تشكيل حكومة ائتلافات خاصة لم تقم على أساس انتخابي، وربما نتيجة اتباعه لهذا النهج تعرّض للمساءلة، وعُزل من منصبه بقرار من البرلمان.


وتتألف الهيئة التشريعية البرازيلية (الكونغرس) من مجلسين: الأول: مجلس الشيوخ ويتألف من 81 عضوا (ثلاثة أعضاء عن كل ولاية)، والثاني مجلس النواب ويتألف من 513 عضوا. (*)  وتقوم الفكرة الأساسية وراء هذا التقسيم على أن مجلس الشيوخ يمثل مصالح الولايات في الوقت الذي يمثل فيه مجلس النواب عموم الشعب





يكفل النظام البرازيلي قدرا من الشفافية لا بأس به، فوسائل الإعلام على اختلاف أشكالها وألوانها حرة، والدولة تجتهد في أن تكون المسائل المتعلقة بتوزيع الثروة وأموال دافعي الضرائب شفافة. كما أنها لا تُبدي تصلبا أو خشونة في التعامل مع الدعوات المنادية بالإصلاح السياسي
ولا تتمكن الهيئة التشريعية بمجلسيها: الشيوخ والنواب من التصديق على القوانين دون أن تمر هذه القوانين بعملية طويلة ومعقدة من المساومات والتحالفات بين الكتل السياسية داخل المجلسين، الأمر الذي يجعل العملية التصويتية على أي قانون مسألة في غاية الصعوبة ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بها، وبالتالي تصبح السياسات العامة للدولة رهينة المصالح الضيقة وقصيرة الأجل لهذه الأحزاب.


ويزداد الطين بلة إذا علمنا أن الحياة الحزبية البرازيلية تعاني من مشكلة "تغيير الولاءات الحزبية"؛ إذ يمكن لمرشح فاز على قائمة حزبية معينة أن يغير انتماءه الحزبي فور جلوسه على كرسي النيابة داخل البرلمان، الأمر الذي جعل التصويت "سلعة"، والانتماء الحزبي "حرفة" يتكسب بعض النواب من ورائها.


هذا عن البرلمان ودوره في بنية النظام السياسي البرازيلي، أما النظام القضائي فيتمتع إلى حد كبير بالنزاهة والاستقلال، لكن هذا لا يعني أنه بلا مشاكل؛ حيث يتم تعيين القضاة بعد اجتيازهم اختبارات صعبة، ويحاول النظام السياسي أن يكفل للقاضي من الضمانات ما يجعله مطمئنا وهو على كرسي العدالة، ومن الآليات المتبعة في ذلك الرواتب المرتفعة التي يتقاضاها القضاة، وعدم إمكانية فصلهم من الخدمة إلا بعد ثبوت مخالفتهم لشرف المهنة.


وختم حديثنا عن النظام السياسي في البرازيل بلمحة سريعة عن مدى "الشفافية والمشاركة الشعبية" وهما من المصطلحات الحديثة التي دخلت قاموس "الحكم الرشيد".


فالحق أن النظام البرازيلي يكفل قدرا من الشفافية لا بأس به، فوسائل الإعلام على اختلاف أشكالها وألوانها حرة، والدولة تجتهد في أن تكون المسائل المتعلقة بتوزيع الثروة وأموال دافعي الضرائب شفافة، مستغلة في ذلك العديد من وسائل الإعلام وفي مقدمتها الإنترنت. كما أنها لا تُبدي تصلبا أو خشونة في التعامل مع الدعوات المنادية بالإصلاح السياسي، بل إنها تقوم عوضا عن ذلك بخطوات ومبادرات تعزز أجواء الشفافية، صحيح أنها دون الطموح، لكنها على الأقل تُشعر المواطنين بأن عجلة الإصلاح السياسي تسير، وأن التراكم الكمي سيؤدي بمرور الوقت إلى تغير نوعي.


كما أن النظام السياسي يتيح المجال أمام الحركات الاجتماعية المختلفة للتعبير عن نفسها، ويمنحها حق الاعتراض والتظاهر، وتكفل الدولة للأحزاب السياسية تشكيل لجنة لمراقبة الانتخابات تُعرف عادة باسم لجنة "عدالة الانتخابات" وهي لجنة مستقلة مسئولة عن الإشراف على الانتخابات بكافة مستوياتها الفيدرالية منها والولائية لضمان نزاهتها.


ورغم كل ما يقال عن المشكلات والمعضلات التي تواجه النظام السياسي في البرازيل والتي استعرضناها آنفا، إلا أننا قد لا نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا: إنه نظام يتحسن، وكلما مرّ عليه الوقت تراكمت منجزاته وتحسيناته، وبدون ديمقراطية هذا النظام كان من الممكن للتجربة التنموية البرازيلية الحالية أن تتعرقل أو أن تنتهي وتتلاشى كما تلاشت تجارب تنموية عديدة في دول أخرى اعتنى أصحاب القرار فيها بما هو اقتصادي وغضّوا الطرف عما هو سياسي، فلم تجن الشعوب بعد سنوات من الانتظار غير "قبض الريح".
_______________
أنطونيو دا روتشا، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة برازيليا. حصل على الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي من جامعة ساو باولو عام 2002، عمل مديرا لإدارة التعاون الدولي في وزارة الدفاع البرازيلية ومسؤلا عن المركز البرازيلي للدراسات في هاييتي، وهو مركز معني بالدراسات الإستراتيجية وشؤون الأمن والدفاع وتابع لرئاسة الجمهورية. مثل روتشا بلاده في العديد من المنتديات والمحافل الدولية، كما حاضر في أكثر من جامعة عالمية، وله العديد من الدراسات والكتب المنشورة. ترجم النص من الإنجليزية إلى العربية عاطف معتمد عبد الحميد.


(*) لمزيد من التوسع عن الهيئة التشريعية في البرازيل انظر المدخل التعريفي في الملف ذاته.


عودة إلى الصفحة الرئيسية للملف