خاتمة ملف "القاعدة.. قراءة جديدة"

يمكن القول في الختام إنه إذا كانت الدراسات التي حواها هذا الملف تشير إلى أن قوة تنظيم القاعدة على المديين القريب والمتوسط سوف تزداد، وانتشاره الجغرافي سوف يتسع، وأن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضده قد فشلت في تحجيمه أو القضاء







يمكن القول في ختام هذا الملف أنه إذا كانت الدراسات التي حواها تشير إلى أن قوة تنظيم القاعدة على المديين القريب والمتوسط سوف تزداد، وانتشاره الجغرافي سوف يتسع، وأن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضده قد فشلت في تحجيمه أو القضاء عليه، فإن الوقت قد حان لإعادة النظر في إستراتيجيات الصراع والمواجهة بأكملها التي انتهجتها القوى الدولية والكثير من دول المنطقة في التعامل مع هذا التنظيم، وكذا  العمل على وضع إستراتيجيات بديلة عن تلك التي تأسست على المنطلقات والخيارات الأمنية الصرفة.

ومن البدهي القول إن هذه الإستراتيجيات البديلة يمكن أن تواجه الفشل نفسه إذا لم تبن على معالجة الأسباب الجوهرية التي أدت لوجود وتمدد هذا التنظيم وأشباهه من الجماعات العنفية، وتبني سياسات تهدف إلى القضاء على العوامل التي يتغذى منها هذا الجسم، وتغيير البيئة التي ينمو وينتشر فيها.


ولعل من بين أهم هذه الأسباب –كما خلصت إليها دراسات الملف- هو "حتمية" تغيير الولايات المتحدة خصوصا، والغرب عموما من سياساتهم إزاء العالمين العربي والإسلامي؛ وهي السياسات التي تراها قطاعات واسعة من الرأي العام العربي والإسلامي في هذه الرقعة الجغرافية الواسعة والحيوية من العالم على أنها تمثل نوعا  من إرادة  "الهيمنة" ومحاولة للسيطرة على ثروات المنطقة ومقدرات شعوبها. كما أن التغيير المنشود لسياسات والإستراتيجيات يجب أن يتعامل بجدية مع مطالب الشعوب وحاجاتها في هذه المنطقة، ومن ذلك وقف الدعم "المطلق والأعمى" لإسرائيل، وإنهاء الاحتلال "الغاشم" لأفغانستان والعراق، فضلا عن التوقف عن التمادي في تقديم التأييد والمساندة لأنظمة الحكم العربية والإسلامية التي اشتهرت بالفساد والاستبداد، والتي يرجع إليها السبب المباشر في تحول بلدانها إلى بلدان رخوة وهشة يسهل على تنظيم القاعدة اختراقها والعمل فيها. 
                                                                       
هذه هي أبرز العوامل التي تمهد التربة العربية والإسلامية لبروز الأفكار المتشددة، كتلك التي يتبناها تنظيم القاعدة وأشباهه، مثلما تمدها بمقومات الحياة والاستمرار. وبغير التعامل الجاد مع هذه الأسباب وتلك المسببات فإن أي إستراتيجية توضع للقضاء على تنظيم القاعدة، لن يكتب لها النجاح وسيكون مصيرها الفشل كالإستراتيجيات السابقة، مهما بذلت من جهود وأنفقت من أموال على ما يسمى حملات كسب "القلوب والعقول".


عودة للصفحة الرئيسية للملف