شهد العالم خلال العقدين الأخيرين جملة من التغيرات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية والثقافية والبيئية والمعلوماتية وغيرها من المجالات التي أصبحت تتداخل فيما بينها تداخلا يجعل العالم شبيها بمجتمع واحد، تنتقل فيه المعلومة من أقصاه إلى أقصاه بسرعة فائقة، وتتأثر أجزاؤه وأقاليمه ودوله وشعوبه بكل ما يجري في أي بقعة من بقاع المعمورة.
وجدير بالذكر أن لهذه التحولات والتغيرات التي برزت على مسرح الاقتصاد العالمي انعكاسات إيجابية وسلبية على مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في الدول النامية ومنها الدول العربية، الأمر الذي يستدعي تعزيز فرص الاستفادة من الايجابيات والتقليل إلى حد كبير من المخاطر.
لذا فإن النظرة المستقبلية للتنمية في الوطن العربي تستدعي فهما أعمق لهذه التحولات والتغيرات الدولية التي تعيد رسم مشهد التنمية في أرجاء العالم كافة، وهذا ما توضحه هذه الدراسة بالاستناد إلى آخر المعطيات الإحصائية والتقارير التي ترصد مشاهد التغير والتحولات في البيئة الاقتصادية العالمية، خصوصا في ظل الأزمة المالية الراهنة وتداعياتها على اقتصاديات العالم النامي والذي يشكل الوطن العربي جزءا مؤثرا فيه، نظرا لأهميته من الناحية الجيواقتصادية.
وتتناول هذه الدراسة بالشرح أهم التغيرات والمستجدات التي طرأت على مسرح الاقتصاد العالمي خلال الفترة الأخيرة، وبيان أهم التحديات التي تواجه التنمية في الوطن العربي، وكذلك اقتراح أهم السبل الكفيلة بمواجهة هذه التحديات، خصوصا الأزمة المالية العالمية، والتقليل من مخاطر التحولات الاقتصادية والسياسية على مسيرة التنمية في العالم العربي.