مكانة قطر العالمية
تحظى قطر باهتمام العالم، كما أنها تصنع عناوين الأخبار: صغيرة في الحجم وكبيرة في المكانة العالمية. ويُنسَب إلى قيادة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (1995-2013)، يُنسب إليها الشهرة التي أُغدِقت على صورة قطر العالمية بوصفها عضواً صالحاً في مجموعة الدول القومية نظراً لجهودها اللافتة في حل النزاعات، والوساطة، وصناعة السلام، والدبلوماسية العامة، والمهارة في استخدام المساعدات التنموية والقوة الناعمة على المستوى الخارجي، والبناء المؤسسي والتحديث على المستوى الوطني.
في ظلّ قيادة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أظهرت قطر مهارةً نادرةً في استخدام مصادرها المالية كأداة للاتصال بالعالم الخارجي وزيادة نسبة قوتها. كما أن تأثير إدارته في صناعة السياسات وضع الإمارة على خارطة العالم بوصفها إمّا ممثلةً مبادرةً في مجالات متنوعة، أو أو مُضطلعة بأدوار ناجحة كصانعة للسلام ضمن وخارج منطقة الشرق الأوسط، أو منظمةً لأحداث مهمة في عالم الرياضة.
إن الظهور والدعاية المتزايدان جلبا معهما انتباه العالم، (من قَبِيل) المديح، وفي بعض الأحيان النقد، فضلاً عن الاهتمام بمكانة قطر الصاعدة ومشاركتها في المسرح العالمي، وذلك بوصفها وسيطاً في النزاعات الإقليمية وطرفاً معنياً بالربيع العربي؛ أي دعمها للتحول الديموقراطي السلمي في أماكن مثل تونس، ولخلع أنظمة تسلطية مثل نظام القذافي في ليبيا في بداية ثورتها.
قطر والإعلام (نموذج الجزيرة الإعلامي)
تمكّن نموذج الجزيرة الإعلامي من تجسير فجوة المعلومات بشأن دور قطر في الميدان العالمي. وبعيداً عن تثبيت نفسه في طليعة (حِرفة) صناعة الأخبار، فإن نموذج الجزيرة سلط الضوء على مهارة قطر في اقتحامها بنجاح لميدانٍ عُدَّ لزمن طويل معقلاً حصرياً للقوى الكبرى أو الدول الغربية التي استقرت فيها الديموقراطية. وإذ وَضَعَت قطر الجزيرة في الميدان العالمي كمنافس جديّ ومحترف لقنوات مثل السي إن إن، فإن الجزيرة، وبشكل مساوٍ، وَضَعَت قطر على خارطة العالم بوصفها دولة معروفة بارتبطاتها مع العالم وبحضورها الدولي.
تُلخِّص الجزيرة "الاقتصاد السياسي" للقوة الناعمة والذي تم من خلاله الاستفادة بشكل استراتيجي من براعة قطر المالية في سبيل دعم سطوتها المتزايدة. وبوصفها مصدراً لتدخل القوة الناعمة، عززت الجزيرة إمكانية عرض النفوذ القطري من خلال التقاطع في الرؤية السياسية (القيادة والمبادرة)، والاستثمار الذكي (الرعاية المالية والمُلْكية)، والقدرة البشرية (المنتج الاحترافي؛ الاستقلالية الشديدة)، ألا وهو، نوع محدد من التغطية الإخبارية له طابعه الخاص ويمتاز بحرفية عالية في كل من الجزيرة العربية والجزيرة الإنجليزية حتى الآن. يُنظَر إلى الجزيرة كرمز يُوضّح كيف أن قيادة البلاد عندما فكرت بصورة مؤثرة، وأنفقت بسخاء وبشكل مؤثر، انتهى بها الحال إلى أن يُنظر إليها بوصفها كبيرة الأثر.
يحدث هذا المشهد في سياق خلفية لا تشمل فقط صورة بلد صغير يفتقر إلى تاريخ المشاركة الطموحة في السياسة الخارجية أو الظهور الدولي. فالأكثر أهمية، أن التصور عن صعود قطر يستدعي مقارنة مع جيران آخذين في التراجع؛ هم أكبر بكثير على صعيد الجغرافيا (السعودية ومصر وإيران)، كما يتفوقون على الصعيد السكاني إذا ما تمت المقارنة مع الكتلة السكانية المحدودة أو ربما "الحرجة" لإمارة قطر.
هنالك نقد يصدر عن بعض الجهات، وعلى سبيل المثال فإن نقد الجزيرة يتعلق بتعاملها مع "الربيع العربي"؛ حيث كانت هنالك تصورات بشأن "ضرر" لحق بصورة القناة الفضائية على المستوى العالمي بسبب أن تغطيتها للتظاهرات في كل من مصر وتونس اختلفت عن تلك المتصلة بأحداث مشابهة في بلدان أخرى، وهو ما استدعى اتهامات من قبيل "التحيز" و"الافتقار إلى الموضوعية" وحتى "التسييس".
المعالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تم تحقيقها في ظل قيادة الشيخ حمد بن خليفة آال ثاني (1995-2013).
طريقة العمل القطرية في فترة حكم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني
تمثلت طريقة العمل القطرية التي تكّرست في ظل حكم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تمثلت بتحديد الاتجاه. وتم التخطيط لذلك وتنفيذه من خلال إعادة إنتاج وسائل وظروف النجاح من أجل القيادة بدل اتباع القوى الإقليمية في منطقة الخليج أو الشرق الأوسط بشكل عام. في هذا السياق، فإن التميز والنجاح في "صناعة السمة التجارية للدولة" قد مهّد الطريق لتعميق الاستقلال الوطني، والتنويع في الاتصالات الدولية، والتشديد على المصداقية كمبدأ في دبلوماسية قطر، والقيام ببناء مؤسسي تدريجي (مثل الدستور الجديد، والانتخابات البلدية، وتحديث التعليم، واندماج أكبر للمواطن القطري في الخدمة المدنية والتعليم والدولة).
وفي جوهر "صناعة السمة التجارية للدولة"، تقع قدرة قطر في ابتكار هوية تقدمية جديدة في الشؤون الدولية من خلال استخدام سلسلة كاملة من القوة الناعمة، وكانت قيادة البلاد خلال الفترة 1995-2013، قد أشارت إلى أن كل عهد يُنتج مجموعات مختلفة من القادة والتفكير والتفضيلات السياسية فضلاً عن الابتكارات أو التكييفات وذلك طلباً للتأثير في لعبة القوة الكبرى بين الدول القومية. ويُعدّ تزايد الاستقلال الوطني والأمن على المستوى الإقليمي والدولي أساساً في "صناعة السمة التجارية" لدولة قطر.
وتشترك معظم الأوصاف التي أُطلقت على قطر من قبل المراقبين الدوليين في ذِكْر المهارة التي مَكّنت الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني من أن يُحدث قفزة إلى الأمام في السياسة والاقتصاد والمجتمع. والمحصلة لم تكن التغيير من أجل التغيير، وبالأحرى فإن مطلب التغيير في الفترة 1995-2013 كان وصف أو وسم التغيير الذي قُدّر له أن يطلق نجومية قطر في صدارة القيادة الإقليمية والتأثير العالمي.
بناء على ما تقدم، فإن قطر في ظل حكم الأمير الوالد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، يُنظَر إليها بأنها قد قوّضت نموذج العلاقات الإقليمية والدولية. وسعى الأمير الجديد وفريقه إلى المنافسة والقيادة في مجالات الدبلوماسية والمال وقطاع الهيدروكربون من الاقتصاد.
عودة للصفحة الرئيسية |