الجبهة الصامتة في "محور المقاومة": مقاربة سوريا للحرب في غزة

تتناول هذه الدراسة سبب استثناء الحدود السورية-الإسرائيلية من التصعيد الذي تشهده الجبهات الأخرى حتى من قبل المجموعات المدعومة من إيران، وتعرض للتنافس الروسي-الإيراني في تحديد هوية سوريا ومستقبل دورها في المنطقة.
روسيا لا ترغب في توسع الحرب إلى سوريا، لذلك لا تبدي إلا اعتراضا رمزيا ضد الضربات الإسرائيلية في سوريا (الأوروبية).

مقدمة

توجهت الأنظار في الأيام الأولى لشن عملية طوفان الأقصى، إلى جبهة جنوب سوريا في الجولان باعتبارها جبهة رديفة لحرب مفتوحة قادمة ضد إسرائيل، ولكن بعد أيام بات واضحًا أن قرار محور المقاومة بقيادة إيران، اتجه إلى اختيار المواجهة المدروسة منخفضة المستوى في جبهتي الجولان وجنوب لبنان.

فقد أطلقت فصائل فلسطينية متعاونة مع حزب الله قذائف هاون من جنوب سوريا باتجاه هضبة الجولان المحتل، بعد ثلاثة أيام فقط من بدء عملية طوفان الأقصى (10 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، وتكررت هجمات مماثلة من قبل قوى أخرى مؤيدة لإيران، في يومي 15 و25 أكتوبر/تشرين الأول 2023(1).

وعلى الرغم من الضربات الجوية الإسرائيلية المتواصلة في العمق السوري، إلا أن التدخل العسكري من الجبهة السورية لم يدم طويلًا. صمتت جبهة الجولان، وبقيت كذلك طوال ثمانية أشهر من الحرب المكثفة في غزة، بحيث أصبح يُنظر إلى هذا الهدوء المطول على أنه إشارة إلى خروج سوريا من دائرة الصراع النشط مع إسرائيل.

تسلط هذه الدراسة الضوء على التوازن الإستراتيجي والصمت الذي تلتزمه سوريا في حقبة طوفان الأقصى وما بعدها، كما تعرض بالتحليل للتوجهات الإيرانية في "الحفاظ على الهوية المقاومة" لسوريا وتوسيع وجودها في سوريا بشكل موازٍ ومنفصل.

علاقة سوريا وحماس

تطورت العلاقة تاريخيًّا بين حركة "حماس" وسوريا بشكل متسارع، وكانت قد تشكلت من خلال التحولات الجيوسياسية والمصالح الإستراتيجية المتبادلة. في البداية، كان تحالفهم متجذرًا في معارضة الاحتلال الإسرائيلي وسعي سوريا للحصول على نفوذ إقليمي، وكان الدعم العسكري والمالي واللوجستي السوري للفصائل الفلسطينية محوريًّا وثابتًا على مدار عقدين من الزمن. ويمكن القول: إن علاقة حماس مع سوريا بدأت في أوائل التسعينات، لاسيما بعد توتر علاقاتها مع الأردن ولبنان، وكان مصطفى اللداوي أول ممثل لحماس، وذلك في عام 1991. وعلى الرغم من التردد السوري الأولي، فإن الدعم من جانب أجهزة الأمن السورية والاجتماع الحاسم بين الشيخ أحمد ياسين والرئيس حافظ الأسد، ساعد في تسهيل قبول حماس وحريتها العملياتية النسبية في سوريا مع دعم إضافي من إيران. وفي عهد الرئيس بشار الأسد، تعمقت العلاقة مع انخراط سوريا في "مواجهة" النفوذ الإسرائيلي والأميركي(2).

شكَّلت الثورة السورية، عام 2011، نقطة تحول، فقد قررت حماس النأي بنفسها عن النظام السوري؛ ما أدى إلى صدع كبير بينهما، واتهمت سوريا الحركة بالخيانة والتحالف مع قوى المعارضة مثل "جبهة النصرة"، وأن الحركة استخدمت المقاومة لتحقيق أهداف سياسية تحت ستار الدين(3). أدى هذا التمزق إلى توتر علاقة حماس مع إيران أيضًا، وبالتالي تراجع دعم طهران للحركة. بحلول عام 2014، بعد أن أظهرت حماس قدرتها العسكرية ضد إسرائيل، استأنفت إيران دعمها؛ حيث قدمت لها تكنولوجيا الصواريخ والمساعدة في إعادة بناء الأنفاق(4). وبحلول عام 2017، تمت استعادة العلاقات مع إيران وحزب الله بالكامل، وأكد زعيم حماس، يحيى السنوار، أن إيران هي "الداعم المالي والعسكري الرئيسي" للجناح العسكري لحماس(5).

وتوجت جهود إيران وحزب الله للمصالحة بين حماس والحكومة السورية، بزيارة قام بها وفد من حماس إلى دمشق عام 2022، وهي الأولى منذ أزمة 2011، بهدف استعادة العلاقات. وضم الوفد الذي ترأسه خليل الحية قادة من الفصائل الفلسطينية الأخرى. وبالنظر إلى الصورة الكبيرة بين سوريا وحماس، فإن التطبيع بينهما لم يخرج عن تلبية لرغبة إيرانية، فهذه الأخيرة معنية بتماسك سردية محور المقاومة في خطابها العام، والحرص على أن تبقى سوريا حلقة الوصل المركزية لهذا المحور. إلا أن الطرفين المعنيين (حماس والحكومة السورية) سرعان ما أدركا ألَّا منافع إستراتيجية أو تكتيكية من هذا التطبيع؛ إذ لا عودة ولا مكاتب لقادة حماس في دمشق بسبب سهولة اغتيالهم من قبل إسرائيل في منطقة رخوة أمنيًّا، ولا مصادر للتمويل العسكري أو المالي من بلد مزقته الحرب. وعلى الجانب السوري، لا يستطيع النظام "الاستفادة" من القضية الفلسطينية في سرديته التاريخية ولا هو قادر على الانخراط بشكل أكبر في مواجهة إسرائيل. ويشير تصريح الرئيس السوري لإحدى الوكالات العربية، في أغسطس/آب 2023، إلى أن العلاقة مع حماس فقدت بريقها ولن تعود إلى سابق عهدها عندما قال: "ليس لحماس مكاتب في سوريا حاليًّا ومن المبكر أن نتحدث عن مثل هذا الشيء. لدينا أولويات الآن، والمعارك داخل سوريا هي الأولوية بالنسبة إلينا"(6).

صمت الجبهة السورية بعد الطوفان

في خضم الصراعات المزمنة في العراق ولبنان، اختار بشار الأسد اتباع إستراتيجية والده المتمثلة في تجنب الحروب الإقليمية المباشرة وهي السياسة المتبعة منذ آخر حرب خاضتها سوريا أي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، فعمل على دعم الفصائل المسلحة في فلسطين ولبنان لكسب النفوذ السياسي على المستويين، الإقليمي والدولي. وهذا التوجه يُفسر سياسة إحجام سوريا عن الانخراط بشكل مباشر في حروب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، وبدلًا من المواجهة سهَّلت سوريا النفوذ الإيراني، ودرَّبت الفصائل الفلسطينية وحزب الله وعملت قناةً لنقل الأسلحة إلى لبنان.

واستمر الرئيس بشار الأسد في التزام هذه الإستراتيجية بعد سقوط بغداد (2003)، على الرغم من العزلة الدولية والتهديدات بغزو عسكري أميركي لسوريا، فقد سمح "للناشطين الإسلاميين" بالعبور إلى العراق، والمشاركة في "الجهاد ضد الأميركيين". والتزم الأسد، بين عامي 2006 و2008، الموقف المؤيد للمواجهات التي قام بها كل من حزب الله وحماس ضد إسرائيل؛ ما عزز من موقف سوريا ومن صورة نظامه مدافعًا قويًّا عن القضايا السورية والعربية والإسلامية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي في المفاوضات مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وبالوسائل نفسها، وفي محاولة سورية لمنع استغلال إسرائيل للحراك الشعبي السوري، سهَّلت الحكومة السورية حركة الفلسطينيين إلى حدود الجولان؛ مما سمح لهم بعبور خط وقف إطلاق النار لإحياء ذكرى النكبة في مايو/أيار ويونيو/حزيران 2011(7).

هذه السياسة فقدت كثيرًا من جدواها أو تأثيرها بعد الثورة السورية، فقد شكلت هذه الأخيرة نقطة تحول مهمة في هذا السياق. فمع تنامي النفوذ الإيراني في سوريا، خاصة تحت قيادة قاسم سليماني، والقطيعة مع حركة حماس، تحول ميزان القوى والقيادة من سوريا إلى إيران، وباتت القائد الوحيد والمباشر "لمحور المقاومة"؛ ما أدى إلى تقليص النفوذ والدور السوري في المنطقة، وفقدت القدرة على التحكم بوجهة ومسار الصراعات مع إسرائيل كما كانت تفعل من قبل لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.

هذه التطورات تفسر جانبًا من عدم فاعلية الدور السوري في هذه الحرب، وهناك عوامل أخرى أسهمت مجتمعة في الهدوء الحالي للجبهة السورية خلال عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة، أهمها:

الدور الروسي: لم يتوقف التنسيق الروسي-الإسرائيلي خلال مرحلة طوفان الأقصى وما بعدها، وبات واضحًا أن هناك مسارًا تنسيقيًّا بينهما بدأ قبل عملية الطوفان بسبب وجود القوى المؤيدة لإيران قرب الحدود، وذلك بهدف ضبط جبهة الجولان ومنعها من الانزلاق لمواجهة مفتوحة تذهب بمكاسب روسيا في سوريا وتحافظ على الوضع الراهن في مواجهة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتحفظ جهود روسيا لثني إسرائيل عن دعم أوكرانيا استخباراتيًّا أو عسكريًّا.

ولا تزال روسيا تعمل على ضبط جبهة الجولان من خلال مراكز مراقبة أنشأتها لمنع أي تصعيد على خط "برافو" الفاصل بين إسرائيل وسوريا، وكانت قد أعادت روسيا تسيير دورياتها العسكرية في الجنوب السوري مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2023؛ إذ تجولت دورية عسكرية روسية جنوبي القنيطرة بين بلدة المعلقة وغدير البستان، بالقرب من سرية "الصفرة" التابعة لـ"اللواء 90" جنوبي المحافظة التابع لجيش الحكومة السورية. ونشرت وزارة الدفاع الروسية، في 3 يناير/كانون الثاني 2024، نقطتين جديدتين في الجولان السوري المحتل، لمراقبة وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل.

وخلال نفس اليوم الذي قامت فيه إسرائيل بضرب القنصلية الإيرانية في دمشق، 1 أبريل/نيسان 2024، ورغبة منها في منع إيران من استهداف إسرائيل عبر الأراضي السورية والانزلاق إلى مواجهة سورية-إيرانية مع إسرائيل، قال نائب رئيس "المركز الروسي للمصالحة" (أحد أقسام وزارة الدفاع الروسية)، إن شرطة بلاده العسكرية أقامت موقعًا إضافيًّا بالقرب من المنطقة الفاصلة بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان(8).

روسيا لا ترغب في توسع الحرب لتصل إلى سوريا لذلك لا تبدي إلا اعتراضات رمزية ضد الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا طالما أنها تستهدف في الأساس القوات الإيرانية وليست السورية. وحرصًا منها على ألا تدخل سوريا وإسرائيل بمواجهة مباشرة فهي لا تعترض غضب إيران والميليشيات التابعة لها الموجه نحو القواعد الأميركية في سوريا أو تلك الموجودة في الأردن بدلًا من استهداف إسرائيل بشكل مباشر.

إن الاعتماد الصرف على فرضية منع روسيا للأسد من الانخراط في الحرب(9) يصلح فقط في تفسير الإحجام السوري عن التدخل العسكري المباشر. إلا أن هذه الفرضية لا تفسر تجنب سوريا ما كان يشكل أساسًا في سياستها بالمنطقة، مثل تنفيذ أعمال عسكرية غير مباشرة، ولا تبرر موقفها السياسي المنكفئ، أو عدم تشجيع خروج المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.

التردي الاقتصادي: يتميز الاقتصاد السوري ببنيته الأوليغارشية، وتسيطر عليه مجموعة صغيرة من التجار الأقوياء المتحالفين مع نظام الأسد. وكان هذا التحالف حاسمًا خلال الحرب السورية؛ حيث قدَّم التجار الدعم المالي ومُنحوا بالمقابل السيطرة التامة على مختلف القطاعات الاقتصادية مثل الاتصالات والبناء والخدمات المصرفية والموانئ والسلع الغذائية. تشير المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد السوري في 2024 لأن الوضع الاقتصادي سيبقى سيئًا؛ حيث يعيش حوالي 90٪ من السكان في فقر ويواجه 12.9 مليونًا انعدام الأمن الغذائي(10).

ومعدل البطالة في سوريا مرتفع بشكل كبير؛ مما يسهم في انتشار الفقر والاضطرابات الاجتماعية. وفي عام 2023، انخفضت قيمة الليرة السورية بشكل كبير بنسبة 141% مقابل الدولار الأميركي، في حين ارتفعت معدلات التضخم بما يقدر بنحو 93%، وتفاقم التضخم بسبب تخفيضات الدعم الحكومي. وقد أدى انهيار العملة والعقوبات الاقتصادية إلى تقييد الأنشطة الاقتصادية بشدة؛ مما جعل البلاد تعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية والتحويلات المالية من الخارج. ومؤشر القوة الشرائية للمواطن وصل عند مستوى منخفض للغاية يبلغ 4.21%، كما انخفض مؤشر جودة الحياة إلى الصفر، بحسب قاعدة بيانات نومبيو(11). ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5% في عام 2024.

إن البنية الاقتصادية الحالية والأزمات الاقتصادية المستمرة والعقوبات الأميركية والأوربية لا تساعد النظام في سوريا على تمويل أو دعم حرب مع إسرائيل؛ مما سيعرِّض الاقتصاد السوري إلى الانهيار التام بالإضافة إلى تهديد مصالح التجار المتحالفين معه في الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار في مناطق سيطرته.

جيش منهك: عسكريًّا، لا يزال الجيش العربي السوري متأثرًا بشكل كبير بالحرب الداخلية الطويلة والمدمرة. ويقدر إجمالي أفراد الجيش بحوالي 270.000 فرد، بما في ذلك 170.000 في الخدمة الفعلية، و50.000 من قوات الاحتياط، و50.000 من القوات شبه العسكرية. تحتل سوريا المرتبة 60 من بين 145 دولة في القوة العسكرية بحسب مؤشر القوة النارية العالمي(12). ويمتلك الجيش نحو 2720 دبابة، و14550 مركبة، و295 قطعة مدفعية ذاتية الدفع، و2400 قطعة مدفعية، و614 منظومة إطلاق صواريخ متعددة، لكن جاهزيتها وكفاءتها التشغيلية تعوقها مشاكل الصيانة والتجديد.

وتمتلك القوات الجوية السورية ما يقارب 452 طائرة، منها 168 مقاتلة و153 مروحية، لكن جاهزيتها العملياتية دون المعايير العالمية. القوة البحرية ضئيلة، وتتكون بشكل أساسي من سفن الدوريات وسفن الألغام، مع عدم وجود سفن كبيرة مثل حاملات الطائرات أو المدمرات. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإعادة البناء، فإن القدرات القتالية للقوات المسلحة التابعة للنظام لا تزال محدودة. ولا تستطيع الأسلحة والمجندون الجدد إصلاح نظام يتسم بعدم الكفاءة والفساد بين طبقة الضباط. وإدراكًا لهذه الحقيقة، أجرت روسيا تغييرات كبيرة في القيادة العليا للجيش العربي السوري، مع التركيز على وحدات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة. منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، تم نقل أكثر من 100 ضابط إلى مناصب حرجة، مع تهميش المقربين من إيران. ومن المرجح أن تهدف روسيا إلى تعيين قادة يتبعون رؤيتها لإعادة الهيكلة وتدريب وحدات قتالية فعالة(13).

ونظرًا لهذه القيود، فمن غير المرجح أن يكون الجيش العربي السوري مستعدًّا لصراع إقليمي واسع النطاق مع إسرائيل التي تم تصنيف جيشها بالمرتبة 17 عالميًّا في 2024، ويتميز جيشها بتكنولوجيته المتقدمة وتفوقه الجوي وأفراده المدربين تدريبًا عاليًا. وتتمثل نقاط قوته الرئيسية في أنظمة دفاعية متطورة مثل القبة الحديدية وقوة جوية هائلة تضم 612 طائرة حديثة ومتطورة، وميزانية دفاع تبلغ 24.4 مليار دولار مقارنة بمليار و400 مليون دولار للجيش السوري(14)، بالإضافة إلى تحالفات إسرائيل القوية، خاصة مع الولايات المتحدة.

وفضلًا عن كل ما سبق، توفر نظرية بروس بوينو دي مسكيتا حول "البقاء السياسي"(15) نظرة ثاقبة لموقف سوريا من حرب غزة. ففي سوريا، تتركز السلطة السياسية داخل مجموعة صغيرة مختارة(16)، والهدف الأساسي للنظام السياسي الحالي هو ضمان ولاء ودعم هذه المجموعة الأساسية، التي تضم مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى، وشخصيات سياسية وأمنية مؤثرة، ونخبًا اقتصادية رئيسية. فالحفاظ على ولائهم أمر بالغ الأهمية لاستقرار الحكم، وغالبًا ما يكون ذلك على حساب اعتبارات وطنية أو أيديولوجية أوسع(17). وعليه، فإنَّ الاشتباك مع إسرائيل في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا من الممكن أن يعرِّض تماسك تحالف الأسد إلى اختبار صعب. هذه النظرية تبرر وتفسر إلى حدٍّ بعيد، لجوء الأسد إلى التركيز على الوضع الداخلي، والحفاظ على ولاء الائتلاف الحاكم، وقمع المعارضة الداخلية واستعادة الأرض منهم.

كما أن المشاركة السورية في حرب غزة تتطلب أيضًا تحويلًا كبيرًا للموارد العسكرية والمالية بعيدًا عن احتياجات مؤيدي الأسد الأساسيين. وفي بيئة متوترة بالفعل بسبب الصراع الداخلي المستمر والصعوبات الاقتصادية، فإن مثل هذا التحويلات يمكن أن تضعف قبضة الأسد على السلطة. فالحملات العسكرية مكلفة ويمكن أن تستنزف الموارد المستخدمة لتأمين تماسك وحماية النظام. والأهم من ذلك جميعًا، أن مناوشة خصوم أقوياء، مثل إسرائيل وحلفائها، تمثل تهديدًا كبيرًا، ومن الممكن أن يؤدي تدخل النظام السوري في هذا الصراع إلى ردود فعل انتقامية شديدة، مما يزيد من زعزعة استقرار النظام السياسي.

تداعيات

لعل النتيجة الأكثر أهمية لعملية طوفان الأقصى بالنسبة للجبهة السورية هي أن سوريا أصبحت وبشكل إرادي خارج ما يسمى "وحدة الساحات"(18). في أغسطس/آب 2022، شنَّت قوات "سرايا القدس" التابعة للجهاد الإسلامي عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "وحدة الساحات" للثأر لاغتيال قائدها، تيسير الجعبري. ومنذ ذلك الحين، جرى حديث عما يسمى "وحدة الساحات". خلال شهر يونيو/حزيران 2023، التقى "المرشد الأعلى" علي خامنئي وفدًا من قادة الجهاد الإسلامي ومن ثم التقى بوفد من حماس، وفي كلا اللقاءين أشاد خامنئي بحرب الخمسة أيام التي خاضتها الجهاد الإسلامي وأكد بشكل لافت لكلا الوفدين من حماس والجهاد على ضرورة التنسيق وتوحيد الجبهات وأكد بشكل خاص على أن الضفة الغربية هي من ستهزم إسرائيل ضمن ما يُعرف بوحدة الساحات الفلسطينية(19).

فيما بعد شاع الحديث عن وحدة الساحات الإقليمية في لبنان والعراق واليمن وفلسطين وسوريا، ويبدو أن المقصود من سوريا في هذا السياق هو الجماعات التابعة لإيران هناك وليس الجيش النظامي السوري. ويؤكد ذلك إنشاء غرفة عمليات مشتركة مؤلفة من ثلاثة مستويات عملياتية، لا تضم الأجهزة السورية؛ حيث تشكل الأراضي الفلسطينية، حيث تعمل الفصائل الفلسطينية، وخاصة حماس والجهاد الإسلامي، الركن الأساسي والعملياتي ضد إسرائيل. وعرضت هذه الفصائل تنسيقها من خلال مناورة عسكرية سنوية بدأت منذ 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، وكانت آخر هذه المناورات قبل شهر تقريبًا من بدء طوفان الأقصى، في 12 سبتمبر/أيلول 2023، تحت اسم "الركن الشديد 4". وتضمنت المناورات سيناريوهات تكتيكية مختلفة أبرزها عملية إغارة خلف خطوط "العدو" تخللها أسر عدد من الجنود. ويشكل حزب الله الطبقة الثانية، المسؤولة عن الاتصال بالفصائل الفلسطينية، إلى جانب مهمته الأوسع المتمثلة في الإدارة المشتركة للهيكل بأكمله. أما المستوى الثالث فيضم المجموعات المدعومة من إيران في سوريا والعراق واليمن(20) دون أي توزيع أدوار أو فاعلية للهياكل الرسمية العسكرية السورية.

كما أفرزت عملية طوفان الأقصى تحولًا مهمًّا في إستراتيجية إسرائيل العسكرية في سوريا والمسماة "المعركة بين الحروب"؛ حيث تركزت فيما قبل على ضرب الإمدادات العسكرية والصواريخ الإيرانية التي تتجه من سوريا إلى لبنان وضرب القواعد العسكرية لتصنيع الأسلحة والطائرات المسيرة في الأراضي السورية. أما بعد الطوفان فقد أصبحت إسرائيل ترى سوريا ساحة مناسبة لاغتيال "قادة المقاومة" هناك، فعلى سبيل المثال، اغتالت إسرائيل أحد قادة حماس ويدعى "حسن عكاشة" في سوريا، في يناير/كانون الثاني 2024، كما اغتالت 19 قائدًا إيرانيًّا في سوريا خلال فترة ما بعد طوفان الأقصى. ومن الملاحظ عدم فاعلية منظومة الدفاع الجوي السوري في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة التي تقع في سوريا، سواء عمليات الاغتيال الإسرائيلية أو استهداف المطارات والبنى التحتية وسواها.

أما عن مستقبل الجبهة السورية، فإن موقف سوريا من طوفان الأقصى والذي يميل إلى السكون، يشكِّل امتدادًا لمفاوضاتها غير المباشرة مع إسرائيل من خلال الوساطة التركية، في مايو/أيار 2008، ورغبتها آنذاك في استرجاع الجولان دون الخوض في مواجهات عسكرية. ومع تطور الظروف، يبدو صمت سوريا الحالي بمنزلة مقدمة إستراتيجية لموقف جديد، يأخذ بالاعتبار التفاوض مستقبلًا مع إسرائيل.

يبحر الرئيس السوري، بشار الأسد، اليوم في ديناميكيات جيوسياسية جديدة لإنهاء عزلة سوريا مبتعدًا عن الصراع مع إسرائيل، وقد تبنى النظام موقفًا سلبيًّا بشأن الصراع في غزة والتزم الصمت تجاه الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية داخل سوريا. وفي الوقت نفسه، يسعى الأسد إلى إعادة التواصل مع الولايات المتحدة(21).

ويهدف الأسد أيضًا إلى كسر العزلة الغربية من خلال وضع سوريا شريكًا غير رسمي في جهود أوروبا لمكافحة الهجرة، والانخراط في التعاون التجاري لمشاريع التعافي المبكر، وتخفيف العقوبات الاقتصادية، وتخفيف العزلة العربية من خلال معالجة قضايا تهريب المخدرات ضمن المبادرة العربية القائمة على مبدأ الخطوة مقابل الخطوة(22).

وبالتوازي مع الصمت السوري، تستمر إيران في تعزيز وجودها العسكري في سوريا، وذلك لاعتقادها بأن سوريا ولبنان هما البعد الإستراتيجي لها وهما ساحتان للردع المتقدم اللتان تعتمد عليهما طهران في منع وصول الحرب إلى حدودها. فعلى عكس الرؤية الكلاسيكية للحرب المبنية على المواجهة العسكرية المباشرة عبر الجيوش النظامية التي تبنَّتها مصر جمال عبد الناصر وسوريا في عهد حافظ الأسد، ترى إيران أن الحرب مع إسرائيل هي من ضمن الحروب غير المتكافئة التي يجب خوضها عبر جماعات وفصائل غير حكومية قادرة على الترميم بعد كل مواجهة. وهي تؤمن أيضًا بأن الحرب مع إسرائيل لا تنتهي بالضربة القاضية بل تنتهي عبر تجميع النقاط، وهذا بالضبط ما يشير إليه خامنئي ويكرره في أكثر من مناسبة بالقول بأن إسرائيل ستزول بعد 25 عامًا. وبناء على هذه المعادلة، رأت طهران في طوفان الأقصى نصرًا كبيرًا وكافيًا مرحليًّا ضد إسرائيل، لذلك ينصب اهتمامها اليوم على الحفاظ على البنية الهيكلية والعسكرية لحماس. لكن هذا لا يمنع أنه إذا ما تطورت الأوضاع في الجنوب اللبناني فإن المعادلات الإيرانية في سوريا قد تتغير.

وأخيرًا، إن الهجوم الإيراني المباشر على الأراضي الإسرائيلية نتيجة استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، قد يدفع طهران إلى الاعتقاد بالنصر ولذلك قد يكون هناك تكثيف لإرسال الصواريخ وتحضير سوريا كجبهة مستقبلية ضد إسرائيل بقيادة إيران وحلفائها غير الحكوميين(23). وإذا ما استمر تأجج الصراع فليس مستبعدًا أن تسعى طهران إلى إدخال منظومات دفاعها الجوي المتطورة مثل "15 خرداد" إلى جنوب لبنان أو جنوب غرب سوريا، لأنها ستعزز من قوة القوى المدعوة منها في مواجهة العمليات الجوية الإسرائيلية، لاسيما على طول المناطق الحدودية مع إسرائيل أو في عمق لبنان وسوريا خاصة إذا تم إقرانها بنظام دفاع نقطي مثل "بانتسير"، والذي تفيد بعض التقارير بتسليم روسيا لهذه المنظومة الصاروخية إلى حزب الله(24).

خاتمة

بعد طوفان الأقصى وصمت الجبهة السورية نتيجة العوامل الاقتصادية والعسكرية ومنطق البقاء السياسي والخط الأحمر الروسي وفقدان سوريا دورها الرئيسي في دعم الفصائل الفلسطينية وعدم استفادة الساحة السورية منها، أصبح العديد من الفاعلين في الصراع مع إسرائيل على قناعة تامة بأن سوريا تدير اليوم توازنًا دقيقًا بين لاعبين دوليين يتصارعون في الأراضي السورية، وهذا التوازن هو الذي حدد غيابها الإستراتيجي الفاعل عما يجري في غزة، ويحدد غيابها المستقبلي في الساحة الأوسع من صراع "محور المقاومة" مع إسرائيل. وعليه، قد تعيد فصائل المقاومة الفلسطينية تقييم أهمية العلاقات مع دمشق؛ إذ أصبح واضحًا بأن دمشق 2024 ليست دمشق حافظ الأسد في التسعينات ولا دمشق بشار الأسد في السنوات الأولى لحكمه.

وفي الوقت الذي تتجه فيه موسكو إلى ضبط جبهة الجولان عبر مراكز مراقبة على طول خط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل، تتجه طهران للحفاظ على سوريا حلقةَ وصل إستراتيجية بينها وبين العراق ولبنان وفلسطين عبر بناء نفوذ اجتماعي عبر التبليغ الديني في المنطقة الشرقية وتعزيز قواتها غير الحكومية من خلال تجنيد أبناء العشائر في دير الزور وحلب وتعزيز قواعد حزب الله على الحدود السورية اللبنانية لتسهيل عبور الأسلحة. وتعمل طهران كذلك على تعزيز نفوذها في سوريا بشكل إستراتيجي من خلال دمج مجموعات مسلحة مختلفة في الهيكل العسكري السوري الرسمي. وفي الوقت نفسه، تعمل على تعزيز العلاقات المباشرة مع الشخصيات السورية الرئيسية بما يوفر لها هذا النهج المزدوج، المتمثل في الاندماج العسكري والتحالفات الإستراتيجية مع المسؤولين السوريين، من إنشاء موطئ قدم كبير وغير رسمي داخل المجالين العسكري والسياسي السوريين(25). وهذا يساعد إيران في التصدي بما يناسبها لأي تغيرات في المواقف السورية أو الروسية إذا كانت تهدد أو تمس مصالحها في المنطقة، ما يضمن بقاء نفوذها قويًّا وفعالًا.

وعلى الرغم من انفصال سوريا عن وحدة الساحات بالمفهوم العملياتي العسكري، إلا أن الحديث عن انفصال الأسد عن داعمه الإيراني الرئيسي أو تخليه بشكل علني عن الصورة "المقاومة" لسوريا يبدو حديثًا مبكرًا جدًّا، وذلك بسبب التحالف الإستراتيجي مع إيران وبسبب غياب المواقف الغربية والعربية الحاسمة من التطبيع معه، والتي تتطلب تنازلات تمس قبضته المُحكمة على مفاصل الحكم في سوريا. وبناء على هذه المعطيات تظل طهران تُذكر الأسد عبر مرشدها، خامنئي، وعبر الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بضرورة الحفاظ على "الهوية المقاومة" لسوريا ضد إسرائيل، وتذكره بالتجارب الفاشلة في التعامل مع الغرب والولايات المتحدة من حيث عدم الوفاء بأي التزامات تنتجها طاولة المفاوضات معهم(26).

ويبدو هذا النفوذ الإيراني إستراتيجيًّا وطويل الأمد من حيث إنه يركز في البداية على التموضع وخلق نفوذ في شرق سوريا للتحضير للحلول محل الأميركيين في حالة الانسحاب من سوريا وخلق موازنة التهديد ضدهم هناك. ويجري كذلك الحديث عن إنشاء مراكز ومصانع لتصنيع المسيرات والصواريخ وذلك لتفادي الفيتو الروسي وأيضًا للتحضير لجبهة جديدة في المواجهة القادمة مع إسرائيل عبر سوريا ولكن بأيدٍ إيرانية.

نبذة عن الكاتب

مراجع

1) "إسرائيل ترد على قصف من الجانب السوري وحزب الله يهاجم مواقع للاحتلال"، الجزيرة نت، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (تاريخ الدخول: 10 يونيو/حزيران 2024)، https://tinyurl.com/4naka2y6

2) عبد الحكيم عزيز حنيني، منهجية حركة حماس في العلاقات الخارجية: سورية نموذجًا 2000-2015، ط1 (بيروت، مركز الزيتونة، 2018)، ص80-88.

3) محمد سرميني وعبيدة فارس، "عودة العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري" (مركز جسور، يونيو/حزيران 2022)، ص3.

4) Kenneth Katzman, "Iran’s Foreign and Defense Policies", Congressional Research Service, R44017 (Washington, Jan 2021), p: 35.

5) Matthew Levitt, "The Hamas-Iran Relationship" (Washington, D.C, The Washington Institute for Near East Policy, Nov 2023): https://tinyurl.com/3b98frjy

6) "الأسد يتحدث عن "شروط" لقاء أردوغان و"غدر" حماس"، سكاي نيوز عربية، 9 أغسطس/آب 2023 (تاريخ الدخول: 3 يونيو/حزيران 2024)، https://tinyurl.com/4a3azk3m

7) David W. Lesch, Syria: The Fall of the House of Assad (Connecticut, Yale University Press, 2012), p: 26.

8) Russia establishes third military post on borders of occupied Golan Heights (Istanbul, Enab Baladi, Apr 2, 2024), accessed Jun 5, 2024: https://tinyurl.com/yc89ckvk

9) مجموعة من الباحثين، "موقف النظام السوري من حرب غزة"، (مركز جسور، 19 يناير/كانون الثاني 2024)، ص7.

10) UNHCR, Syria- 2024 Needs Overview, 21 Feb 2024, https://tinyurl.com/ybfmz8t9

11) علاء الدين الكيلاني، "سوريا 2024: أوليغارشية مرفهة وفقر مدقع يضرب 92% من السكان"، الجزيرة نت، 30 مارس/آذار 2024 (تاريخ الدخول: 7 يونيو/حزيران 2024)، https://tinyurl.com/yh6mejac

12) Syria Military Strength (2024), Global Fire Power, accessed Jun 8, 2024: https://tinyurl.com/572v2nkd

13) Gregory Waters, "The Lion and The Eagle: The Syrian Arab Army’s Destruction and Rebirth" (Washington, the Middle East Institute, July 18, 2019).

14) Comparison of Syria and Israel Military Strengths (2024), Global Fire Power, accessed Jun 10, 2024: https://tinyurl.com/2uac6as5

15) Bruce Bueno De Mesquita et al, The Logic of Political Survival, 3 Edition (Cambridge, MIT Press, 2005).

16) تزعم نظرية "البقاء السياسي"، أو "النظرية الانتقائية"، أن القادة يظلون في السلطة من خلال خدمة مجموعة مختارة من المؤيدين، يطلق عليهم "المنتخبون". يجب على القادة إبقاء هذه المجموعة راضية للحفاظ على الولاء وتجنب فقدان السلطة، والتأثير على قراراتهم السياسية.

17) For further exploration of the theory of political survival, please see: Ryan Kennedy, "Survival and Accountability: An Analysis of the Empirical Support for “Selectorate Theory”, International Studies Quarterly, (Volume 53, Issue 3, September 2009).

18) "وحدة الساحات": هي إستراتيجية منسقة لمحور المقاومة ضد إسرائيل؛ حيث يقوم مختلف الجماعات المسلحة والجهات الفاعلة الحكومية بتوحيد جهودها عبر مناطق مختلفة. ويهدف ذلك إلى تعزيز فاعليتهم من خلال تقاسم الموارد وإجراء عمليات مشتركة، وتقديم جبهة موحدة أقوى ضد إسرائيل.

19) دیدار دبیرکل جنبش جهاد اسلامی فلسطین و هیئت همراه با رهبر انقلاب (لقاء الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والوفد مع قائد الثورة)، موقع المرشد علي خامنئي، 14 يونيو/حزيران 2023 (تاريخ الدخول: 4 يونيو/حزيران 2024)، https://tinyurl.com/36s95myk

دیدار رئیس دفتر سیاسی جنبش مقاومت اسلامی فلسطین حماس و هیئت همراه با رهبر انقلاب (لقاء رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس والوفد مع قائد الثورة)، موقع المرشد علي خامنئي، 21 يونيو/حزيران 2023 (تاريخ الدخول: 4 يونيو/حزيران 2024)، https://tinyurl.com/mrey9a4t

20) Hamidreza Azizi, " How Iran and Its Allies Hope to Save Hamas" (War on the Rocks, 16 Nov 2023): https://tinyurl.com/4ujebfmw

21) الرئيس السوري يكشف عن لقاءات مع الأميركيين مع استمرار مساعيه لفك عزلته الدولية، فرانس 24، 22 أبريل/نيسان 2024 (تاريخ الدخول: 9 يونيو/حزيران 2024)، https://tinyurl.com/yc38p4ka

22) Charles Lister, "The Normalizing of Assad Has Been a Disaster" (Foreign Policy, May 30, 2024): https://tinyurl.com/y3nnmdvd

 23) Ali Vaez & Hmidreza Azizi, "Why Iran Believes It’s Winning Against Israel" (Foreign Policy, MAY 20, 2024): https://tinyurl.com/yuawwyxd

24) Farzin Nadimi, "Iran Potentially Expanding Its Air Defense Axis in Lebanon and Syria" (Washington, D.C, The Washington Institute for Near East Policy, Nov 15, 2023): https://tinyurl.com/58r69yek

25) محمود البازي، "الجماعات المسلحة المدعومة إيرانيًّا في سوريا: دورها ومستقبلها" (الدوحة، مركز الجزيرة للدراسات، 15 يونيو/حزيران 2023)، ص12.

26) رهبر انقلاب در دیدار با رئیس جمهور سوریه تاکید کردند ایران و سوریه؛ ارکان محور مقاومت (قائد الثورة يؤكد خلال لقائه مع الرئيس السوري بأن سوريا وإيران هما أركان محور المقاومة)، صحيفة شهروند (طهران، العدد 8037، 1 يونيو/حزيران 2024).