المشاركة الشبابية في السياسة بإفريقيا: مواجهة حكم الشيوخ والعراقيل الدستورية

تعتبر قارة إفريقيا أصغر قارات العالم سنًّا لضمها أكبر عدد من الشباب في العالم؛ وهو ما يعني أن حكامها الشيوخ المسنين ومسؤوليها العجائز باتوا أمام تزايد الضغوطات وتداعيات سياساتهم التي لا تستهدف متطلبات هذه الفئة العمرية من المواطنين.
طالب النيجيريون الشباب بمزيد من التمثيل الحكومي في انتخابات 2019 [Courtesy of KC Nwakalor]

لقد كانت البهجة التي رافقت انتخاب "آبي أحمد"، في أبريل/نيسان 2018، رئيسًا لوزراء إثيوبيا(1) وتعيين "فيرا ديفيس"، وزيرة المالية الأنغولية، في أكتوبر/تشرين الأول 2019(2)؛ تتمثل في الاعتقاد السائد بأن قارة إفريقيا مقبلة على عهدٍ يتولى فيه شبابُها مناصب سياسية قيادية ومقاليد حكمٍ تمنحهم فرصة مباشرة لمعالجة القضايا التي تمس حياة سكان القارة الذين كانت أعمار 60% منهم دون 25 عامًا؛ فـ"فيرا ديفيس" تبلغ من العمر 35 عامًا عند تعيينها، بينما كان "آبي أحمد"، الذي تحيط به حاليًّا قضايا مصيرية، في سنِّ 42 عامًا عند توليه المنصب، وما زال إلى اليوم أصغر قائد دولة في القارة(3).

وربما كان التحدي الأول عندما يكون الحديث عن الشباب في إفريقيا هو وجود تعريف موحد لمصطلح "الشباب"، ولا يمكن اعتبار أمثال "آبي أحمد" شبانًا حسب تصنيفات الكتل والمنظمات الدولية. وهناك اختلاف بين الباحثين الأفارقة في تعريف المصطلح؛ لأن كل واحد منهم يعرِّفه حسب دستور بلاده ونظرًا لكون المصطلح قابلًا للتمديد؛ فالشباب يصف فئة بين فترة الانتقال من الاعتماد على الغير (الطفولة) إلى فترة الاستقلال عند مرحلة البلوغ، وله آثار ثقافية في مختلف المجتمعات الإفريقية ما بين مفهومه في الدولة الحديثة ودلالاته في العصور القديمة(4)؛ حيث يعني لدى بعض مجتمعات غرب إفريقيا رفضَ المرء لماضيه وتقبله للحاضر(5). وقد توسع بعضهم في تحديد الفترة العمرية للشباب بإفريقيا من 18 أو 20 عامًا إلى 35 أو حتى 40 عامًا نظرًا للظروف الاجتماعية والاقتصادية المعاكسة في مختلف المجتمعات الحديثة والتي أثَّرت في عدم قدرة النسبة الكبرى من شبابها على تحمل مسؤولياتهم الاجتماعية والاقتصادية بشكل كامل إلا بعد بلوغهم سن 30 عامًا أو اقترابهم من 40 عامًا(6).

ومهما يكن تعريف مصطلح "الشباب"، فإن الدول الإفريقية تحتفل اليوم بوجود قادة مشاريع اجتماعية ومبادرات تكنولوجية وشركات إعلامية مختلفة من الفئة الشبابية. كما أن كون قارة إفريقيا أصغرَ قارات العالم سنًّا لضمها أكبر عدد من الشباب في العالم؛ فهذا يعني أن حكامها الشيوخ ومسؤوليها الكبار أمام تزايد الضغوطات وتداعيات سياساتهم التي لا تستهدف متطلبات هذه الفئة العمرية من المواطنين.

حكم الشيوخ والمجتمعات الإفريقية

كان موقف بعض منتقدي تحركات الشباب وأنشطتهم السياسية؛ أن معظم الثقافات الإفريقية منذ القدم إلى اليوم تخصص مكانة خاصة للشيوخ والكبار؛ ففئة الكبار هي التي تستحق الحكم وجميع المناصب الرئيسية لخبراتها وحِكمتها وقدراتها البدنية، وما على فئة الشباب والأصغر سنًّا سوى تنفيذ إملاءات الأكابر وأوامرهم(7). وبالتالي، ستكون الرهانات على الشباب ومناهضة حكم الشيوخ، أو "الغيرونتوقراطية" في اللغات الأوروبية، التي تشهد رخوة في الآونة الأخيرة بمنزلة انقلاب على هذه الثقافات والإخلال بالنظام السياسي المعتاد، إضافة إلى إمكانية تحريكهم واستغلالهم من قبل أيادٍ خارجية.

على أن متابعة دور الشباب في المجتمعات الإفريقية القديمة تُظهر جليًّا أن لهم مكانةً خاصة في تنمية هذه المجتمعات، وأنهم ليسوا فقط قادة لأقرانهم في اتحادات محلية واجتماعات فئتهم العمرية المجتمعية، بل كانوا أيضًا قادة شعوب وملوك دول في فترة من الفترات. فتواريخ الإمبراطوريات والممالك الإفريقية من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق حافلة بحكايات وزعماء تقلَّدوا زمام الحكم في أعمار بين 18 و35 عامًا، كما هي الحال في بعض ملوك إفريقيا الجنوبية وقادة عسكريين في إمبراطوريات وممالك نيجيرية قديمة، بل إن الملك "مانسا موسى" الذي حكم إمبراطورية مالي لمدة 25 عامًا قد تولى العرش عندما كان عمره 32 عامًا(8) أو 23 عامًا، وفق بعض المصادر التي أشارت إلى كونه شابًّا وسيمًا عندما وصل القاهرة أثناء رحلته الحجية في عام 1324م(9).

ويمكن القول أيضًا: إن جُلَّ المتشائمين في تصدر الشباب للمشهد السياسي والإداري في الدول الإفريقية الحديثة غالبًا ما يتجاهلون حقيقة أن كل مجتمع بحاجة إلى عقول وقدرات تناسب تحدياته ومتطلبات عصره. لقد شهدت إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وخاصة غرب إفريقيا إبان تنامي الوعي السياسي الحزبي، ظهورَ سلسلة جديدة من الحركات الشبابية لمناقشة القضايا ذات الأهمية الوطنية والتي خرَّجت كُتَّابًا وطنيين وشخصيات مناهضة للسياسات الاستعمارية وزعماء الاستقلال، أمثال: "مؤتمر غولد كوست للشباب" الذي نظَّمه "جي بي دانكوه"، في عام 1930، و"حركة شباب لاغوس"، التي تأسست في عام 1934، وكان "نمدي أزيكيوي" (أول رئيس لنيجيريا) من أبرز أعضائها، و"رابطة شباب غرب إفريقيا"، التي تشكلت عام 1938 بجهود الزعيم السيراليوني "إسحاق والاس جونسون"(10). ومن خلال هذه الحركات وغيرها من المنظمات الشبابية انتفضت المجتمعات الإفريقية ضد الحكومات الاستعمارية والقوانين العنصرية، كانتفاضة سويتو عام 1976 في جنوب إفريقيا(11).

يضاف إلى ما سبق أن بعض حكام اليوم بمن فيهم أولئك الذين تجاوزت أعمارهم بكثير سِنَّ تقاعد العمال في بلادهم كانوا هم أنفسهم شُبانًا أو متوسطي العمر عندما وصلوا إلى سُدَّة الحكم؛ فالرئيس "يوري موسيفيني" الذي عدَّل دستور أوغندا للبقاء في الحكم والترشح لانتخابات قادمة قد وصل إلى رئاسة بلاده في عام 1986 وهو في سن 42 عامًا، ورئيس غينيا الاستوائية "تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو"، الذي يحكم منذ 1979، كان يبلغ 37 عامًا عند تولِّيه المنصب، والرئيس النيجيري الحالي "محمد بخاري" كان عمره 41 عامًا عندما حكم البلاد كرئيس الدولة العسكري بعد انقلاب 1983، بينما كان رئيس مدغشقر "أندري راجولينا" يبلغ من العمر 35 عامًا عندما استولى على السلطة في انقلاب عام 2009. أما "جوزيف كابيلا"، الذي غادر رئاسة الكونغو الديمقراطية بمشقة في عام 2018 رغم انتهاء فترتي رئاسته منذ عام 2016 قد كان عمره 29 عامًا عندما توليه الرئاسة في عام 2001.

تحديات انخراط شباب إفريقيا في العملية السياسية

لا شك في أن ما سبق يثير تساؤلات حول اهتمام شباب إفريقيا بالسياسة، وما إذا كانت العبرة بصغر سن القائد أم خبراته الإدارية ورؤيته الوطنية. ولكن طبيعة وصول الحُكام المذكورين آنفًا إلى تلك المناصب والتي كانت عبر آليات عسكرية وأجواء مسلحة ترجِّح كفة موقف القائلين بضرورة إدراج الشباب في العملية السياسية، وذلك نظرًا للنمو السكاني السريع الذي أحدث تحولًا جذريًّا في الضغط على الحكومات ولتزايد نسبة الناخبين الشباب والذي أدى إلى المطالبة بتنويع خياراتهم أثناء الانتخابات وفتح المجال أمامهم كي يحتلوا مناصب إدارية من خلال منافذ قانونية وآليات مدنية(12).

وإلى جانب السياسات والحواجز الدستورية التي تحد من المشاركة الشبابية في العملية السياسية في إفريقيا، فإن طبيعة الأحزاب السياسية وهيكلها منذ ستينات القرن الماضي غالبًا ما تتصف بالإثنية العرقية حائدةً عن أهدافها الرئيسية المتمثلة في أن تكون مهادًا للتنشئة السياسية وسياقًا لتعميق الثقافة والمبادئ السياسية التي تساعد في حشد الخيارات المتاحة للناخبين. فكانت الأحزاب الرئيسية اليوم عبارةً عن هيئة تضم أفرادًا من معتقدات وأيديولوجيات معينة، وتم إبعاد الشباب عن خلفيتها الرئيسية من خلال تشكيل أجنحة شبابية كملحقات لهذه الأحزاب. بل الأجنحة الشبابية نفسها تحولت إلى منصات للبلطجة وخلق الفوضى أثناء الانتخابات وعندما لا تسير الأمور على أهواء الرجال الكبار داخل هذه الأحزاب(13).

من جانب آخر، تتسم ممارسة العملية السياسية في إفريقيا بأنها تتطلب مبلغًا كبيرًا من الأموال، خاصة وأن تمويل الانتخابات في الآونة الأخيرة في كل من نيجيريا وكينيا وغانا وغيرها شهد تضخمًا مفاجئًا وأثَّر على العملية الانتخابية. كما أن لثروة المرشحين دورًا حاسمًا في تأمين تذكرة الترشح من الأحزاب السياسية الرئيسية؛ فمن خلال نِسَب تمويلهم للحزب وتوزيعهم هدايا لقاعدتهم الشعبية ونفوذهم الاقتصادي والمالي يتحكم الحكام الحاليون وأثرياء الأحزاب المتنافسون في قرار الحزب ويحافظون على السلطة السياسية مع إبعاد المنافسين الأقل ثراء حتى وإن كانوا ذوي رؤى عملية وبرامج وطنية(14). ولذا، تُلقَّب ممارسة السياسة في دولة مثل نيجيريا بـ"لعبة الرجال الكبار".

ورغم التحديات السابقة، أتت السنوات العشر الماضية بنماذج حية للمشاركة الشبابية في التغيير الاجتماعي والحفاظ عليه وإبقاء القادة والمسؤولين السياسيين الشباب في مواقعهم وعلى أقدامهم. وعلى رأس هذه النماذج: نجاحات "جوليوس ماليما" السياسية في جنوب إفريقيا، وثورات "الربيع العربي" في شمال إفريقيا، وأنشطة "بوبي واين" في أوغندا الساعية لإقالة "يوري موسيفيني" في رئاسيات يناير/كانون الثاني 2021، إضافة إلى مساعي "ييلي سووري" في انتخابات 2019 واحتجاجات الشباب الأخيرة في نيجيريا.

"جوليوس ماليما" وتحدي حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي"

يستلهم العديد من الشباب الأفارقة دوافع انخراطهم في العملية السياسية في السنوات الثلاثة الماضية من "جوليوس ماليما"، السياسي الجريء من جنوب إفريقيا والبالغ من العمر 39 عامًا؛ والذي يوصف لدى منتقديه وخاصة مواطني جنوب إفريقيا "البيض" بـ"شعبوي متهور" لأنه "يؤجِّج الصراع العنصري"(15)، في حين ينظر إليه آخرون كأكبر تحدٍّ لحزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" الحاكم في البرلمان وفي القاعدة الشعبية المحلية(16).

وقد كان "ماليما" نفسه عضوًا في حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي"، أقدم حزب سياسي في إفريقيا؛ حيث انضم إليه في سنِّ التاسعة من عمره(17) وشغل فيه منصب رئيس جناح شباب الحزب من عام 2008 إلى حين تجريده من عضوية الحزب في عام 2012 وهو ابن 31 عامًا لتُهمٍ كثيرة تشمل خطاب الكراهية وزرع الفتنة والانقسامات وانتقادات زعماء الحزب(18). ومع ذلك، لم يتراجع "ماليما" حيث استغل يأس جنوب الإفريقيين "السود" وخاصة الشباب من أداء حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" وفشله في مرحلة ما بعد الفصل العنصري وقبول قادته المساومة على حساب السكان الفقراء واختلاس الأموال العامة(19).

وقد مضى "ماليما" قدمًا وأسَّس في يوليو/تموز 2013 حزب "المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية" لتعزيز أجنداته ومواجهة القادة السياسيين وخاصة من حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" الحاكم، ليصبح اليوم أبرز قادة المعارضة في جنوب إفريقيا وعنصرًا مهمًّا في النقاشات المحورية والقضايا الوطنية. ويحتل حزبه اليوم 44 مقعدًا في الجمعية الوطنية(20) و11 مقعدًا في المجلس الوطني للمقاطعات ليكون حاليًّا ثالث أكبر حزب في مجلسي البرلمان في جنوب إفريقيا(21).

"بوبي واين" وتغيير وجه المعارضة الأوغندية

لقد اشتهر السياسي الأوغندي "روبرت كياغولاني سينتامو" البالغ من العمر 38 عامًا باسمه الفني "بوبي واين"؛ حيث بدأ مسيرته الفنية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مع أغانيه التي ضمَّت رسائل عن معاناة مجتمعه وظواهره. وانخرط في العملية السياسية عندما أعلن، في أبريل/نيسان 2017، ترشحه لدائرة مقاطعة "كيادوندو" الشرقية في البرلمان وهزم في هذه الانتخابات مرشحين مخضرمين من حزب "حركة المقاومة الوطنية" الحاكم وحزب المعارضة الرئيسي "منتدى التغيير الديمقراطي"، وذلك بفضل حملته التي جذبت دعم الأوغنديين في الداخل والشتات(22).

وقد عززت مضايقات حكومة الرئيس "موسيفيني" والمواقف التى مرَّ بها "واين" مكانته في السياسة الأوغندية الحالية، وخاصة منذ تعرضه هو وسياسيين آخرين للضرب المبرح أثناء الاحتجاز ومقتل سائقه برصاص الشرطة في عام 2018(23). كما أكدت حوادث الأسابيع الماضية أن "واين" قد سلب بشكل رسمي منصة مرشح المعارضة الرئيسي في الانتخابات الرئاسية في عام 2021 من "كيزا بيسيجي"، السياسي المخضرم والغريم القديم للرئيس "موسيفيني"(24).

وإلى جانب صغر سنِّه مقارنة بـ"موسيفيني" البالغ من العمر 76 عامًا، فإن "بوبي واين" بمنزلة تهديد لـ"موسيفيني" لامتلاكه منصة فنية تمكِّنه من تحشيد جمهوره. وقد اعتقلتْه الشرطة مرات عديدة وحظرت اجتماعاته وقمعت مناصرين ومُنِع من إقامة حفلاته الموسيقية منذ إعلان نيته لخوض الانتخابات الرئاسية. ومع ذلك لم يتراجع عن انتقاداته الحادة للحكومة، بما فيها خطابه بعد ترشيحه الرسمي الذي اتهم فيه "موسيفيني" بارتكاب جرائم تتراوح بين الفساد والديكتاتورية وخيانة جميع المجموعات العرقية الرئيسية في أوغندا منذ بداية حكمه الممتد على 34 عامًا(25). وهو بهذه الجرأة والشجاعة يختلف عن المعارضين السابقين ومنتقدي الحكومة الكبار.

وإذا كان خطاب "واين" بعد ترشيحه الرسمي قد يكون سبب اعتقاله الأخير وتعامل قوات الشرطة معه بشراسة؛ فإن اندلاع الاحتجاجات ومقتل ما لا يقل عن 37 شخصًا في مختلف المدن الأوغندية بعد اعتقاله، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وتعليق معظم المرشحين الآخرين للانتخابات الرئاسية لحملاتهم حتى أُطلِق سراحه هو ومعارضون آخرون(26) يُظهران أن قاعدة "واين" الشعبية أكبر بكثير مما يتصوره الرئيس "موسيفيني"، وأنه يحظى بتأييد الكثيرين من الشباب الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من 75 في المئة من سكان أوغندا.

نيجيريا وإرهاصات ظهور جيل جديد من السياسيين الشباب

لقد أدى الموقف السائد في نيجيريا من أن دستور 1999 يحد من مشاركة الشباب في العملية السياسية، إلى ظهور حركة " Not Too Young To Run"، في مايو/أيار 2016، بقيادة مجموعة من الشباب. وكان الهدف منها تقديم مشروع قانون للجمعية الوطنية لتخفيض السن القانونية لأهلية المناصب السياسية العليا في البلاد. وقد نجحوا في مسعاهم، في يوليو/تموز 2017، عندما أقرَّ كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب مشروع القانون والذي عدَّل الأقسام 65 و106 و131 و177 من الدستور وخفض سنَّ الأهلية للمناصب الانتخابية في جميع المجالات؛ فسِنُّ الترشح لمنصب رئيس الدولة أصبح الآن 35 عامًا (بدلًا من 40 عامًا قبل التعديل)، وسن الترشح لمنصب حاكم ولاية أو عضو بمجلس الشيوخ أصبح 30 عامًا (بدلًا من 35 عامًا قبل التعديل). وخفض القانون أيضًا سنَّ الترشح لمجلس النواب الفيدرالي ومجلس النواب الخاص بالولايات من 30 عامًا إلى 25 عامًا(27).

وتزامن مع هذه التحركات في نيجيريا ظهور جيل جديد من السياسيين؛ حيث شهدت انتخابات 2019 الأخيرة مشاركة أكاديميين واقتصاديين وصحفيين(28). ومن بينهم الناشط "أوموييلي سووري" الشخصية المثيرة للجدل والتي اشتهرت صحيفته الاستقصائية التي كشفت فيما بين 2006 و2015 فساد الحكومات النيجيرية من خلال تسريباتها وتقاريرها. وكان رغم فشله في كسب النسبة الكبرى من الأصوات في تلك الانتخابات قد مهَّد الطريق أمام النيجيريين الذين كانوا ينظرون إلى الممارسة السياسة كعملية خاصة بفئة أو طبقة معينة من المجتمع؛ إذ عاد "سووري" إلى نيجيريا، في أغسطس/آب 2018، وأسس حزب "مؤتمر العمل الإفريقي" وترشح هو ووجوه جديدة أخرى من خلاله في الانتخابات بنجاحات نسبية في بعض الولايات الجنوبية(29).

يضاف إلى ما سبق أن تعامل حكومة الرئيس "محمد بخاري" مع المظاهرات المعارضة لحكومته منذ عام 2017 وقمع قوات الجيش والشرطة لاحتجاجات الشباب المناهضة لوحشية الشرطة والمطالبة بإنهاء فرقة "مكافحة السرقة الخاصة" في أكتوبر/تشرين الأول 2020؛ كلها أسهمت في تزايد الاستياء العام من الحكومة وقادة الحزب الحاكم؛ حيث الشباب هم المتضررون الرئيسيون من إضراب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات منذ ثمانية الشهور الماضية وارتفاع نسبة البطالة وإخفاقات البرامج الاقتصادية التي أججتها أزمة كورونا واستمرار الفساد المؤسسي وإسراف الدولة(30). وقد ظهرت تكتلات شبابية جديدة أعلنت خططها نحو انتخابات 2023 القادمة بشعارات توحي بنيَّتها مواجهة السياسيين المخضرمين، حتى وإن كانت طبيعة الممارسات السياسية النيجيرية تعطي انطباعًا بأن نجاح هؤلاء الشباب مرهون بنجاحهم في تخطي الانقسامات العرقية وبناء تحالفاتهم على أسس ومصالح وطنية مشتركة تتعدى حدود الانتماء الإقليمي.

خاتمة

تتمثل الأولوية في اختيار القائد في خبراته وحنكته وبرامجه، ولكن صغر سنه أيضًا سيساعد في تسليط الضوء على القضايا التي تمس حياة السكان الذين يشكِّل الشباب نسبة كبيرة منهم. ويجب أيضًا على الحكومات الإفريقية إخراج السياسات الوطنية والبرامج المتعلقة بالشباب من مجرد قيم ورقية إلى عملية واقعية من خلال خلق بيئات مواتية وصديقة تمهد الطريق لمشاركات سياسية فعالة وذات مغزى، بدءًا من إشراكهم في العمليات الانتخابية والتشاور الوطني والمحلي؛ إذ سيكون هذا بمنزلة ضربة استباقية لتفادي انفجار القنبلة الموقوتة المتمثلة في النمو السكاني الهائل ومضاعفة نسبة البطالة بين الشباب وتزايد المطالب والضغوطات على الحكومات.

نبذة عن الكاتب

مراجع

1- Aljazeera. “Abiy Ahmed sworn in as Ethiopia’s prime minister.” April 2, 2018, “accessed November 26, 2020” https://bit.ly/3fZZnTK

2- Henrique Almeida & Rene Vollgraaff. “In Angola, a 35-Year-Old Woman Steps Up to Boost the Economy.” Bloomberg, November 6, 2019, “accessed November 26, 2020” https://bloom.bg/37rGeq2

3 - Jason Burke. “Africa's young leaders face a testing 2020.” The Guardian UK, December 31, 2019, “accessed November 26, 2020” https://bit.ly/2VvdY0a

4 - Olaiya TA. “Youth and ethnic movements and their impacts on party politics in ECOWAS member states.” Sage Open, (No. 4, Vol. 1, 2014), p. 93-100.

5- Nwando Achebe. “Colonial Rule in West Africa.” West African History, “accessed November 26, 2020” https://bit.ly/3lt3zwh

6 - مصدر سابق:

Olaiya TA. “Youth and ethnic movements and their impacts on party politics in ECOWAS member states.

7 - Dixon-Fyle K. “Social policy with respect to care: A perspective for Sub-Saharan Africa.” International Labour Organization, (June 2002), p. 16.

8 - Gomez MA. “African Dominion: A New History of Empire in Early and Medieval West Africa”. Princeton University Press, (2018), p. 117

9 - Mia Sogoba. “Mansa Musa: the Rejected Ruler of the Mali Empire?” Cultures of West Africa, “accessed November 27, 2020” https://bit.ly/3lzHs7o

10 - مصدر سابق:

Nwando Achebe. “Colonial Rule in West Africa.”

11 - Houston, G., Dipholo, M. & Pophiwa, N. “Remembering 1976: the Soweto uprising and beyond.” HSRC Review, (No. 14, Vol. 2, 2016), p.12-19.

12 - Addison, Michael K. “Preventing military intervention in West Africa: A case study of Ghana.” Naval Postgraduate School Monterey Ca, (2002), “accessed November 28, 2020” http://hdl.handle.net/10945/6079

13- مصدر سابق:

Olaiya TA. “Youth and ethnic movements and their impacts on party politics in ECOWAS member states.

14 - Oduro F. (2021) The Changing Nature of Elections in Africa: Impact on Peacebuilding. In: McNamee T., Muyangwa M. (eds) The State of Peacebuilding in Africa. Palgrave Macmillan, Cham, P. 163-180

15 - Marius Bosch. “South Africa's Malema: thorn in the ANC's side.” Reuters, November 10, 2011, “accessed November 28, 2020” https://bit.ly/36xKaWT

16 - Sisonke Msimang. “South Africa’s ANC Can’t Take Black Voters for Granted Anymore.” Foreign Policy, May 14, 2020, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/3oiWIaA

17 - Pumza Fihlani. “Julius Malema: The calculated controversy.” BBC News, December 18, 2009, “accessed November 29, 2020” https://bbc.in/39Cj56I

18 - Mail & Guardian. "Out! ANC upholds Julius Malema's expulsion", 24 April 2012, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/3mDEzUA

19 - Steven Friedman. “The ANC: the story of a liberation movement that’s lost its lustre.” The Conversation, January 6, 2019, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/3qnjAry

20 - Parliamentary Monitoring Group. “Election Results and Allocation of Seats in Parliament and Provincial Legislatures.” May 13, 2019, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/3lzc21c

21 - Parliament of South Africa. “National Council Of Provinces”, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/3g2G5gt

22 - حكيم ألادي نجم الدين، أوغندا وانتخابات 2021: هل حان وقت السياسة على طريقة بوبي واين؟، قراءات إفريقية، 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، (تاريخ الدخول: 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020): https://bit.ly/37vSuWm

23 - BBC. “Uganda's Bobi Wine: Pop star MP charged with treason.” August 23, 2018, “accessed November 29, 2020” https://bbc.in/2Vr3r5Y

24 -a Sam Wilkins & Richard Vokes. “Bobi Wine has already changed the Ugandan opposition. Can he change the government?”. The Conversation, November 22, 2020, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/3qol0lh

25- NTV Uganda. “Bobi Wine's nomination day speech.” Youtube (Video), November 3, 2020, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/2I3NNud

26 - Aljazeera. “Uganda’s Bobi Wine released, 37 dead in protests over his arrest.” November 20, 2020, “accessed November 29, 2020” https://bit.ly/2VvXYuQ

27- Krook, M. L., & Nugent, M. K. “Not Too Young to Run? Age requirements and young people in elected office.“ Intergenerational Justice Review, (No. 4, Vol. 2, 2018),P. 60-67.

28 - Ibrahim Faruk. “2019 general elections and new faces of Nigeria’s democracy.” Blueprint, January 16, 2019, “accessed November 30, 2020” https://bit.ly/3qki1dL

29 - Rudolf Ogoo Okonkwo. “A New York-based journalist has become the face of shrinking press freedom in Nigeria.” Quartz Africa, November 17, 2019, “accessed November 30, 2020” https://bit.ly/2JxYo18

30 - Oluwole Ojewale. “Youth protests for police reform in Nigeria: What lies ahead for #EndSARS.” Brookings, October 29, 2020, “accessed November 30, 2020” https://brook.gs/36wDyYF