واقع الصحافة الألمانية: "دير شبيغل نموذجا"

هذه قراءة لعدد من مجلة "دير شبيغل" خصص للقرآن الكريم ونوه بأن بقاء المسلمين في ألمانيا مرهون بقدرتهم على التخلص من عوالق الانتماء الحضاري.









إعداد: د. خالد حاجي


غلاف غير بريء
مفردات اليمين المتطرف
إقحام القرآن في السجال
تسرع في إصدار الأحكام
إما معي أو ضدي
النتائج المستخلصة








خالد حاجي
خصصت مجلة "دير شبيغل" (Der Spiegel) محور عددها 52 للقرآن الكريم، وكان عنوان الغلاف كالتالي: (Der Koran: Das mächtigste Buch der Welt) أي "القرآن: أقوى كتاب في العالم".

ويعتبر هذا العدد مؤشرا مهما على التحولات الحاصلة في مجال الإعلام بخصوص "سؤال الإسلام" وقضايا المسلمين في الفضاء الأوربي. كما يحيل على تحول ملموس في الإستراتيجية الثقافية، الألمانية خصوصا والأوروبية عموما.


غلاف غير بريء





"
لعل الخلفية السوداء المحيطة بجميع صور أغلفة المجلة الألمانية المتعلقة بالإسلام هي جزء من إستراتيجية "شيطنة" المسلمين وتكريس صورة الإسلام المظلمة

"
تظهر صورة الغلاف امرأة محجبة مطأطأة الرأس وهي تحمل قرآنا بين يديها. اختفت كل ملامح وجه المرأة وكأن المقصود من الصورة هو اختزال المرأة في الحجاب الذي يغطي رأسها، علامة على الخنوع والخضوع، ثم القرآن الذي بين يديها، علامة على القوة الخاضعة لها.

تصرح صورة الغلاف بأن مناط حديث العدد سؤالين: سؤال المرأة من ناحية، وسؤال القرآن من ناحية أخرى. فأما المرأة فهي موضوع تحرير، وأما القرآن فهو موضوع إعادة قراءة وتفسير.


وقد اجتهد مصممو الغلاف في أن يكون مظهره مُعبرا عن مخبره، فكتبوا اسم القرآن بأحرف صفراء متوهجة وكأنها نار مستعرة، ووضعوا الصورة على خلفية سوداء.


والجدير بالذكر أن أعداد "دير شبيغل" المخصصة للإسلام كلها تتضمن صورا على خلفية سوداء. ولنا أن نتساءل هل هذا من قبيل الصدفة أم أنه أمر مقصود. والراجح عندنا أن الأمر ليس سهوا من المصممين، أو صدفة من الصدف؛ ومن المستبعد أن يفوت الساهرين على شكل أهم المجلات في ألمانيا التنبه إلى هذا الأمر.


ولعل الخلفية السوداء المحيطة بجميع صور الأغلفة المتعلقة بالإسلام هي جزء من إستراتيجية "شيطنة" المسلمين وتكريس صورة الإسلام المظلمة وما يعد به هذا الدين من مستقبل قاتم، كما تجلي ذلك بوضوح محتويات الأعداد.


من يتجاوز الوقوف عند صور غلاف العدد 52 يطلع على محتوى المحور، يدرك أن الأمر ليس أقل من أن يكون حملة تشهير موجهة. ويشي مضمون حديث الأسبوعية عن الإسلام والمسلمين بوجود تحول في النبرة يختفي معه طيب الكلام وطلاقة الوجه اللذان هما علامتان من علامات إكرام الضيف.


مفردات اليمين المتطرف





"
لسان حال الأحزاب اليمينية المتطرفة يقول: "بنسفنا للمنارة، سننسف مقومات الوجود الرمزي للإسلام في أوروبا"

"
لقد جاء هذا العدد، مثله مثل الأعداد السابقة الأخرى، ليصدع بحقيقة مفادها أن صدر ألمانيا لم يعد يتسع لجميع الضيوف العرب والمسلمين، وبأن بقاء هؤلاء تحت سمائها مرهون بقدرتهم على التخلص من عوالق الانتماء لحضارة الإسلام والامتداد في تاريخه.

ورغم محاولة أصحاب المجلة الظهور بمظهر الحيادية العلمية والموضوعية الفكرية، فإن لغتهم لا تختلف عن لغة اليمين المتطرف الذي لم يعد يتحرج في رفع شعارات تتجاوز حدود اللباقة السياسية، من قبيل: (Minaret Verbot)، أي "حظر منارات المساجد"، أو (Islamisten Raus)، أي "أخرجوا الإسلاميين"؛ أو (Wie räumen auf)، أي "إننا نقوم بحملة تطهير/تنظيف". لقد صارت الخطابات تتشابه على الناظر، حتى لم يعد يميز بين ما هو معتدل وما هو متطرف، وفي هذا الأمر مدعاة للقلق.


يبدو للوهلة الأولى أن شعار اليمين المتطرف الداعي إلى "حظر المنارات" شعار فج، يختزل مشاكل الوجود الإسلامي في الغرب في بناء المنارات من عدم بنائها؛ بيد أن هذا الشعار، على ظاهر سذاجته ومجانبة أصحابه للصواب، وخروجهم عن حدود اللياقة وأخلاق الضيافة، يصرح بحقيقة حرب الرموز الجديدة المعلنة على الإسلام والمسلمين.


فالمنارة ليست قضية تشغل الرأي العام الألماني حتى تستحق أن تستحوذ على برنامج حزب بأكمله، فيجعل منها شعار حملته؛ بل المنارة رمز قوي تختزل فيه رموز الإسلام الأخرى.


وكأننا بلسان حال هذه الأحزاب المتطرفة يقول: "بنسفنا للمنارة، سننسف مقومات الوجود الرمزي للإسلام في أوروبا". والحال أنه في حين يجاهر هذا الحزب وأمثاله بالعداء للوجود الرمزي للإسلام في أوروبا، يتوارى كُتّاب "دير شبيغل" وراء لغة الرمز ويتحصّنون وراء حجاب الموضوعية وستار المعرفة العالمة لقول الشيء نفسه.


وبالفعل، نستفيد من قراءة مقالات المحور أن الأمر متعلق بالفعل بالقرآن وبالمرأة: فأما القرآن فهو موضوع إعادة قراءة وتفسير كما سبق أن أشرنا، وأما المرأة فهي مناط تحرير وعتق.


إقحام القرآن في السجال





"
مضمون الصور التي نشرتها مجلة دير شبيغل هو أن المستبدين في العالم العربي والإسلامي يستحوذون على القرآن ويحرمون المتنورين من تجديد قراءته وتفسيره

"
تخوض مقالات العدد في أمور عدة، منها ما قد يكون مقبولا، يمكن أن ينبه المسلمين إلى طبيعة جزء من بعض مشاكلهم في زمن الحداثة، كما يمكن أن يستحثهم على ضرورة إعادة التفكير في القاعدة التي يصدرون منها لقراءة كتابهم وفهم العالم المحيط بهم؛ ومنها ما هو مرفوض مذموم، يدخل في عداد التحليل المغرض الذي يروم تحريض الوعي الأوروبي ضد الإسلام والمسلمين.

في معرض الإشارة إلى "رموز الإصلاح المضطهدين" في الفضاء الإسلامي، تستحضر المقالات أسماء ووجوها عديدة، سواء من الماضي أو الحاضر، مثل نصر حامد أبو زيد، والمعتزلة، وسلمان رشدي، وناهد سليم؛ كما تضمن العدد إشادة عابرة ببعض "المتنورين الذين يحاربون الفكر الديني هنا وهناك".


وفي المقابل، تجلي إحدى صفحات المحور صور أعداء الغرب الثلاثة: الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وزعيم القاعدة أسامة بن لادن، والرئيس الراحل صدام حسين.


فأما الأول فيحمل مصحفا بين يديه ويقبله؛ وأما الثاني فيشير إلى السماء بإصبعه وكأنه يتوعد أحدا، ووراءه قد كتب "لا إله إلا الله" بخطوط عريضة؛ وأما ثالثهما فيقف في قفص الاتهام وهو يعلي مصحفا.


وترسخ هذه الصور رسالة لا تخطئها عين الناظر، مضمونها أن المستبدين في العالم العربي والإسلامي يستحوذون على القرآن، وبالتالي يحرمون غيرهم من المتنورين من تجديد قراءته وتفسيره. وهكذا يجد القارئ أمامه فريقين: فريقا يمثل الاستبداد وسلاحه القرآن والجمود على نصوصه القديمة، وفريقا آخر يتطلع إلى التحرر والإصلاح وسلاحه إعادة القراءة والتفسير وفق مقتضيات العصر والحداثة.


تسرع في إصدار الأحكام





"
كان حريا بأسبوعية "دير شبيغل" المحترمة أن تنأى بنفسها عن ترهات مثل "نزع القرآن من أيدي الرجال"

"
تزكي قصة ناهد سليم، كما تمت الإحالة إليها في إحدى مقالات العدد، هذا الشرخ المتحدث عنه، بين حماة القراءة القديمة المتمسكين بالنص وبالسلطة في المجتمع العربي، وبين دعاة التجديد المحتمين بالغرب والمستجيرين بظلال حرياته.

فناهد سليم هذه، التي تجلس ووراءها تمثال لبوذا، تقدَّم للقارئ الألماني في صفة امرأة مصلِحة بطلة، وصاحبة دعوة صريحة وشجاعة وجريئة "لنزع القرآن من أيدي الرجال" (Nehmt den Männern den Koran). ويرجع وعيها بضرورة هذا الإصلاح إلى حادث كانت ضحيته وهي في سن المراهقة.


فناهد المسكينة هذه، كانت تركب القطار مع عمها وهي ترتدي لباسا قصيرا، كما كان مألوفا آنذاك بين فتيات المدن الكبرى المراهقات، فجعل الناس يتطلعون إلى ساقيها، مما حدا بعمها إلى نهرها ومطالبتها بستر ساقيها مراعاة للعادات والتقاليد، وخصوصا "امتثالا لما يأمر به الدين". كان هذا الحادث كافيا ليجعل من هذه الفتاة امرأة "مصلِحة"، تأخذ على عاتقها مهمة "نزع القرآن من بين أيدي الرجال".


والواقع أن حال ناهد سليم يدعو إلى الاستغراب؛ وليس ثمة من رابط عقلي يصل حادثة القطار التي "كانت ضحيتها"، بدعوتها إلى "تحرير القرآن من أيدي الرجال". وكان حريا بأسبوعية "دير شبيغل" المحترمة أن تنأى بنفسها عن مثل هذه الترهات التي تفصح عن خلل في المنطق. إنه لمن دواعي الغرابة حقا أن يبني الإنسان إشكالية "نزع القرآن من أيدي الرجال" على حادث مثل الحادث الذي كانت ناهد سليم "بطلته" أو "ضحيته"، أو قل ما شئت.


تجلي هذه القصة وجها من وجوه التهافت التي تعتري الخطاب المحرض على القراءة الجديدة للقرآن. وقد يكون في دعوى هذه المرأة ما يستحق الوقوف والتأمل وإعادة النظر، لكن القصة كما ترد في أسبوعية "دير شبيغل" لا تحيل على شيء من هذا كله.


إن هذه القصة تؤشر على مدى التسرع في إصدار الأحكام، وانخراط الأسبوعية المحترمة في مسلسل تشهير، وكذا على مدى استخفاف الأسبوعية بقرائها. وكان يسع الساهرين على المحور أن يجدوا قصصا أخرى أكثر تعبيرا ومناسبة للغرض الذي يرمون إليه!.


عند التحقيق، نجد أن التقابل بين صور الدكتاتوريين و"الإرهابيين" في العالم الإسلامي وهم يحملون القرآن من جهة، ودعاة الإصلاح والتحرير على طريقة ناهد سليم من جهة أخرى، يخدم غرضا واضحا. هذا التقابل جزء لا يتجزأ من إستراتيجية ثقافية واضحة ترمي إلى تقسيم المسلمين إلى شريحتين اثنتين لا ثالثة معهما.


إما معي أو ضدي





"
لسان حال "دير شبيغل" المعتدلة عموما يقول: "إما القبول بالعيش داخل فضاء الحداثة واتخاذها نموذجا للإصلاح، وإما الخروج إلى العراء والانضمام إلى كهوف الإرهابيين والدخول في جحور المستبدين

"
يدخل المسلم إما في خانة الإرهاب والاستبداد والتسلط، وإما في خانة دعاة الإصلاح المتحصنين داخل أسوار الحداثة الغربية، المنتمين إلى زمنها الثقافي والحضاري. وهكذا نجد أنفسنا أمام ثنائية جديدة من جنس "المانوية الجديدة" التي أُعلِن ميلادها بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول: "إما معي أو ضدي".

ويصرح لسان حال أسبوعية "دير شبيغل"، المعتدلة عموما، بأن زمن الفرز قد حان: إما القبول بالعيش داخل فضاء الحداثة واتخاذها نموذجا للإصلاح وسقفا لطموحات المصلحين، وإما الخروج إلى العراء والانضمام إلى كهوف الإرهابيين والدخول في جحور المستبدين. ولا ريب أن مجلة "دير شبيغل" باعتماد هذا التقسيم المانوي الصارم، تكون قد التحقت بركب المتطرفين رافعي شعار التطهير والتنظيف (Wir räumen auf)، فانخرطت في عملية الفرز بين من يصلح للبقاء في الفضاء الأوروبي وزمن الحداثة، وبين من يستحق التهجير بمعنييه، الجسدي والرمزي.


يقول العنوان الفرعي للكاتب الهولندي "فون ليون دي فينتر"، ذي الأصول الأرثذوكسية اليهودية، "أن مستقبل الإسلام لن يتحدد في السعودية، بل في أوروبا". يختم هذا الكاتب مقالته بجملة جعلتها الأسبوعية "دير شبيغل" مسك خاتمة العدد كله، ومضمونها يطمئن القارئ بأن "أوروبا لن تُؤسلَم، بل الإسلام هو الذي سيُأَوْرَب"، أي سيصبح أوربيا (Europa wird nicht islamisiert, sondern der Islam europäisiert).


في هذه الطمأنة ما ينبه القارئ الأوروبي إلى خطر محدق، ألا وهو خطر "الأسلمة". يتدرج "دي فنتر" في تحليله ليخلص إلى ما معناه أن مصير الإسلام في أوروبا، مثل مصير الديانات التوحيدية الأخرى، سيكون هو التراجع إلى "أسلوب فردي وشخصي غامض" في ممارسة الحياة، عوض أن يكون "أسلوب جماعة في العيش، يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية مشتركة".


فالمسلمون كما يذكرهم بذلك "دي فنتر"، يقفون أمام مفترق طرق، أمامهم فرصة التأسيس لوجود إسلام ليبرالي داخل المجتمعات الأوروبية، شرط أن يؤمنوا بضرورة تطوير العلوم والفنون، وشرط... وشرط... وشرط! كل ما يرد في كلام هذا الكاتب قد يكون مقبولا إلى حد ما، لو حُمِل على أن مصدره الأوحد هو الخوف من "أسلمة أوروبا"؛ لكن الأمر، على ما يبدو، لا يقف عند هذا الحد، بل له توابع إستراتيجية هامة.


إن القارئ بين أسطر هذه المقالة، وباقي المقالات الأخرى التي تضمنها العدد، يحس بأن مطلوب هؤلاء هو تحديث "الإسلام" في معاقله الأصلية، وليس في أوروبا فحسب؛ وإذا أرادت أوروبا أن تتفادى السقوط في شراك فخ الأسلمة، فعليها أن تجتهد لتصلح الإسلام خارج حدودها أولا، وذلك بالمساهمة في إعادة قراءة القرآن وتفسيره، لا بوصفه وحيا، بل بوضعه في سياقه التاريخي، وكذا بنزع القداسة عنه، وبتحرير المرأة من سلطة الرجل في العالم الإسلامي، وما إلى ذلك.


وبالنتيجة، لما كان القرآن خارج حدود أوروبا في أيدي المستبدين والإرهابيين، فلا مندوحة للأوروبيين عن تولي أمر قراءته بأنفسهم، وهو الأمر الذي يقتضي محاربتهم. بهذا تنضوي قضية إصلاح الإسلام، وإعادة قراءة القرآن، وتحرير المرأة، تحت راية "مكافحة الإرهاب" في زمن ما بعد 11 سبتمبر/أيلول.



نخلص في نهاية هذا المختصر إلى النتائج التالية:





  • حين يتعلق الأمر بسؤال "الإسلام والمسلمين"، نلمس اختفاء الفوارق بين صحافة الرصيف الشعبية التي تعالج مواضيع الساعة بشكل مقتضب مع جرعات من الإثارة، تضمنها قصصا يومية قصيرة وتبثها عبر صور ذات ألوان صارخة براقة، كما تمثلها يومية (Bild Zietung)، وبين الصحافة الأسبوعية الرصينة، كما يمثلها "Der Speigel".



  • أصبح سؤال الإصلاح والتجديد والتحرير في العالم العربي والإسلامي يطرح في إطار الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول. لقد كرست هذه الحرب خطابا جديدا يفيد بأن سؤال الإصلاح والتجديد في العالم العربي ليس من شأن المسلمين وحدهم، بل هو شأن عالمي للغرب حق المشاركة فيه. ويلجأ هذا الخطاب إلى التضخيم من "خطر الأسلمة" بغرض تسويغ التدخل العسكري من أجل "أوْرَبة الإسلام". كما يصرح منطوق هذا الخطاب بوجود حرب ضد مقومات الوجود الرمزي للمسلمين في أوروبا.



  • لقد وسعت الحرب على الإرهاب من ساحة النزال لتشمل الكرة الأرضية كلها، فاحتاج قادتها إلى تعبئة الغرب كله، بما فيه ألمانيا، ومن هنا جاءت مشاركة الجيش الألماني في عمليات داخل أفغانستان. يبدو أن الحرب على الإرهاب، وكذا ثنائية "إما معي أو ضدي"، أربكت الحسابات الإستراتيجية القديمة داخل أوروبا، فأصبحت ألمانيا، بمقتضى انتمائها الحضاري إلى الغرب، مستحثة للمشاركة في العمل العسكري من أجل نشر قيم الكتلة الحضارية الغربية خارج فضاء الغرب، اتقاء لما أصبح يصطلح عليه بالخطر الإسلامي. ولعل هذا ما جعل الصحافة الألمانية الجادة تنخرط بلا تحفظ في إستراتيجية ثقافية جديدة، الغرض منها هو تسويغ فكرة الهجوم العسكري خارج حدود البلاد وتأهيل الرأي العام لتقبلها.



  • كثيرا ما يتم الحديث في العالم العربي، حين يتعلق الأمر بالعلاقة بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي، عن السياق الأميركي والبريطاني والفرنسي. وهذا أمر له دوافع موضوعية، حيث إن لهذه الدول وسياساتها وإستراتيجياتها تأثيرا مباشر على العالمين العربي والإسلامي. بيد أن تجليات التحولات الإستراتيجية الكبرى قد تكون أظهر في السياقات الأخرى، التي لم يتعود القارئ العربي على التعاطي معها بشكل مباشر. لقد كان لنا في الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية مثل واضح على قدرة أطراف الغرب الصغرى على إثارة الأزمات الكبرى بين العالم الإسلامي والغرب. ولنا في ما يعد به فيلم المتطرف اليميني Geert Wilders حول القرآن من بلابل وقلاقل بين العالمين مثال آخر يجلي دخول أطراف الغرب الصغرى في معركة القيم والرموز ضد الإسلام والمسلمين.

_______________
مركز الجزيرة للدراسات
أعد التقرير بتاريخ 4 مارس/آذار 2008