الخلاف على الرئاسة في العراق: حقيقته وتداعياته

يمكن قراءة دلالات ورسائل عديدة بعثتها تصريحات الهاشمي حول وجوب تَولِّي شخصية عربية رئاسة العراق، ويبدو أن هذا الموقف سيبقى فاعلا ومؤثرا في الآماد القادمة ما دامت العملية السياسية العراقية لم تستقر بعد.
5 أبريل 2010
1_981925_1_34.jpg







 

شفيق شقير


طالب نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بأن تتولى رئاسة العراق في الفترة المقبلة شخصية عربية، ولم تلْقَ تصريحاته ردودًا ذات أهمية إلا من الطرف الكردي، ذلك أن هذا المنصب هو الحصاد الأبرز للقيادة الكردية من النظام العراقي الجديد.





طالب نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بأن تتولى رئاسة العراق في الفترة المقبلة شخصية عربية، ولم تلْقَ تصريحاته ردودًا ذات أهمية إلا من الطرف الكردي، ذلك أن هذا المنصب هو الحصاد الأبرز للقيادة الكردية من النظام العراقي الجديد.
في حين لم تُظهر الأطراف الشيعية اهتمامًا كبيرًا بهذا التصريح، وكأنها غير معنية به في ظل الظروف الراهنة، مع الإشارة إلى أنهم يمثلون الأغلبية بوصفهم المذهبي مقابل السنة العرب، كما أن منصب رئاسة الوزارة مضمون لهم، وصلاحيات رئيس الوزراء واسعة وفعالة ومؤثرة في النظام البرلماني العراقي القائم.

أما القوى العربية السنية الأخرى فقد وجدت في تصريح الهاشمي أمرًا طبيعيًا باعتبار أن النظام السياسي قائم على المحاصَّة وتقسيم النفوذ والمناصب بين الأطراف الرئيسية في البلاد، "ولم لا تكون لهم حصة كما لغيرهم فلطالما تجاهلهم النظام الجديد وجعلهم الأدنى حضورًا في الحياة السياسية العراقية المستجدة".


ولكن تصريح الهاشمي لم يأت منقطعًا عن التغييرات التي شهدها العراق وجواره في المرحلة السابقة، كما أن الكُرد لا يكتمون طموحاتهم ومخاوفهم المتعلقة بالصيغة السياسية التي سيستقر عليها العراق، وهو ما عكسته ردودهم على تصريحات الهاشمي.


دلالات تصريح الهاشمي
أبعاد المعارضة الكردية
المرشح الأوفر حظًا
التداعيات المستقبلية للخلاف


دلالات تصريح الهاشمي 


يمكن استنباط وقراءة دلالات ورسائل عديدة تبعثها تصريحات الهاشمي، سواء قصدها أم لم يقصدها، ويبدو أنه هو والأطراف الأخرى سيصبحون أسرى لها ما دامت العملية السياسية العراقية لم تستقر، مع ما يترافق مع عدم الاستقرار هذا من تهديدات دائمة للدستور والقانون، باعتبارهما السقف الذي يجب أن يجمع أو يعكس الإجماع السياسي لكل الأطراف العراقية. وبالعودة لتلك الدلالات نجد من أبرزها:


أولاً: أن تصريح الهاشمي جاء إعلانًا لعودة السنة العرب إلى المعادلة السياسية العراقية بعد مشاركتهم الكثيفة -نسبيًا- في العملية الانتخابية الأخيرة، وأن المقابل المناسب لهذه العودة هو المزيد من التعزيز لحضورهم في أجهزة الدولة ومناصبها القيادية، وبتأييد خاص من تحالفه الانتخابي -"القائمة العراقية"- الذي حظي بتأييد لافت في المناطق السنية.


ثانيًا: أن التحالفات الانتخابية الجديدة -لاسيما تحالف الهاشمي مع كتلة العراقية التي يرأسها شيعي (إياد علاوي)- شكَّلت دافعًا له وضرورة سياسية ليؤكد بتصريحه هذا، تجاوز العائق الطائفي في العراق بما يعزز حضوره في هذا التحالف، وأن المطلوب بعد الانتخابات تجاوز العائق "العرقي" مع الكُرد بإعادة النظر في توزيع المناصب.


ثالثًا: أن هذه الدعوة تشير إلى أن إعادة النظر في علاقة العراق مع محيطه وإعادة تعريف هويته ستكون أحد الأهداف التي سيجعلها الهاشمي -ما أمكنه ذلك- جزءًا من الأهداف المستقبلية لتحالفه الانتخابي، خاصة وأنه قد برر دعوته هذه -لتولِّي عربي لمنصب الرئاسة- بأنها جزء من "خلاص العراق" وعودته "لمحضنه العربي" -على حد وصفه-.


وعليه، فإن هذه الدعوة قد يكون لها ما بعدها من إثارة طموحات ومخاوف لدى جميع الأطراف المكونة للعراق؛ لأنها -أي الدعوة نفسها- هيأت الأرضية الملائمة لكل الأطراف الآن -وفي أي مرحلة مقبلة- لفتح باب للجدل وللتوظيف السياسي عند الحاجة، حول موقع العراق وانتمائه ومدى علاقته بدول الجوار. مع التنبه لما لهذه المواضيع من علاقة بالإستراتيجيات المتقاطعة أو المتصارعة في المنطقة في ظل تصاعد الأزمة الدولية حول البرنامج النووي الإيراني.





سيؤكد الهاشمي بخطوته هذه على تمثيله للسنة العرب في العراق، وأنه أحد الأبواب الرئيسة التي يجب أن تلجها أية جهة في تعاملها معهم، سواء كانت خارجية أو داخلية.
رابعًا: سيؤكد الهاشمي بخطوته هذه على تمثيله للسنة العرب في العراق، وأنه أحد الأبواب الرئيسة التي يجب أن تلجها أية جهة في تعاملها معهم، سواء كانت خارجية أو داخلية. بل ستعطيه حظًا كبيرًا لتوسيع نفوذه، والحصول على المزيد من الدعم من القوى العربية السنية الأخرى، التي ترى في تصريحه تعبيرًا عن مكنوناتها وحاجاتها.


أما على الصعيد الخارجي فيبدو واضحًا أن الهاشمي استطاع أن يقيم علاقات متميزة مع معظم الدول العربية في الفترة الماضية التي شغل فيها منصب نائب الرئيس, وأن التوجه نحو المطالبة بالرئاسة سيأتي له بالمزيد من التأييد في محيطه العربي، خاصة وأن الدول العربية الأساسية تميل للتعامل في الشأن العراقي مع الزعامات السنية ذات الطابع "الوطني" -أي غير المؤدلجة دينيًا وقوميًا- أكثر من الزعامات الطائفية، أو زعامات القوميات الأخرى؛ لأنها ستكون الأقرب لتوجهاتها السياسية في المنطقة.


وليست هذه الرسائل والدلالات هي فقط ما تضمنته تصريحات الهاشمي؛ فمن الدلالات الأخرى في هذا السياق:



  • أنها -أي دعوة الهاشمي- تعكس مطلبًا أساسيًا لبعض دول الجوار، لاسيما تركيا التي تطمئن أكثر لوجود شخصية عربية سنية في الرئاسة العراقية، خاصة وأن وجود شخصية كردية في مثل هذا المنصب يستدعي حذرًا تركيًا دائمًا في مقاربة العديد من الأمور المشتركة مع العراق؛ لأن تعاظم نفوذ الكرد في العراق غير مضمون النتائج. فلا شيء يضمن عدم تجاوزه الحدود سواء بالنوايا المبيتة أو بالعدوى العابرة للحدود المتجاورة.

    وكذلك تحمل سوريا الهواجس التركية ذاتها ولو بمقدار أقل، إلا أن وجود رئيس عربي سني في العراق، سيخفف الاحتقان الذي شهدته المرحلة السابقة في العلاقات العراقية السورية في ظل الرئاسة الكردية، والتي لم تشكِّل عاملاً مساعدًا على تبديد الاتهامات التي وُجهت لسوريا، هذا إذا لم تكن طرفًا فيها بحسب الرؤية السورية. وأضف إلى ذلك أن العرب السنة هم أحد الأعمدة التي تتكئ عليها سوريا في نفوذها داخل العراق. وبالنسبة لإيران؛ فإن موضوع منصب الرئاسة ليس من أولوياتها في ظل الوضع الراهن, على اعتبار أنها اللاعب الأساسي والمؤثر في العراق الحالي، وهي لا زالت قادرة على التواصل بكفاءة مع القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية لاسيما الشيعة منهم، ولكن هذا لا يعني أن الاختلاف على منصب الرئاسة لن يكون -في ظرف ما- أحد الأوراق المهمة لإيران في علاقاتها الإقليمية ومع دول الجوار.


  • أن الإشارة بعودة السنة العرب إلى الحياة السياسية العراقية في ظل النظام الجديد -وبكثافة أكبر من السابق، ومن نفس الباب الذي ولجت منه الأطراف العراقية الأخرى- يبعث برسالة إلى الدول الفاعلة عن استعداد القادة السنة في هذه المرحلة، لأن يكونوا جزءًا من اللعبة القائمة في العراق، مع ما يتصل بها من ارتباطات وعلائق بالدول الكبرى ودول الإقليم، ومع ما يشوبها من تنافس ومحاصَّة على أساس طائفي وقومي. ومن المؤكد أن هذه العودة السنية سيكون لها ما بعدها في ظل الحديث عن التصعيد والحرب والعقوبات على خلفية البرنامج النووي الإيراني.

أبعاد المعارضة الكردية 


أما موقف المعترضين الكُرد على تصريحات الهاشمي -وهم التحالف الكردستاني، ورئاسة إقليم كردستان- فهو رد طبيعي إذا قرِئ في السياق التاريخي لتجربة الكرد مع النظام في بغداد، ولكنه في ظروفها الراهنة يحمل في ثناياه جملة من الاعتبارات تتعلق بالساحة العراقية وإقليم كردستان.


أولها: أن القيادة الكردية "اعتبرت تصريح الهاشمي حول منصب الرئاسة بمثابة "ضربة موجعة لوحدة العراق ودستوره الدائم"؛ لأنها تدرك أن هذه التصريحات لا تزال تؤكد عدم إقرار القيادات السنية العربية بالدستور الجديد، خاصةً وأن إعادة فتح الجدل حول دستور العراق وبالتحديد من قبل السنة العرب، سيهدد بعض المكتسبات الكردية؛ لأن الطرف الكردي "كان المستفيد الأكبر بحسب الاعتبار القومي من غياب الطرف السني العربي، الذي خسر مرتين، مرة بصفته المذهبية ومرة بصفته القومية".


ويدرك الكرد أن منصب الرئاسة قد عزز من حضورهم المحلي والإقليمي والدولي:






  • القيادة الكردية "اعتبرت تصريح الهاشمي حول منصب الرئاسة بمثابة "ضربة موجعة لوحدة العراق ودستوره الدائم"؛ لأنها تدرك أن هذه التصريحات لا تزال تؤكد عدم إقرار القيادات السنية العربية بالدستور الجديد.
    فعلى الصعيد المحلي
    رغم أن صلاحية رئيس الجمهورية في النظم البرلمانية تكاد تكون رمزية وشرفية مقارنة بصلاحيات رئيس الجمهورية في الأنظمة الرئاسية والمختلطة, إلا أنها تختلف من الناحية الواقعية بل -والقانونية أيضًا- في النموذج العراقي المبني على توافق قومي وديني وسياسي بالدرجة الأولى. وفي نفس السياق يعتبر رئيس الجمهورية جلال الطالباني أول رئيس كردي يشغل منصب رئاسة الجمهورية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921. وهذا مكسب كبير للحركة القومية الكردية العراقية، وسيضاف كذلك لرصيد الكرد التاريخي في المنطقة بشكل عام. ومن المهم الإشارة في هذا المقام إلى أن استئثار أي طرف بأي منصب قيادي ولأكثر من مرة دون انقطاع، وفي بلد قائم على أساس المحاصة القومية والطائفية، قد يتحول مع الوقت إلى عُرف غالب للقانون وملزم لجميع الأطراف كما هو الحال مع النموذج اللبناني، وتصبح البلاد من الناحية الواقعية مهددة بالحرب -إذا واتتها الظروف- عند كل محاولة لمراجعة هذا العرف.


  • وعلى الصعيد الإقليمي أسهم وجود الكرد في الرئاسة في ضبط إيقاع نزاع الكرد مع البلدان المجاورة -ولو بحدود- من خلال الحوار والتواصل، ووفر لكرد العراق -وربما لسواهم من غير العراقيين- إنذارًا مبكرًا ومرصدًا متقدمًا لمعرفة توجهات ونوايا دول الجوار تجاه الكرد في المنطقة.


  • وعلى الصعيد الخارجي فإن إشغال الكرد لهذا المنصب -إذا تجاوزنا البعد المحلي العراقي- يُعدّ بمثابة بوابة للكرد أو حلقة اتصال مع العالم الخارجي ومع قادة دول العالم, الأمر الذي يمكنهم من عرض القضية الكردية أو ما يتصل بها أمام الرأي العام العالمي وعبر القنوات الرسمية المفتوحة، وانطلاقًا من مواطنية ومن موقع قيادي في دولة معترف بها، وليس انطلاقًا من حالة عِرقية أو حالة حزبية و"ميلشيوية" تعيش ظروفًا صعبة. ومن المؤكد أن الكرد سيحرصون على المحافظة على هذا المنصب وعلى صلاحياته التي يُقرّ بها القانون أو تلك التي تأتي بالمغالبة.

المرشح الأوفر حظًا 


على رغم كل الدلالات والأبعاد التي سبق ذكرها فإن الأولوية ستبقى للمرشح الكردي ما لم يطرأ أي تغيير جذري على المعادلة العراقية القائمة؛ لأن الضغوط الأميركية ستعمل جاهدة على الحد من النفوذ الإيراني في العراق، وستشمل هذه الضغوط الصوت الكردي المؤثر في ترجيح كفة على أخرى، كما أن إيران معنية بترغيب الكرد كي يكونوا في كفتها أو على الأقل ألاّ يكونوا في الكفة الأخرى، ومنصب الرئاسة قابل للصرف في هذا الاتجاه. وهناك عوامل أخرى تؤكد رجحان حظ الكرد في هذا الشأن:



  1. أولها: الانقسامات التي تشهدها الكتل العراقية الأخرى، وحظوظ المرشح الكردي جيدة عمومًا في مثل هذه الظروف.


  2. سيخرج الكرد كما هو واضح بمرشح واحد مجمَع عليه على الأقل من قوى التحالف الكردستاني المهيمن على القرار الكردي، وسيكون الترشيح الكردي الموحد ورقة ضغط على القوى والكتل السياسية الأخرى كي تسلم بأمر الرئاسة للكرد؛ فالكرد يشكلون حاجة لأي ائتلاف مستقبلي لتشكيل الحكومة القادمة, وحاجة لكل الفرقاء للحصول على موقف كردي حليف ومساند في القضايا العالقة في العراق.


  3. والمرشح الراجح للكرد لا يزال جلال الطالباني رغم انشقاق حركة "التغيير" )كوران(  عن حزبه. وذلك بسبب مؤهلاته الثقافية نسبيًا بين الزعامات الكردية؛ فهو يتحدث -إضافة إلى الكردية- العربية والإنكليزية، وكذلك -وهو الأهم- بسبب استمرار التحالف بين حزبه: الاتحاد الوطني الكردستاني، وحزب مسعود البارزاني الحزب الديمقراطي الكردستاني. كما أنه لا يزال المرشح الأقوى للكرد كي يضمنوا منصب الرئاسة مرة ثانية، بسبب تجربته السابقة في هذا المنصب، إضافة إلى ما نسجه من علاقات مع كافة الأطراف العراقية الأخرى ومع دول الجوار. ومن المؤكد أن الانشقاق في حزب الطالباني جعله الطرف الأضعف في التحالف الكردستاني، وهو ما يَشي بإمكانية حصول تغييرات عميقة في المعادلة الكردية وقد تتعداها إلى الساحة العراقية، لكن في المستقبل.


  4. بالنسبة للقوى السنية العربية لا يمكن قراءة هذه الانتخابات راهنًا إلا على أنها فرصة  لولادة توجه جديد أكثر انخراطًا في العملية السياسية، ولكن سيكون من المبكر الحديث عن حصاد كبير مقابل مشاركتهم الفعّالة في الانتخابات؛ لأن المعادلة في توزيع الحصص لا تقوم على النتائج الانتخابية وحسب، خاصة عندما يتعلق الأمر بطوائف وأعراق وليس بكيانات سياسية وأشخاص.

التداعيات المستقبلية للخلاف 


إن تداعيات النزاع الحاصل بين الهاشمي والقيادة الكردية, لن يكون له أي أثر سلبي على العملية السياسية القادمة في العراق, لجملة أسباب منها:





لن يؤثر الخلاف الذي نشب بين الهاشمي والقادة الكرد على دور العراق الإقليمي والدولي خلال المرحلة المقبلة حتى ولو جاء الرئيس كرديًا أو عربيًا, لكن هذا الموضوع أصبح أحد الأوراق القابلة للتوظيف في أكثر من اتجاه، وللضغط على أكثر من طرف.
أولاً: أن منصب الرئاسة في العراق لم يعد منصبًا محصورًا في شخص واحد, بل في مجلس رئاسة يحل محل رئيس الجمهورية, بمعنى آخر إن مجلس الرئاسة يتكون من رئيس الجمهورية ونائبين, وللأعضاء الثلاثة حق الاعتراض المحدود -أو ما يسمى بـ "حق الفيتو"- على أي قانون أو تشريع يصدر من مجلس النواب إذا وجد أحد الأعضاء الثلاثة أنه يخالف المصلحة الوطنية العليا. وبهذا الاعتبار فإن القوى المتنازعة على المنصب تدرك أن الثمن الذي يجب أن تدفعه في مقابله يجب أن يكون مدروسًا وبحدود، وبوجه خاص الطرف العربي السني الذي يعلم أن الرئاسة ليست المطلب الوحيد الذي سيرد له الاعتبار في المعادلة الوطنية.


ثانيًا: ما صرح به الهاشمي ليس برنامجًا حزبيًا أو عقيدة ثابتة لكتلة سياسية كبيرة في العملية السياسية. بل لا يزال في عمقه وفي السياق العراقي حتى الآن تعبيرًا لمن يرى في نفسه –أي الهاشمي- أنه يمثل فئة أو شريحة كبيرة من المكوِّن العراقي هُمِّش دورها في الدورة الانتخابية السابقة وتريد استعادته في الدورة الحالية.


ثالثًا: صحيح أن تصريح الهاشمي أثار حفيظة القيادة الكردية, إلا أنه لن يُترجَم قطيعة سياسية مع الهاشمي أو مع الكتلة التي ينتمي إليها؛ فرد الفعل الكردي رغم كل ما ينطوي عليه من تحدٍّ لمن يهدد أو يمس مكتسباتهم، فإنه قد تم إظهاره على أنه موقف كردي رسمي وشعبي تجاه جميع التصريحات التي يعلنها أو سيعلنها القادة العرب في العراق، إذا ما احتوت على ما يرى فيه الكرد "تمييزًا قوميًا" ينال منهم. وكذلك استهدف الرد إبراز صورة الكرد على أنهم شركاء حقيقيون في إدارة الدولة الجديدة ورسم سياستها العامة.


رابعًا: العلاقة التي تربط الهاشمي بالقيادة الكردية كانت تتسم دومًا بالوئام والتوافق مع وجود اتصالات مستمرة بين الطرفين, ولم يعترضها مشاكل ترقى إلى مثل هذه الأخيرة. وعليه, فإن الأزمة ستكون في السياق الحالي –كما يفضل أطرافها- "سحابة صيف عابرة" ما لم تعترض هذه العلاقة مشاكل أخرى قد تتصل أو لا تتصل بالضرورة بهذه الحادثة.


خامسًا: لن يؤثر الخلاف الذي نشب بين الهاشمي والقادة الكرد على دور العراق الإقليمي والدولي خلال المرحلة المقبلة حتى ولو جاء الرئيس كرديًا أو عربيًا, لكن هذا الموضوع أصبح أحد الأوراق القابلة للتوظيف في أكثر من اتجاه، وللضغط على أكثر من طرف.
_______________
مركز الجزيرة للدراسات


أُعدَّت الورقة بالاعتماد على مشاركة مكتوبة ومصادر عراقية أخرى.





نبذة عن الكاتب