أصدر مركز الجزيرة للدراسات، اليوم، الأول من يونيو/حزيران 2022، الطبعة الإلكترونية من كتاب "حجر الأرض: صراع الغزاة والحماة في أفغانستان" لمؤلِّفه، أحمد فال الدين.
يرصد المؤلف في كتابه -الذي صدرت طبعته الورقية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي- الأيام الأخيرة للاحتلال الأميركي لأفغانستان، وينقل بأسلوب أدبي مشاهداته، رابطًا بين ما يراه وما قرأه عن التاريخ السياسي والاجتماعي لهذا البلد.
بعد المقدمة والمدخل الاستهلالي يتحدث المؤلف عن الأهمية الجيوستراتيجية لأفغانستان وأسباب اهتمام الإمبراطوريات العظمى بالسيطرة عليها عبر الحقب الزمنية المختلفة، وصمود الشعب الأفغاني في وجه تلك الإمبراطوريات وجهاده لها بثبات ومثابرة حتى إخراجها منها.
كما يتحدث المؤلف عن لقاءاته وحواراته مع بعض قادة طالبان وينقل انطباعاته عن التطور الذي طرأ على تكوينهم الفكري ونظرتهم للواقع وطرق التعامل مع تعقيداته المختلفة.
ويُفرد المؤلف فصلًا خاصًّا عن الملا محمد عمر، فيقدِّم فيه نظرات معمقة عن فكره وشخصيته وطريقة تعامله مع أقرانه وكيفية قيادته لحركة طالبان في تلك الأوقات الصعبة التي احتلت فيها الولايات المتحدة الأميركية بلاده ومطالباتها هي والمملكة العربية السعودية بتسليم زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، لمحاكمته بتهمة المسؤولية عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.
ويوضح المؤلف في كتابه طبيعة التدين الأفغاني ودور العصبية القبلية في منظومة القيم الدينية والاجتماعية والسياسية السائدة في هذا البلد وصعوبة فرض أنماط ثقافية أو معيشية من الخارج على مثل هذا المجتمع.
يقول المؤلف في مقدمته لهذا الكتاب: "كنت أستشعر -وأنا أحزم حقائبي مسافرًا إلى أفغانستان لتغطية رحيل الأميركيين منها- أنني أكتب الأحرف الأولى من تاريخ صحفي سيبقى. كما كنت أُحِسُّ، وأنا أَجُول بين مدنها وقراها، ذلك الدبيب الداخلي المنعش الذي يستشعره كل مؤرخ، أو واعٍ بالتاريخ في الأماكن المفعمة بالعنفوان الحضاري. فليست جبال أفغانستان مكانًا رماديًّا متواريًا عن رياح التاريخ، بل ظلت منذ القِدم حلبة مدهشة لنجاحات الإنسان وتعاساته، ومسرحًا رحبًا لبرهنة الإنسان على إنسانيته المتوثبة، وشيطانيته الدَّرَكية؛ إذْ كانت أفغانستان تاريخيًّا بؤرةَ استقطاب لصُنَّاع الحضارات ومقوِّضيها منذ الإسكندر الأكبر، والأكاسرة، وجحافل جنكيزخان. وظلت تلك البقعة -دومًا- ممرًّا أبديًّا للغزاة والتجار، والفرسان والشعراء، والأولياء والعبيد. لكن ولع الغزاة بهذه البلاد يقابله عنادٌ ملحمي من أبنائها؛ فقد ظل الإنسان الأفغاني صخرة من صخور الهندوكوش صعبة الاقتلاع، راسخة راسية. وبرهن الأفغاني طيلة تاريخه على أنه تجسيد حي للعبارة التي وَصَف بها زعيمُ الدعوة العباسية قائدَه العسكري، أبا مسلم الخراساني، من أنه "حَجَر الأرض". وهي عبارة كثيفة الدلالة تشير إلى ثبات الجنان، وصلابة الوجدان، والتشبث بالمكان. هذه الحقائق دعتني إلى كتابة هذه الفصول لوضع الأحداث المتكشفة في أفغانستان ضمن سياق أرحب؛ إذ حاولتُ ألا أكون مثل كثير من الصحفيين الذين يعميهم الخبر اليومي الجاف المنبتُّ عن جذوره التاريخية، وشروطه الحضارية. فلعلَّ النظرةَ الفوقية المازجة بين اليومي والتاريخي، واللحظي والحضاري، تمنح المرءَ ثباتًا في عالم متقلب، وتمده فهمًا ليوميات الأخبار المتلاحقة. ولذا، آثرت كتابة هذه الفصول لتخرج أثناء تكشُّف الأحداث علَّها تسهم في خلع بعض المعاني عليها".
وأحمد فال الدين، مؤلِّف الكتاب، هو صحفي ومراسل ميداني يعمل في شبكة الجزيرة الإعلامية. له خلفية بحثية وأكاديمية، وسبق وأصدر عدة مؤلفات، منها: كتاب "في ضيافة كتائب القذافي" الصادر عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر، عام 2012، وروايتي "الحدقي" الصادرة عام 2018 عن دار مسكيلياني، و"الشيباني"، الصادرة عام 2019 عن دار التنوير.
ويمكن قراءة الكتاب وتحميله من خلال (الرابط التالي).