مقدمة
يرى بعض الساسة في طهران أن واشنطن بدأت فعليًّا انسحابًا تدريجيًّا من الاتفاق النووي، ويدلِّلون على ذلك بالتلكؤ في تطبيق بنود الاتفاق، وفرض عقوبات جديدة والتهديد بفرض غيرها، فيما انشغل آخرون، خاصة في وزارة الخارجية ولجنة مراقبة تطبيق الاتفاق في مجلس الشورى، في مناقشة السيناريوهات المحتملة بشأن مستقبل الاتفاق، وهو ما تبحثه هذه الورقة، إضافة إلى ما ستكون عليه خيارات إيران في حال انسحبت واشنطن منه.
سيناريوهات تبحثها طهران
تتحدث وزارة الخارجية الإيرانية اليوم عن جدية التهديد الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ويضع واحد من مسؤوليها سيناريوهين لمستقبل الاتفاق(1).
الأول: إدامة الاتفاق النووي بدون الولايات المتحدة الأميركية، وفي هذه الحالة فإن الاتفاق لا يملك مقومات تؤهله للبقاء.
الثاني: أن يبقى الاتفاق مع تعهد من الطرف الأوروبي للطرف الأميركي، أنه في حال بقي الاتفاق، فإنهم سيُقنعون الإيرانيين، بعد أن تمضي مدة الثماني سنوات المنصوص عليها في الاتفاق، بأن يدخلوا مفاوضات جديدة، وهو الموضوع الذي ترفضه إيران.
تَعتبر طهران مجيء مايك بومبيو، وزير الخارجية المرشح والمعارض العنيد للاتفاق النووي وصاحب اللهجة العدائية ضد إيران، ليحل محل ريكس تيلرسون، المدافع عن بقاء الاتفاق في وزارة الخارجية، مؤشرًا على مزيد من التشدد في الموقف الأميركي تجاه إيران ونية لخروجها من الاتفاق. وعودة إلى السيناريو الأول، فالاحتمالات كبيرة بأن تخرج إدارة ترامب من الاتفاق، أما الخيارات المطروحة أمام طهران فيقول أحدها بإمكانية الاستمرار في الاتفاق النووي بدون الولايات المتحدة الأميركية، ويقول الآخر بأن إيران ستخرج هي الأخرى من الاتفاق مما يعني نهايته. وقامت إيران بإبلاغ الأوروبيين بأن الخروج الأميركي من الاتفاق سيعقبه خروج إيراني منه. لأن العمل على إنجاح الاتفاق مع الأوروبيين فقط سيكون صعبًا للغاية وستكون أوروبا عرضة للضغط الأميركي، ولذلك يسعى الأوروبيون إلى إقناع واشنطن بحفظ الاتفاق مع وعود بإقناع إيران بالتفاوض مجددًا مستقبلًا. ولا يبدو أن الإيرانيين متفائلون بنجاح المساعي الأوروبية فضلًا عن تحفظهم على بعض جوانبها، ولذلك يتحدث عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني والمشارك في المفاوضات، عن ضرورة استعداد الاقتصاد الإيراني لإلغاء الاتفاق.
وحتى مع بقاء الاتفاق واستمرار واشنطن فيه فإن التوقعات الإيرانية تتحدث عن سياسات أميركية لمحاصرة إيران ومواجهتها، كما لا تحمل طهران كثيرًا من الثقة بصلابة الموقف الأوروبي وقدرة بريطانيا وفرنسا وألمانيا على إقناع واشنطن بالقبول بإدامة الاتفاق، فضلًا عن قدرتها على موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية.
تشير التقييمات الأولية لتطبيق الاتفاق إلى أن إيران حققت منافع كثيرة وإن لم تكن كاملة، وذلك على عكس ما يروِّج له الطرف المعارض للاتفاق داخل إيران من خصوم روحاني ومنافسيه السياسيين(2). وتقول طهران إنها "أوفت بالتزاماتها كاملة، ولذلك تنتظر أن تحقق منافع الاتفاق كاملة". وأيًّا يكن موقف الفريق المسؤول عن الاتفاق في وزارة الخارجية فإنه لا يستطيع التحرك خارج إطار النظام، وملزم بتقديم تقارير متخصصة للمراجع العليا حول هذه القضية، ومن الواضح أن الإيرانيين يخوضون حاليًّا محادثات مع الطرف الأوروبي، لم تتبلور نتائجها بعد.
العقدة في البرنامج الصاروخي
رغم أن الأطراف الأوروبية تُجري مساعي حثيثة لإقناع ترامب بالاستمرار في الاتفاق النووي، إلا أن هذه المساعي لم تصل إلى نتيجة إيجابية إلى اليوم، حيث تعتقد الولايات المتحدة الأميركية أن الاتفاق زاد من قوة إيران، ولعب دورًا في تعزيز نفوذها في المنطقة، وأن الاتفاق لا يوفر لواشنطن الظروف المناسبة لمواجهة طهران. ويتحدث عراقجي بوضوح عن أن ما يريده ترامب هو الملف الصاروخي الإيراني، وهو ما سبق لمجموعة 5+1 أن حاولت إدراجه في الاتفاق لكن مرشد الثورة الإسلامية والحرس الثوري وضعا ذلك كخط أحمر لم يُسمح للمفاوض الإيراني بتجاوزه(3).
وعودة إلى نتائج دراسة تحليل المضمون التي أجرتها الباحثة حول توجهات السياسة الخارجية الإيرانية، أظهرت النتائج وجود مؤشرات بأن برنامج إيران الصاروخي سيكون عقدة العلاقة بين إيران والغرب، وتشير النتائج فيما يتعلق بمستقبل القدرات العسكرية الإيرانية (وفي مقدمتها الصاروخية) في تصريحات المسؤولين الإيرانيين إلى أن ما نسبته 62% من المسؤولين تحدثوا عن مستقبل يتضمن تعزيزًا وتطويرًا لهذه القدرات، فيما تحدث ما نسبتهم 34% عن استمرار الصراع بشأن هذه القضية مستقبلًا، ورأت نسبة لا تتجاوز 2% حدوث مواجهة مسلحة مع إيران بشأنها(4).
تردد الشركات الغربية وإحجامها
وقد تركت هذه التجاذبات تأثيرًا واضحًا على الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية مع إيران؛ إذ ما زالت محكومة بالتردد، على الرغم من رغبة كثير من الدول بعلاقات اقتصادية قوية مع إيران، لكنها ما زالت متحسبة من المستقبل وترجح الاكتفاء بالحد الأقل منها، وفق ما يوضحه جابري أنصاري، المسؤول في وزارة الخارجية(5).
وقد ظهرت حالة التردد هذه بصورة جلية في تقارير عدَّة لمنظمات دولية من أهمها استطلاع للرأي أجرته مؤسسة مجموعة الأزمات الدولية ومؤسسة بورس وبازار في يناير/كانون الثاني 2018، استهدف عددًا من المديرين التنفيذيين لشركات لها نشاط اقتصادي في إيران(6). وقال 51 في المئة من المستجيبين إن شركاتهم أجَّلت قرارًا تجاريًّا كبيرًا خلال السنوات الخمس الماضية. وأرجع 33 في المئة منهم التأجيل إلى مخاوف من إعادة فرض عقوبات ثانوية على إيران، فيما تحدث 29 في المئة منهم عن مخاطر سياسية صاعدة كانت سببًا لهذا القرار. ويؤكد 51 في المئة من المستجيبين أن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعدم التصديق على الاتفاق النووي كان له أثر سلبي على خطط شركاتهم بشأن الاستثمار والتجارة في إيران. ويعتقد 62 في المئة من هؤلاء المديرين أن الحكومات الأوروبية على الأغلب لا تبذل الجهد الكافي لتشجيع التجارة والاستثمار في إيران، ويشير 94 في المئة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لا تقدِّم ما يكفي للوفاء بالتزاماتها في المجال الاقتصادي.
وسبق لمركز الجزيرة للدراسات أن نشر تقريرًا أوضح جوانب اقتصادية مهمة بهذا الخصوص حمل عنوان: تحديات الرفاه الاجتماعي بإيران في سياق احتجاجات 2017، ويرى تامر بدوي في هذا التقرير أن التصعيد المستمر بين طهران وواشنطن على خلفية عدم رغبة إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في إبقاء الولايات المتحدة الأميركية في الاتفاقية النووية دون تغيير بعض من بنودها، يجعل من نجاح طهران في عملية جذب المستثمرين الأجانب أكثر صعوبة من ذي قبل، مع نجاح إدارة روحاني بشكل محدود في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI)، مقارنة بالنتائج المتوقعة/المخطط لها من قبل الحكومة وأجهزة الدولة المعنية(7).
وتشير بيانات مؤسسة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (UNCTAD)، إلى أن إيران جذبت في عام 2016، أي العام التالي على عقد الاتفاق النووي، استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 3.37 مليارات دولار تقريبًا، وبذلك تكون قد حققت زيادة قدرها 64 في المئة تقريبًا مقارنة بقيمة ما تم جذبه من استثمارات أجنبية مباشرة في عام الاتفاق والتي بلغت 2.05 مليار دولار تقريبًا. ولكن مقارنة بعام فرض العقوبات النفطية وقطع إيران عن نظام "السويفت" (SWIFT) المصرفي العالمي، أي عام 2012، تكون الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد تراجعت بنسبة 27 في المئة تقريبًا؛ إذ بلغ حجم تلك الاستثمارات في ذلك العام 4.6 مليارات دولار. وتستهدف إيران من خلال الخطة الخمسية السادسة (2021-2016) تحقيق استثمارات أجنبية مباشرة قيمتها 15 مليار دولار سنويًّا ولكن وضعت الخطة حدًّا أدنى يجب ألا تتراجع عنه قيمة الاستثمارات من هذا النوع، وهي 3 مليارات دولار سنويًّا. ووفقًا لمراقبين(8)، يمثِّل التعويل الكبير على الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الخطة السادسة اتجاهًا تنقصه الحكمة لدى الحكومة. ويعود النجاح المحدود لإدارة الرئيس حسن روحاني في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى أسباب عدة منها ما يتعلق بطبيعة التشريعات الإيرانية التي لا تبدو ملائمة ومريحة للمستثمرين، وكذلك الصعوبات التي تعاني منها العلاقات المصرفية. وعلى الرغم من إعادة ربط النظام المصرفي الإيراني بنظام "السويفت" من خلال 30 مصرفًا إيرانيًّا بعد رفع نظام العقوبات، تظل كبرى المصارف من الصف الأول في الغرب غير راغبة في تسهيل التعاملات التي يدخل فيها طرف إيراني. تخشى المصارف الكبرى، التي تلعب دورًا مركزيًّا في التحويلات المالية الدولية بالنسبة للبنوك من الصف الثاني والثالث، من التعامل مع الطرف الإيراني لثلاثة أسباب:
- وجود سوابق خرقت فيها هذه المصارف العقوبات الأميركية على طهران ودفعت بسببها المليارات من الدولارات.
- خشية التعامل مع أشخاص أو مؤسسات يتبين صلاتها بمؤسسات أو شخصيات على قوائم إرهاب أميركية أو دولية.
- خشية التضييق على تعاملات هذه المصارف من قبل السلطات الأميركية(9).
ورغم هذه المعوقات التي قد تتضاعف مع أي إجراء أميركي ضد الاتفاق، تواصل إدارة روحاني العمل على توسيع شبكة علاقاتها المصرفية وتنويعها لتتضمن المصارف الآسيوية والإفريقية، وعدم الاكتفاء بالبنوك الأوروبية. وعلى الرغم من الممانعة الداخلية من قِبل أطراف سياسية وأمنية، تتعلق بقضية "مكافحة الإرهاب" وعدم وجود تعريفات دقيقة بشأن هذه المسألة وإمكانية استهداف جهات وأسماء مرتبطة بالحرس الثوري، يتعاون فريق روحاني ويحاول إحداث إصلاحات مصرفية طالبت بها مجموعة العمل المالي FATF)) والتي تتركز على الشفافية، ومكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب. ولكن نظرًا للطبيعة السياسية الحسَّاسة لإجراء هذه الإصلاحات، يعتمد الاستمرار فيها على دعم مرشد الجمهورية الإسلامية للحكومة وتوازنات المؤسسات السياسية والأمنية في البلاد. وقد خطت حكومة روحاني خطوات مهمة في تطبيق توصيات مجموعة العمل وهو ما أسهم في تعطيل فرض إجراءات مضادة ضد النظام المصرفي الإيراني، علمًا بأن العقوبات تعاظم تأثيرها في الاقتصاد الإيراني عندما طالت البنوك والنظام المصرفي. وإذا استطاعت الحكومة الإيرانية معالجة مواضع الخلل في نظامها المصرفي وتم رفع اسم إيران من القائمة السوداء للمنظمة فقد يكون ذلك عاملًا محفزًا للمصارف الكبرى للتعامل مع إيران(10)؛ حيث ما زال أغلب البنوك الأوروبية، وغيرها من البنوك الرئيسية في العالم، محجمًا عن التعامل مع البنوك الإيرانية أو تسهيل التعاملات المالية مع إيران، وتشكو الشركات الإيرانية في الداخل والتجار الإيرانيون في الخارج، من رفض أغلب البنوك التعامل معهم خشية وقوع تلك البنوك تحت طائلة عقوبات أميركية وعقوبات أخرى قد تكلفهم مليارات الدولارات من الغرامات بسبب العقوبات المفروضة على الحرس الثوري.
ووفقًا لبنود الاتفاق، فإن المؤسسات الخارجية في مبادلاتها التجارية مع إيران ستكون عرضة للعقوبات الأميركية وفق المعايير المعتمدة من قِبل مجموعة العمل المالي (FAFT) (11)، إذا كانت طرفًا في حدوث الانتهاكات التالية:
- صفقة من شأنها أن تساعد الحكومة في تحقيق أو تطوير أسلحة الدمار الشامل.
- المعاملات التي تتعلق بالدعم الإيراني لتنظيمات إرهابية أو تسهيل أعمال الإرهاب.
- تسهيل المعاملات المالية لأفراد وردت أسماؤهم في قرارات العقوبات المالية التالية: 1737، و1747، و1803، و1929.
- المشاركة في غسل الأموال أو توفير الظروف للبنك المركزي الإيراني لإجراء معاملات من أجل امتلاك أو تطوير أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب، أو إجراء معاملات للأفراد المشمولين بقرارات العقوبات 1737، و1747، و1803، و1929.
- تسهيل المعاملات المالية المهمة للحرس الثوري الإيراني والشركات التابعة لها والذين جرى مصادرة أصولهم وفقًا للقانون (IEEPA).
ويبرر المعارضون لسياسات حكومة روحاني فيما يتعلق بالاتفاق مع مجموعة العمل المالي، أن النصوص المتعلقة بالحرس الثوري تستهدف جانبين من نشاطه، وهما:
- البرنامج الصاروخي.
- دعم الحركات المسلحة (المقاومة)، ويطول ذلك حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين(12).
هل يمكن لأوروبا أن تُنجح الاتفاق؟
من الخيارات المتاحة أمام أوروبا لحفظ الاتفاق، أن تلجأ إلى توقيع اتفاق مع الطرف الأميركي يحمي شركاتها التي ترغب بعلاقات تجارية مع إيران من العقوبات الأميركية، لكن ذلك مرتبط بقرار إيران البقاء في الاتفاق، إذا انسحبت منه واشنطن واحتمالات ذلك ضعيفة للغاية. ويبدو أن الأطراف الأوروبية متفهمة بدرجة عالية لموقف ترامب فيما يتعلق بـ"البرنامج الصاروخي الإيراني"، وتشاركه "قلقه" بشأن ذلك، ولديها استعداد للقيام بإجراءات ترضي الطرف الأميركي.
وليست إيران وحدها من ترفض التفاوض مجددًا حيث تشاركها روسيا والصين ذات الموقف، لكن أوروبا قدمت مقترحات تشمل تشديد التفتيش على المنشآت وتمديد مدة الاتفاق النووي، مع اقتراح باتفاق مكمل يشمل عددًا من الملفات الأمنية في المنطقة. وإذا لم تنجح المساعي الأوروبية على هذا الصعيد فإن قرار إيران باستئناف برنامجها النووي هو الأرجح. تُظهر فرنسا فاعلية ورغبة كبيرة في لعب دور على هذا الصعيد، وقد يكون في إيران من يرحب بهذا الدور، لكن سعيها لإقناع طهران بالتفاوض بشأن ملفات أخرى في المنطقة لا يرضي مرشد الثورة الإسلامية، فبعد أيام من زيارة قام بها وزير خارجية فرنسا، جان إيف لو دريان، إلى طهران بهدف تأكيد مساندة أوروبا للاتفاق النووي وإلقاء الضوء في نفس الوقت على المخاوف الأميركية بشأن البرنامج الصاروخي الإيراني ونفوذ الجمهورية الإسلامية في المنطقة، صرَّح آية الله خامنئي بأن "إيران لن تتفاوض مع الغرب بشأن وجودها بالمنطقة"(13)، وقال: إن هذه المسألة لا علاقة لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية بها(14).
خاتمة
يبدو أن تفكيك الاتفاق، هو استراتيجية أميركية، هدفها إجبار إيران على الدخول من جديد في عملية تفاوضية لتحصيل اتفاق يروق لترامب أكثر، لكن هذا الافتراض لا يبدو مقبولًا بالنسبة للإيرانيين؛ إذ إن الاتفاق الذي يصفه ترامب بـ"الصفقة الأكثر غباء" يجد وبنفس الحدة معارضين كثرًا داخل إيران، بعضهم متنفذون في مراكز صنع القرار وداخل الحرس الثوري، يرون أن الاتفاق أخلَّ بالخطوط الحُمر الإيرانية وتجاوزها، وأنهم غضوا الطرف عن سوءاته ضمن شروط أن ينجح في إنعاش الاقتصاد الإيراني وإزالة العقوبات. وفي السابق لم يكن لروحاني وفريق إيران المفاوض أن يطوي طريق المسار التفاوضي لولا دعم من المرشد الذي أسكت أصوات المعارضين، رغم تأكيداته بأنه "غير متفائل بمستقبل هذا الاتفاق وأن واشنطن غير أهل للثقة"، ولذلك، فإن الحديث عن سيناريوهات تتضمن الدخول في عملية تفاوضية جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، فقط لأن الرئيس الأميركي يريد ذلك، لن يكون مقبولًا بالنسبة لخامنئي، مراكز صناعة القرار في إيران. ومن المرجح أن لا يبقى الإيرانيون في الاتفاق في حال انسحبت منه الولايات المتحدة الأميركية ولا يبدو أنهم واثقون من نية وقدرة الأطراف الأوروبية على تجنب التبعات السيئة للانسحاب الأميركي على الاتفاق، وكذلك لا يُظهر الإيرانيون حتى اللحظة أدنى قبول بأن يدخلوا في تفاوض بشأن برنامج بلادهم الصاروخي، وسيكون من نتائج ذلك تشديد الأزمات السياسية، وسلوك سياسي إيراني يتضمن مزيدًا من إطلاق يد الحرس الثوري في ملفات المنطقة الشائكة. وستعمد إيران إلى تقوية علاقاتها مع خصوم ومنافسي واشنطن وفي مقدمتهم روسيا والصين كما ستعمد إلى جعل إدارة الولايات المتحدة الأميركية للأزمات في المنطقة أمرًا في غاية الصعوبة دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح ودور إيران.
___________________________________
د. فاطمة الصمادي: باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات متخصصة في الشأن الإيراني
1 - برگزاري جلسه کميسيون امنيت ملي مجلس بررسي سناريوهاي وزارت خارجه براي آينده برجام (جلسة للجنة الأمن القومي في المجلس لمناقشة سيناريوهات وزارة الخارجية بشأن مستقبل الاتفاق)، وكالة أنباء الإذاعة والتليفزيون الإيرانية، 23 اسفند 1396 ش، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2018):
goo.gl/kn27L5
2- برگزاري جلسه کميسيون امنيت ملي مجلس بررسي سناريوهاي وزارت خارجه براي آينده برجام (جلسة للجنة الأمن القومي في المجلس لمناقشة سيناريوهات وزارة الخارجية بشأن مستقبل الاتفاق)، مرجع سابق.
3- برگزاري جلسه کميسيون امنيت ملي مجلس بررسي سناريوهاي وزارت خارجه براي آينده برجام (جلسة للجنة الأمن القومي في المجلس لمناقشة سيناريوهات وزارة الخارجية بشأن مستقبل الاتفاق)، مرجع سابق.
4- فاطمة الصمادي، توجهات السياسة الخارجية الإيرانية عقب الاتفاق النووي.. الأولويات والأدوار (تحليل مضمون)، مركز الجزيرة للدراسات، 15 مايو/أيار 2017، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2018):
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/05/170514035911998.html
5- دو سناريو از آينده برجام (سيناريوهان لمستقبل الاتفاق)، صحيفة "دنياى اقتصاد"، 19/ 10/1396، (تاريخ الدخول: 19 مارس/آذار 2018):
goo.gl/8DgWUF
6 -Bourse & Bazaar, “Great Expectations, Delayed Implementation”, January 2018, (accessed 18 march 2018): إضغط هنا.
7- بدوي، تامر، "تحديات الرفاه الاجتماعي بإيران في سياق احتجاجات 2017"، مركز الجزيرة للدراسات، 6 فبراير/شباط 2018، ((تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2018):
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/02/2017-180206083925320.html
11- اعتمدت مجموعة العمل المالي (FATF) أربعين توصية معدَّلة (المعايير الدولية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح)، وتعتمد هذه التوصيات أكثر من 180 دولة وتتيح لها اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على كافة المستويات ابتداءً من تحديد هوية العملاء وحتى مرحلة التحقيق والمحاكمة ومصادرة الأصول. أمَّا على المستوى العالمي، فتقوم مجموعة (FATF) بمراقبة المعايير واتخاذ الإجراءات المناسبة لتعزيز عملية التطبيق، ويمكن مراجعة نص التوصيات على موقع المجموعة:
http://www.fatfgafi.org/publications/fatfrecommendations/documents/fatf-recommendations.html
12- كميل نقي بور، پانويس 14 پيوست دو برجام چگونه راه مبادلات تجاري را سد کرده است؟/ مقدمه سازي آمريکا در برجام براي تحميل FATF به دولت روحاني (الهامش 14 للملحق الثاني في الاتفاق وكيف أغلق طريق التبادل التجاري. مقدمة أميركا لفرض بنود (FATF) على حكومة روحاني، رجا نيوز، 6 تير 1395، (تاريخ الدخول: 19 مارس/آذار 2018):
goo.gl/2F3atU
13- "خامنئي: إيران لن تتفاوض مع الغرب بشأن وجودها بالمنطقة"، وكالة رويترز، 8 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2018):
https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKCN1GK1HT
14- رهبر انقلاب: حضور ايران در منطقه ربطي به آمريکا و اروپا ندارد (قائد الثورة: لا علاقة لأميركا وأوروبا بوجود إيران في المنطقة)، وكالة فارس نيوز، 17 اسفند 1396 ش، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2018):