منتدى الجزيرة الخامس عشر: "طوفان الأقصى" أعاد تموضع القضية الفلسطينية على مسار التحرر الوطني

المتحدثون في الجلسة الأولى من اليمين: جواد العناني، عبد العزيز بن صقر، وضاح خنفر، مصطفى البرغوثي، ومديرة الجلسة المذيعة فيروز زياني. (الجزيرة)

1
الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة أثناء إلقاء كلمته

أكد المشاركون في منتدى الجزيرة الخامس عشر، في اختتام أعماله بالعاصمة القطرية، الدوحة، الأحد، 26 مايو/أيار الجاري، على أن الرأي العالم العالمي أصبح أكثر وعيًا بالقضية الفلسطينية مقارنة بما كان عليه قبل عملية طوفان الأقصى وما أعقبها من عدوان إسرائيلي على غزة، وأن السبب يعود إلى نجاح السردية الفلسطينية في الوصول إلى شرائح واسعة من الجمهور لم تكن تستطيع الوصول إليها من قبل بفعل قوة اللوبي الصهيوني.

كما شدَّد المشاركون في المنتدى على أن ما تقوم به المقاومة الفلسطينية طيلة السبعة أشهر الماضية إنما يندرج ضمن إطار "مراكمة الفعل التحرري" الهادف إلى استنزاف المحتل وجعل تكلفة احتلاله متعاظمة، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب الفلسطيني بشريًّا وماديًّا.

وأوضح المتحدثون أن "عملية طوفان الأقصى" أوجدت للقضية الفلسطينية سقفًا سياسيًّا جديدًا غير السقف الذي فُرض عليها من قبل الواقع الإقليمي والدولي وتماشت معه النخبة السياسية الفلسطينية التي حاولت تجربة الحل السلمي واصطدمت بالتعنت الإسرائيلي.

وأشار المتحدثون إلى أن مساندة الولايات المتحدة الأميركية لإسرائيل في عدوانها على غزة ودعمها المتواصل لها عسكريًّا وسياسيًّا أضرها بأكثر مما نفعها؛ ذلك لأنه أتاح لإسرائيل المجال للاستمرار في "غيِّها وعدوانها" بهذه الصورة "المنفلتة من كل تصور عقلاني".

كما نبَّه المشاركون في المنتدى على أن اللحظة الراهنة التي تمر بها القضية الفلسطينية -بفعل طوفان الأقصى- هي "اللحظة المثالية للتحول في مسيرة النضال والتحرير الفلسطيني"، كما مرَّت بها من قبل شعوب كثيرة كافحت وناضلت ونالت الحرية والاستقلال. وألمحوا في هذا السياق إلى ما يمر به "النظام الدولي من تشقق" بفعل انحياز الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية إلى إسرائيل، وبروز قوى عالمية أخرى جديدة تعمل على إعادة تشكيل هذا النظام، مستغلةً الشقوق التي بدت في بنيته بهذه الدرجة الملموسة راهنًا مقارنة بما كانت عليه طيلة العقود التي خلت من بعد الحرب العالمية الثانية، وهو ما يسمح للشعوب التي تقاوم والدول المتضررة من بنية النظام الدولي الحالي على السواء بأن تتمرد عليه وتعمل على تغييره، خاصةً أن "إسرائيل الآن -بعد الضعف والهشاشة التي بدت عليها- لم تعد إسرائيل بن غوريون ولا إسرائيل 1967".  

كذلك خلص المتحدثون إلى أن كفاح وصمود الشعب الفلسطيني، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، نسف فكرة الحل الوسط مع الحركة الصهيونية، وتسبب في انهيار النهج الذي كان قائمًا على اتفاق أوسلو، كما حطَّم أسطورة "إسرائيل كُليَّة القدرة، المحصنة، المستعلية على المحاسبة"، وأكدوا أن طريق المقاومة الحالي سيسفر عن تلبية حقوق الشعب الفلسطيني، وينهي "نظام الاستعمار الإحلالي الاستيطاني الإسرائيلي". وأوضحوا في هذا الصدد أن هذه المرحلة الحالية تتطلب من الفلسطينيين -لجني ثمار نضالهم وتضحياتهم- إدارة أمورهم بطريقة ديمقراطية عبر تشكيل قيادة وطنية موحدة تضم الجميع، تعمل وفق برنامج وطني كفاحي، وتمهد الطريق لإجراء انتخابات حرة وديمقراطية يختار من خلالها الشعب الفلسطيني قياداته.

وحظيت أنماط التغطية الإعلامية لمجريات الحرب في غزة بجانب من حوارات ونقاشات المشاركين في المنتدى، وقدَّم في هذا الإطار مراسلا قناة الجزيرة في غزة، وائل الدحدوح وإسماعيل أبو عمر، لمحة عن التحديات التي تواجه الصحفيين في غزة أثناء تأدية عملهم، وما يتعرضون له هم وذووهم من استهداف مباشر، "لإخراس صوت الحقيقة" و"التعمية على ما يجري"، واستعرضا تجربتهما في التغطية خلال الفترة الماضية إلى أن أصيبا واضطرا لمغادرة القطاع طلبًا للعلاج. وأكدا على أن عزيمة الصحفيين في غزة وإحساسهم بعظم الدور الذي يقومون به وأهميته في تعريف العالم "ببعض ما يحدث" يدفعهم لأن يتحملوا هذه المشاق ويواجهوا تلك التحديات ويصبروا على الأذى.

وغير بعيد عن هذا السياق، استعرض المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي تجاربهم في نقل واقع الحرب ومكابدة الشعب الفلسطيني لفظائعها وتكيفهم مع ظروفهم المستجدة. كما سلطوا الضوء على تفاعل الجمهور مع المقاطع التي يصورونها على اختلاف أعراقهم وأديانهم، استجابةً "لصوت الإنسان الذي بداخلهم"، وأوضحوا في هذا النطاق الصعوبات التي تواجههم وبالأخص من قبل مالكي العديد من مواقع التواصل الاجتماعي المهمة "غير البعيدين عن فلك الصهيونية العالمية".

هذا وكان منتدى الجزيرة الخامس عشر قد انعقد في الدوحة يومي 25 و26 مايو/أيار الجاري (2024) تحت عنوان "تحولات الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى"، وحضره 35 متحدثًا من الخبراء والباحثين والإعلاميين، قدموا من بلدان مختلفة، وانتظموا في ثماني جلسات، وسط حضور جماهيري كبير ومتابعة كثيفة على شاشات الجزيرة ومنصاتها الرقمية.

وقد افتتح المنتدى الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة، بكلمة أكد فيها أن "الجزيرة" لم تتردد في اختيار "قضية المنتدى" لأهميتها فلسطينيًّا وعربيًّا وإقليميًّا ودوليًّا. وأوضح أن تغطية الجزيرة المستمرة لما يحدث في غزة جعلتها "المصدر الأول للمعلومة لكل باحث عن فهم شامل لجذور الحدث وسياقاته وجوانبه المختلفة". وأشار إلى أن تغطية الجزيرة التي تحرص على نقل الحقيقة جعلت مكاتبها في القدس وتل أبيب تُغلق وصحافييها في غزة يستهدفون، ومع ذلك فإنها مستمرة في أداء مهمتها ملتزمة بالمعايير المهنية.

هذا وعلى الراغبين في مشاهدة جلسات المنتدى متابعة الروابط التالية: