مقدمة
لطالما قدَّم الإعلام الدولي، والفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية على وجه الخصوص، مفهومًا خاصًّا لقضايا المنطقة العربية والمشكلات التي تعيشها وأسبابها وأدوار الفاعلين فيها والحلول التي تتصوُّرها للقضايا محل الصراع، خاصة أن تأسيس مثل هذه الفضائيات -ومن بينها الحرة (2004)(1)، وروسيا اليوم (2005)(2)، وفرانس 24 (2006)(3) التي تتبع لقوى عالمية أجنبية (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا)- قد جاء استجابة لمنطق محدَّد يهدف إلى بلوغ التأثير في الرأي العام العربي في حقل إعلامي تنافسي وحيوي أكثر من خدمة أهداف تجارية محضة. وقد نتج عن ذلك هشاشة في مصداقية هذه الفضائيات لدى الجماهير العربية، التي أصبحت أكثر من أي وقت مضى تتحكَّم بالأجندة الإعلامية وتحدِّد هرمية الأخبار وبشكل ما الخط التحريري بالرغم من مزايداتها حول احترام مبادئ الحيادية الإعلامية والحرفية المهنية والاستقلالية الإدارية. منذ ذلك الحين وهذه الفضائيات لا تنفك تُطوِّر استراتيجيات التأثير في محاولة للتأقلم مع الأوضاع والحاجات والأذواق التي فرضتها التحوُّلات التي عرفها المشهد الإعلامي الفضائي على المستويات الإقليمية والدولية في السنوات الأخيرة، ولاسيما الدور المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام.
ومع التعقيد الذي تشهده الصراعات والأزمات الإقليمية والدولية التي تعصف بالمنطقة العربية اليوم تلعب هذه الفضائيات دورًا مؤثِّرًا في مساراتها بسوريا واليمن وليبيا والعراق ودول الخليج أيضًا بدافع من الرؤى الأيديولوجية والسياسية التي تحكمها والرهانات الاقتصادية والاجتماعية. من هنا، يبدو من المفيد دراسة أشكال الخطاب الذي اعتمدته هذه الفضائيات في تغطياتها الإعلامية لهذه الأزمات والصراعات في محاولة للكشف عن دلالاتها الواقعية والرمزية، وخلفياتها الفكرية والسياسية والأيديولوجية، والرهانات التي تحكمها والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها.
يبدو أن الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية تقوم بتوظيف التَّمثُّلات والخطاب في سبيل تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والسلطوية وضمان هيمنتها في المنطقة العربية ضمن إطار استراتيجية جديدة للتأثير الإعلامي موجَّهة إلى الرأي العام العربي.
وتسعى الدراسة لتقديم عرض مختصر لهذه الممارسات في ثلاثة أقسام، وقد عالج القسم الأول منها استراتيجيات التغطية الإخبارية للأزمة السورية وملف الإرهاب عمومًا كاشفًا الانحرافات الإعلامية (4) التي مارستها بشكل نسبي هذه الفضائيات ضاربة عرض الحائط بأخلاقيات المهنة وعمليات استغلال المدنيين في سبيل ضمان المشهدية المنشودة. أما القسم الثاني فركَّز على عمليات تدوير الصراعات كالأزمة الخليجية على وجه التحديد لمصلحة الوصاية الخارجية عبر التشكيك بمصداقية وشرعية مختلف الفاعلين السياسيين في المنطقة، فيما أظهر القسم الثالث الاستراتيجيات الموازية التي تلجأ إليها الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية في محاولة لجذب الجماهير عبر تناول قضايا ما أسميناه بالفئات التابعة كالشباب والنساء على وجه الخصوص أو الثائرة لاسيما من بين المثقفين أو الناشطين الاجتماعيين.
الإطار المنهجي للدراسة
أ. مشكلة الدراسة
من الواضح أن الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية قد عوَّلت بشكل كبير في معالجتها للشؤون العربية على المشهدية والاستعراض حتى لو جاء ذلك على حساب جودة المضامين واحترام أخلاقيات المهنة الإعلامية ما يعيد إلى الواجهة أسطورة الإعلام المشهدي وتجلِّياتها المختلفة ومجالات توظيفها والغايات المنشودة من ذلك.
وننطلق في دراستنا هذه من الفرضية التي تعتبر أن توظيف المشهدية الكثيفة للشؤون العربية، التي أصبحت ممكنة بفعل تطوُّر الميديا والإعلام الجماهيري من قِبَل الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية في تناولها لهذه الشؤون، يخدم بشكل رئيسي التشويش على المعاني المتعلقة بها وإلغاء سياقاتها (5). كما أن التَّعرُّض الأفقي للقضايا العربية دون التعمُّق في حيثياتها وتفاصيلها الدقيقة والتركيز على جوانبها المتعدِّدة يُفقدها معناها ويمتص من حدَّة واقعها. وهو ما يحملنا إلى الأطروحة الشهيرة لعالم الاجتماع الفرنسي، بيير بورديو (Pierre Bourdieu)، حول مشهدية العالم في كتابة حول التليفزيون، ولاسيما في نسختها المطوَّرة على يد الفيلسوف جان بودريار (Jean Baudrillard) الذي يعتبر أن العالم المشهدي قد ألغى الواقع من خلال إلغاء الفرق بين الواقع والوهم. وقد كان بودريار قد طبَّق هذه الفرضية على عدد كبير من الأحداث لعل من أشهرها حديثه عن حرب الخليج باعتبار أنها لم تقع. ويعود السبب في ذلك بحسب رأي الفيلسوف الفرنسي إلى طبيعة التغطية الإعلامية الأميركية لهذه الحرب التي عُرِضَت للعالم بشكل استعراضي سينمائي. ويضاف إلى ذلك، التركيز المفرط من قبل الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية على تقديم معالجة أفقية وسطحية في بعض الأحيان للحروب والصراعات الإقليمية لا تتطرَّق إلى القضايا العميقة ولا تتناول جذور هذه الأزمات والوقائع والمسؤولية الغربية على وجه الخصوص ما أسهم بشكل كبير في عملية تحريف الواقع واستبدال واقع آخر مصطنع به.
ب. أسئلة الدراسة
تحاول الدراسة الإجابة عن مجموعة من الأسئلة، أبرزها:
- ما الخطاب الذي تبنَّته الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية في تناولها للشؤون العربية والإقليمية؟
- كيف جرى توظيف المشهدية والاستعراضية من قِبَل هذه الفضائيات في خدمة أغراض محدَّدة؟
- ما تداعيات مثل هذه الممارسات والانحرافات الإعلامية على المجال العام العربي؟
ج. مجتمع البحث وعيِّنته
وقع الاختيار في دراستنا على عيِّنة من المضامين الإخبارية، خلال فترة زمنية امتدَّت من مايو/أيار حتى يوليو/تموز 2017، وذلك في مجموعة من البرامج الحوارية والتقارير المختارة في ثلاث فضائيات أجنبية ناطقة باللغة العربية، وهي: فرانس 24، وروسيا اليوم، والحرة. وتمحورت هذه المضامين حول ثلاث قضايا رئيسية: أولًا: الأزمة السورية وملف الإرهاب، وثانيًا: الأزمة الخليجية التي اندلعت إثر حصار قطر، وثالثًا: الحركات الاجتماعية. ركَّزت العينة في قناة فرانس 24 على حلقات مختارة من برنامجي "محاور" و"وجهًا لوجه" بالإضافة إلى برنامج "مراسلون"(6)، في حين جرى التركيز في قناة روسيا اليوم على برنامج "بانوراما"(7)، بالإضافة إلى حزمة مختارة من التقارير في الفترة المدروسة بالمقارنة أيضًا مع ما بثَّته قناة "الحرة" من تقارير عالجت المواضيع بعينها وفي الفترة ذاتها. كما شملت العينة في هذه الحالة بالذات تحليل مضامين لحلقات مختارة من البرنامج الحواري "ثلاثون دقيقة" عُرضت على القناة خلال الفترة المدروسة.
د. منهجية الدراسة وأدواتها
اعتمدت الدراسة في مقاربتها للمضامين الإعلامية المختارة على مرجعية تحليل الخطاب (8) ليس فقط للكشف عن سمات أنواع الخطاب وبنياته الفكرية ومحدداته في سياقاته السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وتفكيك حمولته الأيديولوجية ومرجعياته والقيم التي ينتجها بل أيضًا من أجل فهم السياقات التي تتم فيها عمليات تحويل الواقع واللعب على المعنى وتداعياته المحتملة على المتلقين وفي العلاقات بين مختلف الفاعلين.
كما استند التحليل بشكل رئيسي على مفهوم "اختفاء الواقع" أو "نشوء "فوق-الواقع" الذي نظَّر له الفيلسوف الفرنسي، جون بودريار، في تحليله للظاهرة الإعلامية. ويعزو بودريار "اختفاء الواقع" إلى حقيقة غياب العلاقة بين الدَّالِّ والمدلول. وهذا ما يحصل جرَّاء مضاعفة فعالية الإعلام الذي حوَّل الحياة الاجتماعية والواقع إلى صورة يُقدِّمها الإعلام. إن ما يُقدِّمه الإعلام -بحسب بودريار- ليس الواقع كما هو، ولا هو صورة عنه، بل هو صورة ولَّدها الإعلام عن صورة أخرى هي بدورها مولَّدة منه. كما يعتبر بودريار أن العالم أصبح تحت سطوة الإعلام الجماهيري عبارة عن مجموعة من عمليات الاصطناع والصور بلا صلة أو علاقة أو مرجعية مع أصل محدَّد في الواقع، بل تكون هذه المصطنعات (الصور والخطابات) هي المهيمِنة والواقع محجوب (9). وما فوق-الواقع في الحقيقة ليس سوى مرحلة إضافية في تطور "المجتمع المشهدي" الذي تحدَّث عنه غي ديبور (Guy Debord) (10). من هذا المنظور، تحوَّلت التغطيات الإخبارية التي قامت بها الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية للصراعات والحروب، التي عرفتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة، بفعل تخمتها إلى أشياء مفرَّغة المعنى أو اصطناعات تكمن أهميتها الرئيسية في قدرتها على الغواية.
وفي تحليلنا هذا، أخذنا بعين الاعتبار مستويين، أولهما يتعلَّق بمضمون المادة الإعلامية المقدمة أي كل ما حملته من أفكار وقيم واتجاهات ومعارف ووقائع. وثانيهما يرتبط بالشكل والأسلوب الذي قُدِّمت به هذه المادة. وهَدَفْنا من خلال العمل على هذين المستويين إلى الكشف عن الأهداف والخلفيات العامة والاستجابات التي تسعى الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية لتحقيقها بالإضافة إلى الحقيقة الفكرية والمقاصد الخفية الكامنة وراءها. كما أن أحد أهداف هذا التحليل هو الكشف عن التكرار والاستمرار في تقديم موضوعات معينة ومغزى ذلك بالإضافة إلى التنبؤ بالسلوكات المتوقعة للمتلقين (11).
أطر الخطاب الإعلامي وأهدافه
أولًا: "الحرب على الإرهاب" والتحريف الإعلامي
حصدت التغطيات الإخبارية للحروب والصراعات الإقليمية في المنطقة بكل من سوريا والعراق واليمن وليبيا -ولا تزال- مكانة بالغة الأهمية في وسائل الإعلام الدولية والإقليمية والمحلية لتتصدَّر المراتب الأولى في الأجندة الإخبارية خلال السنوات الأخيرة في ظل مناخ تنافسي على المستوى الدولي، مما يجعل هذه الأحداث تندرج على لائحة الحروب التي عرفت تغطيات إعلامية يمكن وصفها بـ"المُفرِطة" (الحرب على العراق 2003، والحرب على أفغانستان 2001، وحرب الخليج الأولى 1990)، وحصدت متابعة مرتفعة وأوجدت شغفًا لدى الجماهير على المستوى العالمي.
وأكَّدت عمليات رصد المضامين الإخبارية التي نشرتها الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية التي شملتها عينة الدراسة هذا الواقع الإعلامي الجديد. فقد تجاوز عدد البرامج والتقارير، التي تناولت هذه الأحداث والقضايا المنبثقة عنها، المئات خلال الفترة التي غطَّتها الدراسة في الفضائيات الثلاثة (مجتمع البحث)، كما لاحظنا زيادة وتيرتها في الفترات الأخيرة التي تزامنت مع تزايد حدة المعارك لاسيما في كل من الرقة في سوريا والموصل في العراق. أما بالنسبة للقضايا التي عالجتها هذه البرامج والتقارير فقد تمحورت بشكل رئيسي حول ثلاثة مجالات تتمثَّل في إحداثيات سير المعارك، وأحوال النازحين، والدعم الدولي (التحالف في حالتي الحرة وفرانس 24 والروسي في حالة روسيا اليوم) (12)، وكأنَّ تزايد أعداد المضامين الإعلامية (برامج، تقارير مصورة وحصرية، ملفات، ...إلخ) التي تناولت هذه الأحداث والقضايا المرتبطة لم تسهم في التخفيف من حدة ركاكة المعلومات الأصلية والجديدة التي قدمتها بفعل التكرار وتقييس المعلومات الذي يخلق نوعًا من المطابقة المفروضة (13). يضاف إلى ذلك، أن انجرار الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية -علمًا بأنها ليست الوحيدة- في اللهث وراء الجماهير، من خلال إغراق السوق الإعلامية بمضامين يجري تسويقها باعتبارها سبقًا إعلاميًّا، قد جاء على حساب جودة الرسالة الإعلامية وقيمتها وأهدافها. وكأن هذه الحروب والقضايا التي انبثقت عنها لم يعد لها قيمة بحدِّ ذاتها وفقدت واقعيتها، بل صارت قيمتها تقاس بحسب قدرتها -بفعل التوليد الإعلامي- على غواية الناس.
الأزمة السورية أداة لتصفية الحسابات
يبدو أن التغطيات الإخبارية للحرب في سوريا وملف الإرهاب عمومًا تستأثر بحيز خاص ضمن أولويات وسائل الإعلام الدولية والإقليمية والمحلية لاسيما منذ إعلان تنظيم "الدولة الإسلامية" إقامة "دولة الخلافة" خلال الخطاب الشهير لزعيم التنظيم، أبي بكر البغدادي، بالموصل، في 4 يوليو/تموز 2014. ففي هذه الحالة بالذات، كشفت نتائج تحليل الخطاب الإعلامي للفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية عن ممارسات إعلامية يمكن وصفها بالـ"منحرفة" حتى لا نقول: مُضَلِّلَة بحسب الموضوع وتصبُّ في خدمة مصالح وسياسات الدول التي تقف وراءها ضاربة عرض الحائط بمعايير الاستقلالية والحيادية التي تروِّج لها هذه الفضائيات.
كما تراوحت الخطابات التي تبنَّتها هذه الفضائيات في تغطيتها للأزمة السورية بين المعلوماتي المحض، خاصة التقارير والبرامج التي عالجت القضايا المرتبطة بتنظيم الدولة (لاسيما ممارساته الدموية) وأوضاع النازحين والأقليات الدينية والعِرقية، وبين المنحرف إلى التضليلي خاصة في المضامين التي عالجت الإحداثيات على الأرض وتحديد الفاعلين وأدوارهم. ففي هذه النقطة بالذات ركَّزت قناتا فرانس 24 والحرة على الدور الكردي والفصائل المحلية التابعة له ودور التحالف الدولي فيما أسمته بـ “الحرب على الإرهاب"، متجاهلة الفصائل الثورية المحلية كـ “الجيش السوري الحر" والفصائل "المعتدلة" التي تشارك في القتال على الأرض ضد التنظيمات الجهادية والنظام السوري في آن معًا.
كما جرى استغلال هذه الأزمة من قبل بعض هذه الفضائيات، روسيا اليوم والحرة على وجه التحديد، في تصفية الحسابات السياسية بين الدول القيِّمة عليهما عندما روَّجت لخطاب غير مسؤول وتضليلي في بعض الأحيان تجسَّد في تبادل الاتهامات وتقاذف مسؤولية هذه الدول بشأن استهداف المدنيين. وقد لعبت التغطيات الإخبارية لهذه الأزمة بشكل رئيسي على وتر الاصطفافات السياسية المصطنعة لدول تتنافس في لعب الأدوار في المنطقة في محاولة لإيهام الرأي العام العربي بأنها جادة في انخراطها في محاربة الإرهاب، مما يجعل من الأزمة السورية ومعاناة السوريين ومصير سوريا ضحية الرهانات بين القوى المحلية والإقليمية المتمثلة في كل من النظام السوري وحزب الله بشكل رئيسي من جهة والعالمية لاسيما الولايات المتحدة الأميركية وإيران وروسيا من جهة أخرى.
ففي ملف استخدام الأسلحة الكيمائية ضد المدنيين السوريين على سبيل المثال، نشرت قناة روسيا اليوم تقريرًا، بتاريخ 27 يونيو/حزيران 2017، عنونته بـ"كيميائي سوريا إلى الواجهة مجددًا" لتدحض فيه ما أسمته بـ"الاتهامات الأميركية" للنظام السوري: "يتكرَّر مشهد توجيه الاتهامات من دون دليل أو إثبات. موسكو ترفض الاتهامات الأميركية. موقف طالما عزَّز صدقيته سجل أميركي زاخر باتهامات واهية لم يتخط أغلبها تقارير منحازة تفتقر إلى أي أدلة. التحقيقات لم تتم والتقارير غير مكتملة. لم يسبق أن تضمَّن تقريرٌ ما يثبت ضلوع دمشق وهو ما يجعل الاتهامات الأميركية ناقصة تفرض أسئلة وتضع علامات استفهام فيما يخص الإصرار على العودة إلى استخدام هذا الملف".
وكما يبدو، استند هذا الخطاب على تعابير ومصطلحات من شأنها أن تثير الشك والغموض والتساؤلات لدى المشاهد وهو ما يبرِّر الاستخدام المتكرِّر لمصطلحي "دليل"، و"إثبات" والحقل السيميائي المنبثق منهما لاسيما في حالة النفي "تفتقر إلى أي أدلة"، "لم...ما يثبت"، بالإضافة إلى بعض التعابير بغاية التأكُّد من بلوغ التأثير: "اتهامات واهية"، "الاتهامات الأميركية ناقصة"، "تفرض أسئلة"، "تضع علامات استفهام".
من جهتها، ركَّزت قناة الحرة في تغطيتها للحرب على الرقة على الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية في سبيل تحرير المدينة والقضاء على تنظيم الدولة في ظل غياب النظام السوري وحلفائه من الساحة. في العاشر من يونيو/حزيران 2017، بثَّت القناة حلقة من برنامج "ثلاثون دقيقة" حول "تحرير الرقة، بداية النهاية" استضافت فيها الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، صالح مسلم. حملت الحلقة رسالة شديدة الوضوح بشأن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأميركية في حرب الرقة و"غياب قوات النظام السوري":
- المذيع: ماذا عن النظام السوري الذي تتردد الأنباء عن أنه أيضًا يهاجم المدينة من ذات المحاور أو من محاور مختلفة؟ هل هناك أي نوع من أنواع التنسيق بين قوسين مع قوات النظام السوري؟
- الضيف: لا، قوات النظام السوري بعيدة نوعًا ما...
- المذيع: يعني هل يمكن الجزم بأن القوات السورية لا تشارك حتى الآن مرحليًّا في تحرير الرقة؟
- الضيف: هي بعيدة تمامًا، على الأقل أقرب نقطة إلى مدينة الرقة هي 70 كلم.
- المذيع: سيد صالح مسلم، الإعلام السوري الرسمي يعطي الانطباع دائمًا بأن القوات السورية باتت قريبة وعلى مشارف الرقة وتشارك في عملية تحريرها. مرة أخرى أريد منك تأكيدًا بأن القوات السورية النظامية بعيدة تمًاما عن الرقة؟
المدنيون يتحوَّلون إلى أدوات تخدم السياسات
في قناة روسيا اليوم، ركَّز الخطاب الذي تبنَّته التغطيات الخاصة بالأزمة السورية على مسألة تحميل المسؤولية بالدرجة الأولى إلى التحالف الدولي ثم تنظيم الدولة بشأن الخسائر المادية والبشرية في صفوف المواطنين السوريين؛ وذلك سعيًا لطمس مسؤولية النظام السوري وحليفه الروسي على وجه التحديد في تكبُّد مثل هذه الخسائر. كما كشف تحليل هذا الخطاب عن عمليات استغلال للمواطنين وأحيانًا للأطفال في سبيل الترويج لخطاب مُسَيَّس وفي بعض الأحيان مُضَلِّل حول القضايا المطروحة. في 29 من يوليو/تموز 2017، نشرت القناة ذاتها تقريرًا حول أوضاع نازحي الرقة الفارين من بطش تنظيم الدولة وقصف التحالف الدولي: "آلاف الليرات دفعها هذا المزارع البسيط للخروج تهريبًا من قريته بريف الرقة الغربي بعد دخول قوات سوريا الديمقراطية إليها. خرج حاملًا في ذهنه العديد من صور الدمار جرَّاء ضربات طيران التحالف الدولي التي طالت في زحمة القصف المباني والسدود ناهيك عن حرق مئات الهكتارات الزراعية.... لم تسلم المباني الحكومية والمباني الرسمية والمدارس من الدمار جرَّاء تعرضها لغارات عديدة بحجة تحولها لقواعد قيادية لعناصر تنظيم داعش. (...) خسائر وإكراهات جرت تحت إطار ما سمَّوه محاربة الإرهاب منذ بدء التحالف عملياته الجوية في سوريا منذ حوالي ثلاثة أعوام".
ولمزيد من المشهدية والتأثير، أضاف التقرير شهادة طفل سوري في الصف الرابع لعبت بشكل كبير على إثارة العاطفة لدى المتلقي: "أنا كنت أدرس صف رابع؛ طيران التحالف ما خلانا نكمل فضرب المدرسة التي أدرس بها... ضربها وكان بها لاجئين من حلب (...) وضربوها ومات فيها كتير من الشهداء".
وحمل الخطاب الذي تبنته القناة في التقرير ذاته، كما في سواه من التقارير الأخرى، شحنة أيديولوجية مُفرِطة تجسَّدت في الرجوع إلى نظرية المؤامرة والخطابات الأيديولوجية المضلِّلة حول موضوع الصراع ضد إسرائيل في محاولة جديدة لتضليل المتلقي حول "شرعنة" ما يقوم به النظام السوري ومناصروه في سوريا: "إفشال مخطَّط الإرهابيين الذي يصب في مصلحة إسرائيل المعروفة في منطقة الجولان" (مقطع من مقابلة مع ضابط في الجيش السوري، 2 يونيو/حزيران 2017).
أما التغطية الإخبارية لقناتي الحرة وفرانس 24، فقد ركَّزت هي الأخرى –وبغالبيتها- على شهادات لنازحين، أو منشقين عن تنظيم الدولة، أو ناجين وبالأخص من الفتيات الأيزيديات ليتحدَّثن عن معاناتهنّ في كنف الأسْر والعبودية. حظيت هذه القضية بتغطية إعلامية مفرطة في الإعلام الدولي بشكل عام لما تحمله في طياتها من شحنة عاطفية وقدرة على استمالة مشاعر الجماهير ولربما بنفس الدرجة التي حصلت عليها تغطية انخراط المقاتلات الكرديات من قوات سورية الديمقراطية في الجبهة الحربية ضد تنظيم الدولة. في 16 يوليو/تموز 2017، نشرت قناة فرانس 24 تقريرًا بعنوان "الرقة: اقتحام عاصمة الرعب" يركز على صور وشهادات مقاتلات كرديات من قلب الميدان: "تاكوشين من عين العرب تعلَّمت إطلاق النار في كوباني (...) موعدنا مع كلارا قائدة بارزة في معركة الرقة. مزوَّدة بلوحة رقمية وأجهزة لاسلكية توزِّع المقاتلين على الجبهة وتضع الخطط الحربي. تقوم كلارا أيضًا بالتنسيق مع التحالف".
فما أكثرها العناوين التي حاكت تلك التي قدَّمتها الساغا والمسلسلات الأميركية والأجنبية التي تلقى رواجًا واسعًا بين صفوف المشاهدين العرب على وجه الخصوص: "كيف انضمت أم صقر إلى داعش؟ وماذا فعلت من أجلهم؟"، إرهابي بدرجة شاعر وفنان...من هو محمد المصري؟"، "صبي أيزيدي يعود لعائلته بعد 3 سنوات من اختطافه من قبل داعش" من عناوين التقارير التي بثتها قناة الحرة على سبيل المثال. لا نود، في هذا السياق، التشكيك في أهمية إيصال هذه الأصوات والتجاوزات في مجال حقوق الإنسان التي ارتكبها تنظيم الدولة إلا أن الإفراط في التعاطي مع هذه المواضيع الحساسة لاسيما على الشاشات الصغيرة وبطريقة استعراضية مشهدية تبعًا لرغبات متفاوتة في استلهامها لا يقع بالضرورة في خدمة هذه القضايا وإنما على العكس من ذلك عندما يحوِّلها من واقع إلى مشهد.
كما كشفت تغطية الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية للصراعات والحروب الإقليمية، لاسيما في سوريا والعراق، عن شكل آخر من أشكال استغلال المدنيين عندما روَّجت لخطاب ينفي مسؤوليتها عن وقوع ضحايا بين صفوف هؤلاء وألقت اللوم بشكل مباشر أو غير مباشر على الأطراف الأخرى المشاركة في الحرب. في نهاية مايو/أيار 2017، نشرت قناة فرانس 24 تقريرًا في برنامج "مراسلون" بعنوان "الموصل: فوضى المعارك" يروي إحداثيات المعارك على الأرض ويشدِّد على أهمية الدعم اللوجستي الفرنسي فيها: "فرنسا تساعد القوات العراقية بقوات عسكرية لا للقتال بل للدعم اللوجستي وقصف أهداف التنظيم المتشدد من أجل تقدُّم الجيش العراقي في هذه المدينة (...) ولولا تدخل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية لما استطاع الجيش العراقي وحده خوض المعركة". كما حمل التقرير رسالة أخرى تهدف إلى تبرئة التحالف من دم قِسْم من المدنيين الذين سقطوا خلال هذه المعركة تحت قصف طائراته: "99 في المئة من ضرباتنا تكون بطلب من القوات العراقية الموجودة على الأرض وتواجه العدو (مقابلة مع ضابط فرنسي). (...) كشف إحداثيات العدو هي مهمة عناصر الاستطلاع العراقي أما أفراد القوة الفرنسية فلا يقتربون من الجبهة (...) في كل استهداف للعدو يكون إلى جانبي أحد أفراد الجيش العراقي يعاين الهدف معي ويعتمده. الأمر في غاية الأهمية بالنسبة إلي؛ لأنني أعي بذلك أنه يتحمَّل جانبًا من المسؤولية ويشارك في القرار ولا يقوم التحالف فقط بالقصف المنفرد".
في ظل هذا السياق المتشابك يبدو وكأن الأزمات والصراعات الإقليمية وضحاياها من المدنيين ليست سوى كبش فداء في عملية تصفية الحسابات بين القوى العالمية الدولية، لاسيما الصراع المستمر بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا أو بينها وبين الدول الأوروبية، أو أدوات تحقِّق الانبهار والمشهدية في محاولة لإغراء وكبت الجماهير.
ثانيًا: الأزمة الخليجية مسرحًا لعرض القوى الإقليمية
حصلت التغطية الإعلامية للأزمة الخليجية على حيز كبير في النشرات والبرامج الإخبارية للفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية التي جهدت بشكل نسبي في متابعة أبعادها وتداعياتها على مختلف الأوضاع والميادين في المنطقة. ومن الواضح أن الأطراف على اختلاف توجهاتها السياسية والأيديولوجية وجدت في الأزمة فرصة جديدة لممارسة النقد المفتوح والحاد في بعض الأحيان للسياسات الإقليمية والخارجية للدول العربية والخليجية تحديدًا وحلفائهما، وأيضًا أداة فعَّالة للترويج لمواقفها وسياساتها ومشاريعها الخاصة في المنطقة، وهو ما خلص إليه تحليل الخطاب الإعلامي للفضائيات المدروسة في تعاطيها مع الأزمة الخليجية التي كشفت عن القصد التبليغي المضمر أو الرسالة الكامنة وراءه بما يتوافق مع مواقف وميول واتجاهات هذه الأطراف. علمًا بأن هذا التحليل أخذ بعين الاعتبار بعض المعطيات المرتبطة بطريقة عمل هذه الوسائل الإعلامية الذي يقوم بشكل رئيسي على المنافسة والمطابقة (14) والسباق إلى الحصرية.
أفرد برنامج "بانوراما" الذي يعرض على قناة روسيا اليوم حلقتين لتناول الأزمة الخليجية تبنَّتا خطابًا شديد اللهجة ومبالغًا في التعاطي مع مجريات الأحداث في محاولة للتهويل من القضية وتضخيمها بشكل لافت: "الأزمة الخطيرة"، "أخطر أزمة"، "عمق الأزمة"، "المواجهة أو الحرب"، "الفضائح"، "الرباعي الهجومي"، "المشروع الحربي"، "لعبة مكيافيلية ماكرة"، "الموقف الناشىء الخطير"، إلخ. بالإضافة إلى ذلك، جرى استخدام بعض المصطلحات والعبارات الخاصة لتبدو معها الأزمة كـ “مؤامرة" أو كـ “لعبة مكيافيلية" من صنع الأطراف في سبيل الوصول لغايات وأهداف مضمرة:" أحجية الخليج: من يحلُّها؟"، "قطر في المرمى: ماذا يجري في الكواليس؟".
كما ركَّز النقد الروسي أيضًا على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأميركية في هذه الأزمة وبالأخص على العلاقات والمصالح والتحالفات التي تربطها بمختلف أطراف الأزمة. إن مثل هذا الخطاب النقدي الحاد اللهجة من شأنه أن يساعد على بثِّ الشكوك وإثارة الريبة لدى المتلقي تجاه مختلف الأطراف المعنية كافة بما يخدم مصالح الأطراف المقابلة (روسيا وحلفائها في المنطقة تحديدًا) وفق مقولة: "نحن الأخيار" و"هم الماكرون"، خاصة في ظل سياق جماهيري عام معروف بنزعته المعادية لأميركا ما يعزِّز من القدرة الاستقبالية لمثل هذا النوع من الخطابات ويزيد من التوترات بين مختلف الفرقاء العرب.
وغير بعيد عن هذا المنطق، غطَّت كل من فرانس 24 والحرة الأزمة الخليجية مع التركيز على ما أسمتاه: "المساعي" و"الوساطة" و"الدعوات للحوار والتهدئة" لكل من فرنسا (15) والولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص في حلِّها. ويبدو من الواضح أن السياسة الأميركية دفعت إلى الواجهة هذا الدور الذي أثار جدلًا واسعًا في وسائل الإعلام العربية والدولية في محاولة للظهور بصورة الطرف "المحايد" في هذه الأزمة ودحض الاتهامات العديدة التي كشفت عن دورها في إشعال فتيل الأزمة عقب زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية: "وفي ظل تزاحم الوساطات، تبرز المبادرة التي يقودها وزير الخارجية الأميركية (...) كأفضل خيارات الوساطة المتاحة على المستوى الدولي نظرًا للعلاقات الوثيقة والمتوازية التي تربط الولايات المتحدة بطرفي الأزمة الخليجية (...)" (الحرة، تقرير 25 يوليو/تموز 2017، "الأزمة الدبلوماسية مع قطر لا تزال على حالها بالرغم من تعدد عروض الحل").
ففي كلتا الحالتين، يمكن أن نخلص إلى نتيجة مفادها أن الخطاب الإعلامي الذي تناول الأزمة الخليجية يُمثِّل خطابًا سوداويًّا عبر ترسانة المصطلحات التي استخدمها كما أشرنا آنفًا، واستند أيضًا إلى مجموعة من الوقائع المبنية والمصطنعة بهدف إخفاء واقعها من خلال مشهدية واستعراضية تبعث على القلق عبر التهويل واختلاق سيناريوهات لا تقل سوداوية عن المصطلحات المستخدمة حول الأزمة بهدف خدمة أجندات خارجية؛ ففي 29 من يوليو/تموز 2017، بثّت قناة الحرة حلقة حول الأزمة في برنامج "ثلاثون دقيقة" بعنوان "اجتماع المنامة: إجراءات قوية ضد قطر" ركَّزت بشكل كبير على سيناريو "خروج قطر من مجلس التعاون الخليجي أو تجميد عضويتها أو إخراجها"، وحاولت إبراز العلاقة بين هذه الأزمة وازدياد خطر الإرهاب في المنطقة والعالم.
ثالثًا: الشؤون المحلية لشرعنة الوصاية الخارجية
حراك الريف بالمغرب: بين التهويل والحَذَر
اهتمَّ التحليل في هذه المرحلة بالتغطية الإعلامية التي أنتجتها الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية في متابعة الشؤون الداخلية بالمنطقة ومن بينها الاحتجاجات التي عرفتها المملكة المغربية خلال العام 2017، وتسمى بـ"حراك الريف" إثر تعرُّض الشاب محسن فكري لعملية "طحن" داخل شاحنة لجمع النفايات بميناء الحسيمة (أقصى شمال المغرب)، في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2016، بعدما صادرت سلطات الميناء صناديق سمكه ورمت بها في هذه الشاحنة، بدعوى أنها محمَّلة بأسماك ممنوع اصطيادها ومن ثم تسويقها واستهلاكها.
حظيت هذه الاحتجاجات بمواكبة إعلامية مهمة على المستويات الإقليمية والدولية على وجه الخصوص مقابل تجاهل أو تحجيم الإعلام العمومي المغربي لهذا الحدث. أما بالنسبة للفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية فقد أفردت له مساحة تراوحت بين المتوسطة والجيدة بحسب القنوات وبخطابات حاكت بشكل كبير السياسات الخارجية للدول التي تقف وراءها والرهانات التي تعوِّل عليها.
خصصت قناة روسيا اليوم حلقتين من برنامج "بانوراما" للاحتجاجات، وذلك خلال أسبوعين (نهاية مايو/أيار وأوائل يونيو/حزيران 2017) في إطار الفترة التي شملتها العينة؛ فضلًا عن مجموعة من التقارير. وكان من اللافت الخطاب الذي تبنَّاه مقدم البرنامج، المذيع أرتيوم كابشوك، في معالجة هذه الاحتجاجات وكذلك مساحة الحرية والتعبير التي أتاحها لضيوفه من الرافضين أو المناصرين لها. فقد جاء خطاب المذيع لهاتين الحلقتين مفعمًا بلهجة حادة، لا يختلف عن الخطاب الذي تناول الأزمة الخليجية، خاصة المفردات والمصطلحات والتعبيرات التي استخدمها بشكل رئيسي في تقديمه للحلقتين: "يزداد الوضع خطورة، فتنة انفصالية، نزاعات مشبوهة، الغليان الاجتماعي، الوضعية المعقَّدة جدًّا، العصيان الشعبي الغاضب، المغرب يواجه أخطر اختبار شعبي اجتماعي". ويبدو أيضًا أن اختيار الضيوف من المناصرين لهذه الاحتجاجات لم يكن نتيجة الصدفة البحتة؛ ففي حلقة الثاني من يونيو/حزيران 2017 بعنوان "غضب الشارع المغربي...إلى أين؟"، جرى استضافة الصحفي ورئيس تحرير موقع "بديل" الإلكتروني، حميد المهداوي، المعروف بانتقاداته لدوائر القرار في المغرب لاسيما في قناته الخاصة على يوتيوب والتي كان يناقش فيها مختلف القضايا المحلية.
استهلَّ الحمداوي حديثه بمناشدة الملك محمد السادس بحمايته بسبب تعرُّضه للتهديد بالاغتيال في ظل تخاذل السلطات المعنية على حدِّ تعبيره ليختم الحلقة بنداء شديد اللهجة يندِّد فيه بالفساد السائد في المملكة وممارسة العنف تجاه المواطنين ودحض نظرية المؤامرة حول ضلوع الجزائر والفئات المتشيِّعة والخارجية في انطلاق شرارة الحراك وتأجيجه التي تبنتها الجهات المعارضة: "...أين 115 مليار درهم سُرقت من الضمان الاجتماعي؟ مال المغاربة. لماذا هناك 10 مليار درهم من مكتب الفوسفات سرقت؟ طفلة اسمها إيديا، 3 سنوات، توفيت أثناء نقلها لعدم توافر المستشفى...أين المستشفيات؟ أين المدارس؟ أين الذهب؟ أين ثروتنا؟ أين الحوت؟ أين الخيرات؟ المغاربة غير مطمئنين داخل القضاء. يا سيدي الكريم، عندنا المغاربة الآن يصعدون إلى أعمدة الكهرباء للمطالبة بحقوقهم. وعندنا مواطن طُحن داخل حاوية أزبال...عندنا قائد القوات يصفع المواطنين في الشوارع العامة. عندنا الشرطة تخفي وثائق جناية جريمة في آسفي...يا سيدي وصلنا إلى هذه الأوضاع...عليهم أن يناقشوها...نقاش التشييع هو للتضليل ولا أساس له من الصحة".
بعد أقل من شهر على بثِّ الحلقة، اعتقلت السلطات المغربية حميد المهداوي من الشارع العام في مدينة الحسيمة قبل ساعات قليلة من مسيرة كانت مقرَّرة لحراك الريف بتهمة تحريض أشخاص على ارتكاب جنحة بواسطة الخطب والصياح في مكان عمومي. حول هذه الحادثة بالذات، بثَّت قناة الحرة تقريرًا في 26 يوليو/تموز 2017، من ضمن مجموعة من التقارير حول "حراك الريف"، بعنوان "غضب في المغرب بعد الحكم على الصحافي حميد المهداوي بتهمة الدعوة إلى التظاهر". أبرز التقرير أصوات مجموعة من الحقوقيين والناشطين المغاربة ندَّدت بالحكم الصادر على الصحفي. وكانت القناة ذاتها قد بثت، في 12 يوليو/تموز 2017، تقريرًا آخر عن عملية اعتقال سليمة الزياني عنونته: بـ “فنانة حراك الريف في المغرب تمثل أمام القضاء...والناشطون يتضامون معها ومع المعتقلين" ركَّزت فيه على شخصية الناشطة ودورها في الحراك. كما نوَّه التقرير بأعداد المعتقلين في هذه الأحداث (190 معتقلًا) وبالمبادرة "النسائية ضد الاعتقال السياسي التي أطلقتها فعاليات حقوقية نسوية لدعم مطالب حراك الريف الاجتماعية والاقتصادية والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين".
من الواضح أن التغطية التي حظي بها الحراك الاجتماعي في الريف المغربي على قناتي "روسيا اليوم" و"الحرة" أسهمت بشكل ما في تسليط الضوء على هذه الظاهرة وإبراز أصوات الناشطين والشباب الحاملين لإرادة التغيير في المنطقة العربية والتي على ما يبدو أنها تشكِّل الفئات الأولى المستهدفة من قبل هذه الفضائيات. بيد أن هذه التغطية تندرج ضمن إطار سياسة عامة انتهجتها هذه الفضائيات لتظهر فيها مدافعة عن الحريات العامة والديمقراطيات في المنطقة بما يخدم مصالح الدول التي تملكها كدول مهيمنة ومرجعية أساسية في الشؤون الداخلية والخارجية. وهو ما يبدو بشكل واضح في التعاطي مع هذا الحدث من قِبَل قناة فرانس 24 الفرنسية التي اتسمت بنوع من الحذر أو الهدوء النسبي الذي يمكن تفسيره في ضوء الخضَّة التي عاشتها القناة العربية (16) في شهر يونيو/حزيران 2017 على إثر توقيف السلطات المغربية لتصوير برنامج "حديث العواصم" في حلقة حول احتجاجات الريف بحجة عدم توفُّر التراخيص الضرورية للبث. تلقَّت إدارة القناة -بشيء من الهدوء والحذر- الخبر الذي تناولته الصحافة الفرنسية بشكل سطحي دون الوقوف عند أبعاد مثل هذه القرارات التي تمس بحرية ممارسة الصحافة علمًا بأنها ليست المرة الأولى التي تمنع فيها السلطات المغربية تصوير حلقات من البرنامج أو التضييق على صحفيين فرنسيين على أراضيها. وهو ما يمكن فهمه في إطار العلاقات الوثيقة التي تربط فرنسا بالمؤسسة الملكية المغربية والمصالح المختلفة بين البلدين في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية وتداعياتها على السياسة التحريرية للقناة الفرنسية الناطقة باللغة العربية على وجه الخصوص (17).
بالرغم من استمرار تصاعد الحراك ومواكبته الإعلامية لاسيما على وسائل التواصل الاجتماعي (18)، جاءت المساحة التي أفردتها قناة فرانس 24 العربية لهذه القضية في الفترة التي تلت الحادثة (والتي شملتها دراستنا هذه أي حتى نهاية شهر يوليو/تموز 2017) متواضعة. علاوة على ذلك، بدا الخط التحريري أكثر حذرًا في التعاطي مع الخطاب المعارض وهو ما أمكن ملاحظته بشكل مباشر في تحليل مضامين حلقتين من برنامج "وجهًا لوجه" الذي يختص بتناول المواضيع السياسية في الدول المغاربية بُثَّت على التوالي في 30 يونيو/حزيران 2017 (بعنوان: "المغرب: احتجاجات الحسيمة إلى أين؟")، و21 يوليو/تموز (بعنوان: "المغرب: السلطات تمنع تظاهرة مقرَّرة في الحسيمة"). يلاحَظ في الحلقة الأخيرة، على سبيل المثال، تكرار مقاطعة الضيف الحقوقي ورئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بباريس في كل مرة انتقد فيها ممارسات السلطات الحكومية التي شكَّلت شرارة الاحتجاجات، أي الفساد والتعاطي العنيف مع المتظاهرين (فيما يخص تحديدًا حادثة البائع محسن فكري التي سبق وأشرنا إليها سابقًا والاعتقالات السياسية) من قبل مُقَدِّم البرنامج وبشكل لافت.
حلف الفئات التابعة أو "الثائرة" وشرعنة الوصاية أو التدخل
تعيد نتائج معالجة الشؤون العربية الداخلية في الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية إلى الواجهة مسألة العلاقة الجدلية بين السلطات الحكومية والفاعلين الإعلاميين الإقليميين والدوليين، لاسيما من خلال بعض السياسات الإعلامية التي تخص فئات اجتماعية محددة، في محاولة منها لزيادة فرص التأثير في الجماهير. وتبرز من بين هذه الفئات الاجتماعية التي يمكن وصفها بالتابعة فئات الشباب، كما سبق وأشرنا سابقًا، وفئات النساء والأطفال. فالغرب لا يزال ينظر إلى النساء العربيات والمسلمات على وجه التحديد باعتبارهن مغيَّبات أو خاضعات أو مهمَّشات وغالبًا ما يعتمد على الخطاب الشامل في تناول قضاياهن. وبناء على ذلك، نجد خطاب الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية والخطاب الإعلامي الغربي عمومًا مُقَوْلَبًا وفق هذه النظرة المجتزِئة للواقع المعاصر ولتطوُّر أوضاع النساء في المجتمعات العربية ذات الأغلبية المسلمة. فالتركيز المفرط على مسارات فردية لنساء في سياق معيَّن أو مجتمع معيَّن وإظهارها على أنها حالات غير اعتيادية ينصبُّ بشكل مباشر في خدمة منطق محدد هو الظهور بمظهر "الحليف" للنساء بهدف شرعنة التدخل أو التنظير في الشؤون الداخلية للمنطقة.
في التاسع من شهر يوليو/تموز 2017، بثت قناة فرانس 24 العربية تقريرًا في برنامج "مراسلون" حول "المرأة السعودية في مشوارها الطويل". ركَّز التقرير على مسارات اجتماعية فردية لسيدات سعوديات خضن مجالات متنوعة بين السياسة والرياضة والسياحة وعالم الأعمال كدليل ملموس على "البطء الشديد" لحركة التغيير في المملكة. صوَّر التقرير هذه الحالات الفردية على أنها خارجة عن المعتاد وتغرد خارج السرب متجاهلًا التطورات التي عرفتها أوضاع النساء السعوديات في السنوات الأخيرة. جاء الخطاب المستخدَم ليؤكَّد على الرؤية المقولبة والنمطية التي انطلق منها التقرير ليقدِّم أوضاع النساء السعوديات والمسلمات بشكل عام: "المرأة محرومة من أبسط حقوقها حيث لا يُسمَح لها بالسباحة أو قيادة السيارة أو حتى بالسفر من دون إذن ولي أمرها"، "أول سعودية تحترف رياضة الملاكمة"، "أول مناضلة سعودية تعمل مرشدة سياحية"، "تعدُّ هذه السيدة ثائرة في مجتمعها الذكوري؛ فهي امرأة مطلَّقة حصلت على حضانة ابنتها". لا شك في أن المملكة العربية السعودية لا تزال بعيدة عن تصدُّر المراكز الأولى على صعيد المساواة بين النساء والرجال (وهو ما يؤكد عليه التقرير عند ذكره للمرتبة التي حصلت عليها المملكة في إحصائيات منتدى الاقتصاد العالمي) إلا أن الإطار الذي تُقدَّم فيه هذه الوقائع الاجتماعية لا يأخذ بعين الاعتبار السياق العام لتطوُّر أوضاع النساء في المملكة.
في المقابل، استندت الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية في تغطيتها للشؤون الداخلية العربية بشكل عام على صورة المثقف أو الناشط الثائر الذي يسير عكس التيار، إذا صح القول، عندما أفردت مساحة واسعة لهؤلاء في البرامج الحوارية والتقارير للتعبير عن آرائهم. إن عملية تحليل محتوى هذه البرامج، مثل "محاور" في قناة فرانس 24 على وجه التحديد، كشفت عن الاتجاهات التي وقفت وراء استضافة بعض الشخصيات الأكثر جدلًا في العالم العربي، أمثال: محمد شحرور (19) وناجية الوريمي بعجيلة (20)، أو حتى اختيار القضايا وطريقة معالجتها. وقد غلبت على حلقات البرنامج في الفترة التي شملتها الدراسة قضايا راهنة ارتبطت بجدلية الإسلام وعلاقته بالعنف والإرهاب ما يتوافق بشكل تام مع الأجندة السياسية للحكومة الفرنسية في تلك الفترة بعد ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإرهابية في البلاد. إن مثل هذه القضايا في القناة العربية خلال هذا الوقت بالذات يؤكِّد وجود استراتيجية جديدة للمشاركة في الدفع نحو الإصلاح الديني عبر إثارة النقاش العام حول هذا الموضوع. وبغضِّ النظر عن إيجابية أو سلبية الدعوة إلى إصلاح الخطاب الإسلامي في محاولة لإيقاف العنف أو التخفيف من حدته إلا أن مثل هذا الموقف يمكن فهمه باعتباره محاولة ضغط خارجي لدفع عجلة الإصلاحات الدينية في المجتمعات العربية ذات الأغلبية المسلمة. ويبقى اللافت في هذا الأمر كونه صادرًا في كنف سياسات علمانية يفترض أنها تقوم على الفصل بين الدين والسلطة.
خلاصة
لعبت الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية منذ بداية انطلاقتها في الألفية الثانية دورًا مهمًّا في إعادة تشكيل الفضاء الإعلامي العربي لاسيما على صعيد تعقيد ديناميكيات التفاعل والتواصل الداخلي بين مختلف الفاعلين (21). وبالرغم من التحولات التي عرفها المشهد الإعلامي والاتصالي العالمي في السنوات الأخيرة، لاسيما على مستوى إشراك الجماهير في صناعة الرسائل الإعلامية ونشرها، لا تزال وسائل الإعلام المرئية المسموعة، الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية في حالتنا هذه، من أهم الأدوات الضرورية للتأثير في الرأي العام وهو ما كان قد تنبأ به هارولد لاسويل (Lasswell Harold) في سبعينات القرن المنصرم خلال دراسته لتقنيات الدعاية السياسية خلال الحرب العالمية الثانية (1952). ولذلك تبنَّت هذه الفضائيات، في تناولها للشؤون العربية، استراتيجية المشهدية والاستعراضية في محاولة لطمس تبعيتها السياسية والأيديولوجية ولكن أيضًا لشرعنة التدخل والوصاية التي تحكم سياساتها الإعلامية وأخيرًا لرفع محدودية التأثير (22) التي تتسم بها في صفوف الجماهير العربية. من هنا، يبدو من المفيد التعمق في موضوع استقبال هذه الجماهير للمضامين الإخبارية لهذه الفضائيات بالذات وهو ما لم تسمح به هذه الدراسة.
_______________________________________
د. حسناء حسين، باحثة في مجال علم اجتماع الإعلام والاتصال
1- قناة فضائية تُبَثُّ من ولاية فيرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية ويمولها الكونغرس الأميركي. كانت انطلقت بالتوازي مع مشروع آخر هو راديو سوا الذي يُبث باللغة العربية أيضًا ويهتم بقضايا الشرق الأوسط مع تركيز ملحوظ على الشؤون العراقية.
2- أطلقت القناة وكالة الأنباء الروسية (RIANovosti) من قلب مقرها في العاصمة الروسية، وتبث بلغات متعددة إضافة إلى العربية كالإنجليزية والإسبانية.
3- تتبع القناة شركة (France Médias Monde) التي تعنى بالقطاع المرئي المسموع خارج فرنسا. تبث القناة بلغات متعددة إضافة إلى العربية كالإنجليزية والفرنسية.
4- جرى تفضيل مفهوم "الانحراف الإعلامي" بدل "التضليل الإعلامي" لمواءمته مع المقاربة المعتمدة في الكشف عن رهانات الفضائيات الأجنبية على إغراء وكبت الجماهير والتأثير في الشأن العام واعتمادها على المشهدية لتحقيق هذه الغايات على حساب جودة المضامين وأخلاقيات المهنة في بعض الأحيان. ولمزيد من التعمق في هذا المفهوم ننصح بمراجعة أعمال الباحث في مجال الاتصال والإعلام، باتريك شارودو.
5- Rémy Rieffel, Que sont les médias? Pratiques, identités, influences, (Gallimard, Paris, 2005), p. 123.
6- يقدِّم البرنامج الحواري "محاور" تحليلًا للواقع العربي والإسلامي من وجهة نظر ضيوفه من الباحثين والمفكرين بينما يركِّز برنامج "وجهًا لوجه" على الشؤون المغاربية بشكل خاص. أما "مراسلون" فهو برنامج أسبوعي يهتم برصد مواضيع راهنة على الساحة الدولية عبر شبكة مراسلين في مختلف أنحاء العالم.
7- برنامج حواري يقدمه الصحفي أرتيوم كابشوك، ويتناول جوانب مختلفة من الحياة السياسية والاجتماعية في المنطقة العربية والعالم.
8- من أبرز المنظِّرين لتحليل الخطاب نورمان فيركلوف وبول جيمس غي.
Fairclough, Norman, Analyzing Discourse: textual analysis for social research, (Routledge, London, 2005).
Gee James, Paul, An introduction to discourse analysis: theory and method, (Routledge, London, 2005).
9- بودريار، جون، المصطنع والاصطناع، ترجمة جوزيف عبد الله، (منشورات المنظمة العربية للترجمة، 2008).
10- Debort, Guy, La société du spectacle, (Buchet-Chastel, Paris, 1967).
11- طعيمة، رشدي، تحليل المحتوى في العلوم الإنسانية، (دار الفكر العربي، مصر، 2004).
12- نذكر من بين التقارير والملفات التي تناولت هذه الحروب ما يلي: "الموصل: فوضى المعارك" في فرانس 24، و"الموصل...مرحلة ما بعد داعش"، و"عدسة آر تي ترصد أوضاع نازحي الرقة"، و"الجيش السوري يحاصر بلدة السخنة"، و"أسيل كوجو...أيزيدية نجت من قبضة داعش"، و"حزب الله يسيطر على وادي الخيل بعرسال"، و"سوريا الديمقراطية تصد هجومًا لداعش بالرقة" على قناة روسيا اليوم، و"مصير فئات الفتيات الإيزيديات ما زال مجهولًا بعد اندحار داعش من الموصل"، و"القوات العراقية مستمرة في تطهير المدينة القديمة للموصل من بقايا داعش"، و"مقاتلات التحالف الدولي تشن عشرات الغارات على مواقع عسكرية ونفطية تابعة لتنظيم داعش في الرقة"، و"تحالف محاربة داعش يشدد على ضرورة حماية الانتصار في الموصل" في قناة الحرة.
13- Rémy Rieffel, Que sont les médias? Pratiques, identités, influences, (Gallimard, Paris, 2005), p. 122.
14- أو ما يسمى بالفرنسية (Le conformisme médiatique ) ليفسِّر المنطق الذي يسيِّر عمل المؤسسات الإعلامية على اختلافها من أجل ضمان المتابعة. ومن أبرز المنظِّرين لهذه الأطروحة نشير إلى الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي، إدغار موران، في أعماله حول السينما ودور الميديا في تكون المرجعيات الخيالية (Références imaginaires) لدى الجماهير وفيها يبيِّن كيف أن المصانع الثقافية تنحو نحو المطابقة فيما تقدِّمه إلى الجماهير في محاولة لكسب انتباه هؤلاء؛ لأن التركيز على الابتكار وحده قد لا يكفي للوصول إلى هذا الهدف، انظر في هذا الصدد:
Edgar Morin, L’esprit du temps, (Grasset, Paris, 1962).
15- "باريس تسعى إلى المساهمة في جهود الوساطة التي تقودها الكويت لحلِّ الأزمة الخليجية" (15 يوليو/تموز 2017، فرانس 24).
16- في المقابل، لم تتلق القناتان الناطقتان باللغتين الفرنسية والإنجليزية التابعة لمجموعة فرانس ميديا موند أية انتقادات من قبل السلطات المغربية حول تغطيتهما لاحتجاجات الريف ما يستدعي تحليلًا معمَّقًا حول العلاقة بين لغة البث ومدى التأثير في الجماهير في السياق المغربي من الصعب الخوض فيه في دراستنا هذه.
17- Agnès Levallois, "France 24 en arabe", in Mohammed EL Oifi & Nozha Smati (coord.), Médias au Maghreb et en milieu migratoire. Etat des lieux, production/réception et enjeux politiques, économiques et culturels, Horizons Maghrébins, N° 62, 2010.
18- واكب نشطاء ومغردو مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر حراك الريف لحظة بلحظة ودشنوا مجموعة هاشتاغات عكست آراءهم ومواقفهم المختلفة تجاهه كان من أبرزها وأكثرها انتشارًا هاشتاغ # الحسيمة، و # كلنا ناصر_الزفزافي، وهاشتاغ # كلنا_حراك_الريف، وهاشتاغ # كلنا_المعتقلين.
19- مفكر وباحث سوري ينتمي إلى تيار "المفكرين الجدد" أو "المصلحين الجدد" لطالما أثارت مؤلفاته وآراؤه حول الإسلام والقرآن جدلًا واسعًا، ومن أبرز مؤلفاته: "الكتاب والقرآن: قراءة معاصرة" 1990، و"نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي: فقه المرأة (الوصية-الإرث-القوامة-التعددية-اللباس)" 2000.
20- أستاذة في الحضارة الإسلامية في جامعة تونس المنار وباحثة تهتم بقراءات التراث وإشكاليات التحديث. صدر لها "في الائتلاف والاختلاف: ثنائية السائد والمهمش في الفكر العربي الإسلامي" 2010، و"حفريات في الخطاب الخلدوني: الأصول السلفية ووهم الحداثة العربية" 2008، و"الإسلام الخارجي" 2006.
21- Zayani, Mohamed, "Les chaînes d’information dans le monde arabe : flux et contre_flux", in Yves Gonzalez-Quijano & Tourya Guaaybess, Les arabes parlent aux arabes. La révolution de l’information dans le monde arabe, Actes Sud, 2009.
22- El Oifi, Mohamed, "Al-Hurra et les limites de la diplomatie médiatique", in Yves Gonzalez-Quijano & Tourya Guaaybess, Les arabes parlent aux arabes. La révolution de l’information dans le monde arabe, Actes Sud, 2009.