دور هيئة الإيغاد في تسوية الصراعات.. السودان نموذجا

تتناول هذه الورقة الهياكل الأمنية لهيئة الإيغاد، ودورها في تسوية الصراعات التي يموج بها الإقليم، مع التركيز على الصراع المسلح الأخير الذي اندلع بالسودان في أبريل/نيسان 2023.
تدخل الإيغاد في الصراعات، مثل الصومال أو جنوب السودان، اقتصر على جهود الوساطة فقط (الجزيرة).

تأسست الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" (IGAD) في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1996(1)، خلفًا للهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر (IGADD) التي أنشئت عام 1986. وكما يتضح من التسمية، سواء الأولى أو الثانية، فإنها منظمة بدأت بيئيةً لمكافحة التصحر الناجم عن الجفاف الذي ضرب المنطقة بين عامي 1985 و1986، ثم توسعت لتشمل التنمية بمفهومها الشامل. ومع تزايد الصراعات التي شهدتها القارة ومنطقة شرق إفريقيا تحديدًا، التي تضم دول القرن الإفريقي، والتي تعد من أكثر المناطق التي تشهد توترات واضطرابات سياسية وأمنية، سواء على الصعيد الداخلي أو البيني، ونعني بذلك مثلًا انهيار الدولة في الصومال بعد سقوط سياد بري عام 1991، والنزاع الحدودي بين إثيوبيا وإريتريا (1998-2000)، والنزاع بين السودان وجنوب السودان (2012)، وغيرها. لذا، بدأ التفكير أوائل تسعينيات القرن الماضي في توسيع مهام الإيغاد لتشمل قضايا السلام، باعتبار أن التنمية لا تتحقق في بيئة غير مستقرة سياسيًا وأمنيًا.

وفي هذا الإطار، سنتناول في هذه الورقة الهياكل الأمنية للإيغاد، ودورها في تسوية الصراعات التي يموج بها الإقليم، مع التركيز على الصراع المسلح الأخير الذي اندلع بالسودان في أبريل/نيسان 2023.

أولا- الهياكل الأمنية للإيغاد

كشأن المنظمات الاقتصادية الفرعية في إفريقيا، ولخصوصية وضعها الجيوستراتيجي في شرق القارة وفي قلب القرن الإفريقي، أبدت الإيغاد اهتمامًا بالجوانب الأمنية باعتبارها شرطًا لازمًا لعملية التنمية، وقد كان هذا الهدف واضحًا في اتفاقية عام 1996، حيث نصت المادة 18/أ على أهمية تحقيق السلام والأمن، واتخاذ إجراءات جماعية لمواجهة التهديدات الأمنية. لذا، تم إنشاء إدارة السلام والأمن التابعة لسكرتارية الهيئة، والتي لديها 3 برامج تتعلق بمنع وإدارة وتسوية الصراعات، والشؤون السياسية، والشؤون الإنسانية، كما أنها تنسق مع آليتين أخريين في أديس أبابا، الأولى تتعلق بتعزيز القدرات لمواجهة الإرهاب، والثانية تتعلق بسكرتارية آلية الإنذار المبكر والاستجابة للصراعات(2).

لذا، قررت قمة الإيغاد الثامنة المنعقدة بالخرطوم في نوفمبر/تشرين الثاني 2000 (المادة 3/2)، إنشاء آلية للإنذار المبكر والاستجابة للصراعات، تكون مهمتها حفظ وتسوية وإدارة الصراعات، على أن تتولى أمانة الإيغاد إعداد التفاصيل الخاصة بها في الاجتماع القادم للقمة(3). وبالفعل، تم اعتماد البروتوكول الأمني الخاص بها في الخرطوم أيضًا عام 2002، والذي مثّل نقلة نوعية في عمل الهيئة، من مجرد منتدى للتنسيق الاقتصادي إلى فاعل إقليمي في مجال الأمن والسلم، ثم دعمته قرارات قمة الإيغاد بعد مراجعة هيكلها عام 2010.

وفي هذا الإطار، يمكن القول إن أبرز المؤسسات المعنية بالسلام وقضايا التنمية، والتي وردت في المواد 9-12 من اتفاقية 1996، تتمثل في الجمعية: هيئة رؤساء الدول والحكومات، المجلس الوزاري: وزراء الخارجية، مجلس السفراء: المندوبين الدائمين، السكرتارية: التي تضم 4 إدارات، إحداها معنية بالسلم والأمن.

أما بالنسبة للهياكل الأمنية للإيغاد، فتتمثل فيما يلي:

1)-  آلية الإنذار المبكر، وأنشئت عام 2002، وتعتمد على رصد البيانات المجتمعية وتحليلها لتوقّع النزاعات وسرعة الاستجابة لها حال وقوعها(4).

2)-  لجنة الحكماء، وتضم شخصيات سياسية أو دبلوماسية سابقة، تتدخل بطرق غير رسمية لتسهيل عمليات الوساطة.

3)- إدارة السلم والأمن التابعة لسكرتارية الإيغاد، وهي أحد الأقسام الأربعة التي تعمل تحت إطار مفوضية الإيغاد، وهي مسؤولة عن المهام المتعلقة بالسلم والأمن. لكن يُلاحظ أن سلطات سكرتارية الإيغاد -بصفة عامة بما فيها هذا القسم- محدودة في ظل مركزية القرارات في الهيئة من خلال مؤتمر رؤساء الدول والحكومات.

4)- وحدة دعم الوساطة، وهي تابعة إداريًا لإدارة السلم والأمن، وأُنشئت عام 2012 لتقديم الدعم اللازم لجهود الوسطاء التابعين للهيئة، وتزويدهم بكل ما يحتاجونه من معلومات لمنع نشوب الصراعات من خلال الدبلوماسية الوقائية والوساطة، وتعزيز قدرات الدول الأعضاء في مجال منع نشوب النزاعات وبناء السلام والوساطة. وهذا يستلزم العمل مع شبكة واسعة من المنظمات والخبراء للاستجابة بفعالية لحالات النزاع فور نشوئها والحد من تكرارها، ومع ذلك لم تشارك في جهود الوساطة في جنوب السودان أو إقليم تغراي(5).

5)- البروتوكول المنشئ لجهود الوساطة والدبلوماسية الوقائية 2019، إذ في يونيو/حزيران 2022، أطلقت الإيغاد استراتيجية قسم السلام والأمن لعام 2025، وتشمل مجالات التدخل ذات الأولوية في الاستراتيجية، وهي: الإنذار المبكر بالصراعات، الدبلوماسية الوقائية، الوساطة، تعزيز الحكم الرشيد، الديمقراطية، حقوق الإنسان، سيادة القانون، وإعادة الإعمار والتنمية بعد انتهاء النزاعات، بناء السلام، والمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة من أجل السلام(6).

ولعل الملاحظة الهامة في هذا الشأن، هي أن اتفاقية الإيغاد لم تتضمن أية تدابير أو إجراءات صريحة تتعلق بعملية حفظ السلام وإنفاذه، أو بفرض السلام، وهو ما انعكس سلبًا على دورها في عملية تسوية الصراعات، واقتصارها -في الأغلب الأعم- على الإنذار المبكر والوساطة، حيث تطلب الهيئة في بعض الأحيان من الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة إرسال قوات تابعة لها لتسوية الصراعات داخل أو بين الدول الأعضاء، كما حدث في أزمات الصومال وجنوب السودان، وهو ما يرجع أيضًا -في أحد أسبابه- لعدم رغبة الدول الأعضاء في الالتزام بإرسال هذه القوات(7).

ثانيا- تقييم دور الإيغاد في تسوية الصراعات ما قبل الصراع الأخير في السودان

شهدت المنطقة التي تقع بها دول الإيغاد العديد من الصراعات الداخلية والحروب البينية التي شكّلت تحديًا لها يستلزم التدخل لتسويتها، منها استمرار الاقتتال والحرب الأهلية في الصومال منذ عام 1991 وتداعياتها على دول الهيئة، لا سيما جيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا، والتوتر بين إرتيريا واليمن بشأن بعض الجزر في البحر الأحمر (1997-1998)، والحرب بين إرتيريا وإثيوبيا بشأن مثلث بادمي الحدودي (1998-2000)، والصراع في شمال أوغندا، والصراع في دارفور (2003)، والتوتر الحدودي بين جيبوتي وإرتيريا حول جبل وجزيرة دميرة في باب المندب (2008 و2017)، واستمرار الحرب بين شمال السودان وجنوبه (2012)، وأزمة إقليم تغراي الإثيوبي (نوفمبر/تشرين الثاني 2020).

ورغم كل هذه التوترات، فقد استُبعدت الإيغاد من التدخل في العديد من الأزمات والصراعات والحروب، سواء البينية أو الداخلية، كما أن تدخلها كان محدودًا إذ اقتصر على جهود الوساطة، ومرتبطًا بأطراف الصراع أو بمواقف الدول الأعضاء. لذا، لا غرابة في أن هذا الدور تأثر سلبًا أو إيجابًا بحسب أطراف الصراع من ناحية، وموقف دول الإيغاد من ناحية ثانية.

1)- نجاحات الإيغاد المحدودة في حالات التدخل
لعبت الإيغاد دورًا وظيفيًا في التوسط بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، مما أدى إلى توقيع اتفاقية السلام الشامل في نيروبي عام 2005، والتي أنهت الحرب الأهلية الثانية في السودان، ومهّدت الطريق لاستفتاء استقلال جنوب السودان في 2011. لكن يُلاحظ أن الهيئة كانت بمثابة آلية للولايات المتحدة التي صمّمت فكرة التسوية القائمة على أساس فترة انتقالية مدتها ست سنوات، يكون السودان موحدًا، لكن بنظامين مختلفين في الشمال والجنوب، على أن ينتهي ذلك بإجراء استفتاء لحق تقرير المصير(8).

ومرة أخرى، ومع اندلاع الاضطرابات في دولة جنوب السودان بعد استقلالها بعامين فقط، قادت الإيغاد جهود وساطة أفضت إلى اتفاقات سلام، بدعم من آلية الإنذار المبكر ومشاركة لجنة الحكماء، ما أسفر عن توقيع اتفاقية حل الصراع عام 2015. وبعد انهيار الاتفاقية، أطلقت الإيغاد منتدى الإنعاش رفيع المستوى، الذي أدى إلى توقيع اتفاقية أخرى عام 2018(9).

وبعد الإطاحة بحكم البشير في السودان عام 2019، لعبت الإيغاد -بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي- دورًا في توقيع الإعلان السياسي والدستوري وتشكيل حكومة انتقالية في السودان يوم 21 أغسطس/آب 2019. ولعل هذا النجاح يرجع في أحد أسبابه إلى إثيوبيا، باعتبارها رئيسة الهيئة آنذاك، والتي كانت تتصرف أيضًا بطريقة يغلب عليها الجانب الفردي، ومن ذلك إرسال مبعوث خاص إلى السودان، ويبدو أن ذلك كان مدفوعًا بتهدئة الخلافات الحدودية بشأن الفشقة، ولرغبتها في جذب السودان إليها بشأن مفاوضات سد النهضة.

وبعد إطاحة الجيش السوداني بحكومة حمدوك في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عملت الإيغاد من خلال آلية ثلاثية تضمها إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي؛ على وضع اللمسات النهائية لاتفاق إطاري لإحياء الفترة الانتقالية.

2)- الاستبعاد من التدخل في بعض الصراعات والأزمات
في مقابل هذه النجاحات المحددة، تم استبعاد الإيغاد أو تهميشها في العديد من الأزمات والصراعات، ومنها:

أ)- تهميشها بشأن أزمة مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، في ظل رغبة أديس أبابا في أن تكون المفاوضات ثلاثية فقط، أو في إطار إفريقي محدود عبر الاتحاد الإفريقي.

ب)- تهميشها من التعامل مع أزمة إقليم تغراي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ورغم حرص السودان الذي كان يرأس الهيئة في حينها؛ على ضرورة تسوية الأزمة في إطار الإيغاد، فإن ذلك اصطدم برفض إثيوبي لفكرة التدخل، باعتبار أن الأزمة شأن داخلي، ولرغبتها في تسويتها وفق رؤيتها الخاصة.

ت)- تهميشها في تسوية الخلاف الحدودي بين السودان وإثيوبيا بشأن الفشقة وغيرها، رغم استعداد السودان للقبول بوساطة الإيغاد، لكن الأمر اصطدم مرة أخرى بالرفض الإثيوبي، الذي كان يرغب في تسوية النزاع في إطار ثنائي فقط.

هذا التهميش يرجع في أحد أسبابه إلى رغبة بعض الدول في تسوية الصراعات من خلالها فقط، وبعيدًا عن تدخل الإيغاد، كما هو الحال بالنسبة لاتفاق السلام الذي وقعته إثيوبيا مع إريتريا في يوليو/تموز 2018، حيث لم يشهد مشاركة من المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي أو الإيغاد(10)، مقابل مشاركة السعودية والإمارات في عملية الوساطة.

3)- التحديات التي واجهت الإيغاد قبل 2023
يمكن القول بوجود عدة تحديات واجهت الإيغاد وساهمت في تحييد جهودها في عملية تسوية الصراعات:

أ)- التباينات السياسية والمصالح المتضاربة بين الدول الأعضاء، مما يؤثر على فعالية الإيغاد في اتخاذ قرارات موحدة، حيث تسعى بعض الدول -مثل إثيوبيا- للهيمنة عليها، أو تحييد دورها في بعض الصراعات، مثلما حدث في تدخل أديس أبابا في الصومال بصورة منفردة (2006) لمواجهة المحاكم الإسلامية، وأزمة تيغراي (2020)، والتوتر السوداني-الإثيوبي (2022)، وأزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا منذ 2015، في حين تهتم دول أخرى بملفات محددة تتعلق بمصالحها الاستراتيجية، مثل ملف جنوب السودان ودعم أوغندا للرئيس سيلفا كير في مواجهة نائبه رياك مشار بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 2013، بل وتدخلها بقوات لدعمه على حساب جهود الوساطة التي تقوم بها الإيغاد، وهو التدخل الذي عارضته إثيوبيا والسودان وإريتريا(11)، الأمر الذي أثّر سلبًا على جهود الإيغاد لتسوية الصراع في جنوب السودان. بل أكثر من ذلك، فإن كلا من السودان وإثيوبيا وكينيا أرسلت مبعوثًا خاصًا لها إلى جنوب السودان دون تنسيق مع الإيغاد، وهو ما سنلاحظه لاحقًا في الحرب الأهلية في السودان والتحركات المنفردة لكل من كينيا وإثيوبيا تحديدًا.

ب)- التدخل الدولي في شأن الإيغاد، وذلك بعد قبولها انضمام دول عدة بصفة مراقب، مثل إيطاليا، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، اليابان، كندا، وكذلك الولايات المتحدة، التي أصبح لها نفوذ كبير داخل الهيئة، وتسيير كثير من شؤونها، بل والتحكم بجدول أعمالها وترتيب أولوياتها، كما سنلاحظه في الصراع الأخير في السودان، وانفرادها مع السعودية بإدارة منبر جدة للسلام(12).

ت)- زيادة التنافس الإقليمي (مصر، السعودية، الإمارات)، والدولي (بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة)، وازدواجية العضوية في أكثر من منظمة فرعية في الإقليم، بما يؤدي إلى تشتت جهود الإيغاد وصعوبة اتخاذ مواقف موحدة بشأن تسوية الصراعات. فالجهات الخارجية المتنافسة يمكن أن تقوم بالوقيعة بين الدول الأعضاء وبين بعضها البعض، مما يخلق تنافسًا ويُحبط صياغة مناهج إقليمية مشتركة. كما أن بعض الدول الأعضاء أعضاء أيضًا في تجمعات اقتصادية إقليمية أخرى، مثل السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، ومجموعة شرق إفريقيا، مما يُشكّل أحيانًا تحديات أمام صياغة استجابات موحدة ويُقوض بشكل مباشر تأثير الإيغاد، بما يشمل دورها الرئيسي في التوسط في اتفاقيات السلام(13).

ث)- تدخل الإيغاد في الصراعات، مثل الصومال أو جنوب السودان، اقتصر على جهود الوساطة فقط، بينما غابت فكرة إرسال قوات لحفظ السلام، وهذا يرجع في أحد أسبابه إلى عدم رغبة الدول الأعضاء في إعطاء الهيئة صلاحية التدخل في شؤونها الداخلية، وما قد يستلزمه ذلك من فرض عقوبات، وتدخل عسكري، وهو ما جعل دور الإيغاد محدودًا في حفظ السلام وفرضه، وتقديم المساعدات الإنسانية، خاصة في ظل عدم وجود إرادة سياسية لدى الدول للتدخل، وكذلك غياب التمويل. وقد حدث هذا في الصومال عام 2006، حيث فشلت الهيئة في إرسال قوات خاصة بها رغم حصولها على موافقة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. كما فشلت في إرسال قوات إلى جنوب السودان لمراقبة وقف إطلاق النار عام 2014(14).

وفي المقابل، قد تفضل الإيغاد التعاون مع الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في مجال عمليات حفظ السلام الأممية أو القارية، كما تفضل دولها المشاركة بصورة فردية في هذه القوات، حتى وإن كان الصراع داخل إحدى دولها؛ حيث ساهمت بعض الدول الأعضاء (إثيوبيا، أوغندا، كينيا، وجيبوتي) بالنسبة الأكبر في قوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم)، والقوات المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور (يوناميد)، وأبيي (يونيسفا)، وجنوب السودان (بعثة الأمم المتحدة)، وبعثة التحقق والرصد في السودان (2003)، وكذلك بعثة الرصد والتحقق الجارية في جنوب السودان منذ عام 2014. كما أصبحت أجهزة الإيغاد أكثر استباقية في عمليات ومبادرات السلام، مثل جنوب السودان، والصومال، والسودان(15).

ج)- عدم وجود تدابير عملية تتعلق بمفهوم الأمن الجماعي، الذي يعني أن الاعتداء على دولة عضو يعتبر اعتداء على باقي الدول، كما أنه يجيز التدخل إذا كانت التهديدات الأمنية الداخلية في دولة تؤثر على الآخرين. لكن يُلاحظ أن اتفاقية 1996 لم تتحدث بالتفصيل عن هذه الإجراءات: متى وكيف؟ كما لم يُحدد بروتوكول خاص بها، على غرار ما فعلته الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في بروتوكولي 1978 و1981. وكانت النتيجة عدم تدخل الإيغاد العسكري لتسوية الصراعات الداخلية، رغم حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان (دارفور في السودان، وتغراي في إثيوبيا)(16).

ح)- تفضيل التدخل الفردي لبعض دول الهيئة في صراعات الدول الأخرى، رغم مخالفة ذلك للمادة 6/ب من اتفاقية 1996 بشأن عدم التدخل. لذا، وجدنا العديد من التدخلات الأحادية، مثل تدخل إثيوبيا في الصومال (2006)، وتدخل كينيا في الصومال (2011)، وتدخل أوغندا في جنوب السودان (2013).

خ)- ضعف التمويل، إذ تعتمد الإيغاد بشكل كبير على الدعم المالي من الشركاء الدوليين، مما يؤثر على استدامة برامجها في عمليات التسوية، واقتصارها على الإنذار المبكر والتدخل عبر آلية الوساطة.

د)- غياب أو ضعف الحوكمة الرشيدة الخاصة بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وتأثير ذلك على عدم الاستقرار الأمني. فوفق تقرير شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للنزعات (CEWARN) التابعة للهيئة عام 2023، فإن هناك مجموعة من التحديات التي تواجهها، منها: ضعف الحوكمة السياسية، والالتزام بالديمقراطية وسيادة القانون، غياب الشفافية والمساءلة، استمرار الانقسامات العرقية والإثنية(17).

ويشير ضعف الحوكمة إلى الفشل في تحقيق حكم رشيد يتميز بانتخابات تنافسية حرة وسلمية منتظمة، تؤدي إلى انتقال منظم وسلمي للسلطة، وعمليات صنع قرار سياسي ديمقراطية وشفافة وخاضعة للمساءلة، تشمل جميع قطاعات المجتمع. وعلى الرغم من أن جميع الدول الأعضاء في الإيغاد لديها دساتير تدعم الديمقراطية والحوكمة، فإن المنطقة تتسم بصراعات مستمرة ومتكررة، ناجمة عن خلافات متعلقة بالحوكمة، حيث تم الطعن في نتائج معظم الانتخابات العامة التي أجريت في المنطقة (الصومال، جيبوتي، كينيا، أوغندا) بدعوى التزوير. ويشهد عدد من الدول الأعضاء دورات من العنف وعدم الاستقرار مرتبطة بالعملية الانتخابية وتداول السلطة(18).

وفي هذا الشأن، يُلاحظ أن الإيغاد لا تتضمن أي نصوص إلزامية خاصة بمراقبة الانتخابات وعملية التداول السلمي للسلطة، بل إنها تفتقر أيضًا إلى تدابير تتعلق برفض التغييرات غير الدستورية في أنظمة الحكم، والانقلابات العسكرية. وهذا -ربما- ما يفسر عدم اتخاذها أية إجراءات ضد الانقلاب الذي تعرض له السودان عام 2021، والإطاحة بحكومة حمدوك.

ثالثا- جهود الإيغاد في تسوية الصراع في السودان

يمكن القول إن الإيغاد تعاملت مبكرًا مع الصراع الأخير في السودان الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان 2023، بين رئيس مجلس السيادة وقائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي. ففي اليوم التالي مباشرة، عقدت الهيئة قمة استثنائية افتراضية حملت الرقم 40، واعتمدت بيانًا ختاميًا حثّت فيه الأطراف المدنية على المشاركة في وقف القتال، وتكليف وفد رفيع المستوى بقيادة رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، وعضوية كل من رئيسي كينيا وجيبوتي، للتوسط بين الطرفين(19)، ورفع تقرير بذلك إلى القمة التالية التي عقدت يوم 12 يونيو/حزيران في جيبوتي.

قمة جيبوتي جاءت بعد تدخلين هامين لتسوية الصراع

الأول- محادثات جدة التي رعتها السعودية والولايات المتحدة في مايو/أيار 2023، وركّزت على الجانب الإنساني وإدخال المساعدات، لكنها فشلت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين البرهان وحميدتي، والإعلان عن تجميدها، والتوجه الأميركي صوب فرض عقوبات على طرفي الصراع في 1 يونيو/حزيران.
الثاني- اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي في 27 مايو/أيار 2023، ووضعه خارطة طريق نصّت على وقف فوري للقتال من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، ومعالجة فعالة للأوضاع الإنسانية، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، واحترام القانون الإنساني الدولي، والاعتراف بدور الدول الأعضاء المجاورة لأن الحرب أثّرت عليها بالفعل، وبدء عملية سياسية شاملة لتسوية الحرب، وتوحيد الجهود الدولية(20).

لقد استضافت جيبوتي في 12 يونيو/حزيران القمة 14 العادية للإيغاد، والتي وضعت هي الأخرى خارطة طريق لتسوية الصراع تتضمن ما يلي (21):

1)- توسيع جهود الوساطة بضم إثيوبيا كعضو رابع في وفد الهيئة رفيع المستوى لعملية السلام في السودان، إلى جانب جيبوتي وكينيا وجنوب السودان، مع تولي الرئيس الكيني ويليام روتو رئاسة اللجنة بدلًا من رئيس جنوب السودان، على أن تعمل هذه اللجنة بالتنسيق الوثيق مع مفوضية الاتحاد الإفريقي.

2)-  تُرتب اللجنة الرباعية في غضون 10 أيام لقاءً مباشرًا بين البرهان وحميدتي، في إحدى عواصم الدول الإقليمية.

3)-  الحصول على التزام من قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بإنشاء ممر إنساني خلال أسبوعين.

4)-  الشروع في عملية سياسية شاملة نحو تسوية سياسية للصراع في السودان خلال ثلاثة أسابيع.

وبالرغم من أن هذه الخطة لا تتعارض مع الخطة الإفريقية، بل وتتناسق معها، فإن السودان انتقد قرار تشكيل لجنة رباعية بدل الثلاثية، كما انتقد رئاسة كينيا لها، باعتبارها منحازة لصالح قوات الدعم السريع، حيث اعتبر أن اللجنة الثلاثية للوساطة برئاسة جنوب السودان لا تزال سارية، زاعمًا أن القمة لم تتخذ قرارًا بشأن تشكيل اللجنة الجديدة، والذي يتطلب توافقًا بين الدول الأعضاء، وهو ما لم يحدث(22).

قامت التحفظات السودانية على رئاسة كينيا للرباعية على وجود علاقة وطيدة بين حميدتي وروتو، بعدما تردّد عن دعم حميدتي للحملة الانتخابية للرئيس الكيني في أغسطس/آب 2022، فضلًا عما نقلته وسائل إعلام كينية من وجود شراكة تجارية بينهما في تجارة الذهب، في ظل امتلاك روتو شركة تعمل في تعدين الذهب داخل السودان، وأن هذه العلاقة تمت عبر رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، الذي تجمعه أيضًا علاقة بالرئيس الكيني أيام عمل حمدوك في مجال المنظمات الدولية.

ولعل هذه العلاقة هي التي دفعت الرئيس الكيني لاستقبال حميدتي عقب اندلاع الحرب، وتوفير غطاء دبلوماسي له، وتسهيل الدعم اللوجستي لمقاتلي الدعم السريع ووفدها التفاوضي عبر جوازات سفر كينية. ولاحقًا، عقب اندلاع الحرب، نقلت عائلة حميدتي جزءًا كبيرًا من أموالها من الإمارات إلى البنوك الكينية، وامتلكوا فيها عددًا من البنايات السكنية والشركات(23).

ورغم هذه التحفظات السودانية، باشرت اللجنة الرباعية عملها، حيث استضافت أديس أبابا في 10 يوليو/تموز أول قمة لها، وصدر بيان ختامي حثّ الأطراف السودانية على الوقف الفوري للعنف، والتوقيع على وقف إطلاق نار غير مشروط وغير محدد المدة، من خلال اتفاقية لوقف الأعمال العدائية، على أن تدعمها آلية فعالة للتنفيذ والرصد. كما دعا الدول المجاورة للسودان إلى تكثيف جهودها لإيصال المساعدات الإنسانية، واتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف وإزالة أي عوائق لوجستية أمام إيصالها، بما فيها متطلبات التأشيرات والجمارك. كما طلب -وهذا هو الأهم- عقد اجتماع قمة لقوة شرق إفريقيا الاحتياطية الجاهزة للتدخل(24)، للنظر في إمكانية نشر قوات تابعة لها لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية(25).

غير أن هذه الجهود اصطدمت مرة أخرى بتحفّظ سوداني، حيث رفضت الحكومة، ممثلة في وزارة الخارجية، في بيان صادر في اليوم التالي لمفاوضات نيروبي، رئاسة كينيا للجنة الرباعية، التي رأتها منحازة إلى جانب الدعم السريع، ولا ترى حكومة السودان أي مبرر لنقل رئاسة اللجنة من جنوب السودان، على نحو ما قررته قمة الإيغاد الطارئة يوم 16 أبريل/نيسان 2023(26).

كما رفضت الخرطوم أيضًا مقترح إرسال قوات لحفظ السلام، باعتبار أن ذلك يشكّل انتهاكًا للسيادة الوطنية(27).

ومرة أخرى، استضافت جدة جولة محادثات ثانية في أكتوبر/تشرين الأول، بمشاركة ممثلين عن الاتحاد الإفريقي والإيغاد، لكن تم تعليقها يوم 3 ديسمبر/كانون الأول الماضي، نظرًا لإخفاق جهود وقف إطلاق النار.

بعدها بستة أيام فقط، عقدت الإيغاد القمة الاستثنائية الطارئة الثانية رقم 41 في جيبوتي، يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 2023، وكان من أهم بنودها(28):

أ)- تسريع الجهود المبذولة لتنظيم حوار مدني شامل، بقيادة سودانية وبتسيير من الإيغاد والاتحاد الإفريقي، لبناء توافق وطني نحو تشكيل مرحلة انتقالية بقيادة مدنية. وربما هذا ما أغضب البرهان، الذي كان له تحفظ على تدخل القوى المدنية في عملية التسوية، وأن هذا التدخل ينبغي أن يتم من خلال مجلس السيادة والقوات المسلحة فقط.

ب)- إنشاء إطار عمل للإيغاد، يتألف من محاورين دبلوماسيين وسياسيين مرموقين، يرشحهم رؤساء حكومات دول الإيغاد، للقيام بجهود الوساطة في السودان. ويُعد هذا الإطار الجديد الأوسع بديلًا للجنة الرباعية التي تحفظت عليها الخرطوم وشككت في مشروعيتها(29).

ت)- تكليف سكرتير الإيغاد بتقديم مرشح (أو مرشحين) في أقرب وقت ممكن، للمجلس الوزاري، لتعيينه مبعوثًا خاصًا للهيئة إلى السودان، يتولى تنسيق وقيادة جهود الوساطة التي تبذلها الهيئة في السودان.

ج)- إنشاء وساطة موحّدة لتنسيق مختلف الجهود والمسارات الوطنية والإقليمية والقارية والدولية، تحت رعاية الإيغاد والاتحاد الإفريقي.

ورغم ما أبدته الخارجية السودانية أيضًا من تحفظات على مخرجات هذه القمة، فإنها أبدت موافقتها على عقد لقاء ثنائي بين البرهان وحميدتي يوم 28 ديسمبر/كانون الأول، تحت إشراف اللجنة الموسعة، بشرط وقف إطلاق النار وخروج الدعم السريع من العاصمة الخرطوم. وقد استبق حميدتي هذا اللقاء ببدء جولة لعدد من دول المنطقة، قبل الموعد المحدد للقاء بيوم واحد فقط، شملت أوغندا، وكينيا، وإثيوبيا، جيبوتي، وهو ما أثار حفيظة البرهان الذي لم يشارك في اللقاء(30).

وفي خطوة اعتُبرت استفزازية من الخرطوم، وقبل قمة عنتيبي الثالثة بحوالي أسبوعين، تم توقيع إعلان أديس أبابا في 2 يناير/كانون الثاني 2024، بين تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" برئاسة حمدوك، وقادة قوات الدعم السريع، بهدف وقف الأعمال العدائية، وتقديم المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين.

ودعت التنسيقية الإيغاد إلى ضمان مشاركة المدنيين في المحادثات بين القادة العسكريين، مؤكدة على أهمية إشراك القوى المدنية في جميع مراحل العملية السياسية، وهو ما أثار أيضًا حفيظة السودان، باعتبار أن هذا تصرف فردي من أديس أبابا، كما أن هذه القوى المدنية محسوبة على حميدتي(31)، وربما يفسّر هذا غياب إثيوبيا عن قمة الإيغاد التالية.

وللمرة الثالثة، تعقد الإيغاد قمتها الاستثنائية الثالثة رقم 42 بشأن السودان، في عنتيبي بأوغندا يوم 18 يناير/كانون الثاني 2024(32)، بمشاركة حميدتي وغياب البرهان، حيث أعربت عن قلقها إزاء استمرار الحرب والوضع الإنساني المتردي، وجددت دعوتها إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقف الأعمال العدائية، لإنهاء الحرب، والالتزام بالحوار والتفاوض.

كما أعربت الهيئة عن استعدادها الدائم لتقديم مساعيها الحميدة لتسهيل عملية سلام شاملة لإنهاء النزاع، بالتعاون الوثيق مع جميع الأطراف السودانية المعنية، والاتحاد الإفريقي، والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، إلى جانب توجيه أمانة الإيغاد، بالتنسيق مع مفوضية الاتحاد الإفريقي، لمراجعة خارطة الطريق لحل الصراع في السودان، التي تم اعتمادها في القمة رقم 41 في يونيو/حزيران 2023، ووضع مواعيد محددة لها خلال شهر. وذكّرت بالتزام أطراف النزاع بعقد اجتماع مباشر في غضون 14 يومًا، وفق قمة الإيغاد الاستثنائية الماضية في ديسمبر/كانون الأول 2023. كما شددت على أن الدول الأعضاء في الهيئة ستستخدم جميع الوسائل والقدرات لضمان حل النزاع في السودان سلميًا، ووجهت الأمانة بتقديم تحديث إلى قمة الإيغاد.

وبعد القمة بشهر واحد فقط، شهدت العلاقة بين الخرطوم ونيروبي توترًا جديدًا في فبراير/شباط 2025، عقب استضافة كينيا اجتماعا ضم قوات الدعم السريع، وعددًا من القوى السياسية المدنية، والجماعات العسكرية المتحالفة معها، لوضع الترتيبات لإعلان "الحكومة الموازية"، وتوقيع "ميثاق السودان التأسيسي"، وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية عداءً سافرًا من جانب كينيا، وتهديدًا للأمن القومي للسودان(33).

وفي محاولة لتجنّب الصدام مع البرهان، قررت الإيغاد يوم 26 مارس/آذار 2024، تعيين المحامي الجنوب سوداني، لورانس كورباندي، مبعوثًا خاصًا لها إلى السودان، على أمل استجابة البرهان وعودته إلى الهيئة من جديد(34). وقد أبدى البرهان استجابة مشروطة لذلك، حيث اشترط إعادة عضوية السودان المعلقة في الاتحاد الإفريقي منذ انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، للتعامل مع المقترحات التي تدفع بها وساطة الإيغاد المسنودة من الاتحاد الإفريقي(35).

وفي أعقاب الهجمات المتتالية بالطائرات المسيّرة على بورتسودان منذ 4 مايو/أيار 2025، والتي استهدفت البنية التحتية الحيوية والمناطق المدنية، أصدرت سكرتارية الإيغاد بيانًا يدين تلك الهجمات، ويصفها بأنها تهديد خطير لأرواح المدنيين، ويحذر من أنها قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والسياسي المتردي أصلًا، على أن بورتسودان هي المركز اللوجستي والإنساني الحيوي في البلاد، وأن استهدافها يفاقم المعاناة الإنسانية، ويعيق إيصال المساعدات المطلوبة بشكل عاجل(36).

رابعا- تقييم جهود الإيغاد في عملية تسوية الصراع في السودان

من العرض السابق، يمكن القول إن جهود التسوية لم تحقق أهدافها حتى كتابة هذه السطور، لأسباب عدة:

1)- تعدد منابر الوساطة وتضارب الأجندات

شهدت جهود التسوية ما يُعرف باسم نمط تعدد المسارات، والذي يستهدف الجمع بين مختلف مبادرات السلام لتعظيم الإيجابيات وتقليل السلبيات. وقد بدأ هذا في الجولة الثانية من مفاوضات جدة في أكتوبر/تشرين الثاني 2023، بعد ضم الإيغاد والاتحاد الإفريقي إليها، للاستفادة من خبرتيهما في تسوية الصراعات، وتماشيًا مع توحيد المبادرات التي طرحها الاتحاد الإفريقي، وكذلك في توسيع الاتحاد مظلة التفاوض، ونفس الأمر بالنسبة للإيغاد، ووضعها خارطة طريق مبنية على خارطة الاتحاد الإفريقي، وتقوم على تشكيل آلية موسعة تضم فاعلين على مستويات عدة(37).

لكن، ومع هذا النمط، فإن المبادرات لم تكن متزامنة، الأمر الذي أعطى للأطراف المتحاربة القدرة على "الانتقاء من بين الآليات". فعلى سبيل المثال، رفضت الخارجية السودانية التدخل الأممي من خلال إعلان أن الممثل الأممي فولكر بيرثيس، شخص غير مرغوب فيه، وتهميش الأمم المتحدة ككل من عملية الوساطة؛ ثم رفض وساطة الاتحاد الإفريقي على اعتبار أن عضوية السودان به لا تزال معلقة، ثم رفض التعامل مع آلية الإيغاد التي تقودها كينيا، متهمة إياها بنية "غزو" السودان باستخدام قوة شرق إفريقيا الدائمة. وفي المقابل، رحبت الخرطوم، بعدها بثلاثة أيام فقط، بالمبادرة المصرية التي نصّت على عقد قمة إقليمية لدول جوار السودان، وذلك في ضوء العلاقات الوثيقة بين البرهان والقاهرة(38).

2)- انعدام الواقعية في مبادرات التسوية

أعلنت خارطة الطريق الصادرة عن الإيغاد في 12 يونيو/حزيران 2023، أن اللجنة الرباعية بقيادة كينيا ستنظم اجتماعًا بين البشير وحميدتي في غضون 10 أيام، وستضمن الاتفاق على ممر إنساني في غضون أسبوعين، وتبدأ عملية سياسية شاملة في كينيا خلال ثلاثة أسابيع. لكن هذه المواعيد سرعان ما طواها النسيان.

علاوة على ذلك، بدا في أول شهرين بعد بدء الحرب وكأن هناك منافسة بين المنظمات الإقليمية، حيث أعلن كل من الاتحاد الإفريقي والإيغاد عن خرائط طريق، وحاول بعض القادة الإقليميين أداء دور قيادي (إثيوبيا، كينيا)، دون أن يكون لهم أي تأثير واضح على الأطراف المتحاربة. يُضاف إلى ذلك، تعدد المبادرات الفردية ومحادثات السلام التي قادتها دول عدة، سواء من الإقليم أو دول الجوار، والتي باءت معظمها بالفشل بسبب وجود أجندات ومصالح خاصة للوسطاء، ناهيك عن أن أطراف الصراع ربما يميلون إلى الوسيط الذي يدعمهم؛ قبول الجيش السوداني لمبادرة دول الجوار التي قادتها مصر، مقابل ميل حميدتي إلى المبادرات والتحركات الكينية والإثيوبية(39).

3)- غياب الإرادة السياسية بين الدول الأعضاء

من أبرز التحديات التي واجهت الإيغاد في تدخلاتها المتعلقة بالسودان، غياب الإرادة السياسية الحقيقية بين الدول الأعضاء، فالعديد منها، مثل كينيا وإثيوبيا، لم تكن على استعداد لدعم نشر قوات لحفظ السلام في السودان، بسبب عدم الرغبة في التدخل في الشؤون الداخلية، خاصة في ظل تباين المواقف السياسية داخل الإيغاد نفسها. هذا التباين جعل الهيئة عرضة لانتقادات بشأن عدم قدرة الأعضاء على التوصل إلى سياسة واحدة تجاه السودان. إن قدرة الإيغاد وغيرها على لعب دور فاعل في تسوية الصراعات تتوقف على ثلاثة شروط: الإرادة السياسية، والسند القانوني للتدخل (المشروعية)، والقدرة الفعلية على التدخل. وللأسف، هذه الشروط تفتقدها الإيغاد سواء في الملف السوداني أو غيره.

4)- التحفظات السياسية لأطراف الصراع في السودان

رغم محاولات الإيغاد للوساطة، فإنه كانت هناك تحفظات سياسية كبيرة من الحكومة السودانية تجاه نشر قوات حفظ سلام إقليمية، فالحكومة رفضت هذا التدخل باعتباره مساسًا بسيادتها، وأكدت أن قواتها المسلحة قادرة على السيطرة على الوضع الداخلي دون الحاجة إلى تدخلات خارجية. كما أن الجيش يرفض التدخلات التي تشمل وجود قوات حفظ سلام إقليمية، خاصة إذا كانت تحت إشراف الإيغاد التي يعتبرها منحازة لصالح قوات الدعم السريع.

5)- عدم وجود هياكل مؤسسية دائمة لتسوية الصراع

تعاني الإيغاد، في صراع السودان وغيره، من نقص في الهياكل المؤسسية القادرة على تنفيذ عملية حفظ السلام. فعلى الرغم من أنها تعمل كمنظمة لتعزيز التعاون الإقليمي، فإن لديها هياكل مؤسسية محدودة في مجال عمليات حفظ السلام والتدخلات الإنسانية، إذ اقتصر دورها على الوساطة السياسية في قضايا السودان، دون أن تكون لديها وحدة خاصة للعمليات العسكرية أو لحفظ السلام، على غرار قوات "الإيكوموج" في الإيكواس، والتي تدخلت في صراعات ليبيريا وسيراليون وساحل العاج خلال تسعينيات القرن الماضي.

هذا الافتقاد يفسر لنا أسباب اقتراح الإيغاد تدخل قوات المنطقة الشرقية للقارة، أو طلب التدخل من الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة؛ الأمر الذي جعل الهيئة غير قادرة على تنفيذ خطوات ملموسة في نشر قوات حفظ السلام. ومع وجود محاولات لتدريب قوات السلام في بعض البلدان الأعضاء مثل كينيا وأوغندا، فإن هذه الجهود لم تكن كافية لتعزيز فعالية تدخلات الإيغاد.
فضلًا عن ذلك، فإن الهيئة تفتقر إلى التدابير الأمنية الجماعية الفعّالة (العسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والدبلوماسية) التي ينبغي اتخاذها ضد أطراف الصراع، إذ تفتقر الإيغاد لأي بند قانوني في اتفاقية 1996 يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية على أي دولة عضو ارتكبت أعمالًا تُعرّض السلام والأمن الإقليميين للخطر.

وربما هذا يفسر محدودية دورها في العديد من الصراعات القديمة (دارفور، جنوب السودان، الصومال) والحديثة (تغراي، السودان) على حد سواء، كما يطرح قضية أخرى تتعلق بأهمية وجود كيان مؤسسي منوط به النظر في قضايا السلم والأمن في الإقليم، على غرار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، أو حتى مجلس الوساطة والأمن التابع للإيكواس، لاسيما وأن قوات شرق إفريقيا تتبع الاتحاد الإفريقي مباشرة، وليس لدى المنظمات الإقليمية الموجودة بالمنطقة مثل السادك، والكويسا، وشرق إفريقيا، والإيغاد، سلطة عليها(40).

6)- ضعف الدعم الدولي

واجهت الإيغاد، في الصراع الأخير بالسودان وما قبله، تحديات في الحصول على دعم دولي فعّال، حيث إن المجتمع الدولي كان منقسمًا حول الدعم المقدَّم للطرفين في السودان. فالدول الغربية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كان لها مواقف مختلفة فيما يتعلق بتقديم المساعدات السياسية والإنسانية، مقابل بعض الدول الأخرى التي تشعر بأن تدخل الإيغاد في السودان قد يتسبب في تعقيد الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط والإفريقي، مما أدى إلى نقص في الدعم الدولي المطلوب للضغط على الأطراف السودانية للتوصل إلى حل سلمي.

خامسا- مستقبل الإيغاد في تسوية الصراعات في الإقليم
يُلاحظ من العرض السابق أن دور الإيغاد في عملية تسوية الصراعات لا يزال محدودًا، ويقتصر في الأغلب الأعم على جهود الوساطة والإنذار المبكر، رغم خطورة الصراعات الداخلية والبينية التي تموج بها الدول الأعضاء. لذا، ومن أجل تحسين دورها في تسوية الصراعات، يجب أولًا توفر الإرادة السياسية للدول الأعضاء بشأن أهمية تسوية الصراعات وفق مصلحتها العليا المشتركة، وليس وفق مصالحها الضيقة.
كما ينبغي على الإيغاد التفكير في إعادة هيكلة آلياتها. وهذه العملية تتطلب:

أ)- تدشين بروتوكول خاص بالحوكمة والحكم الرشيد، يُدين الوصول إلى الحكم بطريقة غير دستورية (الانقلابات).

ب)- تشكيل مجلس للسلم والأمن تكون له صلاحيات حقيقية في مجال حفظ الاستقرار الإقليمي.

ت)- تشكيل قوات خاصة جاهزة للتدخل في الصراعات، على غرار قوات الشرق الإفريقي أو "الإيكوموج" في غرب إفريقيا.

ث)- تشكيل مركز وساطة متخصص يمكن أن يساعد في تطوير أساليب أكثر تكاملًا لحل النزاعات. ويجب أن يشمل المركز فرقًا مدرَّبة تعمل على فهم التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه كل نزاع.

ج)- زيادة التعاون مع المنظمات الدولية، فالإيغاد تحتاج إلى تعزيز تعاونها مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، من أجل تنسيق الجهود في الميدان، وضمان توفير الدعم المادي والإنساني.

سيناريوهات الإيغاد في تسوية الصراعات في شرق إفريقيا

تتعدد السيناريوهات التي قد تواجه الإيغاد في المستقبل، ويتراوح بعضها بين الأمل في تعزيز التعاون والقدرة على التدخل الفعّال، وبين استمرار التحديات الهيكلية والانقسامات السياسية.

كل سيناريو يعتمد على العديد من العوامل المتداخلة، بما يشمل الإرادة السياسية من الدول الأعضاء، والتعاون مع المنظمات الدولية، والقدرة على الاستجابة السريعة للأزمات الإقليمية. لذا، يمكن القول بأننا أمام ثلاثة سيناريوهات في هذا الشأن:

السيناريو الأول: زيادة فاعلية الإيغاد في تسوية ناجحة للصراعات، نتيجة لتوحيد الجهود بين الدول الأعضاء في المنظمة، والعمل الجماعي عبر المؤسسات الخاصة بها، وإيجاد آلية مشروعة للتدخل، بالإضافة إلى تعاون متسارع مع المنظمات الدولية مثل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. لكنّ هذا السيناريو تواجهه بعض التحديات التي يمكن التغلب عليها، منها استمرار التباين بين الدول الأعضاء، والموارد المالية المحدودة.

السيناريو الثاني: فشل الإيغاد في تسوية الصراعات بسبب الانقسامات الداخلية من ناحية، وتصاعد الصراعات من ناحية ثانية، وقلة الدعم الدولي، ومحدودية القدرة العسكرية. وهو سيناريو قد يهدد وجود الهيئة أو يُهمشها بصورة كبيرة، بحيث تصبح أداة في يد الدول الكبرى، تستخدمها حيث تشاء لتحقيق أهداف ضيقة لا تخدم كل الدول الأعضاء.

السيناريو الثالث: بقاء الوضع كما هو عليه، ويبدو أنه هو السيناريو الراجح حتى الآن، فرغم مرور عامين على اندلاع الحرب الأخيرة في السودان، لم يتم اتخاذ أية إجراءات لوقفها أو التعامل معها، وهو أمر تكرر في صراعات سابقة، ويُحتمل تكراره أيضًا في صراعات أخرى مستقبلية.

نبذة عن الكاتب

مراجع

1- تضم المنظمة 8 دول أعضاء هي: جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، كينيا، الصومال، السودان، وأوغندا، جنوب السودان.

 2- Tadesse, Medhane., IGAD and Security Sector Reform: Between Caution and Complicity, African Security Sector Network, pp12-13 (visited 1 June 2025) https://2u.pw/b3Ohx

 3- Declaration of the 18 Ordinary IGAD Summit OF Heads of State and Government, 23 November 2000, Khartoum, Republic of Sudan

 4- Protocol on The Establishment of a Conflict Early Warning and Response Mechanism for (IGAD) MEMBER STATES, 2002. article 5

5)- IGAD MSU, (visited 1 june 2025) https://2u.pw/Gmev9

 6- IGAD to Roll out Peace and Security Sector Strategy 2025. June 18, 2022 (Mombasa, Kenya) (visited 1 june 2025) https://2u.pw/xi7rl /

7 - Gebru, Micheale K., Zeru, Getachew., Tronvoll, Kejtil & Takalign, Yohannes. Normative and Institutional Limitations of IGAD’s Peace and Security Framework, Ethiopian Journal of the Social Sciences and Humanities (EJOSSAH), Vol. 18, No. 2, December 2022, pp. 125-126

8)- الطويل، أماني، منظمة الإيغاد بين الأهداف والدور، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 18 مايو/أيار 2024 (تاريخ الدخول يونيو/حزيران 2025): ttps://2u.pw/ealvgiYm

 -9 Ambelu, Ayele Addis., IGAD’s Role in Peace and Security: Balancing Regional Stability Amidst Complex Challenges, February 26, 2024, (visited 1 june 2025): https://2u.pw/XNl7G

 10- عسكر، أحمد، دور منظمة الإيغاد في منطقة القرن الإفريقي.. حدوده وفاعليته، مركز الإمارات للسياسات، 5 مايو/أيار 2021 (تاريخ الدخول يونيو/حزيران 2025): https://2u.pw/QqpAlXX8

 - 11 Aden, Keynan Shamim., Wandiri, Mwea Caroline., Oduor, Otieno Isaiah., Interests of IGAD Member States in the South Sudan Peace Process, 2013- 2023, International Journal of Research and Innovation in Social Science (IJRISS), Vol. 8, No. 8, August 2024, pp. 3240-3243

 12- حول هذا التقييم انظر: علي مهدي، سيماء، دور المنظمات الاقليمية في تحقيق السلم والأمن: منظمة إيغاد نموذجاً، الحوار المتمدن، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 (تاريخ الدخول يونيو/حزيران 2025) https://2u.pw/KG9LA

 13- Regional Conflict Profiles and Scenarios -132023, Addis Ababa, May 2023 IGAD – CEWARN, p.15

 14 -. Gebru, Micheale K., Ibid, PP.-126-128

 15- IGAD regional strategy, Inter Government Authority on development, Vol., 1 The Framework, January 2016, pp.15-16

 16- Gebru, Micheale K., Ibid, PP.-128-129

 17- Regional Conflict Profiles and Scenarios, Ibid, p.8

 18-Ibid, pp.9-10

 19- Communique of the 40th Extraordinary Assembly of IGAD Heads of State and Government Virtual Meeting, 16TH April 2023

 20- Peace and Security Council 1156th Meeting (at Heads of State and Government Level) 27 May 2023 Addis-Ababa, Ethiopia

 21- Final Communique of the 14th Ordinary Session of The IGAD Assembly OF Heads of State and Government, Djibouti, 12th June 2023

- 22 كمال الدين، إيمان، لماذا يرفض السودان رئاسة كينيا للإيغاد؟ الجزيرة نت، 16 يونيو/حزيران 2023 (تاريخ الدخول يونيو/حزيران 2025) https://2u.pw/a8MClRr

23- الرئيس الكيني (روتو) في عين العاصفة..!! موقع أصداء سودانية، 22 فبراير/شباط 2025 (تاريخ الدخول يونيو/حزيران 2025) https://2u.pw/Rphbk

24- هذه القوات تابعة لمنطقة الشرق الإفريقي التابعة للهيكل الإفريقي للسلام والأمن، وتضم في عضويتها كل دول الإيغاد باستثناء جنوب السودان وإرتيريا، كما تضم من خارجها: رواندا، بوروندي، جزر القمر، سيشل، مدغشقر، موريشيوس، تنزانيا، وتأسست بموجب معاهدة تأسيس عام 2014، ودورها حفظ السلم والأمن في الإقليم، ومقر هذه القوات في أديس أبابا، وهي الكيان العسكري الوحيد في منطقة شرق إفريقيا الذي يتمتع بشرعية عسكرية إقليمية واستقلالية، والقدرة على التدخل محليًا وإقليميًا، بموجب تفويض من مجلس السلم والأمن الإفريقي أو الأمم المتحدة. لمزيد التفاصيل انظر:

 Agreement on Establishment of EASF (visited 1 june 2025) https://2u.pw/AqQkO

 25- IGAD Africa Timeline for Diplomatic Effort, (visited 1 june 2025) https://2u.pw/f9GRg

 26- الخارجية السودانية: رفض حكومة السودان لرئاسة كينيا للجنة إيغاد الرباعية، وكالة الأنباء السودانية، 7 سبتمبر/أيلول 2023 (تاريخ الدخول يونيو/حزيران 2025)https://2u.pw/VAjzq

27- رسالة من ياسر العطا، مساعد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى الرئيس الكيني، التلفزيون العربي على اليوتيوب، 23 يوليو/تموز 2023، (تاريخ الدخول يونيو/حزيران 2025) https://2u.pw/SlvWD

28)- Communique of the 41the Extraordinary Assembly of IGAD Heads of State and Government, Djibouti, 9th December 2023

 29- الزغديدي، مهدي، حل اللجنة الرباعية بشأن السودان.. هل تخسر كينيا دورها الإقليمي؟ الجزيرة نت، 13 ديسمبر/كانون الأول 2023 (تاريخ الدخول 2 يونيو/حزيران 2025)"https://2u.pw/906I5

30- حول هذه القمة وأبرز مخرجاتها انظر: البكش، شيماء، قمم الإيغاد.. دور منظمة الإيغاد في رعاية الوساطة لوقف الصراع السوداني، المرصد المصري، 8 يناير/كانون الثاني 2024 (تاريخ الدخول 2 يونيو/حزيران 2025) https://2u.pw/zer0JXNH

 31-   Addis Ababa Declaration between The Coordination Body of the Democratic Civil Forces (Taqaddum) and the Rapid Support Forces (RSF) January 2, 2024

 32-  Communique of the 42th Extraordinary Assembly of IGAD Heads of State and Government, Entebbe, Republic of Uganda, 18th January 2024.

33- محمد أحمد إسماعيل، حمد، الدور الكيني في الصراعات السياسية في السودان، قراءات إفريقية، 6 أبريل/نيسان 2025 (تاريخ الدخول 2 يونيو/حزيران 2025) https://2u.pw/J0kxn

34- IGAD returns to Sudan negotiations with a peace envoy 27 March, Africa Confidential, 29 March 2024 • Vol 6 5 - N ° 7

35- البرهان يشترط قبول حلول الاتحاد الإفريقي بإعادة عضوية السودان، الركوبة، 3 مارس/آذار 2024، (تاريخ الدخول 2 يونيو/حزيران 2025) https://2u.pw/umXpq

36)- IGAD Executive Secretary Condemns Drone Strikes on Civilian Infrastructure in Port Sudan, 8th May 2025.

37- إدريس، أحمد، دقاش، متوكل، تعثر مبادرات الوساطة في إنهاء الحرب في السودان... قراءة في أسباب تعثر مبادرتي جدة والإيغاد، تقييم حالة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 6 أغسطس/آب 2024، ص 2.

38- تقرير إيجابيات وسلبيات المبادرات الإقليمية لوقف الحرب في السودان، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2024، ص 11.

39- لمزيد من التفاصيل حول هذه الانقسامات انظر:

Salih, Zeinab Mohammed., Conflict in Sudan: A Map of Regional and International Actors, Wilson center, December 19, 2024, (visited 1 june 2025) https://2u.pw/Db3lO

 40- Gebru, Micheale K., Ibid, PP.130-134