سوريا في العلاقات الروسية والإسرائيلية: تناقضات ومصالح مشتركة

تتناول الورقة مستجدات التفاعلات الروسية-الإسرائيلية في سوريا، وما يتصل بها من تداعيات، بهدف تحليل وتوضيح أهم السيناريوهات المتوقعة للعلاقة بين البلدين، وما يتعلَّق بها من مسارات التسوية في سوريا.
11 مارس 2021
التعاون الروسي/الإسرائيلي في سوريا تكتيكي والعلاقة بينهما فيها تناقض، وتقوم على سياسة واقعية ليحقق كل طرف أقصى مصالحه (الأناضول).

بعد أكثر من خمس سنوات على التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، وما شكَّله من فرص وتحديات لـ"إسرائيل"، يبدو أن التفاهمات الروسية-الإسرائيلية في سوريا ذاهبة باتجاه رسم معالم جديدة لها على ضوء التطورات التي يشهدها الملف السوري بشكلٍ عام، وموضوع العلاقات الروسية-الإسرائيلية بشكلٍ خاص، والتي دلَّل عليها مجموعة من الإجراءات منها تقارير عن اتصالات إسرائيلية-سورية بوساطة روسية عنوانها العريض "السلام أو التطبيع"(1)، وعمليات نبش روسية لمقابر في دمشق بحثًا عن رفات جنود إسرائيليين(2)، وعملية تبادل أسرى سوريين مع فتاة إسرائيلية(3)، إلى جانب تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التي طالب من خلالها "إسرائيل" بإبلاغها بالتهديدات الأمنية المفترضة الصادرة عن أراض سورية لتتكفل بمعالجتها(4). كل هذه التطورات تلقي الضوء على دينامية العلاقة الروسية-الإسرائيلية في سوريا وتدفع لطرح تساؤل مهم حول الحسابات الروسية لمستقبل التسوية في سوريا ومكانة "إسرائيل" في هذه الحسابات.

تتناول الورقة مستجدات التفاعلات الروسية-الإسرائيلية في سوريا، وما يتصل بها من تداعيات، بهدف تحليل وتوضيح أهم السيناريوهات المتوقعة للعلاقة بين البلدين، وما يتعلق بها من مسارات التسوية في سوريا ككل.

معادلة العلاقة الروسية-الإسرائيلية في سوريا

اعتمدت المنطلقات السياسية لعلاقة الطرفين في سوريا على سياسة واقعية غير أيديولوجية متحررة من المخاوف القائمة على القيم، ومعتمدة في نفس الوقت على القوة الهادفة إلى تعزيز الأمن وتحقيق المصلحة(5). فروسيا، ومن خلال السياسة الواقعية الهادفة إلى تقوية الوضع السياسي والعسكري في منطقة "الشرق الأوسط" والعالم، ترى أن التعاون مع "إسرائيل" يشكِّل فرصة مهمة على هذا الصعيد، فهي ومن موقعها في الغرب تلعب دورًا كبيرًا في تخفيف درجة عزلة روسيا وتُحسِّن صورتها دوليًّا، كما يمكن أن تستفيد من تطورها التقني في ظل النقص في التقنية المتطورة بسبب العقوبات الغربية على خلفية الهجوم الروسي على جورجيا، 2008، وضم شبه جزيرة القرم، 2014(6)، وغيرها من الأسباب.

أما "إسرائيل" فترى أن التعاون مع روسيا يشكِّل ضمانة لتحقيق أهدافها في سوريا، ويساعدها على صيانة خطوطها الحمراء التي حددتها بمجموعة من النقاط تطورت مع تطور الأحداث لتشمل:

  • رفض الانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة.
  •  منع التمركز العسكري لإيران و"ميليشياتها" في الأراضي السورية.
  •  منع استحواذ فصائل المعارضة و"الميليشيات" على أنظمة أسلحة متطورة أو دمار شامل (كيميائية أو بيولوجية).
  • منع إقامة مصانع أسلحة لقوى "المقاومة" سواء أكانت محسوبة على الثورة السورية أم على إيران و"حزب الله"(7).

يُضاف إلى هذا أمر مهم تعمل عليه "إسرائيل" منذ بداية الثورة السورية، وهو عرقلة انتصار طرف على حساب طرف آخر بالصراع الدائر في سوريا، طالما لم ينعكس هذا الانتصار ميدانيًّا على أمنها.

وبالتالي، وفي إطار هذه الواقعية غير الأيديولوجية، شكَّلت المصالح المشتركة العامل الأساسي والحاسم في المعادلة التي جمعت الطرفين، والتي يمكن حصرها بثلاث نقاط أساسية، وهي:

  1. الحفاظ على النظام السوري ولو إلى حين: منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015، قامت المقاربة الروسية تجاه الملف السوري على ضرورة الحفاظ على النظام السوري الذي تنظر له روسيا على أنه ركيزة أساسية لنفوذها الاستراتيجي في "الشرق الأوسط"(8)؛ حيث رأت روسيا أن سقوط هذا النظام سوف يؤدي إلى الإضرار بمصالحها ليس في سوريا فحسب، وإنما في منطقة "الشرق الأوسط" ككل، في حين رأت "إسرائيل" أن سقوط النظام السوري وتغييره بنظام آخر محفوف بمخاطر عديدة أهمها احتمالية صعود مجموعات معادية لـ"إسرائيل" لا يمكن التنبؤ بعلاقتها معها(9)، لذا، استبعدت منذ البداية خيار التدخل في الأزمة السورية لتغيير مسار الأحداث فيها، وأعلنت أكثر من مرة أن هدفها مواجهة الوجود الإيراني لا إسقاط النظام(10). وبالتالي، شكَّل الحفاظ على النظام السوري أحد المصالح المشتركة التي جمعت الطرفين، ومع ذلك قد يكون خيار الاستغناء عنه مطروحًا في مراحل متقدمة من مسار التسوية السياسية للأزمة، في حال اقتضت مصالحهما هذا الاستغناء.
  2.  تقليص الدور الإيراني في سوريا: ينظر كل طرف من الطرفين لهذه المصلحة من زاوية مختلفة، فروسيا على الرغم من المصالح المشتركة التي تجمعها بإيران، إلا أنها أصبحت ترى فيها شريكًا مضاربًا في وجه مساعيها في سوريا، ومع ذلك تقتضي مصلحتها عدم إنهاء دور هذا الشريك بالكامل، في ضوء حاجتها لقوات هذا الشريك، لموازنة قوى الخصوم من جهة، ولاستثمار عملية إضعاف دوره وإخراجه من سوريا في المساومة مع خصومه، وقبض ثمنٍ مناسبٍ لذلك من جهة أخرى(11)، ومن هذا تتعاون روسيا مع إيران في سوريا من جهة، ومن جهة أخرى تتغاضى عن القصف الإسرائيلي المتكرر لمواقعها في سوريا. 

أما بالنسبة لـ "إسرائيل"، فقد سعت منذ اندلاع الثورة السورية إلى محاولة احتواء النفوذ الإيراني، قبل أن تتبنَّى إخراجها من سوريا، وفي سبيل تحقيق ذلك نفَّذ الطيران الحربي الإسرائيلي آلاف الطلعات الجوية بموافقة روسية ضمنية(12)؛ حيث بلغ عدد هذه الطلعات، عام 2020 وحده، 1400 طلعة جوية، قصف خلالها 50 هدفًا إيرانيًّا، إلى جانب 20 عملية نوعية وخاصة عند الحدود السورية-اللبنانية(13)، وتتلاقى هذه المصلحة من المصلحة الأميركية أيضًا التي تحاول ضبط النفوذ الإيراني في سوريا إلى جانب إدارة مصالحها مع روسيا من جهة، وموازنة المصالح الإسرائيلية من جهة أخرى(14).

  1.  محاربة الحركات الإسلامية "الإسلام الراديكالي": يرتبط هذا الأمر بالنسبة لروسيا بالأمن القومي الناتج عن قلقها جرَّاء زيادة عدد الروس ومواطني دول آسيا الوسطى المنضمين إلى "الفصائل الجهادية" و"داعش" في سوريا(15)، في حين شكَّلت التجربة المصرية بعد تولِّي الإخوان المسلمين الحكم في مصر مصدر هاجس كبير لـ"إسرائيل"، لذا قدمت كل ما بوسعها هي وروسيا من أجل نجاح "الانقلاب العسكري" ودعمه وتسويقه، ولا يرغبان في تكرار ذات التجربة في سوريا(16).

وعلى الرغم من المصالح المشتركة، يعتري هذه العلاقة مجموعة من المخاوف المشتركة التي يمكن تلمُّسها في ضوء الحقيقة التالية، وهي: إدراك كل طرف لأولويات الطرف الثاني في المعادلة التي تجمع بينهما، فروسيا تدرك أن أولوية "إسرائيل" هي التحالف مع الغرب، وتحديدًا مع الولايات المتحدة باعتبارها الحليف الدائم والموثوق، كما أن "إسرائيل" تدرك أن علاقة روسيا معها تعتبر عنصرًا من معادلة مركبة تقوم عليها سياستها في "الشرق الأوسط"(17). لذلك، نرى أن روسيا على الرغم من علاقتها الجيدة مع "إسرائيل"، تحارب إلى جانب إيران التي تعتبر المستهدف الأول لإسرائيل في سوريا، وهنا تدخل الولايات المتحدة الأميركية أيضًا كطرف ثالث يقلقها الترتيبات الإقليمية التي تعمل عليها روسيا في إطار العلاقة الروسية-الإسرائيلية، والتي خلقت تحديًا أمام "إسرائيل" حول كيفية الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والرغبة في تحقيق مصالح إقليمية من خلال علاقات أوثق مع روسيا التي تعتبرها واشنطن خصمًا لدودًا(18)

وفي ضوء الحقيقة السابقة، ينتاب كل طرف مخاوف من الطرف الآخر، فـ"إسرائيل" لديها مخاوف من روسيا تجعلها لا تثق بالنظام الروسي إلى الدرجة التي تغض فيها الطرف عن العديد من الخلافات في وجهات النظر التي قد تتحول يومًا إلى خلافات عميقة(19)، كالعلاقة الروسية-الإيرانية والوجود الإيراني في سوريا، كما يقلقها التركيز الروسي على إعادة هيكلة مؤسسة الجيش في سوريا وتزويدها بسلاح روسي مُتقدِّم قد يشكِّل خطرًا على أمنها في المستقبل(20). أما على الطرف الآخر، تبذل روسيا جهودًا كبيرة لمنع "إسرائيل" من تجاهل مصالحها التي يتقدمها بناء شرعية للهيمنة في سوريا كقاعدة لتقوية نفوذها الإقليمي وحماية قواتها الموجودة هناك، ولهذا السبب نشهد انتقادًا روسيًّا بين الحين والآخر لتحركات "إسرائيل" العسكرية في سوريا، وذلك في إطار الخطوط الحمراء التي رسمتها، والتي تشمل:

  • منع استهداف أي مناطق لتمركز عناصر من القوات الروسية، أو الأسلحة الحديثة التي تزود بها قوات النظام السوري.
  • تقويض ما تقوم به روسيا لتعزيز وضع النظام السوري على الأرض(21).
  • الابتعاد عن أي نشاط عسكري ضد المواقع التي يشغلها الجيش السوري، أو البنى التحتية للدولة السورية، أو المواقع التابعة للإدارة والقيادة، ورفض استهداف قوات النظام.
  • التدخل في جهود النظام السوري لإعادة السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرته(22).

بالمحصلة، يمكن القول: إن التقارب والتعاون الروسي/الإسرائيلي في سوريا هو تقارب تكتيكي يقوم على أهداف مشتركة ومؤقتة ورؤية براغماتية متبادلة، ولا يُشكِّل تحالفًا راسخًا يستند إلى رؤية ثابتة بعيدة المدى، فكل طرف لا يثق بالطرف الآخر كونه يعرف أن سلَّم الأولويات عنده مغاير لسلم أولويات الطرف الآخر.

تداعيات المعادلة الروسية-الإسرائيلية على مسار الأزمة وأطرافها

لعبت المعادلة الروسية-الإسرائيلية في سوريا دورًا حاسمًا في تغيير مسار الأزمة السورية ككل، فبمجرد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، في خريف 2015، والذي جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة و"إسرائيل"، استطاعت روسيا قلب الموازين العسكرية على الأرض، لتبدأ قوات النظام السوري بمساعدة القوات الجوية الروسية باستعادة الأراضي الخارجة عن سيطرتها، حتى وصلت نسبة هذه السيطرة 63.38% من مساحة سوريا، بعد أن كانت حصة النظام من هذه السيطرة لا تتجاوز 10% من مساحة البلاد قبل التدخل الروسي(23).

وعلى الرغم من وجود تفاوت في النظرتين، الروسية والإسرائيلية، لمسار الأزمة في سوريا وأطرافها، إلا أنه يمكن القول هنا: إن النظام السوري كان أحد أهم المستفيدين من المعادلة الروسية-الإسرائيلية في سوريا؛ حيث شكَّلت التفاهمات بين الطرفين دورًا أساسيًّا في الحفاظ على النظام السوري ومنع سقوطه -إلى الآن- هذا عدا عن دور التفاهمات بين الطرفين في إعادة سيطرة النظام على مساحات واسعة من سوريا، وخصوصًا في الجنوب (درعا والقنيطرة) اللتين تم إرجاعهما إلى سيطرة النظام بموجب تفاهمات روسية-أميركية هَدَفَت بالمقام الأول إلى إبعاد الخطر عن الحدود الإسرائيلية(24)، ليكون بذلك النظام السوري أكبر المستفيدين ولتكون المعارضة السورية من الخاسرين جرَّاء هذه المعادلة وهذه التفاهمات، التي عملت بشكلٍ أساسي على إنهاء وجود هذه القوى لصالح النظام السوري بالشكل الذي يُمكِّن من التوصل إلى تسوية مستقبلية في البلد، لا تتجاوز الخطوط الحمراء للطرفين، الإسرائيلي والروسي.

من جهة أخرى، تعد إيران من الأطراف المتضررة من المعادلة الروسية-الإسرائيلية، بسبب تلاقي مصلحة الطرفين على هدف إضعاف النفوذ الإيراني وتقليصه في سوريا. وفي هذا السياق، جاءت الضربات الجوية الإسرائيلية التي جرت "بتواطؤ من روسيا" بحسب وصف بعض التصريحات الإيرانية(25)، لتكون سببًا في دفع طهران -في محاولة منها لتجاوز هذه المعادلة- إلى بعض الإجراءات الميدانية، فلجأت إلى إخفاء قواتها في مواقع تابعة لقوات النظام وحتى ارتداء اللباس العسكري المخصص لتلك القوات، هذا عدا عن تنفيذ عمليات إعادة انتشار لقواتها بشكل متكرر في الأراضي السورية، والبحث عن خيارات أخرى تمثَّلت في التوجه نحو المناطق القريبة من الحدود العراقية؛ الأمر الذي دفع "إسرائيل" إلى تكثيف قصفها لهذه المواقع(26).

يُضاف إلى كل ذلك، استفادة روسيا من المعادلة التي تربطها بـ "إسرائيل" في سوريا، وذلك باستخدام ورقة إيران للتقارب والتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية. وعلى الرغم من أن بوادر هذا التعاون بدأت منذ عهد الرئيس أوباما، وفق شهادة آندرو أكسوم الذي كان يشغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط في إدارة أوباما، فإن هذا التعاون تم تعزيزه في عهد الرئيس ترامب؛ حيث شكَّل الملف السوري منصة لتعزيز العلاقات بين الأطراف الثلاثة على حساب إيران ووجودها في سوريا(27).

أما بالنسبة للطرف التركي فيعد أيضًا أحد المتضررين من المعادلة الروسية-الإسرائيلية، لكن ليس بدرجة الضرر الإيراني؛ حيث حملت هذه المعادلة تداعيات على تركيا تمثَّلت بتحمُّل تركيا أعباء الكثير من السوريين الذين تم نقلهم بموجب المصالحات والتسويات إلى مناطق الشمال السوري، ودخول عدد كبير منهم إلى الأراضي التركية كلاجئين، وما سبَّبه ذلك من مشاكل داخلية لها.

وهنا، يمكن القول أيضًا: إنه بالرغم من المصلحة المشتركة التي تجمع "إسرائيل" وتركيا فيما يتعلق بهدف الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، إلا أن هذه المصلحة لم تتطور إلى مساحة للتعاون في سوريا، لكنها في نفس الوقت لم تتحول إلى مجال للتنافس، وسبب هذا هو الأولويات المباشرة المختلفة لكل طرف. "فإسرائيل" تهتم بمحفزات الصراع في الجنوب السوري المرتبط بالوجود الإيراني، في حين تهتم تركيا بمستقبل شمال سوريا المرتبط بالمقام الأول بالوجود الكردي(28)، على عكس الدور الروسي الفاعل في مختلف الجغرافية السورية. لذا، كانت التفاهمات الروسية-التركية في سوريا أقوى، وعبَّر عنها العديد من الاتفاقيات والمسارات السياسية بين الطرفين (مسار آستانا وسوتشي) وغيرها من التفاهمات التي تم بموجبها تحجيم قوى المعارضة السورية وحصرها في منطقة جغرافية ضيقة في الشمال السوري؛ الأمر الذي سيترك تأثيره أيضًا على مسار التسوية في سوريا.  

خريطة
وصلت نسبة سيطرة النظام السوري إلى أكثر من 60% من مساحة سوريا بدعم روسيا (الجزيرة/مركز جسور للدراسات)

تداعيات المعادلة الروسية-الإسرائيلية على مسار التسوية

إن تطور العلاقات الروسية-الإسرائيلية والمعادلة التي تقوم عليها في سوريا، شكَّل عاملًا مهمًّا أثَّر على سلوك الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، واستطاع ضبط تحركها وانتشارها، ومن المتوقع أن تؤثر على مسار التسوية السياسية المحتملة في سوريا.

بالنسبة للجانب الروسي، يعتبر تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من أهمها، وهو الذي طالب فيه "إسرائيل" بإبلاغها بالتهديدات الأمنية المفترضة الصادرة عن أراض سورية لتتكفل بمعالجتها، كون روسيا لا تريد أن تستخدم الأراضي السورية ضد "إسرائيل"(29).  

تشير هذه التصريحات، التي أعقبت قدوم إدارة الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، إلى بعض ملامح التغيير في الموقف الروسي وحدوده تجاه القضية السورية ومسار التسوية فيها، بحيث يمكن التعاطي مع المشهد السوري بشكل أكثر واقعية؛ الأمر الذي يستتبع رسم ملامح لتفاهمات جديدة في سوريا تواكب الإدارة الأميركية الجديدة، وتكسر حلقة الجمود التي أصابت دبلوماسيتها في سوريا، وفشلها في لجم التوتر الإسرائيلي-الإيراني المتصاعد(30). من المتوقع أن يكون الروس خلال الفترة القادمة أكثر استعدادًا للتعاون الأمني والمعلوماتي مع الأميركيين والإسرائيليين، وربما يقومون بفتح خطوط أكثر مع المعارضة السورية، مع استمرار روسيا في غضِّ الطرف عن القصف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية، وربما التعاون مع "إسرائيل" في هذا الاستهداف، مع إحكام السيطرة أكثر على المؤسسات الرئيسية والحيوية في سوريا من أجل إرغام الأسد على الدخول الفعلي في العملية السياسية(31)، وفق مسار آستانا الذي تدفع روسيا نحو اعتماده كخيار بديل لجنيف.   

ومما يعزز من هذا القول هو الإدراك الروسي لاستحالة أية تسوية نهائية في سوريا من دون التعاون الأميركي والغربي بشكل عام؛ حيث يسود اعتقاد لدى الكثير من الروس بأن لـ"إسرائيل" تأثيرًا واضحًا على استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا، لذا يسعون للحصول على مساعدتها في تطوير الترتيبات السياسية مع الولايات المتحدة لدفعهم لسحب قواتهم بالكامل من سوريا، ومناقشة وضع استمرار بقاء بشار الأسد بالسلطة وبدء عملية إعادة الإعمار، مقابل تقديم الروس ضمانات أمنية للأكراد، وإخراج الإيرانيين بشكلٍ متدرج(32)

طبعًا، حزمة الحل السياسي هذه يعتريها صعوبات أساسية يُشكِّل الفاعل الإيراني أهمَّها، في ظل اتساع الفجوة بين طهران وموسكو فيما يتعلق برسم مستقبل سوريا، وخصوصًا فيما يتعلق بمصير رئيس النظام السوري الذي ترى إيران في بقائه مصلحة لها أكثر إلحاحًا من روسيا التي تبدي استعدادًا للتخلي عنه في حال كانت مصالحها تقتضي ذلك، والتغيير الديمغرافي الذي تعمل عليه إيران في سوريا لتصدير مشروعها الديني والسياسي والذي يثير قلق روسيا، وما يرتبط به من مستقبل "الميليشيات" الموالية لإيران(33)؛ الأمر الذي يعني وصول العلاقة بين الطرفين إلى لحظة المكاشفة، وربَّما الصدام العلني، إذ لن يكون من الممكن -نظريًّا على الأقل- توقُّع صيغة يتوافق فيها الروس والإيرانيون، وتحظى بذات الوقت بالموافقة الأميركية والإسرائيلية والتركية(34).

يُضاف إلى ذلك أن الجهود الروسية هذه، قد لا تصل إلى تحقيق غاياتها في حال توجُّه الإدارة الأميركية الجديدة إلى تفعيل دورها في سوريا لمنع الروس من جني ثمار تدخلهم العسكري والسياسي، وهنا يمكن وضع الرفض الأميركي لحضور اجتماع آستانا الأخير 16-17 فبراير/شباط 2021، في إطار الهدف السابق، إلى جانب التمسك باتفاق جنيف الذي تقوده الأمم المتحدة كحل سياسي للأزمة السورية، وليس مسار آستانا الذي تشارك فيه روسيا وإيران وتركيا فقط.

أما على الجانب الإسرائيلي، وبالنظر إلى النهج الذي اتبعته "إسرائيل" فيما يخص مسار وعملية حل النزاع في سوريا، فقد عَدَّ صناع القرار هذه العملية إطارًا زمنيًّا مهمًّا لتحقيق الأمن والمصالح الإسرائيلية، لكن النتائج التي تمخضت، سواءً عن محادثات جنيف برعاية الأمم المتحدة، أو عن محادثات آستانا وسوتشي برعاية كل من روسيا وتركيا وإيران، تركت الجانب الإسرائيلي إلى حدٍّ بعيدٍ خارج عملية حل النزاع، بسبب سياسة التدخل المحدودة التي انتهجتها. ومن هنا، يمكن الاستنتاج أنه ليس لدى "إسرائيل"، من أجل حماية مصالحها، الرغبة في المشاركة في المسارات المذكورة(35)، لذا من المتوقع أن تعمل على تبني سياسات أخرى خارجها، والتي ستشمل:

  • على المستوى العسكري والأمني: التوسع في الضربات الجوية على الأهداف الإيرانية في سوريا، وقد تتوسع هذه الضربات لتشمل عناصر داخل قوات النظام السوري أو في أروقة السلطة في دمشق تم تحديدها بأنها تدين بالولاء أولًا وأخيرًا لإيران، ومن المرجح أن تعمل "إسرائيل" على تطوير خطوطها الحمراء تماشيًا مع دور إيران في الساحة السورية. 
  • على المستوى السياسي: السعي لإبعاد النظام السوري عن النظام الإيراني، على اعتبار أنه كلما زاد ارتباط سوريا بإيران، زاد التهديد الذي يمكن أن تتعرض له "إسرائيل" انطلاقًا من سوريا.
  • على المستوى الاقتصادي: دعم بعض الإجراءات الاقتصادية التي تهدف إلى تقليص اعتماد النظام السوري على إيران، من خلال السماح للنظام بإعادة الوصول إلى مصادر الطاقة شرق الفرات، أو من خلال دعم عملية إعادة فتح المعابر الحدودية الجنوبية أمام البضائع، تحت الإشراف الروسي(36).

لذا، من المتوقع أن تبقى احتمالات تدخل "إسرائيل" في الأزمة السورية وفي مسار التسوية فيها مفتوحة على العديد من الخيارات طالما استمرت الأزمة، صعودًا أو هبوطًا، لأن الهدف الإسرائيلي الأساسي لم يتحقق بعد في منع التموضع الإيراني في سوريا رغم كثافة الضربات.

سيناريوهات

في ضوء ما تقدم، وفي ظل الصعوبة بالوصول إلى استنتاجات حاسمة فيما يتعلَّق بالأزمة السورية ومسار الحل النهائي لها، يمكن رسم خطوط عريضة لسيناريوهات محتملة بالنسبة للأزمة السورية تتراوح بين ثلاثة سيناريوهات:

الأول: الجمود والمراوحة واستمرار الوضع القائم، هذا السيناريو يبقى لمصلحة "إسرائيل" كونه يسهم باستنزاف قوة إيران ووكلائها، ويُضعف النظام وكذلك قوى المعارضة، على مبدأ أن لا مصلحة لـ"إسرائيل" بانتصار طرف على حساب طرف آخر ما لم ينعكس الأمر ميدانيًّا لصالح أمنها. في حين يُعتبر هذا السيناريو سيئًا بالنسبة لروسيا، التي تركز جهودها على عودة الاستقرار السياسي وطرد القوى الأجنبية، لإعادة ترسيخ سيطرة قوات النظام تمهيدًا لبدء عملية الإعمار، وبالتالي استثمار الانتصار العسكري وتحويله إلى انتصار سياسي واقتصادي.

الثاني: الحسم العسكري لصالح النظام، وهذا السيناريو قد يكون مرفوضًا لـ"إسرائيل"، لأنها لن تقبل بعودة سيطرة النظام السوري على كامل الجغرافية السورية إذا لم يغير النظام سلوكه الخاص المتعلق بعلاقته مع إيران و"حزب الله"، في حين يعتبر السيناريو المفضَّل بالنسبة لروسيا التي تعمل على محاولة إعادة سيطرة النظام على كامل الجغرافية السورية. في حال تحقق هذا السيناريو ستظهر خلافات روسية-إيرانية قد تصل إلى حدِّ الاشتباكات على اعتبار أن إيران تشكِّل شريكًا مضاربًا لروسيا في سوريا.

الثالث: الحل السياسي، وهو سيناريو مقبول لـ"إسرائيل" في حال نتج عنه حكومة مركزية "معتدلة" لا تشكل تهديدًا لأمن "إسرائيل"، وغير مرتبطة بالمحور الإيراني، أو أن تكون ضعيفة كأن تصبح سوريا دولة مجزأة وعاجزة عن أداء وظائفها وبالتالي خروجها من معادلة الصراع العربي-الإسرائيلي. أما بالنسبة لروسيا، فيعتبر هذا السيناريو مقبولًا في حال تم أخذ مصالحها في سوريا والمنطقة بعين الاعتبار، والتي يدخل فيها الحفاظ على قواعدها ووجودها العسكري في سوريا.

نبذة عن الكاتب

مراجع
  1. يؤكد المدير العام لمركز جسور للدراسات، أحمد سرميني، حصول لقاء سوري-إسرائيلي-روسي في قاعدة حميميم في مدينة اللاذقية، في شهر ديسمبر/كانون الأول 2020، حضره عن الجانب السوري، بشار الأسد، إلى جانب علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، واللواء بسام حسن، المستشار الخاص لبشار الأسد للشؤون الأمنية والاستراتيجية، في حين حضره عن الجانب الإسرائيلي الجنرال غادي إيزنكوت من رئاسة هيئة الأركان، والجنرال السابق في الموساد، آري بن ميناشي، وعن الجانب الروسي أليكساندر تشايكوف، قائد القوات الروسية في سوريا، للمزيد، انظر: محمد سرميني، "الأسد يُفاوض تل أبيب على شروط تعويمه"، جسور للدراسات، 18 يناير/كانون الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/L7VEn
  2. أشار موقع صوت العاصمة، وهو موقع إخباري سوري، إلى أن القوات الروسية بعد أن أعادت، في مارس/آذار 2018، رفات جنديين إسرائيليين كانا مدفونين في مقبرة مخيم اليرموك جنوب العاصمة، دمشق، إحداهما تعود لـ"زكريا باومل" الذي قُتل في معركة السلطان يعقوب في لبنان، عام 1982، بدأت القوات الروسية، في فبراير/شباط 2021، بإخراج العديد من الجثامين من داخل المقبرة نفسها وأجرت تحليل DNA لها قبل إعادتها للقبور بحثًا عن رفات جنود قتلى طلبت "إسرائيل" من روسيا البحث عنهم وتسليمهم لها. ينظر: "روسيا تواصل البحث عن رفات آخر جندي إسرائيلي في مقبرة مخيم اليرموك"، صوت العاصمة، 4 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/d28TZ
  3. تم من خلال هذه العملية، التي جرت بتاريخ 17 فبراير/شباط عام 2021، تسليم فتاة إسرائيلية دخلت الأراضي السورية بطريق الخطأ من القنيطرة، مقابل إطلاق اثنين من رعاة الغنم السوريين، كانت "إسرائيل" قد ألقت القبض عليهما خلال الأسابيع الأخيرة الماضية. للمزيد، انظر: "إتمام عملية تبادل للأسرى بين سوريا وإسرائيل بوساطة روسية"، الجزيرة نت، 19 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2021):  https://cutt.us/aXBZd
  4. "لافروف يكشف مطالب روسيا للولايات المتحدة وإسرائيل بشأن سوريا"، روسيا اليوم، 18 يناير/كانون الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/6gymi
  5. علي العبد الله، "روسيا وإسرائيل.. تبادل خدمات"، العربي الجديد 29 مايو/أيار 2019، (تاريخ الدخول: 21 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/xvWsJ
  6. المرجع السابق نفسه.
  7. نظير مجلي، "إسرائيل تريد ضمانًا لسيطرتها على الجولان في أي تسوية"، الشرق الأوسط، 19 مارس/آذار 2016، (تاريخ الدخول: 19 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/yMebu
  8. Matthew chance, "what does Russia want in Syria? 5 reasons Putin backs Assad", CNN, Febrauary 8, 2016 (accessed March 9,2021): https://cutt.us/NjxcJ
  9.  Alexey Malashenko, A new stage in Russian-Israeli relations?, DOC research institute, April 2, 2019 (accessed February 21, 2021): https://cutt.us/wye9v
  10. خالد خليل، "إسرائيل في سوريا.. كيف أثرت تل أبيب وتأثرت بالحدث السوري؟ 2"، تليفزيون سوريا، 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 23 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/IMN0l
  11. عبد الجبار العكيدي، "ماذا بعد أوسع ضربة إسرائيلية لإيران في سوريا؟"، المدن 19 يناير/كانون الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 24 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/Pkciq
  12. إسرائيل نبهت روسيا إلى مخاطر جديدة في سوريا، روسيا اليوم، 27 يوليو/تموز 2020، (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2021):  https://cutt.us/6qPZQ/
  13. "الجيش الإسرائيلي يحصي عدد غاراته على سوريا عام 2020"، روسيا اليوم 13 ديسمبر/كانون الأول (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/KTV2L
  14. عبيدة فارس، "الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة إيران"، جسور للدراسات، 9 يونيو/حزيران 2020، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/DZtfD
  15. مي حمام، "العلاقات الروسية الإسرائيلية في عهد بوتين في الفترة من 2000-2016"، المركز الديمقراطي العربي، 2 أغسطس/آب 2017، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/qoIq7
  16. حمزة أبو شنب، "إسرائيل وروسيا.. تقاطع انتهازي في سوريا"، موقع الجزيرة، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2015، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/dpkvF
  17. علي العبد الله، "روسيا وإسرائيل.. تبادل خدمات"، مرجع سابق.
  18. Daniel Rakov," Truly a Paper Tiger? Russia as a Challenge to Israeli National Security", The Institute for National Security Studies, July 3, 2020(accessed: March 3,2021):  https://cutt.us/zv59R
  19. صبحي فرنجية، "روسيا وإسرائيل: بين الشراكة التكتيكية والاستراتيجية"، جيرون، 17 أبريل/نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 22 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/zjGC5
  20. مي حمام، مرجع سابق.
  21. رائد جبر، "الخطوط الحمراء لبوتين: حماية الأسد وضمان أمن إسرائيل"، الشرق الأوسط، 15 سبتمبر/أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 22 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/jgLl4
  22. "ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟"، تلفزيون سوريا، 12 يناير/كانون الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 24 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/C9o1l
  23. "خريطة النفوذ العسكري في سورية 1/1/2021"، جسور للدراسات، 1 يناير/كانون الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 6 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/w3kxf
  24. خالد خليل، "إسرائيل في سوريا.. كيف أثرت تل أبيب وتأثرت بالحدث السوري؟ 2"، مرجع سابق.
  25. اتهم رئیس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، حشمت بيشه، روسيا بالتنسيق مع "إسرائيل" عند تنفيذ أي ضربة داخل الأراضي السورية، للمزيد، انظر: https://cutt.us/JJtkB
  26. خالد خليل، "إسرائيل في سوريا.. كيف أثرت تل أبيب وتأثرت بالحدث السوري؟ 1"، تليفزيون سوريا، 6 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 22 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/bUiSF
  27. "اللقاء الثلاثي الإسرائيلي الروسي الأمريكي في القدس"، TRT عربي، 19 يونيو/حزيران 2019، (تاريخ الدخول: 2 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/P6BLs
  28.  Burcu Ozcelik, " The Syrian Civil War is Changing the Turkish-Israeli Relationship",The National Interest، June 6 ,2019(accessed Marsh 2,2021): https://cutt.us/fS3xd
  29. "لافروف يكشف مطالب روسيا للولايات المتحدة وإسرائيل بشأن سوريا"، مرجع سابق.
  30. سام منسي، "ثقوب دبلوماسية موسكو بين السرعة والتسرع"، الشرق الأوسط، 1 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 25 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/BGouE
  31. محمد عثمان، "البوصلة الروسية في سوريا إلى أين تتجه؟"، وكالة الأناضول، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، (تاريخ الدخول: 23 فبراير/شباط 2021): https://cutt.us/sYlx6
  32. Daniel Rakov, Ibid.
  33.  Zvi Magen, The Trilateral Israel-US-Russia Meeting: Motives and Ramifications, June 23, 2019 (accessed Marsh 6, 2021): https://cutt.us/wnZKg.
  34. "خمس سنوات على التدخل الروسي في سوريا"، جسور للدراسات، 30 سبتمبر/أيلول 2020، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2021): https://cutt.us/IXTV3
  35.  Seher BULUT, "İSRAİL’İN SURİYE KRİZİ POLİTİKASI: BEKLE- GÖR YAKLAŞIMINDAN NOKTASAL SALDIRI POLİTİKASINA", ORSAM, Agustos 21, 2020 ,  https://cutt.us/gCK51
  36.  Aiman Mansour," Time to Update Israeli Policy Toward Syria", the Jerusalem institute for strategy and security February 15 ,2021(accessed February 26, 2021): https://cutt.us/G2b5q