مغزى قرار أميركا بشأن الحرس الثوري الإيراني

ألحقت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني بقائمة المنظمات الإرهابية، وقد نتج عن هذا الإجراء تقييم دولي يتراوح بين الاعتقاد بأن المبادرة الأميركية بداية كارثة وبين من يرى أنه سيكون لها نتائج مؤثرة. ويتناول هذا التحليل تداعيات المبادرة الأميركية.








إعداد/ د. برهان كوروغلو


التحليل
التقييم



التحليل




أحدث إعلان الولايات المتحدة خطتها لإلحاق الحرس الثوري الإيراني بقائمة المنظمات الإرهابية حالة من الطوارئ عند كثير من الدول، بما فيها حلفاء واشنطن.






"
تتهم أميركا القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني بالتورط في أعمال هجومية ضدها في العراق وأفغانستان
"
إن بعض هؤلاء الحلفاء في الخليج العربي يعتقدون بأن هذا النوع من الضغط على إيران سيكون بداية فوضى كبيرة ستؤثر على أميركا وحلفائها حتما. أما أوروبا فقد عبرت عن عدم رغبتها في مساندة هذه الخطة وأنها تتخذ قراراتها بمعزل عن الولايات المتحدة.


إن اسم الحرس الثوري الإيراني سيضاف إلى قائمة الإرهاب إما كليا أو جزئيا، وذلك نظرا للخطة الجديدة التي تعتبر استمرارا لعملية عزل إيران عن العالم، وستسعى الولايات المتحدة بهذه الخطة إلى منع هذا الجيش ذي النفوذ والمصالح داخل إيران من الاتصال بالعالم الخارجي، وإذا تم تحقيق هذا الهدف الأميركي فسيكون هذا الجيش أول جيش رسمي تابع لدولة تم إدخاله في قائمة الإرهاب.



حكومة الولايات المتحدة تخطط لوضع هذا القرار تحت قانون رقم 13224 الذي صدر بعد أسبوعين من أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 من أجل منع نشاطات المنظمات الإرهابية. وقد أثار اتخاذ هذا القرار بشأن جيش قوات الأمن الإيرانية الرسمية ردود فعل سريعة.



وتستند الولايات المتحدة في قرار استهداف هذا الجيش إلى اعتباره دولة داخل دولة، بالإضافة إلى أن له نشاطات سياسية، ناهيك عن نشاطاته الاقتصادية، ثم -وهذا هو الأهم- تدخل هذا الجيش في برنامج إيران النووي.



إن الولايات المتحدة تتهم القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني بالتورط في أعمال هجومية ضدها في العراق وأفغانستان، ولذلك تهدف إلى ضرب شبكة الجيش الاقتصادية والحيلولة دون اتصال الجيش بالدول الأخرى خاصة في الميادين الاقتصادية، كما تهدف أيضا إلى منع كل الدول والأشخاص الذين تناسوا قرارات الحصار فتعاملوا مع الجيش.



إن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي رفض هذه الخطة واعتبرها جزءا من لعبة الدعاية الأميركية، كما أن رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية حسن فيروز أبادي شجب هذا القرار، وقال إنه في حال إصداره فإن كل فرد من أفراد الشعب الإيراني سيحمل شعار الحرس الثوري على صدره.



أما رئيس أركان الحرس الثوري يحيى رحيم صفوي فقد شجب -قبل استقالته- القرار أيضا، وقال إن أعداء إيران قد ضُربوا من قبل الحرس الثوري، ولذلك يحاولون الضغط على هذا الجيش، ولكنه أكّد أن هذه الضغوط لن تنفع أبدا، وادعى أن جيشه قادر على مقاومة كل التهديدات.



التقييم






"
يتراوح التقييم بين الاعتقاد بأن المبادرة الأميركية بداية كارثة وبين من يرى أن قطع العلاقات الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني بالعالم الخارجي سيحدث نتائج مؤثرة
"
مع أنه من غير المنتظر أن يستثمر الحرس الثوري الإيراني أمواله في الولايات المتحدة أو أن يضع أمواله في بنوكها، فإن إدخال اسم الجيش في لائحة المنظمات الإرهابية سيعطي الولايات المتحدة حق تجميد أموال المنظمة ومنعها من الاستثمار.


يبدو أن إضعاف هذه المنظمة التي تشترك في مشاريع كبيرة مثل بناء المطارات وشبكات الاتصالات والبنى التحتية للنفط والغاز الطبيعي، أصبح من أولويات إدارة بوش.


غير أننا وبالنظر إلى واقع عدم تطور العلاقات الإيرانية الأميركية في مجال التجارة منذ 27 عاما، نعتقد بأن هذه المبادرة الأميركية يُراد منها أساسا الضغط السياسي والنفسي على إيران، وتهدف إلى إقناع الحكومات الأجنبية والمؤسسات المالية بوقف علاقاتها الاقتصادية مع إيران.



أسباب المبادرة الأميركية
يمكن أن نتصور أن هناك ثلاثة أسباب لهذه المبادرة:




  • تهدئة المحافظين الجدد الذين يدافعون عن خيار العملية العسكرية ضد إيران.


  • تسريع قرار العقوبات الاقتصادية المخطط اتخاذه من قبل الأمم المتحدة.


  • خلق البلبلة والفوضى داخل المجتمع الإيراني بتعميق انقساماته وشق صفوفه.


توقعات حول تحقق أهداف المبادرة
يُتوقع أن تحقق هذه المبادرة بعض أهدافها المذكورة:




  • تهدئة جناح ديك تشيني وأصدقائه الذين يصرون على خيار الهجوم العسكري على إيران، وبالتالي تأجيل هذا الخيار لمدة ما.



  • يمكن للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الإسراع في اتخاذ قرار العقوبات الاقتصادية ضد إيران لمنع الولايات المتحدة من تنفيذ هذه الخطة.



  • ادعاء أميركا أن هذا القرار سيؤدي إلى انشقاق داخل المجتمع الإيراني لن يتحقق في رأينا، لأن ردود فعل المجتمع الإيراني على مثل هذه الضغوط غالبا ما تكون غير قابلة للتنبؤ.


النتائج السلبية المتوقعة للمبادرة
يعتقد كثير من المحللين بأن نتائج هذه القرارات الأميركية ستكون سلبية على النحو التالي:




  • القرار المذكور قد يعرقل المحادثات الإيرانية الأميركية بشأن العراق وفيما يتعلق بالأزمة النووية.


  • إدخال اسم جيش إيراني رسمي في قائمة الإرهاب سيشجع الإيرانيين أكثر على المضي في الحصول على السلاح النووي.


  • تقدر الدول العربية بأن أي حرب مع إيران ستتوسع لتشمل كل المنطقة، ولن تستطيع أي دولة إخمادها.


  • أما الخبراء الذين يدافعون عن فكرة المفاوضات مع إيران بفتح باب الحوار الواسع معها، فيعتقدون بأن مثل هذه المناورات ستسبب كوارث عظيمة في العالم، ولذلك يدفعون في اتجاه القيام بمبادرات سلمية من شأنها تغيير أفكار أصحاب القرارت وإقناعهم بالانفتاح على العالم وحل المشاكل بالطرق الديمقراطية.


ويمكن أن نخلص إلى أن التقييم يتراوح بين من يعتقد بأن المبادرة الأميركية الأخيرة بداية الكارثة وبين من يرى أن قطع العلاقات الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني بالعالم الخارجي سيحدث نتائج مؤثرة.



ويبقى السؤال الأخير: ماذا بعد هذا القرار؟ هل سيكون قرارا بالهجوم على المنشآت النووية الإيرانية؟
_______________
باحث في مركز الجزيرة لدراسات
 العدد الثالث عشر من تقدير موقف الصادر بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2007