أفغانستان.. عودة طالبان واحتمالات المستقبل

إن أي محاولة لفهم قضية شائكة بحجم الأزمة الأفغانية، تتطلب وقوفا طويلا أمام مكونات الصراع وخلفيته والعناصر المؤثرة في استمراريته.








مطيع الله تائب


إن أي محاولة لفهم قضية شائكة بحجم الأزمة الأفغانية، تتطلب وقوفا طويلا أمام مكونات الصراع وخلفيته والعناصر المؤثرة في استمراريته وتحديد دور كل عنصر من العناصر الفاعلة.

 

وإذ تتزاحم الأسئلة حول عودة طالبان إلى المعترك الأفغاني، وأسباب هذه العودة وحجمها وتأثيرها على مستقبل أفغانستان والمنطقة، نجد أنفسنا أمام سيناريوهات متعددة وتوقعات شتى، ترسمها حقائق الواقع وحسابات كل طرف.

 

وما يزيد من تعقيد اللوحة الأفغانية كثرة الخطوط المتداخلة، بعد أن تحولت إلى ساحة رئيسية لما يسمى بالحرب على الإرهاب، وأصبحت أول حقل تجارب لعمل حلف الناتو خارج أوروبا، كما تحولت إلى ساحة للصراع على النفوذ والسيطرة على منابع الطاقة في المنطقة بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا. هذا إلى جانب استمرار أهمية أفغانستان في الملفات الإقليمية الدولية الساخنة، مثل الملف الإيراني والصراع الهندي الباكستاني وملف المخدرات.


وتشكل حركة طالبان رقما صعبا في هذه اللوحة المعقدة، بعد أن كانت كابل وواشنطن وعواصم دولية أخرى تتحدث عن ذهابها بلا عودة في أعقاب انهيار نظامها بفعل القصف الأميركي العنيف وتقدم قوى المعارضة نحو العاصمة كابل، بعد شهرين فقط من هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

 

وضمن هذا السياق تطرح أسئلة كثيرة نفسها لفهم هذه العودة وحجمها وأسبابها وآثارها على أفغانستان وعموم المنطقة. ولمحاولة تفسير ما يجري في الواقع الأفغاني تسعى هذه الدراسة المختصرة التي تنشر ضمن سلسلة أوراق الجزيرة الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات إلى استكشاف القوى والحقائق التي قد تساعد على فهم خلفية الصراع في أفغانستان.


كما تستهدف هذه الدراسة إلقاء بعض الضوء على تكوين طالبان كحركة، وعلى تاريخها وحاضرها، مع التركيز على أسباب عودتها الحالية إلى الساحة الأفغانية، وحضورها القوي والملموس في الجنوب والشرق الأفغاني.

 

وتحاول هذه الدراسة في محورها الأخير استشراف المستقبل، عبر التطرق إلى السيناريوهات المحتملة للأزمة الأفغانية، في ضوء ما يجري من متغيرات على الصعيد الأفغاني نفسه، وعلى صعيد المنطقة والعالم بشكل عام.

 

لقد ركزت الدراسة على حركة طالبان كعنصر رئيس في منظومة المعارضة المسلحة التي تقود العمليات العسكرية ضد حلف الناتو والجيش الأفغاني، ولم يتم التطرق بالتفصيل إلى بقية الأطراف.

 

ولاشك أن هذه مجرد محاولة أولية لفهم الأزمة الأفغانية وتعقيداتها الراهنة، وأن الإلمام الشامل بهذه الأزمة ومكوناتها يتطلب المزيد من الدراسات المستفيضة.

 


لقراة النص بصيغة PDF اضغط هنا