التقارب الإيراني- الأميركي والعلاقات التركية-الإيرانية: الفرص والتهديدات المحتملة

على الرغم من أهمية التقارب الإيراني-الأميركي في حفز تركيا على تعزيز علاقاتها مع إيران، فإن هذا العامل لا يعتبر الدافع الوحيد لتقوية العلاقات بين البلدين؛ فقد تحركت الحكومة التركية تجاه إيران انطلاقًا من مجموعة عوامل تحقق مصالحها الاستراتيجية.
201433172119189621_20.jpg
(الجزيرة)
ملخص
على الرغم من أهمية التقارب الإيراني-الأميركي في حفز تركيا على تعزيز علاقاتها مع إيران، فإن هذا العامل لا يعتبر الدافع الوحيد لتقوية العلاقات بين البلدين؛ فقد تحركت الحكومة التركية تجاه إيران انطلاقًا من مجموعة عوامل تحقق مصالحها الاستراتيجية، ولاقى هذا التوجه أصداء إيجابية لدى الرئاسة الإيرانية الراغبة في التغيير؛ وقد أعطى التقارب الأميركي-الإيراني هذه العوامل دفعة قوية من خلال زاويا مختلفة، اتجه البلدان إلى إعادة العلاقات بينهما؛ وذلك على الرغم من بقاء التصادم بين وجهات النظر فيما يخص الأزمة السورية، التي تسببت في إحداث انكسار واضح في منحنى هذه العلاقات، التي بدأت في الصعود المتسارع منذ تولي حكومة العدالة والتنمية زمام الحكم في تركيا. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة من العلاقات بين إيران وتركيا محاولات للبحث عن وجهات نظر مشتركة في المسألة السورية؛ وإن كانت غير موجودة في هذه المرحلة. وعلى الرغم من أن التقارب الغربي الإيراني -خاصة الأميركي-الإيراني- يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية قصيرة المدى بالنسبة إلى تركيا؛ فإنه يمكن أن يتسبب بإلحاق الضرر بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة على المدى البعيد؛ وذلك من خلال زيادة نفوذ إيران على حساب نفوذها.

شهد العام الماضي 2013 تطورات مهمة على المستويين الداخلي والخارجي لكل من تركيا وإيران؛ ساهمت في جعل كلا البلدين يراجعان علاقاتهما، التي دخلت في مرحلة من التوتر بعد الأزمة السورية. وكان من أهم المتغيرات التي ظهرت في نهاية العام الماضي، التقارب الإيراني الأميركي الذي حدث بعد الاتفاق النووي لمجموعة خمسة زائد واحد وإيران في 24 من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي 2013. وقد جاء هذا التقارب كنتيجة للسياسة الانفتاحية الجديدة التي ابتدأتها إيران مع مجيء حسن روحاني في صيف ذلك العام. ولمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية -التي تزامنت مع حصول التفاهم الإيراني-الأميركي، فقد اتجه البلدان إلى تعزيز العلاقات بينهما.

وعلى الرغم من بقاء التصادم بين وجهات النظر فيما يخص الأزمة السورية؛ أبدت تركيا رضاها عن التقارب الأميركي-الإيراني، ووصف وزير خارجية تركيا هذا التقارب بقوله: "إنه هدف لطالما سعت تركيا إلى تحقيقه وصرفت جهودًا كبيرة للتوصل إليه، ومن شأن هذا التقارب أن يساهم في زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وأن يخفض من وتيرة التوتر في المنطقة"(1).

وعلى الرغم من عبارات التفاؤل والترحيب التي تناولها القادة الأتراك في وصفهم لهذا التقارب؛ فإن تركيا تضع في حساباتها عناصر التهديد التي يمكن أن تنج عنه، لاسيما وأن العلاقات التركية-الإيرانية على مرِّ التاريخ كانت لا تخلو من مظاهر التنافس السياسي حتى في أفضل أحوالها، وقد ظهرت أمثلة هذا التنافس في العراق خلال السنوات التي عقبت الاحتلال الأميركي؛ بصرف النظر عن وجود علاقات تجارية قوية بين البلدين، وظهرت كذلك بشكل جلي في الأزمة السورية، التي حوَّلت هذا التنافس إلى توتر في العلاقة بينهما.

وقد تسببت الأزمة السورية في إحداث فجوة كبيرة في العلاقات التركية-الإيرانية، وانكسارًا في منحنى هذه العلاقات، التي بدأت في الصعود المتسارع منذ تولي حكومة العدالة والتنمية زمام الحكم في تركيا؛ أما في الفترة التي سبقت الأزمة السورية فقد أدت تركيا دورًا مهمًّا في تخفيض الضغوط السياسية والتجارية المفروضة على إيران؛ وذلك بالتعاون مع قوى دولية أخرى مثل البرازيل، وقد ظهر هذا بشكل خاص عندما صوتت كلٌّ من تركيا والبرازيل ضد القرار التي اتخذ ضد إيران في تلك الفترة(2).

وقد شكل الاتفاق الذي أبرم بين البرازيل وإيران وتركيا بتاريخ 17 من مايو/أيار 2010 بخصوص الملف النووي الإيراني أحد أهم المحاولات التركية للتوصل إلى حل سلمي بخصوص الملف النووي الإيراني، وتبنت تركيا استراتيحية أساسية في علاقاتها مع إيرن في تلك الفترة؛ تمثلت في السعي إلى خفض حدة التوتر بين إيران والغرب قدر الإمكان، وقد تعرضت الحكومة التركية لانتقادات واسعة لسعيها إلى تعزيز العلاقات مع إيران في الفترة، وتم وصفها ما تقوم به على أنه تغيير لمحورها السياسي(3).

ويعتبر التقارب الأميركي-الإيراني عاملاً جديدًا، ساهم مع مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية في تحفيز كلا البلدين لإعادة النظر في علاقتهما المتوترة بسبب الأزمة السورية، كما أن هذا التقارب النسبي يحمل معه مجموعة من الفرص والتهديدات على المستوى الإقليمي.

تهدف هذه الورقة إلى معرفة أثر التقارب الأميركي-الإيراني على العلاقات التركية-الإيرانية؛ وذلك في ظل مجموعة من المتغيرات الجديدة التي طرأت على الساحة السياسية العام الماضي 2013، ومعرفة النتائج الإيجابية أو السلبية، التي يمكن أن تتمخض عن هذا التقارب بالنسبة إلى تركيا، ويمكن التعبير عن هذين الهدفين من خلال السؤالين التاليين:

  1. ما أثر التقارب الأميركي-الإيراني على العلاقات التركية-الإيرانية؟
  2. ما الفرص والتهديات التي يمكن أن تواجهها تركيا نتيجة التقارب الأميركي-الإيراني؟

وللإجابة عن هذين السؤالين ستتناول هذه الورقة مبحثين؛ المبحث الأول: يتناول دور التقارب الأميركي-الإيراني مع مجموعة من المتغيرات الداخلية والخارجية الجديدة للبلدين في التأثير على مستقبل العلاقات التركية-الإيرانية، والمبحث الثاني يتناول الفرص والتهديات التي يمكن أن تواجهها تركيا نتيجة هذا التقارب.

1- التقارب الأميركي-الإيراني والمتغيرات الجديدة في العلاقات التركية-الإيرانية

تعد الزيارات المتبادلة بين وزيري خارجية تركيا وإيران خلال الأشهر الماضية، والزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء التركي لإيران في 29 من يناير/كانون الثاني من هذه السنة 2014، وزيارة الرد المرتقبة من الرئيس روحاني خطوات مهمة في مسار خفض حدة التوتر، التي عاشها البلدان خلال السنتين السابقتين، وتعطي -أيضًا- إشارة إلى رغبة كلا البلدين إلى إعادة أجواء التعاون المشترك، التي ارتبط بها البلدان قبل اشتعال الأزمة السورية(4). ويمكن القول: إن السعي نحو تفعيل العلاقات التركية-الإيرانية لم يكن وليد الصدفة؛ بل هو مرتبط بعوامل خارجية وداخلية تتعلق بالاتجاهات السياسية الجديدة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية تجاه إيران والأزمة السورية، وشعور البلدان -كقوى إقليمية- بعدم قدرتها على استيعاب الأزمة السورية، وتعرض العلاقات التركية-الأميركية لنوع من عدم الانسجام في أكثر من قضية في الأشهر الأخيرة، وشعور الحكومة التركية بتعرضها لتهديدات داخلية خارجية؛ إضافة إلى اتجهاه إيران إلى إعادة تشكيل استراتيجيتها الخارجية في هذه المرحلة(5).

ويبدو أن كلاًّ من تركيا وإيران قد أدركتا أن وجود خلافات وتصادمات أساسية في قضايا المنطقة؛ وعلى رأسها الأزمة السورية؛ لايجب أن يحول دون استثمار نقاط التوافق، التي تصب في مصلحة كلا البلدين؛ لاسيما في مجالات التعاون التجاري، وكمثال على وجود عناصر التناقض والتوافق هذه وأثرها على العلاقات السياسية بين البلدين تبادل تصريحات شديدة اللهجة بين وزيري خارجية البلدين في سويسرا، قبل زيارة رئيس الوزراء التركي لطهران بأسبوع(6).

ومن أبرز ملامح المرحلة الجديدة من العلاقات التركية-الإيرانية، ونتيجة لهذه العوامل المختلفة أن الأزمة السورية لم تعد المحدد الوحيد للعلاقة بينهما كما كانت عليه في السنتين السابقتين؛ ومن هنا فرغم أهمية التقارب الأميركي-الإيراني الذي حدث عقب الاتفاق النووي مع إيران في حفز تركيا لإعادة علاقاتها مع إيران، فإن هذا العامل لا يعتبر الدافع الوحيد لإعادة العلاقات بين البلدين؛ بدليل اتجاه تركيا لإقامة علاقات استراتيجية مع إيران -في الفترة التي سبقت اندلاع الأزمة السورية- متجاوزة علاقات العداء العلنية بين إيران والولايات المتحدة؛ ومن هنا فقد تحركت الحكومة التركية تجاه إيران انطلاقًا من مجموعة عوامل تحقق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وقد أعطى التقارب الأميركي-الإيراني هذه العوامل دفعة قوية من خلال زاويا مختلفة.

ويبدو أن الاهتمام الكبير الذي أنيط بالاستراتيجية الجديدة للإدارة الأميركية تجاه إيران، جعل أن الساسة الأتراك ينظرون إليها بنوع من الواقعية، ويرون أن التقارب الأميركي-الإيراني لم يصل إلى درجة الثبات والتأثير بعدُ، وما تزال آثاره الإقليمية محدودة، وقد انتقد الرئيس التركي عبد الله غول التحليلات التي ذكرت أن التفاهم الأميركي-الإيراني الأخير سيؤدي إلى تغيير العلاقات الاستراتيجية في المنطقة، ووصفها على أنها تحليلات مبالغ فيها(7). لكن الخارجية التركية تتبع استراتيجية استباق الأحداث، ومحاولة المشاركة فيها بدل الابتعاد عنها وانتظار نتائجها، ومن هنا فدخولها في فلك التقارب الأميركي-الإيراني يُعَدُّ خطوة في مجال اقتناص الفرص، والتقليل من التهديدات قدر الإمكان.

وتعد القضايا المتعلقة بإيران من المحاور الرئيسة في العلاقات التركية الأميركية، وقد أوضحت الدراسة التي قامت بها مؤسسة الدراسات الاستراتيجية العالمية في تركيا (USAK) -كما في الجدول التالي- أن القضايا المتعلقة بإيران كانت على رأس مواضيع الزيارات الرسمية، التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية إلى تركيا خلال الأربع سنوات الماضية؛ وذلك بالاشتراك مع قضايا أخرى؛ مثل: محاربة الإرهاب، وسوريا، والعراق، وإسرائيل(8). ومن هنا فمن المتوقع أن تدخل تركيا على خط العلاقات الأميركية-الإيرانية المقبلة، وتشارك في أي مشروع سياسي يمكن أن يتمخض عن النتائج الإيجابية لهذه العلاقات.

مواضيع الزيارات الرسمية التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية إلى تركيا خلال الأربع سنوات الماضية

USAK Amerika Arastirmalari Merkezi

أ‌. فشل القوى الإقليمية في حل الأزمة السورية
تقع الأزمة السورية على رأس المحددات السياسية للعلاقات التركية-الإيرانية، وقد ساهمت هذه الأزمة في حصول تصادم بين الطرفين منذ اشتعال الأزمة السورية، ومع توافق القوى العالمية على انعقاد جنيف 2 للبحث عن حل لهذه الأزمة، تبيَّن فشل القوى الإقليمية المؤثرة في هذه الأزمة -وعلى رأسها تركيا وإيران- في إدارة هذه الأزمة، ومن هنا يمكن قراءة توقيت الزيارة التي قام بها وزير خارجية تركيا -التي جاءت بالتوازي مع انعقاد جنيف 2- كمحاولة من قبل القوتين الإقليميتين الأكثر تأثيرًا وتأثرًا بهذه الأزمة؛ وذلك لاستعادة دوريهما كقوى إقليمية، والاستفادة من نقاط التفاهم المشترك لاسيما العلاقات التجارية(9).

وقد سارت العلاقات التركية الأميركية بنوع من التناغم؛ فيما يخص أحداث الربيع العربي والأزمة السورية؛ لكن السنة الماضية حملت معها نوعًا من التباعد في وجهات النظر؛ خصوصًا فيما يتعلق بعدم اتخاذ الولايات المتحدة قرارًا حازمًا بشأن النظام السوري؛ خاصة بعد استخدامه الأسلحة الكيمائية ضد المدنيين، وعدم وضوح البيت الأبيض في توصيف الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر، وقد مثلت هذه الحالة نوعًا من عدم الانسجام الذي يحدث بين القوى العالمية والقوى الإقليمية(10). ومن هنا فإن توجه تركيا إلى التقارب مع إيران جاء منسجمًا مع التقارب الأميركي والإيراني، لكن تركيا تسعى من خلال هذا التقارب إلى البحث عن استراتيجية جديدة لحل الأزمة السورية؛ وذلك للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، والحصول على بدائل تعوضها عن العلاقات المتأزمة أو المتوترة، التي حدثت على المحورين الغربي والعربي.

ب‌. البحث عن قنوات اتصال تعويضية
 وجدت الحكومة التركية نفسها خلال السنة الماضية أمام ضغوطات وتحديات داخلية وخارجية عديدة؛ منها: أحداث التقسيم وملفات الفساد، التي فتحها القضاء ضد مقربين من حزب العدالة والتنمبة، والتصادم مع جماعة فتح الله غولان، كما وجدت الحكومة التركية نفسها أمام خلافات سياسية مع العديد من دول المنطقة؛ مثل: مصر، والعراق، والسعودية، والإمارات؛ أضيف إلى علاقتها المتأزمة مع سوريا وإيران؛ ومن هنا فقد سعت السياسة الخارجية التركية إلى إعادة حساباتها السياسية على المستوى الإقليمي(11). ولذلك فإن دخول تركيا في علاقة متأزمة مع إحدى القوى الإقليمية المهمة -مثل مصر- يجعلها تفكر في إعادة علاقتها مع إيران؛ حتى لا تجد نفسها في عزلة دولية على المستوى الإقليمي، لاسيما بعد ظهور محور سعودي مصري مدعوم فرنسيًّا وتقارب إيراني-أميركي(12). وعلى الصعيد الداخلي فيمكن استنتاج البصمات الأميركية للتهديدات الداخلية، التي تعرضت لها الحكومة التركية في الشهور الأخيرة؛ وخصوصًا في العملية الأمنية الأخيرة بتاريخ 17 من ديسمبر/كانون الأول من السنة الماضية، وتلميح قيادات حزب العدالة والتنمية إلى وجود قوى خارجية تحرك القوى الداخلية ضد الحكومة.

وفي الجانب الإيراني فالتقارب الكبير نسبيًّا -الذي حدث بين الولايات المتحدة وإيران-يمكن أن ينقلب في أي وقت رأسًا على عقب؛ إذا ما عادت إيران تضع خطوطًا حمراء فيما يتعلق بملفها النووي؛ ومن الأدلة على عدم اكتمال صورة هذا التقارب استبعاد إيران من حضور أعمال مؤتمر جنيف2(13). وعلى الصعيد الداخلي فقد زادت الضغوطات الاقتصادية في الداخل الإيراني مع ارتفاع نسبة التضخم، وزيادة الأسعار، وقد تسببت العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران بخسارة ما يقارب 65% من عوائدها القادمة من المنتجات النفطية، كما أن العجز في العملات الأجنبية قد تسبب في انخفاض الريال الإيراني إلى مستويات قياسية خلال السنوات القليلة الماضية(14)؛ ومن هنا تسعى كلٌّ من تركيا وإيران إلى تعويض خسائرهما المحتملة على المستويين الإقليمي والعالمي.

ج. خطر الميليشيات الكردية في شمال شرق سوريا على الأمن التركي
تقع المسألة الكردية في أولى اهتمامات الدولة التركية، وتجعلها هذه المسألة تدرس حساباتها جيدًا في علاقتها مع الدول التي تضم الأكراد؛ مثل: إيران، وسوريا، والعراق(15)؛ ومن العوامل المهمة والأساسية التي فرضت على تركيا إعادة علاقاتها مع إيران شعورها بخطر ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي المعروفة بوحدات حماية الشعب (YPG)، التي حققت مكاسب عسكرية على الأرض في مناطق شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود التركية، بعد استفادتها من الصراع بين قوات المعارضة السورية وقوات داعش؛ ولذلك كان الملف الكردي من أهم الملفات التي تم طرحها أثناء زيارة أردوغان الأخيرة لإيران في 29 من يناير/كانون الثاني من هذه السنة(16)، وتتقاسم كل من إيران وتركيا هواجس مشتركة فيما يخص الجماعات الكردية الانفصالية الموجودة في تركيا وإيران، التي تتعاون مع التنظيمات الكردية الموجودة في كل من العراق وسوريا، ومن هنا يمكن أن يكون هذا الملف أحد الملفات الأساسية التي سيتعاون فيها البلدان مع استمرار علاقاتهما الإيجابية في المستقبل، ويمكن أن يسهم هذا التعاون في تخفيف المخاوف التركية من تأثير الميليشيات الكردية على حدودها الشرقية والجنوبية.

2- التقارب الأميركي-الإيراني ومستقبل العلاقات التركية-الإيرانية: الفرص والتهديدات

زاد التقارب الأميركي-الإيراني شبكة العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط تعقيدًا، وأصبح من الصعب تحديد طبيعة التأثيرات التي يمكن أن تنتج عن هذا التقارب؛ وذلك بسبب صعوبة التنبؤ باستمرارية هذا التقارب، والحدود التي يمكن أن يتوقف عندها، وإلى جانب الفرص التي يمكن أن يجلبها هذا التقارب لبعض القوى الإقليمية؛ مثل: العراق، والنظام السوري، نظرت بعض القوى الإقليمية إلى هذا التقارب على أنه تهديد واضح لها، ويمكن أن يتحصل للدولة الواحدة من دول الشرق الأوسط مجموعة من الفرص والتهديات من هذا التقارب؛ وذلك باختلاف طبيعة علاقاتها مع إيران والولايات المتحدة الأميركية، وقد شعرت الدول التي تقيم علاقات عدائية مع إيران -مثل دول الخليج العربي وإسرائيل- بخطورة هذا التقارب، وعبَّرت بصراحة عن عدم رضاها عنه؛ أما تركيا فنظرت إلى هذا التقارب على أنه أمر واقع، وسعت إلى الاستفادة من الفرص التي يمكن أن تتحقق منه، وتقليل المخاطر التي يمكن أن تنتج عنه، وأعلنت رسميًّا عن دعمها لهذا التقارب(17).

أ‌. الفرص الاقتصادية
قامت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بتخفيض العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران؛ وذلك بعد التوصل إلى إزالة الغموض حول أجهزة الطرد المركزي الأكثر حساسية لتخصيب اليورانيوم، والتوصل إلى اتفاق مع إيران حول هذا الخصوص(18). ولطالما سعت تركيا إلى إقامة علاقات تجارية أقوى مع إيران؛ لكنه تم الحد من مساعيها هذه بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ووجهت القوى الغربية في الماضي انتقادات عديدة لتركيا بسبب سعيها لإقامة علاقات تجارية قوية مع إيران، أما بعد حصول التقارب الغربي الإيراني، وإذا ما تم الاستمرار في تخفيف هذه العقوبات أو إزالتها، فيمكن لتركيا أن تستغل هذه الفرصة لزيادة حجم تجارتها الخارجية والحصول على مصادر الطاقة بشكل أسهل وبأسعار مناسبة(19). ويرى بعض المحللين أن التقارب الغربي -خاصة الأميركي-الإيراني-يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية قصيرة المدى بالنسبة إلى تركيا؛ أما على المدى البعيد فيمكن أن يتسبب هذا بإضرار بالمصالح الاستراتيجية التركية(20). ويعود هذا إلى أن التقارب إذا ما استمر في المستقبل فيمكن أن يؤدي إلى زيادة النفوذ الإيراني المنطقة على حساب النفوذ التركي؛ وعلى الرغم من الاحتمالات المتعددة المتوقعة لمستقبل التقارب الإيراني-الأميركي، يبدو أن تركيا قد رسمت خطًّا استراتيجيًّا ثابتًا فيما يخص علاقاتها التجارية مع إيران، ويمكن أن يفهم هذا من خلال الزيارات رفيعة المستوى التي تم تبادلها بين الطرفين؛ وأهمها زيارة رئيس الوزراء التركي الأخيرة لإيران، والإعلان عن تشكيل مجلس رفيع المستوى للتعاون بين البلدين، الذي سيتم تفعيله مع زيارة حسن روحاني المرتقبة لتركيا(21).

ويُلاحظ من الجدول التالي أن الزيادة المتسارعة في حجم التبادل التجاري بين البلدين منذ تولي حزب العدالة والتنمية زمام الحكم في تركيا؛ لكن يلاحظ أيضا أن العام الماضي 2013 شهد انخفاضًا ملموسًا في حجم التبادل التجاري بينهما؛ وذلك بسبب العقوبات المفروضة على إيران(22)، وتأتي الأهداف الاقتصادية في مقدمة أولويات هذه الزيارة؛ وهذا على الرغم من ثقل التوترات السياسية التي أفرزتها الأزمة السورية بين البلدين(23)، وقد أعلن رئيس الوزراء التركي أن تركيا تستهدف زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2015 ليصل إلى 30 مليار دولار(24).

حجم التبادل التجاري بين تركيا وإيران

Turkiye Cumhuriyeti D?sisleri Bakanl?g?, Sorumluluk ve Vizyon 2014 YIlIna GirerkenTurk D?s PolitikasI, 2014, 5.

وفي مقابل الاندفاع التركي نحو تفعيل العلاقات الاقتصادية إلى أعلى المستويات، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية متحفظة على هذا الاندفاع، وترى أنه لم يحن الوقت بعد لمثل هذا المستوى من العلاقات التجارية، وقد جاء هذا التحفظ من خلال الزيارة التي قام بها مستشار وزارة الخزانة الأميركية ديفيد كوهين -الشخصية المكلفة بالإشراف على تنفيذ العقوبات على إيران- لتركيا في 19 من ديسمبر/كانون الأول 2013م، التي بيَّن فيها للحكومة التركية ورجال الأعمال طبيعة العقوبات المفروضة ضد إيران، والتدابير اللازمة التي ينبغي اتباعها(25)؛ وقد نصح مسؤول الخزانة الأميركية الشركات التركية تأجيل القيام بالأعمال التجارية في إيران؛ بسبب بقاء العديد من العقوبات في قطاعات البنوك والطاقة والنقل البحري ضد إيران؛ وذلك على الرغم من حصول الاتفاق النووي بين مجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة الأميركية، والصين، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا) وإيران في 24 من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي 2013(26).

ب‌. البحث عن وجهات نظر مشتركة في الملف السوري
لم تكن علاقات تركيا بكل من إيران وسوريا محددة بشكل أساسي بعلاقات هاتين الدولتين مع الولايات المتحدة الأميركية، وقد نبه وزير الخارجية التركي على هذه الفكرة؛ حيث دلل على أن سبب تأزم العلاقة التركية السورية واتخاذ تركيا موقفًا معارضًا للنظام السوري هو اتجاه هذا النظام إلى قتل أبناء شعبه ومحاربتهم؛ وبيَّن أن تركيا قبل حصول هذه الأزمة قد أصرت على إقامة علاقات قوية مع سوريا؛ وذلك على الرغم من علاقاتها السلبية مع القوى الغربية، وعلى عكس ما كانت ترجوه تركيا لم تستطع القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية حسم الصراع السياسي الناتج عن الأزمة السورية، واتخذت مسار الطرق الدبلوماسية لإيجاد حل لهذا الصراع؛ ومن هنا تراجعت تركيا خطوة إلى الوراء في تعاملها مع هذه الأزمة، وقررت البحث عن سبل دبلوماسية تقلل من احتمالية الأضرار التي يمكن أن تسببها لها، ومن المتوقع أن تتضمن الفترة المقبلة من العلاقات بين إيران وتركيا محاولات للبحث عن وجهات نظر مشتركة في المسألة السورية (27). ومن المتوقع أن تعمل تركيا على أن تعيد حساباتها من جديد في هذا الملف، وستضطر إلى استخدام استراتيجية أقل حزمًا؛ إذا أرادت أن تكون طرفًا في الحوار الدولي الجاري حول الأزمة السورية(28). وفي المقابل فمع ارتفاع مستوى التقارب المتوقع بين الولايات المتحدة وإيران فإنه من المتوقع أن تعمل الولايات المتحدة على التأثير على وجهة النظر الإيرانية بخصوص الأزمة السورية(29)، ولإزالة الغموض المستقبلي في هذا الشأن فإن النتائج المتمخضة عن جنيف 2 ستعطي مؤشرات أوضح على إيجابية أو سلبية التقارب الأميركي-الإيراني بالنسبة إلى تركيا(30).

ومن المؤشرات الأولى على سعي تركيا إلى إيجاد وجهات نظر مشتركة مع إيران في هذه الأزمة، ما ذكره وزير الخارجية التركي في المؤتمر الصحفي الذي عقده بطهران، من معارضة بلاده لوجود مقاتلين أجانب على الأرض السورية، وذكر أنه على الجميع أن يعارض فكرة مقاتلين أجانب(31). وعلى الرغم من مشاركة الطرف الإيراني بشكل صريح في دعم صمود النظام السوري، سعت تركيا في هذه المرحلة إلى التفريق بين موقفها المبدئي المعادي للنظام السوري، وعلاقاتها مع إيران، كما تسعى تركيا إلى تخفيف عناصر التناقض، التي يمكن أن تنشأ عن دورها في حلف شمال الأطلسي، ووجود قوات له في تركيا، ووجود قواعد عسكرية للولايات المتحدة الأميركية على أراضيها وعلاقاتها مع إيران؛ فعلى سبيل المثال عملت تركيا على طمأنة إيران؛ وذلك بعدما شعرت بالتهديد من أنظمة الصواريخ الدفاعية "باتريوت"، التي عزم حلف شمال الأطلسي وضعها في مناطق جيهان وأضنه وإنجيرليك من الأراضي التركية؛ لكن تركيا أكدت أن هذا النظام غير موجه إلى إيران؛ وإنما الغرض منه حماية الأراضي التركية من احتمالات هجوم يقوم به النظام السوري(32).

التواجد العسكري لحلف شمال الأطلسي والقوات الأميركية في الأراضي التركية

Zanotti, Congressional Research Service, December 20, 2013, 32

ج. احتمالية زيادة التقارب التركي الخليجي
بعد أن تسبب الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر في توتر العلاقة بين تركيا والسعودية على محور العلاقات التركية العربية؛ أخذت فجوة هذا التوتر تتقلص مع حصول التقارب الأميركي-الإيراني، فقد شعرت الدول التي يمكن أن تتأثر بهذا التقارب؛ مثل تركيا ودول الخليج بضرورة التحرك المشترك(33)؛ كما أن تركيا تسعى إلى إعادة علاقاتها مع العراق من مختلف النواحي السياسية والتجارية، وقد تطورت العلاقات التجارية بين تركيا والعراق بشكل ملحوظ خلال السنة الماضية؛ خصوصًا في مجال الطاقة؛ فبعد أن كانت تركيا تستورد ما نسبته 51% من حاجتها للطاقة من إيران قبل عام 2013، تراجعت هذه النسبة في عام 2013 إلى 28.5%، ولجأت تركيا إلى تعويض هذه النقص من خلال الواردات النفطية العراقية، التي ارتفعت من 10% عام 2012 إلى 32% من مجموع مستورداتها النفطية(34)، ويبدو أن تركيا ستسعى من خلال تقوية علاقاتها مع إيران إلى التخفيف من حدة الأزمة الطائفية، التي أخذت تعصف بالمنطقة، التي ظهرت بشكل جلي في سوريا والعراق ولبنان(35).

د‌. احتمالية تراجع الدور التركي مقابل صعود الدور الإيراني
قبل حصول التقارب الإيراني-الأميركي نهاية العام الماضي، أدت تركيا دور الوسيط بينهما في الفترة التي سبقت الأزمة السورية، أما في هذه المرحلة لم يعد لهذا الدور من مسوغ مع التقاء الطرفين بشكل مباشر، ومع استمرارية هذا التقارب قد يُمنح لإيران فرص أكبر في زيادة نفوذها في أفغانستان ولبنان وسوريا والعراق؛ ومن هنا سيكون لإيران دور أهم من الدور التركي بالنسبة إلى القوى الغربية -وعلى رأسها الولايات المتحدة- من أجل التوصل إلى أهدافها من خلال طرق غير عسكرية(36)، ومن النتائج المتوقعة للتقارب الأميركي-الإيراني احتمالية وجود ساحة نفوذ واسعة للسياسة الإيرانية تشمل مناطق: سوريا، ولبنان، والعراق، والخليج العربي، وهذا بدوره سيحد من الدور التركي في المنطقة(37).

ويبدو أن تركيا -التي تتبنى سياسة خارجية عملية مرنة- لن تقف مشاهدة إزاء هذا الاحتمال، وستحاول المشاركة في أي مشروع سياسي يتعلق بقضايا المنطقة الأساسية؛ وعلى رأسها الأزمة السورية، وستعمل تركيا على موازنة علاقاتها على المحور الإيراني مع علاقاتها على المحور العربي الخليجي تحديدًا، وستسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الانسجام بين هذه العلاقات؛ حتى تبقى مرتبطة بجميع القوى الإقليمية، وتستطيع مواجهة التهديدات التي يمكن أن تنشأ عن الصعود الإيراني في المنطقة.

خلاصة

شهد العام الماضي 2013 م تطورات مهمة على المستويين الداخلي والخارجي لكل من تركيا وإيران؛ ساهمت في اتجاه كلا البلدين لمراجعة علاقاتهما، التي دخلت في مرحلة من التوتر بعد الأزمة السورية، ومن أهم التطورات التي شهدها العام الماضي فتح صفحة جديدة من العلاقات الأميركية-الإيرانية بعد الاتفاق النووي لمجموعة خمسة زائد واحد مع إيران، ومع الإقرار بأهمية التقارب الأميركي-الإيراني في حفز تركيا لتعزيز علاقاتها مع إيران، فإن هذا العامل لا يعتبر الدافع الوحيد إلى تقوية العلاقات بين البلدين، بدليل اتجاه تركيا إلى إقامة علاقات استراتيجية مع إيران -في الفترة التي سبقت اندلاع الأزمة السورية- دون النظر إلى العداء العلنية بين إيران والولايات المتحدة؛ ومن هنا فقد تحركت الحكومة التركية تجاه إيران؛ انطلاقًا من مجموعة عوامل تحقق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وقد أعطى التقارب الأميركي-الإيراني هذه العوامل دفعة قوية من خلال زاويا مختلفة؛ مع بقاء التصادم بين وجهات نظر البلدين فيما يخص الأزمة السورية، التي تسببت في إحداث فجوة كبيرة في العلاقات التركية-الإيرانية، وانكسارًا في منحنى هذه العلاقات، التي بدأت بالصعود المتسارع منذ تولي حكومة العدالة والتنمية زمام الحكم في تركيا.

ومن هنا فقد جاء اتجاه تركيا إلى التقارب مع إيران منسجمًا مع التقارب الأميركي-الإيراني، ومع ذلك فإن تركيا تسعى من خلال هذا التقارب إلى البحث عن استراتيجية جديدة لحل الأزمة السورية؛ وذلك للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، والبحث عن بدائل تعوضها عن العلاقات المتأزمة أو المتوترة، التي حدثت على المحورين الغربي والعربي؛ فقد وجدت الحكومة التركية نفسها خلال السنة الماضية أمام ضغوط وتحديات داخلية وخارجية عديدة؛ منها: أحداث التقسيم، وملفات الفساد التي فتحها القضاء، والتصادم مع جماعة غولان، كما وجدت الحكومة التركية نفسها أمام خلافات سياسية مع العديد من دول المنطقة؛ مثل: مصر، والسعودية، والعراق، وإسرائيل، إضافة إلى سوريا وإيران، ومن هنا فقد سعت السياسة الخارجية التركية إلى إعادة حساباتها السياسية على المستوى الإقليمي؛ ومن العوامل المهمة والأساسية التي فرضت على تركيا إعادة علاقاتها مع إيران شعورها بخطر ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي، المعروفة بوحدات حماية الشعب (YPG)، التي حققت مكاسب عسكرية على الأرض في مناطق شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود التركية، بعد استفادتها من الصراع بين قوات المعارضة السورية وقوات داعش.

ويرى بعض المحللين أن التقارب الغربي -خاصة الأميركي-الإيراني- يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية قصيرة المدى بالنسبة إلى تركيا؛ أما على المدى البعيد فيمكن أن يتسبب هذا بإضرار بالمصالح الاستراتيجية التركية، بسبب احتمالية زيادة النفوذ الإيراني المنطقة على حساب النفوذ التركي.

ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة من العلاقات بين إيران وتركيا محاولات للبحث عن وجهات نظر مشتركة في المسألة السورية؛ وذلك على الرغم من عدم وجودها حتى هذه الفترة؛ فمن المتوقع أن تعيد حساباتها من جديد في هذا الملف، وستضطر إلى استخدام استراتيجية أقل حزمًا؛ إذا أرادت أن تكون طرفًا في الحوار الدولي الجاري حول الأزمة السورية، وفي المقابل فمع ارتفاع مستوى التقارب المتوقع بين الولايات المتحدة وإيران فإنه من المتوقع أن تعمل الولايات المتحدة على التأثير على وجهة النظر الإيرانية بخصوص الأزمة السورية.
_________________________
د. محمد جابر الثلجي: باحث متخصص في الشؤون التركية

الهوامش والمصادر
(1) ABD-?ran ili?kileri (العلاقات الأميركية-الإيرانية), http://haber.rotahaber.com/davutoglundan-abdiran-iliskisi-aciklamasi_403434.html, Rota Haber, 28.09.2013.
(2) Levent Ba?türk, Ba?bakan’?n Tahran ziyareti ba?lam?nda Türkiye-?ran ili?kileri(العلاقات التركية-الإيرانية في ضوء زيارة رئيس الوزراء لطهران) , http://www.dunyabulteni.net/haber-analiz/288462/basbakanin-tahran-ziyareti-baglaminda-turkiye-iran-iliskileri, Dünya Bülteni, 03.02. 2014.
(3) Arif Keskin, Türkiye-?ran ili?kileri: F?rsatlar ve riskler,(العلاقات التركية-الإيرانية الفرص والمخاطر) http://www.aljazeera.com.tr/gorus/turkiye-iran-iliskileri-firsatlar-ve-riskler, aljazeera Turk, 28.01.2014.
(4) Kemal ?nat, Ba?bakan Erdo?an’?n ?ran Ziyareti(زيارة أردوغان لطهران) , http://setav.org/tr/basbakan-erdoganin-iran-ziyareti/yorum/14420, SETA, Siyaset Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, 30.01.2014.
(5) Selahattin Erdem, ABD?politikalar? ve AKP-?ran görü?meleri(السياسات الأميركية ولقاءات حزب العدالة والتنمية بإيران) , http://www.yeniozgurpolitika.org/index.php?rupel=nivis&id=5302, Yeni Özgür Politika, 03.02. 2014.
(6) Selahattin Erdem, ABD?politikalar? ve AKP-?ran görü?meleri, (السياسات الأميركية ولقاءات حزب العدالة والتنمية بإيران) , http://www.yeniozgurpolitika.org/index.php?rupel=nivis&id=5302, Yeni Özgür Politika, 03.02. 2014.
(7) صحيفة عكاظ، السبت 14من ذي الحجة 1434 هـ 1من 9 أكتوبر/تشرين الأول 2013 م العدد : 4507.
(8) Mehmet Yegin veEyüp Ersoy, Türkiye-ABD ?li?kileri: Çok Boyutlu Bir Ortakl??a Do?ru(العلاقات التركية الأميركية نحو شراكة متعددة الأبعاد) , USAK Amerika Ara?t?rmalar? Merkezi, Uluslararas? Stratejik Ara?t?rmalar Kurumu, Ankara, 2013, 32.
(9) Kemal ?nat, Ba?bakan Erdo?an’?n ?ran Ziyareti(زيارة أردوغان لطهران) , http://setav.org/tr/basbakan-erdoganin-iran-ziyareti/yorum/14420, SETA, Siyaset Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, 30.01.2014.
(10) Can Acun ve di?erleri, 2013'te Türkiye, SETA Siyaset, Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, ?stanbul, Aral?k 2013 Say?:74, 2013, 145.
(11) Arif Keskin, Türkiye-?ran ili?kileri: F?rsatlar ve riskler,(العلاقات التركية-الإيرانية الفرص والمخاطر) http://www.aljazeera.com.tr/gorus/turkiye-iran-iliskileri-firsatlar-ve-riskler, aljazeera Turk, 28.01.2014.
(12) Levent Ba?türk, Ba?bakan’?n Tahran ziyareti ba?lam?nda Türkiye-?ran ili?kileri(العلاقات التركية-الإيرانية في ضوء زيارة رئيس الوزراء لطهران) , ttp://www.dunyabulteni.net/haber-analiz/288462/basbakanin-tahran-ziyareti-bag…, Dünya Bülteni, 03.02. 2014.
(13) Selahattin Erdem, ABD?politikalar? ve AKP-?ran görü?meleri(السياسات الأميركية ولقاءات حزب العدالة والتنمية بإيران) , http://www.yeniozgurpolitika.org/index.php?rupel=nivis&id=5302, Yeni Özgür Politika, 03.02. 2014.
(14 ) سامح راشد، تحت رئاسة روحاني: إيران بين الانضغاط والانكشاف، شؤون عربية (مصر),ع 155, (2013), ص:9.
(15) Levent Ba?türk, Ba?bakan’?n Tahran ziyareti ba?lam?nda Türkiye-?ran ili?kileri(العلاقات التركية-الإيرانية في ضوء زيارة رئيس الوزراء لطهران) , ttp://www.dunyabulteni.net/haber-analiz/288462/basbakanin-tahran-ziyareti-bag…, Dünya Bülteni, 03.02. 2014.
(16) Selahattin Erdem, ABD?politikalar? ve AKP-?ran görü?meleri(السياسات الأميركية ولقاءات حزب العدالة والتنمية بإيران) , http://www.yeniozgurpolitika.org/index.php?rupel=nivis&id=5302, Yeni Özgür Politika, 03.02. 2014.
(17) ABD-?ran ili?kileri (العلاقات الأميركية-الإيرانية), http://haber.rotahaber.com/davutoglundan-abdiran-iliskisi-aciklamasi_403434.html, Rota Haber, 28.09.2013.
(18) Mithat Yurdakul, Türk Bankalarina Abd’den Iran Ayari, (محددات أميركية للبنوك التركية متعلقة بإيران) http://ekonomi.milliyet.com.tr/turk-bankalarina-abd-den-iran-ayari/ekonomi/detay/1810043/default.htm, milliyet, 23.12.2013.
(19) Kemal ?nat, Ba?bakan Erdo?an’?n ?ran Ziyareti(زيارة أردوغان لطهران) , http://setav.org/tr/basbakan-erdoganin-iran-ziyareti/yorum/14420, SETA, Siyaset Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, 30.01.2014.
(20) Arif Keskin, Türkiye-?ran ili?kileri: F?rsatlar ve riskler,(العلاقات التركية-الإيرانية الفرص والمخاطر) http://www.aljazeera.com.tr/gorus/turkiye-iran-iliskileri-firsatlar-ve-riskler, aljazeera Turk, 28.01.2014.
(21) Kemal ?nat, Ba?bakan Erdo?an’?n ?ran Ziyareti(زيارة أردوغان لطهران) , http://setav.org/tr/basbakan-erdoganin-iran-ziyareti/yorum/14420, SETA, Siyaset Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, 30.01.2014.
(22) Jim Zanotti, Turkey: Background and U.S. Relations, Congressional Research Service, December 20, 2013, 32.
(23) Kemal ?nat, Ba?bakan Erdo?an’?n ?ran Ziyareti(زيارة أردوغان لطهران) , http://setav.org/tr/basbakan-erdoganin-iran-ziyareti/yorum/14420, SETA, Siyaset Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, 30.01.2014.
(24) Sami Kohen, ?ran’la ili?kiler: ??birli?i ve rekabet(العلاقات مع إيران التعاون والتنافس) , http://dunya.milliyet.com.tr/iran-la-iliskiler-isbirligi-ve/dunya/ydetay/1829809/default.htm, milliyet, 31.01.2014.
(25) الوطن، ديفيد كوهين مستشار الخزانة الأميركية في زيارة مفاجئة لتركيا،
http://www.elwatannews.com/news/details/376028, 20. 12. 2013.
(26) أردوغان يزور طهران اليوم للقاء خامنئي وروحاني
 http://www.i24news.tv/ar, i24news , 28, 01, 2014.
(27) Levent Ba?türk, Ba?bakan’?n Tahran ziyareti ba?lam?nda Türkiye-?ran ili?kileri(العلاقات التركية-الإيرانية في ضوء زيارة رئيس الوزراء لطهران) , ttp://www.dunyabulteni.net/haber-analiz/288462/basbakanin-tahran-ziyareti-bag…, Dünya Bülteni, 03.02. 2014.
(28) Y?ld?z Yaz?c?o?lu , 'ABD - ?ran Yak?nla?mas? Türkiye'yi Etkiler'(التقارب الأميركي-الإيراني له تأثيرات على تركيا) , http://www.amerikaninsesi.com/content/abd-iran-yakinlasmasi-turkiyeyi-etkiler/1785706.html, Amerikanin Sesi, 07.11.2013.
(29) Y?ld?z Yaz?c?o?lu , 'ABD - ?ran Yak?nla?mas? Türkiye'yi Etkiler'(التقارب الأميركي-الإيراني له تأثيرات على تركيا) , http://www.amerikaninsesi.com/content/abd-iran-yakinlasmasi-turkiyeyi-etkiler/1785706.html, Amerikanin Sesi, 07.11.2013.
(30) Y?ld?z Yaz?c?o?lu , 'ABD - ?ran Yak?nla?mas? Türkiye'yi Etkiler'(التقارب الأميركي-الإيراني له تأثيرات على تركيا) , http://www.amerikaninsesi.com/content/abd-iran-yakinlasmasi-turkiyeyi-etkiler/1785706.html, Amerikanin Sesi, 07.11.2013.
(31) "?ran-Türkiye diyalo?u bölgedeki en önemli diyalog"(الحوار الإيراني التركي أهم الحوارات الإقليمية) , http://www.haberturk.com/dunya/haber/898061-iran-turkiye-diyaloguna-davutoglu-yorumu, Haber Turk 27, 11, 2013.
(32) Can Acun ve di?erleri, 2013'te Türkiye(تركيا في العام 2013) , SETA Siyaset, Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, ?stanbul, Aral?k 2013 Say?:74, 2013, 145.
(33) Can Acun ve di?erleri, 2013'te Türkiye(تركيا في العام 2013) , SETA Siyaset, Ekonomi ve Toplum Ara?t?rmalar? Vakf?, ?stanbul, Aral?k 2013 Say?:74, 2013, 145.
(34) Mithat Yurdakul, ?ran petrolü gitti Irak petrolü geldi(ذهب النفط الإيراني وجاء النفط العراقي), http://ekonomi.milliyet.com.tr/iran-petrolu-gitti-irak-petrolu/ekonomi/detay/1828775/default.htm, 29.01.2014.
(35) "?ran-Türkiye diyalo?u bölgedeki en önemli diyalog"(الحوار الإيراني التركي أهم الحوارات الإقليمية) , http://www.haberturk.com/dunya/haber/898061-iran-turkiye-diyaloguna-davutoglu-yorumu, Haber Turk 27, 11, 2013.
(36) Y?ld?z Yaz?c?o?lu , 'ABD - ?ran Yak?nla?mas? Türkiye'yi Etkiler'(التقارب الأميركي-الإيراني له تأثيرات على تركيا) , http://www.amerikaninsesi.com/content/abd-iran-yakinlasmasi-turkiyeyi-etkiler/1785706.html, Amerikanin Sesi, 07.11.2013.
(37) Y?ld?z Yaz?c?o?lu , 'ABD - ?ran Yak?nla?mas? Türkiye'yi Etkiler'(التقارب الأميركي-الإيراني له تأثيرات على تركيا) , http://www.amerikaninsesi.com/content/abd-iran-yakinlasmasi-turkiyeyi-etkiler/1785706.html, Amerikanin Sesi, 07.11.2013.

عودة للصفحة الرئيسية للملف

نبذة عن الكاتب