ثلاثون عاما من حكم مبارك لمصر.. تبديد أرصدة القوة

لماذا ثار ملايين المصريين في عموم المدن المصرية على نظام حكم الرئيس حسني مبارك؟ ولماذا تراكم كل هذا الغضب حتى انفجر يوم الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011؟ يحاول هذا الملف الإجابة عن هذا التساؤل من خلال القراءة المعمقة.
1_1026374_1_34.jpg







مركز الجزيرة للدراسات - قسم البحوث والدراسات


محرر الملف: محمد عبد العاطي


فاتحة


رفيق عبد السلام، رئيس قسم البحوث والدراسات


يقدم مركز الجزيرة للدراسات هذا الملف البحثي حول مصر، ليغطي حقولا بحثية متنوعة تتراوح بين الاجتماع والسياسة والثقافة والاقتصاد والعلاقات الخارجية، فيتيح للقارئ العربي عامة، والمصري خاصة، مادة متميزة تساعد على فهم ما يجري اليوم في عموم مصر من فوران ثوري في القاهرة وغيرها من المدن والقرى المصرية الأخرى.


إن عملية التغيير التي انطلقت شرارتها الأولى في الجناح الغربي للعالم العربي من تونس الصغيرة، تتحرك اليوم باتجاه المركز الأكبر في العالم العربي. ولا شك أن ما يجري في هذا القطر العربي الكبير لا بد أن يترك بصماته القادمة في عموم الرقعة العربية، وما هو أبعد من ذلك. فمصر تظل في قلب السياسة والإستراتيجيات الكبرى التي تتصارع على المنطقة، وكما أن جمود مصر وتراجع دورها قد أصاب عموم الجسم العربي بالشلل وفقدان الوزن، فكذلك سيكون لإطلاق عوامل التغيير في هذا البلد العربي الكبير ارتدادات واضحة في عموم الجسم العربي مشرقا ومغربا.


وقد أشرف على الملف الزميل الباحث محمد عبد العاطي، وشارك فيه نخبة من الباحثين والخبراء المصريين.


مقدمة


لماذا ثار ملايين المصريين في عموم المدن المصرية على نظام حكم الرئيس حسني مبارك؟ ولماذا تراكم كل هذا الغضب حتى انفجر يوم الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011؟


يحاول هذا الملف الإجابة عن هذا التساؤل من خلال القراءة المعمقة للسياسات التي اتبعها نظام حكم الرئيس مبارك (1981-2011) وانعكاس هذه السياسات على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي المصري وكذلك تداعياتها على قوة الدولة ودورها في المحيط الإقليمي والفضاء الدولي.


وكان مركز الجزيرة للدراسات قد توقع قبل أكثر من ستة أشهر أن "حدثا جللا ما" ينتظر مصر، وأن البلاد مقبلة على "تغيير"، فقرر آنذاك البدء في إعداد ملف بحثي خاص يقرأ الواقع المصري بعمق، ويتنبأ بمآلات الأمور، فاستكتب لهذا الغرض 20 باحثا من أبرز الخبراء المصريين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبعد الانتهاء من هذه الدراسات وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2010 نشر المركز سبعا فقط منها، ووعد القراء بنشر البقية عقب صدور الملف في كتاب، لكن نظرا لتطورات الأحداث في مصر حاليا فإن المركز ينشر كل دراسات الملف تباعا حتى تعظم الفائدة.


وقبل نحو شهرين من اندلاع هذه الثورة الشعبية وفي معرض تقديم الخلاصة التي توصلت إليها دراسات الملف كُتب آنذاك أن الأمور في مصر وصلت إلى درجة باتت معها الحاجة ماسة إلى "تغيير جذري وشامل في بنية نظام الحكم"، وأنه لم يعد مجديا حل المشكلات الخطيرة التي تعصف بمصر، الدولة والمجتمع، بمنهج "الترقيع"، وأن نظام حكم الرئيس مبارك، سواء بقي هو في السلطة أو خلفه أحد من داخل النظام، سوف يشهد "عدم استقرار"، نظرا لعدم قدرة المجتمع على تحمل تداعيات العلاقة الشوهاء بين الثالوث الذي ميز نظام الرئيس حسني مبارك والمتمثل في (الأمن والسلطة والثروة)، مع الاستمرار بإقصاء كل القوى والتيارات السياسية الأخرى. وقد جاءت المظاهرات المليونية التي تشهدها مصر حاليا وتطالب بإسقاط النظام مؤيدة لهذه النتيجة.


ملخص


يقدم هذا الملخص نبذة سريعة عن دراسات الملف، فيستعرض في كل واحدة منها الفكرة الرئيسة التي تعالجها وأبرز ما خلصت إليه. وهو ملخص لا يغني بحال عن الاطلاع على الأصل.


المشهد الداخلي


مدخل تمهيدي


الدولة والمجتمع


عاطف معتمد عبد الحميد، أستاذ مساعد الجغرافيا السياسية بجامعة القاهرة


الهدف من هذا المدخل التمهيدي إعطاء القارئ، خاصة غير المصري، خلفية معرفية مكثفة تساعده على الإلمام العام بهذا البلد، من ناحية التاريخ والجغرافيا والسكان. ومحاولة معرفة ما إذا كانت مصر تمتلك مقومات القوة الإقليمية الصاعدة، سواء من ناحية عدد السكان أو الإرث التاريخي والإسهام الحضاري، أو الموارد والإمكانات والقدرات. وإذا كانت بالفعل تمتلك هذه المقومات فما الذي يحول دون حسن استغلالها واستثمارها؟


أزمة النظام السياسي


حسنين توفيق إبراهيم، أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وزايد بالإمارات


تحاول هذه الدراسة فهم طبيعة النظام السياسي المصري، وتتساءل عما إذا كان هناك تداخل بين السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأثر ذلك -إن وجد- على الحياة السياسية المصرية. كما تسعى إلى معرفة أثر ما تسميه "الأزمة البنيوية التي يعيشها النظام" وعلاقاتها بالأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بمصر، وارتباط ذلك بما يرصده الكاتب ويتحدث عنه من فساد سياسي وإداري، وتراجع لهيبة الدولة، وتآكل لسيادة القانون، على حد وصفه.


الجهاز الإداري للدولة المصرية


عطيه حسين أفندي، أستاذ الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة


تستعرض هذه الدراسة أسباب ما وصفته بترهل الجهاز الإداري للدولة المصرية، وتبحث في العوامل التي أضعفت كفاءته وقللت فعاليته خاصة فيما يتعلق -كما يقول الكاتب- بقدرته على تلبية احتياجات المواطنين ولا سيما في الوزارات والهيئات والمصالح المرتبطة بالخدمات كأمن المجتمع والتعليم والصحة والإسكان، وتضع تصورا لكيفية تحقيق التطوير الإداري المنشود.


السلطة والثروة


عبد الخالق فاروق، خبير اقتصادي وباحث في قضايا الفساد


تتتبع هذه الدراسة جذور العلاقة بين السلطة والثروة، وتنقب في الوسائل والآليات التي اتبعها كبار رجال المال والأعمال حتى وصلوا إلى صلب النظام السياسي، وبات بمقدورهم التحكم في السياسات وتوجيه القرارات، وهو أمر كانت له تداعيات كثيرة ترصدها وتفسرها هذه الدراسة.


المعارضة الحزبية


وحيد عبد المجيد، مستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية


تبحث هذه الدراسة في العوامل التي أدت إلى أن تكون أحزاب المعارضة المصرية ضعيفة وهشة وقليلة الفاعلية والتأثير، وعلاقة ذلك بالقيود السياسية والأمنية التي فرضها عليها النظام، وتنقب في أسباب ما وصفته بـ"الاختلالات الجوهرية في بناء هذه الأحزاب وطريقة تسييرها"، وتضع تصورا لمآلات هذه الأحزاب ما لم تغير من منهجها وسلوكها.


قوى الحراك السياسي الجديدة


عمرو الشوبكي، خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية


تسلط هذه الدراسة الضوء على نشأة قوى الحراك السياسي الجديدة في مصر، مثل حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وشباب 6 أبريل...إلخ، وتحاول تتبع نشأتها وتطورها، ومعرفة أفكارها وأساليب عملها، وتبحث في الظروف التي ألجأتها إلى الاعتماد كثيرا على الفضاء الإلكتروني، وتستشرف آفاق نموها وقدرتها على الحشد بغية الإصلاح والتغيير.


مبارك والإخوان


خليل العناني، باحث ومحاضر في جامعة "دورهام" البريطانية


تسلط هذه الدراسة الضوء على طبيعة العلاقة بين نظام الرئيس حسني مبارك وجماعة الإخوان المسلمين طيلة ثلاثين عاما وتأثير ذلك على الحياة السياسية المصرية، وتستعرض الإستراتيجيات والتكتيكات التي اتبعها الطرفان لتحقيق مصالحهما الخاصة، وتلقي الضوء على التحديات التي تواجه الجماعة على مستوى الخطاب والتنظيم حاضرا ومستقبلا لتستمر قوة فاعلة في المشهد السياسي المصري.  


النظام والأقباط


كمال زاخر موسى، باحث متخصص في الشؤون القبطية


تناقش هذه الدراسة العلاقة بين نظام حكم الرئيس مبارك والأقباط، وترصد أسباب التوتر والاحتقان الذي وصفته الدراسة بـ"المزمن"، وتحاول إلقاء الضوء على الأسباب التي جعلت دور الكنيسة يتعاظم في العقود الثلاثة الأخيرة، وتحاول استشراف مستقبل هذه العلاقة في حال استمرار ما وصفته بالافتقاد إلى الرؤية الإستراتيجية لنظام الحكم والقادرة على إعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية.


الثقافة ومنظومات القيم


علي ليلة، أستاذ النظرية الاجتماعية بكلية الآداب، جامعة عين شمس


تستعرض هذه الدراسة بواعث السلوك المجتمعي وعلاقته بما طرأ على منظومات القيم السائدة من تغييرات في العقود الثلاثة الأخيرة، وتنقب في العوامل والأسباب التي أدت إلى تفشي العديد من الظواهر المجتمعية السلبية، كالعنف والرشوة وتردي الأخلاق، ودور ومسؤولية النظام السياسي عن ذلك كله.


الاقتصاد ومعضلة الفقر والتهميش


أحمد السيد النجار، خبير اقتصادي ورئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام


تشخص هذه الدراسة الملامح الرئيسة للسياسات الاقتصادية لنظام الرئيس حسني مبارك، وتبحث في تداعيات تقليص دور الدولة وخروجها من الاستثمار المباشر في الصناعة والزراعة، والاكتفاء بتطوير البنية الأساسية، وتحرير سعر وسوق الصرف وخصخصة القطاع العام. وتقدم الدراسة قراءة تحليلية ونقدية لقوانين الضرائب، وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، وسياسات التشغيل، والأجور وتوزيع الدخل، والخصخصة، وتأثيرات ذلك على اتساع رقعة الفقر والتهميش الاجتماعي.


القوة الناعمة


هبة رؤوف، مدرس العلوم السياسية بجامعة القاهرة


تستعرض هذه الدراسة حالة القوة الناعمة لمصر وما لحق بها من تغيرات في العقود الثلاثة الأخيرة، وتشرح العلاقة بين هذه القوة والمساحات التي تؤكد الكاتبة أنها آخذة في الانحسار من الحرية والديمقراطية والمشاركة في صنع القرار الإستراتيجي. كما تضع الدراسة مجموعة من المعايير والمتطلبات الواجب توفرها حتى يتوقف هدر القوة الناعمة لمصر ويسترد هذا البلد ما بدد منها.


المشهد الخارجي


أسس ومرتكزات السياسة الخارجية المصرية


حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة


تلقي هذه الدراسة الضوء على الأسس والمرتكزات التي بنت عليها مصر سياستها الخارجية، وعلاقة ذلك بقدم الدولة المصرية ومركزية نظامها السياسي وموقعها الجيوسياسي. وتقيّم الدراسة أداء الدبلوماسية المصرية في العقود الثلاثة الأخيرة في التعامل مع أبرز التحديات، وعلى رأسها تحدي المياه والعلاقة مع السودان ودول حوض النيل، وتحدي الأمن والعلاقة مع إسرائيل، وتحدي التنمية والعلاقة مع المحيط العربي والإقليمي.


العلاقات المصرية - العربية


محمد فرج، كاتب وباحث سياسي


تناقش هذه الدراسة أسباب تراجع الدور المصري في النظام الإقليمي العربي، وترجع ذلك إلى عدة أسباب، يعود بعضها إلي طبيعة المشروع العربي الجديد لنظام حكم الرئيس حسني مبارك وأسلوبه في الحركة وأولوياته، وبعضها إلى أسلوب تعامل هذا النظام مع التحديات والمشاكل العربية، ويعود بعضها إلى أسباب أخرى، مثل طبيعة الصورة الذهنية الجديدة المتكونة عن مصر في العقود الثلاثة الأخيرة، وإلى تردي الأوضاع العربية نفسها وتحولاتها وظهور أقطاب عربية جديدة متنافسة، كما يعود بعضها كذلك لافتقاد الثقة في الدور المصري بعد التحولات العاصفة في هذا الدور في عهدي السادات ومبارك.


العلاقات المصرية - السودانية


هانئ رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية


تنظر هذه الدراسة في مسار العلاقات المصرية السودانية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى الآن، وتحاول تقييم أداء النظام المصري في التعامل مع هذا البلد بالغ الأهمية للأمن القومي المصري، وما إذا كان نمط هذا التعامل يتناسب وعظم التحديات وجسامة التهديدات التي يواجهها البلدان على السواء.


الأمن المائي


نادر نور الدين، أستاذ المياه والتربة بكلية الزراعة بجامعة القاهرة


تتناول هذه الدراسة التهديدات والتحديات التي تواجه الأمن المائي المصري وكيفية تعامل نظام حكم الرئيس حسني مبارك معها، كما تتناول ما يتعرض له نهر النيل داخل الأراضي المصرية من تعديات وتلوثات على مدى الثلاثين عاما الماضية وما نجم عنها من علل وأمراض أصابت الكثير من المصريين.


العلاقات المصرية - الإيرانية


محمد السعيد إدريس، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية، ورئيس تحرير مجلة "مختارات إيرانية" بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية


تحلل هذه الدراسة العوامل التي تحكمت في رسم مسار العلاقات المصرية الإيرانية في عهد الرئيس حسني مبارك، وتتساءل عما إذا كانت هذه العوامل مرتبطة بالمصلحة المصرية العليا أم بأجندات قد لا تتوافق بالضرورة مع هذه المصلحة. وتضع الدراسة تصورا لكيفية حل الخلافات المستحكمة والوسائل المطلوبة لجعل مصر وإيران ومعهما تركيا قوى إقليمية تنسق فيما بينها لمصلحة شعوب المنطقة.


العلاقات المصرية - الأميركية


منار الشوربجي، أستاذ مساعد العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة


تسلط هذه الدراسة الضوء على طبيعة العلاقات المصرية الأميركية، وتتساءل عما تسميه "التناقض" الداخلي الكامن في بنية هذه العلاقة والناجم عن دخول إسرائيل على الخط. وتتساءل الكاتبة عن مدى التعويل على هذه العلاقة في ظل ما تسميه بـ"تعريف النخبة الحاكمة القاصر لمصالح مصر وأمنها القومي ودورها الإقليمي". 


العلاقات المصرية - الإسرائيلية


عبد العليم محمد، مستشار بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام


تلقي هذه الدراسة الضوء على طبيعة العلاقات التي تربط بين القاهرة وتل أبيب في العقود الثلاثة الأخيرة، وتقيم أداء الدبلوماسية المصرية في المحطات الهامة التي شهدتها هذه العلاقة، وتتساءل عما إذا كانت المحصلة النهائية لهذه العلاقة تصب في مصلحة مصر أم تتناقض معها.

خاتمة: نظرة على المستقبل


مستقبل نظام الحكم


معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ مساعد العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميتشيغان بالولايات المتحدة


يختتم الملف دراساته باستشراف مستقبل نظام الحكم في مصر، وتحاول هذه الدراسة التعمق في فهم العوامل التي يمكن أن تؤثر في بقاء أو تغيير هذا النظام، والأوزان النسبية لكل عامل من هذه العوامل. وتجتهد الدراسة في وضع تصور لما ستكون عليه الأوضاع في ظل الحديث المتزايد عن طبيعة النظام السياسي المصري في فترة ما بعد مبارك.


________________________________________________________________