من النجاح إلى الإخفاق: قراءة في كتاب "الانتقال الديمقراطي في تونس"

يبحث كتاب "الانتقال الديمقراطي في تونس" للزميل عز الدين عبد المولى، أسباب تفرد الانتقال الديمقراطي التونسي، خلال مرحلة نجاحه وإخفاقه، وقد وظف أدوات منهجية عدة، أجابت عن بعض الجوانب ولم تفسر جوانب أخرى، واستعان بمفاهيم لاستجلاء الجوانب المستغلقة، كدور النخبة المزدوج في النجاح والإخفاق، وعامل الدولة العميقة. كما تناول استئناف التحول الديمقراطي بعد الإخفاق المتوقع للانقلاب، وشروط نجاحه حتى لا يتكرر الإخفاق مجددا.
31 يوليو 2025
(الجزيرة)

قدم عز الدين عبد المولى، في كتابه الجديد "الانتقال الديمقراطي في تونس (2011-2021)" تحليلا نقديا شاملا للتجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي، وقد تتبع محطاتها من اندلاع الثورة إلى نجاحها، ثم إلى العقبات التي واجهتها، وانتهاء بإخفاقها، متمما كتابه بتوقع حدوث تحول ديمقراطي جديد، وشروط نجاحه.

يضع الكتاب الثورة التونسية في سياق ثورات الربيع العربي، لكنه يركز على جوانب التفرد التي ميزتها عن غيرها. وقد اعتمد على أدبيات الانتقال الديمقراطي، وأعطى عامل النخب والدولة العميقة تركيزا خاصا، لأنهما لعبا دورا استثنائيا في محطات التجربة الديمقراطية التونسية. يمكن تنظيم أفكار الكتاب حول ثلاثة عقد رئيسية: الثورة، الانتقال، الانقلاب. لاحظ الكاتب أن هذه التسميات محل نزاع بين مختلف القوى المتصارعة، سواء في الداخل أو القوى الخارجية التي نفذت إلى داخل تونس.

المناظير

 اعتمد الكاتب على ثلاثة مناظير تحليلية للثورة التونسية، ومسار الانتقال الديمقراطي، سواء في مرحلة صعوده أو أفوله، وانتهاء بالانقلاب الذي أعاد تونس إلى مرحلة الاستبداد والحكم الفردي.

  1. المنظور التحديثي: يفسر حدوث الثورة التونسية بالتحديث الاجتماعي، مثل ارتفاع عدد سكان الحواضر أو المدن، وارتفاع نسبة المتعلمين، والتحسن العام في وضع السكان الاقتصادي. يرفع كل ذلك تطلعات التونسيين، فلم يعودوا يرضون بالإقصاء السياسي، وباتوا يرغبون في المشاركة السياسية، ولما قاومها النظام القائم، اضطروا إلى الثورة عليه.
  2. المنظور البنيوي: يفسر اندلاع الثورة بنشوء قوة جديدة هي الطبقة الوسطى، وهي الطبقة التي تحصل على دخل يجعلها أدنى قليلا من الطبقة العليا، لكنه أرفع من دخل الطبقات الدنيا أو الفقيرة والمعدومة، وهي الطبقة التي تلعب دور بيضة الميزان بين الطبقتين العليا والدنيا. وقد أدى نشوء هذه الطبقة إلى صراع مع الطبقة العليا الماسكة بالسلطة السياسية، فاستعملت السلطات السياسية القمع ووظفت الفساد للحفاظ على السلطة، فزاد ذلك من تذمر الطبقة الوسطى، فأدى هذا الصراع بين القوتين إلى اندلاع الثورة.
  3. المنظور الانتقالي: يحلل دور النخب في الانتقال الديمقراطي، سواء خلال مرحلة تعاونها من 2011-2014 أو صراعها من 2014-2021، وانتهاء بإخفاقها في منع الانقلاب، بل مساهمة بعضها في التمهيد له والسعي إلى التحالف معه.

التفرد التونسي

يركز الكاتب على الاستثناء التونسي في تجربة الربيع العربي، فقد بدأت الثورة من تونس، وكانت حدثا مفاجئا؛ لأن توقعات ذلك كانت منخفضة مقارنة باحتمالات حدوثها في بلدان عربية أخرى. وقد كانت الثورة سلمية، وليس مثل بقية الثورات التي شهدت أحداثا عنيفة متفاوتة من بلد إلى آخر. ثم إن الثورة انتشرت كموجة متصاعدة لتشمل تقريبا غالبية الدول العربية وإن بمستويات مختلفة. وتمكنت تونس من تحقيق نجاحات في عملية التحول الديمقراطي، فقد اعتمدت دستورا توافقيا، وشكلت نظام حكم برلمانيا، وأجرت عدة اقتراعات انتخابية، شملت التصويت على المجلس التأسيسي في 2011، والاقتراع في الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014، ثم الاقتراع مجددا في الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019، إلى أن أنهى انقلاب 2021 هذه المرحلة الديمقراطية. وتُعد هذه الإنجازات سمة تونسية فريدة، لم تحدث في بقية تجارب التحول الديمقراطي في الربيع العربي.

من العوامل التي تفسر هذا الاستثناء التونسي، هو النخبة التونسية، التي حظيت في الكتاب باهتمام خاص ومستحق، ويعد ذلك إضافة في دراسات التحول الديمقراطي في العالم العربي. فقد شرح الكتاب دور النخبة في إنجاح التحول ثم إفشاله، وهذه مفارقة تحتاج إلى تفصيل حتى يتضح أن عوامل النجاح قد تكون هي نفسها عوامل الفشل إذا تغيرت السياقات والعلاقات بين أطراف هذه النخبة.

مرحلة النجاح امتدت من عام 2011 إلى 2014، وقد اتسمت بحرص النخبة (النهضة، نداء تونس، الاتحاد العام للشغل، الرباعية الراعية للحوار) على التوافق؛ لأنها اشتركت في الخشية من عودة النظام القديم، وحدوث انقلابات شبيهة بانقلابات مصر، أو حروب شبيهة بالحرب في ليبيا وسوريا، فمالت إلى تقديم تنازلات متبادلة من أجل التوصل إلى قواعد مشتركة للعمل السياسي، والقبول بنتائج الانتخابات، وتجاوزت خلافاتها السياسية والأيديولوجية. وقد نجحت في تشكيل مجلس تأسيسي، حظي بتصويت شعبي، ثم التوافق على صيغة دستور 2014، وعقد انتخابات تشريعية أفرزت حكومة ائتلافية.

لما حدثت اغتيالات لعدد من الشخصيات السياسية التونسية (شكري بلعيد، محمد البراهمي) توترت الأوضاع بين القوى السياسية المتباينة إيديولوجيا، ونجحت الرباعية في التوسط، فأقنعت النهضة بالتنازل عن الحكومة، والقبول بحكومة تكنوقراط، فانفرجت الأزمة التي كادت أن تقضي على المرحلة الانتقالية. وحصلت الرباعية مقابل هذا الإنجاز على جائزة نوبل للسلام.

اتسمت مرحلة 2014-2019 بتصدع النخب التونسية؛ لأن غلبة عوامل الخصومة تغلبت على عوامل التعاون، لعدد من الأسباب، كاطمئنان النخب إلى أن النظام السابق لن يعود، فلم يعد هناك شعور بالخوف يوحدهم، وانهيار ائتلاف النهضة ونداء تونس لخلافاتهما على المناصب والسياسات، وتأجج الخلاف الإيديولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين حول مسائل العلاقة مع الدولة والحريات، وغيرها من المسائل الإيديولوجية، التي أنتجت خلافات أعاقت التوافق على سياسات تحسين أوضاع التونسيين المعيشية، وترسيخ ممارستهم الديمقراطية في أنشطتهم الاجتماعية والمشاركة السياسية. كذلك، توالت الانشقاقات داخل القوى السياسية نفسها، مثل الانشقاقات داخل نداء يونس، الناتجة عن التنافس بين قادته على المناصب والصلاحيات، فأعاق ذلك نداء تونس عن التوصل إلى حلول توافقية مع بقية القوى السياسية مثل النهضة.

هذه التجاذبات، جعلت الحكومة ضعيفة، غير قادرة على اتخاذ تدابير اقتصادية قد تكون مكلفة سياسيا لكنها مجدية اقتصاديا، ومشغولة بتخفيف التوتر بين مكوناتها، وتفادي الصدام مع الاتحاد العام للشغل. فلم يتحسن الوضع الاقتصادي حسب تطلعات التونسيين المرتفعة عقب الثورة، فغذى ذلك الخصومات الإيديولوجية، وعمّق التصدعات داخل الحكومات، فتقاذفت أطرفها المسؤولية، لتتجنب اللوم والتذمر الشعبي.

فاقم من هذا الشرخ في النخبة التي قادت عملية التحول، استحواذُها على عملية التحول الديمقراطي، واستغناؤها عن القوى التي صنعت الثورة، وهي الفئات الشعبية غير المؤطرة حزبيا أو تنظيميا، خاصة البعيدة عن المراكز الحضرية، وهيئات المجتمع المدني، فقد أطلق الثورة حراكٌ شعبي عفوي لم تكن الأحزاب والنخب التقليدية قائدة له أو مبادرة إليه، لكنها استحوذت عليه لاحقا لما استطاع هذا الحراك العفوي إسقاط بن علي، فاتفقت القوى السياسية -مثل النهضة ونداء تونس- على تشكيل هيئة تحقيق أهداف الثورة والمجلس التأسيسي، وركزت في تدابيرها على الجوانب السياسية مثل صياغة الدستور وتنظيم الانتخابات، لكنها أهملت التدابير الأكثر التصاقا بحاجات الناس اليومية الملحة، مثل تحسين الوضع الاقتصادي، كحل مشكلة البطالة، أو تحسين أوضاع المناطق المهمشة البعيدة عن المراكز الحضرية، فشعرت فئات واسعة أن التحول الديمقراطي لا يحسّن أوضاعهم اليومية، بل بدا كأنه منافسة بين نخب سياسية محترفة لتقاسم المناصب والمكاسب.

لم تطور النخب آليات تتوافق مع التغير الذي أحدثته الثورة لإشراك القطاعات التي بادرت إلى الثورة ونجحت في إسقاط بن علي، مثل إنشاء حوارات وطنية أو المبادرات العابرة للهياكل السياسية السابقة، بل أبقت على القنوات السابقة، كالأحزاب والنقابة، فلما أخفقت النخبة في استكمال التحول الديمقراطي، لم تجد ظهيرا شعبيا يقاوم الانقلاب، لأنها استبعدته، فبات يعتبرها غريبة عن همومه وتطلعاته، وشرع يبحث عن مخلص جديد من هذه المؤسسات العقيمة. 

تميز الكاتب بتوظيف مفهوم الدولة العميقة لتحليل إخفاق التحول الديمقراطي التونسي، ويعرّفه بأنه شبكات من النخب البيروقراطية والأمنية والاقتصادية المتغلغلة في مفاصل السلطة، والحريصة على التخفي، لتظل بمنأى عن الحساب والمساءلة.

برز هذا المفهوم في سياق الوضع التركي، لكن الكاتب يوضح أن العقدة المركزية في الدولة العميقة التركية كانت ملتفة حول الجيش، لكنها في تونس كانت ملتفة حول الأجهزة الأمنية أو الشرطة.

تتفق هذه النخب على الحفاظ على الوضع القائم، أو إعادة الوضع الجديد إلى الوضع السابق، حتى تحافظ على امتيازاتها في النفوذ والثروة.

تَظهر قوة هذه النخب في إعاقة عدد من إجراءات التحول الديمقراطي، فقد أفشلت الأجهزة الأمنية جهود العدالة الانتقالية لحماية المسؤولين عن الانتهاكات في عهد بن علي، وأعاقت تشكيل المحكمة الدستورية ليظل البناء المؤسسي الجديد هشا؛ لأنه يفتقد إلى الجهة التي تفض سلميا النزاع بين مؤسسات الدول، مثل النزاع بين البرلمان ورئاسة الجمهورية حول الصلاحيات.

في بداية الثورة، أحنت هذه النخب رأسها لعاصفة التغيير، ولم تكشف عن عدائها له، لكنها أعدت تدابير لإفشاله، إذ أبطأت إجراءات التحول، وحمت قادة بن علي المسؤولين عن الانتهاكات، وحرصت على تعطيل البناء المؤسسي الديمقراطي حتى تتمدد في الفراغ الناشئ. كما استخدمت إجراءات عدة، مثل ضخ تسريبات تفشل التوافق، أو تضعف حركة النهضة؛ القوة الرئيسية في التحول الديمقراطي، أو تدفع إلى تشكيل قوى سياسية للنظام القديم، مثل نداء تونس، أو تساهم في اضطرابات حتى تظهر القيادة الديمقراطية عاجزة عن بسط الأمن في البلاد، فلا تحظى بثقة التونسيين، بل قد تشككهم في جدوى التغيير الديمقراطي.

تستغل شبكات الدولة العميقة التنافس على السلطة بين النخبة التي تحالفت في الثورة، لتأجيج التنافس، وتحويله إلى صراع غير قابل للتوفيق، فتعجز النخب السياسية عن الاتفاق على سياسات أو إجراءات تحقق وعود الثورة، فيفقد التونسيون إيمانهم بالنخب السياسية، ويشدهم الحنين إلى العهد السابق الذي كان يتصف بالاستقرار والأمان، رغم استبداده وتعسفه وانتهاكه للحريات.

الطريق إلى الانقلاب

أدى استقطاب النخب إلى الشلل السياسي، فلم تعد الحكومة قادرة على اتخاذ تدابير كبيرة وإنفاذها، وصارت أشغال البرلمان متعثرة، وتزايد الإحباط الشعبي من إخفاق النخب، وفاقمت أزمة كورونا من سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى استعانة أجنحة من النخبة بقوى خارجية تقود الثورة المضادة للقضاء على التحول الديمقراطي بمبرر التصدي للإسلاميين.

وجّه هذا كله تطلعات غالبية التونسيين إلى التعلق بشخصية قيس سعيد، البعيدة عن المؤسسات القائمة، ليخلصهم من هذا النظام الجديد الذي يبدو عاجزا، غارقا في التنافس على المناصب والمكاسب، وغير مهتم بمشاغلهم اليومية، فاستغل قيس سعيد شرعيته الانتخابية وصلاحيات منصب رئيس الجمهورية، ليستحوذ على صلاحيات بقية المؤسسات، بدعم من شبكات الدولة العميقة، بل وبجزء من النخب التقليدية التي كانت تظن أن حصتها من السلطة من خلال القبول بالانقلاب ودعمه ستكون أفضل من حصتها خلال مرحلة التحول الديمقراطي، وبتسليم شعبي يكاد يكون كاملا. شرع بعدها في إضفاء الشرعية على هذا الانقلاب، بإلغاء عمل المؤسسات، وتغيير الدستور، وإقامة مؤسسات خاضعة له، فألحق كل السلطات بسلطته، وسجن المعترضين على انقلابه، أو الرافضين لإجراءاته.

استئناف الديمقراطية

يتفاءل المؤلف باستعادة المسار الديمقراطي في تونس بعد إخفاق الانقلاب في إنجاز وعوده، لكنه يشير إلى ضرورة الاستفادة من عوامل فشل التحول الديمقراطي السابق. ينبه إلى تفادي النخبوية من خلال توسيع قاعدة المشاركة خارج الهياكل التنظيمية لقوى النظام القديم أو قوى المعارضة، وتخطي الاستقطاب من خلال التوافق على قواعد مشتركة للمنافسة تتقبل الاختلافات الإيديولوجية، والاستعانة بموروث مرحلة الانتقال الديمقراطي السابقة ومؤسسات المجتمع المدني لتوسيع المشاركة الديمقراطية وترسيخها في الحياة اليومية وليس في المواعيد الانتخابية فقط.

يذكر الكاتب أن دستور 2014 الذي كان حصيلة توافق وطني وقبول شعبي واسع، يصلح أن يكون أرضية للتحول الديمقراطي القادم. تنظم هذه المرة نقاشات شعبية موسعة على الدستور، وتشكل تنظيمات على مختلف المستويات الوطنية والمحلية والمهنية لإعادة العمل به.

كما يقترح بناء معارضة تتجاوز الاستقطاب الأيديولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين، وتستند إلى مشروع وطني يحقق العدالة الاجتماعية ومحاربة البطالة. قد يتحقق ذلك بعقد مؤتمر وطني يتفق على أولويات العمل الوطني بين مختلف القوى الإيديولوجية، ويلخصها في

  • إصلاحات اقتصادية لخلق فرص عمل وتقليل التفاوت الجهوي.
  • تعزيز الشفافية في الحوكمة لمحاربة الفساد.
  • إصلاح القضاء والأجهزة الأمنية لضمان الحيادية.

يدعو المؤلف إلى إعادة تنشيط دور المجتمع المدني في إنجاح التحول الديمقراطي الجديد، بالاستفادة من دوره في تحقيق نجاحات في الانتقال الديمقراطي السابق، فقد تمكنت الرباعية وهي (الاتحاد العام التونسي للشغل، الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، عمادة المحامين، واتحاد الصناعة والتجارة)، من التوسط بين القوى السياسية للتوصل إلى توافقات لتسوية الأزمات. يقترح الكاتب ممارسة هذه الهيئات المدنية ضغطا مستمرا على السلطة الانقلابية القائمة لإجبارها على العودة إلى المسار الديمقراطي، وفي الأثناء توسع هذه الهيئات نطاقها ليشمل حركات شبابية ومنظمات محلية من المناطق المهمشة. قد تكون فاعليتها أفضل من النخب التقليدية التي استنزفتها الصراعات الإيديولوجية والتصدعات الداخلية، ولم تعد قادرة على التضامن لإجبار السلطة الانقلابية على إعادة المسار الديمقراطي.

كما يدعو المؤلف إلى ترسيخ ثقافة ديمقراطية من خلال وسائل الإعلام بعد إصلاحها، والنظام التعليمي، ومختلف المنصات التواصلية، حتى يعي التونسيون أن العملية الديمقراطية ليست شأنا نخبويا فقط، وبعيدا عن مساعيهم اليومية للحصول على الرزق والكرامة، بل هي الوسيلة المثلى للتحكم في مصيرهم اليومي، وجعلهم أسياد أنفسهم.

يدعو الكاتب إلى توافق وطني لجعل الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي جزءا من التحول الديمقراطي؛ لأن الفشل الاقتصادي كالبطالة وارتفاع الديون، والفشل الاجتماعي مثل التفاوت الجهوي، أظهرا التحول الديمقراطي السابق غريبا عن مشاكل الناس المباشرة، وعاجزا عن حلها، فأصابهم بالخيبة والإحباط.

آفاق بحثية

فتح الكتاب مسارات بحثية، قد تكون موضوعات لدراسات قادمة. فتناوله لدور النخبة المتناقض، واستحواذها على عملية الانتقال، يعد مجالا خصبا للبحث والتقصي في دراسات التحول الديمقراطي بالعالم العربي. كذلك، استعماله مفهوم الدولة العميقة، قد يكون مفهوما خصبا، قد تعمل دراسات قادمة على تطبيقه في سياقات خاصة لفهم فشل عمليات التحول الديمقراطي، مثل مصر أو السودان. قد يحظى أيضا عامل الاستقطاب الإيديولوجي في إفشال عملية التحول الديمقراطي بالدراسة، لبحث سبل تجاوزه في عمليات التحول الديمقراطي، أو مقارنته في مختلف التجارب، لأن البلدان العربية تتفاوت في شدة الاستقطاب الإيديولوجي ونوعه.

نبذة عن الكاتب