يترقب السنغاليون الانتخابات الرئاسية القادمة، المقرر تنظيمها في 24 فبراير/شباط 2019 بعد سبع سنوات على إجراء آخر انتخابات وصل فيها الرئيس المنتهية ولايته ماكي صال إلى السلطة، وتأتي هذه الانتخابات في الوقت الذي غير السنغال سنوات الولاية الرئاسية لتصبح خمس سنوات بدل سبع. وهناك بعض المحددات التي تؤثر دون شك في أي استحقاق انتخابي سنغالي رئاسيًّا كان أو غير رئاسي، وعلى رأسها -أولًا- المعطى الديني الصوفي حيث تلعب الطرق الصوفية مشايخ ومريدون دورًا مهمًّا في المشهد الانتخابي، وثانيًا، كذلك، العلاقات مع فرنسا التي تعتبر محدِّدًا مهمًّا في حظوظ هذا المرشح أو ذاك كما سنرى، وثالثًا: تعتبر القدرة المادية للمرشحين محددًا مهمًّا في تمويل الحملات ووصول خطاب المرشح إلى الناخبين، والمحدد الرابع هو لعبة التحالفات السياسية خصوصا في صفوف المرشحين الخاسرين ممن لم يحصل على التزكية الانتخابية الذين بدؤوا أثناء الحملة الانتخابية يعلنون مساندة هذا المرشح أو ذاك.
قانون التزكية الانتخابية: عقبة أمام المرشحين الصغار
يعتبر السنغال أكثر دول العالم أحزابًا سياسية؛ حيث يوجد به ما لا يقل عن 229 تشكيلة سياسية تشكِّل المشهد الحزبي السنغالي(1)، وكان آخر تحديث للائحة الانتخابية السنغالية سنة 2017 وبلغ عدد المسجلين على اللائحة الانتخابية حينها ستة ملايين ومائتين وأربعة عشر ألفا و178 ناخبًا، عبَّرت نسبة 54% منهم عن أصواتها في ذلك الاستحقاق(2).
وكانت الحكومة السنغالية قد صادقت في أبريل/نيسان 2018 على قانون "التزكية الانتخابية" الذي ينص على أنه يجب على كل مرشح للانتخابات، لكي يُقبَل ملف ترشحه الحصول على ما بين 53 إلى 65 ألف تزكية انتخابية، التي تمثل نسبة تتراوح في حدها الأدنى بين 0.8% إلى 1% وهو الحد الأقصى من المسجلين على اللائحة الانتخابية(3). ويرى المدافعون عن هذا القانون، وعلى رأسهم أنصار الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، أن فلسفته تكمن في سد الطريق أمام الترشيحات التي لا مصداقية انتخابية لأصحابها، بينما يرى المعارضون لهذا القانون أنه مخالف للقيم الديمقراطية(4).
وتتهم المعارضة الرئيس ماكي صال وحكومته بأن المصادقة على هذا القانون إنما كان القصد من ورائها تقليلَ عدد المنافسين للرئيس ماكي صال في الاستحقاق القادم. ولا شك أن هذا القانون أثَّر بالفعل على عدد المرشحين ومنع العديد من "المرشحين الصغار" من الوصول إلى عتبة التقدم للرئاسيات(5).
ومن بين 87 مرشحًا تم قبول سبعة فقط، أي ما يزيد على الربع قليلًا (وقد تم شطب اثنين منهم لأسباب قضائية لينزل العدد إلى خمسة)، مع العلم بأن عدد مرشحي رئاسيات 2012 كان 14 مرشحًا، أي ضعف عدد المرشحين الحاصلين على التزكية سنة 2019. وقد ألغى المجلس الدستوري ترشح معارضيْن وهما: خليفة صال، عمدة مدينة داكار المسجون بتهمة اختلاس أموال عامة كما سنرى، وكريم واد، نجل الرئيس السابق، عبد الله واد، والوزير السنغالي السابق المقيم في الدوحة بقطر، والذي كان مرشح الحزب الديمقراطي السنغالي وهو أبرز أحزاب المعارضة. والخمسة الذين تمت تزكية ملفاتهم هم: الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، وعثمان سونكو وإدريسا سيك وماديكه نيانغ والحاج عيسى صال(6).
مرشحون بأوزان مختلفة
لكل مرشح من المرشحين الخمسة نقاط ضعف ونقاط قوة، ولديه فرص ويواجه مخاطر، ويمكن وفقًا لما بات يعرف بالتحليل الرباعي (SWOP)، أن نحاول بإيجاز استعراض حالات هؤلاء المرشحين، مركزين على هذه المحددات (نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر)، لكي نفهم مكانة كل لاعب منهم في الخريطة الانتخابية السنغالية:
ماكي صال: الطريق إلى العهدة الثانية
الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، هو المرشح الأبرز في الاستحقاق الرئاسي الراهن، وهو رئيس البلاد منذ 2012، ومرشح حزبه حزب التجمع من أجل الجمهورية (APR). وقد طلب من مناضلي حزبه ومن أنصاره ضرورة حصوله على مليوني تزكية انتخابية بدلًا من 53 ألفًا، وهي الحد الأدنى للتزكيات المطلوبة قانونيًّا، وفي هذا الطلب رسالة من الرئيس ماكي صال تعني أن العدد الذي سيزُكي ملفه في الترشح سيظهره أمام المرشحين الآخرين أنه الأكثر شعبية وأنه سيفوز في الشوط الأول من رئاسيات فبراير/شباط 2019 دون عناء(7). وقد أكدت آمنة توري، رئيسة الوزراء السابقة ووكيلة حملة ماكي صال حاليًّا، أن توقيعات تزكية مرشحها تجاوزت المليونين(8).
ويترأَّس ماكي صال تحالفًا سياسيًّا عريضًا ينشط على وسائل التواصل الاجتماعي يسمى محليًّا "بينو بوك ياكار" (Benno Bokk Yakkar) وتعني باللهجة الولفية "متحدون من أجل نفْس الأَمَل"، وهذا التحالف منوط بأمور من بينها إنعاش حملة الرئيس ماكي صال، وتعبئة الموقِّعين على ترشح الرئيس ومن ثم تعبئة الناخبين يوم الاقتراع.
وقد واجهت حكومة ماكي صال خلال عهدته الرئاسية الأولى أزمات اقتصادية واجتماعية بسبب التفاوت الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع فضلًا عن ضعف القوى الشرائية للمواطن السنغالي البسيط، وصُنِّف السنغال ضمن خمس وعشرين دولة الأكثر فقرًا في العالم، كما تجسدت تلك الأزمة في الإضراب الطلابي الذي عرفته جامعة سان لويس بالشمال الغربي السنغال، في مايو/أيار 2018، بسبب تأخر دفع منحهم، وقد تطور إلى صدام بين قوى الأمن سقط جرَّاءه أحد الطلاب ميتًا فضلًا عن وجود عدد من الجرحى(9).
افتتح ماكي صال حملته الانتخابية من مدينة طوبا، عاصمة الطريقة الصوفية المريدية، كما هي حال غريمه، ماديكه نيانغ، المنشق عن الحزب الديمقراطي السنغالي. وفي هذا الافتتاح فرصة واضحة لمغازلة الناخب الصوفي خصوصًا من أتباع هذه الطريقة المؤثرة في توجهات الكثير من السنغاليين. ولا شك أن من حظوظ الرئيس السنغالي المنتهية ولايته أن المجلس الدستوري أزاح من طريقه مرشحين خطيرين، وهما: خليفة صال وكريم واد اللذين أُلغي ترشيحهما لأسباب قضائية، لكنَّ إلغاء ترشحهما لا يعني إلغاء توجهات مناصريهما الانتخابية. فمن المخاطر التي تنتظر ماكي صال الجواب على السؤال: لمن سيصوِّت أنصار خليفة صال الكثيرون في العاصمة داكار؟ وإلى أين ستتجه أصوات مناصري الحزب الديمقراطي السنغالي الذي لم يرشح أحدًا لهذا الاستحقاق؟
إدريسا سك: مرشح ذو تجربة سياسية غنية
يتميز الاقتصادي إدريسا سك، رئيس الوزراء السنغالي السابق (من 2002 إلى 2004)، بكونه المرشح الرئاسي ذا التجربة الغنية، فقد استفرغ أربعين سنة من عمره البالغ 59 سنة في المعترك السياسي، فقد التحق منذ فجر شبابه بصفوف الحزب الديمقراطي السنغالي، وقاد حملة عبد الله واد الرئاسية سنة 1998، كما قادها سنة 2000. ويتميز هذا المرشح بقلة تصريحاته الإعلامية وإيثاره العمل في صمت(10). وقد ولد إدريسا سك لأسرة تجانية، مما يعني أن عليه تقليديا أن يظل أحد أتباع هذه الطريقة، بيد أنه مؤخرا انتمى للطريقة المريدية، بل وصار يستشهد في خطبه بكلام مؤسسها الشيخ أحمدُ بمبا، مما أبعده جدا من الطريقة التجانية بفرعيها التواوني والكولخي وزاد من حظوظه في أوساط أتباع المريدية. وقد زار المرشح إدريسا مدينة طوبا يوما قبل انطلاق الحملة النتخابية ولقي استقبالا حارا.
وقد اتهم هذا المرشح أنه باختلاس الأموال وتعرض للسجن سنة 2004 ثم تمت تبرئته. كما ترشح مرارًا لاستحقاقات رئاسية سابقة ولم يحالفه الحظ قط، وكان آخرها رئاسيات 2007 مرشَّحًا عن حزبه "رَوْمِي" (Rewmi) لكن نتائجه لم تكن جيدة، فعاد للحزب الديمقراطي السنغالي سنة 2009. ثم ترشح لرئاسيات 2012 فجاء في الرتبة الثامنة حاصدًا 8% من أصوات الناخبين، ليساند الرئيس الحالي، ماكي صال، في الشوط الثاني من الانتخابات، وليشارك هذه المرة باسم حزبه "رَوْمِي" في حكومة ماكي صال إلا أنها مشاركة دامت أقل من سنة حيث أصبح إدريسا سك أحد الوجوه المعارضة لماكي صال ونظامه. ومع أن إدريسا سك سياسي مخضرم وقد راكم تجارب كثيرة ويقف وراءه تكتل من المرشحين الخاسرين وأغلب أتباع المريدين معه (باستثناء شباب هذه الطريقة الأقرب للمرشح عثمان سونكو) إلا أنه يصعب عليه كسب ود الناخب التجاني، فقد أغاظ التجانيين لما ترك طريقتهم لصالح الطريقة المريدية، كما شُنتْ عليه حملة شعواء بعد تصريحاته المتعلقة بشأن "مكة" و"بكة"، وربطه لاسم بكة بحائط المبكى، ويرى أنصاره أن أتباع الطريقة التجانية كانوا وراء تلك الحملة.
وستلعب التحالفات السياسية دورا هاما في صالح إدريسا الذي استطاع أن يجذب إليه مساندة شخصيات وازنة من أبرزها عمدة دكار السجين خليفة صال كما انضم إليه أغلب المرشحين الخاسرين مفضلينه على غيره، مما أعطاه زخما خاصا في هذه الحملة.
عثمان سونكو: المرشح المفاجئ
عثمان سونكو، 44 سنة، هو أصغر المرشحين سنًّا، ويعتبر "مفاجأة" هذا الاستحقاق؛ وهو لاعب جديد على المسرح السياسي السنغالي، ولا ينتسب لأي حزب سياسي من الأحزاب السنغالية العريقة. ويتصدر عثمان سونكو وسائل التواصل الاجتماعي حيث يجد خطابه المعارض ذو المفردات اللاذعة صدى واسعًا في صفوف الشباب وفي صفوف الشتات السنغالي. وقد ألَّف سونكو، سنة 2017، كتابه "النفط والغاز في السنغال: تاريخ من السلب"، واتهم فيه الرئيس ماكي صال بمنح عقود استغلال الغاز والنفط السنغاليين لجهات أجنبية من خلال تفاهمات غير واضحة. كما نشر كتابه الأخير "حلول" قبل ثلاثة أشهر من انطلاق حملة رئاسيات فبراير/شباط 2017، والذي يدعو من خلاله -أي الكتاب- إلى حكامة جديدة، وينقد تسيير نظام ماكي صال في ولايته الرئاسية الماضية. وعُرف عن مفتش الضرائب، عثمان سونكو، نشاطه النقابي الحماسي في صفوف سلك مفتشي الضرائب، وهو مرشح الحزب الوطني السنغالي من أجل العمل والأخلاق والأخوة (PASTEF)، وقد انتُخب عثمان سونكو نائبا في البرلمان منذ يوليو /تموز 2017.
كان الرئيس ماكي صال قد أقال عثمان سونكو من وظيفته في إدارة الضرائب بسبب خرق السرية المهنية. ويتهمه بعض منتقديه بأنه ذو توجه إسلامي بل يذهبون إلى أنه "مرشح داعش" ذاكرين أنه سيتم تمويله من خلال جماعات ضغط ذات توجه إسلامي. وقد نفى أحد أبرز شباب للطريقة المريدية وأحد أبناء أسرة امباكي، الشيخ عبدو امباكي، تلك الاتهامات، قائلًا: إن عثمان سونكو ليس سلفيًّا وإنه من أتباع الطريقة المريدية الصوفية، وهذا مؤشر واضح على أن للمرشح عثمان سونكو حاضنة في طوبا.
ومن فرص سونكو علاقته الوثيقة بشباب الطريقة المريدية بطوبا قاعدة الطائفة المريدية المؤثرة، وقد حضر موسم "مغال طوبا" في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2018. غير أن فرنسا تنظر إليه بريبة نظرًا لخطابه الذي لا يخلو من انتقاد قوي للنفوذ الفرنسي بالسنغال(11).
ماديكه نيانغ: المرشح المنشق
ماديكه نيانغ هو أسن المرشحين الخمسة (65 سنة)، وهو أحد الأعضاء البارزين في الحزب الديمقراطي السنغالي، وهو وزير الخارجية السنغالي السابق (من 2009 إلى 2012)، وقد جمع حوله، بعد رفض ترشيحه -من قبل عبد الله واد رئيس الحزب الديمقراطي السنغالي- باسم الحزب، جمع تشكيلة سياسية خاصة به سماها "ائتلاف ماديكه 2019" (Coalition Madické 2019)، ومن خلال هذا الائتلاف استطاع ماديكه الحصول على توقيعات التزكية للانتخابات المطلوبة لقبول ملف ترشحه. ومع أن المرشح ماديكه نيانغ من مواليد مدينة سان لويس "اندر" إلا أنه متزوج بحفيدة الشيخ صالحُ امباكي بن الشيخ أحمد بامبا، وهي سيدة من أسرة المشيخة المريدية، وماديكه يقيم في مدينة طوبا.
أصرَّ الرئيس عبد الله واد على أن يكون نجله، كريم واد، المرشحَ الأوحدَ للحزب لكنَّ المجلس الدستوري طعن في أهليته نظرًا لملفه لأسباب إجرائية. ولهذا السبب، أعلن العضو القيادي في الحزب، ماديكه ناينغ، ترشحه رغم معارضة عبد الله واد ونجله كريم لذلك. وقد سافر ماديكه إلى الدوحة، في 24 سبتمبر/أيلول 2018، والتقى عبد الله واد ونجله كريم وبحث معهما ضرورة ترشيح الحزب له، غير أن عبد الله واد رفض تقديم أي مرشح باسم الحزب معتبرا ذلك خيانة للحزب، بينما يرى ماديكه أن ترشحه ليس خيانة بل هو إنقاذ للحزب الديمقراطي السنغالي. ويعتبر هذا من نقاط ضعف المرشح، ماديكه، الذي قد يُحرم من أصوات هذا الحزب المعارض العتيد.
وحرصًا من ماديكه أن يظل قريبًا من ناخبي الحزب الديمقراطي السنغالي فقد أعلن ترشحه من مدينة طوبا عاصمة الطريقة الصوفية المريدية بالسنغال، في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2018، كما أعلن انطلاق حملته الانتخابية من نفس المدينة في 3 فبراير/شباط 2019، وهو أمر بالغ الدلالة، خصوصًا أن الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، أعلن هو الآخر انطلاق حملته من نفس المدينة وفي نفس التاريخ. وأمام ماديكه فرصة لاستنهاض القوة الناخبة للحزب الديمقراطي السنغالي وإن كانت فرصة ضعيفة فولاء هذه القوة الناخبة للمرشح ماديكه مشكوك فيه بحكم قبضة عبد الله واد القوية داخل الحزب، فمن الواضح أن ترشح ماديكه في النهاية سيبقى ترشحًا مستقلًّا وقد لا يجد الدعم المطلوب من قواعد الحزب المتمسكة أكثر بتوجيهات رئيسه واد(12).
الحاج عيسى صال: السياسة والتصوف
يعتبر الأكاديمي المؤسِّس لجامعة الساحل بالسنغال الحاصل على دكتوراه في علوم الكمبيوتر 1995، البروفيسور الحاج عيسى صال، الثاني من حيث السن بعد ماديكه سك فهو يبلغ 63 سنة. تم قبول ملف مهندس المعلوماتية، الحاج عيسى صال، مرشح حزب الوحدة والتجمع (PUR)، أحد الأحزاب السياسية السنغالية الأكثر تنظيمًا. والأكثر تجذرًا في الريف السنغالي مما يعني أنه على اتصال وثيق بالكثير من القوى الناخبة في البلد، خصوصًا في صفوف "دائرة المسترشدين والمسترشدات" وهي جماعة صوفية تجانية تتبع شيخها التجاني سي وتوجد قاعدتها في مدينة تييس السنغالية مع وجود خلايا لها في كافة التراب السنغالي ولكن بحجم أقل مما هو في تييس. وهذه الطائفة بدأت صوفية لكنها منذ تسعينيات القرن الماضي أصبحت ذات حضور سياسي معارض حاد في معارضته. وترى هذه الطائفة، من ضمن ما ترى، ضرورة إلغاء قانون الأسرة (الذي يعتبر مخالفاً لأسس الإسلام)، وضرورة أخذ البعد الإسلامي في صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعي.
وبغضِّ النظر عن أنصار هذا المرشح داخل حزبه، حزب الوحدة والتجمع، وعن نفوذه بين "دائرة المسترشدين والمسترشدات" الصوفية فإنه غير معروف لدى غالبية الناخبين السنغاليين، حيث ظل اسمه مجهولًا حتى تشريعيات يوليو/تموز 2017، التي حصل فيها على مقعد برلماني. كما أنه قليل الحضور في الإعلام السنغالي على عكس المرشحين الآخرين الذين يملؤون الأخبار وافتتاحيات الصحف اليومية. ومن المتوقع أن يجد هذا المرشح دعمًا معتبرًا ضمن جماعته الصوفية(13).
المرشحان الغائبان الحاضران
كان من الممكن للمرشح، خليفة صال، الذي لم يتم اعتماده بسبب متابعات قضائية، أن يكون منافسًا رئاسيًّا قويًّا، ومع أن هالته الشعبية تنحصر في مدينة داكار، غير أنه بات يمثل أيقونة معارضة النظام. ومنذ السابع من مارس/آذار 2018، يخضع خليفة صال لسجن احتياطي مدته خمس سنوات نتيجة تهمة اختلاس أموال عامة وتبييض مبلغ 1.8 مليار فرنك غرب فريقي (3,140,064 دولار)، وهو معتقل في سجن روبوس (Prison de Reubeuss) بالعاصمة داكار.
وخلال جلسة متابعة محاكمة خليفة صال، في يناير/كانون الثاني 2018، مثلت الحكومة السنغالية وبلدية داكار الطرف المدني، وقبل ذلك بأيام كان خليفة قد التمس من محكمة العدل التابعة لأكواس النظر في إطلاق سراحه وتعويضه مبلغ 5 مليارات فرنك غرب إفريقي (8729000 دولار)، نظرًا لتعرضه لاعتقال تعسفي. ومع أن خليفة قد تم انتخابه نائبًا في البرلمان السنغالي في تشريعيات أغسطس/آب 2017 وهو في السجن، غير أنه لم يستفد من الحصانة البرلمانية؛ لأنه تم انتخابه خلال خضوعه لمساءلة جنائية، وهو ما يلغي الحصانة البرلمانية؛ حيث لم يحصل أن شارك خليفة في أية جلسة برلمانية مع نظرائه النواب، بالإضافة إلى كون الرئيس ماكي صال كان قد أصدر قرارًا بإلغاء وظيفة خليفة صال كعمدة لبلدية داكار وتم تعيين الدكتورة سهام الورديني مكانه، وهي سنغالية من أصول لبنانية. ولم يعد أمام خليفة صال كي يمارس حقه السياسي في الترشح إلا أن يحصل على عفو رئاسي صادر من غريمه ماكي صال، وهو أمر مستبعد. ونشير هنا إلى أن العمدة الجديدة لداكار، السيدة سهام الورديني، مقربة جدًّا من العمدة السابق، فانتخابها عمدة قد كرس استمرارية نفوذ خليفة صال في المجلس البلدي وفي عموم المشهد السياسي بداكار العاصمة. وقد أعلن خليفة صال من داخل سجنه مساندته للمرشح إدريسا سك، مما زاد حظوظ هذا الأخير(14).
ولا تختلف حالة خليفة صال كثيرًا عن حالة كريم واد، نجل الرئيس السابق، عبد الله واد، وهو المرشح الأوحد للحزب الديمقراطي السنغال والمقيم في الدوحة. وكان كريم واد قد حُكم عليه سنة 2015 بالسجن ست سنوات بتهمة الإثراء غير المشروع، وقد عفا عنه الرئيس ماكي صال لكنه ظل مطالبا بدفع غرامة حسب بعض المصادر. وكان الرئيس ماكي صال قد انزعج من اجتماع عُقد بالدوحة بين كريم واد وبعض أنصاره من الحزب الديمقراطي السنغالي، في مارس /آذار 2018، لكن قطر طلبت من ضيفها كريم واد عدم استغلال وجوده بالدوحة لأي نشاط من شأنه أن يغير علاقتها بداكار. ومن الملاحظ أن كريم واد، المتهم بالثراء غير المشروع، قد استفاد من عفو رئاسي في صيف 2016 ليخرج من سجن كان مفترضًا أن يدوم ست سنوات، عكس خليفة صال الذي ما فتئ سجينا، إلا أن كريم ما زال مطالبًا بدفع غرامة مبلغها 138 مليار فرنسك غرب إفريقي (أزيد من 24 مليون دولار)، ولهذا السبب تم رفض ملفه للترشح لرئاسيات فبراير/شباط 2019.
ومع إصرار رئيس الحزب الديمقراطي السنغالي، عبد الله واد، على أن يكون مرشح الحزب الأوحد هو ابنه كريم واد، فإن إلغاء المحكمة لهذا الترشح سيعني أن هذا الحزب لن يشارك في رئاسيات فبراير/شباط 2019 مع أنه لم يفوِّت فرصة للترشح للرئاسيات بالسنغال منذ 1978 حتى الآن. وفي هذا السياق، عاد الرئيس السابق، عبد الله واد، إلى داكار، يوم الجمعة 7 فبراير/شباط 2019، بعد سنتين من الإقامة في فرنسا وعلى رأس أولوياته الدعوة إلى مقاطعة هذه الانتخابات التي يرى واد أنها فاسدة لما شاب عملية اختيار مرشحيها من اختلالات، ورغم انتقادات واد الحادة لماكي صال وحكومته إلا أن العديد من المراقبين في السنغال يعتقدون أن واد سيكون في النهاية مع ماكي صال مساندا ومؤيدا، وأن ذلك ربما يكون في سياق صفقة سياسية ستسمح لابنه كريم واد بالعودة للمشهد السياسي السنغالي، بل ربما يكون المرشح الأقوى لرئاسيات 2024، فعبد الله واد كما يرى هؤلاء المراقبون لا يهتم إلا بمستقبل ابنه السياسي. ولا شك أن عدم وجود مرشح لحزب الرئيس واد، أهم حزب معارض، يعد سابقة في الديمقراطية السنغالية وستوجه أصابع الاتهام للرئيس، ماكي صال، وحكومته أنهم كانون السبب في تعطيل مرشح المعارضة ذات الشعبية الواسعة، وبالتالي تم الإضرار بصورة الممارسة الديمقراطية بهذا البلد الذي رسَّخ تقاليد مهمة في هذا المجال(15).
لعبة التحالفات.. فرص وحسابات ظرفية
ما إن دقت ساعة الحملة الانتخابية وجد الجد وأصبحت معركة الساعة الأخيرة أي ساعة الاقتراع على الأبواب حتى بدأت لعبة التحالفات مع هذا المرشح أو ذاك تنسج خيوطها، وهي تحالفات يستعصي حتي الآن فك طلاسمها، حيث تتشكل في غياب ايديولوجية سياسية واضحة، وما جرى منها حتى كتابة هذه الأحرف يحكمه منطق الألفة مع المرشح ويحكمه البحث عن الفرص وتغليب الحسابات الظرفية، وكلها سياقات لا علاقة لها بالبرامج السياسية ولا بالتموقع السياسي للمرشح. بالنسبة للرئيس المنتهية ولايته ماكي صال فمعلوم أنه تقف وراءه الأغلبية الرئاسية الحاكمة بطبيعة الحال، والتي استطاعت أن تجذب إليها بعض معارضيه مثل المعارضتين: عمدة بودور المحامية عائشه تال صال، والعمدة السابقة لمامبي عايدة امبودج، وكلتاهما مرشحة خاسرة لهذا الاستحقاق حيث قدمتا ملفين للترشح لهذا الاستحقاق لكن التزكية الانتخابية أقصتها.
أما إدريسا سك فقد فاز بدعم المرشح الخاسر الشيخ الحسن سين، كما استطاع الحصول على دعم عمدة دكار السابق الموجود بالسجن خليفة صال ذي الشعبية الكبيرة في العاصمة السنغالية دكار، وقد سانده أغلب المرشحين الخاسرين، ومن بينهم رئيس الوراء السابق المرشح الخاسر عجيبُ سوماري الذي يقود تحالف "عجيبُ 2019"، فضلا عن المرشح الخاسر السياسي بوغان غاي داني الذي أعلن مساندة لإدريسا.
وقد حظي عثمان سونكو بدعم "منصة المستقبل السياسي" برئاسة الشيخ التجاني ديي والمعروفة محليا باسم "سنغال بي نيو بيغ" (Senegaal Bi Ñu Bëgg) وتعني بالولفية: "السنغال الذي نحب"، كما ساندته خمسون مسؤولا لخمسين حزب سياسي. وكان سونكو قد زار الرئيس السابق عبد الله واد بعد عودته للسنغال قادما من باريس يوم الجمعة 8 فبراير /شباط 2019، وجلسا معا لكن تلك الجلسة لم تتوج بالإعلان عن وقوف عبد الله واد وحزبه الحزب الديمقراطي السنغالي وراء المرشح الشاب.
ونال المرشح مادكيه نيانغ ثقة حزب المصالحة الوطنية من أجل الوحدة الأفريقية برئاسة نديلا ماديور ضيوف(16).
الطرق الصوفية: خزان انتخابي جذاب
يتميز السنغال بوجود أربع طرق صوفية أساسية ذات تاريخ عريق في البلد، وهي: التجانية ولها فرعان أساسيان (أحدهما مركزه بمدينة تواون والثاني بمدينة كولخ)، والقادرية ولها كذلك فرعان (الكنتية ومركزها بانجسان والفاضلية ومركزها بقرية النمجاط بموريتانيا)، ثم المريدية ومركزها بمدينة طوبا، واللايينية ومركزها بمدينة داكار العاصمة. وما زالت هذه الطرق تلعب أدوارًا سياسية ودينية واجتماعية بالغة، فالطرق الصوفية السنغالية بفروعها الأربعة الكبيرة تشكِّل رأس مال رمزيًّا ظل منذ ما قبل استقلال البلاد سنة 1960 إلى اليوم في تفاعل دائم مع المشهد السياسي. ومن المعروف أن لشيوخ الطرق وزنًا خاصًّا في السنغال، خصوصًا أن علاقتهم بالمريدين قائمة على السمع والطاعة في الغالب، وأي رأي أو نصيحة من الشيخ قد توجِّه رأي طائفة كبيرة من أتباعه إلى هذا المرشح أو ذاك.
وتؤثر الطرق الصوفية الأربع في المشهد الاجتماعي والديني السنغالي وبالتالي يصبح شيوخها عند أي استحقاق انتخابي كعبة المرشحين ومثابتهم من أجل الحصول على أصوات هذا الخزان الانتخابي الكبير. وفي الغالب، يحرص جميع شيوخ الطرق الصوفية في السنغال على أن لا ينحازوا لأي طرف في الانتخابات الرئاسية، غير أن المرشحين لا يفتؤون يغازلون هذه الطريقة أو تلك ويخطبون ود شيخها وحاشيته(17).
على أن المرشحين للرئاسة في السنغال لا يفصحون عادة خلال الحملة الانتخابية عن طريقتهم الصوفية ولا يعلنون انضواءهم تحت هذه الطريقة أو تلك حتى يضمنوا علاقة منسجمة بجميع الطرق، والاستثناء الشهير في هذا المجال هو الرئيس السابق، عبد الله واد، الذي أعلن صراحة في رئاسيات 2002 و2007 أنه من أتباع الطريقة المريدية، كما أن أتباع هذه الطريقة انحازوا إليه وصوَّتوا له في تلك الاستحقاقات(18).
ومع كل هذا، فإن أي مرشح للرئاسة السنغالية لابد أن يكون ضمن حملته الانتخابية زيارة خاصة لمدينة طوبا معقل الطريقة المريدية، و"التبرك" بمزار مؤسس الطريقة، الشيخ أحمدو بمبا، وفي هذا الاستحقاق، فإن مرشحين اثنين قد انطلقت حملتهما من هذه المدينة، وهما: ماكي صال وماديكه نيانغ(19). وفي آخر استحقاق رئاسي سنة 2012، حصل الرئيس الحالي، ماكي صال، على نسبة 54.2% من أصوات ولاية انجربل وعاصمتها طوبا معقل المريدية، كما حصل ماكي صال على أغلبية مريحة في ولاية تييس وخصوصًا مدينة تِوَاوُنْ معقل التجانية الأبرز في السنغال، وقد أعلن خليفة الطريقة التجانية بتِوَاوُنْ، الشيخ امباي سي منصور، في سبتمبر/أيلول 2018، أن طائفته الصوفية تؤيد ماكي صال. وكانت حكومة ماكي صال قد أنجزت مشاريع تنموية مهمة بولاية تييس(20).
وينبغي ألا ننسى أن الرئيس ماكي صال كان قد حضر افتتاح موسم "مغال طوبا"، الذي ينظم في 18 صفر من كل سنة هجرية ووافق في السنة الماضية 27 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وألقى فيه كلمة بحضور خليفة الطريقة المريدية، الشيح منتقى امباكي. وقد التمس الرئيس ماكي صال من الشيخ المنتقى أن يدعو له بالنجاح في العهدة الثانية التي سيتقدم لها. وهذا المهرجان السنوي الذي تنظمه الطريقة المريدية تخليدًا لنفي شيخها المؤسس، الشيخ أحمدو بمبا، في القرن التاسع عشر إلى الغابون من طرف الاستعمار الفرنسي، وحضره السنة الماضية أكثر من أربعة ملايين شخص. وخلال تخليد ذكرى المولد النبوي الماضية التي وافقت 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ذهب الرئيس ماكي صال إلى تِوَاوُنْ، حاضرة الطريقة التجانية، وحضر مراسيم الاحتفال الديني إلى جانب شيخ الطريقة الشيخ امباي سي منصور(21).
هل بات الطريق سالكًا أمام ماكي صال؟
قد لا يجد الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، معارضة قوية في رئاسيات فبراير/شباط 2019 غير أن عامل المفاجأة والتحالفات الانتخابية قد يكون في صالح بعض المرشحين. كما أن منع كل من كريم واد وخليفة صال من الترشح نظرًا لصدور أحكام قضائية ضدهما تتعلق بقضايا منها ما هو جتائي ومنها ما هو إجرائي يتعلق بصيغة الترشح سيلقي بظلاله على هذا الاستحقاق الرئاسي.
في البداية، يطرح إقصاء هذين المنافسين قضية استقلال القضاء في السنغال، وقد بات حديث الإعلام أن القضاء السنغالي صار شيئًا فشيئًا تحت "وصاية" السلطة التنفيذية، فضلًا عن كون المفتشية العامة للدولة التي اتهمت عمدة داكار، خليفة صال، ليست سوى إدارة تابعة لرئاسة الجمهورية السنغالية، وهي إدارة تحيل تقاريرها لرئيس الجمهورية الذي يقوم بدوره بإصدار ما يراه مناسبًا في ضوء تلك التقارير، بما في ذلك متابعة المتهمين بالفساد المالي. وبناء على تقرير هذه المفتشية تمت إدانة خليفة صال من طرف محكمة محاربة الكسب غير المشروع (Cour de répression de l'enrichissement illicite). ولا ننسى أنه في مارس/آذار 2018 قدَّم القاضي السنغالي البارز، إبراهيم دَمْ، استقالته من سلك القضاء مبينًا في خطاب طويل وجهه للإعلام أن القضاء في السنغال فقد مصداقيته وسلطته، وأن هيكلة الهرم القضاء السنغالي تكرس ثقافة الخضوع؛ حيث فشل رئيس الجمهورية، ماكي صال، في التزامه بضمان استقلال هذه المؤسسة(22).
ومن الجلي أن هذا الاستحقاق الرئاسي عرف سابقة لم تحدث في الماضي وهي غياب أبرز أحزاب المعارضة، الحزب الديمقراطي السنغالي برئاسة عبد الله واد، عن هذا التنافس، ومن المعلوم أن لهذا الحزب قواعد جماهيرية عريضة ومن أبرز مناصريه أتباع الطريقة المريدية أقوى الطرق الصوفية في السنغال.
وحتى لو افترضنا فوز الرئيس ماكي صال في هذا الاستحقاق فإن شروط النزاع والخصام والاستياء موجودة في المشهد السياسي السنغالي، فالمرشحون الكثيرون الذين لم تتم تزكيتهم مستاؤون، فضلًا عن تصاعد الأصوات الناقدة لبطاقة الناخب نفسها، وأنصار الحزب الديمقراطي السنغالي وكذلك أنصار عمدة داكار السابق خليفة صال في حالة خصام لحكومة ماكي صال، وهذا يعني أننا نتوجه نحو استحقاق رئاسي متأزم ومتنازع حوله.
ومع ذلك تبقى لعبة التحالفات التي يتقنها السياسيون السنغاليون هي الدينامية التي ستؤثر في هذا الاستحقاق، فالخزان الانتخابي الكبير الذي كانت أصواته تذهب مباشرة لمرشح الحزب الديمقراطي السنغالي سيستفيد منه بعض المرشحين الخمسة، لكن لا نعرف تحديدًا إلى أي المرشحين ستذهب أو سيذهب أهمها وهو ما يجعل السؤال حول موازين القوى بين المرشحين غير واضح تمامًا. ومن غير المنطقي أن يكون المستفيد من هذه الأصوات هو الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، خصوصًا أنه هو المسؤول في نظر أنصار الحزب الديمقراطي السنغالي عن إقصاء مرشحهم الرئاسي، كريم واد.
ضمانات نجاح المرشح الرئاسي في السنغال
هناك عوامل متغيرة تلعب دورًا أساسيًّا في نجاح أي مرشح للرئاسة في السنغال ويأتي على رأسها ثقة المؤسسات الصوفية في هذا المترشح أو ذاك، ومن المعلوم أن نسبة المسلمين في السنغال 95% من عدد السكان، وهذه النسبة موزعة على الطرق الأربعة التي أشرنا إليها آنفًا. ونظرًا لتجذر هذه الطرق في الحياة اليومية للإنسان السنغالي فإنه من غير الممكن أن يتجاهل أي مرشح للرئاسة هذه المؤسسات الدينية الإسلامية، وقد ظل السياسيون السنغاليون يتقربون جدًّا من الطرق الصوفية ومشايخها وفي نفس الوقت يحرصون في تعاملهم مع هذه الطرق ومع مشايخها على ألا يفسر فعلهم على أنه استغلال للدين لأغراض سياسية، فالسنغال دولة علمانية كما تنص على ذلك المادة الأولى من دستور البلاد. وكما ذكرنا فقد أطلق ماديكه نيانغ وكذلك ماكي صال حملتيهما من مدينة طوبا، كما حرص المرشحان، ماكي صال وعثمان سونكو، على حضور فعالية "مغال" المنظمة في طوبا من طرف الطريقة المريدية، وعلى حضور فعالية "غامو" المنظمة في تِوَاوُنْ من طرف أتباع طريقة الحاج مالك سي التجانيين. وكان من الواضح لدى بعض المراقبين أن سونكو مرحب به أكثر في طوبا، وأن ماكي صال مرحب به أكثر في تِوَاوُنْ(23).
وتعتبر علاقة المرشح الرئاسي السنغالي مع فرنسا عاملًا أساسيًّا لا يقل أهمية عن علاقته بمشايخ الطرق الصوفية. ومن المعلوم أن فرنسا كانت تستعمر السنغال في القرون الماضية، وما زالت تحتفظ بنفوذ قوي في هذا البلد غرب الإفريقي؛ فنسبة 40% من الاستثمار الأجنبي المباشر بالسنغال تأتي من باريس، كما تقدم الشركات الفرنسية ربع إجمالي الناتج المحلي وربع إيرادات الضرائب في البلاد، وتوفر الشركات الفرنسية ما يقارب عشرين ألف وظيفة في السنغال. ومن أمثلة الحضور الفرنسي الاستثماري في السنغال أن أبرز شركة للاتصال (سوناتل) هي الذراع السنغالية لشركة "أورانج" الفرنسية. وتمتلك شركة "أرامت" (Eramet) الفرنسية 50? من منجم الزركون حيث يتم استغلال الرمال الغنية بالتيتانيوم والزركون في السنغال، هذا فضلًا عن الحضور اللافت لشركات فرنسية بالسنغال، من بينها: مجموعة كاستيل (Castel) للمشروبات والزيوت، وشركة توتال المسيطرة على جوانب مهمة من إنتاج الطاقة بالسنغال، فضلًا عن شركة الخطوط الجوية الفرنسية، ومصرف سوسيتيه جنرال (Société Générale)(24).
غير أنه من الملاحظ أن هنالك تفاوتًا في علاقات المرشحين فعلى سبيل المثال ظلت فرنسا تنظر بعين الرضا إلى الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، وترى فيه حليفًا إفريقيًّا يمكن الاعتماد عليه، بينما صدرت تصريحات عن المرشح عثمان سونكو قد لا تُرضي باريس خصوصًا عندما أعلن أنه عندما يصبح رئيسًا فسوف يخرج السنغال من مجموعة دول غرب إفريقيا التي تتعامل بالفرنك غرب الإفريقي، بينما لم تصدر مواقف ذات دلالة من المرشحين الثلاثة الباقين حول فرنسا.
وهنالك عامل لا يقل أهمية عن العاملين السابقين وهو الصوت الشبابي في هذا الاستحقاق، حيث تجاوز عدد الشباب المسجلين على اللائحة الانتخابية المليون ناخب. ومن المعلوم أن هؤلاء الشباب يميلون للتغيير، وهو معطى هام قد يؤثر في توجهات الناخبين.
خاتمة
من المؤكد أن الطرق الصوفية ستلعب دورًا أساسيًّا في هذا الاستحقاق كما جرت العادة في أي استحقاق انتخابي بالسنغالي، والمرشحون الخمسة يتوددون سرًّا أو علنًا للطرق الصوفية الأربع شيوخًا وأتباعًا، ومن المتوقع أن هذا الاقتراع سيجري في ظروف تتسم غالبا بالمراقبة وهو ما تعودنا عليه في جميع الانتخابات السنغالية، وسيلعب الإعلام التقليدي والجديد دورًا مهمًّا في نقل وقائع الاقتراع والتسابق نحو إعلان النتائج. ومن الملاحظ أن أغلب القواعد الانتخابية السنغالية توجد في الأرياف، وهي أقرب على العموم في توجهاتها إلى الرئيس المنتهية ولايته، ماكي صال، في حين ستكون حظوظ المرشحين الأربعة الآخرين أكثر في المدن منها في الأرياف، ويبقى إتقان لعبة التحالفات دينامية أساسية في هذا الاستحقاق، فالمرشح الذي استطاع ضمان عقد تحالفات أكثر مع الجهات السياسية والمدنية والاجتماعية ستكون حظوظه أوفر. وفي حالة ما لم ينجح الرئيس المنتهية ولايته ماكي صال وهو احتمال وارد، فإنه سيواجه شوطا ثانيا ساخنا خصوصا من طرف إدريسا سك أو عثمان سونكو فأحدهما قد يكون الثاني في ترتيب نتائج الشوط الأول، وحينها سيكون التحدي أشد بالنسبة لماكي صال.
______________________________________________________
* سيدي أحمد ولد الأمير، باحث في مركز الجزيرة للدراسات.
229 PARTIS POLITIQUES AU SÉNÉGAL, Seneplus, Le 6 Avril 2018, vu le 7 fevrier 2019:
https://www.seneplus.com/politique/229-partis-politiques-au-senegal
RAPPORT SUR LES ÉLECTIONS LÉGISLATIVES DU 30 JUILLET 2017, CENA aout 2017, vu le 5 fevrier 2019:
https://www.cena.sn/site/rapports/legis_2017.pdf
MADIAMBAL DIAGNE: CE QUE RÉVÈLENT LES PARRAINAGES, Seneplus, Publication 17/12/2018, vu le 3/2/2019:
https://www.seneplus.com/opinions/ce-que-revelent-les-parrainages
Loi n° 2018-22 du 04 juillet 2018 portant révision du Code electoral, publié Jul 4, 2018, vu le 25 Janvier 2019:
Ihssane GUENNOUN: Le Sénégal à l’épreuve des Présidentielles de février 2019, Policy Center for the New South: J a n v I e r 2 0 19, vu le 3/2/2019:
http://www.ocppc.ma/sites/default/files/PCNS-PP19-01_0.pdf
Marlène Panara: Sénégal – Élection présidentielle: 5 candidats pour un fauteuil, frique le Point, publlié le 23/01/2019, vu le 25/01/2019:
Présidentielle 2019 : Macky veut 2 millions de parrains, SenewebNews-RP | Le 12 avril, 2018, vu le 4/2/219
http://www.seneweb.com/news/Politique/presidentielle-2019-macky-veut-2-million_n_243603.html
Video-Aminata Touré à Macky SALL: “Nous avons ttaint la barre mythique des 2 millions de parrainage”, AZACTU Déc. 01, 2018, vu le 4/2/2019:
Sénégal : la grève des étudiants se poursuit, Jeune Afrique 20 mai 2018, vu le 5/2/2019:
https://www.jeuneafrique.com/depeches/561255/societe/senegal-la-greve-des-etudiants-se-poursuit/
Présidentielle au Sénégal: Idrissa Seck, le silencieux, RFI Publié le 01-02-2019, vu le 3/2/2019:
http://www.rfi.fr/afrique/20190131-presidentielle-senegal-idrissa-seck-silencieux
Portrait du leader de PASTEF: “Sonko, une nouvelle figure politique qui rompt avec le système”, senxibar le 27 Avril 2018, vu le ½/2019:
Présidentielle au Sénégal: Madické Niang, le dissident, PressAfrik 31/1/2019, vu le 3/2/2019:
Le Professeur Issa Sall Du Pur, La Promesse D’une Surprise Toujours Possible (par l’APS), lactuacho.com (dimanche, février 3rd, 2019), u le 5/2/2019:
Sénégal – Ouverture du procès de Khalifa Sall : ce que l’accusation reproche au maire de Dakar, Jeune Afique, le 14 décembre 2017, vu le 4 fevrier 2019:
Karim Wade, Jeune Afrique (dossier spécial), vu le 5/2/2109:
https://www.jeuneafrique.com/personnalites/karim-wade/
Présidentielle 2019: Les jeux d’alliances, Rewmi le Jan 30, 2019, vu le 9/2/2019:
http://www.rewmi.com/presidentielle-2019-jeux-dalliances.html
وانظر كذلك:
Présidentielle du 24 février 2019 : Les jeux d’alliances se précisent, TerangaNew, 3/2/2019, vu le 9/2/2019:
https://teranganews.sn/2019/02/presidentielle-du-24-fevrier-2019-les-jeux-dalliances-se-precisent/
(17) - انظر: عبد العزيز مجالـس، التصوف والسياسة في السنغال، مركز الجزيرة للدراسات، الثلاثاء، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تم التصفح في 3 فبراير/شباط 2019:
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/11/181107073246593.html
Lancement de la campagne présidentielle, Allafrica.com, 3 Février 2019, vu le 5/2/2019:
https://fr.allafrica.com/view/group/main/main/id/00066146.html
Ihssane GUENNOUN: Le Sénégal à l’épreuve des Présidentielles de février 2019, Op cité.
A l’instar du Magal, Macky prend une importante mesure pour le Gamou,SeneNews Publié le 15/11/2018, VU LE 5/2/2019:
https://www.senenews.com/actualites/la-maison-du-point-e-sapprete-pour-recevoir- karim-wade_253268.html
Démissionnaire de la magistrature, le juge Ibrahima Dème "n'exclu(t) rien", SenewebNews-RP | Le 28 mars, 2018, vu le 5/2/2019:
http://www.seneweb.com/news/Justice/demissionnaire-de-la-magistrature-le-jug_n_242193.html
Ihssane GUENNOUN: Le Sénégal à l’épreuve des Présidentielles de février 2019, Op cité.
Les investissements directs étrangers, ECONOMIES AFRICAINES, 21 juin 2017, vu le 6 fevrier 2019: