أصدر مركز الجزيرة للدراسات كتابًا جديدًا بعنوان "حصار قطر: سياقات الأزمة الخليجية وتداعياتها"، والتي اندلعت في الخامس من يونيو/حزيران 2017، إثر إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارها البري والبحري والجوي على قطر، ويُحلِّل أبعادها وانعكاساتها على دول مجلس التعاون الخليجي وعلى واقع ومستقبل هذه المنظمة الإقليمية. كما يرصد هذا المؤَّلف الجماعي، الذي شارك في فصوله باحثون وأكاديميون مختصون، مواقفَ بعض الدول والقوى الإقليمية الفاعلة، سواء في الجوار القريب مثل تركيا وإيران، أو على الصعيد العربي والإفريقي والأوروبي. وتظل طريقة إدارة الأزمة من جميع الأطراف، بما في ذلك الوسيط الكويتي، حلقة أساسية من الحلقات التي يغطيها هذا العمل.
ويتقصَّى هذا الجهد البحثي، الذي يبقى محدودًا في زمنه بالأشهر الثلاثة الأولى للأزمة، أسبابَ الحصار التي بُنيت على مواقف مزعومة لأمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بُثَّت على موقع مُقَرْصَن لوكالة الأنباء القطرية، أكَّدت التحقيقات لاحقًا ضلوع بعض دول الحصار في قرصنته. ويضع الفصل الأول من الكتاب حصار قطر في سياقه الزمني ويتعقَّب الخطوات التي اتخذتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر فجر الخامس من يونيو/حزيران 2017، بدءًا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة. ويتساءل إن كانت هذه مجرد أزمة عابرة في العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي، أم مؤشرات على قطيعة قد تطول. وفي الفصل الثاني، يبحث الكتاب أدوار الفاعلين المباشرين في الأزمة ويدرس أجندتهم، بدءًا بالعلاقات المضطربة التي تربط السعودية بجيرانها؛ إذ إن الأزمة الحالية ليست الأولى في مسلسل علاقات سعودية حرجة مع جاراتها الخليجية الصغيرة. ويناقش مقومات السياسة السعودية الخارجية وقواعدها التي تخوِّل المملكة تبنِّي مواقف تجاه هذه الدول، والأسباب التي تجعل الخلاف حالة متكررة ومعضلة مزمنة تلازم العلاقات السعودية-الخليجية بشكل عام. كما يرصد تحولات القوة واختلاف الأدوار في سياسة الإمارات العربية تجاه محيطها وخارجه خلال ثمانينات القرن الماضي والسنوات العشر الأخيرة التي بدأت فيها سياسة الإمارات تختلف في قضايا كثيرة.
ويستعرض الكتاب، في الفصل الثالث، التفاعلات الإقليمية والدولية مع الأزمة بما في ذلك جهود الوساطة التي تقودها دولة الكويت، والدوافع وراء قيامها بدور الوسيط في النزاعات الإقليمية وإزاء أزمة الخليج الراهنة بشكل خاص، ويستشرف فرص نجاح الكويت في جهود الوساطة التي تقودها حاليًّا. كما يناقش الكتاب التحرك السياسي التركي ويبيِّن المعوقات التي تقف في وجهه؛ حيث كانت تركيا من أهم القوى الإقليمية التي نشطت وتفاعلت مع أزمة حصار قطر منذ بدايتها. ويتناول أيضًا الموقف الإيراني من الأزمة، فرغم التباينات التي يمكن ملاحظتها في قراءة الإيرانيين لما يحدث في جوارهم الخليجي، إلا أن ما يجمع تلك القراءات على اختلافها هو اعتبار أن وحدة الصف الخليجي قد أصبحت من الماضي، وأن على إيران استثمار هذه التطورات استراتيجيًّا. أما على الصعيد الإفريقي، فقد تباينت المواقف من الأزمة سواء في منطقة القرن الإفريقي أو في إفريقيا جنوب الصحراء، ويستشرف الكتاب تأثيرات هذه الأزمة المحتملة على تلك الدول سياسيًّا واقتصاديًّا، بحسب مواقفها من حصار قطر. عربيًّا، اختلفت المواقف أيضًا، ولكن أغلبها التزم الحياد وأيَّد جهود الوساطة الكويتية، ويمثِّل الموقف المغربي نموذجًا لذلك الحياد ودفع أطراف الأزمة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وخارج السياق العربي والإفريقي، يكشف الكتاب عن اتجاهات السياسة الأوروبية إزاء الأزمة الخليجية ويقف على مدى تباين مواقف دول الاتحاد الأوروبي في مقاربة تعقيداتها، ويستعرض التحديات التي تواجهها البلدان الأوروبية في موقفها من الأزمة في ظل ضعف التوافق السياسي بين أعضاء دول الاتحاد واختلاف الرؤى بشأن التحالفات الاستراتيجية التي يجب عقدها في منطقة الشرق الأوسط.
وفي الفصل الرابع، يناقش الكتاب مآلات الحصار وتداعيات الأزمة، ويبرز تقديرات دول الحصار وحساباتها الخاطئة في قراءة المواقف الإقليمية والدولية، وأسباب تعثر وفشل سياستها لحصار قطر وإخفاق من تعهدوه في تحقيق أهدافهم. كما يتناول تأثيرات الأزمة الخليجية على مستقبل مجلس التعاون؛ إذ بغضِّ النظر عن المدى الزمني الذي ستأخذه هذه الأزمة قبل حلِّها، فإن ما حدث يتجاوز قطر ليطول بنية ودور مجلس التعاون الخليجي، بل إن الأزمة تجاوزت، بخلاف سابقاتها، الإطار الخليجي وامتدت تأثيراتها بسرعة إلى باقي نواحي منطقة الشرق الأوسط.
معلومات
العنوان: حصار قطر: سياقات الأزمة الخليجية وتداعياتها
تأليف: مجموعة من الباحثين
تحرير: عز الدين عبد المولى، الحواس تقية
الناشر: مركز الجزيرة للدراسات-الدار العربية للعلوم ناشرون
التاريخ: 2017