في ذكرى النكسة، الخامس من يونيو/حزيران 2017، فرضت ثلاث دول خليجية (السعودية والإمارات والبحرين) حصارًا على دولة قطر بعد حملة إعلامية تحريضية غير مسبوقة؛ حيث أغلقت هذه الدول الحدود البرية والبحرية مع قطر وفرضت حظرًا على حركة الطيران مع الدوحة، فأحدثت الأزمة أضرارًا سياسية واقتصادية واجتماعية، وهو ما ضرب كل الإنجازات التي حققها مجلس التعاون الخليجي منذ نشوئه في مايو/أيار 1981.
لكن قطر تمكَّنت من التماسك إزاء الصدمة بفضل شبكات الأمان التي هيَّأتها خلال العقدين الأخيرين، فاستطاعت بسرعة تعويض وارداتها من الدول المحاصِرَة بمستوردات من تركيا وإيران والمغرب والدول الصديقة، وعجَّلت بتفعيل تعاونها الاستراتيجي مع تركيا التي أرسلت قواتها العسكرية إلى قطر حتى تمثِّل ردعًا عن أي تصعيد عسكري محتمل، وتمكنت من ترجيح كفة المؤسسات الأميركية، الخارجية والدفاع، إلى صفها، كل ذلك أفشل رهان دول الحصار على إخضاع قطر والتحكم في استقلال قرارها الوطني.
وفي هذا الملف، الذي يحمل عنوان "أبعاد الأزمة الخليجية ومآلاتها (متابعة تحليلية لدينامياتها وآفاقها)"، نستكشف بالتحليل الموضوعي أدوار الفاعلين في الأزمة السياسية وأبعادها ودينامياتها وتأثيراتها في العمل الخليجي ومؤسساته، وكذلك في العلاقات الدولية، ونستشرف آفاقها والسيناريوهات المحتملة لتسويتها.