الاستحقاقات الانتخابية القادمة في الصومال

الانتخابات الرئاسية الصومالية ستدور رحاها، إن جرت، تحت قبة البرلمان. وستكون المنازلة الرئيسية بين أطراف السلطة الحالية.
09e4b8f4e2934f51969a934e15734215_18.jpg
الاستحقاقات الانتخابية القادمة في الصومال (الجزيرة)

يأتي الاستحقاق الانتخابي للفوز برئاسة الصومال في أغسطس/آب المقبل والصراع على أشده بين أجنحة السلطة في البرلمان والرئاسة، مع فشل المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة في حله.

ويشكك المراقبون في إمكانية انعقاد هذه الانتخابات نظرا للصراع الدائر بين أقطاب السلطة الذي قد يعقد الأجواء ويغير اتجاه الأحداث ويفرز واقعاً جديدا، وقد يصل الأمر إلى تلاشي مؤسسات الحكم مما يؤدي إلى تدخل دولي يعطي المؤسسات الثلاثة (الرئاسة، الحكومة، والبرلمان) فترة تمديد قدرها سنة بعدها يتم انتخاب برلمان جديد ورئيس جديد ومن ثم حكومة جديدة.
وقد يكون الأمر على العكس من ذلك فيفرض على الرئيس شيخ شريف قبول توصيات لقاء نيروبي كما فرض على سابقه عبد الله يوسف أحمد قبول مقررات جيبوتي من قبل القوى المتحكمة في الشأن الصومالي.

 

 اللاعبون الرئيسيون في الانتخابات

من الأقطاب التي يتوقع أن تخوض معركة الانتخابات، مجموعات ثلاث:

١-أطراف في السلطة (رئيس البرلمان، رئيس الجمهورية، ورئيس ولاية البونت).

٢-سياسيون سابقون (محمد جيدي، رئيس الوزراء الأسبق/ عبد الرحمن عبد الشكور، وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق/ أحمد عبد السلام، نائب رئيس الوزراء الأسبق).

٣-شخصيات جديدة على المسرح السياسي من بينهم صحفيون (يوسف جراد، رئيس القسم الصومالي لهيئة الإذاعة البريطانية ) ورجال أعمال (عبد القادر عسبلي، الرئيس السابق لشركة بنادر للتجارة والعضو في البرلمان الحالي)، وأكاديميون ومثقفون أسسوا أحزابا لغرض هذه الانتخابات (الدكتور/ أحمد إسماعيل سمتر الأستاذ في جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة، ورئيس حزب "هيل قرن" للأستاذ حسن شيخ محمود، المدير السابق لمعهد الصومالي للتنمية الإدارية ورئيس حزب السلام والتنمية).

الأرصدة السياسية

هذه الانتخابات -إن جرت- ستجري داخل البرلمان وليست انتخابات عامة يدلي فيها الشعب بصوته لاختيار من سيحكمه. لذا فحسابات الربح والخسارة غالبا ما تعتمد على من يستطيع استمالة أعضاء البرلمان وليس بالكفاءة السياسية

تختلف الأرصدة في المجموعات الثلاث، فالأولى تعتمد على ما لديها من سلطات وعلاقات داخلية وخارجية وما تملكه من رصيد مالي، وإمكانية تحويل هذه العناصر إلى عامل جذب لأصوات أعضاء البرلمان. أما الثانية، فرهانها يتمثل في التناقضات الموجودة في المجموعة الأولى والمتمثلة في ضعف الكفاءة، ونقص الخبرة، والسخط المحلي والدولي على أدائهم في الفترة الماضية. أما الثالثة، فما زالت في طور بلورة رؤى وأفكار يمكن تسويقها لأعضاء البرلمان والمجتمع الصومالي والدولي.

حسابات الفوز والخسارة
هذه الانتخابات -إن جرت- ستجري داخل البرلمان وليست انتخابات عامة يدلي فيها الشعب بصوته لاختيار من سيحكمه. لذا فحسابات الربح والخسارة غالبا ما تعتمد على من يستطيع استمالة أعضاء البرلمان وليس بالكفاءة السياسية. ولذا، فمن المؤكد أن من يفتقد المال فإن خسارته مرجحة. يضاف إلى ذلك الدعم الدولي والإقليمي. ولذا فمن الأرجح ألا تحصل الأطراف التي تأتي من خارج النظام القائم على نتائج معتبرة.

في داخل المؤسسة الحكومية، ليست هناك شخصية يمكن القول إنها ستحقق فوزا كاسحاُ في الانتخابات المقبلة، إذ أن كلا يملك نقاط قوة وضعف في مواجهة الآخر. ولكن نظراً للتحركات الداخلية والخارجية لرئيس البرلمان الحالي شريف حسن شيخ آدم فإن كفته أو من يتحالف معه تبدو راجحة للأسباب التالية:

1-رئاسته للبرلمان على فترتين متباعدتين، وعلاقته اللصيقة بمعظم أعضاء البرلمان، بينما غيره يعتبر من حديثي العهد بالسياسة بالمقارنة معه.

2-المرونة السياسية التي يتمتع بها وقدرته على خلق تحالفات سياسية بين الشرائح والتيارات المختلفة.

3-كونه رجل أعمال يتمتع بعلاقات واسعة مع شريحة التجار.

4-استطاعته استمالة أثيوبيا- ذات الحضور القوي في الساحة الصومالية والإقليمية- إلى جانبه بعد أن كانت عدوا له في فترة عبد الله يوسف.

كل هذه الأمور قد تمكن رئيس البرلمان الحالي من كسب المعركة الانتخابية. وفي حالة شعوره بأن التيار يجري لغير صالحه فإنه لن يتردد في مساندة أحد حلفائه وتأمين منصب رئيسي في الحكم، سواء كان ذلك في موقعه الحالي أو منصب رئاسة الوزراء. وأقوى المتحالفين معه والذي يطمح إلى وصول سدة الرئاسة هو رئيس ولاية البونت عبد الرحمن شيخ محمد فرولي.

ولكن هذا كله سيحصل إذا جرت الانتخابات الرئاسية قبل انتخاب رئيس للبرلمان، أما إذا جاءت معكوسة حسبما جرت العادة فإن رئيس البرلمان الحالي قد يخاطر بمنصبه الحالي دون أن يدرك الثاني وذلك للحسابات القبلية التي تتحكم في المناصب الصومالية.

هناك مراقبين يقولون بأن رئيس البرلمان يرغب في تأمين موقعه الحالي على أن يتولى الرئاسة حليفه رئيس ولاية البونت، ورئاسة الحكومة الرئيس الحالي لولاية غلمدغ أحمد محمد عالم، وقد كان ثلاثتهم من المشاركين في لقاء نيروبي، كما أن علاقتهم مع إثيوبيا تجعلهم في صف واحد

ولهذا، فإن هناك مراقبين يقولون بأن رئيس البرلمان يرغب في تأمين موقعه الحالي على أن يتولى الرئاسة حليفه رئيس ولاية البونت، ورئاسة الحكومة الرئيس الحالي لولاية غلمدغ أحمد محمد عالم، وقد كان ثلاثتهم من المشاركين في لقاء نيروبي، كما أن علاقتهم مع إثيوبيا تجعلهم في صف واحد.

أما شريف شيخ أحمد، الرئيس الحالي فإن وجوده في الحكم قد يكون أهم رصيد يمتلكه للفوز في الانتخابات بينما فشله في هذه الفترة وفقدانه مركز قوته الذي أوصله إلى سدة الحكم والمتمثل بتحالف إعادة التحرير الذي تلاشي وذاب وسط الأمواج السياسية المتلاطمة، وفقدانه حليفا إقليميا أو دوليا مساندا له، هي أهم العوامل التي تقف عائقا دون فوزه.

أما السياسيون السابقون وبصورة أكثر الشخصيات الجديدة على المسرح السياسي من أكاديميين ورجال أعمال وإعلام فتأثيرهم في هذا الاستحقاق ودخولهم إلى ميدان التنافس يواجه عراقيل كثيرة، لعل من أبرزها كون الاستحقاق الرئاسي -إن تم في أغسطس/آب القادم- فإنه سيكون انتخابا غير مباشر محصورا على أعضاء البرلمان، وعلى ذلك الأساس فإن البرلمانيين لا يعرفون هؤلاء الأشخاص، وأصواتهم ستذهب في أغلب الاحتمالات إلى رئيس البرلمان أو إلى رئيس الجمهورية.

التغييرات المتوقعة

ومهما يكن من استحقاقات انتخابية قادمة فإنها لن تغير من الواقع الحالي في حالة عودة أحد من المجموعة الأولى وذلك بفشلهم في الفترة السابقة في تحقيق تقدم يذكر في كافة الأصعدة

ومهما يكن من استحقاقات انتخابية قادمة فإنها لن تغير من الواقع الحالي في حالة عودة أحد من المجموعة الأولى وذلك بفشلهم في الفترة السابقة في تحقيق تقدم يذكر في كافة الأصعدة، بالإضافة إلى التململ الداخلي والخارجي من سياساتهم.

أما إذا جاء أحد من المجموعة الثانية أو الثالثة فإن نجاحه يرتبط بمدى كفاءته ونزاهته ووعيه بأبعاد الأزمة السياسية في البلاد وحنكته في إدارتها.

وكذلك تحقيقه لمصالحة شاملة في البلاد، وجذب الاهتمام الدولي وخاصة الاهتمام العربي والإسلامي إلى المساهمة في إعادة بناء الدولة الصومالية ووضع جدول زمني لانسحاب القوات الإفريقية، وإنهاء وجود المقاتلين الأجانب وخلق علاقات جوار متوازنة مع المحيط الإقليمي.